عصر يوم الثلاثاء 8/8/1439هـ ـــ 24/4/2018م ، وفي مستشفى السلام بمدينة الرياض ، فاضت روح الدكتور الأديب الكبير محمد عادل الهاشمي ، أبي النضر إلى بارئها ، فدمعت العيون ، وحزنت القلوب ، ورُفعت الأيادي إلى الله تسأله عزَّ وجلَّ أن تكون منزلته في الفردوس الأعلى .
أديبنا الكبير محمد عادل الهاشمي ، أبو النضر الرجل الهادئ العابد التقي ــ ولا نزكيه على الله ــ الذي عانى من الغربة المريرة ، ولاقى الأذى من أعداء الإسلام ، وعاش صوتا مكينا منافحا عن دينه من موقعه الحساس كأديب إسلامي متميز ، وكقلم فيَّاض بالقدرة على بيان حقيقة مايخطط له التغريبيون على أصنافهم وارتباطاتهم ، ومؤلفاته ــ يرحمه الله ــ تشهد على جزالة بيانه ، وقوة برهانه الذي يأسر القلوب ، وسيرته الحميدة المباركة تتثنى في مغانيها مكارم الأخلاق ، وجميل المزايا ، عاش بَــرًّا ومات حرًّا مباركا ، ولعلنا نقرأ عن حياته ونشاطاته ــ إن شاء الله ــ من إخوانه وأحبابه الذين عاشوا معه ، لفقيدنا الحبيب العديد من المؤلفات الأثيرة تنبئ عن قدرته وغزارة علمه ، وعن نفسه الذَّوَّاقة ، وعن ثقته المطلقة بأن الأدب الإسلامي هو صورة المجتمع الإسلامي الذي يأبى التضليل والإفساد والتبعية . ومن مؤلفاته :
*الإنسان في الأدب الإسلامي .
*أثر الإسلام في الشعر الحديث في سوريا .
*في الأدب الإسلامي : تجارب ... ومواقف .
*شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي : ( جزء أول وجزء ثان ) .
*قضايا ــ وحوار في الأدب الإسلامي .
*مصطفى السباعي : رائد أمة ... وقائد دعوة .
وله العديد من المؤلفات المخطوطة أو قيد الطباعة ومنها :
*عالم الإيمان في الأدب الإسلامي .
* شعراء وأدباء على منهج الأدب الإسلامي : ( جزء ثالث ) .
*الأدب الإسلامي والصحوة المباركة .
*التغريب المبكرفي أدبنا المعاصر .
*رؤى الإيمان في الأدب الإسلامي .
اللهم تغمده برحمتك ، وأكرمه في منازل الصديقين ، وألهم أهله وأحبابه الصبر ، وإنا لله وإنا إليه راجعون . وإلى روحه الطاهره في جنَّات الخلود ــ إن شاء الله ــ هذه القصيدة :
الهاشميُّ مضى فالدمعُ منهمرُ = والقلبُ في قيضةِ الأشجانِ يُعتَصَرُ
والنفسُ واجمةٌ في ظلِّ لوعتِها = على الهمامِ الذي بالفضلِ يشتهرُ
أمضى الليالي ولم يُرخصْ فرائدَها = ولاحَ كالبدرِ فيها ليس ينحسرُ
له المزايا التي تسمو بصاحبِها = ولم يَنَلْهُ الذي يُلوَى به العُمُرُ
أغنى أبو النَّضْرِ دنياهُ بأجملِها = وما تأوَّدَ فيها السوءُ والخورُ
جَنَتْ محاسنُه الذكرَ الحميدَ وذا = يُرجَى لأهلِ النُّهى ، والذِّكرُ يُدَّخَرُ
وكلُّ نفسٍ إذا رقَّتْ مآثرُها = تطوفُ في قِممِ العلياءِ تزدهرُ
هو الأديبُ ولن تُنسَى رسائلُه = ففيضُ فوَّاحِها بين الورى عَطِرُ
ففي صحائفِها جولاتُ ذي قلمٍ = يجري مع الفكرةِ الأسمى وينهمرُ
أعادَ للأدبِ المحمودِ سيرتَه = يضمُّه الوِردُ في الآفاقِ والصَّدَرُ
وباغتَ المدَّعين الريبُ جمَّعَهم = على الفسادِ وفي أوزارِه افتخروا
أخا الفضائلِ لاعاشت مساوئُهم = ولا علا شأنُ مَن باللهِ قد كفروا
هم حاربوا الأدبَ الأرقى ببهرجِهم = فبالتميُّزِ أهلُ الغيِّ ما ظفروا
لكَ البيانُ الذي بالحقِّ يدمغُهم = وقد تدارأ فيه الزورُ والأثرُ
