استدعاء التاريخ في الشعر العربي خلال العهد العثماني

مخطط بحث استدعاء التاريخ

في الشعر العربي خلال العهد العثماني

-       مقدمة

أولا : استدعاء التاريخ الماضي في :

1-  المطولات التاريخية

2-  القصائد الشعرية

أ‌-     المدائح النبوية

ب‌- المدائح عامة

ج- شعر المراثي

د- مجالات أخرى

                3- الاستدعاء التاريخي في الرموز:

                       أ- الرموز الدينية

                       ب- الرموز الأدبية

                       ج- الرموز الاجتماعية

   ثانيا : استدعاء التاريخ المستقبلي : في الحديث عن

1-  الشفاعة الكبرى في الآخرة

2-   الجنة ونعيمها

3-   النار وأهوالها

   ثالثا : مظاهر فنية في استدعاء التاريخ :

1-  التناص

2-   الحقول الدلالية

3-  الزمن في الاستدعاء التاريخي

4-  الرمز وأثره في التصوير

5-  الاستدعاء في المعارضات الشعرية

6-  الاستدعاء في القصص الشعرية

7-  الاستدعاء التاريخي غير المباشر

خاتمة

استدعاء التاريخ

في الشعر العربي خلال العهد العثماني

- مقدمة

    لاشيء أدعى إلى إبراز أصالة الكاتب وشخصيته من أن يتغذى بأفكار الآخرين ، واستدعاء التاريخ واستجوابه في الشعر هو تغذية للنصوص الأدبية بأسلوب يغاير الاقتباس والتضمين ، كما يختلف عن سرد المؤرخ وكاتب التراجم للحدث أو للسيرة ، وكذلك تختلف غايته ، فالشاعر يذكر التاريخ وقد يطيل في الذكر ليحرك العواطف ويستحضر الفِكَر لتكون ذِكْرة وعبرة ، وقد يلمِّح بكلمة موحية يستدعي بها هذه الشخصية أو تلك، وهذا الاستدعاء الطويل أو القصير يجعل القارئ يعيش مع الأجداد، فترسخ الهوية ويمجد التراث ويتلذذ المرء بماضيه المجيد، فتقوى بها شخصيته، وحينذاك يحس بأهمية وجوده ولاسيما حين يرتبط الأمر بقضية عَقَدية كأن يرى غيبيات تنم عن صدق النبوة ، وعن الشفاعة في الآخرة والجنة ونعيمها والنار وأهوالها ، فيسعى إلى استمرار الأمجاد ، ويشتاق إلى ماوراء هذه الحياة ، فيزداد عطاء وإنتاجا ويكون كما قال الشاعر ناصح الدين الأرجاني ([1]) :  

    إذا عرفَ الإنسانُ أحوالَ مَن مضى     توهَّمْتَــه قد عاشَ من أولِ الدهرِ

      وتحسـبُه قد عاش آخرَ دهــرِهِ      إلى الحشرِ إنْ أبقى الجميلَ من الذكر

     واسترجاع التاريخ بهذا الأسلوب ينأى عن فكرة التضمين والاقتباس لتزيين العبارة ، لأن الغاية ليست تزويد النص بمحسن بديعي وإنما تحريك العواطف والهمم لتسعى نحو الأفضل في الحياة، لما لهذا الاستدعاء من قدرة على إبراز القيم الاجتماعية والسياسية والإنسانية .

    وأحب أن أبين أن الاستدعاء لايبحث عما كان من أحداث في العصر العثماني فقد أشبع هذا بحثا في  كتب شعر الثورات والفتوحات([2]) . وسيدرس استجواب التاريخ الماضي السابق له و المستقبلي الغيبي([3]) ومظاهرهما الفنية ، فقد شاع استدعاء الشخصيات التاريخية سواء أكان الأمر تعبيرا بها أو تعبيرا عنها حتى أصبح سمة من سمات شعراء العصر العثماني ، و"كأن التراث ينبوع يتفجر بالقيم ، أو أرض صلبة يقف الشاعر فوقها ليبني فوقها حاضره على أرسخ القواعد وأوطدها([4]) " .

أولا : استدعاء التاريخ الماضي :

    كثيرا مايعود الشعراء إلى ماضيهم يذكرونه ليُحيُوا القيم ويعقدوا بينهم وبين الأجداد صلة وثيقة ، ويختلف الشعراء في عودتهم إلى الماضي بين مسهب ومطيل، ومقصد مقتضب، وهم خلال مطولاتهم أو قصائدهم أو رموزهم يعلمون ويُمْتِعون ويهزون المشاعر :

1- المطولات التاريخية :

     كان شعراؤها غالبا ينهجون نهج كُتَّاب التاريخ فيوظفون التراث توظيفا كليا بحيث يدور العمل الشعري كله حول الحوادث التاريخية([5]) ليعرضوا من خلالها الأمجاد ويقدموا بها العبر، وكانوا يبدؤون بأوائل الخليقة ويسردون قصص الأمم البائدة ، ويحكون مجريات الحوادث وسير الناس في العصر الجاهلي والإسلامي فالعباسي، وواصل بعضهم الحديث حتى حكى عن أبناء عصره وعظمائه ، وقد تجاوزت هذه المطولات مئة بيت بل مئتين ، وكانت في مجملها تعبر عن ضمير الأمة في إجلاله للتراث والحضارة .

    وكثيرا ماكان الشعراء يكررون ماقاله السابقون ولاسيما عندما يتحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وخلفائه، فالشاعر العشري([6]) نظم مطولة تحت عنوان " سلك الأخبار ومرآة الأفكار " وجعلها في خمسة عشر ومئتي بيت وسماها ملحمة وقسمها إلى أقسام حسب موصوعها ، وبدأها بالحديث عن بدء الخلق بقصة آدم وإبليس ثم انتقل إلى ماكان بين قابيل وهابيل، فنوح عليه السلام وطوفانه ، وإبراهيم وناره ، وموسى وفرعون ، وعاد وثمود ، ولوط ويونس وسليمان وعيسى ، ثم ذكر بعض حوادث العصر الجاهلي، ثم ذكر قصة أبرهة الأشرم وعام الفيل الذي ولد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ،ثم تحدث عن سيرته منذ ولادته ثم ثنى بالعصر الراشدي فالأموي فالعباسي، وتوقف بعد عند ملوك عمان المتأخرين ليسرد حروبهم مع الأعاجم والأوربيين، ويبين الفتن التي كانت في عهودهم ، وأنهى المطولة بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أزواجه وأتباعه إلى يوم الدين . يقول في مستهل ملحمته :

سبقَ القضاءُ وحُقَّتِ الأقدارُ      بالكائناتِ، فليس منه فِرارُ

إبليسُ قد عبدَ المُهَيْمنَ في السما     ولديه قامَ ملائكٌ أبرار

ستينَ ألفا من سنينٍ بعدها     عشرينَ ألفا جاءتِ الأخبار([7])

رُدت عبادتُه وتلك شقاوةٌ     سبَقَتْ وعاضَدَ كبرَه الإصرارُ

والجـَدُّ آدمُ بعد سُكْنِ جِنانِه     قد غـرَّهُ شيطانُه الغَرّار

فمضى وتابَ وقد تقبَّل توبةً     مولاهُ حين بدا له اسْتِغفار

فأطالَ حزناً بعد فقْدِ نعيمِه      وهمى غزيراً دمعُه المِدْرار

ماحالةُ المطرودِ من فِرْدَوْسِه     كرهًا إلى الدنيا وبئس الدار

وقضى على قابيلَ قتلَ شقيقِه     لما أبتْ قُربانَ ذاك النـار

    فالشاعر استجوب التاريخ في ملحمته، فأفاده بأخبارعن آدم وإبليس اللعين ، وكان الثاني قد عبَد اللهَ ثمانين ألف سنة، ثم خسر هذا كله لامتناعه عن قبول أمر الله سبحانه، فطرد من الجنة ليكون مصيره النار، وبئس القرار ، أما آدم فقد ذكر أنه أخطأ لكنه سرعان ما تاب وبكى واستغفر الله فغفر الله له، ووعده وأبناءه الجنة إن أحسنوا صنعا .

     وقد سرد الشاعر هذه المفارقة بين موقفيهما من أوامر الله سردا تاريخيا سريعا، موجزا حوادثه ، وكأن غايته من هذا الاستعراض التاريخي السريع وهذه المفارقة التصويرية التذكرة وتقديم العبرة ، فضلا عن أنه دل على ثقافته التي تجسدت في عودته إلى التراث وارتوائه من نبع التفاسير، وأخذه من الإسرائيليات المدة التي عبد فيها إبليس ربه .

     ولنقرأ له حديثه عن إبراهيم عليه السلام :

جعلوا له نارًا تأجَّج فرسخاً        في فرسخٍ ولهيبُها هدّارُ

قال الأمينُ له بحال وثاقِه      هل حاجةٌ لك أيُّها الصبّـار

قال الخليلُ إليك لا،أما إلى الـ      مولى الكريمِ فعنده الأسرار

قال الإلهُ لنارِهم كوني له      برداً سلاماً إنني الجبـــارُ

أكلتْ جميعَ قيودِه ماشعرةٌ      من شعرِه قد أحرقتْها النـارُ

هذي عقيدةُ مُخلصٍ للهِ هل     نال المنى، فلْينظُرِ النُّظَّارُ([8])

     في هذه القصة نرى الشاعر يستدعي الشخصيات التاريخية، ويسرد أحداث التاريخ متأثرا بنصوص القرآن الكريم، و " تطعيم الشعر بهذه النصوص يرفع من قيمتها ويكسبها قدرة وجاذبية لما لها من قيمة تعبيرية وبلاغية([9]) " وقد غدا أكثر تدفقا وعاطفة ، وكأنه يقارن بين موقفين : موقف إبليس الرافض طاعة خالقه، وإبراهيم الصابر المسلم أمره إلى بارئه ، وبهذا التقابل بين الحالين يحصل الانفعال وتهتز المشاعر، ويكشف عن موهبة الشاعر التي أثرت في سلوكه ، ويكون لاستدعاء التاريخ تأثيره في ذلك، وهذه هي غاية الأدب .

    أما مطولة ابن مشرف([10]) فحكت مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في سرد إخباري يمر على الحدث سريعا دون أن يصور المشاعر أو يهز الأحاسيس، فكانت أشبه بالشعر التعليمي الذي يذكر حوادث الأعصر واحدة تلو الأخرى . يقول مثلا في حديثه عن عصر النبوة وخلافة الصديق :

وحين كمَّل سنَّ الأربعينَ أتى     بالوحــي روحُ الله منه واختلفا

إليه بضعةَ عشْرَ قبل هجرتِه     من مكــةٍ ثم عشرٌ بعدهن وفـا

ومات في طيبةٍ في شهر مولدِه      في حاديَ العَشْرِ للجناتِ قد زَلَفا[11]

فوا مصيبةَ أهلِ الأرضِ أجمعِهم      بفقــدِه حين وارَوهُ ويا أسفا

وقام من بعده الصِّدِّيقُ مُقْتدِرا      بهديِــه تابعًا للحـــقِّ إذ خلَفا

ماهاله ذلك الخطبُ الذي عظُمتْ       فيه الخُروقُ ولم يوهَن وما ضعُفا

سلَّ الحسامَ على مَن زاغَ حين أبَوْا     عن الزكاةِ وللخرقِ العظيـمِ رَفا

حتى استقامَ به دينُ الهدى وسَما      ورَدَّ مَن كان مُرْتَدّاً ومُنحرِفـــا

وفي ثلاثةَ عشرَ مات مجتهِدا      وقلَّد الأمـــرَ أقواهمْ بغير خفَــا

أعني به عمرَ الفاروقَ مَن فُتِحَتْ      به الفتوحُ وعزَّ الدينُ وانتَصفا([12])

      هذه عجالة استنطق بها الشاعر التاريخ مقلدا بذلك كتب الموسوعات التاريخية حين تسرد الأخبار بإيجاز ، وكان الشاعر يقترب من النظم في نأيه عن التصوير وهذا مايوجِّه إليه نقداً شديداً لأن الشعر ماعبر عن الأحاسيس والمشاعر لا ما سرد الحدث سرداً باهتاً .

      ولكن المدرسة التاريخانية الحديثة التي ظهرت في مرحلة مابعد البنيوية أعادت إلى الوجود الاهتمام بالتاريخ ودعت إلى قراءة النص الأدبي في إطاره التاريخي والثقافي، حيث تؤثر الأفكار السائدة وصراع القوى الاجتماعية في تشكل النص ، وحيث تتغير الدلالات وتتضارب حسب المتغيرات التاريخية والثقافية([13]) . وبهذا المفهوم يكون لهذا الشعر أثر، وإن كانت هذه المطولة برأيي لم تقدم جديدا في العلم والثقافة لأنها مرت على الأحداث سراعا دون أن تترك بصماتها في النفس، فما ذكر معروف ومعهود في المجتمع الإسلامي مستقر في أعماق أبنائه .

     وهناك مطولات اقتصرت على موضوع واحد كالمديح، وكانت أكثر تحريكا للمشاعر وإثارة للأحاسيس، فالشاعر عبد العزيز الفشتالي([14]) في مدحه للملك المنصور استهل بالمديح النبوي لأن الملك كان ينتسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر من تاريخ النبوة ما أوضح به المعجزات المادية والمعنوية والفتوحات الداخلية والخارجية .

