لا يا دموع الورد

إبراهيم شكارنه

[email protected]

كانت ساهرة وحدها ... حين شق عليها طيفه جدار الصمت المزعج الذي أحاط بها.... فعادت تنبض بالحياة من جديد .... تلعثمت قليلاً ... لكن سرعان ما انتظمت ضربات القلب .... وعادت الأطراف إلى هدوئها من جديد .... لكن ليس هذا كل شيء.

يا لقلوب المحبين... نابضة ... حالمة .... تطير بلا جناح ... تمور بلا لهب .... تأسرها كلمة ... أو همسة.... أو حلماً ... ثم يطيح بها مثل ذلك أو دونه ....

بدأتْ تبحثُ عن الكلمات الحالمات .... لكنها تبعثرت ... تطايرت .... من أمامها

 يا الله .... ماذا أقول ؟

عجمت لغتها ... تبخرت خواطرها ... ذاب الجليد من حولها ... أصبح قلبها مكشوف أمام العاصفة.... لكنه لا ينبض بالكلمات ....

أين ذهب كل ما أعدته له من نبضات ؟ أين تبخرت تلك الكلمات ؟

هي لا تعلم أن حالاً شبيهة بذلك حلت به.... هي لا تسطيع التركيز لتعلم أن طيفه يحاول استجماع نبضات قلبه من جديد ..... هو هادىء ساكن حين تراه .... لكن بركاناً في عمقه يمور ..... والروح تبدأ رحلة المسير... يحاول لملمة شتاته .... كمن يجمع أوراقاً تناثرت أمام عاصفة ما كان قد أعد نفسه لها...

وفي التفاتة وسط هذه الانفعالات .... وتناثر الكلمات.... رأى دموع الورد تنحدر من على صفحة وردية ناعسة.... قطرات ندى بلل وجنتي جورية ... فتحدر عنها كأنه الجومان ... كان القمر يكشف خبء الليل .... وينقل رسائل الحالمين.... فسرى فيه المشهد ... وغمس قلمه في قلبه كي يكتب لها .... " لا يا دموع الورد..... "

 كتب لها  بلغة كأنها لغة الرجال ... فالرجال لا يبكون....

هو يعلم أن الرجال يبكون دمعاً ودماً ... أحياناً... لكنهم يبكون بصمت.... يبكون دموعاً تجففها حرارة القلب.... تستتر عن عيون الناس ....

 فماذا يبقى حين يبكي الرجال ..؟

 يظن دموعها ضعفاً .... إنه الضعف الذي يستحيل قوة ....

دعها تبكي إذاً... ما دمت لا تستطيع تجفيف تلك الدموع ....

هي لا زالت تحاول فهم النبضات.... أهي وصلٌ ... أم .....؟

كثيرة هي الإشارات التي تأتيها.... لكنها لا تفي بالغرض ..... تحاول رسم خط يوضح الطريق.... ويفصل جدار الألم .... لكنه سرعان ما ينهار ...

وفي الصباح .... خرج إلى حديقة المنزل .... وجلس أمام تلك الجورية .... جفف عنها قطرات ندىً كادت تنحدر.... حدثها بعينيه .... رش عليها بعض ماء قلبه .... ثم غادر... يحمل معه إرث تلك الليلة الحالمة ....

 هو يريدها مشتعلة بالحياة .... والأمل.... يمدها بالقوة  ... حتى يقضي الله أمراً ... 

أو يغادرها من أجلها .... فهو لا يدري متى القطاف .....