تأبين الدكتور أحمد صدقي الدجاني –رحمه الله*-

تأبين الدكتور أحمد صدقي الدجاني –رحمه الله*-

الشيخ: زهير الشاويش

فيا أيها المحتفلون الأوفياء الكرام..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:

"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً" الأحزاب: 23.

وإننا نشهد بأن أبا الطيب من هؤلاء الذين هم قلة بين الناس، وفيهم الأخيار، ولا نزكي على الله أحداً.

عرفناه متطلعاً بطموح، وسائراً إلى العزة التي أذن الله بها للمؤمنين، من غير تكبر، ولا علو في الأرض.

عمل بالتربية العلمية، والعملية، باستخدام القلم، وإغناء الفكر، ورعاية الجهاد وأهله، والوفاء لمن عرف من أساتذته، والصدق مع إخوانه، والمواساة لتلامذته، وفي الجميع العدد الوفير.

وكنتَ في الجماعة والمؤتمر القومي الإسلامي ركن القيادة، وما غادرتهما إلا بفهم ودراية وحسن تصرف، وبقاء الصلات والود.

وكنتَ سلماً مع كل حكامنا بسياسة حكيمة، ونصحاً لهم ما أمكنك النصح، وقد شهدنا لك المصالحة مع الحاج أمين الحسيني زعيم فلسطين الأكبر في يومه، ومع جمال عبد الناصر، والملك حسين ين طلال، ومع حكام المملكة العربية السعودية، والإمارات، والمغرب، وحتى مع ملك ليبيا ثم مع القذافي، وياسر عرفات، وغيرهم في كل البلاد العربية!

ومع أن لك ملحوظات على الجميع.

ولكنك كنت ترى للسلطان ما يرى سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه:

(إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن).

ولم تنس الكلمة البليغة:

"أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم".

وكان ديدنك الكلمة المشهورة:

"نتعاون فيما اتفقنا عليه، وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه".

وتضع أمام عينيك حكمة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً:

"الاختلاف شر".

وتردد مقولة إمامنا أحمد بن حنبل –رحمه الله-:

"لو علمنا أن لنا دعوة صالحة لدعونا بها إلى الحكام".

واليوم وقد مضى على وفاتك هذه الأيام القليلة العدد، والمفعمة بالألم، الذي يملأ قلوب جميع عارفي فضلك، فإننا لا نحمل العزاء لأهلك وبنيك حفظهم الله، وبارك فيهم، وجعلهم خير خلف لخير سلف، وإنما نختزنه بأنفسنا، لأننا شركاء معهم بالحزن والمصيبة، والقبول بحكم الله جلّ شأنه.

وهذا الحشد الكريم الكبير من كل طوائف الأمة يتقبل العزاء بك، وعظّم الله أجر الجميع، وشكر مسعاهم، وتغمدك برحمته، ولله ما أخذ، ولله ما أعطى، وإنا لله وإنا إليه راجعون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيروت: الاثنين الثالث من المحرم 1425هـ الموافق 23/2/2004م.

       

هوامش :

* نص الكلمة التي ألقاها الأستاذ زهير الشاويش باسم المؤتمر القومي الإسلامي في بيروت، في حفل التأبين.