الأخ العامل المجاهد عبد الكريم حسن حمودة في ذمة الله
كذا تقضي الخيول واقفة
في وداع الراحلين :
لقي وجه ربه صباح اليوم في دار هجرته في عمان الموافق الثاني والعشرين من رجب المعظم 1441 - 17 / 3 / 2020 ، الأخ العامل المجاهد عبد الكريم حسن حمودة رحمه الله تعالى وتقبله في الصالحين ، ورفع درجاته في عليين ..
إيهِ يا أبا حسن ...يا أخا الدرب الطويل ..درب الهجرة ، ودرب العطاء بلا من ، ودرب الصبر بلا شكوى . وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : إنكم ستجدون من بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ، وعلى حوض رسول الله موعدنا ، إن شاء الله ، أيها الراحل الحبيب الأريب ..
أربعون عاما عمر معرفتي بالأخ أبي حسن ، أعوام كان فيها الكثير ، فيها المعايشة اليومية ، وفيها المتابعة العامة ، وفيها التواصل ، وفيها الود ؛ وحسبك من أخ تعاشره أربعين سنة ثم لا تسمع منه آها ولا إيه ، ولا عنه واها ولا ويه ..!! فرحمك الله أيها العامل الصامت بلا من ولا أذى ..
هادئ صامت رزين وديع حييٌ وحي يقظ حاضر عامل بصمت وتضحية ودأب . وكان قد أصيب منذ أعوام بما يستدعي تقاعده ، واستراحته ، وخلوته بنفسه ، والتفافته إلى ما نزل به فأبى ؛ إلا أن يلقى الله قائما على عمل ، مرابطا على ثغرة ..وكنت كلما زرته في هذه المرحلة من عمره ، وقارنت مقامه على ثغرته مع ضعفه ، بحال الخليين ، تتنازعني مشاعر الإكبار والإشفاق ، وربما على مثل حالي ، لا على الأخ أبي حسن يشفق المشفقون ..
نعم أخي أبا حسن الحبيب ..
فقد وجب الوداع ، وحلت ساعة الحقيقة ، جعل الله ساعتك هذه ساعة غائب يقدم على أهله ، إن شاء الله .
نعم أخي أبا حسن ..
فقد تعلمنا منكم ومن جيل سار على نهجكم أن طريق هذه الدعوة ليس دربا للتسكع ، ولا محطات للتثاؤب ، وإنما هو طريق الجد والعمل والدأب ، طريق من يقال فيه
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .."
أما أننا نشهد في هذه الساعة المباركة ، التي تنتقل فيها من دار إلى دار ، أنك كنت من الذين وفوا وصدقوا وقضوا ، نشهد بما علمنا ولا نزكي على مولانا أحدا ، ونسأل الله أن يتقبل منك وأن يقبلك وأن يرفع مقامك في عليين ..
نعم أخي أبا حسن ..
نعم أيها الجندي المجهول نعم أيها الراحل الحبيب ، يقول في مثله سيدنا عمر " وما يفعلون بمعرفة عمر بهم ألا يكفي أن يعلم بهم من أكرمهم؟! "
ويكفيك أيها المجاهد العامل الدؤوب ، أن يعلم بك من أكرمك بالخلق النبيل ، وبالثبات النادر ، وبالصبر والمصابرة وحسن البلاء ..فتقبل الله منك ، وغفر لك وأقر عينك بجوار ربك الرحمن الرحيم الملك العدل غفار الذنوب ..
وألقت عصاها ، واستقرت بها النوى ..كما قر عينا بالإياب المسافر
فنم يا أبا حسن بجوار ربك قرير العين إن شاء الله تعالى ..
اللهم اغفر له ، وارحمه ، وأعل نزله . اللهم إنه وفد عليك فاجعل قراه منك الجنة . وألحقه بالأحبة محمد وصحبه ، محمد وحزبه ..اللهم وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه . واغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، واجمعنا في دار رضوانك إخوانا على سرر متقابلين .
اللهم فيك قد هجرنا الأوطان ، ولإعلاء كلمتك قد قطعنا علاقتنا بأرحامنا فأمض لنا هجرتنا ،وأدم علينا نعمة إخوتنا . واغفر لأخينا الوافد عليكم اليوم يا أرحم الراحمين .
وأحر مشاعر العزاء والمواساة لأسرة الأخ الفقيد ولأنجاله وبناته ولأخينا الحبيب أبي أسامة ، عبد الله الطنطاوي ، نسيب الأخ أبي حسن
داعيا الله تعالى أن يسكب السكينة والتسليم في قلوبكم وقلوبنا جميعا إنه سميع مجيب . وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وسوم: العدد 868