أن صدى الذكري زائر
يطرق باب مسمعي كل عشية وضحاها
سليمان عبد الله حمد
يا من يحنو علينا .. يايها الظل الظليل كنا نتفيأ ظلاله حين يشتد حرارة الشمس المحرقة ... يا فسحتي وقت ضيقي ...ياساعدي وزندي ... ويا سندي ومتكاي... ويا بهجة انسي .. و يا رفيق اجمل سنوات عمري ..
مضت أعوام ولا تزال الدمعة في الأحداق ... ولا يزال فراقك المر علقما نتجرعه ... ولا يزال الفراغ العريض الذي خلفه فقدك العظيم بمساحة الكون يخيم فوق سماواتنا . تتدحرج الذكرى بين زوايا العتمة، وخواطر البوح، وتباريح السفر ... لا الدمع يكفكف الآم الرحيل، ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقد، ولا التوقف عند محطات الرفاق يجلب شيئا من السلوى ...
انصرمت تلك الأعوام وانقضت عجلي بالرحيل ، وكل ما حولي يوحي بالذبول، حتى الكلمات تتحشرج فأستعيدها من قاع التردد لتبقي على خيط الحياة الممدود .
بعد رحيلك لم تعد الدنيا مثلما كانت .. واصبحت الحياة لا كتلك التي عهدناها ..فقد كنت عطر اماسيها .. وزينة مجالسها ... وواسطة العقد .. وكنت جوهر صدر المحافل.
لقد أثارت فاجعة رحيلك يا خلي الوفي - رغم الإرهاصات ورغم سماعنا المبكر لنداء الوداع - غصة في الحلق، وانحسارا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني. وإذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف مساندا لقيم الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها... ..وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء فقد كنت يا حبيب الروح و يا خدين النفس لطيفا شفيفا رقيقا رفيقا غاية في النبل والتسامح تحب الخير للناس ، وتبذل بأريحية وسخاء بلا من ولا اذى كل ما لديك في عون الناس، تسعد لسعادتهم وتشقى لشقائهم ، بارا بوالديك واهلك ، وفيا عطوفا محبا لزوجتك واطفالك ، عشيرا ودودا ولوفا لأصدقائك ومعارفك ، محبوبا لكل من عرفك .
"ابكيك للطبع الرقيق وللحجى......... ...ابكي لحبل شبابك المقطوع"
" ابكيك لست اخص خلقا واحدا ..............لكنما ابكي على المجموع"
للموت جلال أيها الراحلون، كما له مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد، نحن من ظلوا على قيد الحياة نبكيكم ونذرف الدمع في وداعكم، ونشيعكم لمثواكم الأخير، ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراكم بعد اليوم .
ونحن من يجزع لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا، ولأن رحيلهم إعلان لنا بأن قطار العمر ماض، والأيام حبلى والقدر محتوم... وللموت جلال أيها الباقون ...
وها نحن ودعناك يا صديقي وماضون في الطريق ... نظل نذكرك حتى المغادرة "حكم المنية في البرية جار ... ما هذه الدنيا بدار قرار .."
وداعا .. وسلام عليك في الخالدين .......
"أمان الله منا يا منايا
كلما اشتقت لميمون المحيا ذي البشائر ...
شرّفي تجدينا مثلا في الناس سائر
نقهر الموت حياة ومصائر" .
على الرغم من الرحيل الموجع إلإ أن صدى الذكري زائر يطرق باب مسمعي كل عشية وضحاها ... ويبقى العشم في أن نتلقى فى ظلال جنات تبقى ولا تفني !!!