دراسة موجزة للمجموعة القصَصيَّة " من أين انت " للكاتب الرّوائي " صُبحي خميس "
مقدِّمَة ٌ : الكاتبُ والاديبُ التقدُّمي" صبحي سلامه خميس " من الكتاب البارزين الملتزمين، أثبتَ حُضورَهُ وإبداعَهُ الأدبي قبل أكثرَ من عشرين سنة على السَّاحةِ الأدبيَّة المحليَّةِ ...فهو يكتبُ المقالة َ السِّياسيَّة والأدبيَّة والدراسات النقديَّة والقصَّة القصيرة، ونشرَ الكثيرَ من إنتاجِهِ في العديدِ من الصحف والمجلاتِ المحليَّة ، ولاقت كتاباتهُ رَواجًا وإعجابًا واهتمامًا كبيرًا بين جماهير القرَّاء المتعطِّشين للثقافةِ والأدبِ الحقيقي الهادف . وكتابُهُ الذي نحنُ في صدَدِهِ الآن بعنوان :" من أينَ أنتَ " هو عبارة ٌعن مجموعةٍ من القصص القصيرة تقعُ في مئةِ صفحة من الحجم المتوسط - صدرَت عن دار الحكيم - الناصرة - ويُعالجُ فيها جميعَ القضايايا المهمّة : السِّياسيَّة والإجتماعيّة والثقافيَّة والإنسانيَّة والتي تتعلَّقُ بحياتِنا وأمورنا اليوميَّة ، وخاصَّة ً مشاكل وقضايا الإنسان الفلسطيني المحلَّي.. وذلك بأسلوبٍ رُوائيٍّ أدبيٍّ جزل ٍ متين مُترع ٍ بطابع ٍ رومانسيٍّ فلسفيٍّ مُمَيَّز أخَّاذ . وهذه المجموعة ُ( من أينَ انتَ) هي الثانية التي يُصدرُها كاتبنا وتأتي بعدَ روايتِهِ الأولى " يلا نغنِّي " التي أثارت ولا تزالُ تثيرُ الكثيرَ منَ النقاشاتِ حولَ مضمونها وفحواها وأساليبها المُتعدّدة المُبتكرة ومستواها الإبداعي . ويكفي أن نشيرَ مثلاً إلى الندواتِ المكثَّفةِ الناجحة التي عقدَت حولها آنذاك - وخاصَّة ً ندوة ٌ عُقِدَت بدار الثقافةِ العربيَّة - الناصرة ، كان الحديثُ عنها ، وبإعترافِ الكثيرين : إنَّها أنجحُ وأهمُّ الندوات الأدبيَّة قي تاريخ الناصرة حتى الآن ( قبل أكثر من عشر سنوات ) ... وشاركَ فيها كبارُ الشَّخصيَّات البارزين سياسيًّا واجتماعيًّا وأدبيًّا . أمَّا المجموعة ُ القصصيَّة الثانية هذه التي بين أيدينا " من أينَ أنتَ " فيهديها صبحي إلى والديهِ وإلى صديقِهِ رئيس مجلس قرية الجش المحلِّي - الجليل الأعلى الأستاذ ( إلياس إلياس ) . والجديرُ بالذكر أنَّ " صبحي خميس " تربطهُ صداقة ٌ مع الكثيرين من رؤساء المجالس المحليَّة في البلاد . . من خلال مقدِّمةِ الكتاب " من أينَ أنتَ " نرى صبحي يُعلنُ رفضَهُ للواقع الإجتماعي الذي يُعاني منهُ الكثيرونَ من المثقفين والناس الشُّرفاء المبدئيِّين بيننا،ويرفضُ كلِّ السَّلبيَّات السَّائدة على ساحتِنا الأدبيَّة والإعلاميَّة، فيقولُ مثلاً : ( " وكتابي هو للشَّعبِ وليسَ لأديب أو ناقدٍ يَسْتنجسُ !!! – أدبَ الشَّعب ... كما أولئكَ ( عساكر أدب -الحبر ) ورُوَّادِهِ !!! !!! في هذا الزَّمان والمكان .. زمان ومكان عصابات الأدب المحلِّي وتفشِّي أزمة الضَّمير .. وأزمة الأخلاق ... وخربشة القيم .. وكثافة الضَّباب .. للرَّوابط والإتِّحادات الأدبيَّة !! التي تذكِّرُنا بكثافةِ الضَّباب للإمبراطوريَّات الحمائليَّة القبليَّة المحليَّة ... زمان ومكان العيب الفاضح لأدبنا ( في غالبيَّتِهِ ) من معالجةِ عاهاتِنا الإجتماعيَّة المُزمنةِ - وانخذالِهِ ازاء عواطف الإنسان : زمان ومكان الصُّحُف !!...