الشيخ الداعية القارئ محمد صلاح الدين كباره
( 1921- 1999م)
هو عالم كبير من أعلام القراء للقرآن الكريم في العالم الإسلامي، إنه شيخ القراء فضيلة الشيخ محمد صلاح الدين كبارة منَّ الله عليه بصوت جميل، وكان مدرسة في أصول الألحان وقراءة القرآن وتجويده لذلك تسابقت الإذاعات والمرئيات إلى بث تسجيلاته، فذاع صيته أصقاع الدنيا، وكان مرجعاً في علم القرآن وفن التجويد، وهو ابن أكبر العائلات في طرابلس من حيث العدد انها عائلة آل كبارة هذه العائلة الفاضلة يعود تاريخها أنها قدمت من المغرب العربي إلى طرابلس الشام بوقت مجهول الأمد، وكانت تسمى بآل الكبير ومع مرور الزمن أصبح اسمها في طرابلس آل كبارة، وتفرع من هذه العائلة آل الطبارة، وهم من أهالي بيروت فآل الطبارة وآل الكبارة ينتسبون إلى جد واحد كان يسكن طرابلس.
ويعد قادة الجماعة الإسلامية في لبنان من تلاميذه، ولا سيما أبناء طرابلس من أمثال: فتحي يكن رحمه الله، وسعيد شعبان رحمه الله ...وغيرهما .
مولده، ونشأته:
ولد الشيخ محمد صلاح الدين كبارة في طرابلس الشام عام 1921م في أحضان أسرة عريقة في التدين والتقوى والصلاح، وكان والده الشيخ محمد علي يوسف كبارة من كبار المنشدين أصحاب الصوت الجميل لذلك غلب على أكثر أولاده الصوت الجميل، وكان صديقاً حميماً للشيخ عمر الرافعي الشاعر المعروف ببلاغته، والذي كان ينظم الأشعار والقصائد، ثم يلحنها، وينشدها الشيخ علي كبارة مع أولاده وتلاميذته.. وهكذا ترعرع صاحب الشيخ محمد صلاح الدين كبارة في هذا الجو الروحاني مع والده وإخوته وسط مدرسة كانت مرجعاً للأناشيد الدينية لذلك كان يردد دائماً - رحمه الله- لقد رضعت الألحان مع الحليب في صغري.
دراسته، ومراحل تعليمه:
لقد تلقى علومه الأولية في بلده طرابلس حيث حصل على الشهادة الابتدائية عام 1934م من دار التربية والتعليم الإسلامية، ثم تابع دراسته في القسم الشرعي في نفس الدار وحصل على الشهادة الشرعية عام 1938 ثم عكف بعدها على حفظ القرآن الكريم على يد فضيلة أحد أعلام قراء مدينة طرابلس فضيلة الشيخ محمد نصوح البارودي - رحمه الله- وذلك بتوجيه وتشجيع من سماحة مفتي طرابلس الشيخ محمد نديم الجسر تغمده الله برحمته حتى أتم حفظ القرآن في عام 1941م، ثم سافر بعدها إلى مصر قاصداً الأزهر حيث تلقى فيه القراءات المتواترة وقد اتم القراءات السبع عن طريق الشاطبية على يد الشيخ والعالم الجليل عامر السيد عثمان -رحمه الله-، وكان ذلك في عام 1945م.
ثم عاد إلى مصر عام 1960 ليتم القراءات العشر عن طريق الشاطيبة والدرة، وكذلك على يد الشيخ الراحل عامر السيد عثمان، وأجيز بذلك.
أعماله، والوظائف التي شغلها:
عين من قبل مديرية الاوقاف الإسلامية في لبنان مدرساً للقرآن الكريم والقراءات في عام 1949م وقام بتدريس هذه المادة في القسم الشرعي بدار التربية والتعليم الإسلامية منذ عام 1951 وحتى العام 1988.
وفي عام 1951 صدر مرسوم بتعينه مدرساً بدار الافتاء بطرابلس وقارئاً في المسجد العمري الكبير في بيروت وفي الإذاعة اللبنانية.
