أفراح الميادين .. تهنئة وتبريك
عبد الله زنجير /سوريا
الميادين بسمة الشآم للرافدين ، والنقطة الأحلى في الهلال الخصيب .. و آل مشوح يمثلون سفارتها في الفيافي و الفجاج ، نبلاً وحباً و خيراً و كرامة .
في الأسبوع الماضي 10/4/1431ه كانت فرحة زفاف الأخ الأستاذ المهندس عمر عبدالعزيز المشوح الذي نشأ مكياً في طاعة الله ، وكان لا بد من تهنئة نثرية تعكس مشاعر الود والصفاء ، فلم أجد أحسن مما خطه يراع أستاذنا الأديب د.عبدالعزيز المشوح ( أبو عمر ) والد العريس بهذه المناسبة الأسعد ، أنقلها كما هي ألف تهنئة و تبريك للعروسين عمر و عبادة حتاحت (حفيدة شيخ العربية الكبير العلامة علي الطنطاوي) و لآل مشوح حفظهم الله تعالى .
من : عبدالله زنجير
و أسرة قناة سنا الفضائية
و أسرة رابطة أدباء الشآم
إذا انقضى فصل الشتاء ، وبدأت شمس الربيع ترسل أشعتها الذهبية الدافئة على الثلوج المتراكمة حول منبع نهر الفرات في تركيا ، يبدأ النهر في الفيضان فتجيش غواربه و ترتفع أواذيه و يتلاطم موجه ، فيملأ السهول والبطاح .. حتى إذا دخل الأراضي السورية هادراً متدفقاً يحمل الخير و النماء ، مر بمحافظة دير الزور ليصل بعدها إلى بلدة الميادين ، حيث ولد عريسُنا ( عمر ) وقد اتكأت المدينة على ضفته الغربية مسندة رأسها إلى رحبة مالك بن طوق و ملقية قدميها في ماء النهر تستحم و تتوضأ وقد أشرقت من وجهها الصبوح حقول القطن البيضاء – كقلبها الذي لم يمسسه سوء – وألقت على كتفيها جدائل شعرها الصفراء المضفورة كسنابل القمح الذهبية التي تملأ السهول والوديان حولها وقد لوحتها حرارة الشمس فأعطتها لوناً برونزياً تتدفق فيه الحيوية والنشاط .
وانتشرت بجانب جسمها الجميل بساتين الخضار والفواكه من تين وعنب ورمان ..
تلك هي بلدة الميادين .. مدينة ( عمر ) ، مدينة ( المآذن ) التي قيل أن اسمها أخذ من ذلك وتبدل مع كثرة الاستعمال – أو أنها كانت ميادين للحروب .. وملتقى طرق الحضارات المارة فيها من عهد الرومان إلى عهد هارون الرشيد الذي كان يسير من بغداد إلى الرقة حيث يصطاف هناك ماراً بها ، فلا يرى الشمس من كثرة الأشجار التي تغطي جوانب النهر .. وعلى ضفة هذا النهر الهظيم يقف مسجد العائلة (مسجد المشوح) شامخاً أو مسجد (المفتي) حيث كان جدُ عمر الشيخ محمود مشوح رحمه الله مفتي بلدة الميادين والفرات أجمع ولأكثر من نصف قرن يخطب ويعظ ويفسر القرآن – ويتناول أحداث الحياة غير هياب ولا وجل .
هناك نشأ عمر .. حتى إذا كثرت القيود و السدود هاجرت قطرات النهر و هاجر معها عمرُ و عائلتهُ حيث يعمل والده منذ ما يقرب من ثلاثين سنة مدرسا بمدارس الفلاح المباركة ولم يعرف غيرها .. و أَنْعِم و أَكرم بما عَرَف .