التي ومن منطلق ِ حُرِّيَّةِ التعبير ترفضُ حُرِّيَّة َ التعبير !!! .. إلخ " . يتطرَّقُ صبحي في المقدِّمةِ يشكل ٍ مُباشر وفي قصصِهِ أيضًا إلى قضيَّةِ التعتيم الإعلامي المقصود والمفضوح الذي تُمارسُهُ بعضُ الصُّحف والجهات الإعلاميَّة المُعيَّنة التي تدَّعي حُرِّيَّة التعبير وَحُرِّيَّة َ النشر والعمل على دعم الإبداع الثقافي ونشرهِ ، وهي في نفس الوقت تعملُ بمختلفِ الطرقِ المُلتوية على طمس ووَأدِ كلمةِ الحقِّ والضَّمير ... فتعتمُ على كلِّ عملٍ ثقافيٍّ وأدبيٍّ إبداعيٍّ مُمَيَّز ٍ، خاصَّة ً إذا كانَ ذا طابع ٍ قوميٍّ إنسانيٍ تقدُّميٍّ حضاريٍّ مُشرق ٍ . فجميعُ الرَّوابط والإتحاداتِ الأدبيَّة والأطر والتنظيمات الثقافيَّة التي تأسَّسَت حتى الآن ( في الداخل ) فالمسؤُولون والقيِّمون عليها وقادتها ( حسب رأي الكاتب صبحي خميس ) هن يعملونَ من منطلق أنانيٍّ شخصيٍّ رجعبيٍّ مريض ٍ، وليسَ من أجل ِمُسَاعدةِ وخدمةِ غيرهم من الكتابِ والشعراء المبدعين وليسَ لرفع ِ راية الإبداع والتقدّم الثقافي والأدبي . وفي نهايةِ مقدِّمةِ الكتاب يُلخّصُ " صبحي" ما يُريدُهُ في جميع كتاباتِهِ وفي مجموعتِهِ القصصيَّة هذه بالذات " من أينَ أنت" ،فيقول: . ( " سأزرعُ أدبًا فلسطينيًّا محضًا .. وراقيًا .. أدبًا يتناغمُ وقضايا الإنسان الفلسطيني ... وكل قضاياه ... أدبًا تقدُّميًّا و .. إنسانيًّا – ادبًا يتجاوبُ ونبض الحياة و .. إيقاع الزَّمن .. أدبًا أزرعُ فيهِ ما يجبُ زرعُهُ وفقَ أساليبي التي أعتقدُ أنَّها تُراعي زماني ومكاني ، وتتناغمُ وروحَ الحياة الحديثة ... إلخ .. كما جاءَ في المقدِّمة " ) واما شخصيًّا وبعد قراءتي ومراجعتي المتأنيَّة والعميقة لهذه المجموعةِ القصصيَّة "من أينَ أنت " وجدتُ فيها جميعَ ما تطرَّقَ إليهِ صبحي في مقدِّمةِ الكتاب... وربَّما يكونُ صبحي خميس أوَّلَ كاتبٍ عربيٍّ محلِّيٍّ يجرؤُ على التطرُّق بهذا الشَّكل الصَّريح إلى مثل هذه القضايا الهامَّةِ ،مثل:الأخلاق السَّائدة ، الحريَّة ، السَّلام ، عواطف الإنسان ووجدانيَّاته ، العادات والتقاليد الموروثة ، وموضوع الكبت والحرمان ، آلام الشَّباب والشَّابَّات وتوفير الدَّفء والطمانينة للإنسان ، وقضايا التعتيم الإعلامي وغيرها ... وهو يريدُ أن نتهيَّأ ونستعدَّ للدُّخول إلى عام ( 2000 ) - عالم التطوُّر التيكنيلوجي والحضاري - بكفاءةٍ وتأهيل تام وبروح وبمفاهيم وافكار حضاريَة تقدُّميَّة متطوِّرو ملائمة لهُ ، ويتمُّ ذلك بدفن الماضي الرَّجعي البغيض وكسر قيود التخلُّف والتأخُّر والقضاء على الإنحطاط الفكري والإجتماعي ... أي أنهُ يريدُ منَّا ، من خلال كتاباتهِ ( التي نلمسها في هذا الكتاب) إلى قلب وتغيير الواقع السَّلبي - الإجتماعي والسياسي والثقافي الذي نحياهُ . يُريدُ عدم أسر وتقييد إنسان