     من ذلك حديثه عن انشقاق القمر وارتواء الجيش من الماء من بين أصبعيه ، وتلبية الحيوان له و...  يقول مثلا :

محمدُ خيرُ العالمينَ بأسرِها     وسيـِّدُ أهلِ الأرضِ إنسٍ وجان([15])

له معجزاتٌ أخرستْ كلَّ جاحدٍ     وسلَّتْ على المُرتابِ صارمَ برهانِ

            له انشـقَ قرصُ البدرِ شقَّيْنِ وارتوى    بمائِهمـا مِن كفِّـه كلُّ ظَمآنِ

دعـا شرحةً عجمـا فلبَّت وأقبلتْ     تجـرُّ ذيولَ الدهرِ مابين أفنان

 وضاءتْ قصورُ الشامِ من نورِه الذي   علا كلَّ أفْقٍ نازحِ القُطرِ أو دانِ

     وهكذا يمضي الشاعر مع ثمانية وستين بيتا يتحدث فيها عن المعجزات والفتوحات في قصيدة بلغت ستة ومئة بيت ، ولم يتبع فيها التسلسل الزمني للمعجزات ، فالحديث عن الولادة  

جاء بعد المعجزات الأخرى .

    وأستخلص من استدعاء التاريخ في هذه المطولات وأمثالها أن الشعراء تجاوزوا بها مئة بيت ، وقد قلدت كتب الموسوعات التاريخية حين سردت الحوادث بإيجاز بدءاً من الخليقة الأولى غالبا ، ولكنها لم تتبع في سردها التسلسل الزمني للحوادث ، ولذلك فلا جديد في هذه الموسوعات الشعرية إلا في مجيئها على شكل الشعر التعليمي ، وما وجد فيها من جمال التصوير والتعبير متأثر بنصوص القرآن الكريم التاريخية والقصصية .

2- القصائد الشعرية :

       استجوب شعراء العصر العثماني التاريخ حينما سطروا قصائدهم ليقدموا المواعظ والعبر، وقد بدا في أشعارهم تمازج الثقافات الدينية والتاريخية في عمل فني أصيل ، ولعل أشهر موضوع بدا فيه التاريخ هو :

أ- المدائح النبوية :

   كانت المدائح النبوية تنظم عادة في المولد النبوي للدلالة على روح الاعتزاز والفخر بمكارم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمجاده، وكانت خير داع لهذا الاستدعاء، ولا سيما في مجال الحديث عن المعجزات المتعددة ، فكأن هذه المعجزات النبوية بمنزلة الإعلان ليسمع العالم ويتنبه من غفلته، وكان بعضهم يفصل في المعجزات أو الحوادث ويطيل، و يكتفي بعضهم  بإشارات سريعة .

      فالشاعر عبد الواحد بن المواز([16]) تحدث عن بعض المعجزات فقال :

حباهُ إلهُ العرشِ حوضاً وكوثرا    وشقَّ له البدرُ المنيـرُ بمشـهدِ 

وأسـرى به فوقَ البُـراق أمينُه      وأدناه والمحبـوبُ غيرُ مُبعَّد

ووافتْ له الأشجارُ تسعى كما جرى    بكفِّه ماءٌ قد روى اللَّجبَ الصَّد([17])

وقد هزَّ عزماً حيث لاقى عكاشـةٌ     فعـاد لديهِ كالصَّقيل المُهنـَّـد

     فالشاعر هنا وظف التاريخ الماضي ليعرض من خلاله صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، عل القارئ يستجيب فيطيع، وبذلك يكون الاستدعاء التاريخي وسيلة لاستنهاض الهمم . ولكن شاعرنا لم يطل في العرض ، وربما اعتمد على ثقافة القارئ الواسعة في السيرة النبوية آنذاك .

     ويسير الشاعر محمد أمين الدمشقي([18]) على خطاه دون أن يتغلغل في وجدان الإنسانية أو يضع في حسبانه النواحي الجمالية والفنية ، إلا أنه كسابقه يعبر بإخلاص مخاطبا العقل ليصدِّق النبوة ، وذلك أمر عظيم ولكنه بعيد عن الشاعرية قريب من النظم التعليمي .

     ولم تكن المدائح البديعية بأحسن حالا من ذلك، بل إن التكلف فيها كان واضح المعالم بما حشيت من بديع، فالشاعر عبد الغني النابلسي([19]) في تعريفه بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في بديعية له، يتحدث فيها عما مضى من التاريخ ممثلا في معجزاته كتسليم الحجر وانشقاق البدر، وسقيا الجيش من ماء نبع بين أصبعيه ودوام شريعته، وذلك بقوله :

طه النبيُّ بنُ عبدِ الله بن أبي الـ    بطحاء ذا القرشيُّ الهاشميُّ الحرمِيْ

عليه سلَّمـتِ الأحجارُ أبلـغَ مِـنْ   ماءٍ لموسى بضربِ الصخرِ مُنْسجِمِ

لو لم يكنْ أفضـلَ الرسْلِ الكرامِ لمَا    دامـَتْ شريعتُه من دونِ شرعِهم

والبدر قد شُقَّ من بحرِ السماءِ له     عصاتُه إصبعٌ لو كان عن أمم([20])

    ولعل حادثة الإسراء والمعراج من أكثر المعجزات استدعاء في الشعر، وقد مر بعضهم عليها مرورا خاطفا ، وفصل آخرون حوادثها كما فعل عبد المعطي الخليلي([21])، إذ ذكر ماكان من حوار بين الرسول صلى الله عليه وسلم والنبي موسى عليه السلام حول قضية تخفيف الصلاة فقال :

لقد كان من فوق السماوات راحماً     لأمةِ خيرِ الخلقِ طه النبيِّ الطُّهْرِ

يناجيـه في أمرِ الفريضةِ يالَهـا      مناجاةُ محبوبٍ بلطفٍ مع البِشْرِ

فناداه بالخمسينَ قد صارَ أمرُنا     على الخلقِ فامضِ يارسولَ ذوي القدر

فجاء إلى موسى بنِ عِمرانَ مسرعاً     وأخبرهُ بالفرضِ من عالِمِ الأمرِ

فقال له ارجعْ ياحبيبـًا محبَّبـا     وسل ربَّك التخفيفَ يامُخجلَ البـدر

فإني بلوْتُ الخلـْقَ ياخيرَ مُرسل    بما فرضَ اللهُ الكريـمُ منَ الذكـر

وأمتُك الغـرُّ الكرامُ ضعيفـةٌ     تقصِّر في الخمسينَ من شـدةِ الإصر

     كذلك حظيت فتوحات الرسول صلى الله عليه وسلم باهتمام مداح النبي الكريم ، إذ استعادوا التاريخ ليشيروا إلى البطولة والإخلاص لله في العمل ، ولتكون مجالا للفخر والاعتزاز ، ولاسيما أن المسلمين كانوا يواجهون أخطار الحروب الصليبية الأوربية الحديثة، وكان هذا الاستدعاء التاريخي لها المقترن بالثقافة الدينية المقتبسة من القرآن الكريم جسرا يصل بين أفكار الشاعر والمسلمين، فيبعث في النفوس الحمية للتصدي ، يقول عبد الغني النابلسي :

محـا الضلالَ بإثبـاتِ الهدى وحَمى    حِمـى شريعتِـه بالسيف والقلـم

كالطَّودِ في عِظَمٍ، كالبدرِ في شرَف       كالليثِ في هيبة، كالغيث في كرم

         والخلـْـق طَـرًا قد انقادت لبعثته     إلا الذي صُمَّ عن آياتـِـه وعُمـي([22])

         أطاعـه السيفُ حتى كاد يسبقُــه      يومَ الهيـاجِ إلى الهاماتِ والقمـم([23])

         وسَلْ حُنَيْنــاً وسل بدرا وسل أحُدا     تُـنبيك عن كلِّ مقتولٍ ومنهزم([24])

     إن هذا التأثر القرآني وهذا الافتخار بالأمجاد والاعتزاز بالمكارم أدى إلى رسم التاريخ في صورة محببة فكان بمنزلة الإعلان الذي ينبه العالم ولا يزال إلى أمجادنا وحضارتنا .

    ولم يلتقط الشعراء من عصر النبوة صورا للسيرة النبوية فحسب، وإنما اقتبسوا أيضا نماذج من حياة الصحابة توحي بفعالهم الحميدة وبطولاتهم الفذة ، فالشاعر أمين الجندي([25])  تحدث عن خالد بن الوليد سيف الله المسلول الذي قوض الشرك، وأعمل سيفه في يوم فتح مكة فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد فتح نصف دمشق صلحا، ثم مات على فراشه حزينا لأنه لم يمت في ساح الوغى شهيدا ، يقول في ذلك :

سيفُ مولاه بالفتوحـاتِ حامي      حوزةَ الدينِ بالحسام الحديـدِ

هدَّ رُكْنَ الإشراكِ مِن بعدِ مـا      كان لديهمْ في الكفرِ أعلى مُشِيْدِ

ماشكا عضبُه الظَّما يومَ حربٍ     مذ رواهُ من نهلِ حبلِ الوريد

تركَتْهم في فتح مكةَ صرعى      مُهطِعينَ الأعناقَ فوق الزنود

وينادونَ أحمـَد الخلقِ جَهرًا     بانكسـارٍ ونارُهـم في خُمود

فاستبانتْ شمائلُ اللطـْف منه    تتراءى والحلمُ دأْبُ الرشيـد

ودعاه معَ الرسولِ أنِ اقْصـِرْ    واعفُ عن قتلِ شيخِهِمْ والوليدِ

وسلِ الـرومَ يوم فتـحِ دمشق     كيف أفنـاهُمُ بعزمٍ شديـد

 فتحَ النصفَ عُنْوَةً وجرى الصلـ     ـحُ مع ابنِ الجرَّاح أكرمِ صيد

              وغــدا يومَ شُربِ كاسِ المنايا     آسفـا كيف بعد قهـرِ الأسود

يلتقي الموتَ وهْـو فوق فراشٍ     يشتكي دمـعَ أهلِه للخُدود([26])

     إن هذا الاستدعاء التاريخي وهذا التوظيف للشخصية التاريخية إن دل على شيء فإنما يدل على ثقافة الشاعر وإعجابه بشخصيات حضارتنا الإسلامية المجيدة، ونشرها بين الآخرين ليتأسوا بها، فكان الماضي انسحب على حاضر الشاعر، أو لعل الشاعر رأى في خالد صورة الأبطال الذين أخذوا يقاومون المعتدين في عصره فراح يشيد بهم ، وهذه أسمى غاية من وراء الاستجواب التاريخي .

     ولعل الخلفاء الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا من أكثر الصحابة ورودا في الشعر، فأسماؤهم تستدعى عند ذكر الانتساب إليهم وعند الإشادة بشمائلهم ، وفي معرض التشبه بهم ، وفي ختام القصائد الدينية ومدائح الأشراف إذ يصلى على النبي وآله وصحبه ولاسيما هؤلاء الخلفاء الأربعة ، يقول خليل الصديقي([27]) :

فعليـك اللهُ صلـى     ماغـدا للطَّرْفِ لَمْـحُ

وعلى آلٍ وصحـبٍ     مَنْ لهم في الدين نُصْحُ

سيما الصِّدِّيقُ مَن مَدْ    حِي له كسبٌ ورِبْحُ

وعلى الفاروقِ مَن أيـ    ـديه بالخيرِ تَسُحُّ

                          وعلى عثمانَ من زُيِّـ    ن به للدينِ قَدْحُ

وعليٍّ الكرارِ مَن تمَّ    -     به للآلِ مَدْحُ

أمدَ الدهـرِ دواماً     مابدا في الأفقِ صُبْحُ

   وهذا الشاعر ابن عابدين([28]) يتحدث عن الخليفة عثمان بن عفان  مشيدا بحيائه الذي عرف به في معرض رثائه لأستاذه الذي ينتهي نسبه إليه :

ولعثمانَ ذي الحياءِ وذي النو     رَيْنِ أضحى انتسابُه إجلالا

    وبهذا الاستدعاء أشاد الشاعر بطريق غير مباشرة بالقيم الرفيعة ممثلة بالحياء الذي عرف به هذا الخليفة ، والمعطيات التراثية تتصل بوجدان الأمة بقيم روحية وفكرية ووجدانية ، ولذلك تعد أقوى الوسائل تأثيرا .

    وقد عاد بعض الشعراء إلى التاريخ ليستدعوا منه صور الأنبياء الآخرين ليعمقوا بذكر خلالهم الإيمان ، فالشاعر عثمان الخطيب([29]) يذكر لذي النون تسبيحه وأنه لما التقمه الحوت ناجت الملائكة ربها إذ كانت تسمع الصوت ولا تدري مصدره ، فأخبرها أنه صوت عبده يونس الذي حبسه وسينجيه من الظلمات ، يقول في ذلك :

روحي فداه بدا كالنون حاجبُه     سماه ذا النون مولاه من القِـدَمِ

ناداه في ظلمـاتِ البحرِ مبتهلاً     وسبـَّح اللهَ في أحشاء مُلْتَقِـمِ

ضجَّتْ ملائكةُ الرحمنِ حين دعا     وقال ماينفعُ المكروبَ من كَلِمِ

ياربنا نسمعُ الصوتَ الضعيفَ ولا      ندري مكانَ نداءِ المُفْرَدِ العَلَم

             فقال ذا صـوتُ عبدي يونسٍ ولقد      حبَسـتُه وسأُنْجيهِ من الظُّلَمِ([30])

     ولم يخرج هذا الحديث عما عهد عن صاحبه في القرآن الكريم عنه ، ولكن كان فيه تحريك للعواطف ، فهناك الابتهالات وأصوات الملائكة، وصوت ذي النون الضعيف في الظلمات، وهي عبارات وكلمات مؤثرة شاركت في أداء المعنى إذ وظفها الشاعر لتؤدي فكرة وتعبر عن مشاعر إيمانية ، وكان التاريخ هو النبع الذي لاينضب، والذي تقبس منه الفكر والمشاعر ، والذي تخطى به الشاعر حواجز الزمن ليصل بين ماضيه وحاضره مما أكسب تجربته غنى وشمولا .

