نستولوجيا الحنين المتشعّب في الألم بين ماض مندثر وحاضر منخور بالضّلال

قراءة في قصيدة "أسئلة اللّغة الحرام" للشّاعر التّونسي السّيّد السّالك.

أوّلاً: النّصّ:

أسئلة اللّغة الحرام

عاد أبي من صولة الحقل بديدا

عاد أبي من ضيعة الحلم عديدا

لا عين لدمعته

لا جبين للعرق المكابر مذ نعى

جرحا عنيدا

عاد للوهم المقدّس هاهنا

يسّاءل

عن جارة سكنت صداه

عن جار رتقت مداه

عن بدويّة ضلّت طرائقها

يعلم كلّ موضعا.. إلاه

اليمام الرّاحل يمضي إلى شغف

فهل يجيب سواه؟

لغة المسافر حجريّة في بدئها

والطّلل المخبّأ في المراسم

يدرك من مرّ قبل الرّحيل

ومن ضاع قبل المجيء

ومن ..

وأنت

تعود مع المجيء وفي الوصول تغيب

تجيء عنك صبابة وافتراض

هات يديك أدسّ فيها صحائفي

هات يديك

زمن الحصاد حاصره الخريف الطّويل

والغيمة تسرف في المضيّ إلى الشّرف الجديد

هات يديك

هذا جنوبك من جنوبه مفرغ

والجبين يضيء شمسك إن تهاوت ...

قل لغربتها أقيمي

وسجّلي من يخطّ على الرؤى

أسماءها الحسنى

بم تعود لقبر أمّك

ما البكاء وما الورود وما العويل؟

ضجّت معاجمك الأولى بالتّردّد والتّردّي

كأنّما الخيبة عشبة الأرض الولود

زنجيّة

لا شوق هدهدها

ولا زائر يطرق بابها ليلة العيد

لا باب لغرفتها

لا باب لغربتها

من أين يأتي الصّرير؟

والبدويّة السّمراء ما سبيل تربتها؟

هو يساءل دائما

وأنا أعرف دربها

قبل وصولي بصبوة

قبل اغترابي بحسرة

قبل..

قبل اقترافي خطيئة الشّعر

والآن نسيت

أو نسي السّبيل

نسيت فراستي وضراعتي

نسيت ذاكرتي

وعدت للقبائل أمردا

عند بوابة القيروان الأخرى

أو عند مشارف الدّمشقي

أو عند حدائق بابل الّتي ما علقت

وقفت مرتين

واحدة وكنت أعرفني

وواحدة لا أذكر حتّى تفاصيلي

جلست..

لأقرأ سورة الشّعراء

بكيت

أنا أفعل ما أقول

أنا افعل ما أقول

أنا المقاتل والقتيل

أنا العليل

أنا الرّسول

ها صحفي

اقرؤوا ما تيسّر من مواويلي

خذوا مراكبكم

لا أحتاج ناقلة

قادرون على الحياة بأرضنا

قادرون على الفناء بأرضنا

قادرون..

علّمنا الغراب كيف نواري سوءتنا

للغة الحرام رحيل الملح في شفتي

للغة الحرام عهرها والبيان

للغة الحرام أنوثتها المستباحة

والذّنب الجليل

لنا في النّزيف ما نحتاج  لرسمنا

سجّل على لوحك المختوم اسم أبي

وخارطة الحزن

وسجّل أنّني السّفر وأنّ راحلتي

إن ضاقت بها السّبل

تأتي معاجمها

خبرني الرّعاة

للغة الحرام بعض مفاتن..

علّمتني

أدركت مفاتـني

وأبي

يرحل في الأمس ويأتي مفردا

أين آنك يا أبي والبدويّة الّتي خبأتها

بين الرّحلتين؟

أين الطّل من طللي؟

اثنان نمضي

من سلافة الحلم نقتص لخادمة

خبّأت الرّغيف في لفّ جبّتها لنأكل

أكلنا من تراثها ما استطعنا

والتهمت قطة الحيّ صغارها السّبع

ثم جثت على خارطة المبكى

ربما سألتها جارتـنا عن جريمتها

ربما دارت فيها جارتنا أسرار فاجعة

ما عدت أذكر

ما عدت أسأل

يكفيني أستمع

ما الفصاحة؟ ما أقول؟

هنا لا شيء على البيان يقوم

اللّيل والصّبح البهيم

أهيم..

