الحاج منصور الحياري في ذمة الله

عبد الله خليل شبيب

خسارة كبيرة للدعوة الإسلامية والنشاط القرآني

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

من بشارات رسول الله صلى الله عليه وسلم – لأمته أن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وهو لا يشرك بالله شيئا ..غُفِر له..

ففي ليلة مباركة .. ليلة الجمعة التاسع والعشرين من رجب عام 1429 الموافق الأول من شهر آب 2008 .. غادر هذه الدنيا علم من أعلام الدعوة الإسلامية والنشاط القرآني : الحاج منصور عايش الحياري أغدق الله عليه من فضله وأفسح له في واسع جناته .. وأمطر عليه شآبيب رحمته ومغفرته ورضوانه .. وعوض الله عنه أهله وذويه وإخوانه ومحبيه خير ما يعوض فاقدا عن خسارة كبيرة ومصيبة أليمة .

لا يختلف اثنان ممن عرف الفقيد ..على الشهود له بالخير والصلاح والتقوى .. وألسنة الخلق أقلام الحق ..والمؤمنون شهود الله في خلقه وأرضه..

لقد عرفنا أبا الحسن منذ مطالع خمسينيات القرن الماضي.. وقد كان – رحمه الله – منذ عرفناه عاملا للإسلام في أي ميدان يتاح له ..مخلصا متفانيا في سبيل الله يسابق في أعمال الخير والبر وخدمة المسا جد والقرآن وحفاظه وطلابه .وفي ما استطاع من وجوه البر والخير .. لايقصر – مااستطاع في واجب ..ولا يتأخر – ما أمكنه- عن باب من أبواب الخير والصلاح   " لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ".

.. لقد كان الحاج منصور رحمه الله متواضعا خافض الجناح .. لا يبحث عن شهرة ولا أضواء ولا بهرجة إعلامية – شأن العاملين المخلصين المتجردين لله ..المهم عنده الثمرة والنتيجة.

ولقد كان المرحوم منذ بواكير عمره داعية نشطا متحمسا للإسلام ودعوته.. واستمر في نهجه العملي المخلص في مختلف مواقع الدعوة ..فقد كان يبحث عن رضا الله وعن رفعة شأن الإسلام والمسلمين ..وخدمة الدعوة الإسلامية وما يعززها من خدمات لبيوت الله ولعمارها ولكتاب الله وحفظته وعشاقه .    

.. لقد كان الفقيد رئيسا للجنة المركزية لشؤون المساجد ثم مقررا عاما لجمعية الصالحين لتحفيظ القرآن الكريم التي أنشأها وداوم على رعاية أنشطتها ومتابعتها حتى آخر لحظة من حياته...فقد كان رجلا ربانيا قرآنيا عمليا .. كذلك نحسبه والله حسيبه..ولا نزكي على الله أحدا .

.. تشهد لأبي الحسن كثير من المساجد والمصليات التي أسهم في إنشائها ورعايتها – بشكل أو بآخر – ويشهد له الآلاف من حفظة كتاب الله ودارسيه في مختلف فروع جمعية الصالحين في طول الأردن و عرضها ...

.. لقد كان يقيم لطلاب القرآن مخيمات إيمانية .. ثم مسابقات قرآنية .. ويشهد له بذلك مسجد أبو قورة حيث كانت تقام سنويا مسابقة قرآنية على مستوى المملكة .. وكانت تقدم الجوائز للحافظين والمتقنين والفائزين .. وكان جهد أبي الحسن وراء كل ذلك لا يكل ولا يمل ..مهما تواضعت الإمكانات ..

وكثيرا ما تجول في مرابع الأردن من شماله إلى جنوبه متفقدا وراعيا ومتابعا الأنشطة القرآنية ..وشؤون المساجد التي ساهم في إنشائها بجهوده الطيبة ومساعيه الخيرة وبالتعاون مع أهل الخير والبر الذي لا يخلو منهم – ولله الحمد – زمان ولا مكان ..ممن يريدون وجه الله والآخرة وخدمة الإسلام والمسلمين ..وتوافقوا في ذلك مع المرحوم ..ووجدوا فيه الهمة العالية والأمانة والإخلاص والثقة والاستقامة ليكون خير من يرعى مثل تلك الأعمال الخيرية والعلمية  والإسلامية .

.. هذه بعض جوانب مشرقة من حياة ومآثر المرحوم الحاج منصور الحياري .. وربما كان ما لم نعلمه عنه أكثر مما علمنا وما ذكرنا .. ولكنا نكل عمله ونيته إلى بارئه ..ونسأل الله أن يتقبلنا وإياه عنده في رحابه الواسعة التي تتسع لكل راج رحمته راغب في مغفرته مبتغ لرضوانه وطالب لجناته .. والله واسع عليم .. حليم كريم يقبل التوبة عن عباده ويعفوعن السيئات ..ويعلم ما تفعلون .

رحم الله أبا الحسن .. فقد أبى إلا أن يكون على نهج قدوته وقدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. رحمة في حياته وبعد مماته .. فقد رفع كثيرا من الحرج عمن بعده .. وأوصى بعدم إقامة الولائم ومظاهر العزاء فيه ؛ مما يدخل فيه بعض التكلف والتكاليف على الناس وخصوصا في زمن ضاق على الكثيرين ..

.. عوض الله الإسلام والمسلمين ..والأردن والأردنيين عنك خير العوض .. وبارك في إخوانك العاملين معك في خدمة الإسلام والقرآن .. وفي عقبك الذين نعلم فيهم الصلاح وحب الخير ..

 وأنت لنا من السابقين ونحن لك من اللاحقين ..نسأل الله أن يجمعنا وإياك ومن أحب الله ..مع سيد البشر ، في الفردوس الأعلى في مقعد صدق عند مليك مقتدر .إن الله على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .. " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ، وكان الله شاكرا عليما".

اللهم تجاوزعنا وعنه ، واغفر لنا وله ولكل من أخلص لك القول والعمل . ...

 وأخيرا .. لا نقول إلا كما قال قدوتنا صلى الله عليه وسلم ..: تدمع العين ويحزن القلب ..ولا نقول إلا ما يرضي الرب ..وإناعلى فراقك يا أخانا منصور لمحزونون

  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .