"لنّوش" ورسائل التّربية الحديثة
لكل منا من اسمه نصيب، هكذا يقال، ولنّوش* التي تصدّرت صورتها غلاف الرّواية، استطاعت بليونتها ونعومتها أن تدخل جدّها عالم الخيال؛ ليراها بذكائها المتوقّع طفلة عبقريّة، تخطو خطواتها الأولى نحو مستقبل مشرق، المستقبل الذي توقعه الكاتب للينا الطّفلة؛ ليكتب لها "لنّوش" الرّواية التّربويّة الهادفة، التي تحوي العديد من الرّسائل والنّصائح التي تثري عقول الأطفال والكبار، فينقلنا الكاتب نحو ثمرة اهتمام الأسرة ودفئها، فتتشكّل أمامنا لنّوش طفلة ذكيّة جميلة تطرق جدران الأسئلة، وتحلّل وتناقش كفتاة كبيرة تحبّ الشّعر والقصص والموسيقى، وتميّز الأشياء من حولها؛ فأسرتها التي واظبت على القيام بواجباتها تجاه طفلتها، لتكتسب مهارة في الحديث، وكسب حبّ واهتمام من حولها على الرّغم من صغرها،إلى قدسيّة العلم؛ ليشكّل خليطا واحدا أساسه الاهتمام والتّربيّة منذ الصّغر، فتشكّلت شخصية لنّوش الطفلة في ذهن الكاتب بعين ثاقبة نحو المستقبل، رواية لنّوش لليافعين تحمل رسالة جميلة وقويّة للمجتمع، والكاتب الذي اعتمد على دراسات حديثة في تربية وتنمية قدرات الطفل، وضّح رسالة هامّة جدّا، مفادها أنّ تنشئة الطفل تنشئة سليمة، تجعله يكتسب مهارات عدّة، ويتمتّع بقدرات فعّالة مقارنة بأبناء جيله، فمن خلال الحبّ والاهتمام الذي حصلت عليهما لنّوش في كنف عائلتها وجدّها، الذي كان يروي لها القصص والحكايات الشّعبية منذ البداية؛ لينمّي خيالها، استطاعت أن تكتسب ثقة كبيرة بنفسها، وقدرة على السّرد والتّعبير السّليم عن رأيها تفوق عمرها، ولكنّ حدّة ذكائها وأسئلتها التي لا تنتهي، لا يمكن أن يفوّتا عليها الأمر منذ دخولها المدرسة، فكيف لم تعلم لنّوش عن اسمها الحقيقيّ "لينا" إلا عندما دخلت المدرسة؟ وكأن الاسم ذكر أمامها لأوّل مرّة، فلا بدّ أنّه ذكر بمراحل سابقة في مدرستها من قبل معلماتها بالصّفوف السّابقة، على الرّغم من المبالغة في بعض الحوارات بين الطفلة والمعلمة، كالتّفريق بين الحكايات والقصص، الذي جعل لنّوش تبدو للقارىء أحيانا أكبر من ستّ سنوات، ولكنّ المبالغة هنا جميلة، فهي تفتح أفاقا واسعة أمام من يقرأها من اليافعين، والوقوف أمام الممارسات الخاطئة في التّربية، والبحث بما يخصّ هذا الموضوع.
تعمّد الكاتب ذكر موضوع تقبيل الصّغار لأيدي الكبار، فأظهر الجدّ كمعارض لتلك القُبلة، مطالبا لنّوش بعدم تقبيل الأيادي اطلاقا؛ ليعلم حفيدته عدم الخضوع أبدا لأيّ شخص مهما كان، فسرعان ما تجيبه لنّوش ببداهة لاتخلو من براءة الطفولة " وعيت على الحياة وأنتم تبوسون يديَّ وقدميَّ ورأسي وصدري، فلماذا لا أبوس أياديكم؟" فجعل إجابتها رسالة للتّفريق بين الخضوع والحب المتبادل .
عزّز الكاتب ثقافة الانتماء لدى القارىء، فجعل لنّوش وزملاءها ينشدون النّشيد الوطنيّ، وهذه أيضا لفتة جميلة من الكاتب للأطفال .
امتازت الرّواية بلغة سهلة وبسلاسة السّرد والحوار، والتّنقل بين شخصيّات أساسية وهامّة في حياة الطفل، كالأمّ والأب والجدّ والجدّة والمعلمة .
"لنّوش" رواية لليافعين للأديب المقدسي جميل السلحوت، صدرت عن دار الجندي بداية شهر أيّار-مايو- 2016 عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس.
وسوم: العدد 669