اليوم - إنسانا في مفاهيم يراها الكاتبُ أنها ( جاهليَّة الأصل والمنبع ) – ويشدِّدُ على أهميَّةِ استقلال الشَّخصيَّة ومن ثمَّ فحص الأخلاق فحصًا علميًّا . ويدعو دائما إلى عدم التحجُّر والإنغلاق الفكري والحزبي المتزمِّت - وإلى مساواة المرأة مساواة ً تامَّة مع الرَّجل . وينادي بالحدِّ من سيطرة وهيمنةِ " الإمبراطوريَّات الحمائليَّة " كما وصفها بدورهِ . وفي نهاية المطافِ هو يتمنَّى ويريدُ السَّلام لكِلا الشَّعبين - الفلسطيني والإسرائيلي - ويرجو أن تتعزَّزَ أواصرُ الأخوَّة بيننا وأن تتوفَّرَ المحبَّة ُ والأخلاق الرَّفيعة التي تكفلُ الدّفءَ العام لكلِّ إنسان - وهذه هي العناصرُ والزّوايا والرَّكائز الأساسيَّة الموجودة ُ في كتاباتِ صبحي خميس، وخاصَّة ً في كتابهِ هذا "من أينَ انتَ " . فهذهِ المجموعة ُ عبارة ٌ عن صرخةٍ إنسانيَّة تقدُّميَّةٍ مُدويَّة لقلبِ كلِّ المفاهيم الخاطئة المهيمنة على واقعنا وحاضرنا المرير . ولا أريدُ الإطالة َ كثيرًا في دراستي لهذه المجموعة ولهذا لن أتناولَ كلَّ قصَّةٍ فيها وأحلِّلها على حدّةٍ ، بل سأتحَدَّثُ بشكل ٍ شامل ٍ مقتضبْ ومشترك ٍ مُحاولاً تلخيصَ فحوى وأهدافَ جميع قصص هذا الكتاب، وسأركّزُ الأضواءَعلى الجوانب المُهمَّة، وخاصَّة على النواحي الفنية والشَّكليَّة والأسلوب والصُّور الجماليَّة والمستوى الإبداعي ، والموضوعيَّة - ليتسنَّى للقارىءِ إدراك وأخذ فكرة ً كاملة ً، نوعًا ما ، على كلِّ ما يتعلَّقُ بهذه المجموعةِ القصصيَّة - من جميع النواحي . يعالجُ صبحي خميس في هذه المجموعةِ ، كما ذكرتُ سابقا ، جميعَ الجوانبِ الحياتيَّة لمجتمعنا العربي الفلسطيني داخل إسرائيل - كالجانب : الإجتماعي ، والسياسي والأخلاقي والثقافي والعادات والتقاليد .. هو يدخلُ ويتوغَّلُ إلى أعماق النفس والذاتِ الفلسطينيَّة المحليَّة ويحلِّلها ويستكشفُ جميعَ بواطنها وأسرارَها فيكتبُ عن قضيَّةِ " الكبت والحرمان" التي يعاني منها الكثيرون من أفراد المجتمع .. رجال ونساء - ( راجع قصص لنفكِّر ، ودارت الأيام ، وصدفة ) .. وعن الجانب العاطفي والوجداني والجنسي أيضا وماهيته وأهميَّته ودوره ومكانته الطبيعيَّة في حياة الإنسان- وخاصَّة الإنسان العربي الفلسطيني - ويكتبُ لنا عن العاداتِ والتقاليدِ الموروثة ِ التي تحدُّ كثيرًا من انطلاقةِ الإنسان وحرِّيَّتهِ الإجتماعيّة والسياسيَّة . ففي قصَّةِ ( الرَّاعي مثلا يتطرَّقُ إلى موضوع قتل المرأةِ والفتاة على خلفيَّةِ شرفِ العائلة ... وفي كتاباتهِ نراهُ متأثِّرًا جدًّا بأفكار الفيلسوفِ العربي الكبير " إبن رشد " وبآراء الكاتبِ المصري التقدُّمي التحرُّري " سلامه موسى "، كما أنهُ متأثِّرٌ بألحان الموسيقارالخالد " فريد الأطرش" - فقد وظّفَ أغاني فريد الأطرش وادخلها في قصصِهِ ، في هذا الوقت والزّمن الذي نحياه ، في ظلِّ هيمنةِ الأغاني المُهَجَّنة الرَّكيكةِ والسَّخيفة ( فرانكوآراب ) - راجع قصَّة ( حكاية الشاب مع الأرملة ) – فتنتهي القصَّة ُ بمعزوفةِ فريد الاطرش الشَّهيرة " تانكو مِشْ كفايَه " التي أحدثت ضجَّة ً كبيرة في عالم الأغنية العربيَّة سابقا . وإذا تمعَّنَّا في قصص صبحي خميس فإنهُ يكتبها وينسجها بأسلوبٍ جميل أخَّاذ ٍ جذابٍ وبلغةٍ أدبيَّةٍ بليغة ساحرةٍ . ويجتمعُ في قصصهِ عنصرُ التشويق والجاذبيَّة ...