أعد نسج خيوطك

مهداة إلى الشاعر والأديب محمد الحسناوي

محمد الحسناوي

[email protected]

علاء الدين آل رشي

[email protected]

هل يمكن للمرء أن يعيش بلا مفاهيم تضبط المسيرة وتهب ثناء للسيرة؟ مفاهيم تقيم وعيا متحضرا يفسر لغز الحياة ويبرمج العلاقة مع الآخرين وفق قواعد الإحسان والخلق الجميل

مفاهيم ترتقي بالإنسان فتهب لروحه سكنا ولعقله تجددا ولعزيمته مضاء مفاهيم تحفز على البقاء والنقاء والبسمة والنسمة للروح والفؤاد ومابين أيدينا مفاهيم صاغها عقل يقظ وروح وثابة عاشت لفكرة ومضت بثبات عليها وهي مستقاة من رسالة أشواق الروح للأستاذ سيد قطب قمت باختصارها ووضع عناوين رئيسة لها مع التركيز على الجانب الايجابي في صياغة سلوك باسم محب خير عطوف

بقي أن أشير أنني اهدي هذه الأفكار إلى أستاذ أستاذتي الأديب النبيل الفارس الإنسان محمد الحسناوي على أمل الشفاء وأن يمتع الله به الإنسانية المحبة للأدب والجمال والصلاح نحبك يا حسناوي وليكن الله معك والى لقاء قريب بك وأنت في تمام الصحة واطراد المسرات نقدرك حقا ودمت لنا

· كن حيا فاعلا!!.

· الشمس تطلع، والشمس تغرب، والأرض من حولها تدور، والحياة تنبثق من هنا و من هناك.. كل شيء إلى نماء.. نماء في العدد و النوع، نماء في الكم والكيف..

· لو كان الموت يصنع شيئا لوقف مد الحياة!.. ولكنه قوة ضئيلة حسيرة، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة...!.

· كن صاحب فكرة

· عندما نعيش لذ واتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود.أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض !! )

· ضاعف إحساسك بالآخرين

· ليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر

· لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعورآ مضاعفا بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلا... إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية!.

· استمسك بالمبدأ

· حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر، ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة حقيقية على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظل في نموها الهادي البطيء، لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك !...

· ابحث عن نبع الخبر

· عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة!... لقد جربت ذلك.. جربته مع الكثيرين.. حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور...شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية- غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم... ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص. إن الشر ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا. إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء.. فإذا أمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية.. هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم، و على أخطائهم او على حماقاتهم كذلك.. وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون.. لقد جربت ذلك، جربته بنفسي. فلست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام!.

· أتقن لغة الحب والعطف

· عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفى أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة.

· إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء. إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثنى عليها حين نثنى ونحن صادقون، ولن يعدم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة.. ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب إ... كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة العطف! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تلتئم في نفوسنا نموا كافيا، ونتخوف منهم لان عنصر الثقة في الخير ينقصنا !. كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير

· العظمة الحقيقية

· أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! ..

· إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية، أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثنى على رذائلهم، أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقأ.. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية !..

· استكمل نفسك بعون غيرك

· لا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا على الوصول إلى ما نحن فيه. إننا نحاول أن نصنع كل شىء بأنفسنا، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا..؟ نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون أثر في صعودنا إلى القمة. إننا نصنع هذا كله حين لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحى.. أما حين نكون أقوياء حقأ فلن نستشعر من هذا كله شيئا.. إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التي تسنده وهو يتكأ في المسير !.

عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح.. الشكر لما يقدم لنا من عون.. والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن.. فيشاركنا الجهد والتبعة.. إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق !.

· كن صالحا مصلحا

· الفرح الحقيقي هو الثمرة الطبيعية لأن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكا للآخرين، و نحن بعد أحياء. إن مجرد تصورنا لها أنها ستصبح – و لو بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض- زادا للآخرين وريا، ليكفى لأن تفيض قلوبنا بالرضا والسعادة والاطمئنان!

