الشــيخ القائد الشهـيد أمين عبد الرحمن يكن ( أبوعابد )
(1357-1420هـ)/ ( 1937-1999م)
مقدمة:
هو الشيخ القائد الشهيد أبو عابد (أمين بن عبد الرحمن بن طاهر يكن)، (1937-16 ديسمبر1999) من أعلام جماعة الإخوان المسلمين في سورية وقادتها البارزين، شغل منصب نائب المراقب العام للجماعة، وقعت على عاتقه قيادة الجماعة في سورية خلال الفترة الممتدة من عام 1963 ولغاية عام 1975م.
تعرض للملاحقة والاعتقال والاغتراب خلال حياته السياسية، ولعب دوراً هاماً في محاولات التهدئة بين النظام السوري والإخوان المسلمين في سورية في نهاية السبعينيات وفي نهاية التسعينات من القرن العشرين، ونجم عن وساطته إطلاق سراح عدد كبير جداً من المعتقلين السياسيين من جماعة الإخوان المسلمين (ذكرت بعض المصادر العدد 4 آلاف معتقل)، ومن عناصر الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، تم اغتياله من قبل عناصر مشبوهة من عائلة (مسلم) في الباب بسبب خلاف – كما قيل- على الأرض.
إن المتابع لتاريخ الإخوان المسلمين في سورية خلال الفترة الممتدة من عام1963 إلى عام 1975 التي تسلّم في بدايتها قيادة الجماعة الأستاذ عصام العطار "حفظه الله"، ثم غادر سورية بعد مدةٍ وجيزةٍ، واستقر في ألمانيا، وانتهت بتسليم القيادة للأستاذ عدنان سعد الدين "رحمه الله"؛ يجد أن الجماعة خلال هذه الفترة قد انتظمت، وكبرت، وازداد أعضاؤها، واتسعت دائرة نشاطها على الرغم من كل ظروف الحظر والملاحقة والتضييق عليها، وكان تنظيمها يتطور لولبياً في حركة مبصرة، ويتقدم من موقع إلى آخر وفق رؤية تستهدف بناء الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم.
ويجد أن هناك من كان يقود الجماعة خلال هذه المرحلة السرّية ويعمل على بنائها بناءً قوياً متماسكاً خلال ما يزيد على عقد من الزمن، وصفه بعض الأوفياء المخلصين من رجال الجماعة أنه (كان يعمل لوحده سراً عمل كتيبةٍ من الرجال الأشداء) (30).. وقال فيه أحد الإخوة الأبرار أنه (لاذ بالصمت.. وعمل بصمت.. وحبّب إلى غيره الصمت) (17)..
وأنه لم يكن شغوفاً بالمنصب والسلطة بل شغفه بالتأسيس ورفع البناء، وكان يعتقد أن زيادة سطر في سوية البناء تستحق الكثير من التضحية والجهد، وكان رحمه الله كثير التحذير من الأعمال الانفعالية، وردود الفعل العاطفية. (1)
وأنه وضع الأسس المتينة والراسخة لتنظيم إسلامي قوي الدعائم، واضح الأهداف محدد الأساليب والآليات، وقد استطاع خلال عشر سنوات، مع إخوانه، أن يبني تنظيماً قوياً في ظروف شديدة القسوة يخيّم فيها الاستبداد على القطر من أدناه إلى أقصاه. (1)
قال فيه أحد قادة الجماعة أنه: (رجل ٌفحلٌ من فحول جماعة الإخوان، كان صادقاً وشجاعاً وصريحاً..) (27)
وشهد فيه أحد أعلام الجماعة (أشهد وقد كَتَب الله لي أن أعاصر كل قادة الجماعة وكل مراقبيها العامين حتى اليوم من عام 2010، وأن أتعاون معهم، وأن أكون قريباً منهم، بدءاً من شيخنا السباعي "رضوان الله عليه" أشهد أن الأخ أبا عابد كان قائداً مميَّــــــزاً.. قاد العمل في سورية بكفاءةٍ عالية، وعقليةٍ منظَّمة مبدعة.. تابعَ وبكفاءة عالية قيادة الجماعة في أخطر المراحل وفي مواجهة أخطر التحديات)(3)..
إنه الشيخ الداعية الشهيد أمين عبد الرحمن يكن "رحمه الله تعالى".
المولد، والنشأة:
ولد الشيخ القائد الشهيد (أبو عابد) أمين بن عبد الرحمن بن طاهر آغا يكن عام 1937م في مدينة حلب في سورية، ونشأ في أسرة حلبية عريقة، ونسبة (يكن) تؤكد أن أسرته على صلة قرابة وثيقة بالسلاطين العثمانيين.
وقد كانت ولادته ونشأته في قناق (قصر) آل يكن في حي باب النصر قرب المدرسة العثمانية في حلب، وهي مدرسة كبيرة وشهيرة أنشأها جدّه الوزير عثمان باشا يكن (والي دمشق، ثم حلب، ثم مصر، وأخيراً مشيخة الحرم المكّي)، وتعدّ أوقافها من أضخم الأوقاف الإسلامية في سورية.
ويذكر الكاتب عامر رشيد مبيض، مؤرخ حلب عالم آثار، إن أرض الحديقة العامة بحلب كانت من أملاك أسرة آل يكن، خصصها الوجيه عثمان باشا يكن صاحب السجل الإنساني العظيم، وقفاً لجامع ومدرسة العثمانية بحلب.
ثم تبرعت أسرة آل يكن بالأرض لبناء الحديقة العامة ... وقد اختار موقعها المهندس الكبير مجد الدين الجابري، رئيس بلدية حلب عام 1946 ...
الدراسة، والتكوين:
نشأ الأستاذ أمين يكن، وترعرع في كنف عائلة ثرية، واسعة النفوذ، والتحق بمعهد حلب العلمي (الكلّية الأميركية) ورغم ذلك التزم بالسلوك الإسلامي، وانتسب للحركة الإسلامية وعمره 16 سنة، وكان نقيب أسرته الداعية أحمد بنقسلي، وكان الشاب أمين يكن مؤثراً بزملائه مقرباً من أساتذته، واستطاع إقناع الإدارة أن تخصّص مكاناً لمسجد في المدرسة، كما استطاع أن يقنع مديرية المعارف باستبدال كتاب التاريخ الذي اكتشف فيه ورود فقرة باللغة الانكليزية تقول أن "فلسطين هي الموطن الأصلي لليهود"، مما يدل على وعيه السياسي منذ صغره.
تابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة دمشق.