ونجدُ أيضًا عنصرَ المفاحأة يُواكبُ مجرَى الأحداثِ في البعض من قصصِهِ بشكل ٍ لا يتوقَّعُهُ القارىء . وبعضُ القصص تنتهي عنده نهاية ً مفتوحة ً على غرار نهاياتِ قصص كبار الكتاب العرب في البلدان العربيّةِ وعند الغربيِّين ، وهنالك بعضُ النهايات تأتي أيضًا بشكل ٍ لا يخطرُ على ذهن القارىءِ أبدًا ( راجع قصَّة واسطة ) . ومعظم قصص صبحي خميس قد لوَّنها وأترعَها بالحبِّ الإنساني الجميل ومعانيهِ واهدافِهِ النبيلةِ السَّاميةِ في التضحيةِ والإخلاص والوفاءِ ... ونجدُ بين طيَّاتِها الكرم العربي الأصيل والمثل والأخلاق والمبادىءِ، ونجدُ الحوارَالفلسفي المنطقي يتناغمُ بين أبطال قصصِهِ . لقد أرادَ صبحي خميس في مجموعتِهِ الثانية ( من أين انتَ ) ان يُطلّ علينا كما في مجموعتِهِ الأولى يلاَّ نغنِّي ) بأسلوبٍ روائيٍّ جدبدٍ مبتكر لا يرضخُ في أشكالهِ في أشكالهِ وأدواتِهِ وبنائهِ إلى الشَّكل والطابع التقليدي المألوف ، وذلك ليدخلَ في فردوس الإبداع العربي الفلسطيني ، في إطار غير مبرمج ومحكوم ومقيَّدٍ بشروطٍ معيَّنةٍ . والرُّؤَى والأفكار والأحداث التي ينسجها ويدخلها الكاتبُ في قصصهِ وأعماله الأدبيَّة هي منبثقةٌ ونابعة ٌ من رؤيتهِ العميقةِ لجميع تفاصيل مجتمعِنا وكوامنهِ وبواطنهِ .. ويريدُ أن يكونَ أدبُهُ كما الصَّعتر الفلسطيني ... محضًا .. وهذا النوع الجديد من الأدب بإمكاننا أن نسميه كما وصفتهُ الزَّميلة ُ الكاتبة ُ والأديبة " سعاد هنداوي " : ب " أدب الحُدود "... حيث يتوغَّلُ جميع قضايا الإنسان داخل حدودهِ السِّياسيَّة والإجتماعيَّةِ والروحيَّة .. وأمَّا في مفهومهِ للسَّلام فهو يُريدُ أن يَضمَنَ كرامة َ الإنسان الفلسطيني واليهودي معًا .. والحريَّة والكيان الوطني والإجتماعي والإنساني - ( راجع قصَّة الختيارة والطبيب اليهودي من صفحة 30 إلى 31 ) وقصَّة ( الجميل والختيارة من صفحة 68 - 72 ) ، ويسلِّطُ صبحي الأضواءَ على أهمِّ وأخطر قضايانا الإجتماعيَّة والسياسيَّة والروحيَّة أيضًا ،التي يعاني منها الشَّعبُ الفلسطيني في الداخل ، وإلى عواطفِ الإنسان من كلا الجنسين - وهو يكتببُ عن المرأةِ التي تفقدُ زوجَها ... يكتبُ عن الهويَّة الوطنيّةِ .. والأخلاق ، ودور المثقف ، وعن أساليبِ النقد المحلِّي اللاَّموضوعيَّة وغير النزيهةِ .. وعن تلاعب وخيانة بعض القادةِ والمسؤولين في قضايانا الوطنيَّة والقوميَّة ( راجع المفكرة ، الحنونة ، وكانا يتحدَّثان ) . وكان صبحي في تطرقهِ لهذه المواضيع شجاعا جريئا لا يكترثُ لأحد ( كما في روايته الأولى " يلا نغني " ) لأنهُ يريدُ أن يزرعَ لنا أدبا فلسطينيًّا محضًا