من دفتر التّعبير
كلمة طالب في حفل النّاجحين في الثّانوية العامّة
صالح محمد جرّار/جنين فلسطين
معلّميّ الأفاضل , زملائي النّاجحين الأعزّاء , الحفل الكريم ,
السّلام عليكم , ورحمة الله , وبركاته , وبعدُ ,
الحمد لله ربّ العالمين حمداً كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم محمّد أستاذ البشريّة ومعلّمها الأوّل !!
أيّها الحفلُ الكريم , أقف اليوم بين أيديكم , وقد أنهيت وزملائي مرحلة من مراحل حياتنا , أقف في هذا الموسم من مواسم الحصاد وجني الثّمار , والقلب تزدحم فيه المشاعر , والرّوح تسجد لربّها - عزّ وجلّ- الذي وفّقنا وتوّج جهودنا بالنّجاح الباهر ! أقف وكلي شكرٌ لكم يا من بذلتم الغالي والنّفيس في سبيل تعليمنا وبناء شخصيتنا لنخوض بها غمار الحياة !
أيّها الآباء الأعزّاء ,ويا أيّتها الأمّهات الكريمات الصّابرات , يا من روّيتم غرسنا بدم قلوبكم , وفرحتم لفرحنا , أنتم الحبّ والوفاء والعطاء , ولن نستطيع أن نوفيكم حقّكم من البر والتّقدير , فجزاكم الله عنّا خير الجزاء !
أيّها المعلّمون الأفاضل , يا من مهّدتم لنا طريق النّجاح وتعبتم من أجل ذلك كثيراً , وسلّمتمونا , بأمانة وإخلاص مفتاح باب العلم الواسع , فجزاكم الله عنّا خير الجزاء !
وأنتم يا من كرّمتمونا , يا شبّان الإسلام , بارك الله في مسعاكم , فإنّكم تذكّروننا بأنّ ديننا الحنيف , دين الإسلام العظيم ,لهو خير راعٍ للمسيرة العلميّة , فالشّكر الشّكر الجزيل لكم ,وأحسن الله إليكم , كما أحسنتم إلينا !!
أيّها الإخوة في الله , أيّها الزّملاء الأعزّاء , أودّ أن أتحدّث إليكم اليوم مذكّراً نفسي وإيّاكم بواجبنا تجاه ديننا وأمّتنا وشعبنا ووطننا , فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين !
أيّها الإخوة الأحبّة , نحن اليوم في مرحلة الشّباب , والشّباب للعمر ربيعه الأخضر , وزهره النّاضر , هو القوّة والحيويّة , هو المثابرة والجِدّ , أتدرون , يا إخوتي ما مهمّتنا في الحياة ؟ لقد بيّن لنا القرآن الكريم دستور هذه الأمّة , الهدف من خلقنا , " وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون "
لقد خلقنا الله - تعالى - لنلتزم المنهج الرّباني , فنسير في درب الإسلام وركب المؤمنين , ويكون ولاؤنا لله ورسوله وللمؤمنين , من أجل ذلك , يا إخوتي , لا بدّ أن يكون لكل واحد منّا في هذه الحياة غاية وهدف يسعى دائماً إليه , وتتوق نفسه إلى تحقيقه , فيبذل النّفس والنّفيس في سبيل تحقيقه !
أيّها الشّباب , أيّها الزّملاء , إننا اليوم نقف على مفترق الطّرق , فلا بدّ من وقفة حكيمة نتدبّر فيها أمورنا , لتتبيّن لنا معالم الطّريق , فالقائد المحنّك لا تسيّره الأهواء المضلّة , ولا تجذبه المطامع الفارغة ,والإنسان الحكيم لا تستهويه البهارج , ولا يغرّه السّراب ! ولنتذكّر أيّها الإخوة , ونحن على أبواب مرحلة جديدة من مراحل حياتنا , لنتذكّر أننا روح أمّتنا وقلبها النّابض ! وشبّان الأمّة هم الجناح القويّ الذي يحلّق بها كالنّسر فوق القمّة الشّمّاء ,ويا خسارة الأمّة إذا هاض شبّانها هذا الجناح برذائل الأمم الغاوية , فيهبطون بأمّتهم إلى القيعان !!
وعلينا , يا زملائي الأعزّاء ,أن نعلم , وأن نتذكّر دائماً أن تلك الأمم السّاقطة بروحها وأخلاقها قد رضيت لنا الاستقلال التّام والحرّيّة الكاملة في اقترافنا الرّذيلة بشتّى أنواعها وأساليبها لينهار ركننا , فلا نقوى عندئذ على حمل مسؤولياتنا التي لا يقوم بها إلا أولو العزم وذوو الهمّة العالية والإرادة القويّة والإيمان الرّاسخ والعلم المهتدي بالإيمان وشريعة السّماء . فإنّ النّفس المؤمنة تكون أكبر من الدّنيا بشهواتها ورعونتها وحماقاتها !!
إنّ سلفنا الصّالح من شبّان الإسلام قد أُوتوا مفاتيح الخير حين ارتفعوا فوق ضعف النّفس الأمّارة بالسّوء , وعاشوا مجدهم وعزّتهم , وكانوا للبشريّة رحمة وخيرا وسلاما !!
فالله أسأل أن نكون - نحن شبّان الإسلام اليوم – مثلهم كتائب نور تبدّد جيوش الظّلام , وتهلك خفافيش الليل البهيم في هذه الدّنيا الّتي يصطرع فيها الحقّ والباطل ولا سلاح لنا إلا علم يوجّهه الإيمان وأخلاق غراس السّنة والقرآن " أفمن يمشي مكبّاً على وجهه أهدى أم من يمشي سويّاً على صراطٍ مستقيم "
فهيّا نرفع راية العلم والإيمان لترفرف فوق ربوعنا المنكوبة بريح السّموم , وهجير الأحقاد , وظلام القلوب , فلعلّ رحمة ربّنا تظلّانا فنقوى على دفع ذلك الشّرّ المستطير , وما ذلك على الله بعزيز ! قلا تقنطوا من رحمة الله , أيّها الإخوة , فلا زال في الوطن الذّبيح فتية وفتيات ثبتوا في الميدان وصبروا على الشّدائد - والشّدائد مجكّ الرّجال - فأروا الصّديق ما يسرّه , وأروا العدوّ ما يغيظه , وانكشفت المعركة عن فوارسَ أشّدّاء هم هؤلاء السّابقون في مضمار العلم والمعرفة فهنيئاً لكم أيّها النّاجحون , هنيئا لكم صبركم على محنتكم ومحنة وطنكم , حتّى جملكم هذا الصّبر أن تتعالوا على الجراح النّازفة , وعلى غدر القريب والبعيد , ووحشة الدّرب ,ومشقّة السّير , وفقد الأمن وفقد الاستقرار ! فكنتم بيدٍ تحملون الكتاب , وبيد تضمّدون الجراح وتلبّون النّداء !
من نجيع القلب حبّرت يراعي لا تلوموني فقدسي في وداع !
والدّم المسفوك في أرضي جرى أنهراً والعُرْبُ أشباه يراع !
والسّلام عليكم , ورحمة الله , وبركاته .
الطّالب محمّد صالح جرّار
خرّيج مدرسة جنين الثّانويّة والأول في لواء جنين عام 1987