أورد الأستاذ محمد فاروق البطل تحت عنوان (من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن):
"أنه كان شاباً جميل الطلعة، حلو البسمة، بادي الرجولة، فارساً، حصيفاً، صاحب حجة ورأي، قوي الشخصية، يملك حقاً مقوِمات القيادة، ملتزِماً بالإسلام بكل صرامة، لم يكن على استعداد أن يساوم عليه، حتى لمن كان أقرب الناس إليه...وأشهد أن التزامه بالإسلام خُلُقاً وسلوكاً ودعوةً وحركةً جاء في وقت مبكر من حياته مذ كان يافع الصبا".
انتسابه إلى جماعة الإخوان المسلمين:
انتسب الشاب أمين يكن منذ فتوته الأولى، إلى جماعة الإخوان المسلمين سنة 1953م، وانخرط في العمل الدعوي على جميع المحاور، وعمره ستة عشر عاماً، وقدّمه تميّزه بالجدية والحزم والذكاء على المستويين التنظيمي والعام إلى مواقع متقدمة في الجماعة، وجمع حوله ثلّة متميزة من الشباب الواعي من أبناء المدينة وأبناء الريف شكلت نواة لتكتلٍ إخوانيٍ في غاية الدقة والتنظيم.
موقفه من الوحدة مع مصر:
كان موقفه وموقف قيادات الجماعة مؤيداً لقيام الوحدة مع مصر، ورفعوا شعار الوحدة جزء من عقيدتنا، ووافقوا على حلّ الجماعة لقيام الوحدة، واقترح البعض أن يقوم الإخوان السوريين بالتهليل والاحتفال مع المحتفلين بقدوم عبد الناصر، وهذا ما رفضه أمين يكن بكل وضوح قائلاً (نحن مع الوحدة، ولكن لم تجفّ بعدْ دماء إخواننا في مصر حتى نهلل، ونحتفل بقدوم عبد الناصر!)
وهذا يعبّر عن مدى شعوره بآلام إخوانه في مصر، كما أن الأستاذ أمين يكن حافظ على صلته ولقاءاته مع أفراد الجماعة في إطار اجتماعي شخصي بعيد عن الإطار التنظيمي خلال فترة الوحدة خوفاً منه على تفرق لُحمة الجماعة.
نجاحه في انتخابات الاتحاد القومي:
شارك الأستاذ أمين يكن في عهد الوحدة بانتخابات الاتحاد القومي عام 1958م، وله من العمر واحد وعشرون عاماً، ونجح فيها ليكون أصغر شاب ينجح في انتخابات عامة، مزاحماً بذلك الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية.
ولقد ساعده على هذا النجاح انتماؤه الإسلامي، حيث كانت الحركة الإسلامية في حلب ذات ثقل نوعي إضافةً إلى تميزه ونبوغه وموقع أسرته الاجتماعي.
كما نجح معه من قادة الجماعة الشيخ محمد علي مشعل (حمص)،.. وغيره.
تسلّمه أمانة سر مجلس الشورى، ثم رئاسة مركز حلب للجماعة:
ولما تميّز به الشاب أمين يكن من وعي وحُسن تدبير، وما يحمله من صفات شخصية، ولاندماجه التام مع القيادات والقواعد في الجماعة، فقد تمّ انتخابه لعضوية مجلس شورى الجماعة في سورية، وتسلّم أمانة سرّ هذا المجلس الذي يعتبر المجلس الأهم في بنية الجماعة والناظم لإيقاع النشاط الحركي لها.
ثم ما لبث أن تسلّم رئاسة مركز حلب للجماعة، وهو المركز الأكبر على مستوى القطر، وبدأ الإعداد والتنظيم فازدادت أعداد المنتسبين للجماعة بشكل ملفت للنظر في تلك الفترة وبإشراف مباشر منه.
أورد الأستاذ محمد فاروق البطل في معرض ما نشره عن تلك الفترة تحت عنوان (تحية الوفاء):
"فالفضل بعد الله يعود إلى الأخ الحبيب، القائد الشهيد، الفقيد الغالي الأستاذ أبي عابد أمين يكن رحمه الله تعالى، وأجزل مثوبته، فقد كان أعرَفَ بالرجال مني، كان ذكياً نابهاً، صاحب فَراسة، بعيد النظر، يسبُر أغوار إخوانه، ويكتشف مواهبهم وطاقاتهم، ويَسنُدُ كل مهمة لِمَن يعتقد أنه أهل لها، بحكم مسؤوليته عن مركز حلب وبحُسْن ظنه بي أوكل إليَّ إدارة دورة الموجهين أوائل السبعينات..
كان الأخ أبو عابد -طيَّب الله ثراه- هو الذي يرشح لي عناصر الدورة مِمَّن ينتقيهم بقوة فراسته، وبُعدِ نظره، وإحاطته علماً بكفاءات إخوانه الشباب.
وقد أسعدني بترشيح مجموعة من الإخوة الشباب، أذكر منهم: الأخ الأستاذ زهير سالم أبو الطيب، والأخ د. عثمان مكانسي، والأخ العالم الشهيد الشيخ محمد عثمان جمال، والأخ الشهيد الأستاذ مهتدي كسحة، والأخ المهندس محمد نور سويد، والأخ الأستاذ عبد السلام قاوجي، والأخ الدكتور عبد المنان علو، والأخ البروفيسور الدكتور محمود نحاس.. وغيرهم كثير...
رحم الله مَن مضى منهم إلى ربه شهيداً عزيزاً، وحفظ الله مَن بقي..".
تسلّم الأستاذ أمين يكن زمام قيادة الجماعة من 1964-1975م:
بعد انقلاب الثامن من آذار عام 1963، واستلام حزب البعث السلطة وإعلان الحرب على جميع القوى السياسية المخالفة، وبشكل أخص القوى الإسلامية، توجهت جماعة الإخوان المسلمين إلى إعادة تنظيم صفوف أبنائها على أسس جديدة تتلاءم مع طبيعة المرحلة.
وقد أدت سياسات القمع تلك إلى انسحاب الكثير من القيادات التقليدية إلى الظل، ليحتل المواقع المتقدمة قيادات شابة.
وقد كان المرحوم أمين يكن من هذه القيادات حيث وصل إلى موقع نائب المراقب العام بما ناله من ثقة وإعجاب قيادات الجماعة، وعلى رأسهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله-، الذي كان يرى فيه أنموذجاً للداعية العامل، ويضع فيه قدراً كبيراً من الثقة.
بدأ المرحوم أمين يكن مع حداثة السن يضع الأسس المتينة والراسخة لتنظيم إسلامي قوي الدعائم، واضح الأهداف محدد الأساليب والآليات.
وقد استطاع خلال عشر سنوات، مع إخوانه، أن يبني تنظيماً قوياً في ظروف شديدة القسوة يخيّم فيها الاستبداد على القطر من أدناه إلى أقصاه.
كان المرحوم (أمين) نائباً للمراقب العام للجماعة، وقد اضطر المراقب العام الداعية عصام العطار بسبب الظروف السياسية المشار إليها، وبسبب استهدافه وسائر القيادات السياسية التقليدية إلى مغادرة القطر إلى لبنان، ومن ثم إلى ألمانيا حيث استقر هناك، وكان لهذا الوضع الاستثنائي دور في إلقاء كامل العبء على كاهل الشاب الذي احتل موقع نائب المراقب العام، وقام بحقه خير قيام. (1)
دوره في الانتقال من العمل المعوّم إلى المنظّم في أقسى المراحل السريّة:
بينّ الأستاذ زهير سالم في معرض كتابته عن الأستاذ أمين يكن في تلك المرحلة:
"أن دراسة تجربة البناء التنظيمي في جماعة الإخوان المسلمين خلال عشر سنوات من الفترة 1963 - 1973، تشير إلى عمق التخطيط وحسن الإدارة والوعي المبصر الذي كان يتمتع به أبو عابد رحمه الله تعالى، فإذا كان الشيخ مصطفي السباعي رحمه الله تعالى، قد أسس الجماعة مع الرعيل الأول في الأربعينات في مناخ حرّ ومفتوح فإن ما قام به أبو عابد مع إخوانه منذ 1963 هو إعادة تأسيس بالمعنى الدقيق للكلمة".
وأضاف: "أنه في فترة الانفصال كانت مرحلة للعمل المعوّم الذي يعتمد على الجماهير العريضة، فكانت الجماعة تثبت وجودها بقوة من خلال تيارها العريض في الشارع السوري، وبقوة شخصياتها القيادية، التي كانت تصول وتجول في الساحة بقواها الذاتية، وبقواعدها الجماهيرية، دون أن يكون للجماعة بناء تنظيمي حقيقي مترابط على النحو الذي أنجزه فيما بعد المرحوم أمين فيما عرف بالمرحلة السرية.
وكانت المرحلة السرية كما كان المرحوم أمين يكن يؤكد في جميع لقاءاته مع الكوادر الإخوانية ضرورةً اقتضتها الظروف الطارئة، وليست مرحلة طبيعية في مسيرة الحياة الدعوية، كما فهم البعض أخذاً من ابتداء الرسول صلى الله عليه وسلم عهده بمرحلة سرية !!".
وعن هذه المرحلة (التنظيمية السرّية التي قادها الأستاذ أمين يكن) كتب الأستاذ محمد فاروق البطل:
وكان الذي فعله الأخ أبو عابد تنفيذاً لهذه المهمة أنه كان يلتقي وجوه أعضاء المركز والناشطين فيهم، يلتقي كل واحد منهم على انفراد، يسأله عمَّن يرشحه من إخوانه لقيادة العمل في هذه المرحلة السرية، ثم يسأله عن عمل الأخ المرشح، وعن صفاته ومؤهلاته، ويلتقي شخصاً بعد آخر على هذا النحو...
وفي النهاية يختار للإدارة، بعد موافقة المكتب التنفيذي، مَن توفرت فيه الكفاءات القيادية من خلال شهادات الأكثرية مِمَّن التقاهم أو سألهم، طبعاً لجأ الأخ أبو عابد لهذه الطريقة ضرورة، حيث لم يكن من الممكن إجراء الانتخابات في تلك المرحلة السريَّة الخطيرة.
وأشهد أن هذه الطريقة الحكيمة حافظت على وحدة المركز وأمْنِه، ووفَّرت قيادات شابة وجديدة، وذات كفاءة عالية وغير مكشوفة.
وعلى مستوى مركز حلب أشهد أنني ورغم أنني كنت مِمَّن استُشير، وكنتُ عضواً في الإدارة السابقة، وعضواً في مجلس الشورى كما قدمت.
مضت سنوات وأنا لا أعرف مَن هو المسؤول؟ أو من هي الإدارة المختارة والقائمة بالعمل؟.
لكنني كنت أشعر أن العمل منتظِم، والنشاط منضبِط، وأدعو لإخواني بالتوفيق في ظهر الغيب، كنت أتعامل معهم من خلال البريد المنضبِط وارداً وصادراً.. هذا الذي فعله الأخ أبو عابد مجتهِداً في تحقيق الصالح العام، وحفظ أمن الجماعة، وتجديد فعالياتها!!!".
وهذا ما أكّد عليه الأستاذ زهير سالم عن تلك المرحلة بقوله أن:
" المرحوم أمين يكن استطاع مع بقية إخوانه، وبروح الفريق الفاعل، أن يبنوا تنظيماً قوياً متماسكاً على أسس شرعية وعلمية وإدارية دقيقة، وكان هذا التنظيم رغم سريته يفرض نفسه على الساحة السورية، كان مسبار قوته التجارب الانتخابية، و(الهَبّات) الشعبية التي كانت تقوم بين الحين والآخر للاحتجاج على بعض التصرفات الشاذة التي كانت تقدم عليها السلطة، فيعلن الإضراب العام أكثر من مرة في المدن السورية الكبرى بتوجيه الجماعة ونداءاتها لأبناء الشعب السوري الذي لم يجبن يوماً عن الانتصار لدينه وعقيدته ووطنه !!"
وتابع: "أنه في هذه الفترة (التي يقودها المرحوم أ مين يكن) كان التنظيم يتطور لولبياً في حركة مبصرة، ويتقدم من موقع إلى آخر وفق رؤية تستهدف بناء الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم.
فلم يكن المرحوم أمين شغوفاً (بالمنصب) و(السلطة) بل شغفه بالتأسيس ورفعاً لبناء، وكان يعتقد أن زيادة سطر في سوية البناء تستحق الكثير من التضحية والجهد، وكان - رحمه الله- كثير التحذير من الأعمال الانفعالية، وردود الفعل العاطفية، التي تتمظهر بمظهر القوة أحياناً وهي إلى النزق وقلة الصبر أقرب".
إعادة تشكيل الإدارات بالاعتماد على الشباب:
وعن هذا الجانب كتب الأستاذ محمد فاروق البطل: "أسمح لنفسي من باب التأريخ أن أذكر بعض المواقف التي تشهد للأخ أمين برجاحة العقل، وسداد التفكير، وبُعْد النظر، والحكمة في إدارة الأمور، مع جرأة نادرة، وشجاعة فائقة.. ومنها تشكيل الإدارات في مختلف مدن سورية..
لقد كان من الحكمة بمكان أن يفكر الأخ أبو عابد بإعادة تشكيل الإدارات تجديداً لها، وإدخالاً لعنصر الشباب، ذلك أنه في المرحلة السرية التي اضطرت الجماعة للجوء إليها، لم يكن مناسباً أن يكون على رأس الإدارات الإخوة المشهورون، والمعلَنون، لكونهم مكشوفين، تسهل مراقبتهم ومحاصرتهم واختراقهم".
