صديقي السيد كمال

صديقي السيد كمال

 

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

صديقي السيد كمال يحب الكمال في كل شيء، وقد واتته الظروف مرارا في بحثه عن الكمال، فقد لبث دون ساعة يد سنوات طويلة يدور في الاسواق وينظر في الجامات (واجهات المحلات) ويتابع التنزيلات حتى حصل على ساعة كاملة، جميلة مستطيلة سوداء بمنتهى الفخامة ودفع ثمنها بضع مئات من الدولارات.

وبقي يتشهون على هاتف جوال ردحا من الزمان صابرا حتى اشترى واحدا في منتهى الكمال، يتكلم ويخزن ويصور ويغني .... ولم يبال بالمبلغ الباهظ الذي دفعه فهو جوال كامل. غير أن السيد كمال أراد ان يطبق سياسته المجربة عندما بدأ يبحث عن شريكة العمر ورفيقة الطريق وكان آنذاك في بداية الثلاثينات من عمره وأصر على أن تكون زوجة المستقبل صغيرة غندورة لا تتجاوز السبعة عشر ربيعا، وعندما راجعناه ليزيد في عمرها قليلا أبى واثقا من طريقته المثلى واتحفنا بنظرية بيولوجية تقول أن المرأة تكبر بسرعة، فعندما سيكون هو في الثمانين ستكون هي على ابواب السبعين عمرا وعلى ابواب التسعين شكلا وعافية!!!

وعندما بلغ السيد كمال السابعة والثلاثين من العمر قبل أن يرفع سقف عمر فتاة الاحلام إلى العشرين. وصدف أن لاحظ أن لدى أحد أصدقائه الذي يكبره قليلا إبنة في العشرين من عمرها، فلم يضيع وقتا وأسرع بطلب يدها منه، وتلعثم صديقه الحميم وهو يستمع إليه ووعده بأن يرد عليه قريبا، وبعد تردد ولأي قرر صديقه أن يكون أمينا مع ابنته وأن لا يرد العريس من عنده رغم عدم قناعته به لا لسوء في خلقه بل لتباعد السن، وعندما فاتح ابنته بالامر أجابته دون تردد بأنها لن تتزوج شخصا تقول له عمو ...

وغطس السيد كمال في سحابة من الهمود والشرود بعد أن تلقى الجواب، ولم ينتبه إلا وهو على عتبات الرابعة والاربعين، فقرر رفع سن فتاة الاحلام إلى سبعة وعشرين سنة وهو يظن أنه أقدم على خطوة نوعية ستحمل في طياتها الحل الاكيد للحلم الرغيد، غير أن الحظ لم يبتسم له وظل في حيرة من أمره حتى وقف صدفة أمام المرآة أطول قليلا مما إعتاد أن يقف، فلاحظ أن هناك شعيرات بيضاء بدأت تغزو رأسه فأصابته غصة وذهول، وقال في نفسه الآن عرفت لماذا يرفضونني، وهرع إلى أقرب صيدلية ليشتري أجود نوع من صبغات الشعر ليخرج علينا شابا فاحم الشعر يحسبه الناظر أصغر من عمره بضع سنين، واستأنف السيد كمال حملات البحث عن فتاة الاحلام واثقا من نفسه أكثر من أي وقت مضى معتمدا على الله ثم على الصبغة الاصلية التي أحسن اختيارها، ولما مضت الايام مرة أخرى وهو يتنقل من فشل الى آخر عاد الى المرآة يشكو إليها ويستشيرها: أين الخطأ، ولما أمعن النظر رأى شعيرات بيضاء متناثرة على لحيته تبوح بعمره الحقيقي، وتشي بما أخفى رأسه.

السيد كمال الآن على أبواب الخمسين وقد علمته الايام أن يكون واقعيا،  لقد قرر أن يرفع سقف عمر فتاة الاحلام وقلبه يعتصره الالم، إنه يقبل الآن أن تكون في التاسعة والعشرين من العمر.

إني أحب صديقي السيد كمال، وأتمنى أن يجد الزوجة التي تسعده بقية العمر فهو مثال الاخلاق والتهذيب، فهل عندكم أي ترشيحات لصديقي السيد كمال؟