الدكتور رياض الزعنون
نعمان فيصل
ولد الدكتور رياض ديب الزعنون في حي الزيتون بمدينة غزة في الأول من أكتوبر 1937، وأنهى دراسته الابتدائية في مدرسة الإمام الشافعي في مدينته عام 1948، والإعدادية في مدرسة الزيتون عام 1951 في عهد ناظرها (الأستاذ حلمي أمان) ويذكر الدكتور رياض أن من زملائه في الدراسة في تلك المدرسة (الشهيد كمال عدوان) وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين عام 1954، ولقد كان لمثابرته وحبه للعلم والتعلم أثر في إحراز قصب السبق بين أقرانه، ثم يمم وجهه إلى مصر العروبة، والتحق بكلية الطب بجامعة القاهرة، وحاز على شهادتها عام 1960، ثم أكمل سنة تدريبية بمستشفي القصر العيني هناك، وعاد إلى غزة عام 1962.
بدأ حياته العملية طبيباً عاماً في مستشفي دار الشفاء بغزة لفترة قصيرة (لمدة ثمانية شهور)، عاد بعدها إلى القاهرة لإكمال دراسته العليا، وفي أكتوبر 1963 أنهاها متخصصاً في الأمراض الباطنية من جامعة القاهرة أيضاً، ثم عاد ثانية لغزة، وصار يمارس مهنة الطب، فكان أول طبيب أخصائي للأمراض الباطنية في اللواء الجنوبي وقتذاك، وشجعه والده على الاستمرار في العمل في غزة، وآثر أن يخدم مواطنيه في المجال الصحي والوطني، ولم تستهويه الإغراءات المالية في دول البترول.
تزوج من بنت خاله الشيخ محمد الشريف رئيس بلدية خان يونس والقاضي الشرعي فيها. وفي عام 1965 رُقي إلى رئيس قسم في مستشفي الشفاء، وظهر فضله وبانت قدرته في المجال الصحي، وبقي الرجل على سيرته إلي أن بدأت المضايقات الإسرائيلية تلاحقه فتعرض للتحقيق والملاحقة المستمرة من قبل المحتل؛ مما اضطره إلى مغادرة البلاد في أواخر ديسمبر 1969 إلى الكويت، وعمل هناك طبيباً في مستشفي الصباح الحكومي خلال الفترة (يناير 1970- يونيه 1972)، وكان عضواً في الهيئة الإدارية في الهلال الأحمر الفلسطيني فيها، ثم غادرها إلى قطر، وأفتتح عيادة فيها تطورت إلى مركز طبي فيما بعد، وكان عضواً في الهيئة الإدارية للهلال الأحمر الفلسطيني فيها، ومكث في قطر ثمانية عشر عاماً، إلى أن وقعت حرب العراق في أغسطس 1990؛ فرحل من هناك شأن الشخصيات الفلسطينية البارزة، ولما ضاقت الأمور في وجهه توجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية قاصداً أبناءه هناك الذين كانوا يدرسون في جامعاتها آنذاك، ومكث هناك مدة سنة ونيف، بعدها عاد إلى غزة في مطلع عام 1992، وعمل طبيباً (متطوعاً) في جمعية أصدقاء المريض مدة سنتين.
عند عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لأرض الوطن كلفته منظمة التحرير الفلسطينية، ومعه الدكتور زكريا الأغا، والمحامي فريح أبو مدين استلام الإدارات المدنية من سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وبذل الرجل وإخوانه من الجهد ما لا يعلمه إلا الله لتحقيق هذا الأمر، واستطاعوا بعدما واصلوا الليل بالنهار إنجازه في فترة وجيزة.
عُين الدكتور رياض الزعنون وزيراً للصحة في أول حكومة فلسطينية في مايو 1994 بعد عودة السلطة الوطنية إلى أرض الوطن، وتولى مسؤولية الصحة في هذه الفترة المهمة، وإليه يرجع الفضل في الخطوات الواسعة التي خطتها الصحة في الوطن، من خلال قيامه بإعداد خطة صحية وطنية شارك فيها كل المرموقين في الوزارة للنهوض بالوضع الصحي. وبدأ الرجل في بناء شبكة مراكز رعاية صحية أولية، وترميم الأبنية وتوسيعها وتجهيزها بأحدث المعدات التي تواكب التقدم الصحي العالمي، واستطاع نقل ملكية المستشفى الأوروبي إلى السلطة الوطنية لعلاج أكبر شريحة من الناس، كما أولى عناية فائقة بالصحة المدرسية باعتباره قطاعاً رئيسياً ومهماً، وعمل على تأمين الدعم اللازم لذلك؛ فحضر المؤتمر الصحي الأول للمانحين المنعقد في روما في سبتمبر 1994 الذي تعهد بتمويل خطته الصحية.
في يناير 1996 خاض الدكتور رياض الانتخابات البرلمانية (أول انتخابات تجرى على أرض الوطن بعد عودة السلطة الوطنية الفلسطينية طبقاً لاتفاقية أوسلو)، مرشحاً عن قائمة حركة فتح التي حازت على الأغلبية، وفي الحكومة التي جرى تشكيلها في مارس من نفس العام اختير وزيراً للصحة، وبدأ الرجل بإكمال مشواره الذي بدأه في إحداث نقلة نوعية في الوزارة، وقد استلزمت هذه النهضة جهوداً جبارة في تشييد المستشفيات وتزويدها بأحدث المعدات في أرجاء الوطن ومنها: (مستشفى أبو يوسف النجار، مستشفى الإمارات في رفح، قسم أمراض الكلى، مستشفى مبارك لأمراض النساء والولادة على أرض مجمع ناصر في خان يونس، مستشفى الأقصى في دير البلح، ومستشفى الدرة للأطفال في غزة، ومستشفى أريحا، ومستشفى طولكرم.. وغيرهم) وقفز أعداد الموظفين في وزارة الصحة من (2000 موظف إلى 12000 موظف)، كما تضاعف عدد الأسرة بمستشفيات الوطن إلى 2500 سرير، وتطلب ذلك جهوداً ضخمة من الدكتور الزعنون الذي نهض بهذا العبء الكبير في صمت وتواضع.
وبقي الرجل على سيرته محبوباً موفقاً في عمله حتى نوفمبر 2002، لكنه لم يخلد إلى الراحة والسكون، واستمر في العمل والعطاء في شتى الميادين فتولى بالانتخابات رئاسة مجلس إدارة جمعية أصدقاء المريض الخيرية بغزة خلال الأعوام (2003-2005)، وشارك في كثير من إنجازاتها وأعمالها ومقرراتها، وفي عام 2005 شغل نائباً لرئيس مجلس أمناء جامعة الأزهر في عهد رئيس أمنائها الدكتور نبيل شعث، ثم استقال الدكتور رياض من موقعه هذا عام 2008 لأسباب موضوعية، وخلال الأعوام (2005-2007) تولى بالانتخاب رئاسة مجلس إدارة برنامج غزة للصحة النفسية، كما تولى رئاسة جمعية أصدقاء الإمارات الخيرية التابعة للهلال الأحمر الإماراتي خلال الأعوام (2006-2008).
مازال الدكتور رياض الزعنون يتمتع بالصحة والعافية، ويقيم في مدينة غزة، وله من الأبناء اثنان وبنت وهم : (أحمد، إيهاب، أمل).