الخلاف، وانقسام الجماعة:
من أهم أسباب الخلاف الذي حصل بين الأستاذ أمين يكن، والأستاذ عصام العطار هو مغادرة الأستاذ العطار لسورية إلى الحج عام 1964م بعد تسميته مراقباً عاماً بفترة وجيزة، وفي غيابه وقعت حادثة جامع السلطان في حماة، فمنع من العودة في ظروف أحوج ما تكون فيها الجماعة للمراقب العام، ويقال أنه اصطحب معه كامل ملفّات الجماعة (وهذا غير صحيح)، وفسّر البعض موقف الأستاذ العطار أن طبيعته الشعبوية لا تنسجم مع المرحلة السرية التي تمرّ بها الجماعة.
ومن أسباب الخلاف أيضاً موافقة الأستاذ عصام العطار على دخول الجماعة في العمل المسلح (قاعدة الشيوخ) دون الرجوع لرأي القادة على الأرض في سورية، وعلى رأسهم الأستاذ يكن الذي رفض هذا الأمر بشكل قاطع.
وقال الأستاذ عدنان سعد الدين أن بعض الإخوان قد أخذ على الأستاذ عصام بما فيه أعضاء المكتب التنفيذي الذي كان رئيساً له، أنه يتجاوز المؤسسات الإخوانية لقيادة شعبية يكون هو على رأسها.
ويعتبر الشيخ سعيد حوي أن هذا الانقسام قد جاء على خلفية الخلاف على عدة مسائل منها:
مسألة السرّية والعلنية للجماعة، وما موقف الجماعة من مسألة تسليح الجماعة وتدريب كوادرها عسكرياً، وأخيراً حصل خلافٌ بين المراقب العام الأخ عصام العطار الذي يعيش في ألمانيا ونائبه الأخ أمين يكن الموجود في حلب حول الفكرة التي طرحها الشيخ مروان حديد وقبِلها العطّار، وهي موضوع مشاركة التنظيم السوري في معسكرات فتح الفدائية في الأردن والتي رفضها الأخ أمين يكن جملةً وتفصيلاً.
اعتقاله عام 1969م:
في عام 1969م، اعتقل المرحوم أمين في حلب، نتيجة انكشاف حلقة من حلقات التنظيم في مدينة إدلب.. وقادت التحقيقات أجهزة الأمن إلى رأس التنظيم المرحوم أمين يكن. في المعتقل لاقى المرحوم من التعذيب، ما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتبه في صفحات حسناته.
وكان من الممكن لو ضعف، أن يفدي نفسه بالاعتراف على بعض إخوانه، وكان اعترافه سيمثل انهياراً كاملاً للتنظيم في حينها إذ كانت جميع الأوراق بيده، ولكنه صبر صبر الرجال، حتى يئس المحققون الذين أمعنوا في تعذيبه، من أن يحصلوا منه على شيء، فخرج من السجن ليعود إلى موقعه في قيادة الجماعة بهمة عالية وروح متسامية.
وهذا ما أكد عليه عبد الغني سعداوي (محافظ حلب حينها) في معرض حديثه عن الأستاذ أمين يكن أن سبعة من خيرة الضباط والمحققين في الشعبة السياسية قد تفرّغوا للتحقيق معه فور اعتقاله ولعدة أشهر، فلم يستطيعوا أن يحصلوا منه على أي معلومة تفيدهم.
ملاحقته، ونجاته سنة 1973م:
ومما كتبه الأستاذ محمد فاروق البطل عن هذه الحادثة: "كان الأخ أبو عابد مستودع أسرار الجماعة ومعلوماتها، وتشكيلاتها، وكان يعلم أنه لو فوجئ باعتقال أو تفتيش من قبل أجهزة الأمن التي كانت ترصد حركاته، وتراقب كل داخل عليه، وتتابعه في كل خطوة، لتكشفت أسرار ومعلومات وأسماء، لذلك كان دائم الحذر واليقظة والاحتياط...
وفعلاً تعرضت الجماعة لهزة أخرى عندما انكشفت فيها بعض القيادات هذه المرة في مدينة دمشق، وقادت التحقيقات إلى أبي عابد مرة أخرى.. فدوهم بيته وأطلقوا عليه الرصاص لقتله فلم يتمكنوا منه، ويشاء الله سبحانه أن يقع على سياج حديدي ذي سهام، فاخترقت لحمه ونزف دمه، فذهب في جنح الليل لأحد إخوانه الأطباء الجراحين، وسرعان ما نقله إلى مستشفى خاص ليعالَج بشكل سري، بعيداً عن أعين المخابرات؛ لقد استطاع بجرأته أن يفلت من الاعتقال، وينجو من محاولة اغتياله أثناء ملاحقته بالشجاعة الفائقة التي منحه الله إياها، وبالفروسية النشطة التي اكتسبها، وبالخوف على الجماعة التي يحمل مسؤوليتها آنئذ، ولكن الله سلَّمه وسلَّم الجماعة، وصان أمنها وأمن شبابها، ولعل الله سبحانه قد ادَّخر له بقية من العمر ليخدم الجماعة من جديد، وينهض بالمسؤولية من جديد، وكان ذلك بالفعل حين تحقق شيء من الانفراج والإفراج عن المئات من الإخوان المعتقلين".
توارى أبو عابد لفترة طويلة، كان خلالها يمارس مسؤولياته على خير وجه.. كما كان يتابع المعركة الانتخابية لمجلس الشعب السوري، وهو متوار عن الأنظار لدعم الوجوه الإسلامية التي تخوض هذه الانتخابات، وفي مقدمتهم الدكتور إبراهيم السلقيني ..
وكان يعيش حالة من تضييق الخناق عليه من الأجهزة الأمنية ومداهمات شبه يومية لبيوت أقربائه وأصحابه بحثاً عنه..، فهو من المطلوبين الأوائل للسلطة التي حكمت عليه بالإعدام لقيادته جماعة الإخوان المسلمين المحظورة؛ ولما له من دور في امتداد الجماعة تنظيمياً في جميع أنحاء سورية.
مغادرته سورية وحياته في المهجر:
اضطر الأستاذ أبو عابد أخيراً أن يغادر سورية..، وكانت مغادرته في غاية الخطورة في وقت كانت القبضة الأمنية على أشدّها.. ولكن قيّض الله له مجموعة من الشباب المخلصين رافقوه، وأعانوه على ذلك عن طريق لبنان وبعون مباشر من الداعية فتحي يكن مؤسس الجماعة الإسلامية في لبنان وأمينها العام.
وهذه محنته الأخرى في ديار الغربة في لبنان حيث لا عمل، ولا مورد، ولا أسرة، تاركاً وراءه أمه وزوجته وأولاده الصغار، ومزرعته التي هي مصدر عيشه وعيش أسرته... وأثقلته الديون وعانى آلام الغربة والعزلة والقلق، لكن بقيت الجماعة في قلبه وعقله واهتمامه.
كان يزوره في بيته في لبنان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والدكتور محمد علي الهاشمي، والأستاذ عادل كنعان، والأستاذ فوزي حمد.. وغيرهم، كما كان هناك زيارات متبادلة مع الدكتور ناظم القدسي، والأستاذ رشدي كيخيا لما تربطه بهما من علاقات قديمة، وكذلك مع قيادات الجماعة الإسلامية في لبنان، كالشيخ د. فتحي يكن، والقاضي فيصل مولوي.. وغيرهم من روّاد الحركات الإسلامية في فلسطين ومصر والأردن والعراق والسودان لما تربطه بهم من علاقات تنظيمية قديمة على مستوى العالم العربي..
وفي عام 1975وبعد فترة من الملاحقة والاغتراب آثر الأخ أمين يكن الابتعاد عن الساحة السياسية والسعي للعودة إلى سورية، فدعا كل من الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة، والأستاذ عادل كنعان، والأستاذ فوزي حمد، والأستاذ عدنان سعد الدين، والدكتور محمد علي الهاشمي.. وغيرهم من قيادات الجماعة إلى بيته في بيروت لاختيار مراقب عام للجماعة لتعذر استمراره بقيادة الجماعة داخل سورية كونه أصبح معروفاً للسلطة، ورتب الأمور ليستلم الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة موقع المراقب العام للجماعة، إلا أن الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة اعتذر في اللحظة الأخيرة رغبةً منه بالتفرغ للأعمال العلمية والتأليف، فتسلّم القيادة الأستاذ عدنان سعد الدين.
عودته إلى سورية:
في أواخر عام 1976 وبالتنسيق التام مع القيادات الإخوانية، عاد أبو عابد سراً إلى سورية، وتوارى عن الأنظار، وبدأ السعي لإغلاق ملفّه لدى السلطة ودفع بالأعيان من أقربائه وأصدقائه للتوسط لدى القيادة السورية لإجراء تسوية لوضعه على اعتباره قرر أن يعتزل العمل السياسي؛ فتم الوعد بالموافقة شريطة وضعه قيد الإقامة الجبرية، ودرس ملفّه الرئيس حافظ الأسد شخصياً، ثم أصدر قرار العفو الذي وعد به شريطة اعتزاله العمل السياسي، وعاد أبو عابد إلى حلب وسط احتفاء شعبي كبير في حلب وريفها دام قرابة الشهر..
وقد وفى المرحوم بشرط عودته، فلم يتسلم أي موقع تنظيمي مباشر أو غير مباشر، ولكن ظلت عينه على البناء الذي أشرف على بنائه، وقلبه يخفق بحب إخوانه ودعوته.
رفضه تورط الجماعة في العنف والعمل المسلح:
لقد حصّن المرحوم أمين يكن ومن معه من قيادات الصف الأول الجماعة خلال عقد وأكثر، بما كانوا يتمتعون به من بصيرة وحزم ورؤية سياسية بعيدة المدى، في مواجهة دعوات جانبية كان يحملها أشخاص يعيشون على الهامش، ويحاولون زج الجماعة في معارك لم تكن قطّ من رؤيتها ولا من منهجها منذ تأسست على يد الدكتور السباعي -رحمه الله-.
وحول هذا الجانب بيّن الأستاذ محمد فاروق البطل أنه حين اشتد ظلم البعث، وتمادى الطغيان اندفع البعض في إعلان الجهاد، واستنفار الشباب للتدريب والاستعداد، كان للجماعة موقف راشد، وعارض الأخ أبو عابد أمين يكن، في رأيي إن هذا الموقف يشهد للأخ أبي عابد برجاحة العقل، وبعد النظر، وعمق التفكير، وشدة الغَيْرة على مستقبل الجماعة وسلامتها، والخوف على أبنائها مِن أن يُستدرَجوا لمعركة غير متكافئة، ولعمل ليس من منهج الجماعة، ولا مِن خطتها، ولا مِن فكرها، ولم يسبق في تاريخها أن فعلت مثله إلا جهاداً في أرض فلسطين في مواجهة الغزاة من اليهود والمستعمرين.
ولقد أصبح هذا الأمر معروفاً لقادة الأجهزة الأمنية حق المعرفة، خصوصاً بعد اعتقال "الشهيد حسني عابو" الرجل الثاني في "الطليعة المقاتلة"، واعترافه بعد الاعتقال بأن الأستاذ "أمين يكن" قد رفض رفضاً قاطعاً لتلك الأفكار عندما عرضها عليه بعض أفراد الطليعة عقب عودته إلى حلب عام 1976م.
وكانت وجهة نظر الأستاذ أمين حول رفض العنف والعمل المسلح نابعةً من إيمانه بالحوار وقناعته التامة بعدم جدواه بين أبناء الوطن وبأن اللجوء للعنف سيكون ذريعةً للأنظمة الحاكمة ولأعداء الإسلام من الغرب والشرق يبررون بها قيامهم بالعنف المضاد واعتقال وتشريد وقتل الشباب المسلم.
أحداث الثمانينات في سورية:
وقعت الجماعة في الفخّ الذي نُصب لها، بانجرارها إلى أعمال العنف التي بدأت فردية منذ عام1975م، ثم انتقلت إلى جماعية بعد حادثة المدفعية في عام 1979، ونتيجة لإرهاب السلطة واستفزازاتها الدائمة للمشاعر الإسلامية، حيث أعلنت السلطة بعد عملية المدفعية التي نفذها مجموعة من الشباب بإشراف ضابط حزبي، الحرب على الجماعة وأفرادها في الداخل والخارج، في بيان رسمي أصدره وزير الداخلية عدنان دباغ آنذاك، ولم ينفع في دفع التهمة عن الجماعة أنها أصدرت بياناً رسمياً أعلنت فيه عدم علاقتها بالعملية الأليمة.
كان هذا الحادث بمثابة الصدمة للمرحوم أمين يكن، وكان يرقب هذه الأحداث بعين دامعة وقلب كسير، ولا يفتأ يرسل الرسائل الشفوية لمن عرف من إخوانه ليخلي الساحة، ويغادر البلد، ناصحاً بعدم التورط في أعمال العنف أو الاستسلام للاعتقال.
كانت المغادرة هي نصيحته التي ادّخرها لكثير ممن يثق به من الإخوان استبقاءً وإشفاقاً، فقد كان يقرأ بعين بصيرته نتائج الأحداث وتداعياتها.
قيامه بالوساطة بين الحكومة السورية والجماعة في بداية الثمانينات:
وبعد أن استطارت نار العنف، واشتد أوارها، وكثر ضحاياها من أبناء الشعب السوري.. توجهت النية الرسمية ممثلة في شخص الرئيس حافظ الأسد إلى البحث عن مخرج يضع حداً لدوامة العنف، ويقي البلد مخاطر فتنة لن تكون أبداً في مصلحة الوطن.
وكان المرحوم أمين يكن هو الشخص الأول المؤهل لهذه المهمة، فهو في عين السلطة القيادي البارز المعتدل في جماعة الإخوان المسلمين الذي كان له الدور الكبير في بناء التنظيم وامتداده ولقناعتهم بأنه مؤثر جداً ومسموع الكلمة ويحظى باحترام رجالات الجماعة على امتداد سورية وخارجها ومعروف بإيمانه بالحوار البنّاء ورفضه لجميع أشكال العنف بين أبناء الوطن...
وهو من القادة الأبرار للجماعة في عين أقطابها وعلمائها ورجالاتها، أضف إلى أنه رجل المهام الصعبة، ولا يمكن أن يفرّط بحقوق الجماعة وأهدافها وبنائها الذي كان له فيه باع طويل.
وتحمّل الشيخ أمين المسؤولية بأمانة وقوة، ولعب دور الوسيط الناصح والمشفق، فكان ضمن وفد من علماء حلب ضم: الشيخ طاهر خير الله، والشيخ محمد أديب حسون، والشيخ عبد الله علوان، والشيخ محمد الشامي، فكانت لقاءاته تتم مباشرة مع الرئيس حافظ الأسد من جهة ومع قيادة الجماعة من جهة أخرى، مما أدى إلى حالة من التوافق قادت إلى إطلاق سراح المئات من أعضاء التنظيم الإخواني وقياداته، وعودة الدكاترة المفصولين من عملهم، واطلاق سراح الأخوات المحجبات في توجّه حقيقي لحل الأزمة، وتدارك ما فات، والعودة باللحمة الوطنية إلى واقعها المنشود، فدعا الشيخ أمين وأعضاء الوفد المفاوض إلى إنهاء الإضراب وعودة الهدوء إلى البلد.
وعن هذه المرحلة كتب الأستاذ محمد فاروق البطل: "أنه من واقع غَيْرة الأخ أبي عابد على الجماعة التي تعب في بنائها، ولها في عنقه بيعة، وله معها تاريخ عريق، عمل جاهداً لإيقاف المذبحة في أوائل الثمانينات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد آتاه الله من الشجاعة، وقوة الشخصية، والثقة بالنفس، ما جعله يلتقي الرئيس حافظ الأسد لمفاتحته في الحل، والبحث معه في سُبُل حل أزمة البلد.
ومَن يعرفْ حافظ أسد يُدرِك أي جرأةٍ نادرة، وأي شجاعةٍ فائقة، كان عليها الأخ أبو عابد رحمه الله تعالى؟؟ وللأخ القارئ الكريم أن ينشئ التصور التالي: حافظ أسد في قمة سلطته، وفي قمة ديكتاتوريته وتسلّطه، ملك أوراق الحكم، ومفاصل الحكم، ورجال الحكم، بقبضة فولاذية، وكما لم يملِكْها أي رئيس قطّ سابق أو لاحق!!
في مقابل أخٍ فردٍ أعزل، مجردٍ من أي سلطة أو قوة، ليس له أي دعم إلّا من الله، يستند إلى جماعةٍ ضعيفة، مُحارَبة مضطَهدَة مشرَّدة، توزَّعت شبابَها السجون والمقابر والمنافي، يريد أن ينتزع من هذا الرئيس القوي المستبد قراراً بحلّ الأزمة عبر المفاوضات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه..
أقول: لولا أن الأخ الكريم أبا عابد قد ملك من إيمانه بالله، ويقينه بتأييده، ورضائه بقضائه وقدره، ولولا أن الله منحه الثقة بالنفس، وأعطاه قوة الحُجّة، وقوة الشخصية، لما ملك الجرأة والشجاعة أن يحاور حافظ أسد، ولمدة أربع ساعات متواصلة..
ثم إن الأخ أمين يكن رحمه الله تعالى لو لم يكن حكيماً دقيقاً في تصرفه، حذِراً من أي خطأ، لكان يمكن أن تجرَّه النتائج إلى مالا تُحمَد عقباه، ولكن الله سلَّمه ووفَّقه، وبفضل الله أولاً، وبما يعلمه سبحانه من صدق الأخ أمين وإخلاصه له، وحبّه لدعوته، وحرصه على جماعته، نجح في مهمته، وتمَّ التوصل إلى قرار بين الرجلين لحلّ الأزمة عبر التفاوض....
سافر الأخ الشهيد أبو عابد إلى الأردن والسعودية للقاء إخوتنا المسؤولين، فوافقوا...، ثم صدر قرار الإفراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين جَعَلَ الله ذلك في ميزان حسنات الأخ القائد الشهيد أمين يكن، وأسكنه الله فسيح جناته.
إجهاض مبادرة الوساطة والمصالحة:
وفي هذا السياق بيّن الأستاذ علي صدر الدين البيانوني أن الإخوان قد استجابوا لهذه المبادرة، وأبدوا استعدادهم للحوار، وبدأت الإفراجات فعلاً، وتحدّث الرئيس حافظ الأسد في 8 آذار، ووصف جماعة الإخوان المسلمين أنها جماعة صالحة وطنية، وأن قلّة قليلة حملت السلاح، وبدأت الإفراجات فعلاً، لكن فجأةً توقفت في منتصف شهر آذار عام 1980م وبدأت اعتقالات من جديد، وبدأ تمشيط المدن ومحاصرتها من جديد، فتوقفت هذه المبادرة.
إذ كان ثمة رجال نافذون في بنية النظام ينظرون بريبة إلى جهود المرحوم أمين، ويرفضون البحث عن مخرج للأزمة الوطنية، فقد كانوا يرون في (القمع الثوري) الوسيلة الأجدى لحل المشكلة.. وكانوا يرددون بأن الفرصة قد حانت لاستئصال التيار الإسلامي من سورية فلا يجوز أن تضيع، وبالتالي فقد اندفعت فصائل خاصة تابعة لشخصيات معروفة لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في محافظات حماة، وحلب، وإدلب.
ويقال أن "رفعت الأسد" أفشل المبادرة، عندما أعدم حسني عابو وعدداً من إخوانه، ذكر ذلك أكثر من مسؤول في النظام بعد أن طرد "رفعت" من الحكم.
