الحافظ الجامع الشيخ عبد الهادي الطباع
وفاة عالم فاضل ...
أحمد معاذ الخطيب الحسني
رابطة علماء سورية المستقلة وعلماء دمشق وقراؤها وخطباؤها وحملة القرآن فيها .. و جمعية التمدن الإسلامي يسلمون بقضاء الله وقدره وفاة : الحافظ الجامع الأستاذ الشيخ عبد الهادي الطباع ، وقد توفي في دمشق فجر يوم الاثنين 21 ربيع الأول 1430هـ / 16 آذار 2009م ، وهو من مواليد دمشق عام 1388هـ / 1968م و خطيب وإمام جامع الحمد بدمشق سابقاً لما يقارب سبعة عشر عاماً ، ومدير معهد تحفيظ القرآن فيه.
ينحدر الشيخ من الأسر العلمية الفاضلة في دمشق ، ووالد الشيخ عبد الهادي هو الشيخ أحمد بن محمد علي حفظه الله (مواليد 1343هـ/1924م) وهو عالم فاضل ومرب ، وإمام المدرسة الصابونية ثم السنانية ، ومن خريجي معهد الغراء ثم الأدب العربي ، وأخذ عن الأساتذة الشيوخ: علي الدقر ، عبد الغني الدقر ، لطفي الفيومي ، حسن حبنكة ، محمود الحبال.
وجد الشيخ لأمه هو العالم المجاهد الحافظ الشيخ مصطفى (حمدي الجويجاتي) رحمه الله (1315/1411م) (1898هـ/1991م) ممن شارك في معركة ميسلون ، وكان من مجاهدي الثورة السورية ضد الفرنسيين ، وتلميذ الشيخين بدر الدين الحسني وعطا الله الكسم ، وإمام جامع الروضة ثم المرابط لسنوات كثيرة ، وخطيب جامع الدلامية ، والذي كان بارعاً في مناظرة النصارى ، وأطفأ فتنة القاديانية في عصره ، وسجن في قلعة دمشق أيام الفرنسيين.
تخرج الأستاذ عبد الهادي في كلية الدعوة الإسلامية ، ثم كلية الشريعة بجامعة دمشق ، وحصل على إجازة بالإقراء على قراءة حفص من الشيخ محيي الدين الكردي ، والشبخ سليم مودود المغربي ، وجمع القراءات على الشيخ بكري الطرابيشي. رحمهم الله.
درس الشيخ علوم الحاسوب إلى أصبح مدرساً لها ، واعتنى باللغة الإنكليزية عناية كبيرة ، إضافة إلى تمكنه من الفقه الحنفي خاصة واللغة العربية ، ومن أساتذته الشيخ عبد الغني الدقر رحمه الله ، والشيخ محمد أديب الكلاس عافاه الله.
انتخب أكثر من مرة عضواً في إدارة جمعية التمدن الإسلامي ، وكان له جهد مبارك فيها.
كان للمرحوم اهتمام خاص بحقوق الإنسان ، وله نشاط طيب حول الموضوع . وكان يرغب أن يكون هناك جمعية إسلامية لحقوق الإنسان ، تدافع عن الناس وتزيل مظالمهم ، وتحمي الدعاة منهم وحملة الحق فيهم ،وقد استطاع يوماً اختراق بعض الفرق المنحرفة ، وبين للناس حقيقتها ، وقد تعرض بسبب ذلك للأذى ، وهدد في حياته.
صنف عدداً من الرسائل اللطيفة في علوم الشريعة والقرآن الكريم.
درَّسَ العشرات من الطلاب ، وتخرج على يديه العديد من الحفاظ ، وممن تلقى عنه القائد المجاهد خالد مشعل ، إذ قرأ عليه ختمة كاملة. وكانت عنده غيرة وهمة في أموره ، وقد عرضت عليه فرص عمل جيدة ، فلم يقبلها إيثاراً لطلبة العلم وتقديماً لهم على متاع الحياة الدنيا ، رغم أنه لم يكن ذا بحبوحة وافرة من العيش.
كان الشيخ لطيف المعشر، طلق المحيا ، محباً لأهل الاستقامة ، كارهاً للمنافقين ، ولا يحب التملق وأهله ، وعنده أدب بالغ ولطف، وتواضع جم ، مع حزم في الأمور ونشاط ظاهر ، واستقامة في يده ودينه ، ونباهة وفطنة ، حر التفكير ، حتى أنه برمج يوماً موقعاً الكترونياً سماه : إماطة اللثام عن بعض أدعياء العلم بالشام ، ثم أوقفه بعد مضايقات.
تزوج الشيخ امرأة صالحة من آل التكجي ، وأمها من آل الخطيب الحسنية ، وله منها أربعة أولاد.
رحل الشيخ بعد تدهور متسارع في صحته ، عقب أحزان اعترته ، وقد ضويق في أموره وآذاه بعض الناس وافتروا عليه وكادوا له فأخرجوه من مكان سكناه ، حتى ترك الخطابة والإمامة والمسجد كله.وضاق صدره من أهل الأرض فقرع أبواب السماء ، فاراً إلى الله أرحم الراحمين ، حيث لا ظلم هناك.
صُلي على الشيخ يوم الثلاثاء 20/ربيع الأول /1430 الموافق 17 /آذار /2009 في جامع السنانية – باب الجابية ، ودفن في باب الصغير ، وعزي به في جامع صلاح الدين الأيوبي – ركن الدين.
اللهم ارحم أخانا أبا محمود واخلفنا وأهله وولده وبلده خيراً ..
اللهم إن كان محسناً فزد اللهم في حسناته ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاتنا وسيئاته.
اللهم اجعله مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً.
وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
كتبه : من كنت أخا روحه يا أبا محمود : أخوك الذي لن ينساك بإذن الله : أحمد معاذ الخطيب الحسني.