وراقيا يتناغمُ مع قضايا الإنسان الفلسطيني وآمالهِ وتطلعاته.. أدبًا تقدُّميًّا وإنسانيًّا يدعو إلى السلام والمحبَّةِ والأمن لجميع الشُّعوب على وجه هذه الأرض . وصبحي خميس ، كما هو واضحٌ جليًّا من خلال المقدمةِ ومن خلال قصصه هذه ، يرفضُ الأساليبَ والقوالبَ الأدبيّة السَّائدة البعيدة كليًّا عن الجو والمناخ الثقافي وتضاريس الإنسان الفلسطيني داخل محيطهِ وحدوده الجغرافيَّة والإنسانيَّة والفكريَّة . فيرفعُ صوتهُ عاليًّا ويعلنُ ثورته على أخلاق بعض القادةِ والكتاب والأدباء المُستكتبين المتقوقعين في بوتقةِ الإنغلاق والذين يحومون حولَ مستنقع العاداتِ والتقاليد الرَّجعيَّة والمفاهيم المغلوطة السَّائدة ( راجع قصَّة " صدفة " - صفحة 39 - 59 ) . - وأخيرًا : إنَّ مجموعة صبحي خميس القصصيَّة هذه " من أين أنتَ " تحتاج إلى وقفةٍ طويلةٍ وإلى دراسةٍ عميقةٍ شاملةٍ لنعطي هذه المجموعة حقها ونعطي الكاتب ما يستحقهُ .. ولا نستطيعُ بهذه الكلماتِ القصيرة أن نحوي ونشملَ كلَّ شيىء . وأنا بدوري أعتبرُ الصَّديق الكاتب والأديب صبحي خميس في طليعةِ الأدباء والكتاب القصصيِّين المحليِّين الرِّوائيِّيبن في بلادِنا - من ناحية الموضوعيَّة والأسلوب والمستوى الأدبي الرّوائي الدرامي المميَّز ، ومن ناحيةِ العمق والشموليَّةِ والفلسفةِ الإنسانيَّة المُشِعَّة الشَّاملة والبُعد الإنساني والثقافي والحضاري والتربوي في جميع ما يكتبهُ من قصص . ولكن وللأسف هنالك العديد من المحاولاتِ اللئيمة ، من قبل بعض الصّحف والجهات الحاقدة للتعتيم على صبحي خميس أدبيًّا وعدم نشر إنتاجه الإبداعي، وذلك لأهدافٍ وسياسةٍ مقصودةٍ ترمي لعدم إبرازه ونشر أريجه ورائحته الفلسطينيّة العربيّة العطرة - أريج أدبه وإبداعه ... لأنهُ أدب الشَّعب الفلسطيني والعربي عامَّة ً من المحيط للخليج ... والأدب الإنساني والعالمي كافة ً... إنهُ أدبُ الأجيال القادمة الرائدة - لأنَّ أدبهُ ، في فحواه ، هو أدبُ التحرُّر والإنطلاق والتقدّم والحرِّيَّة ... هو أدبُ الجمال والندى والشَّذى والورود المميَّز بنكهتِهِ وقيمتِهِ عن إنتاج غيره من الكتاب المحليِّين . وأقولُ : لو اطلَّعَ على هذه المجموعةِ ( من أينَ أنتَ ) كبار النقاد والأدباء في الدول العربيَّة ... وأنا متأكِّدٌ من هذا ، لكانَ رأيُهم وتعليقهم وتحليلهم لقصصهِ مثلَ رأيي أنا تماما . وأخيرا لا يصحُّ إلا الصَّحيح ورغم المحاولاتِ اللئيمة والبائسة جدًّا الرامية إلى التخريب والتعتيم عليه وعدم نشر إنتاجهِ سينتشرُ إنتاجهُ وإبداعهُ الأدبي وسيتضوَّعُ أريجهُ الفوَّاحُ وسيحظى بالبقاءِ والخلود على مرِّ الأجيال والدهور . . - وأخيرا وليسَ آخرًا - مبروكٌ لأدبنا الفلسطيني على هذا الإنتاج الرَّائع ولأهالي قرية " الجش " الجليليَّة الأفاضل الذين أهداهم " صبحي خميس " كتابه القيم هذا - مبروكٌ وألف مبروك .. وإلى الأمام دائما في طريق الأدب والفكر والإبداع . معا سنبقى على هذا الدرب .
وسوم: العدد 729