احتفالية إعلان الشاعرة نبيلة الخطيب لديوانها الموسوم "من أين أبدأ"
احتفالية إعلان الشاعرة نبيلة الخطيب
لديوانها الموسوم "من أين أبدأ"
هيام ضمرة
اكتظ مساء اليوم السبت 30/8/1013 كثيراً من الحضور في مقر رابطة الأدب الاسلامي العالمية في عرجان، لحضور احتفالية اعلان الشاعرة نبيلة الخطيب رئيسة مكتب فرع الرابطة في عمان لديوانها الجديد " من أين أبدأ " ولوحظ حرص النخبة من الشعراء والكتاب للحضور والمشاركة
وفي تقديم مدير الأمسية الدكتور كمال مقابلة للشاعرة وديوانها.. قال: لا أبالغ أن الأستاذة نبيلة الخطيب لم تعد شاعرة فحسب؛ إنما غدت ظاهرة أدبية وحالة شعرية تستحق أنْ تُدرس، وقد دُرَست بالفعل من قِبل بعض الباحثين حين باحت بالجوى، وعشقت الزنبق، وامتطت صهوة الضاد، وحنّت لصبا الباذان، وكم تغنت لعمان.. واليوم، نجدها في ديوانها الجديد حائرة من أين تبدأ!!؟
ليسلم الرايه لضيفيّ الأمسية الناقد القدير الدكتور ناصر شبانة أستاذ النقد في الجامعة الهاشمية، والناقد الأديب الدكتور بلال كمال رشيد أستاذ الأدب في كلية الأميرة عالية
استهل الدكتور شبانة ورقته بالتنوية إلى وجود اشارتين في شعر نبيلة أولاها: تحقيقها لذاتها الشعرية على مستوى العالم العربي وفي الأخص على الجانب النسوي، فشعرها بات متداولاً خارج الأردن كما داخله، وثانيها استخدامها الإطار الفلسفي في فكرة الإرجاء والوصول.. وباشر شبانة بتقديم ضرب من التخصص في النقد بحيادية بالغة حيث منح ورقته عنوان " الإرجاء والوصل" فيما وجد أن الشاعرة مغرمة في عملية المراوغة الإبداعية، بحيث لا يصل المتذوق لمعنى شعرها إلا عبر حقل من جمالية اللغة، فهي بذلك غير مباشرة تصوغ المعنى بفنيات أدبية مبدعة، ويتفاوت هذا الحقل بمساحته بين حين وآخر، ساعة تقترب وأخرى تباعد، محققة بذلك فنية التجلي حد الدهشة.. فلن يكون المعنى واضحاً أمام المتلقي إلا بعد تجسيده حيث يدخل حينها حيز الإرجاء مسافة زمنية تحركها المعطيات المادية ببينات مجازية وأدوات بلاغية، كجسد انثى متواري خلف ثوب شبه شفيف.. ويرى شبانة أن نجاح شرط الإرجاء هي في قدرة الشاعر على ملئ المسافة بالصور المدهشة واللغة الجمالية حتى لا يفقد المتلقي مسوغات المعنى فيفقد بالتالي شرطه الجمالي في الشعر
ويرى شبانة أن نبيلة أولت قضية الإرجاء والوصل في ديوانها اهتماماً كبيراً، وظلت تحاول جاهدة إرجاء المعنى المتاح وحجبه بطائفة من التشكيلات اللغوية الجمالية التي تشبع الحس الجمالي عند المتلقي حتى لحظة القبض على المعنى، فيما المتذوق مشغولاً بتلك الإمكانات الجمالية التي منحت قصيدها البهاء ولمتذوقها الانتعاش بجمل اللغة.. والناقد هنا يطلق تعبير اللغة " صفرية الدهشة " على هذه الخاصية.. موضحاً أن الشاعرة أبدت قدرة على تحديد مساحة الإرجاء حتى لا تتحول إلى التغريب والاستغراق في الانغلاق.. ووصف الناقد قدرة الإرجاء والبنى الايقاعية بين المقاربة والمباعدة في تموجات موسيقية هي قدرة جمالية تميزت بها الشاعرة.. فتسعة عشرة قصيدة في الديوان كانت ستة عشرة منها على النظام التقليدي للقصيدة الموزونة ، وثلاثة على نمط شعر التفعيلة في محاولة التوفيق بين الحديث