· اتصل بالنبع الأصيل

· " التجار " وحدهم هم الذين يحرصون على " العلامات التجارية " لبضائعهم كى لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم من الربح، أما المفكرون و أصحاب العقائد فكل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم ويؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا إلى أصحابها الأولين !.. إنهم لا يعتقدون أنهم " أصحاب " هذه الأفكار والعقائد، وإنما هم مجرد " وسطاء " في نقلها وترجمتها.. إنهم يحسون أن النبع الذي يستمدون منه ليس من خلقهم، ولا من صنع أيديهم. وكل فرحهم المقدس!، إنما هو ثمرة اطمئنانهم إلى أنهم على اتصال بهذا النبع الأصيل !.. الرواد كانوا دائما، وسيكونون هم أصحاب الطاقات الروحية الفائقة، هؤلاء هم الذين يحملون الشعلة المقدسة التي تنصهر في حرارتها كل ذرات المعارف، وتنكشف في ضوئها طريق الرحلة، مزودة بكل هذه الجزئيات، قوية بهذا الزاد، وهي تغذ السير نحو الهدف السامي البعيد!. هؤلاء الرواد هم الذين يدركون ببصيرتهم تلك الوحدة الشاملة، المتعددة المظاهر في: العلم، والفن، والعقيدة، والعمل، فلا يحقرون واحدا منها ولا يرفعونه فوق مستواه !.

· ليس هو الطريق

· الصغار وحدهم، هم الذين يعتقدون أن هناك تعارضا بين القوى المتنوعة المظاهر، فيحاربون العلم باسم الدين، أو الدين باسم العلم... ويحتقرون الفن باسم العمل، أو الحيوية الدافعة باسم العقيدة المتصوفة !.. ذلك أنهم يدركون كل قوة من هذه القوى، منعزلة عن مجموعة من القوى الأخرى الصادرة كلها من النبع الواحد من تلك القوة الكبرى المسيطرة على هذا الوجود !.. ولكن الرواد الكبار يدركون تلك الوحدة، لأنهم متصلون بذلك النبع الأصيل، ومنه يستمدون!... إنهم قليلون.. قليلون في تاريخ البشرية.. بل نادرون! ولكن منهم الكفاية..: فالقوة المشرفة على هذا الكون، هي التى تصوغهم، وتبعث بهم في الوقت المقدر المطلوب!.

· جدد عقلك

· احترام العقل البشري ذاته لخليق بأن نحسب للمجهول حسابه في حياتنا لا لنكل إليه أمورنا كما يصنع المتعلقون بالوهم والخرافة، ولكن لكى نحس عظمة هذا الكون على حقيقتها، ولكى نعرف لأنفسنا قدرها في كيان هذا الكون العريض. وإن هذا لخليق بأن يفتح للروح الانسانية قوى كثيرة للمعرفة وللشعور بالوشائج التي تربطنا بالكون من داخلنا وهى بلا شك أكبر وأعمق من كل ما أدركناه بعقولنا حتى اليوم بدليل أننا ما نزال نكشف في كل يوم عن مجهول جديد، وأننا لا نزال بعد نعيش

· أدر إدراكك

· كلما ازددنا شعورا بعظمة الله المطلقة زدنا نحن أنفسنا عظمة لأننا من صنع إله عظيم !.إن هؤلاء الذين يحسبون أنهم يرفعون أنفسهم حين يخفضون في وهمهم إلههم أو ينكرونه إنما هم المحدودون الذين لا يستطيعون أن يروا إلا الأفق الواطىء القريب!. إنهم يظنون أن الإنسان إنما لجأ إلى الله إبان ضعفه وعجزه، فأما الآن فهو من القوة بحيث لا يحتاج إلى إله! كأنما الضعف يفتح البصيرة والقدرة تطمسها!. إن الإنسان لجدير بأن يزداد إحساسا بعظمة الله المطلقة كلما نمت قوته لأنه جدير بأن يدرك مصدر هذه القوة كلما زادت طاقته على الإدراك...

