أَعْجَبُ الْعَجَبِ فِي نَشْرِ الْكُتُبِ (1)
أعلنتُ في 26/3/2016 عن رغبتي في سَلْسَلَةِ طائفة من المقالات، في نقد طبعة 2016 الأولى من "مظهر الخافي في علمي العروض والقوافي" لسعيد بن خلفان الخليلي العلامة العماني، الذي حققتُه ودققتُه وفهرستُه ودَرَستُه لوزارة التراث والثقافة العمانية، وأوكلتْ طباعتَه إلى مجموعة مسقط- قائلا:
"انتظرونا تنتظروا سلسلة ملتهبة، في مصيبة إضافة الناشر المتحكم، سبعة فهارس فاضحة،إلى ثلاثة فهارس المحقق الكافية"!
ثم حبّرتُ منها للفيسبوك المقال الأول على هاتفي هذا الغبي، تحبير الغاضب المستشيط، ثم فجأة اختفى منه وكأن لم يكن، فلم أجزع لذلك، وجعلته من ألاعيبه المعروفة المكشوفة التي عرفتها من قبل وكشفتها وتعوّدتها. ولكنني فتشتُ عنه فلم أعثر له على أثر! وإذا بي قد حَشَدْتُ النوافذ المفتوحة، ثم بطَرَفِ إبهامي اليسرى مَسَسْتُ علامة الحذف؛ فانحذفَ بَتَّةً بلا رجعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
جعلت ذلك من حسن تقدير رب العالمين؛ فقد انتبهت إلى ضرورة إطلاع الوزارة على الأمر من قبل أن أخوض فيه، خشية أن يكون غاب عني ما يقدح في دعواي؛ فكتبت لأحد المسؤولين:
"أ.م.ط، السلام عليكم! لعلك بخير! ألم نتفق على الكتاب وكفاية ما هو عليه! ألم يراجعه معي أ.ع إ! كيف إذن أضيفت الفهارس الخمسة بعد فهارسي، دون أن أعرف، ودون أن تُعرض عليّ لأراجعها، وقد انتسبَتْ إليّ! يؤسفني أن أخبرك أنها فضائح لا فهارس! ماذا أفعل الآن! اسمح لي، ولا تغضب مني؛ سأكتب في الموضوع. وقد ذكرته للأستاذ ح.ر ولم يرد علي فيه بشيء، ولا أقبل أن أتحمل أوزار هذه الفضائح. ولا حول ولا قوة إلا بالله"!
فأجابني:
"وعليكم السلام د.محمد! يؤسفني ما تصرفت به المطبعة في حق هذا الكتاب دون الرجوع إليك. وحقيقة أن هذه المطبعة عليها مخالفات كثيرة في كتب أخرى. واليوم حضر إلى مكتبي أ.ع.إ، ولمته على فعلهم في الكتاب وكتب أخرى. وسوف نقطع تعاملنا معهم في المناقصات المقبلة. أكرر اعتذاري، ولك الود والتقدير".
فكتبت إليه:
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته! أهلا بك أ.م.ط، وسهلا ومرحبا! بارك الله فيك، وشكر لك! كلمني أ.ع.إ فطلبت مجيئه الخميس بين 11 و2. ولكن دعه عنا الآن! أطالب الوزارة الآن بجمع نسخ الكتاب وإتلافها، حرصا على مقام كتاب الشيخ العلامة المحقق الخليلي، ودفعا لما وقع عليّ من ضرر كبير لا يليق بتلميذ محمود محمد شاكر -رحمه الله!- المحقق الفذ. وسوف أكتب بمشيئة الرحمن سلسلة مقالات في هذا التصرف -ومعه غيره مما اكتشفتُه- أرفعها فيما بعد لسعادة وكيل الوزارة، حتى يأخذ لنا جميعا حقنا ممن جنى علينا، مؤلفا ومحققا وناشرا. وعلى الباغي تدور الدوائر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والسلام"!
واليوم الخميس 31/3/2016 جاءني بمكتبي أ.ع.إ مسؤول مجموعة مسقط وعندي أ.سالم البوسعيدي تلميذي الدكتورويّ العماني النجيب، يسمع، ويرى، ويشارك، ويشهد!
سألني أ.ع.إ عن خبر الفهارس، فقلت له:
ألم تأتني بالتجريبيّة متعجلا تطلب توقيعي عليها لتدركوا إخراج الكتاب للناس في معرض مسقط الدولي؛ فمررنا عليها معا سريعا، ونبهتك على مشكلة عدم تنسيق أطراف أبيات المنظومة على أطراف أبيات الشرح، ثم على مشكلة سقوط أرقام فهرس أبيات الشرح، وعلى غير ذلك؛ فطمأنتني؟
قال: بلى.
قلت: فمن أين جاءت هذه الفهارس السبعة المضافة إلى فهارسي الثلاثة الكافية المنسوبة إليّ ظُلما وعُدوانا؟
قال: صدقت؛ لم تكن هذه الفهارس بالتجريبيّة التي نظرنا فيها معا سريعا، ولم أعرف أنا عنها شيئا، بل فوجئتُ بها في الكتاب كما فوجئتَ أنت!
قلت: الله أكبر! وكيف نسبوا إليّ ما لم أعمل! هلّا طلبوا إليّ عملها، أو عرضوها علي بعدما عملوها، أو نبَّهوا عند طباعة الكتاب على أنها من عملهم لا عملي!
قال: إنها من عمل شركائنا في لبنان، ولديهم دكتور متخصص للفهارس، سبق له أن فهرس بعض الكتب العمانية الصعبة، وقد جرت عادتنا على إضافة مثل هذه الفهارس إلى الكتب المحققة.
قلت: دون علم المحقق؟
قال: نعم.
قلت: فإن دكتورك هذا جاهل أو خائن، وإن إضافاته هذه فضائح لا فهارس!
ثم ذهبت أعرض عليه عشراتِ ما أخذتُه على هذه الفهارس من مآخذ بشعة. بل زدته مآخذ أخرى من الإخلال بأمانة الطباعة، يصح فيها قول العرب: "إِذَا جَاءَتِ السَّنَةُ جَاءَ مَعَهَا الْغَاوِي وَالْهَاوِي"، الدالّ هنا على أن الأخطاء البشعة حين تقع من المهملين تقع زَرافاتٍ لا وُحْدانًا، يأخذ بعضها برقاب بعض!