    وقد اتخذ الشاعر قاسم الحلاق([31]) من استدعاء تاريخ الأنبياء وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه عله يجيب دعوته كما أجاب دعوة المضطر منهم ، يقول في استغاثة ملهوف :

خلَّصتَ نوحاً وأيوبَ الصبورَ كما     نجَّيْتَ ذا النونِ إذ ناداك في الظُّلَمِ

نجيتَ مـوسى وهاروناً وقومَهما     من كيدِ فِرعونَ والإغراقِ بالسَّلَمِ

     وهكذا يغدو التاريخ المعين الذي لاينضب لاستثارة عواطف القراء نحو تاريخهم وعقيدتهم ، ولبث القيم والاعتزاز بالماضي المجيد، واتخاذه نبراسا يهدي إلى طريق مستقيم .

ب- المدائح عامة :  

     ميزة الفن أنه تراث ممتد يستفيد لاحقه من سابقه ثم يضيف إليه ، والشاعر حينما يعود إلى التاريخ ينفث في شخصياته روح الحياة فيجعلها تتخطى زمانها لتكون حاضرة معه في حياته، وشعراء المديح حينما يستجوبون الموروث التراثي ينطلقون إلى ماوراء النص في إبداع يوظفونه لخدمة أفكارهم وأحاسيسهم .

      فالشاعر أحمد بن مسعود([32]) عندما ذهب إلى السلطان مراد الرابع ليطلب منه سلطنة الحجاز، مدحه في قصيدة استدعى بها التاريخ وأسقط عليه أبعاد تجربته، إذ ذكَّر السلطان العثماني بما فعله كسرى حينما لجأ إليه سيف بن ذي يزن لينصره على أعدائه، ثم قال له:  "أنت أجَلُّ من كسرى مقاما " ولهذا الاستدعاء دلالته إذ استكمل به غايته، فهو لم يسرد عليه الحكاية وإنما جعل ذكرها مطية للتعبير عن مراده الذاتي في اروع صورة ، يقول في ذلك :

وخص بفضلـِـه من أمَّ منا     مليكاً فاقَ سابورَ الهُــماما

فتى الهيجا مُرادَ الحق من لم     يخفْ من فضلِ خالقِه مَلاما

وقد وافاك عبدٌ مُسـتميحٌ       ندى كفيْـكَ والشيـمَ الكراما

فقد نزل ابنُ ذي يَزَنٍ طريدا     على كسرى فأنزلَـه شماما

أتى فرداً فآب يجُـرُّ جيشاً      كسا الآكامَ خيلا والرغاما

به استبقى جميلَ الذكرِ دهرا     وأنت أجَلُّ من كسرى مقاما

    فالشاعر لم يجد وسيلة يعبر فيها عن رغبته إلا استنطاق التاريخ ليشير إلى علاقات الأمم بعضها مع بعض ، فإذا كان كسرى الفارسي قد أنجد سيف بن ذي يزن العربي فأولى بالخليفة أن يقوم بهذا الأمر العظيم لينقذ مكة ممن تلاعب بأقدارها على حد قول الشاعر، وفي هذا توظيف للتاريخ توظيفا إبداعيا .

    لقد جعل " لالاند " من الإبداع الحقيقي ذلك الإبداع الذي يقوم على إنتاج شيء ما، على أن يكون ذلك الشيء جديدا في صياغته وإن كانت عناصره معروفة من قبل([33]) .

     لم يكتف الشعراء بالحديث عن ماضي العرب بل تعدوا ذلك إلى استدعاء تاريخ الشرق والغرب ، فيوسف الدمشقي([34]) يفضل الشاعر العثماني على الإسكندر المقدوني وعلى تبع اليمني في قوله :

مليكٌ له كلُّ الملوكِ توابعٌ     فدعْ ذكرَهمْ إسكندرًا ثم تُبَّعا

    فاستجواب التاريخ أدى إلى تبيان عظمة ممدوحه ، وذلك لأن المتلقي يعرف أمجاد الإسكندر وتبَّع، فإذا علم أن السلطان أعظم شأنا منهما أدرك مكانته الرفيعة ، وذهب فكره وراء تأويلات كثيرة ليعرف بها شخصية هذا الملك الممدوح ، وبذلك يضفي على التجربة الشعرية نوعا من الكلية والشمول .

    وهذا عبد الجليل الطباطبائي([35])يذكر أبا مسلم الخراساني وما فعله بالأمويين،ثم يعرج إلى ذكر غفلة الدولة العبيدية ( الفاطمية ) عن تدابير صلاح الدين للقضاء عليها، ثم ينتقل إلى الحديث عن هولاكو واتفاقه مع ابن العلقمي الذي سماه بالوزير الملحد لأنه أودى بالخلافة العباسية،ويوظف هذه الشخصيات التاريخية كلها لينبه إلى الأخطار المحيطة بالدولة، قال :

غفلتْ أميَّةُ فاستباحَ فِناءَها      عبدٌ لها في الشرقِ غيرُ مسوَّدِ

وبنو عبيدٍ إذ وهَتْ عزماتُها     قام ابنُ أيوبٍ وقال لها اقعدي

وأتى هولاكو بالفوادحِ مذْ رأى     أمرَ الخليفةِ للوزيرِ المُلْحِدِ([36])

     فهذه الشخصيات التاريخية جسدت واقعا عاشته الدولة الأموية والعباسية، وهو واقع مشابه لما تعرضت له الدولة العثمانية في عهد الشاعر، ولهذا كان استدعاؤها لإبراز جوانب القضية ، والتحذير من مخاطر العدو، وبذلك يكون التاريخ مصدرا للشعراء يستقون منه حقائق الحياة وخبايا الفعال وبواطن الأمور لتحريك المشاعر الإنسانية ، وتحقيق الأهداف المرجوة .

     ج- التاريخ في شعر المراثي :

       ولعل المراثي من أكثر الموضوعات الشعرية استدعاء للتاريخ وشخصياته ولا سيما ذات الأبعاد الدينية، إذ دارت التناولات عند الشعراء على عدد من المحاور كان للقرآن الكريم أثر بالغ فيها إذ أضفى لونا جديدا على الدلالة الشعرية، فهناك عظماء كثيرون لم تحل عظمتهم دون أن يذوقوا كأس الحُمام، لأن الموت ينكأ كل إنسان، ولهذا يستدعي الشعراء صورا من هؤلاء ليغرسوا هذه الفكرة عل المرء يتيقظ .

       فالشاعر يوسف داده([37]) في مرثية لصاحبه يتحدث عن المنية التي أودت بشخصيات تمتعت بالعظمة والسيادة والقوة منذ عهد نوح عليه السلام ومرورا بإبراهيم الخليل وبذي القرنين، وبني ربيعة التي كان يسودها المهلهل المعروف، وكذلك قبيلة عبس التي كان عنترة يحميها بسطوته، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أن الناس جميعا سيقعون في حبالها، يقول في ذلك :

أخنَتْ  بنــوحٍ وابنِه سامٍ ولم     تـرعَ الخليلَ لخلــةٍ وشؤون([38])

ورمت بذي القرنين أسهمَها فلم       ينفعْه ملكُ الأرضِ والترصين

             وبنــو ربيعةَ بعد عزٍّ شامخٍ     ومكارمٍ وعــزائمٍ وظعــون([39])

             أودى مُهَلْهِلَهـم وحلَّ بعُمرِهم     داعــي المنيـةِ طالبا بديون

وأناخ عبساً بعد بدر صارخٌ     حج الحجازَ وطاف حول حُجون([40])

               فإذا المنيَّـة ألحقت بمحمـد     من ذا لطول بقائـِـه بضميـن

               فلنـا بأحمدَ أسـوةٌ محبوبـةٌ     ولنا العـزاءُ بفضلـِه المسنون

        ويستعرض فتح الله بن النحاس([41]) حال البشرية منذ عهد أصحاب الكهف، ثم ماحل بسيد الرسل لينتهي في مرثيته واستدعائه التاريخي إلى أن كل من عليها فان ، ولايبقى إلا وجه الرحمن :

أين من سادوا وشادوا وبنَوْا     أين أهلُ الكهفِ أصحابُ الرقيمْ

أين طه المصطفى خيرُ الورى     أين رسْلُ الواحدِ الحقِّ الحكيمْ

  ذهب الكل وفاتوا وانقضَوْا      ليس يبقى غيرُ ذي المُلكِ القديم([42])

     إن الاعتماد على الجذور التاريخية ولاسيما ما تعلق بالقرآن الكريم يغذي الفكرة ويكشف عن أهميتها ، فذكره لأصحاب الكهف الذين عاشوا أكثر من ثلاثمئة سنة ثم ماتوا بعدما أدوا رسالتهم على وجه الأرض ، وكذلك وفاة خير البشرية قاطبة يجعل المرء عاجزا أمام هذا القضاء الذي لامفر منه، فيساهم في ترسيخ الفكر وبث العواطف .

د- استدعاء التاريخ في مجالات أخر :

     ويجول الشعراء في فضاءات التاريخ ، وتتصارع الفكر والعلاقات والاتجاهات أو تتمازج ، ويقوم استدعاء التراث بذلك تعميقا لرؤاهم وتفخيما للحدث المذكور .

    هذا الشاعر عفيف الدين الذروي([43]) يرد على إمام اليمن الذي طالب شريف الحجاز بركات بن حسن بن عجلان بأن يفرغ له دور مكة وأن يلقاه عند حلى([44]) :

قل لمَنْ رام يُناوينا ومَن     رام يأتي بيتَنا مغتصبا([45])

                    سورةُ الفيـلِ لنا كافيـةٌ     اتركِ الجهلَ وخلِّ الكذبا

                    إن بيتَ اللهِ بيتٌ خصـَّه      منه بالنصرِ فلن ينغلِبا

     فالشاعر استنطق التاريخ بهذا التناص فكانت سورة الفيل خير جواب لهذا اليمني من أحفاد أبرهة، الذي جاءه جد الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب أغنامه فقال للملك اليمني إن لهذا البيت ربا يحميه، وقد أدت هذه السورة المهمة المعنوية والنفسية، وبهذا يتفق السياق الشعري مع السياق القرآني ومعطياته الدلالية ، ويكون الخطاب الشعري ردا يدرك المرسَل إليه قيم المجتمع التي يتمسك بها أبناؤه .

     وعندما وقع سيل كبير في 1039هـ ودخل المسجد الحرام وانهدمت الكعبة المشرفة أعاد السلطان مراد الرابع بناءها فقال أحد الشعراء مستعينا بالتاريخ في ثنائه على السلطان :

بنى الكعبة الغرَّاء عشرٌ ذكرتُهم    ورتَّبْتُهُم حسْب الذي أخبرَ الثقةْ

ملائكـــةُ الرحمـن آدمُ ابنُه     كذاك خليـلُ اللهِ ثم العمالقـةْ

وجُرهُمُ يتلوهم قُصَيٌّ قـريشـُهم      كذا ابنُ زُبَيْرٍ ثم حَجَّاجُ لاحقهْ([46])

    إن هذا الارتداد إلى التاريخ لعرض الشخصيات التي قامت ببناء الكعبة ليشير إلى اهتمام الأمة بحفظ أسماء من قام بهذا العمل الجليل ذي الأبعاد الدينية والتاريخية ، وبذلك يقوم هذا الاستدعاء بوظيفة رفد الثقافة وحفظها خلال الأجيال .

     أما استجواب التاريخ في الأسئلة العلمية فقد بدا عند الشاعر الفقيه محمد بن علي الشوكاني([47]) حين سئل عن المتصوفة فأجاب أن نهج هؤلاء يختلف بين عظماء أشاد التاريخ بهم كأبي ذر الغفاري وأويس القرني، والفضيل بن عياض والجنيد، وبين أناس ابتدعوا مالم يكن في الدين وراحوا يطربون على أنغام محرمة، وجاؤوا بفِكَر غير شرعية حتى عدهم الفقهاء كفره وقتل بعضهم لذلك ، يقول :

فيها الغفاريْ قد أناخ مطيَّه     ومشى بها القُرَني بسبق ركابه

وبها فُضَيْلٌ والجُنَيْدُ تجاذبا      كأسَ الهوى وتعلَّلا برضـابه

أما الذين غدَوْا على أوتارِهم       يتجاذبون الخمرَ في أكوابه

فهم الذين تلاعبوا بين الورى     بالدينِ وانْتُدِبوا لقصد خرابه

قد نهَّج الحلاجُ طُرْقَ ضلالِهم      وكذاك محيي الدين لاحيَّا به

وكذاك فارضـُـهم بتائيّـاتِه     فرضَ الضلالَ عليهم ودعا به

               إنسانه إنسانُ عيـن الكفر لا       يرتـابُ فيه سابـِحٌ بعُـبابِه

     فالشاعر الفقيه طرح من خلال سرد التاريخ واستنطاق معطياته إشكالات عديدة، محاولا فتح آفاق جديدة للتراث ليميز المتلقي بين المتصوفة ، وقد وقف موقفا وسطا فلم يرفض جميع سلوكيات هذه الفئة، ولم يقبل معطياتها جميعا، وبذلك يقيم باستدعائه تاريخ هؤلاء جسورا إيجابية بين المسلمين لا للهدم ولكن لبعث الماضي وإحيائه على أسس سليمة ، وجعله يقف على أرضية صلبة ، وبذلك أدى حق الوفاء لهذا التراث، ومكنه من تصحيح المفاهيم والرؤى بعيدا عن جمود التبعية والانتساب .