وقد نجحت وساطة الأستاذ أمين يكن بإطلاق سراح المعتقلين، وتخفيف حدة التوتر في البلد، وبدأ الناس يتكلمون عن عودة السلم الأهلي إلى سورية، لكن أطرافاً أمنيةً في السلطة أجهضت الوساطة، التي كان مقدراً لها أن تئد الفتنة في المهد، ولتدخل سورية، بعد ذلك، في نفقٍ مظلم، لم تستطع الخروج منه، وحتى الآن.
ولو أن هذا الاتفاق قد تم تطبيقه لكان جنّب سورية كل الويلات التي عصفت بها، وقد تم إجهاض هذا الاتفاق من قبل الجناح الاستئصالي في السلطة، فقامت أجهزة الأمن في 31 آذار باعتقالات واسعة.
إن الإنصاف يقتضينا في هذا المقام أن نشير إلى أن بعض أصحاب الغلواء في الشارع السوري وممن لا يرتبطون تنظيماً بالجماعة، بل ومن رابطة العمل الشيوعي بذلوا هم أيضاً جهودهم لتخريب حالة التوافق..، وبادروا إلى القيام بأعمال استفزازية لقطع الطريق على المتوافقين.
علماً أن الإخوان لم يفرّطوا بمبادئهم ولا بسمعة جماعتهم عندما دخلوا في هذه المفاوضات مع النظام.
وهكذا وبدون سابق إنذار، بدا أن التوافق الذي كان في طور الإنجاز قد تلاشى، وبدأت السلطات تخوض حرباً دمويةً لا ترقب في مواطن إلاً ولا ذمة، لتنتهي وساطة المرحوم أمين يكن.
لمحات من ما بعد الأحداث:
استطاع الأستاذ أمين يكن أن يفرض احترامه على القيادة الرسمية السورية وأن تستمر علاقته الوثيقة بقيادات جماعة الإخوان المسلمين في سورية وخارجها لما حباه به الله من فكرٍ ثاقب ومواقف وطنية جريئة ومفهوم وسطي أوجب احترام وتقدير كلا الجانبين.
كان لا يفوّت فرصة لمساعدة من يقصده من إخوانه وعائلاتهم لمعالجة قضاياهم العالقة لدى الدولة.
وكان يحاول أن يتدخل في كل قضية سلبية يشعر ضرورة معالجتها، فكان يتوسط لدى الرئيس حافظ الأسد شخصياً أو يتوسط لدى المعنيين في القضايا المفصلية، وعلى سبيل المثال نذكر دوره الكبير في إطلاق سراح مزيدٍ من المعتقلين، وعودة الكثير من المطلوبين المهجّرين، ومنح جوازات السفر لكثير من الإخوان وعائلاتهم؛ وقضية نزع حجاب الطالبات في المدارس، وقضية إعادة المدرّسين والمدرّسات إلى سلك التدريس بعد نقلهم لدوائر غير تعليمية، وكذلك قضية جمعية الإمام المرتضى التي تدخّل لدى الرئيس لتقليص نشاطها بما يقلل الفتنة بين العشائر، وغيرها من القضايا الوطنية والإنسانية التي غالباً ما كان يلقى فيها الاستجابة.. جعلها الله له في صحائف أعماله. (23)(16)(7)
وقد استقبل أبو عابد -رحمة الله عليه- في داره بمدينة حلب الآلاف من الزوار الذين تقاطروا للسلام على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، كما تمكّن من استرداد دار الشيخ التي احتلها أحد الضباط من الطائفة العلوية، وكذلك أقام للشيخ مجلس عزاء لائق في جامع الغزالي بحلب، وكان ساعده الأيمن الشيخ الشهيد محمد مجاهد شعبان، وألقى د. محمد سعيد رمضان البوطي كلمة في المناسبة.
ولا يخفى على أحد القدر الكبير من المحبة والتقدير والألفة التي يتبادلها الأستاذ أمين يكن مع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة طيلة حياتهما رحمهما الله.
مبادرته الشخصية لردم الهوة ورأب الصدع عام 1997م:
وتمضي السنون والأيام ليتحرك الأخ أبو عابد من جديد، بمسعاه الحميد باحثاً عن حلّ مشرِّف... وبدافعٍ وطنيٍ صادقٍ نابعٍ عن إحساس عميق بضرورة معالجة أوضاع إخوانه المعتقلين والمهجّرين والمطلوبين عاد المرحوم أمين يكن للقيام بمبادرة جديدة للمّ الشمل الوطني عام 1997 بمحاولة منه لإجراء مصالحةٍ وطنيةٍ شاملة، وقد ساعدته جهود العلماء في السعي الأزمة من أمثال الشيخ فتحي يكن، ود. البوطي، والشيخ د. إسحاق الفرحان، ود. حسن الترابي، والشيخ د. يوسف القرضاوي.
وكان من المفترض أن يلتقي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة بالرئيس الأسد لحل الأزمة وإطلاق سراح المعتقلين، وعودة المهجرين، وتقدّم المرحوم في مسعاه، وقام بأكثر من لقاء مع قيادة الجماعة وكوادرها، وشخصياتها العامة خارج سورية عندما ذهب إلى عمّان والرياض وجدة، وقابل القيادة، وكنت معهم (أي الأستاذ محمد فاروق البطل)، وعرض عليهم اقتراحاته فوافقوه وشجعوه، وعاد إلى دمشق، ليخبر المسؤولين بموافقة الجماعة على الدخول في حلقة جديدة من المفاوضات، فقالوا له: هذه الموافقة تحمل رأي فريق في الجماعة، لابدَّ أن تأتي بالموافقة من الطرف الآخر، يعنون مجموعة الأخ عدنان سعد الدين رحمه الله تعالى؛ عاد الأخ أبو عابد إلى عمّان، والتقى إخوة هذا الفريق، فكانت الموافقة أيضاً، ثم التقى الفريقين مجتمعين، وكان الإجماع على تفويضه في حلٍ كريم بعد أن نجح في ترتيب الأمور باتجاه إبرام هذه المصالحة بعد أن حصل على تفويض خطي من مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية للقيام بمشروع المصالحة مع الحكومة السورية.
وعاد إلى دمشق ليخبر المسؤولين السوريين بالقرار، ولكن وفي اللحظة الأخيرة أيضاً كان هناك من السلطة من انقلب على المبادرة، وطوى صفحتها ولأسباب لم تزل غامضة حتى الآن!!!.