بأرض دجلة؟

لا..

يكفيها غربتها

ويكفي الأرضَ سوادُ حلتها يُقيم

من غربتي أدركت غربتها

يا كيف أمر بالصّمت إلى لغتي

لألعن

ما ضاق فيها عن الكلام

لألعن..

ما ضاع منها في الزّحام

وما صار منها من الرّخام إلى الرّخام

وألعن أقلامي وما كتبت

خطت سوادا

ويؤلمني أنّي ذرفت ملامحي وملاحمي

ليت الحبر يدركها ويدركني

وأبي من السّؤال إلى السّؤال

والبدوية الثكلى على آنية الفجر واجمة

من الوريد إلى الوريد

متى سيأتي البريد بالرّسائل كلّها؟

ربما يقضي أبي

ربما تضيع الرّسائل كلّها

أو نموت

ولا يجيء البريد.

ثانياً: القراءة

اقترنت قصيدة الشّاعر السّيّد السّالك بالحنين إلى الماضي، ما يعرف بالنستولوجيا الّتي ترافق الفرد والجماعة، وهي أشبه بشريط تقذفه الذّاكرة بين الحين والآخر يتعزّز من خلاله الاشتياق والتلهّف إلى عودة التّاريخ بكل ما يحمل من عزّة وإباء، وثقافات وشرائع، وما احتوى من مدوّنات أدبيّة وموسيقيّة وشعريّة شكّلت ركائز لثقافات الشّرق والعالم. يستدعي الشّاعر هذا الماضي كجزء من سجلّ حياته، وقد يتخيّله حلماً بهيّاً بفعل الصّور المتجذّرة في الذّاكرة  الّتي تعبّر عن حياة مزدهرة وراقية. ويرتبط هذا الحنين بظروف الفقد للحياة الآمنة، والثّقافة الحيويّة، وخاصّة خطر فقدان هويّة الكينونة الإنسانيّة بمعنى ضياعها وسط أحداث ترهق الكيان الإنساني، فيتعذّر عليه قبول الواقع ومعالجته. كما أنّه لا يرى أيّة ملامح للمستقبل يمكنها أن تمنحه بعضاً من الأمل. فيقف عند حدود الواقع يستدعي الماضي، يعتمره الألم والحزن والوجع.

- إشارات الفقد:

يظهر لنا الشّاعر في افتتاحيّة القصيدة واقع الألم والماضي الجميل في آن معاً، فتتشكّل ملامح الصّورة الّتي يحنّ إليها الشّاعر، ونستدلّ على الخيوط الأولى الّتي حيكت بها القصيدة. كما نتلمّس حزن الشّاعر المنطبع في عمقها والمتجلّي بين السّطور بقوّة حتّى نكاد نسمع التّنهّدات وانقطاع الأنفاس من شدّة الألم.

(عاد أبي من صولة الحقل بديدا

عاد أبي من ضيعة الحلم عديدا)

تكشف لنا كلمة (أبي) ارتباط الشّاعر الوثيق بالتّاريخ الممتدّ من الأجداد والّذي يشكّل الذّكرى المفعمة بالقوّة والنّفوذ (صولة الحقل). إلّأ أنّ هذا التّعلّق واقعيّاً مشبع بالحلم والانهزاميّة (بديدا/ عديدا). وما اصطلاح العودة إلّا إشارة إلى التقهقر بفعل فقدان ذلك الزّمن المحمّل بالقوّة والنّفوذ. عاد التّاريخ مشرذماً، يبحث عن واقع يؤسّس عليه مستقبلاً يليق بما سبق فلا يقابل إلّا جماعات متفرّقة متناحرة لا تصلح لبناء المستقبل.