3- الاستدعاء التاريخي في الرموز :

     اللفظ هو المادة الأولى في بناء القصيدة ، والشاعر ينتقي الألفاظ التي تؤدي وظيفة تعبيرية ، ويتطلب هذا منه مقدرة فائقة وثقافة واسعة تسعفه في تقديم الألفاظ المخزونة في سياق جديد ينسجم والسياق وحالته الانفعالية .   

    وقد يكون استدعاء التاريخ في الرموز فتجتاز ألفاظها حدودها الضيقة وتكتسب أبعادا جديدة، إذ تبث الحياة في خطاب الأجيال فتتعمق في دراسة النص، وتستخرج منه القيم التي كانت سائدة في تاريخ الأمة، وبذلك يوظف الشاعر هذا اللفظ للكشف عن الإيجابيات والسلبيات التي كانت سائدة في المجتمعات ومن ثم يؤدي إلى ردة فعل لتصحيح القيم والاتجاهات([48]) .

     وقد تكون هذه الرموز إيماءات خفية تتعلق بقصة شعبية أو أسطورية عرفت خلال التاريخ ولها معطيات عديدة، ولذلك فإن ذكرها يؤدي إلى تداعي الأفكار، واستحضار الحوادث، وعقد مقارنات بين الأصل التاريخي والرمز الذي احتواه النسيج الكبير للنص الأدبي كما أنه يشبع الانفعالات والأحاسيس .

     واستدعاء التاريخ بالرموز يغلب على شعراء العصر العثماني، وهي رموز دينية وأدبية واجتماعية لأن دلالاتها - ولاسيما الأولى منها - قد غرست في ضمير الأمة وذلك يؤدي إلى فهم إيحاءاتها وعِبَرها بسهولة ويسر .

    ومن هذه الرموز :

أ- الرموز الدينية :

     وهي رموز تستثير مخيلة المتلقي بالتلميح إلى القضية ، والتلميح يفوق دلالة التصريح  أحيانا لأنه يحمل شحنات معينة من الانفعالات والوجدانات التي اكتسبها خلال استخدامها على  الألسن والأقلام منذ آلاف السنين([49]) .

     هاهو الأمير الشاعر منجك بن محمد المنجكي([50]) يستخدم التلميح إلى إبليس ويرمز له بالمطرود ، وقصته معروفة([51]) ، وقد اتخذه الكاتب للدلالة على هيبة ممدوحه ليكشف عن أثر اللاشعور في الحراك السلوكي ، قال متحدثا عن السلطان العثماني إبراهيم بن أحمد :

ملكٌ من الإيمانِ جرَّد صارماً      بالحق حتى الكفرُ أصبح مسلما

لو شاهد المطرودُ سطوةَ بأسه     في صلب آدم للسجود تقدما([52])

    وأرى أن الشاعر غالى في تصوير هيبة السلطان، وهل كان إبليس سيهابه أكثر مما يهاب رب العالمين !!...

     وقد استدعى منجك  الرمز آدم أيضا للدلالة على القدم في قوله :

له سؤدد حل السماكَيْنِ رفعةً     وذلك إرثٌ فيه من عهد آدم([53])

    واستجوب بعض الشعراء التاريخ الديني للدلالة على قضية اجتماعية كالإشارة إلى الكيد والغدر أو للدلالة في حديث الغزل على القرب والمودة، فمن الأول قول الشاعر أحمد الشاهيني([54]):

عجبتُ منكم وفي أخلاقكم عجبُ      كيف استوى فيكم المخدومُ والخدمُ

غدرتـُـم ووفَيْنـا في محبتكم       إن الوفاءَ لدى أهـلِ النهى ذِمَمُ

قد كنتُ يوسفَ إذ بعتـُم كإخوتِه      بالبخسِ مني فتًى تغلو به القيم

لاذنبَ فيما أحلتُـم للوشاةِ وهل     للخصم ذنبٌ إذا لم ينصف الحكم

      فالشاعر عايش موقفا نفسيا واجتماعيا، والتحمت قصته مع قصة يوسف عليه السلام رمز المعاناة والألم من غدر الأقرباء، فعبرت عن ظروفه الاجتماعية وعن ضيقه من اللؤم الذي لقيه من صحبه ، وكان  التجريد([55]) في قوله " بعثتم مني فتى تغلو به القيم " يزيد دلالة الرمز ويقوي الوصف حين يمثل أمامه النبي يوسف بكل آلامه في هيئة المتكلم .

     وهذا أبو بكر العمري([56]) يقبس من التاريخ الديني أيضا رمز " الشافعي " كما يلمح إلى فقه مالك، وذلك ليبين إعجابه بعلم الممدوح  فيقول :

شافعيُّ الزمان مالكُ أسبابِ     العلوم التي بها الناس ترشد([57])

    واستخدم الرمز الديني " هاروت "  للدلالة على جمال الحبيب الساحر كما في قول الشاهيني :

لستَ هاروت ولكن     سحرُه في حركاتك([58])

     واختيار هذه الرموز يصدر عن وعي الشعراء بدلالاتها وتوظيفها في الكشف عن أبعاد الشخصيات التي تنم عنها ، وهذه إحدى الغايات التي تستدعى الرموز من أجلها([59]) .

  ب- الرموز الأدبية :

       الرمز وسيلة من وسائل التواصل بين الثقافات ولذلك يعد استخدام الرموز الأدبية المتناثرة في بطون كتب التراث مطية للتعرف عليه والتواصل معه خلال السنين .

     وبعض الرموز التراثية الأدبية أكثر حضورا لدى الشعراء من بعض ، فسحبان وائل عرف بالبلاغة وإليها يرمز باستدعائه ، وقس إياد رمز الفصاحة ، والأصمعي كذلك، وامرؤ القيس رمز الشاعرية وحاتم الطائي شهر بالكرم ، وعنترة بالشجاعة ، والسموءل بالوفاء([60]) ، ولهذا كان شعراء العصر إذا أرادوا أن يصفوا أحدا بهذه الصفات شبهوه بهم فكانت رموزهم الإشارية([61]) مصدر إشعاع للقيم الفكرية والشعورية ، وبذلك يتفهم المتلقي الموضوع ويتذوق النص الذي أبدعه الشاعر .

     هذا عبد الوهاب الدمشقي([62]) يشيد بشاعرية صاحبه ويمده التاريخ بمعطياته فيأخذ صورتي سحبان وقس للدلالة على قوة أسلوبها فيقول :

أيا فاضلا حازَ البلاغةَ بالقلب      وصاغ فنوناً في البلاغةِ كالقلب

وفاق بنظم الشعرِ سحبانَ وائل     وقَسَّ إياد في القريض على القرب

    أما عثمان العمري([63]) فأخاله قد أعجب بممدوحه إعجابا شديدا، وقد دل على ذلك كثرة الرموز التي استجوبها للدلالة على شمائله، فهو عنده عنترة وحاتم وإياس والسموءل، بل يفوقهم شجاعة وجودا وذكاء ووفاء ، قال في ذلك :

ليث هِزَبْرٌ فلا تذكرْ لعنترة     فمِن شجاعته للناس تهويلُ

ولا تقل حاتمٌ فالبذل خلقتُه     ليس التَّخَلُّقُ في الإنسان مقبول([64])

ولا تصف لإياسٍ فالذكاء له      إرثٌ إليه من الأسلاف منقول

ولا السموءلُ أوفى منه عهدا ولا    فإن ذكرَهم وهمٌ وتخييل

     إن هذا الفضاء الواسع من الرموز الأدبية المتكئة على التاريخ والتي تنقَّل الشاعر بين أجوائها ليشير إلى غنى ثقافته وقدرته على تمثُّل هذه الشخصيات التي استقرت صورها في ضمائر المتلقين ، وقد فجر الشاعر كل طاقاتها التعبيرية وقدمها في إبداع جديد فأغنى النص الأدبي، وعمق الإحساس، وأفصح عن العواطف .

     ولكن بعض الشعراء كانوا يخالفون ماعرف عن الرموز وما حكي عنها في التراث، وما استقرت عليه في وجدان المتلقي ، فالخنساء وصخر دليلان على كثرة الأحزان ، وهما يذكران بمأساة الموت ، لكن الشاعر أسعد الطويل([65]) جاء بهما في موطن الغزل، والرمز يفهم في ضوء العملية الشعورية والجو الشعري([66]) ، وقد أراد من استدعائه التعبير عن أحزانه لبعد الحبيبة عنه، ولكن شتان بين الموت والغزل وإن كان يجمع بينهما الحزن . قال  :

وما حالةُ الخنساء بالوَجْدِ والأسى     وقد رابها طولُ التباعد من صـخر

تنوحُ فيبدو من ضمائرِها الجوى      وتُزري عقودَ الدمع كالعِقد في النحر([67])

بأكثرَ مني لوعــةً وصبابــةً    إذا شِمْتُ هـذا الظبيَ يجنحُ للهجــر

    وأرى أن في هذا الرمز تكلفا شديدا، فذكر دموع الخنساء مع العِقد في النحر صورة غير توافقية لأن في الأولى آلاماً وفي الثانية جمالا وحسنا، والشاعر بَعُدَ برأيي عن الصدق الفني ، وكان عليه أن يسقط على الشخصية من التفسيرات والتأويلات ما تحتمله ملامحها التراثية([68])  وبهذا ينأى الإيحاء الرمزي عن تأدية دلالته وتوليد العاطفة المرجوة منه .

ج- الرموز الاجتماعية :  

     وهذه تتصل بوجدان الأمة وتاريخها بأوثق رباط ، وترتبط بمُثُلها العليا ولذلك تعد وسيلة من وسائل التواصل يحقق بها الشاعر وظيفة اجتماعية وفنية في آن واحد، وتكتسبها الأجيال المتلقية للنصوص التي تحتويها بشكل شعوري أو غير شعوري([69]) .

     وقد عرف بعض هذه الرموز بدلالاته على أعمال إيجابية كالسموءل لوفائه ، على حين دل بعضها عن سلبيات كأشعب لجشعه، وسنمار لخيانة العهد ، فمن قول أسعد البتروني([70]) في أشعب :

قد حل أمرٌ عجَب      شيبٌ بفودي يلعب

نجومُه لاتغرب         فأين أين المَهرب

                          أرجـو بقاءً معه      ما أنـا إلا أشعبُ

     وكأن الذكريات العالقة في سجل أسطورة أشعب التاريخية قد تواردت إلى مخيلة الشاعر فاتخذ من جشعه وسيلة للتعبير عن تمسكه بالحياة وإن اختلف السبيل إلى ذلك، ولقد أحس شاعرنا بالموت بعدما أرسل الشيب نذيرا ،فكان هذا الشيب دافعا ليحس بمأساة الزمن وتحوله وليجعله يتشبث بالحياة، ومن هنا كان جمال هذا الرمز ، فالموت الذي حفر في أعماق الشاعر آلامه وجعله عاجزا عن الحراك دفعه إلى استخدام هذا الرمز تعويضا عن مرارة الفقد .

      وسنمار رمز خيانة العهد والتنكر لمن أحسن إلى المرء، وهذا ما يبدو في قول عبد الباقي السمان([71]) :   

ألا في سبيل الله ودٌّ صرفتُه      لمن خان ميثاقي وأشمَت عُذَّلي

جزاءَ سِنِمَّار جزاني على الهوى     وكان يُمَنِّيني وفاءَ السموءل

     فالشاعر استدعى ماحكاه التراث عن جزاء سنمار ووفاء السموءل، ثم نفث فيهما روح الحياة فجعلهما يتخطيان الزمن ويمثلان أمامه ليكونا تعبيرا عن حالته الراهنة ، وهو بين الأمل بالوفاء وفقده .

    وقد تأتي الرموز الأسطورية للدلالة على أمر اجتماعي لما فيها من طاقات إيحائية كبرى قادرة على التعبير عن الأحاسيس([72]) ، فرمز العنقاء([73]) يمكن استخدامه للدلالة على استحالة الأمر، ولهذا قال الشاعر محمد الخراط([74]) :

مولى له تهفو القلوبُ محبةً     وكذا الكريمُ إلى القلوبِ مُحَبَّبُ

ياطالبا مسعاه في شأوِ العلا      هيهاتَ ماترجوه شيءٌ يصعب

ماكل شأو يُستطاع نوالُه      خفضْ عليك فأين عنقاءُ مغربُ ؟

      فرمز عنقاء مغرب يدل على مالا يمكن رؤيته في الحياة، فكأن ممدوحه لعلو منزلته لايُرى مثله ، وبذلك شارك هذا الرمز في الدلالة على القيم التي يتمتع بها الممدوح، وعلى موقف شاعرنا منه .

    وهكذا كان شعراء العهد العثماني يتحركون في فضاء التاريخ ويستنطقونه ويقبسون من ثقافاته العربية والإسلامية ليذكروا بها الغافلين، ويشيدوا بالأمجاد ، ويقيموا جسور تواصل بين التراث والمعاصرة، ويحركوا بها العواطف والمشاعر .

ثانيا : التاريخ المستقبلي :

     التاريخ عامل إثراء وتعميق للرؤية الشعرية، وقد تعددت وظائفه فلم يعد يقتصر على ذكر مامضى وإنما امتد به الزمن ليصل إلى ما سيكون مما هو مستقر لامحالة في عقائد الناس وعلى الأقل في عقائد أصحاب الديانات السماوية أو المسلمين خاصة .

