الانتهاكات تتواصل في سجون مصر… وآخر الضحايا رجل أعمال ومدير مكتب مرسي
تواصلت الانتهاكات في السجون المصرية، خلال الأيام الماضية، إذ توزعت بين منع الزيارة والإهمال الطبي والحرمان من التريض. ومن أبرز الذي تعرضوا للانتهاكات، مدير مكتب الرئيس الراحل محمد مرسي، ورجل الأعمال صفوان ثابت.
وقالت مريم ثابت، ابنة رجل الأعمال المصري، صفوان ثابت، إنها وجدت والدها عند زيارته في السجن يشعر بالبرد بسبب حبسه في زنزانة انفرادية شباكها مفتوح.
وطالبت بالإفراج عن والدها، المحبوس منذ ديسمبر / كانون الأول 2020. ففي هذا التاريخ، ألقت قوات الأمن القبض على ثابت، مالك شركة «جهينة» للألبان، وقررت نيابة أمن الدولة حبسه على ذمة القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
ووجهت النيابة لثابت اتهامات بـ«الانضمام لجماعة الإخوان، وإمدادها بالأموال لتحقيق أغراضها، والإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، والانضمام لجماعة إرهابية وتمويل أنشطتها بملايين الجنيهات، عبر ضخ أموال في حسابات قيادات في الجماعة، بالإضافة إلى تقديم مساعدات عينية تقدر قيمتها بملايين الجنيهات».
وعقب القبض على ثابت، قررت مجموعة «جهينة» تعيين نجله سيف ثابت رئيسا لمجلس إدارة المجموعة. وفي فبراير/ شباط 2021 ألقت قوات الأمن أيضا القبض على سيف من منزله في الجيزة، ووجهت له اتهامات بالإرهاب.
انتقام
كانت منظمة العفو الدولية أدانت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي 2021 ما وصفتها بـ«إساءة السلطات المصرية استخدام قوانين مكافحة الإرهاب» باحتجاز ثابت ونجله بشكل تعسفي «انتقاما منهما لرفضهما تسليم أصول شركتهما» لصالح كيان مملوك للدولة.
وبينت أن السلطات المصرية تحتجز كلا من مؤسس واحدة من كبرى شركات منتجات الألبان والعصائر في البلاد وابنه في «ظروف ترقى إلى التعذيب بسبب رفضهما التنازل عن أملاكهما».
وحسب المنظمة، استنادا إلى مصادر مطلعة على أوضاع الشركة وأسرة ثابت، فإن مسؤولين أمنيين مصريين طلبوا من صفوان قبل القبض عليه وعلى ابنه تسليم جزء من شركة «جهينة» لكيان مملوك للحكومة، وتخلّي سيف الدين عن حق الأسرة في أسهمها.
زوجة ثابت بدورها لم تسلم من الملاحقة الأمنية، خصوصا وأنها بثت مقطعا مصورا عبر حسابها على فيسبوك نهاية سبتمبر/أيلول الماضي ناشدت فيه رئيس الجمهورية النظر في قضية زوجها ونجلها. فقد خضعت لتحقيقات أمام النيابة التي وجهت لها اتهامات بـ«نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها» بعد بث الفيديو.
لكن نيابة أمن الدولة العليا أخلت سبيلها لاحقا بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه (الدولار أقل من 16 جنيها) بعد تحقيق استمر لنحو 8 ساعات.
إضراب عن الطعام
في الموازاة، أعلنت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان» أن المعتقل عبد الرحمن جمال الشويخ، 30 عاما، والمحتجز في سجن المنيا شديد الحراسة دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ 18 يناير/ كانون الثاني الجاري، للمطالبة بإطلاق سراح والدته هدى عبد الحميد، 56 عاما، والمعتقلة منذ إبريل/ نيسان الماضي في زنزانة انفرادية، في سجن القناطر للنساء.
وحسب بيان المنظمة الحقوقية: تعرضت هدى عبد الحميد لمعاملة غير إنسانية، ومنعت من الزيارات منذ إيداعها سجن النساء، بعد أن قامت قوات الأمن المصرية باقتحام منزلها واعتقالها وزوجها المريض وابنتها ذات الـ 18 عاما والذين أطلق سراحهم لاحقا وتم تقديم الأم للنيابة وحبسها.