وفي عام 1974 صدر قرار سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد رحمه الله بتعينه شيخ قراء طرابلس تقديراً لعلومه المتميزة في القراءات العشر ونبوغه فيها بالإضافة إلى ما يتمتع به من صوت رخيم وعناية فائقة في فن التجويد.
وفي عام 1982م بدأ بتدريس مادة القرآن الكريم وتجويده في معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية حتى عام 1995 كما شارك في الهيئة التأسيسية للمعهد.
عام 1992 اختاره سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني نائباً لرئيس مجلس إدارة الأوقاف الإسلامية في طرابلس. بالإضافة إلى أنه رئيس لجنة التحكيم في كل المسابقات التي تجريها الهيئات والمؤسسات الإسلامية في لبنان.
نشاطاته الخارجية:
عين في مطلع شبابه من قبل وزارة الأوقاف المصرية قارئاً في المسجد الفتح بسراي العابدين عاماً كاملاً، وكان في ذلك تنافساً مع أهم قراء مصر.
- في عام 1947 تعاقد مع الإذاعة الفلسطينية بالقدس الشريف لتلاوة القرآن الكريم في الإذاعة وفي حرم المسجد الأقصى المبارك وذلك حتى عام 1948 حيث عاد إلى موطنه طرابلس.
- في عام 1964 تعاقد مع الإذاعة الأردنية لتلاوة القرآن الكريم في المسجد الأقصى طيلة شهر رمضان المبارك.
- وفي عامي 1967- 1968م مثل لبنان في المؤتمر الثاني والثالث لإتحاد قراء العالم الإسلامي (القراء) في الباكستان.
- وفي عام 1972م وعام 1979 دعته وزارة الأوقاف الكويتية لتلاوة القرآن الكريم في المساجد طيلة شهر رمضان المبارك.
- وفي عام 1974- 1975 تعاقد مع الإذاعة السعودية في الرياض كمراقب للقراءات في البرنامج العام.
- وفي عام 1982 اشترك في عضوية لجنة التحكيم الدولية في مسابقة القرآن الكريم في طرابلس الغرب- ليبيا- وقد من الله عليه بتسجيل المصحف المرتل في اذاعة القرآن الكريم فيها.
- وما بين عام 1984 و1993 عين أربع مرات عضواً في لجنة التحكيم الدولية لحفظ كتاب الله وتجويده وتفسيره بمكة المكرمة والتي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية وقد اختير في العام 1999 أحد أعضاء اللجنة المذكورة إلا أن المرض حال بينه وبين ذلك.
- وفي عام 1993- 1997 دعته وزارة الأوقاف والشوؤن الإسلامية في المملكة المغربية لحضور الدروس الحسنية وتلاوة القرآن فيها.
- وفي عام 1995 دعي إلى إيران ليكون أحد أعضاء لجنة التحكيم في مسابقة القرآن الكريم.
أسرته وأولاده:
أنجب الشيخ ستة ذكور هم: موفق- عامر- مصطفى- بلال- هلال- خلدون.
أوصافه:
كان -رحمه الله- معتدل القامة حنطي اللون يزدان رأسه بعمامة متواضعة. دمث الأخلاق ذو طلعة مهيبة قريب من القلب سلس في الكلام طيب المعشر صاحب نكتة ظريفة لطيف الدعابة محباً للخير ساعياً للناس بشتى أنواع الخير وقد رأيت ذلك بعيني.
وفاته:
لقد بشر النبي -صلى الله عليه وسلم - بأن الله يرفع شأن من يقرأ القرآن، ويحفظه، ويعلمه للناس، ويعمل به، ويكون له في حياته نوراً وهداية وباعثاً على الصلاح والخير والتقوى والاستقامة، فقال: «من قرأ القرآن واستظهره (أي حفظه)، فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهله يوم القيامة كلهم وجبت لهم النار.
وهكذا كان الشيخ صلاح الدين كبارة -رحمه الله- قارئاً وعاملاً بالقرآن الكريم إلى أن أكرمه الله، وتوفاه في رمضان وفي العشر الأخير منه، وهو كما وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- العتق من النار.