    إن الحديث عن التاريخ المستقبلي متمثلا في يوم العرض الأكبر حيث الرسول صلى الله عليه وسلم سيسقي المؤمنين من حوض الكوثر، وسيشفع لأمته أو لكثير من أبنائها ، وفي الحديث عن الجنة ونعيمها، والنار وعذابها أمر يقيني في ذهن الباحث المسلم ، ومن هنا كان إدخال هذا الجزء إلى البحث ، وإن كان في أصله من الغيبيات ، لكنها غيبيات محققة ، وحياة المرء فيها ستؤول إلى سعادة أو شقاء ، والمسلم يذكر الأيام الخالية كما يرجو الخلاص في الأيام القادمة ، والإحساس بالموت في الزمن الحاضر والرغبة في الخلاص في الزمن المستقبلي يجعلان المرء يتشبث بالشفاعة العظمى ، ويتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلته لذلك، وبذلك يتحول مدحه وطلب الشفاعة منه والحديث عن الدار الآخرة وما فيها من جنة وجحيم إلى عمل فني خصب مليء بالعواطف والأحاسيس .

1-الشفاعة الكبرى :

    في لحظات إيمانية شتى يحس الشاعر بوطأة الذنوب، فيروح يبحث عن منفذ له من هذا الماضي القاتم الذي تحول إلى حرمان يقض مضجعه، ويمتلك عليه مشاعره، فيرى في الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم الحبل المتين الذي ينجيه يوم العرض الأكبر، إذ ينال به الشفاعة، ويفتح من خلاله مجالا نفسيا يهيئ لاستقبال التجربة الجديدة التي يرجو بعدها العيش بسلام .

     فالشاعر السيد محمد أمين الدمشقي([75]) يناجي المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول :

فيارسولاً بـه الرحمـنُ أنقذنـا       وقد حمانـا بركن غيـرِ منهدم

عساك تحنو على ضَعفي إذا نُشِرتْ     صحيفتي عند ربي بارئِ النسم

حيث النبيون في رعبٍ وفي وَجَلٍ      جثَوا على رُكَبٍ من بطش منتقم

وأنت تسجد حتى أن يقـال فقـم      سلْ تعطَ ، واشفعْ تشفَّعْ نافذَ الكلم

فتخرج الناس من حر الزحام ومن       حرِّ السعير وقد صاروا كما الحمم([76])

صلى عليك إلــهُ الخلقِ ماكُشِفتْ      بك الكروبُ وزاحتْ ظلمةُ الغَمَمِ

     فالشاعر هنا يستمد من التراث الديني ماتحدث به عن موقف الحشر، حيث يسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أمام رب العزة ، ويطلب منه الشفاعة في موقف يجمع الناس جميعا حتى الأنبياء يكونون في ذعر شديد .

      وسيكون الرسل جميعا تحت لوائه في ذلك اليوم المهول واقفين وهو وحده الراكب ، يقول الشاعر الشيخ عمر الخفاف([77]) :

وكيف وكلُّ الرسْلِ تحت لوائـِه      بيومٍ تذوبُ من لظـاُه الذوائـبُ

وقوفاً على الأقدام في موقف الجَزا     وهذا الذي في ذلك اليوم راكبُ

      وهذه المفارقة الثنائية([78]) بين " كل الرسل تحت لوائه " ، " وهذا الذي في ذلك اليوم راكب " تجعل الشاعر يدرك عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك التاريخ المستقبلي ، ومن ثم تحثه على طلب الشفاعة ، وبذلك يعرض هذا الاستدعاء الحالة النفسية الباعثة إلى هذا الرجاء والتعظيم، وللجانب النفسي أثره في التعبير والتصوير .

    كما يستنطق الشعراء التاريخ في أحاديثه عن إسقاء الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في حر المحشر  من حوض الكوثر ، قال مصطفى الأويسي العلواني([79]) :

ياشفيعاً هناك إذ يوقِعُ الأنـ        ـفسَ في المُزعجاتِ كربُ الذنوب

            ياكريما حيَّا العطاشَ على الحو      ضِ إذا ماأتــَوْا بأعذب شوب

    وهكذا يذكر الشعراء بعض القضايا من العالم الأخروي، فيؤدي هذا إلى تكثيف الزمان والمكان، وتشكيلهما في نهج جديد يدل على وعيهم بالأثر النفسي الذي خلفه التراث([80]) حول قضية البعث وما سيكون فيه .

2- الجنة ونعيمها :

   والحديث عنها من الأمور المستقبلية أيضا حيث يتحدث الشعراء عما سيكون يقينيا من نعيم فيها،ويكثر هذا في المراثي،إذ يتفاءل الشاعر بدخول المرثي الجنة والتنعم بما فيها من قصور وسندس وإستبرق وحور وولدان وأنهار  فيثلج صدره وقلوب أحبائه ، ويكون ذكرها تعويضا عن ألم الفقد .

      فالشاعر حسن البيطار([81]) يذكر الحور العين في مرثية له فيقول :

ربِّ صبـرًا واللهِ إن فــؤادي        في عذابٍ وشــدة والتهابِ

نادت الحــورُ يافـريدُ مقامٌ       لك جئنا بالبِشــرِ والتَّرحاب

ذاك قربٌ من محسن ذي جلال    غافرِ الذنب للورى في الحساب

هذه رقــدةٌ بأوجِ جنــانٍ      عنـد مولى الأربابِ والأحباب

        ويقول عبد الرحمن البيري([82]) في مرثية له لمن اسمه الشيخ طه :

حباك اللهُ في الفردوسِ مُلكاً     كبيراً ناضرَ الأرجاءِ خصبُ

له المسكُ العبيرُ النشرِ ترب      له من خالصِ الكافورِ كُثْبُ

وولـدانٌ وحورٌ في يديهم      ثيابٌ سندسٌ خضـرٌ وقشب

لهن إلى قدومـِك عينُ بشر     بهـن إلى اللقا مرَحٌ ولعب

يقلن الكل يارضوانُ أرخ      لطه منزلٌ في الخلـد رحب

        أما عبد الله الزيباري([83]) فإنه يعلي من شأن الشهيد ومستقبله في الدار الآخرة، فهو يعلم أنه حي يرزق عند ربه كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك([84]) :

ولم تدر أن الموتَ لابدَّ واقعٌ       وكلُّ امرئٍ ياصاحِ مسكنُه القبرُ

فما هو بالميتِ الذي تحسبونه      ولا هو بالفانـي ولكنه الذخر

شهيدٌ له في جنة الخلد روضةٌ       مع الحور والولدانِ يقدمُه البشر

هو الحيُّ والمرزوقُ من عند ربه       جنابا بها من كل ناحية قصرُ

             وما شهــداءُ السيف إلا كأنجمٍ       محمدُنـا مابين ساداتهـم بدرُ

تردى ثيابَ الموتِ بيضا فما أتى      لها الليلُ إلا وهي من سُنْدُس خضرُ

    فالشاعر استجوب التراث وتأثر بما تحدث به عن المستقبل، فبين مكانة الشهيد وفعاله المجيدة وكان لحديثه أثر في النفوس إذ اطمأنت إلى مصير المرثي .

3- النار وأهوالها :

      ومن الغريب أن الحديث عن النار وأهوالها قليل بالنسبة إلى ماخلفه الشعراء عن الجنة ونعيمها . وهذا الشاعر العشري يذكر في قصيدة مناجاة له لبارئه تعالى - أهوال النار فيدعو الله سبحانه أن ينجيه منها فهو لايسطيع تحملها ، كيف ووقودها الناس والحجارة :

ياربِّ عفوَك من نار مُضَرَّمة     فليس تقوى عليها الشمَّخ الصُلد([85])

   وهكذا طوى الشعراء في التاريخ المستقبلي الزمن وحكوا عنه على أنه حقيقة ستكون لامحالة ، فربطوا بين الماضي والحاضر والمستقبل، وأثاروا المشاعر والأحاسيس ، وقووا العواطف الإيمانية .

ثالثا : مظاهر فنية في استدعاءات التاريخ :

    لعل أبرز هذه الظواهر في الاستدعاءات التاريخية هي :

1- التناص([86]) :

     ويكثر في قصائد المديح والرثاء، وفي الرموز التاريخية .

    والتناص يؤتى به عادة لإثراء المعنى والأحاسيس ، إذ يلجأ الشاعر إلى جذور تراثه ليجعله في فضاء قصيدته التي قد تتصارع فيها الرؤى والأفكار والعلاقات ، وقد يخرج الرمز عنده عما كان يرمز إليه .

      وقد بدا عند كثير من الشعراء براعة الاستدعاء للشخصيات التاريخية ولاسيما تلك المستمدة من التراث الديني ، إذ أوحت بالأمجاد ودعت إلى الاعتزاز بالمكارم ، ولنقرأ على سبيل المثال قول الشاعر جعفر البرزنجي([87]) في انتصار عبد الله الجته جي على الأعراب الذين كانوا ينهبون الحجيج في الحجاز :

سبعون نفسا لعَمري منهم هلكوا     في ساعة من نهار مالها طول

كأنهم جِيَـفًا أصحابُ أبرهة      كأن عيـدَهم العـاتي هو الفيل

              كأن مَتْرسهم وادي محسرهم      كأن أبطالَـنا طيـرٌ أبـابيـل

              كأن حباتِ رملٍ من بنادقنـا      حجارةٌ قذفتهـا اليومَ سِجِّيــل

كأن أوصالَهم بالتُّرْبِ إذ طُرحت    ومُزقتْ في الثرى عصفٌ ومأكول

كأنهم قومُ لوطٍ حين صاح بهم     وقلَّب الأرض فيه صاحِ جبريلُ

    لقد أحسن الشاعر في استدعائه للتاريخ خلال مديحه للوزير الجته جي، إذ أسهم في تعميق الدلالة على مدى الخسران الذي لحق بالعدو وقائده عيد الذي سقط في المعركة، كما سقط أبرهة وجيشه بقوات الأبطال الذين شابهوا الطير الأبابيل، وكانت بنادقهم كالحجارة الجهنمية التي أرسلها الله سبحانه من سجيل فجعلت العدو كعصف مأكول ، ودمرت بلادهم تدميرا ذكَّر الشاعر بقوم لوط الذي صاح فيهم جبريل وقلب الأرض عاليها وسافلها فأبادهم، فكان هذا الاستدعاء التاريخي يتفق والسياق القرآني .

     وإن هذا الاعتزاز والافتخار بالقوة ماكان ليبلغ مبلغه لولا هذا التناص التاريخي الذي أشاد ببطولة الجته جي وكأنه يقول لكل من سولت له نفسه أن يبغي ويفسد في الأرض: إن هذه النهاية هي نهايتك . وبذلك أدى هذا الارتداد إلى التاريخ مهمته في تعميق الفكرة والتجربة الشعرية وفي تحريك المشاعر .

3-الحقول الدلالية :

     يضم كثير من النصوص المستدعاة تاريخيا حقولاً دلالية واحدة ولاسيما في القسم الأول " المطولات " والثاني " القصائد " إذ عبرت عن فكر قائلها وفلسفته ، فعلى سبيل المثال نأخذ قول الفشتالي :

محمدُ خيرُ العالميـن بأسرها      وسيدُ أهـل الأرض إنسٍ و جانِ

نبيُّ الهدى مَن أطلع الحقَّ أنجما      محا نورُها أسداف إفك وبهتان

وأحرز للدينِ الحنيفيِّ بالظُّبا      تراثَ الملوكِ الصِّيدِ من عهد يونان

وأضحتْ ربوعُ الكفر والشرك بلقعا      ينادي الصدى فيهن هاتفُ شيطان([88])

     لقد عبر الشاعر عن أمجادنا التاريخية بكل اعتزاز وفخر من خلال الحديث عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاء بألفاظ تعبر عن عظمته، فهو سيد الإنس والجن ، ونبي الهدى ، وصاحب الحق ، والقاضي على الإفك والبهتان والكفر والشرك والشيطان بسيوفه حتى إن مُلْك اليونان تحول عن عظمته إليه .

     هذه المطولات كلها وكثير غيرها مما يتحدث عن جهوده ومعجزاته كانشقاق البدر، ونبع الماء،والإسراء والمعراج مما يطول ذكره تدور في محور واحد هو النبوة وظروف الدعوة وترتبط فيما بينها بعلاقة الاشتمال([89]) .

     ولنقرأ مثيلا لذلك أيضا قول حسن الأعوج([90]) وهو يصور الظلم الذي يعيشه في حياته :

كيف مكثي ما بين أظهُرِ قومٍ      مهدُهـم في ثباتِهِ كسراب

إن فرعونَ ثم نمرودَ كانا      دونهم في اختراعِ شُؤْمِ العِقاب

رب يا مَن أبادَ عاداً وأَوْدى      بثمودَ ذوي النفوس الصعاب

     ففرعون ونمرود رمزان للطغيان ، وعاد وثمود دليلان على هلاك الظالمين وخسران أمجادهما، والعقاب والشؤم والهلاك والمصاعب تأتي في سياق واحد أوحقل واحد يصور حالة نفسية واحدة، وتنم عن أثر يبقى في نفس القارئ الذي يطلع على معاناة الإنسان . والشعر ما لمح للقضية فأثر وأمتع وهز المشاعر .