فقد التّاريخ/ الماضي قدرته الفاعلة على الواقع وتجرّد من صلابته وعناده بفعل الواقع، وارتسم في المخيّلة الفرديّة والجماعيّة، بل من شدّة الحنين إليه تحوّل إلى نقمة تعود إليها الذّاكرة وتتّكئ عليها هروباً من الواقع الأليم.

(لا عين لدمعته

لا جبين للعرق المكابر مذ نعى

جرحا عنيدا

عاد للوهم المقدّس هاهنا).

قد تقودنا عبارة (الوهم المقدّس) إلى اتّجاهين، الأوّل حنين يجنح إلى الاشتياق الجارف المرَضيّ إلى الماضي كتعريف لمصطلح نستولوجيا، حدّ تجسديه وهميّاً في الواقع، فتتشرذم النّفس بين الماضي والحاضر. والخطر هنا ليس في الهيام بالماضي بل في ما يصفه المفكّر المغربي عبدالكريم الخطيبي في كتابه "المغرب العربي وقضايا الحداثة" بـ " ذاكرة تحاول أن تحيا في الكآبة من نفي الحاضر. ذاكرة تحبس الإنسان في حنين دائم إلى زمن ميت... وهي من جهة ثانية تعيش الحاضر كما لو كان حلماً وكابوساً".

وأمّا الاتّجاه الثّاني فقد يجنح إلى الواقع الدّيني الّذي تستغلّ بعض الجماعات نصوصه في سبيل تحقيق المآرب السّياسيّة، وتسطو على الماضي والحاضر والمستقبل في آن.  ويخلق هذا الواقع ارتباكاً ويهدّد الهويّة بالاندثار أو بإعادة تموضعها بشكل لا يتناسب والحضارة السّالفة، أو يسهم في امّحائها.

- النّستولوجيا بين الحالة الطّبيعيّة والحالة المرضيّة:

النّستولوجيا حالة حنين طبيعيّة وهي في صميم الذّات الإنسانيّة لكنّها ما تلبث أن تتحوّل إلى حالة مرضيّة حين تصبح معطّلة لطاقات الإنسان وغير محفّزة للاندفاع إلى الأمام من خلال الماضي الّذي لا تنكره ولا تتنكّر له.

وتأتي المصطلحات (سكنت صداه/ رتقت مداه/ ضلّت طرائقها) في هذا السّياق أي في تعطيل القدرة الإنسانيّة المحفّزة واستبعاد الأمل والدّخول في دائرة العجز. فننتقل من النّستولوجيا كحالة طبيعيّة يمتاز بها الإنسان إلى حالة وقوف أمام أسئلة شتّى ولا من مجيب.

ويتجلّى السّؤال هنا كمرادف للنّستولوجيا الّتي ستزداد جرعاتها في القصيدة وتخلق كمّا من الأسئلة المراد الإجابة عنها أو الهرب منها إليها بطرحها. وقد تدخل هذه الأسئلة في إطار العجز نظراً  للتّناقضات الذّاتيّة والموضوعيّة الّتي يعاني منها النستولوجيّون.  (يسّاءل/ عن جارة سكنت صداه/ عن جار رتقت مداه/ عن بدويّة ضلّت طرائقها)، (اليمام الرّاحل يمضي إلى شغف/ فهل يجيب سواه؟)، (بم تعود لقبر أمّك/ ما البكاء وما الورود وما العويل؟)، (زنجيّة.. لا شوق هدهدها/ ولا زائر يطرق بابها ليلة العيد/ لا باب لغرفتها/ لا باب لغربتها/ من أين يأتي الصّرير؟)، (والبدويّة السّمراء ما سبيل تربتها؟)، (أين آنك يا أبي والبدويّة الّتي خبأتها/ بين الرّحلتين؟)(أين الطّل من طللي؟)، (ما الفصاحة؟ ما أقول؟)، (متى سيأتي البريد بالرّسائل كلّها؟). كلّها أسئلة برسم الإجابة في واقع لا يبعث الارتياح والأمان، ولا يولّد في الذّات الإنسانيّة الأمل. ويشير (اليمام الرّاحل إلى شغف) إلى البحث عن الماضي والارتماء في أحضانه كحالة ذهنيّة لاستشراق غد مأمول من عصر ذهبيّ مضى. كما يقودنا تكثيف الأسئلة إلى اللّغة الحرام كرمزيّة لعدم توفّر الإجابة. وكأنّي بالسّؤال أصبح ملتبساً، محظوراً، محرّماً. وأمام هذه الحالة ينتقل الشّاعر إلى وصف الواقع بأنفاس أليمة متقطّعة معبّراً من خلالها عن اللّغة العاجزة:

(لغة المسافر حجريّة في بدئها

والطّلل المخبّأ في المراسم

يدرك من مرّ قبل الرّحيل

ومن ضاع قبل المجيء

ومن..).

لغة البعد والارتحال، تستبين في البدء جامدة مجرّدة من الإحساس، وما تلبث أن تستحيل إلى لغة عميقة بفعل التّيه والألم والحنين إلى الأرض والجذور. وعلى الرغم من عقمها تحاكي وجع المرتحلين جسديّاً وروحيّاً، والمشرّدين... ونلاحظ وكأنّ الشّاعر توقّف عن الاسترسال برهة (ومن..) ليتأمّل ويستعيد أنفاسه مرّة أخرى ويكمل سرد حنينه (وأنت/ تعود مع المجيء وفي الوصول تغيب/ تجيء عنك صبابة وافتراض). ولعلّ المخاطَب هو المخاطِبُ ذاته، أي الشّاعر. يحاكي ذاته حاضراً في الواقع غائباً عنه، وكأنّي به يهرب منه.

- انحسار الحلم:

إن بدا الشّاعر في بداية القصيدة مشبعاً بالحلم فها هو في هذه الأبيات يقترب من الواقع الحاضر ويغرق في مزيد من الحنين والألم محاكياً الشّاعر السّاكن فيه:

(هات يديك أدسّ فيها صحائفي

هات يديك                  

زمن الحصاد حاصره الخريف الطّويل

والغيمة تسرف في المضيّ إلى الشّرف الجديد)

 زمن الحصاد المحاصر بالخريف هو زمن الغربة عن الذّات في حالة من البحث عن غلال الزّرع القديم، زرْع التّاريخ المجيد، والماضي العريق. ذلك الزّرع الدّينيّ والثّقافيّ والحضاريّ الّتي ترمز إليه الصّحائف، لم ينبت في الحاضر ولم تزهر الأمجاد الغابرة سوى حنين إليها ومزيد من الاغتراب عن الماضي بفعل واقعيّة الحاضر.

(هذا جنوبك من جنوبه مفرغ

والجبين يضيء شمسك إن تهاوت ...

قل لغربتها أقيمي

وسجّلي من يخطّ على الرؤى

أسماءها الحسنى)

وهنا ينحسر الحلم ويغلب الاستذكار ويتحوّل التّاريخ إلى مجرّد مدوّنات تقذفها الّذاكرة وتذكرها النّفس كأنّها خارجة عن هذا العالم. (بم تعود لقبر أمّك/ ما البكاء وما الورود وما العويل؟). وكلّ وسائل الانتحاب لا تعيد لحظات الأمس، ولا ترجع مجدها.

ينحسر الحلم في الخيبة المرادفة للعجز والانهزام (كأنّما الخيبة عشبة الأرض الولود)، والمترافقة والألم المسيطر على ذات الشّاعر وهو في حالة من التّساؤل الدّائم. ويبدو أنّ الإجابات ترتسم في وعيه الدّاخليّ ويحاول الهرب منها لشدّة قسوتها:

(هو يساءل دائما

وأنا أعرف دربها

قبل وصولي بصبوة

قبل اغترابي بحسرة

قبل..