وتوفي الشيخ صلاح -رحمه الله- في 23 رمضان 1420ه/ الموافق له آخر يوم من سنة 1999م، وفي يوم الجمعة بالذات.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل هذا اليوم: « خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة.
أصداء الرحيل:
وقد تحدث عنه ولده بمناسبة ذكرى وفاته، فقال: كلما هلت ليلة الثالث والعشرين من رمضان ..فاح عبق روحك الطيبة يا حبيب الروح والفؤاد ..اللهم ارحم من يعيش في داخل قلبي ولا يفارق خيالي ..اللهم إني اشتقت لمن لن يرجع أبداً ..ولن يعوض مكانه أحداً. ربي أسألك أن تسكنه جنتك وأسألك بكل اسم هو لك أن تملأ قبره نوراً وضياء ورحيقاً مختوماً وأن تؤنس وحشته وتمتعه بلذة النظر إليك.
جائزة للحفاظ باسمه:
جمعية التربية الإسلامية تنظم حفل توزيع جوائز مباراة الإيمان القرآنية السنوية السابعة والثلاثون في طرابلس، الضنية وعكار لـ 450 فائز وفائزة من أصل 1000 مشترك.
في رحاب شهر رمضان المبارك أقامت جمعية التربية الإسلامية المشرفة على معاهد ومدارس الإيمان الإسلامية في الشمال الحفل الختامي لمباراة الإيمان القرآنية السنوية الـ37 - دورة فضيلة شيخ قراء طرابلس محمد صلاح الدين كبارة رحمه الله تعالى، وذلك في رحاب مسرح مجمع الإيمان التربوي بأبي سمراء – طرابلس - بمشاركة سماحة أمين الفتوى فضيلة الشيخ محمد إمام ممثلاً سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار، فضيلة الشيخ أحمد العمري نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان ورئيس لجنة القدس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور مصطفى الحلوة ممثلاً معالي الوزير محمد الصفدي، المهندس أحمد جوهر ممثلاً معالي الوزير أشرف الريفي، العميد كمال الحلواني ممثلاً سعادة النائب سمير الجسر، فضيلة الشيخ سعيد العويك مسؤول الجماعة الإسلامية في الشمال، المحامي الدكتور عبدالمنعم كبارة ممثلاً نقيب المحامين في طرابلس الأستاذ محمد المراد، رئيس جمعية التربية الإسلامية الدكتور ناهد الغزال، الدكتور أحمد علوش رئيس لجنة الثقافة والتوجيه الإسلامي في جمعية التربية الإسلامية إضافة إلى أعضاء من الهيئتين الإدارية والعامة في الجمعية، الأستاذ مازن رعد المدير التربوي في مدارس الإيمان الإسلامية في الشمال، الدكتور باسم حموضة مدير مدرسة الإيمان الإسلامية فرع طرابلس، الأستاذة سلافة طوط مديرة معهد الإيمان للعلوم التطبيقية، رئيس اللجنة المشرفة على مباراة الإيمان القرآنية فضيلة الشيخ مصطفى علوش، مدراء مدارس رسمية وخاصة في طرابلس، الهيئتين الإدارية والتعليمية في مدارس الإيمان إضافة الى فعاليات المدينة التربوية والاجتماعية والبلدية والاختيارية وأهالي الطلاب المحتفى بهم.
استهل الحفل بتلاوة مباركة من القراء الكريم رتلها كل من الطلاب عبيدة حبلص، عبدالله الكردي، صلاح الكردي، مصطفى البدوي النجار، موكب الطلاب والطالبات الفائزين في المباراة، وكلمة ترحيبية من عريف الحفل الأستاذ هلال فتال الذي تحدث عن فضيلة الشيخ محمد صلاح الدين كبارة رحمه الله شيخ قراء طرابلس إضافة إلى عرض مرئي لمقطع نادر من تلاوة فضيلة الشيخ المرحوم صلاح الدين كبارة شيخ قراء طرابلس رحمه الله تعالى كما أعلن بأن عدد المشاركين بلغ هذا العام 1000 طالب وطالبة فاز منهم 450 يمثلون أكثر من مئة مدرسة ومعهد من مختلف مناطق الشمال وقد أشرف على المباراة أربعون لجنة فاحصة للذكور والإناث وقد بلغت الجوائز والهدايا والتكاليف العامة للمباراة ما يقارب الأربعين مليون ليرة لبنانية.