    3- الزمن في الاستدعاء التاريخي :

     التاريخ زمن ولكنه زمن مضى، كما أنه زمن مستقبل ، والشعراء في استنطاقهم للتاريخ يستخدمون الأفعال الماضية وهذا أمر بدهي، لكنهم عندما ينتقلون إلى الحديث عن أعمال كان لها استمرارية في ذلك الزمن فإنهم يعمدون إلى المضارع ليعبروا به عن مستقبل الزمن الماضي ، فالشاعر عثمان الخطيب في حديثه عن نبي الله زكريا الذي طلب من ربه أن يرزقه غلاما بعدما خاف من الورثة يذكر الأفعال الماضية في حديثه عن حاله ، أما حينما يذكر الابن المرجو فإنه يلجأ إلى المضارع وذلك في قوله :

خاف من بعده ضلالَ الموالي      فدعــا ربَّه دعاءً خفيّا

وهنَ العظم وامتلا الرأسُ شيبا      ياإلهي فمنك هبْ لي وليّا

يرثُ العلمَ والنبــوة مني      ولدى ربِّه يكون رضــيّا

فاستجاب الدعا وبشَّره مَن     لم يزل محسناً جواداً غنيّا([91])

    فالشاعر هنا يدير شبه حوار بين زكريا وربه ، إنها مناجاة للمولى تعالى من قلب يعاني آلاما نفسية شتى، لفقد الولد ، ولذلك استخدم الشاعر الأفعال الماضية للدلالة على معاناته في زمن سبق الدعاء، فقد (خاف) و(دعا) بعد أن (وهن) عظمه و(امتلا) رأسه شيبا، ولكنه حينما تحدث عن الابن المرجو اتخذ المضارع (يرث) و(يكون) كما استخدمه في الدلالة على استمرارية جود المولى تعالى ( لم يزل ) فكأن الشاعر بث الحياة في العبارات كما بث الحياة في المخلوق فقويت الدلالة ، وبهذا يكون للزمن الماضي منه والمستقبلي فاعليته وقوته .

4-معظم الرموز التاريخية تأتي في مجال التشبيه :

      والتشبيه بالرمز وسيلة من وسائل الإيجاز في التعبير يرد في سياق شعري ليعمق جانبا فيه ، ويقوي الصورة الفنية بحيث تصل بين وعي المتلقي وفكره ووجدانه والمقابل الواقعي المادي ، وقد تشع الصورة الرمزية بإيحاءات رحيبة لايمكن تحديدها ، وفي جميع الأحوال فإن نجاح الشاعر يقاس بمدى توفيقه في شحن الصورة بطاقة لاتنفذ من الإيحاءات من ناحية ، وبتوظيفها لخدمة السياق العام للقصيدة وتطويعها للمقتضيات الفنية لهذا السياق من ناحية أخرى، بحيث لايبدو العنصر التراثي مقحما على القصيدة ومفروضا عليها من الخارج([92]) " .

     فالشاعر عبد الباقي السمان([93]) يقول لممدوحه :

لازلتَ صدراً للصدور مقدَّماً     أبداً بحفظِ إلهِـهِ محروسا

في عزِّ داود ودولةِ يوسف     وعلا سليمانَ ورفقـة عيسى([94])

     فقد شبهه بالنبي داود في ملكه ، و بيوسف في حُكْمه ، وبسليمان في مجده ، وبعيسى في صحبته متخذا من تاريخ هؤلاء الأنبياء وسيلة لإعلاء شأن ممدوحه بالصفات العلى التي تمتعوا بها ، وبذلك يدرك السامع أهمية هذا الممدوح وسؤدده .

     ويقول يوسف البديعي([95]) في مدحة له لنجم الدين الحلفاوي وهو يصف الطبيعة في مستهل المدحة مستخدما من التاريخ مطية له :

وذو الرعثاتِ الحمرِ هبَّ كأنه      عليه ضياءُ الفجرِ شام مناضلا

فكبَّـر مولاه وهلل إذ رأى     هزيعَ الدجى الزنجيِّ أدبر راحلا

وقـام بجيش من ذويـه كأنه     وإياهـم كسرى يحثُّ القبائلا

     وعلى الرغم من غرابة هذا الوصف فإنه ينم عن أثر التاريخ في أساليب الشعراء ، فقد تغلغل في فكرهم وأخيلتهم حتى غدا المَعين المُعين على الوصف ، فالشفق والنور في هجومهما على الليل الزنجي يشابه كسرى وهو يقود القبائل للقضاء على عدوه . وهذا الارتداد إلى التراث التاريخي لغرض التشبيه جعل الصورة تأتي في معرض فني لكنه متكلف شكلي لايخدم أي عاطفة إنسانية لأن مجال الطبيعة غير مجال الحرب وأجوائها .

5-   تأتي الاستدعاءات التاريخية في موضوعات متعددة كالمديح والرثاء، وفي فنون متعددة كالمعارضات الشعرية والأسئلة العلمية،فمن المعارضات قول الشاعر أحمد بن علي بن مشرف يعارض حائية فتح الله بن النحاس في مديح محمد بن فروخ أمير ركب الحجاج ومطلعها :

          بات ساجي الطرفِ والشوقُ يلحُّ     والدجى إن يمضِ جنحٌ يأتِ جنح([96])

     ويقول ابن مشرف :

بات ساهي الطرفِ والشوقُ يلحُّ      ولبحرِ الدمعِ من عينيه سفح([97])

     وفيها يذكر تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبه وجهاده، وجوده ، فيقول :

جـاءه الكفــارُ في أحزابهم     ليزيلــوا شرعـةَ الحق ويمحو

فتـولوا هُرَّبـا بل خُيَّبــا      ماشفَوْا غيظـا وما للزنــد قدح

             ولــه صحبٌ ليوثٌ همُّـهم      لدمِ الكفـارِ في الهيجـاءِ سفـْحُ

كم سقَوا حزب العِدى كأسَ الردى    وهو في الذوقِ من العلقم صَرْح

            فهــم الأنصــارُ للدين لهم      أبـــدًا في نُصرةِ الإسلامِ كَدْحُ

    ثم يصرح بالمعارضة فيقول :

قد حكت قافيةً حاوية      لابن فروخ مديحٌ فيه شطح

فأنا أرجو به النفعَ إذا     ألجم الناسَ من الموقف رشح

                   فعسى عفوٌ من الله به      إن عفوَ الله للعصيـانِ يمحو

6- بعض الاستدعاءات التاريخية جاء في قالب قصصي :

       كما في قصة الواقدي مع الخليفة المأمون، وتحكي أن " الواقدي افتقر فشكا للمأمون فاقته وديونه، فوقَّع له المأمون فيك خلتان: سخاء وحياء ، فالسخاء أبلى يدك بتبذير ماملكت ، والحياء منعك أن تذكر لنا فوق حاجتك ، فإن كنا قصرنا فبجنايتك على نفسك، وإن كنا بلغناك بغيتك فزد في بسط كفك فخزائن الله تعالى مفتوحة، ويده بالخيرات مبسوطة ، وأنت كنت حدثتني إذ كنت قاضيا للرشيد أنه قال صلى الله عليه وسلم : ( خزائن الرزق بإزاء العرش ... ) فقال الواقدي مافرحت بالعطية مافرحت بالحديث فإني كنت نسيته . "

    وقد نظم الأمير منجك هذه القصة لما افتقر بعد غنى الإمارة، وكان كثير الجود والسخاء، وكأنه باستدعائه لهذه القصة يرمز إلى حاله فيدرك مَنْ حوله بغيته . قال :

زعموا بأن الواقديَّ قد اشتكى     من فاقةٍ وأغاثَه المأمونُ

 وروى له معنى الحديثِ فإنه     قد قال خيرُ العالمينَ أمينُ

     بإزاء عرشِ اللهِ جلَّ جلالُه      رزقُ الورى بخزائنٍ مخزون([98])

فابسط يمينَك بالعطاء ولا تخفْ     فالله ربُّك كافلٌ وضمينُ

فعمَدْتُ لما أن سمعت مقالَه     لمطيَّتي ومن العيون عيونُ

   وقصدتُ بابَ الله أرجو فضلَه     إذ كلُّ فضلٍ دون ذلك دون([99])

    فالشاعر استنطق التاريخ ليشير من خلال قصصه إلى أن الرزق آت لامحالة ، فكان للتاريخ أثره في نفسية الشاعر وسلوكياته ، وكذلك الحال في المتلقي .

7- قد يستدعى التاريخ بشكل غير مباشر:

      وإن كان لايخفى على المثقف العادي وذلك يدل على أن التراث تغلغل في أعماق الشعراء، فراحوا يصدرون عنه سواء أصرحوا بحوادثه وشخصياته أم لم يصرحوا ، فالشاعر موسى الرام حمداني([100]) في مدحة له لعالم حلب نجم الدين الحلفاوي تأثر بشكل غير مباشر بقصة موسى عليه السلام حين آنس من جانب الطور نارا([101]) فقال :

بلدٌ هـي الملكُ المطـاع وكل مملكـةٍ رعية

زهرُ النجوم لنجمِها السامي الذرى خضعتْ ولية

يازهـرةَ الدنيا فـداؤك كلُّ نفس موسـوية

وكمـا تحب وقتْـك آرامُ الظباءِ العيسوية

ياعالمَ الدنيا نَداك على البـوادي والبرية

واعذر كليمَك ماطوى تلك الدروسَ الطوروية

وادي المزار ولا مزارَ إذا تعرضتِ المنية([102])

     فالنفس الموسوية والظباء العيسوية والكليم والدروس الطوروية تذكران بقصة موسى عليه السلام، وقد استدعى الشاعر هذه الرموز بطريقة غير مباشرة للدلالة على فضل ممدوحه وتقواه .

الخاتمة

    من خلال استقرائي للنصوص الشعرية التي تحوي استدعاءات تاريخية تبين لي مايأتي:

1-       قدم هذا البحث فكرة جديدة وهي أن التاريخ ليس ماحدث فعلا في عصر سابق فحسب، وإنما هو أيضا ماسيحدث حتما من أمور ثابتة في العقيدة الإسلامية تتعلق بمشاهد يوم القيامة كالشفاعة والجنة والنار ، وقد كانت هذه القضايا تدرس مع الشعر الديني دون مجال آخر لها .

2-       الاستدعاء التاريخي أو الارتداد إلى التاريخ يغذي النصوص ويستحضر الفكر والصور ، ويقوي الدلالة ويحرك العواطف ، فيكون النص بذلك عبرة للمتفكرين، كما أنه وسيلة للتواصل مع التراث والاعتزاز به والتعبير عن التمسك به ، والرغبة في أن يكون وسيلة لتحريك الهمم لاستعادة الحضارة والأمجاد والقيم  .

3-       تنوعت أساليب الاستدعاء في الشعر العربي في العهد العثماني، فهناك مطولات تاريخية تحدثت عن البشرية من أول عهدها وتجاوزت مئتي بيت، وقصائد  مدحية ولاسيما للرسول صلى الله عليه وسلم ،وللأنبياء الآخرين، وهناك أيضا مراثٍ حوت كثيرا من الاستدعاء التاريخي ، كما جاء في إشارات برموز . وكان الشعراء في الاستدعاء بأنواعه يجولون في فضاء التاريخ يقبسون منه مايعبرون عن رؤاهم . ويبثون الحياة في خطابهم الشعري فيكون لذلك أثره في بث القيم والتخلص من سلبيات الحياة .

4-       وقد بدت مظاهر فنية في الاستدعاء من أهمها التناص، والحقول الدلالية، وهما يشيران إلى ثقافة الشاعر، ثم أثر الزمن في الاستدعاء في التعبير والتصوير، وكثرة التشبيه في الاستجواب التاريخي، وقد جاء بعضه في قالب قصصي،أو على شكل معارضات، أو بشكل غير مباشر وذلك ينم عن تغلغل التاريخ في وجدان الأمة .

    5-       ويعد هذا البحث أول بحث يتحدث عن هذه القضية في الشعر العربي في العهد    

         العثماني ، وبذلك يفتح المجال أمام دراسات أخرى عن هذا العصر الذي ظلم كثيرا     

         وأهمل إهمالا شديدا .

المصادر والمراجع

1-    القرآن الكريم .

2-  الآلوسي ،علاء الدين علي بن نعمان ، الدر المنتثر في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر، تحقيق جمال الدين الآلوسي  و د.عبد الله الجبوري ، دار الجمهورية بغداد 1967م

3-    الآلوسي ،محمود  شهاب الدين ، نشوة المدام في العود إلى دار السلام ، مطبعة الولاية ببغداد 1291هـ  .

4-    أسعد ، يوسف ميخائيل ، سيكولوجية الإبداع في الفن والأدب ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1986م.

5-    إسماعيل ، عز الدين ، التفسير النفسي للأدب ، دار العودة ، دار الثقافة ، القاهرة 1963م .

6-    الأنصاري ، عبد الله بن إبراهيم ، ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف ، ، دار إحياء التراث الإسلامي في قطر .

7-    البستاني ، صبحي ،الصورة الشعرية في الكتابة الفنية الأصول والفروع ، دار الفكر اللبناني  ط 1968م.

8-    بكداش ، محمد كمال ،ديوان الشيخ أمين بن خالد الجندي ، مطبعة المعارف ، بيروت ، 1321هـ .

9-    البكري الصديقي ، محمد أبو السرور ، المنح الرحمانية في الدولة العثمانية ، تح د . ليلى الصباغ .

10-      بيره جكلي ، زينب ،شعر الثورات الداخلية في العهد العثماني ،جزءان ، دار الضياء ، عمان ، الأردن ، ط 1999-2000م.

11-      البيطار ، عبد الرزاق ، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ، تحقيق محمد بهجة البيطار ، دار صادر بيروت 1993م .

12-      الجزار ، محمد فكري ، الخطاب الشعري عند محمود درويش ، دار غيتراك للنشر والتوزيع في القاهرة ، ط 2001م .

13-      الحافظ، محمد مطيع ، أباظة ، نزار ،علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجري ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، دار الفكر بدمشق ، 1412هـ 1991م .

14-                            علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ،  دار الفكـر                                        

                             المعاصر ، بيروت ، دار الفكر بدمشق ،ط 2000م.

