ماذا لو لم يكن هناك حسن البنا؟
حسن البنا، هل هو شخص صنع الأحداث أم صنعته الأحداث؟
لا شك أن الأستاذ البنا شخص صنعته الأحداث ولو لم يوجد لجاء مثله من يقوم بمقامه بشكل أو بآخر..
الأستاذ البنا لم يخترع الإسلام الحركي ولم يبتكر الإسلام السياسي إنما كان شخصاً جاء في الوقت المناسب وانتهز الفرصة المناسبة ليلم أشتات أشخاص وليضم جهود مجموعات موجودة على الأرض في نسق تنظيمي وفقه الله تعالى إليه.
في سورية مثلاً كان -أيام البنا- في كل مدينة مجموعة ناشطة من الإسلاميين الواعين شكلوا لقاءات وجمعيات تسعى للدعوة ومكارم الأخلاق والمشاركة في الحياة العامة... جمعيات لها أسماء وقيادات وخدمات، أعجبها بناء البنا فتوحدت في دعوته واستفادت من قدرته التنظيمية الحركية العملية...
الاستاذ البنا لم ينشئ الفكر الحركي والجماعات الإسلامية في باكستان والهند وبنجلاديش إنما نشأت من طبيعة الإسلام الذي يحث على التعاون والدعوة ومكارم الأخلاق والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمشاركة في الحياة السياسية وأخذ الإسلام جملة...
كان الوضع الطبيعي والمثالي لهذه الجماعات الإسلامية ان تعيش في مناخ ديمقراطي فتشارك في الحياة السياسية بالتنافس والكفاءة والتبادلية، ولكن الاستبداد والفساد ألغى الحياة السياسية واحتكر الحكم لنفسه وورثه لابنائه فتشوه المجتمع وفتحت السجون وظهر التطرف واختلطت الأمور ...
مادام هناك إسلام فسيبقى هناك تجمع وحراك سياسي ودعوة ونضال، وفي أجواء الحرية والعدالة والديمقراطية يذهب الزبد جُفاءً ويمكث ما ينفع الناس في الأرض ويتقدم الأصلح ويتأخر الفاشل...
علينا جميعاً أن نتصالح مع الإسلام بشموله ونستفيد منه بأصالة توجهه نحو الحرية والعدالة والشورى وأن نصنع منه نسخة متماشية مع العصر وبعيدة عن التطرف ومنصفة باليسر واللين، نسخة عدوها الأول الظلم والجهل والفساد وقابلة للتعايش والتعاون على التقدم والخير مع كل عادل حر مسالم مسلماً كان أو غير مسلم.
الحرب العالمية على الإسلام السياسي التي يشنها الظالمون مسلمون وغير مسلمين ستنتهي بالفشل، فالظلم لا يدوم ولا بد أن تنتصر الشعوب مع الوقت وتملك قرارها وهنالك سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام : 33]
وسوم: العدد 833