وجاء اعتقال هدى بعد نشرها رسالة من ابنها المعتقل عبد الرحمن الشويخ، يؤكد فيها تعرضه للتعذيب والاعتداء الجنسي في محبسه على أيدي ضباط ورجال أمن مصريين في سجن المنيا.
حق مشروع
وزادت المنظمة الحقوقية: الإضراب عن الطعام، هو الحق المشروع والقانوني، الذي غالبا ما يلجا إليه المعتقل للمطالبة بحقوقه المسلوبة في ظل ممارسة السلطات المصرية لشتى أنواع الانتهاكات والتجاوزات، وعدم محاسبة المتسببين في الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات الأمنية في سجن المنيا شديد، رغم تقديم هدى عبد الحميد لبلاغ رسمي في نيابة المنيا.
عدد من أقارب الفنان هشام عبد الله يشكون من ظروف احتجازهم
في السياق ذاته، اشتكى عدد من أقارب الفنان المعارض هشام عبد الله من ظروف احتجازهم.
وقالوا خلال تحقيقات نيابة أمن الدولة معهم: نحن في هم وضيق واعتقال دون أي جريمة ارتكبناها، فقط لأننا أقارب الإعلامي والفنان هشام عبد الله.
«الشبكة المصرية لحقوق الإنسان» قالت إن عددا من أقارب الفنان هشام عبد الله بدت واضحة عليهم مظاهر الغضب والضيق، بسبب استمرار حبسهم منذ اعتقالهم في ديسمبر/ كانون الأول 2020، والتحقيق معهم على ذمة القضية رقم 1018 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بدعوى «نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها».
وذّكرت الشبكة أن السلطات الأمنية دأبت على اعتقال أقارب عدد من المعارضين السياسيين، ولفقت لهم عددا من القضايا، بداعي الانضمام إلى جماعة إرهابية وإشاعة أخبار كاذبة، ليتواصل نهج الانتقام السياسي حتى إشعار آخر. الشبكة كشفت أيضاً عن مداهمة قوات الأمن منزل المعتقل حسن غريب وإلقاء القبض على ولده أحمد ليلحق بأبيه وأخيه
ووفق المصدر، داهمت قوات أمن العاشر من رمضان في محافظة الشرقية منزل المعتقل الحاج حسن غريب فجر الخميس واعتقلت ابنه أحمد بعد ترويع جميع من كان في المنزل.
وزادت الشبكة «أسفرت المداهمة عن فوضى عارمة وتكسير لمحتويات المنزل، واستولت قوات الأمن على مبلغ مالي، ثم صادرت جميع أجهزة الهواتف الذكية، كما اعتدت على بناته بالضرب والألفاظ النابية، في سابقة خطيرة وغير معهودة».
ليست جديدة
وحسب الشبكة، الاعتقالات المتكررة ليست جديدة على أسرة الحاج حسن غريب؛ فقد سبق واعتقل ابنه أحمد وحصل على إخلاء سبيل، ومنذ ذلك الحين وهو يتابع مع الأمن الوطني بشكل منتظم، حتى اعتقل، كما أن ابنه الآخر عمر معتقل أيضا منذ 5 سنوات، ويقبع حاليا في سجن وادي النطرون.
وبينت أن الحاج حسن غريب معتقل منذ 4 أشهر، وجرى اعتقاله سابقا أكثر من مرة، وقد توفيت زوجته منذ 3 أشهر ولم يسمح له بحضور جنازتها رغم حصوله على البراءة، ليتم تدويره بعد ذلك على ذمة قضية جديدة.
إهمال طبي
كذلك أعلن مركز شهاب الحقوقي أن المعتقل حسن إسماعيل القاصد، يعاني من الإهمال الطبي المتعمد داخل محبسه
وبيّن أن القاصد والمقبوض عليه منذ 3 سنوات، من محافظة البحيرة يعاني من الإهمال الطبي المتعمد فهو مصاب بحساسية في الصدر بالإضافة لإصابته بالضغط وآلام مبرحة بالكبد.