15-                            علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري، 3 أجزاء ،

                             دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر بدمشق ،ط 2000م

16-      الحموي ، فضل الله بن محب الله بن محب الدين ، ديوان الأمير منجك باشا ، تحقيق عبد   القادر بن الشيخ عمر النبهان ، المطبعة الحفنية بدمشق 1301هـ .

17-      الحيدري ، إبراهيم فصيح ، عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد ، تحقيق علي  البصري ط دار البصري ، بغداد .

18-      الخطراوي ، محمد العيد ، ديوان فتح الله بن النحاس ،مكتبة  دار التراث ، المدينة المنورة 1991م .

19-   الخفاجي ،شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر ، ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا ، تحقيق د.عبد الفتاح محمد الحلو ، جزءان ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه 1967م.

20-      خفاجي ، محمد عبد المنعم ، ديوان العشري ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه 1981م .

21-      الداية ، فايز ، جماليات الأسلوب الصورة الفنية في الأدب العربي ، دار الفكر المعاصر بيروت ، دار الفكر بدمشق ط2 س 1990م.

22-      الرباعي ، عبد القادر ، الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، إربد ، الأردن ، نشر بدعم من جامعة اليرموك 1400هـ 1980م.

23-   الرويلي، ميجان ، والبازعي، سعد ، دليل الناقد الأدبي إضاءة لأكثر من خمسين تيارا ومصطلحا نقديا معاصرا : المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، المغرب ط2 2000م

24-   زايد ، علي عشري ، استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ، منشورات الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس الغرب ، ليبيا ، ط 1978م.

25-   الزركلي ، خير الدين ، الأعلام قاموس لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، دار العلم للملايين ، بيروت ط7 س 1986م

26-      ابن زيدان ، عبد الرحمن ، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار مكناس ، ، جزءان ط 1299-1348هـ

27-   السخاوي ، علي بن تاج الدين ، منائح الكرم ، تحقيق د. ملك محمد خياط ، 7 أجزاء ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1419هـ 1998م

28-   الشوكاني ، محمد علي ، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ، تحقيق حسن بن عبد الله العمري ، دار الفكر ، سوريا ، دار الفكر المعاصر ، بيروت  1998

29-      الضاوي ، أحمد عرفات، التراث في شعر رواد الشعر الحديث ، دراسة نقدية ، مطابع البيان ، دبي ، الإمارات 1998م .

30-      الطباخ ، محمد راغب ، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، تحقيق محمد كمال ، منشورات دار القلم العربي ، حلب ، سوريا 1988م

31-      الطباخ ، محمد راغب ، العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، المطبعة العلمية ، حلب ، 1347هـ

32-      الطباطبائي ، عبد الجليل ، ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي القاهرة ، المطبعة السلفية ط 1385م

33-      عزام ، محمد ، التحليل الألسني ، دمشق منشورات وزارة الثقافة بدمشق ط 1994م .

34-        العصامي المكي، عبد الملك ، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي ، 4 أجزاء ، عالم الكتب ، القاهرة 1419هـ 1998م .

35-     عمر ، أحمد مختار ، علم الدلالة ، عالم الكتب ، القاهرة ، 2006م .

36-   العمري ، عصــام الدين عثمان بن علي ، الروض النضر في ترجمة أبناء العصر ، تحقيق د. سليم النعيمي ، 3 أجزاء ، مطبعة المجمع العلمي العراقي 1974م.

 37-قصاب ، وليد ، البلاغة العربية ( البيان والبديع ) ، دار القلم ، دبي ، الإمارات العربية المتحدة ، ط 1418هـ 1997م .

38-قميحة ، جابر ، التراث الإنساني في شعر أمل دنقل ، مطبعة هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان ، القاهرة 1407هـ  1987م .

39-المحبي ،محمد أمين بن فضل الله ، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، 4 أجزاء ، المطبعة الوهبية ، القاهرة 1284هـ 1869م .

40- المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ، نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ، تحقيق محمد عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي  وشركاه ، القاهرة 1967و 1969م.

41-المرادي ، محمد خليل ،سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، 4 أجزاء ، القاهرة 1966م.

42-ابن معصوم الحسيني ،أحمد نظام الدين ، سلافة العصر ، القاهرة 1324هـ .

43-مكانسي ، عثمان قدري ، شعر الفتوحات العثمانية ، دار ابن حزم ، بيروت ، 1999م

44-ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت 1997م.

45-النابلسي ، عبد الغني ، ديوان نفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار ، شرح البديعية المَزَرية بالعقود الجوهرية، عالم الكتب ، بيروت ط3 س 1984م .

46- نشاوي ، نسيب، مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر ، الاتباعية والرومانسية والواقعية والرمزية ، دمشق ، مطابع ألف باء الأديب ط 1400هـ 1980م .

الدوريات

1- البرزنجي ، السيد جعفر بن حسن ، النفح الفرجي ، مجلة العرب، س12 ، ع605 ، 1397هـ / 1972م .

2- لوشن ، نور الهدى ، مجلة كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر بالقاهرة ، التضمين والاقتباس في ضوء التناص ، دراسة وتطبيق ع 24 س 1426هـ 2006م ص 528    

([1] ) ناصح الدين الأرجاني شاعر من القرن الثاني عشر الهجري : المرادي ، محمد خليل ، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، 4 أجزاء ، القاهرة ط 1966م ج  1/4 ، والشعر في الصفحة نفسها .

([2] ) ينظر لذلك مثلا كتاب شعر الثورات الداخلية في العهد العثماني بجزأيه تأليف د. زينب بيره جكلي ،ط دار الضياء في عمان ، الأردن 1999-2000م ، وكتاب شعر الفتوحات العثمانية تأليف د. عثمان قدري مكانسي، دار ابن حزم ، بيروت 1999م .

([3] ) الأديان السماوية كلها تؤمن باليوم الآخر ، ونحن – المسلمين – نؤمن به حقيقة واقعة بما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية عن الجنة والنار ، وقد جاء الحديث عنه بالفعل الماضي ليشير إلى أنه لشدة ثباته كأنه قد حدث فعلا ، من ذلك قوله تعالى " ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض ... ثم نفخ فيه أخرى ... وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لايظلمون ، ووفيت كل نفس ما كسبت وهو  أعلم بما يفعلون ، وسيق الذين كفروا ... حتى إذا جاؤؤها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ... قيل ادخلوا ... وسيق الذين اتقوا ربهم ... " ( الزمر / 68-73 )  فهو تاريخ مؤكد ولهذا عبر عنه الله تعالى بالماضي .ومن هنا رأيت أن أدخله في البحث ، خلافا  للمستقبل الدنيوي لأنه لم يحدث ولا يعرف إن كان سيحدث أم تحول دونه عوائق القدر، وهذا رأي شخصي مني .

([4] ) زايد ، علي عشري ، استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ، منشورات الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس الغرب ، ليبيا ط  1978م ص  7

([5] ) قميحة ، جابر، التراث الإنساني في شعر أمل دنقل مطبعة هجر ، القاهرة ، مصر ، 1407هـ 1987م ص 53 .

([6] ) سعيد بن محمد الخروصي المعروف بالعشري من شعراء القرن الثاني عشر الهجري ، تنظر ترجمته في مقدمة ديوانه : خفاجي ، عبد المنعم ، ديوان العشري ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه 1981م  والأبيات في الديوان / 145

([7] ) عشرين ، حقها أن تكون مرفوعة .

([8] ) ديوان العشري / 146

([9] ) قميحة ، التراث الإنساني / 225

([10] ) أحمد بن علي بن مشرف ( 1215-1273هـ ) شاعر من نجد كان يناصر الوهابيين : الآلوسي ، علاء الدين علي بن نعمان ، الدر المنتثر  في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر ، تحقيق جمال الدين الآلوسي ، القاهرة 1284هـ 1869م  ص 96

([11] ) طيبة : ممنوعة من التنوين وصرفت للضرورة الشعرية .

([12] ) الأنصاري ، عبد الله بن إبراهيم ، ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف ، دار إحياء التراث الإسلامي في قطر ص 84- 85

([13] ) الرويلي ، ميجان . والبازعي ، سعد ، دليل الناقد الأدبي إضاءة لأكثر من خمسين تيارا ومصطلحا نقديا معاصرا ، الدار البيضاء ، المغرب ط2س2000م  / 45

([14] ) عبد العزيز الفشتالي الملقب بأبي فارس ( ت بعد 1030هـ ) شاعر من المغرب ،كان كاتب الملك المنصور أحمد بن عبد الله المهدي : ابن معصوم  الحسيني ، أحمد نظام الدين ، سلافة العصر، القاهرة 1324هـ  ،  ص 583 ، والأبيات في 584 .

([15] ) ( محمد ) حقها التنوين بالضم ولكنه منعها منه للضرورة الشعرية .

([16] ) عبد الواحد بن المواز شاعر وفقيه مغربي : ابن زيدان ، عبد الرحمن، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار مكناس ط 1299هـ، 1348هـ ، ج 2/ 198 والشعر في الصفحة نفسها

([17] ) اللجب : صوت العسكر ، وعسكر لجب : عرمرم ، ابن منظور ،  لسان العرب ، مادة لجب . والصدي ، من الصدى وهو العطش ، أو شدته . لسان العرب مادة صدي .

([18] ) محمد أمين بن عمر الدمشقي شاعر من دمشق من القرن الثالث عشر : البيطار ، عبد الرزاق ، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، تحقيق محمد بهجة البيطار، دار صادر ، بيروت 1993م، ج  3/ 1234 وينظر نماذج من شعره في الصفحة نفسها وص 1235

([19] ) عبد الغني النابلسي ( 1050-1143هـ ) عالم متصوف من دمشق له مؤلفات كثيرة منها ما كان عن رحلات قام بها،  وبديعية وشرحها ، وديوان : تنظر ترجمته في : المرادي ، سلك الدرر 3/30، و الحافظ ، محمد مطيع ، وأباظة ، نزار ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ودار الفكر ، دمشق ، ط2000م ج  2/ 77 30  

([20] ) النابلسي ، عبد الغني ، ديوان نفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار، شرح البديعية المزرية بالعقود الجوهرية ، عالم الكتب ، بيروت ، ط3، س1984م  ، ص  130 .

([21] ) عبد المعطي بن محيي الدين الشافعي الخليلي (ت 1154هـ)  شاعر وعالم من القدس : المرادي،  سلك الدرر3/136، والشعر في ص 137

([22] ) الخلق  طَراً : ما لا يحصى من الخلق لسان العرب مادة طَرا  ( بدون تشديد ) ، وشددت الراء للضرورة الشعرية 

([23] ) الهياج من هيج : ثار لمشقة أو ضرر ، ويوم الهياج : يوم القتال : لسان العرب مادة هيج .

([24] ) النابلسي ، ديوان نفحات الأزهار / 212

([25] ) أمين بن محمد بن خالد الجندي الحمصي ( 1180- 1257 ) شاعر من أعيان حمص له موشحات غنائية : الزركلي ، خير الدين ، الأعلام قاموس لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، دار العلم للملايين ط7، 1986م ج 2 / 16

([26] ) بكداش ، محمد كمال ، ديوان الشيخ أمين بن خالد الجندي ، مطبعة المعارف ، بيروت ، 1321هـ ص 15

([27] ) خليل بن أسعد الصديقي قاضي قضاة الإسكندرية : المرادي ، سلك الدرر 2 / 83 ، والشعر في ص 88

([28] ) الشاعر ابن عابدين من علماء دمشق في القرن الثالث عشر الهجري :الحافظ ، محمد مطيع ، أباظة ، نزار ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجري 1، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، ودار الفكر ، دمشق ، 1412هـ 1991م ص 310 ، والشعر في الصفحة نفسها

([29] ) عثمان الخطيب( ت 1144هـ) شاعر من الموصل في العراق :العمري ، عصام الدين عثمان بن علي ،  الروض النضر في ترجمة أبناء العصر، تحقيق د. سليم النعيمي ، 3 أجزاء ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، 1974م ج  2/ 21 ، والشعر في الصفحة نفسها ، والمرادي ، سلك الدرر 3 / 170

([30] ) يونس : ممنوع من الصرف ونون للضرورة الشعرية .

([31] ) قاسم بن صالح الحلاق(1223- 1284هـ) شاعر من دمشق: الحافظ ، وأباظة :علماء دمشق في القرن الثالث عشر2 / 666، والشعر في 669

([32] ) أحمد بن مسعود شاعر من مكة المكرمة سافر إلى إسلامبول ليطلب حكمها من السلطان مراد الرابع ومدحه بالقصيدة التي ستذكر :   المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ،خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، 4 أجزاء ، المطبعة الوهبية ، القاهرة 1284هـ 1869م ،ج 1/ 359 والشعر في ص 360 . و السخاوي ، علي بن تاج الدين ، منائح الكرم ، تحقيق ملك محمد خياط ، ط جامعة أم القرى في مكة المكرمة 1419هـ 1998م ،  4/ 119 والشعر في 129

([33] ) لوشن ، نور الهدى ، التضمين والاقتباس في ضوء التناص ، دراسة وتطبيق ، مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة ، ع24 س 1426هـ 2006م ص 528

([34] ) يوسف بن أبي الفتح الدمشقي شاعر من القرن الحادي عشر الهجري : المحبي ،خلاصة الأثر 3 / 105 ، والشعر في الصفحة نفسها .

([35] ) عبد الجليل الطباطبائي ( 1190 – 1270 هـ ) شاعر من قطر استوطن البصرة والكويت : الحيدري ، إبراهيم فصيح ،عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد ، تحقيق علي البصري ، ط دار البصري ، بغداد ص 167

([36] ) ديوان السيد عبد الجليل الطباطبائي  ، القاهرة  ،المطبعة السلفية " 1385هـ .