والقديم.. واقتصرت أعمالها على ثلاث بحور عروضية (البسيط ، والكامل بشقيه التام والمجزوء ، والمتقارب) مما يوضح استخدامها البحور ذات الكثافة الموسيقية والألحان المتموجة، على الأخص البحر البسيط الصالح لحالات الفرح الشديد أو الحزن الشديد.. فيما المتقارب من خاصياته أنه يستخدم للوثوب والاستدارة والفصل والوصل فيما يسمى التدوير.. فيما تيقن الناقد من حرص الشاعرة على استخدام القوافي غير الشائعة والصعبة لكسر حدة الرتابة إضافة الوحج لشعرها، حتى أنه استشعرها في بعض الأحيات تأتي بالبيت من أجل القافية وليس العكس
وفي خاصية الموسيقى الداخلية وجد الشاعرة تستخدم ملمحان مهمان هما التجنيس والتكرار حيث بدت الشاعرة مغرمة بالتكرار على سبيل التوكيد.. وقد نجحت الشعرة في تحويل قصائدها إلى مقطوعات موسيقية عذبة وايقاعات داخلية جميلة.. ولأن الصورة البلاغية من أبرز معالم الشعر فقد كانت حريصة على استحضار صورها الفنية
الناقد بلال كمال رشيد.. ركز على معنى عنوان الديوان " من أين أبدأ " حيث رأى العنوان مجرد سؤال متاح تقذفه كل الألسن.. منهك شاخص على قارعة الطريق.. خاصة أن العنوان يجب أن يختزل النصوص كلها، ورأى أن العنوان يستفهم، يستغرب، يتعجب، يستنكر، كاشفاً عن فنيات الاستهلال عند نبيلة واستخدامها الثنائيات التي يصلهما (الواو) ومن ثم عودتها لنقطة البداية في الختام
واعتبر العنوان الجديد هو عتبة أولى تساندها علامتا تعجب وعلامة سؤال تعطي معنى الحيرة، التوجع، التأوه، الاستفهام.. من أين تبدأ؟ في أجواء لا معالم فيها تشي بالطريق وكل شيء متلاطم، متداخل، لا وضوح بالمبتدأ ولا بالمنتهى.. فمن أين أبدأ؟ يخرج من العادية إلى الفنية فهو يعبُر عبْر العتبة الأولى إلى عناوين الديوان حتى الوصول للباذان بمصطلحات شعرية موحية دالة.. ويرى أن ديوان الشاعرة الخطيب تتآخى فيه المدن والقرى فتدور بين الباذان قريتها إلى القدس فالكرك والعراق واليمن.. تستخدم المقاربة في اللغة من خلال الجناس والطباق، فتقف أمام المفردة اسماً أم فعلاً لتوظف كلمات ذات جرس موسيقي.. فتقول
قسّ الصَّبا خدَّ الصِّبا فتوردا القلب أطربه الجمال فغردا
لما رأت حوَر العيون وحُورَها هرعت بلا وعي ترود الموردا
استخدمت الشاعرة الحكمة في قصائدها، وعايشت واقعها وأحست بوطنها السليب وعروبتها الجريحة وإسلامها المستهدف.. فيرى الناقد أن العنوان سؤال عادي في زمن غير عادي ومكان يعدو عليه العوادي.. ولم يبقى غير الشعر نبكيه فيبكينا.... وختم بالمقاربة على قول العرب قطعت جهيزة قول كل خطيب.. قائلاً:
قطعت نبيلة قول كل خطيِب.. وختم مهنئاً الأدب الاسلامي بشاعرته المتميزة
وجاءت قصيدة للشاعر محمد الخليلي موظفة لصفات الجمال في شعر الشاعرة ولصفاتها الشخصية الخلقية.. لتنتهي الأمسية في شهادات الأخوة والأخوات التي بدأها الدكتور عودة أبو عودة، والأديبة ظلال عدنان، والشاعرة الدكتورة أماني بسيسو، والدكتور سليم رزيقات، والأستاذ حنا ميخائيل سلامة، فالدكتور عبدالله الخطيب، والأديب الناقد محمد المشايخ، فالشاعر علي فهيم الكيلاني
وفي الختام أصرَّت هيام ضمرة والحُضور على الشاعرة أن تتحفهم بقراءة شعرية منْ ديوانها.