نشأ ( عمر ) على التقوى والصلاح فتضلع من ماء زمزم ، وحفظ القرآن في الحرم المكي الشريف ودرس في جامعة الملك عبدالعزيز ثم حصل على الماجستير في أنظمة المعلومات .. وكان قدره أن يلتقي بابنة (بردى) من آل حتاحت الأسرة الدمشقية العريقة ، فأبوها الشيخ نادر حتاحت ، صاحب دار المنارة للنشر والتوزيع ، وجدها الشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله أشهر من نار على علم ، فالتقت الأصول الطيبة الكريمة والفروع المباركة ولهذا تم اجتماعنا اليوم لتباركوا لنا فرحة اللقاء .
قطرةُ الماء المهاجرة
(فراتُ) جِئتَ وفي يَنبوعكَ الأملُ والأرضُ عَطشى لحُبٍ فيكَ يشتعلُ
قد كنتَ تروي حقولَ الحبِ في بلدي فما لكَ اليوم قد تاهت بك السبلُ ؟!
حيرانَ تجري ضعيفاً شَفَّهُ سَقمٌ وكنتَ قَبلُ عُباباً مالهُ قِبَلُ
إني رأيتُكَ هَدّاراً و ( مسجدُنا ) بجانبِ ( الجُرف ) قد ضاقَتْ بهِ الحِيلُ
ولا يغيبُ خِطابُ الشيخِ عن أُذني كمُنذرِ الجيشِ لا عِيُّ ولا خَطلُ
وأَعينُ القومِ ذَهلى وهي شاخصةٌ تخافُ ، والشيخُ لا خَوفٌ ولا وجلُ
حتى تَبخرتِ الآمالُ ، وانقلبتْ حقائقُ الأمسِ أحلاماً فلا أملُ
تناثَرتْ قطراتُ النهرِ وانتشرتْ بيضاءَ صافيةً كالقطرِ مُنهملُ
حتى أتتْ مكةَ الغرّاء ظامئةً لماءِ زمزمَ يَرويها فَتغتسلُ
فبُوركت هجرةٌ الله راعِيَها و باءَ شَانئُها بالخزي مشتملُ
وكان في ( عمرٍ ) خيرٌ أُريد به ( فالذكرُ ) ديدنهُ حِلٌ ومُرتَحلُ
فشبَّ في طاعة الرحمنِ مَنشؤُهُ وكان في سِورِ القرآنِ مُنْشغلُ
وكان قطرةَ نهرٍ فاضَ منبعُها حتى أَتتْ ( بردى ) تدعو وتبتهلُ
فكان من قدرٍ نجمٌ أضاءَ لَهُ دربَ الزواجِ فطابَ الفَرعُ و الأصْلُ
(محمودُ) سَيّدُهُ ، ولا تسَلْ عن (علي) جَدُّ زوجتِهِ ففيه يُضربُ المثَلُ
طابَ الغِراسُ وفَاح العِطرُ وانتشرتْ ببطنِ مكةَ الأفراحُ والقبلُ
إنْ كانَ في (مكةَ الغرَّاءِ) لي نسبٌ ف ( للشآم ) بقلبي مَشربٌ ثَمِلُ
وفي (الميادين) أحبابٌ وأوشجةٌ يا طيبَ معشرِهِم ما حَلّوا وما رحَلوا
وبُوركتْ قطرةٌ للنهرِ هاربةٌ فيها الفلاحُ ، ومنها الغادِقُ الهَطِلُ
ذريةٌ (لعميرٍ) طابَ منبتها على الصلاحِ فمنها القولُ والعَملُ
فاستغلظتْ فاستوتْ واشتدَّ ساعدُها لكي تعيدَ فِعالاً كالذي فعلوا
فيطربُ النهرُ مزهواً بعودتِهم تَزكو الحياةُ ومنهُم يُشرقُ الأملُ
( فراتُ ) إن لم تَروِ أفئدةً ظمأى إليك ففي الجِنانِ يطيبُ الخمرُ والعسلُ
بمناسبة زواج عمر 25/4/2010م 10/4/1431ه
أتمه الله عليه باليمن والبركة ..
عبدالعزيز المشوح
أبو عمر
25/4/1431ه