([37] ) الحاج يوسف داده ( ت 1316هـ ) شاعر من حلب : الطباخ ، محمد راغب ،إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، تحقيق محمد كمال ، منشورات دار القلم العربي ، حلب ، سوريا 1988م ج 7/ 334 ، والشعر في الصفحة نفسها .

([38] ) أخنى عليهم الدهر : أهلكهم وأتى عليهم .لسان العرب مادة خنا .

([39] ) الكلمتان مكارم وعزائم ممنوعتان من التنوين وصرفهما للضرورة الشعرية . والظعون  من الإبل الذي تركبه المرأة خاصة ، وقيل هو الذي يحتمل عليه ، والظعن : تحول من ماء إلى ماء، أو من بلد إلى آخر سواء أكان للحج أو الغزو أو السفر . لسان العرب (ظعن)

([40] ) حجون : موضع بمكة ناحية من البيت : لسان العرب مادة حجن .

[41]) ) فتح الله بن النحاس ( ت 1052هـ) شاعر مطبوع من حلب :الخفاجي ، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر ، ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا ، تحقيق محمد عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ،ط 1967م ج 2 / 233 .

([42] ) البكري الصديقي ، محمد أبو السرور ، المنح الرحمانية في الدولة العثمانية ، تحقيق د. ليلى الصباغ / 263 .

([43] ) عفيف الدين عبد الله بن قاسم الذروي شاعر من الحجاز : العصامي المكي ، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي ، 4 أجزاء ، عالم الكتب ، القاهرة 1419هـ 1998م ج 4 / 273 ، والشعر في ص 274

([44] ) حلي’ مأسدة باليمن : لسان العرب مادة حلى

([45] ) يناوينا : بتخفيف الهمزة ، والأصل يناوئنا : والمناوأة هي المفاخرة والمعاداة : لسان العرب مادة نوأ .

([46] )  العصامي المكي ،  النجوم العوالي /

([47] ) محمد بن علي الشوكاني ( ت 1250 هـ ) شاعر من اليمن وعالم فقيه ، وهو مؤلف  البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع  ، تنظر ترجمته في مقدمة هذا الكتاب تحقيق حسن بن عبد الله العمري ، دار الفكر ، سوريا ، دار الفكر المعاصر ، بيروت  1998م ، والشعر في ص 555- 556

([48] ) الرباعي ، عبد القادر ،الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، إربد ، الأردن ، نشر بدعم من جامعة اليرموك 1400 هـ 1980م ، ص 241 ، و البستاني ، صبحي ، الصورة الشعرية في الكتابة الفنية الأصول والفروع ، دار الفكر اللبناني ، ط1968م ص  194.

([49] ) أسعد ، يوسف ميخائيل ، سيكولوجية الإبداع في الفن والأدب ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1986م ص 182

([50] ) منجك بن محمد بن منجك ( 1005-1080 هـ ) شاعر وأمير من دمشق افتقر لكرمه فسافر إلى إسلامبول ليتقرب من السلطان،  ولكنه لم يوفق في سفره فعاد إلى دمشق  : المحبي ، خلاصة الأثر 4/ 409 ، و الحافظ ، محمد مطيع ، وأباظة ، نزار ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري دار الفكر المعاصر ببيروت ، ودار الفكر بدمشق ط 2000م ، ص  352

([51] ) تنظر مثلا في البقرة / 34

([52] ) ديوان الأمير منجك / 9 ، وتنظر قصة آدم وإبليس في سورة البقرة / 34

([53] ) ديوان الأمير منجك /    وعلماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري 2 / 370، والسماكان نجمان نيران : لسان العرب مادة سمك

([54] ) أحمد بن شاهين ( 995-1053هـ) شاعر من دمشق وأصله من قبرص : الحافظ و أباظة :علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري : 1/ 42 والشعر في 1/ 553

([55] ) التجريد هو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة مبالغة في كمالها : قصاب ، وليد ، البلاغة العربية ( البيان والبديع )  دار القلم ، دبي ، الإمارات ، ط 1418هـ 1997م ص 322 .

([56] ) أبو بكر بن منصور  العمري ( ت 1048هـ ) شاعر من دمشق له ديوان : علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري 1/ 503   

([57] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري : 1/ 316

([58] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري : 1/ 42 ، وهاروت ورد في سورة البقرة في مجال السحر في الآية /102 

([59] ) عزام ، محمد ، التحليل الألسني ، منشورات وزارة الثقافة بدمشق ، سوريا ، 1994م ص 110

([60] ) ينظر : الداية ، فايز ، جماليات الأسلوب الصورة الفنية في الأدب العربي ، دار الفكر المعاصر ببيروت ، دار الفكر بدمشق ، ط2 س 1990م ص  189

([61] ) الرمز نوعان إشاري وبنائي ، والإشاري مااتصل بالموقف أو بالحالة الشعورية ، وهذا يستمد من القديم ، وقد يوغل في التاريخ ، أما الرمز البنائي فهو الخيط النفسي الذي يجمع أجزاء القصيدة فتبدو موحدة لامفككة : الداية ، جماليات الأسلوب / 189

([62] ) عبد الوهاب بن مصطفى الدمشقي ( ت 1188هـ ) شاعر من دمشق نزل إسلامبول ، له رسائل وأشعار : الحافظ وأباظة ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري : 3/ 338 والشعر في الصفحة نفسها

([63] ) عصام الدين عثمان بن علي العمري ( 1134-1184 هـ ) شاعر عراقي وله كتاب الروض النضر ، ومنه هذا الشاهد، تنظر ترجمته في مقدمته والشعر في 3/ 193

([64] ) التخلق : أن يظهر المرء في خُـلُـقه خلاف نيته : لسان العرب ، مادة خلق .

([65] ) أسعد بن محمد الطويل ( 1082- 1150 هـ) عالم وشاعر من دمشق : المرادي ،سلك الدرر 1/ 237  والشعر في ص 240

([66] ) نشاوي ، نسيب ، مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر ، الاتباعية والرومانسية والواقعية والرمزية ، دمشق ، مطابع ألف باء الأديب ، ط 1400هـ 1980م ص 500

([67] )  الجوى : الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن ، لسان العرب مادة جوى . والنحر :صدر أو أعلاه ، وموضع القلادة منه : لسان العرب مادة نحر .

([68] ) زايد ، استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ص 234

([69] ) الجزار ، محمد فكري ، الخطاب الشعري عند محمود درويش، دار غيتراك للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2001م  ص 267

([70] ) أسعد بن عبد الرحمن البتروني ( ت 1093هـ ) شاعر من حلب : المحبي ، خلاصة الأثر 1/ 399، و المحبي ، محمد أمين بن فضل الله ، نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ، تحقيق محمد عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي  وشركاه ، القاهرة ن 1967-1969م ج 2/ 602 ، و الطباخ ، إعلام النبلاء 6 / 350 والشعر فيه في ص 351

([71] ) عبد الباقي السمان ( 1055- 1088هـ )  شاعر من دمشق في القرن الحادي عشر الهجري  : الحافظ وأباظة، علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري ج2 / 448 والشعر ص 451 

([72] ) زايد ، استدعاء الشخصيات التراثية / 222.

([73] ) عنقاء مغرب ذكرها العلامة شهاب الدين محمود الآلوسي في رحلته نشوة المدام في العود إلى دار السلام مطبعة الولاية ببغداد 1291م  ص 103 فقال : " كانت العنقاء تأخذ الصبيان وهي كأعظم مايكون من الطيور وفيها من كل لون ثم أهلكها الله تعالى بدعاء نبي من الأنبياء ، و ذكر أن كلمة مغرب جاءت بالمذكر كما نقول امرأة رزان ، وذكر أنها بمعنى أغربت في البلاد فنأت ولم تر " ، وهناك معان أخر لرمز العنقاء في : الضاوي ، أحمد عرفات ، التراث في شعر رواد الشعر الحديث ، دراسة نقدية ، مطابع البيان ، دبي ، الإمارات العربية المتحدة ، ص22

([74] ) محمد أمين بن محمد الخراط ( ت 1156هـ ) شاعر من دمشق  : الحافظ وأباظة ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ج2/ 310 والشعر في ص 324

([75] ) السيد محمد أمين بن عمر الدمشقي شاعر دمشق من القرن الثالث عشر الهجري : البيطار ، حلية البشر 3/ 1246 والشعر في الصفحة نفسها

([76] ) الحُمَم : الفحم ، واحدته حُمَمَة ، وكل ما احترق من النار : لسان العرب مادة حمم .

([77] ) الشيخ عمر الخفاف ولد في حدود الخمسين والمئة بعد الألف وتوفي أوائل القرن الثالث عشر  ، وهو شاعر من حلب : الطباخ ، إعلام النبلاء 7 / 161 ، والشعر في ص 163

([78] ) ينظر للمفارقات في : قميحة ، التراث الإنساني / 195 .

([79] )مصطفى الأويسي العلواني ( 1108- 1193م ) شاعر من حماة كان نقيب الأشراف : الحافظ وأباظة :علماء دمشق وأعيانها في القرن الثاني عشر الهجري ج3/ 398 والشعر في 399  , والمرادي ، سلك الدرر 4/ 142 والشعر في 143

([80] )  إسماعيل ، عز الدين ، التفسير النفسي للأدب ، دار العودة ودار الثقافة ، القاهرة 1963م ص  112

([81] ) حسن بن إبراهيم البيطار ( 1206- 1272هـ) شاعر من دمشق : الحافظ وأباظة ، علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجري ج 1 / 547 والشعر في 553

([82] ) عبد الرحمن البيري البتروني ( ت 1150هـ ) شاعر من حلب : الطباخ ،إعلام النبلاء 6 / 469   

([83] ) عبد الله بن مصطفى الزيباري شاعر من حلب توفي أوائل القرن الثاني عشر :الطباخ ، إعلام النبلاء 6 / 405 والشعر في 406

([84] ) سورة  آل عمران / 169

[85] ) خفاجي ، ديوان العشري / 118

([86] ) التناص هو إدخال نص في نص وتوظيفه لخدمة فكرة ما ، وقد يكون النص المدخول أبياتا لاعلاقة لها بالتاريخ فيكون تناصا لاتاريخا ، وقد يكون تاريخا فيكون ذكره استدعاء له لتأدية فكرة أو تحريك عاطفة أو لغاية أخرى . أما الاقتباس وهو إدخال نص قرآني أو حديث شريف  فقد يكون فيه تناص أو تاريخ ، وقد يكون زينة بلاغية فحسب ، وحينذاك لايكون له علاقة بالتناص الذي يؤتى به لخدمة فكرة أو عاطفة كما ذكرت .

([87] ) جعفر البرزنجي شاعر من القرن الثاني عشر وهو مؤلف كتاب النفح الفرجي الذي طبع في عدد خاص من مجلة العرب س 12 ، ع 605 س 1397هـ 1972م ، والشعر ص 376 .

([88] )  بلقعا : أرضا قفرة لاشيء فيها ، لسان العرب مادة بلقع ، والأبيات في : ابن معصوم ،  سلافة العصر / 584

([89] ) علاقة الاشتمال هي علاقات تجتمع في علاقة أكبر  : عمر ، أحمد مختار ، علم الدلالة ، عالم الكتب ، القاهرة ، ط 2006م ، ص 83 

([90] ) حسن الأعوج ( ت 1019هـ )  شاعر من حماة  : المحبي ، خلاصة الأثر 2 / 45 ، والشعر في ص 47 ، والمحبي ، نفحة الريحانة 2 / 423

([91] )  العمري ،  الروض النضر في ترجمة أبناء العصر 2/ 19 ، والمرادي ، سلك الدرر 3/ 171

([92] ) زايد ، استدعاء الشخصيات التراثية / 277

([93] ) عبد الباقي بن أحمد السمان ( 1055- 1088هـ )  عالم من دمشق له تصانيف كثيرة : الحافظ وأباظة ،علماء دمشق  وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري  2/ 448 ، والشعر ص 455

([94] ) ينظر عز داود في سورة ص آية 17-20 ، ودولة يوسف في سورة يوسف / 54-55 ، وعلا سليمان في النمل / 16- 44 ، وصحبة عيسى في الصف / 14

([95] ) يوسف البديعي ( ت 1073هـ ) شاعر من دمشق في القرن الحادي عشر  الهجري : الحافظ وأباظة ، علماء دمشق في القرن الحادي عشر الهجري  2 / 269 ، والشعر 275

([96] ) الخطراوي ، محمد العيد ، ديوان فتح الله بن النحاس مكتبة دار التراث ، المدينة المنورة 1991م ص 111 ، و الطباخ ، محمد راغب ،العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، المطبعة العلمية ، حلب 1347هـ  ص 18

([97] )الأنصاري ،  ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف / 19- 22

([98] ) بخزائن ممنوعة من الصرف وقد نونت للضرورة الشعرية .

([99] ) المحبي ،  ديوان الأمير منجك / 119 ، والحافظ وأباظة ، علماء دمشق في القرن الحادي عشر الهجري  2 / 362

([100] ) موسى الرام حمداني ( 1004-1089هـ ) شاعر من حلب عرف بالحكمة :الطباخ ،إعلام النبلاء 6 / 336 ، و الزركلي ،الأعلام 7/ 322 

([101] ) ذكر ذلك في سورة طه / 10 والقصص / 29

([102] )  الطباخ ، إعلام النبلاء 6 /  337

وسوم: العدد 655