· كن مؤمنا

· إن المؤمنين بعظمة الله المطلقة لا يجدون في أنفسهم ضعة ولا ضعفا، بل على العكس يجدون في نفوسهم العزة والمنعة باستنادهم إلى القوة الكبرى المسيطرة على هذا الوجود. إنهم يعرفون أن مجال عظمتهم إنما هو في هذه الأرض وبين هؤلاء الناس، فهى لا تصطدم بعظمة الله المطلقة في هذا الوجود. إن لهم رصيدا من العظمة والعزة في إيمانهم العميق لا يجده أولئك الذين ينفخون أنفسهم ك " البالون " حتى ليغطي الورم المنفوخ عن عيونهم كل آفاق الوجود !.

· التحرر الحقيقي

· أحيانا تتخفى العبودية في ثياب الحرية فتبدو انطلاقا من جميع القيود: انطلاقا من العرف والتقاليد، انطلاقا من تكاليف الإنسانية في هذا الوجود!.إن هنالك فارقا أساسيا بين الانطلاق من قيود الذل والضغط والضعف، والانطلاق من قيود الإنسانية وتبعاتها، إن الأولى معناها التحرر الحقيقى، أما الثانية فمعناها التخلي عن المقومات التى جعلت من الانسان إنسانا وأطلقته من قيود الحيوانية الثقيلة!. إنها حرية مقنعة لأنها في حقيقتها خضوع وعبودية للميول الحيوانية، تلك الميول التى قضت البشرية عمرها الطويل وهى تكافحها للتخلص من قيودها الخانقة إلى جو الحرية الإنسانية الطليقة...

· كن جميل القدوة

· إن المباديء والأفكار في ذاتها- بلا عقيدة دافعة- مجرد كلمات خاوية أو على الأكثر معان ميتة! والذي يمنحها الحياة هي حرارة الإيمان المشعة من قلب إنسان! لن يؤمن الآخرون بمبدأ أو فكرة تنبت في ذهن بارد لا في قلب مشع. آمن أنت أولا بفكرتك، آمن بها إلى حد الاعتقاد الحار! عندئذ فقط يؤمن بها الآخرون ! وإلا فستبقى مجرد صياغة لفظية خالية من الروح والحياة !... لا حياة لفكرة لم تتقمص روح إنسان، ولم تصبح كائنا حيا دب على وجه الأرض في صورة بشر!.. كذلك لا وجود لشخص - في هذا المجال- لا تعمر قلبه فكرة يؤمن بها في حرارة وإخلاص... إن التفريق بين الفكرة والشخص كالتفريق بين الروح والجسد أو المعنى واللفظ، عملية - في بعض الأحيان- مستحيلة، وفي بعض الأحيان تحمل معنى التحلل والفناء!. كل فكرة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان! أما الأفكار التي لم تطعم هذا الغذاء المقدس فقد ولدت ميتة ولم تدفع بالبشرية شبرا واحدا إلى الأمام

· نظف وسيلتك

· الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل: فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة؟ بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة؟! حين نخوض إلى الشط الممرع بركة من الوحل لابد أن نصل إلى الشط ملوثين.. إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا وعلى مواضع هذه الأقدام، كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة: إن الدنس سيعلق بأرواحنا، وسيترك آثاره في هذه الأرواح، وفي الغاية التي وصلنا إليها!. إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية، ففي عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات! الشعور الإنساني وحده إذا أحس غاية نبيلة فلن يطيق استخدام وسيلة خسيسة.. بل لن يهتدي إلى استخدامها بطبيعته! " الغاية تبرر الوسيلة!؟ ": تلك هي حكمة الغرب الكبرى!! لأن الغرب يحيا بذهنه، وفي الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات!.