بلادنا كلّها دارعزاء ، مرزوءة بتسلّط أعدائها، وبعضِ المحسوبين من أبنائها، عليها!
لن نتحدّث ، عن الوباء العالمي ؛ فثمّة أوبئة كثيرة ، قبله ، خاصّة بالمسلمين ، من أهمّها وأخطرها ، وربّما من أخبثها :
تسلط أعداء أمتنا عليها ، وهم أمم شتّى ، حدّثنا عنها نبيّنا ؛ إذ قال : يوشك أن تداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ! قالوا : أومِن قلة نحن ، يومئذ يارسول الله ؟ قال : بل أنتم ، يومئذ ، كثير، ولكنكم غُثاء ، كغُثاء السَيل ..!
تسليط الأعداء ، لأتباعهم الخونة : التافهين ، والمجرمين ، والشذّاذ ، من أبناء الأمّة، حكّاماً عليها !
نشر الأمراض والأوبئة : الجسمية ، والنفسية ، والفكرية.. بين أبناء الأمّة ،عمداً أو إهمالاً!
أشاعة الفتن، بأنواعها، داخل كيان الأمّة ، ومنها : العداوات ، بين سائر أبناء الأمّة، ومن هذه: العداوات ، بين المتّفقين عقيدة ، المختلفين أساليب ومناهج .. وبين المختلفين في العقائد .. وبين المختلفين في السياسات..وبين المختلفين في المصالح..وبين المختلفين في الأهواء والأمزجة..! ثمّ ، بين أبناء الدولة الواحدة .. وبين أبناء القبيلة الواحدة .. وبين أبناء المدينة الواحدة .. وبين أبناء الحيّ الواحد ؛ بل بين أبناء الأسرة الواحدة ، التي يقاتل كلّ فرد فيها ، ضدّ أخيه ، منتمياً إلى فئة ، تحارب الفئة التي ينتمي إليها أخوه .. دون أن يدرك الأخَوان ، أو أحدهما ، أسرار اللعبة ، وأبعادها ، ونتائجها ، واللاعبين فيها ، والمحرّضين عليها.. داخل بلاده ، وخارجها!
إنها الفوضى الخلاّقة ، التي تحدّث عنها بعض الساسة الأمريكان ، ذات يوم ، وخطّطوا لها .. ونفّذوها ، بأيدي عناصر شتّى ، من أبناء الأمّة : الأغبياء منهم والأذكياء ، والعقلاء والحمقى! إنها دوّامة هائلة، من الدم والدمار،لانجاة منها، لأحد، عاقلاً كان ، أم حكيماً .. بريئاً كان ، أم مجرماً ! إنها دوّامة الفتن ، التي حدّثنا عنها نبيّنا الكريم ، التي يصبح الحليم فيها حيران ، التي لايعرف القاتلُ فيها ، فيمَ قَتل ، ولا القتيل فيها ، فيمَ قُتل .. وهي تُهلك الجميع ، بأيدي الجميع !
لقد سئل كيسينجر، وزير خارجية أمريكا ، في السبعينات من القرن العشرين ، عن أسلوبه ، في صناعة الأحداث ، فأجاب ، ببساطة : أحمّيها ، ثمّ أطرقها ! فالحديد البارد ، لايُصنّعه الحدّاد ، كما يريد !
وأخيراً : لانملك ، لمَن يُعزّي ، ببعض إخوانه ، إلاّ أن نقول ، بقلوب مفعمة بالحسرة والأسى ، دون قنوط من رحمة الله ، أو يأس :
عذراً ، أخا الرزء ، دَع للموت حُرمتَه وعَزّ مَن شئتَ ، فيمَن شئتَ ، أو واسِ!
وسوم: العدد 868