كلمة جمعية التربية الإسلامية ألقاها رئيس لجنة الثقافة والتوجيه الاسلامي في الجمعية الدكتور أحمد علوش الذي اعتبر بأن جمعية التربية الإسلامية لطالما حملت لواء القرآن الكريم يداً بيد مع التعليم واتقانه وتربية النشىء على حفظ كتاب الله وفهمه والعمل به والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه ولطالما جعلته في سُلم أولوياتها ولطالما شجعت على حفظه، وأقامت الأندية والدورات والمباريات لذلك، وها هي مباراة الإيمان القرآنية اليوم في عامها السابع والثلاثون تُخرج المئات من أبناء هذه المدينة وتبرز الصورة الحقيقية لطرابلس كونها مدينة العلم والعلماء متوجهاً بالتحية للجنة المشرفة على مباراة الإيمان القرآنية للجهود التي تم بذلها في سبيل إنجاح هذه المباراة .
كلمة راعي الحفل سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار ألقاها فضيلة الشيخ محمد إمام أمين الفتوى، فحيا جمعية التربية الإسلامية والقائمين عليها والهيئتين الإدارية والتعليمية في مدارس الإيمان الإسلامية في الشمال الذين "يؤدون رسالة الخير إلى العالم".
تخلل الحفل عرض سلايد عن مباراة الايمان القرآنية السنوية ووصلات إنشادية من وحي المناسبة قدمها فريق الإنشاد في مدارس الايمان؛ إضافة إلى مسرحية هادفة قدمها طلاب الصف الأول والروضة الثالثة ،واختتم الحفل بتوزيع الشهادات التقديرية إضافة إلى الجوائز النقدية للطلاب الفائزين، وتقديم دروع تقديرية لكل من راعي الحفل سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار استمله أمين الفتوى فضيلة الشيخ محمد إمام وآخر لعائلة فضيلة شيخ قراء طرابلس صلاح الدين كبارة رحمه الله تعالى استلمه ابنه المختار مصطفى محمد صلاح الدين كبارة.
وتزامناً مع احتفال توزيع جوائز مباراة الإيمان القرآنية في طرابلس أقيم احتفال لذات المناسبة في كل من مدرسة الإيمان الإسلامية – فرع قبة بشمرا في محافظة عكار – ومدرسة الإيمان الإسلامية – فرع سير – قضاء الضنية تم خلالها توزيع الجوائز على الطلاب الفائزين في كل من قضاء الضنية ومحافظة عكار والكلمات شددت على أهمية حفظ كتاب الله تعالى والإقتداء بسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
يشار إلى أن مباراة الإيمان القرآنية الـ 37 شملت فروعها ما يلي: سورة الشورى: للمرحلة الابتدائية، سورة الأنفال: للمتوسط والثانوي، الجزء التاسع عشر: لجميع المراحل، حفظ أول 5 أجزاء لجميع المراحل، ترتيل وتجويد الجزء الثامن لجميع المراحل، وكان جديد هذا العام فرع خاص لطلاب المعاهد الشرعية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم للمرحلتين المتوسطة والثانوية ( حفظ الأجزاء الستة الأولى + تفسير الجزء الأول).
رحم الله الشيخ الفاضل محمد صلاح الدين كبارة، وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
المصادر:
1-مجلة التقوى - العدد 153 - المحرم 1427- شباط 2006م.
2- صفحة الشيخ محمد صلاح الدين كبارة على الفيسبوك.
3- شبكة الشفاء الإسلامية.
وسوم: العدد 856