وعشتَ ردءًا لِمــا في الحقِّ من قيمٍ = فللأباطيلِ لاتُبقي ولا تَذرُ
وحاقَ بالمارقين القولُ أقلقهم = وساءَهم عنده أن تُكشَفَ السُّتُرُ
وأخرستْهم مقالاتٌ مجلجلةٌ = للهاشميِّ استقتْ من بوحِها الغررُ
جَلَتْ معالمَها قدراتُه ، فدنا = من كفِّ أبنائِنا الإزهارُ والثَّمرُ
جزاكَ ربُّك خيرًا غيرَ منصرمٍ = ياطيِّبَ النفسِ ، والعسرى لمَن سخروا
أنتَ ارتفعْتَ إلى الجنَّاتِ وارفةً = وهم بوهدةِِ ليلِ الغيِّ قد قُبِرُوا
يبكي فراقَك في الدنيا غطارفةٌ = مَن غابَ منهم ــ أبا نضْرٍ ــ ومَن حضروا
يا أيُّها الفارسُ الغالي لقد عصفتْ = بنا الصروفُ وهاجَ الكربُ والكدرُ
شهباؤُك الموئلُ المحبارُ أثخَنَها = جرحٌ يفورُ ، فبالآلامِ تأتزرُ
وشامُك الحلوةُ الفيحاءُ جلَّلها = خطبٌ على كاهلَيْهِ الويلُ والخطرُ
فيها بكتْكَ مغانيها ،÷ ولوعتُها = في أدمعِ الطفلِ فحوى الدمعِ يختصرُ
والحمدُ للهِ ماخابَ الرجاءُ ولا = من شدَّةِ الهولِ هذا الصبرُ ينكسرُ
قد فزْتَ واللهِ بالنعماءِ إذ شهدتْ = مؤلفاتُكَ إذْ للهِ تنتصرُ
صدعتَ بالقيمِ العليا بشرعتِه = فبوركَ النَّثرُ فيه الزَّهوُ والوطرُ
واخضلَّ جذلٌ توارى خلفَ هجعتِنا = ففي فروعِ علاهُ تثمرُ السِّيرُ
ورغمَ بعدِك عن أهلٍ وعن وطنٍ = فقد تدلَّلتْ عليهم تلكُمُ الغُررُ
ونضَّرَ اللهُ بالإخلاصِ مانسجتْ = يداكَ فاخضرَّتْ الآفاقُ والشَّجرُ
إنَّ الأريجَ سرى في كلِّ ناحيةٍ = والشامُ فيها تثنَّى رِدنُك العَطِرُ
لم ننسَ أيامَها والأُنسُ بغمرُها = والمقمراتُ وفيها يبسمُ القمرُ
وداعةٌ ذوَّ!بتْها محنةٌ عصفتْ = بأجملِ الوُدِّ فاستشرى بها الضَّررُ
للسائلين عن الأبرارِ أدركهم = لطفُ الإلهِ برحماتٍ وقد ظفروا
مع النَّبيينَ مأواهم بما حفلتْ = ايامُهم بالتُّقى ، والعمر قد نذروا
للهِ عاشوا وللإسلامِ مابرحوا = ينافحون عدوًّا شأنُه الخُسُرُ
على محياهُمُ الإيمان تلمحُه = نورًا مبينًـا تجلى ليس ينحسرُ
وسامةٌ صاغَها حبُّ النَّبيِّ ولم = يصغْ بهاها الهوى والعُهرُ والوترُ
وفي جوانحِهم لَمْسَاتُ رفعتِهم = لاتتركُ الوجعَ الموَّارَ ينتشرُ
تلقى بهم من بشاشات الإخا ألقًـا = يردُّ عنك الأسى فالهمُّ يُحتَقَرُ
فيا أبا النَّضْرِ هذي ساعةٌ جمعتْ = مُـرَّ الليالي وهذا يومُها العَسِرُ
قد غابت البَسَمَاتُ : الوُدُّ زيَّنَها = ومثلُها في الرؤى نبعاتُها الأُخرُ
وما خبا شوقُنا ياهاشميُّ ولا = من المصابِ توارى وُدُّنا النَّضِرُ
المخلصون لقاهم عندَ بارِئِهم = يومًـا به زينةُ الدنيا سَتُحْتَقَرُ
فلا هجيرُ الأسى إذ ذاكَ يلفحُهم = ولا عُتُوُّ طغاةٍ دارُهم سقرُ
هو النعيمُ بدارِ الخلدِ يومئذٍ = يُرجَى برحمةِ مولانا و يُنتَظَرُ
ويابني عادلٍ أنتم بقيتُه = فأكرموه بوصلٍ ليس يُبْتَتَرُ
نزورُ ، نُتحفُ موتانا ونهديهم = أصفى الدعاءِ الذي هيهاتَ يندثرُ
وأنتِ يازوجةَ المفضالِ فاصطبري = على المصابِ ، فأجرُ الصَّبرِ مُدَّخرُ
فأنتِ ممَّن إذاما المحنةُ استعرتْ = أوِ ابْتُلُوا في ليالي عيشِهم صبروا
وللفقيدِ بدارِ الخلدِ منزلةٌ = منها يبشِّرُ مَن بالدِّينِ يأتزرُ
فآثروا جَنَّةَ الرحمنِ واعتصموا = بحبلِ بارئكم فالذنبُ يُغتَفَرُ
أما اللقاءُ فعندِ الله موعدُه = حيثُ الحبور الذي ماشابه كدرُ