الدكتور بطرس دله ديوان أنت معبدي وديوان أنت وجه الملاك للشاعر رافع حلبي
د. بطرس دله
الشاعر رافع حلبي
قرأت الديوانين اللذين أهداني إياهما الشاعر رافع حلبي من دالية الكرمل, فوجدت عنده تربة خصبة وموهبة شعرية جيدة ومميزة كرسها لشعر الغزل الرقيق خاصة في ديوان : أنت وجه الملاك, يبدو أن هذا الديوان يختلف إلى حدٍ ما عما سبقه ففيه نضوج فكري أكبر وصور وتعابير جميلة جداً ورائعة ولكنني كنت أتوقع أن يطرق الشاعر الرائع رافع أبواباً أخرى إلى جانب الغزليات. مع ذلك وجدت في هذه الغزليات شفافية واضحة خاصة ومباشرة يمكن تأويلها على أن الغزل كما في ديوان : أنت معبدي , على أن لدى الشاعر حنيناً خاصاً - نوسطالجياً - إلى مسقط رأسه وهي قرية الدالية التي يحن ويشتاق إليها وإلى موقعها فهي الهاجس الذي يفكر فيه أبداً ! ومع ذلك إذا كان ما كتبته عن الديوانين لا يتجاوز المفهوم السطحي لهذه القصائد ففيها عمق ادبي فكري أكبر بكثير يتوجب علينا الدخول فيه فيما بعد, فأولي كما قال ستالين في حينه أن ترسله بنسخةٍ واحدةٍ أليها – إلى فتاة الأحلام التي تغازلها وكفى الله المؤمنين شر العشق والهيام. لذلك أقول في تفسير ما خلف السطور إنه حنين إلى القرية , شوارعها , بيوتها , مؤسساتها وهو حبٌّ شرعي مائة بالمائة.
في ديوان : أنت وجه الملاك , لم أجد فيه أيِّ خطأ لغوي وهكذا يجب أن تكون الدواوين والإصدارات كلها ! في ديوان : أنت وجه الملاك , لديك بعض التوفيقات والاستعارات الجميلة مثل قولك في ص – 35 قصيدة بحار عينيكِ :
" فلا تتعبي كي لا أرهق
وارتاحي في سرير أحلامي
كي أرتاح . . . "
وفي المقطع الأخير للقصيدة تقول :
" أنتِ في عيون كل الرجال حبيبتي
ولا تنامين إلا فوق صدري
ولا تعشقين إلا حبي
والغرق في بحار عيوني . . . "
فما هذه الثقة ؟ إذا كانت تتمتع بكل الجمال إذن سيعشقها كل الرجال الآخرون , فلماذا في عيون كل الرجال ؟ !
في ص – 47 قصيدة: تعب الليالي, من الديوان ذاته :
" ومن مثلك يصان لا يهان
رائحة العاشقين
تفوح من ثناياكِ "
يا لجمال هذه الصورة الشعرية لأنها تضعنا في منزلة نبحث فيها عن رائحة العشق , فما هي هذه الرائحة ؟؟ وهل العشق يحمل رائحة معينة ؟ !
في قصيدة حنيني إليكِ ص – 54 بعد كل هذا الحب تبقى معشوقة الشاعر قصة الفراق والعذاب ! فهل هذا الفراق حقيقي أم هو من نسج الخيال ومن أجل الشعر ؟
وأتابع عن دواوينك وأقول أن لديك صورا شعرية جميلة جداً كما في ديوان أنت معبدي حيث تقول :
" لكن خوفي عليك من الأذى
يدفعني لأحملك بين ذراعي . . .
كي أحمي قدميك
وأنا أحترق . . . أحترق . . .
في ذروة الحنين إليك
إلى طيفك الهائم معي . . . "
هذه الصورة الشعرية جميلة جداً ! تتركنا في حيرة من أمرنا فهل كل هذا الحنين إلى من تحب أي قرية الدالية وكيف تحملها إذن ! وإذا كان هذا الحب إليها فنعم الحب والتضحية في سبيل قريتك ومجتمعك.
في قصيدة : الحرب الأخيرة ص – 80 تقول :
" إليك أكتب ملحمتي
في صراع العمر . . .
قد نجبر معاً أن نحيا مع
أفاعي الجحر
لكن الهي الخالق يعرف الحق
ويميز ما بين الجنة والجمر . . .
ويعرف أن يختار طرق الحرب
لا تخافي ففي قلبي نحوك
أجمل وردة وأكبر حب
إليك أحمله كل العمر
رغم كل لحظات الحزن "
قطعت رائعة وجميلة تكتب كسطور للتاريخ الآتي كي تنتهي الحروب التي لا تولد إلا الدمار بين كل بني البشر ويحل السلام والوئام والمحبة بين كل الشعوب والأمم, وعندها تصبح قرية الدالية آمنة بالرغم من كل لحظات الحزن قبل الوصول للسلام.
بالرغم من أننا نشعر للوهلة الأولى أن الشاعر رافع يخاطب محبوبته في كل قصائده إلا أننا سرعان ما نفهم ونكتشف أنه يخاطب وطنه ومسقط رأسه التي ترافقه إلى كل مكان حتى تتراءى له في الأحلام.
باحترام.
د. بطرس دله
كفريا سيف
وسوم: العدد 711