الحبيب الغالي غريب

الحبيب الغالي غريب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

( كل عام وانتم وامتنا الحبيبة وأهلينا وأوطاننا بألف خير )

أبو بشار

هذا عيد فطرنا مر علينا من جديد ، يذكرنا بأوطان وأهل ننظر إليهم في حسرة من بعيد، هناك خلف أسوار الوطن أب وأم وأخت تبكي حبها .... فاليوم عيد ، وآهات من الأعماق تخرج من صمت العبيد ، ودعوات من الأفئدة أن يجتمع الشمل والكل مبتهج سعيد ، ويعود الغائب من سفر قاهر شديد ، ويطل إلى الدنا سجيننا بعد عقود من الأسر لينكسر عنه القيد ويفل الحديد .

حبيب الغريب : قرات رسالتك ، وقرأت فيها أشجانك وأحزانك ، أحلامك وآمالك  ، أفراحك وآلامك ، فأصابت مني ما أصابت ، لم لا ونحن في الهواء سواء ، وعزاؤنا أننا من اختارنا الله لتكون من أصحاب البلاء ، وأننا على خطا عباد الله الأولياء ، وصحابته الغر وكذا الأنبياء .

لست في غربتك وحيدا ، فهناك مئات الألاف في غربتهم يعانون ، وعن اوطانهم مغيبون ، وشوقا لأحبتهم واهليهم مفطورون ، ولكنهم بكرامتهم معتزون ، وبحكم الله راضون ، وعلى الطريق المستقيم ماضون ، برغم الصعاب والآلام بالله معتصمون ، ولحبله المتين واصلون ، وبالله وحده منتصرون .

حبيبي الغريب : هناك الملايين من ابناء امتنا مشردون ، وفي ارجاء المعمورة هائمون ، يبحثون عن امان مفقود ، وعن طعام وكساء غير موجود ، فيهم الكبير والصغير والمولود ، وفيهم من شهد جحيم الأخدود ، ووطأة مستعمر حقود ، وعلوج من جلدتهم جعلو اجساد الأطهار للنار وقود ، فاسكتوا الأفواه وكممواالعيون واغلقوا العقول وقتلوا الشهود ، خاب ظنهم بمن قطعوا لهم العهود ، وباعوهم في سوق الخيانة لليهود ، و لكنهم برغم جراحهم صابرون ، ولله ناظرون ، ولمصائبهم عند ربهم محتسبون ، وآمالهم بالله وحده انهم لبلادهم عائدون ، ولغربتهم عما قريب مودعون ،   

لا تحسب أيها الحبيب الغريب  أن كل من فقد وطنه قسرا فقط هم الغرباء ، لا ايها الغريب فهناك الملايين في اوطانهم غرباء ، غرباء بدينهم ، بأفكارهم ، بعقيدتهم ،  بتعايشهم ، رغم وجودهم داخل الوطن وبين احضان الأهل والأحباب،

نعم أيها الغريب ألا تذكرهم ؟   بالأمس كانوا معنا اخوانا ، لله قد عقدوا الأيمانا ، و تعاهدوا ان ينشروا عقيدة ربهم سرا واعلانا ، كانت ايامهم سعادة ، لقاؤهم عبادة ، وطريقهم شهادة ،

المساجد كانت لهم دارا ، وقرآن الفجر كان شاهدا واقرارا، حملوه في قلوبهم وتمثلوه فاصبحوا اقمارا ،  في عالم سادت الرزيلة حتى اصبحت شعارا ، همهم ان يكون العالم حولهم مع ربهم اطهارا، فتعاونوا وتسارعوا وتسابقوا وزادهم اخلاصهم اصرارا ، سهروا الليالي قطعواالفيافي والقفارى ، حتى اصبح اسمهم في كل عامرة من ارضنا شعارا .

لكننا تفرقنا والعهد بيننا شديدا ، منا الذي قضى نحبه ولله شهيدا ، ومنهم من هجر الأوطان ودموع الحسرة قد حفرت في وجنتيه أخدودا   ، ومنهم من قد غيبته سجون البغي اشهرا وسنون وعقودا، ومنهم من في البلاد خائف مترقب ينتظر وعودا ، لكنهم وفي بلادهم أصبحوا غرباء وما نسوا لله عهودا

غرباء ، نعم غرباء ، ولكن  من يتذكرهم ليمسح عنهم دمعة حزن وبكاء، او يسمعهم كلمة حب وعزاء ، او يستحث فيهم الهمم والاباء ، تخفف عنهم هموما اضحت كالجبال ، واياما طوال من القهر والآذلال ، تشهد عليهم لياليهم السوداء الطوال ، وعيونهم المتعلقة بالسماء ان تحقق لهم المحال ، فقدوا الأمل بمن كانوا يحسبونهم رجال ، وخاب ظنهم بمن كانوا يعتقدونهم أبطال ، وجدوهم بكلامهم ابي ركال ، وبأفعالهم اندال ، ولوعودهم كذب وضلال ،

الصمت القاتل يلفهم ، والألم الشديد يهزهم ، والوطن الحبيب سجنهم ، واخ وجار اصبح اليوم جلادهم ، والطاهر الغيور توارى خوفا من إرهابهم ، والماكر الغدار أسرف في إذلالهم   .

و أضحت بلادي تسام الذل تحت نعالهم ، سمموا الأفكار والعقول والكل يجري خلف سرابهم ، فتربعوا عرش البلاد والكل ردد سم خطابهم ، حتى غدا أخيارنا غرباء في اوطانهم .

نعم هم غرباء يا حبيب العمر ورفيق الدرب ، ولكنهم مثلك لهم في غربتهم فرحة وعزاء ، وهم ينظرون الجنة التي اعدها الله خير الجزاء ، واي جنة يا رفيق الدرب إنها طوبى جنة الغرباء ، و مع رسول الله في جنة الخلد ويحلو اللقاء ، اعدها الله للمعذبين في دينهم من اهل الصبر والبلاء .

عزاؤهم حديثك يا رسول الله  ( بدأ الاسلام غريبا , وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبا للغرباء )

الحبيب الغالي الأيام من حولنا تدور ، لتخبرنا عن الكثير من الطغاة أصبحوا من سكان القبور  ، لعنوا في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب البور .

 ولكن النور ينبلج من حالك السواد ، والنصر حليف من شرد خارج البلاد ، الله رفيقه ولخطاه السداد ، لتكون غربته يوما ذكرى ، وايامه بعدها بشرى .

سالت القلب من تهوى فقال الشام يا صحبي

وريح الشام تشفيني من الأسقام والكرب

وانسام لنا ثرى تحاكي الروح في حب

احبك يا شآم يا عطري ويا مشواري الصعب

احبك يا امجاد ماضينا ومن ساروا على الدرب

فانت الشام في عيني وانت الوحي للقلب

والى لقاء بيننا في وطننا الغالي قريب ، تسموا فيه ارواحنا ويعانق الحبيب الحبيب ، ونعيش العمر افراحا ليس بيننا حاقد او رقيب . 

اخوك / غريب