إلى الابنة الغالية توكل كرمان
الحائزة على جائزة نوبل للسلام
د. منير محمد الغضبان *
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لم أتمالك نفسي وأنا أستمع إليك في مقابلتك مع الأستاذ أحمد منصور في برنامج بلا حدود من أقوم مباشرة لأكتب لك التهنئة بهذا الفوز العظيم، فوز المرأة المسلمة الثائرة الرائدة في عالمنا المعاصر لجائزة نوبل للسلام، كما تفضلت وذكرت في المقابلة.
وهي من جهة ثانية تحية للثورة في وطننا العربي والإسلامي التي شاركت فيه المرأة جنباً إلى جنب متمثلة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال).
لقد كنت رائدة للمسلمين والمسلمات في اليمن، مقتفية أثر خديجة رضي الله عنها، أول رائدة للإيمان في الأرض.
وكنت رائدة للمسلمين والمسلمات في اليمن، مقتفية أثر سمية أم عمار، رائدة الثائرات في الأرض يوم قدّمت نفسها في سبيل الله، ولن تبخل بدمها حين اقتضت ثورتها ذلك.
ابنتي الغالية: أحسست وأنا أستمع إليك أنني أستمع إلى ناطقة باسم عشرات الألوف من الأخوات الثائرات اليمنيات والسوريات والمصريات والليبيات والتونسيات.
واعذريني إن قلت لك: أن ما تعانيه الثائرة السورية هو أعنف ما لا قته امرأة في ثورات الربيع العربي، فقد تجاوز عدد الشهيدات المائة،وتجاوز عدد الأطفال من الشهداء المائة والخمسين، وتجاوز عدد الشهداء من الرجال ثلاثة آلاف شهيد، حيث تمثلت بطولة الثكالى والأرامل واليتامى من خلالهم .
وأما المعتقلون والمعتقلات فعشرات الألوف كذلك.
إن شعبنا يا ابنتي الغالية - وهو شعبك في سوريا- يقوم النظام الإجرامي الأسدي بقتله بأسلحته الثقيلة ودباباته وطائراته. فأنت المحامية والمدافعة عن شعبك العربي المسلم في كل مكان، وخاصة في سورية الشام شقيقة اليمن( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا)، والذي كان اسم جمعة أحد أسابيع الثورة في الشام.
بقي لي أن أقول لك بروح الأبوة هاتين الفكرتين وأودّ أن تصغي إليهما:
الفكرة الأولى: لم يثن القرآن على امرأة ما أثنى به على بلقيس رضي الله عنها وهي في سدّة الملك. وكان سر الثناء عليها لرفضها الدكتاتورية وحرصها على العدالة والشورى( قال يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون)
فالمرأة ملكة تخضع للدستور، ويثني عليها القرآن الكريم، وبالإمكان أن يتمثل هذا الأمر بك وقد انداحت أمامك آفاق الإقليمية إلى الآفاق الدولية.
الفكرة الثانية: إن كل امرء ما زاد تواضعا لله إلا زاده الله رفعة، وحذاري من الغرور. وشكر الله تعالى يجب أن يكون دافئا في القلب ليل نهار وعلى لسانك في كل حال.
فغرور إبليس عليه لعائن الله قاده وجنده وذريته إلى النار.
وتواضع آدم صلى الله عليه وسلم قاده إلى التوبة النصوح( وعصى آدم ربه فغوى . ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).
وأعظم مما ميّز الملكة بلقيس هي قولها ( قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين).
فخُرِّي ساجدة لله على هذه النعمة. وبهذا السموّ قد تجدين نفسك مكان طاغوت اليمن، ويزيدك الله رفعة.
واذكري كلمة سليمان صلى الله عليه وسلم: (لتسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أوتي ابن داود، لأن ما أوتي ابن داود يذهب والتسبيحة تبقى).
لا أملك لك إلا أن أهديك كتابي (الحقوق المائة للمرأة المسلمة) حيث كنت في مستهلّ شبابك تستشيرينني فيما تكتبين.
حفظك الله لأمتك قدوة ورائدة. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
عمك الدكتور منير محمد الغضبان
باحث وكاتب إسلامي سوري.
* باحث إسلامي سوري