ديوان "شروخ في جدار الصمت" للشاعر الفلسطيني كمال غنيم

يتكون العنوان من مفردات دالة كما يأتي :

                شروخ                      في                  جدار الصمت

        اسم    نكرة     جمع           ظرفية              مركب إضافي        مجازي

يحيل العنوان إلى مفردة "شروخ" ، ومعناها الصدوع أو الشقوق ، وهي بهذا المعنى العام مفردة سلبية ، فإن التشقق والصدع لا يكون إلا للكامل التام، ولا يجوز في النحو العربي إعرابها مبتدأ ، لذا فهي تتضمن حذفاً نحوياً يترتب عليه حذف جمالي ، فلا مندوحة عن التقدير .

كما يحمل العنوان مؤشراً إعلامياً مجازياً "جدار الصمت" ، وفيه تجسيد للصمت، وهو مركب إضافي ، لا معنى للمضاف إلا بالمضاف إليه .

          أما حرف الظرفية المكانية "في" فهي تشير إلى حيز المكان "جدار" .

وفيما يتعلق بصفحة غلاف الديوان ، فقد جاءت الجملة الشعرية باللون الأحمر ، وفي خلفية مفردة الصمت نافذة يشع منها وهج ، وتحت العنوان شمعة مضاءة ، إن هذه الرسومات تحمل دلالة العنوان تماماً .

          أما العنوان الفرعي فقد ذيّل الشاعر الصفحة الداخلية بالإهداء "إلى الصامدين على حصير المحن ، والمصلين في جوامع الإصرار والإرادة ، والمؤمنين بالنصر المحتوم ، والقابضين على جمر الإيمان في زمن التحدياتقصيدة "لا نامت أعين الجبناء" ص34 .

-       قصيدة "النفير" ص77 .

-       قصيدة "الجرح واللهيب"  ص122.

-       قصيدة "حلم يتململ" ص144.

-       قصيدة "سيف الكرامة" ص161.

  والناظر في عناوين القصائد الداخلية يراها ترتدّ إلى دلائل العنوان ذِي النزعة الثورية ، والمضاد لثقافة الاستسلام والاستخذاء، ومن هنا فإن العنوان يمثل حركة الانتفاضة التي صدّعت حركة السكون .

    أما عن الحذف النحوي ، فإن الباحث يمكن أن يقدّر مبتدأ محذوفاً "هذه شروخ" واسم الإشارة  معرفة مُعيّن يشيرإما إلى أفعال المقاومة ،أو إلى قصائد الديوان .

          وسيقوم الباحث بفحص مدى انحلال دوالّ العنوان في النصوص الشعرية الداخلية . "وإذا كانت المتابعة التحليلية السابقة قد تسلطت على العنوان كبنية خارجية  فإن استكمال هذا التحليل يقتضي متابعة هذا العنوان عندما ينحلّ في متن الديوان ، ويتدخل في تشكيل خطوط الدلالة فيه"[iii]

أمســَت الدُّنيا ظَلامـــــاً يا أخي وضيـاعْ ودموعاً فــــــــي المآقي تتلظَّى بالتيــاع وبكاءً وأنيناً وصراعاً فــــــــــي البقـاعْ والمنايا قـــــد أحاطتْ لاقْتِنــاصٍ فابْتلاع هذه الشَّمسُ توارتْ خلفَ هاتيك الضِّياعْ

 

          إن هذه الأبيات تمثل حالة اليأس والسكون ، وعدم القدرة على التغيير ، وهي تشير تماماً إلى "جدار الصمت" .

          أما ما يدل على تمزيق هذا السكون ، وتفجير بوابة الصمت ، فتظهر من خلال مفردات "العزم ، الإباء ، الرفض ، التوكل على الله ..." ،وهي تشير إلى حركة تصدع هذا الجدار .

ونقرأ المقطع الآتي:[v]

إن جملة العنوان لها وجهان حاضر وغائب :

الحاضر                                 قابيل                 مخدوع

الغائـب                              هابيل                 غير مخدوع

ومفردة السراب أيضاً من معطيات الخداع والصمت المجازي،و يستدعي الآخر الماء الذي هو الحياة والاستمرار الإيجابي.

ولفظ "قابيل" يحيل إلى إطار مرجعي ديني يحمل في طياته القتل والطمع والندم ، في حين يشير "هابيل" إلى القبول والتواصل والنقاء . وقد سطر القرآن هذه الواقعة فقال تعالى :

 { واتْلُ عليهم نبأَ ابْنيْ آدمَ بالحقِّ إذ قرَّبا قُرباناً ، فتُقبِّل من أحدهما،ولم يُتقبَّل من الآخر،قال لأقتُلنَّكَ ، قال إنِّما يتقبَّـل الله من المتَّقين}[vii]

هيَ قِصَّةُ الكونِ الكبيرِ مع الفسادِ مع الخرابْ

يا إخوَتي هيَ قصَّتي من عصرِ آدمَ والغــراب

ثم يختم الشاعر قصيدته كما بدأها حاثاً قومه وإخوته على عدم الالتفات إلى سراب السلام قائلاً:

كمال غنيم ، "شروخ في جدار الصمت" ، ص7 . -  8

[iii]  كمال غنيم ، "شروخ في جدار الصمت"، ص27 .

[iv]  - كمال غنيم ، "شروخ في جدار الصمت"، ص 28

[vi]  المائدة:27

[viii]  غنيم : المرجع السابق نفسه ، ص87.

وسوم: العدد 663