قبل اقترافي خطيئة الشّعر)

بين الشّاعر والأنا حوار واعٍ رغم النّستولوجيا المسيطرة، إلّا أنّ الهروب من الوعي إلى اللّاوعي هو بمثابة هروب من الواقع الّذي تتجلّى فيه سمات الوجع والحزن (والآن نسيت). إذا كان "النّسيان شكلاً من أشكال الحرّيّة" كما يقول جبران خليل جبران، فهو في القصيدة شكل من أشكال الفرار التّحرّريّ من الحقيقة الواقعة الملتبسة (نسيت ذاكرتي). وهو فرار لأنّ الأنا عند الشّاعر اغتربت عن ذاتها، وتحرّرّية لأنّه لجأ إلى عالم الجمال، عالم الشّعر (وقفت مرتين/ واحدة وكنت أعرفني/ وواحدة لا أذكر حتّى تفاصيلي/ جلست..لأقرأ سورة الشّعراء).

يرمز الجلوس إلى اللّغة التّعليميّة، ويبدو لنا وكأنّ هذه اللّغة عقيمة أيضاً لأنّها تعود به إلى الماضي ولا تؤثّر في الحاضر، وقد لا تنتج في المستقبل. ما استدعى بكاءه لأنّ اللّغة لم تعد فاعلة مؤثّرة، فالواقع أقوى من الذّاكرة وأقسى من التّجربة التّاريخيّة. (بكيت/ أنا أفعل ما أقول/ أنا أفعل ما أقول). وإذ تتكرّر هذه العبارة مرّتين فلتؤكّد مضيّ الشّاعر بحنينه، وارتمائه بالماضي. (للغة الحرام رحيل الملح في شفتي/ للغة الحرام عهرها والبيان/ للغة الحرام أنوثتها المستباحة/ والذّنب الجليل). وكأنّي به يقف على الأطلال يرثي مباهج أبيه/ التّاريخ (أين آنك يا أبي والبدويّة الّتي خبأتها/ بين الرّحلتين؟/ أين الطّل من طللي؟). بيد أنّ اللّغة تزداد عقماً وعجزاً وتندثر معانيها، ويستحكم الخيال المناقض للحقيقة كجرعة تهدّئ أنين الشّاعر (اثنان نمضي/ من سلافة الحلم نقتص لخادمة/ خبّأت الرّغيف في لفّ جبّتها لنأكل).

- عجز اللّغة:

عندما تأخذ النّستولوجيا مداها ويتملّك الحنين من الشّاعر يتوقّف عن الكلام ويلج عالم الصّمت، ويبقى السّؤال الصّامت بليغ المعاني أسير الحنين والألم. أمام الغربة القاتلة، واستفحال السّواد، ورهبة الحزن، لم يعد للّغة من مكان أو معنى. فالمعاني متشابهة والأحداث متشابهة والكلّ غارق في الأسى.

(يكفيني أستمع

ما الفصاحة؟ ما أقول؟

هنا لا شيء على البيان يقوم

اللّيل والصّبح البهيم)

ستمرّ الأحداث وهو يستمع ولا يقوى على التّغيير وسيبقى السّؤال محور النّستولوجيا، والحيرة رهن الواقع العاجز، والحسرة رهينة الّذاكرة. يتساءل الشّاعر ثمّ يصمت ويترك القصيدة مفتوحة على الألم والحنين والوجد واللّهفة إلى الماضي. يتّحد بألم عسير إرضاؤه، ويسأل عن زمن لن يعود، بل أغلق أبوابه وارتحل إلى عوالم النّسيان.

(وأبي من السّؤال إلى السّؤال

والبدوية الثكلى على آنية الفجر واجمة

من الوريد إلى الوريد

متى سيأتي البريد بالرّسائل كلّها؟

ربما يقضي أبي

ربما تضيع الرّسائل كلّها

أو نموت

ولا يجيء البريد.)

وسوم: العدد 688