كلمة عن الثوري
عبير الطنطاوي
نشرت أدباء الشام في الأسبوع الماضي قصيدة للشاعر المبدع الأستاذ (المقنع الثوري) وهو اسم له من حظه نصيب وأي نصيب !! فهو ثوري حقاً .. يثور للحق ولا يملك سلاحاً إلا سلاح القلم والشعر النظيف .. كانت القصيدة بعنوان (النواعير .. والطاغية) وهي قصيدة من تسعة عشر بيتاً كل بيتٍ فيها أروع من أخيه ..
تحدث في القصيدة عن الشعر الراقي فشبهه بـ (الصقر) يحلق فوق الغيم جناحاه ! وأنه كفر بالشعر (النذل) كما سماه الذي يغني صاحبه لطاغية من الطغاة .. والشاعر لم يكن يوماً من المعنين أو المصفقين للطغاة .. ولن يكون ..
وذكر الشاعر مدينة الشام حيث فيها من يسمي نفسه (أسداً) وما أجمل تشبيه دم الشعب بين شدقيه .. وهذا الجبان كما أسماه الشاعر يقذف حماة تلك المدينة المجاهدة على مدى الأزمان ، بالراجمات والطائرات وكأنه يحارب العدو الصهيوني أو عدواً لدوداً لا شعباً أعزل مسالماً إلا إذا اعتدي عليه .. وكم تأثرت بقوله :
هنا المساجد قد طارت مآذنها واغتيل كل مصلٍّ في مصلاه
وأبيات أخرى كثيرة كلها تحدث عن حال المدينة المنكوبة والأعراض المسلمة المهتوكة بأسى يدمي القلوب وينزل الدموع ، ويثير كل من لديه ذرة من كرامة ..
وما أجمل البيت الذي يصف فيه دم الطاغية بأن خمر النذالة تجري في خلاياه ..
ويدعو عليه فهو بلا رجولة ولا شهامة لأن الجولان مغتصب وهو لا يلوي على شيء لإنقاذه ..
وما أجمل البيت الذي يقول فيه :
يا ابن اللقيطة غض الطرف من خجل ألست في الأصل لا عز ولاجاه ؟
وأخيراً يختم القصيدة بالأمل الذي اعتدناه في أعماله بأننا نحن الصابرون الصامدون إلى أن يحكم الله بيننا وبينه ، وهو أعدل الحاكمين ، فإن الشعوب تبقى والطاغية يفنى لأن الله والشعب يأباه ..
سلمت يداك شاعرنا فكم تتحفنا في كل مرة بمايرفع معنوياتنا ، ويدعونا إلى معرفة عدونا الداخلي ، الذي لا يقل حقده علينا ، عن العدو الخارجي ، فكلاهما يتربص بنا ، وأنت تنبهنا إلى مكره ، وإلى أن نمكر نحن به ونتربص ، وإننا فاعلون بعون الله المنتقم الجبار ..