قضايا لغوية معاصرة
في عالم #الهشتقة
كان الإنسان في قديم الزمان يتصل بالآخرين بالكلام المباشر، ثم ارتقى باشعال النيران على قمم الجبال العالية ليخبر الناس باقتراب عدو أو حلول عيد، ثم اصطنع الحمام الزاجل لنقل الرسائل، ثم استعمل وسائل النقل المعروفة مثل الحافلات والسيارات، والهاتف السلكي،
أما الإنسان في يومنا هذا فيستعمل الهاتف الخلوي، والشبكة العنكبوتية(الإنترنت) بما تحويه من مواقع للتواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر حتى غدا العالم قرية صغيرة. في أعقاب ذلك كثرت المصطلحات العلمية الجديدة حيث تضاف كل 98 دقيقة كلمة جديدة إلى قاموس اللغة الإنكليزية.
إزاء ذلك تواجه العرب اليوم مشكلة لغوية خطيرة إذ لم يعد بإمكان مجامع اللغة العربية ترجمة جميع المصطلحات الأجنبية، ومواكبة روح العصر، فراح الناس يُعرّبون المصطلحات تلقائيًا مستعملين القياس. فمثلاً اشتقوا من البحث في جوجل مصدرًا فقالوا جَوْجَلة، ومن إنشاء موضوع جديد للنقاش على تويتر أو الفيسبوك اسم هَشْتَقة من Hashtagوهي مكوّنة من Hash بمعنى شَرْطَة وTag بمعنى علامة واصطلاحًا هي طريقة يتم استخدامها لتصنيف التغريدات أو الأخبار ذات الموضوع الواحد بحيث يمكن للمتابعين وغير المتابعين قراءتها ودائمًا تبدأ بإشارة #. هذا الرمز وظيفته حصر نتائج البحث في تويتر أو فيسبوك على الكلمة التي عليها الهاش تاق/هاش تاج. فمثلاً في منشور لي على صفحتي يحمل عنوانًا: (أيام #التشريق). من يضع الإشارة المذكورة مع كلمة ( التشريق) في خانة البحث سيجد كم مرة ظهرت هذه الكلمة في الفيسبوك أو التويتر مع النص.
لقد أصبحت كلمات أجنبية كثيرة، نحو: بلوك، لايك، رتوتة جزءًا لا يتجزأ من لغتنا اليومية، وهي آخذة بالتغلغل في الثقافة السائدة. والرتوتة هي إعادة نشر معلومة لتصل إلى المزيد من المتابعين.
لماذا لا نقرّب بين الفصحى والعامية.!
ذكر أحدهم أن من الخطأ أن نقول: أينك؟ والصواب: أين أنت؟
وهو يعترف أن (أينك) ظهرت في كثير من النصوص الحديثة.
ونحن نقول إن التعبير (أينك) ورد في كتب القدماء، فقد وردت في كتاب هواتف الجنان لابن أبي الدنيا، المتوفى عام 281ﻫ/ 894 م، رواية عن ثابت البناني تقول: "إنّا لوقوف بجبل عرفات وإذا شابان عليهما العباء القطواني ينادي أحدهما صاحبه: يا حبيب، فيقول الآخر: أينك أيها المحب؟ قال: ترى الذي تحاببنا فيه، وتواددنا له معذبنا غدًا في القبر؟ قال فسمعنا مناديًا سمعته الآذان، ولم تره الأعين يقول: لا ليس بفاعل".
أما في العصر الحديث فالشواهد كثيرة، منها قول الشاعر كريم العراقي:
لما استعارت معطفي فورًا تغيّر موقفي يا بَرْدُ أينك من دمي أنا شعلةٌ لا تنطفي
وهناك من جمع بين أينك وأنت حيث نشر الشاعر اللبناني محمد أحمد نايف عام 2015 ديوانًا أسماه:"أينك أنت ودين محمد".
وفي اللغة المحكية نقول: وينك؟ حيث قلبت الهمزة إلى واو. ونقول: كيفك؟ وعلى كيفك، وكم يبدو مضحكًا لو قلت للشخص الذي تستقبله: كيف أنت؟ وعلى كيف أنت.
وإبدال الهمزة بالواو جائز في قول بعض النحاة.
لماذا لا نقرّب بين الفصحى والعامية.؟!
وسوم: العدد 687