وأضاف: لم يحصل على العلاج المناسب أو أي رعاية صحية، ما تسبب في تدهور حالته وتصاعد آلامه.
وحسب المركز» إدارة سجن أبو زعبل 2 قاموا بمنع دخول الزيارة إليه بما تحتويه من أدوية وبطاطين وملابس وأطعمة زيادة في التنكيل به واستمرارًا لمسلسل الإهمال الطبي بحقه».
و طالب مركز الشهاب النائب العام بالتدخل والتحقيق في جريمة الإهمال الطبي في حق حسن القاصد، مع تمكينه من العلاج حفاظا على حياته. إلى ذلك، قالت شبكة «نحن نسجل» الحقوقية إن أحمد عبد العاطي، الذي عمل مديراً لمكتب الرئيس الراحل محمد مرسي، يقبع في سجن العقرب، وممنوع من الزيارة منذ 6 سنوات، وكذلك محروم من دخول الملابس والأغطية، والتريض والتهوية.
كما أن الرجل يعاني، حسب الشبكة، من ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم، والتي تحتاج إلى رياضة وحركة، كما يُعاني من البواسير لجلوسه على الأرض لسنوات.
ويبلغ عبد العاطي من العمر 51 عامًا، وهو صيدلي ومتزوج ولديه 4 أبناء، وقد اعتُقل من القصر الرئاسي مع مرسي وباقي أعضاء فريقه في الثالث من تموز / يوليو عام 2013. اختفى قسريًا خمسة شهور، ليظهر بعدها في نيابة أمن الدولة العليا، ويُحقق معه على ذمة العديد من القضايا الملفقة، مثل ما تعرف بقضية التخابر مع حماس وأيضًا قضية أحداث الاتحادية، وحُكِم عليه بالسجن المؤبد، حسب «نحن نسجل» التي أبدت تضامنها «مع جميع أُسر المعتقلين في سجن العقرب».
وطالبت بفتح الزيارة وتطبيق لائحة السجون عليهم للحصول على أدنى حقوقهم.
نسخة أمريكية
وسبق أن أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أنه سيتم افتتاح أكبر مجمع سجون في مصر، ويضم ثمانية سجون في منطقة وادي النطرون. وأضاف، خلال تصريحات متلفزة مع برنامج «التاسعة» على القناة الأولى الحكومية «نحن ننفذ نسخة أمريكية كاملة، حتى لو إنسان أذنب لن نعاقبه مرتين، سنعاقبه مرة واحدة بقضاء عقوبة في السجن».
وتابع: «المسجون في المجمع سيقضي عقوبته بشكل آدمي وإنساني، وحركة وإعاشة ورعاية صحية ورعاية إنسانية وثقافية وإصلاحية».
وأكمل: «القضاء سيكون هناك، ولن يكون هناك نقل بسيارة ترحيلات، عملية الإصلاح تتضمن إنشاء منظومة متكاملة».
وجاءت تصريحات السيسي، بعد أيام من إطلاقه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أثارت ردود فعل متباينة، بين من اعتبرها ستحقق طفرة في ملف حقوق الإنسان الذي يواجه انتقادات واسعة، وبين من رأى أنها جاءت فضفاضة، وأن مصر تواجه إشكالية النص والتطبيق، وأن الكثير من مواد الدستور والقوانين تؤكد على ان الحقوق الشخصية لا يتم تفعيلها. وتقدر المجموعات الحقوقية وجود حوالى 60 ألف معتقل في مصر من السجناء السياسيين. ومن بين هؤلاء نشطاء علمانيون وصحافيون ومحامون وأكاديميون وإسلاميون اعتقلوا في حملة واسعة استهدفت المعارضة في عهد السيسي. ونفت الحكومة المصرية مرات عدة اتهامات بحصول انتهاكات حقوقية، كما نفى السيسي نفسه، احتجاز السلطات أيّ معتقل سياسي.
قال المتنبي قبل 1100 عام :
أكلما اغتال [عبد السوء] سيده أو خانهّ فله في مصر تمهيدُ؟!
أضحى[الخصي] إمام الآبقين بها : فالحر مستعبد ! و[العبد]معبود !
وسوم: العدد 965