اغتياله رحمه الله على يد عصابةٍ مجرمة:
وفي يوم الخميس الواقع في التاسع من رمضان 1420، المصادف 16 كانون الأول 1999م، استشهد المرحوم أمين يكن في عملية اغتيال آثمة جبانة على يد عصابة مسلّحة من المجرمين، نَصَبَتْ له كميناً قُبيل الإفطار ببضع دقائق. شيّعه أهالي حلب بجنازة مهيبة، ودفن في مرقد عائلة آل يكن في جامع العثمانية وعُقد مجلس العزاء في جامع الغزالي بحلب.. وفي مزرعته ترحين، كما عقدت مجالس العزاء وصلاة الغائب في الأردن والعراق وفلسطين والكويت ومصر والسعودية وتركيا..
وأقام له الداعية فتحي يكن مجلس عزاء في طرابلس حضره كبار الشخصيات في لبنان والعالم العربي.
لازال يكتنف ظروف استشهاده الكثير من الغموض، لقي ربه، وهو صائم ورزقه الله الشهادة التي طالما كان ينشدها، ويقدِّر كثيرون أن الأخ الشهيد دفع ثمن مبادئه النبيلة، وأن الأمر لا يبعد عن الوساطة التي قام بها، والمواقف التي التزم بها...
لقد عاش (أمين يكن) بقلبه وروحه وعقله الإسلام ودعوته، وظلّت أواصر الأخوة الحقيقية تربطه بإخوانه رغم بعده الظاهر عنهم، وكان إذا ذكر مصاب أخ أو مدينة ذرفت عيناه، وتهدّج صوته.
كان مع شخصيته الإدارية والتنظيمية والدعوية شخصية شعبية عامة لها حضورها القوي وسط رجال العشائر حيث كان هناك من الشخصيات المحبوبة المسموعة الكلمة، كما كان محضر خير في إصلاح ذات البين بين رجال المنطقة وينال احترام الجميع وتقديرهم.
رحم الله أمين يكن الشاب الداعية الذي آثر الالتحاق بالجماعة عن التمتع بمباهج الثروة التي كان بإمكانه أن يتمتع بها لو ظل في كنف والده، ولاسيما في أيام شبابه الأولى، ولكنه سعى لله والدار الآخرة، فعاش في شبابه معتمداً على ذاته في ظروف صعبة مقتدياً في ذلك بسابقه الصحابي الجليل مصعب بن عمير.
كان آخر العهد بالشهيد أمين يكن:
التعقلَ والحذرَ والعملَ وأن يكون المسلم على مستوى العصر الذي يعيش، وكانت جنازته يوماً مشهوداً من أيام الشهباء، يوماً يكرر ما قاله الإمام أحمد: قولوا لأصحاب البدع بيننا وبينكم الجنائز.
حياته الأسرية:
تزوج السيد أمين يكن من سيدة مربية فاضلة هي (أم عابد) التي توفيت بعده بزمن بعيد، وأنجبت له العديد من الأولاد، كلهم قد أكمل تحصيله العلمي برز منهم:
- الدكتور عابد أمين يكن:
عميد كلية طب الأسنان، ثم أصبح رئيس جامعة حلب سابقاً، وبعد الثورة هاجر إلى لبنان فأصبح رئيس جامعة الجنان في طرابلس لاحقاً ...
ود. عابد أمين يكن من مواليد مدينة حلب في سورية في 17 يناير/ كانون الثاني 1964م.
ونشأ في كنف والده الشيخ الشهيد أمين عبد الرحمن يكن وأسرة يكن أسرة كريمة غنية تتمتع بنفوذ واسع، ترجع إلى أصول تركية فكلمة يكن تعني ابن أخت السلطان.
الدراسة، والتكوين:
1986م حصل على إجازة دكتور في طب الأسنان- جامعة حلب- بدرجة جيد جداً.
1988م حصل على دبلوم في جراحة الفم والفكين- جامعة دمشق- بدرجة امتياز.
1992م حصل على ماجستير في جراحة الفم والفكين- جامعة دمشق- بدرجة الشرف.
1995م حصل على شهادة دكتوراه في علوم طب الأسنان- جامعة دمشق- بدرجة جيد جداً.
الوظائف، والمسؤوليات:
شغل د. عابد يكن منصب رئيس قسم جراحة الفم والفكين.
ثم أصبح رئيس قسم طب الفم والأسنان.
ثم صار رئيس قسم مداواة الأسنان.
وبعد ذلك صار عميد كلية طب الأسنان.
ثم أصبح نائب رئيس جامعة حلب لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا (رئيس مجلس البحث العلمي).
وأخيراً صار رئيس جامعة حلب (رئيس مجلس الجامعة).
العضويات والفعاليات التخصصية:
1988 رئيس أطباء قسم جراحة الفم والفكين- جامعة دمشق.
1990 عضو جمعية جراحي الفم والفكين السورية.
1993 عضو جمعية جراحي الفم والفكين الأمريكية.
1997 عضو الجمعية السورية للأبحاث وطب الفم الوقائي.
1999 عضو لجنة بحوث العلوم الطبية والصيدلانية وطب الأسنان- المجلس الأعلى للعلوم.
2000 عضو المجلس العلمي لاختصاص جراحة الفم والوجه والفكين في وزارة الصحة.
2001 عضو هيئة تحرير سلسلة العلوم الطبية- مجلة بحوث جامعة حلب.
2003 مستشار للشؤون العلمية لمجلس فرع نقابة أطباء الأسنان بحلب.
2003 رئيس فرع حلب للجمعية السورية للأبحاث وطب الفم الوقائي.
2004 عضو اللجنة التنفيذية لجمعية كليات طب الأسنان العربية- ممثل سورية.
2004 عضو اللجنة الاستشارية لمجلة التراث الطبي العربي " الإنكليزية "- تركيا.
2004 مستشار جراحي في زراعة الأسنان لنظام Eazy System الفرنسي لزراعة الأسنان في سورية.
2004 طبيب استشاري / جراحة الفم والوجه والفكين - وزارة الصحة - دولة الإمارات العربية المتحدة.
2005 مؤسس ورئيس جمعية الشهباء لأبحاث وطب الفم.
المشاركات البحثية العلمية الجامعية و(علاقات التشبيك) الخارجية:
2008 إطلاق مشروع إصلاح البحث العلمي ( ضمن برنامج LEADHER لاتحاد الجامعات العالميIUA) مع (الجامعة العالمية الإسلامية- كوالالمبور- ماليزيا).
2008 المشاركة ضمن فعاليات EUROMED في الملتقى الدائم للجامعات الأوربية المتوسطية EPUF حول (الجودة والتعاون في التعليم العالي) - مرسيليا- فرنسا.
2008 التأسيس لمشروع (تحديث تربوي في التعليم العالي INOSUP) مع CIEP- باريس- فرنسا.
2008 إطلاق مشروع TEMPUS الإقليمي بعنوان (تطوير كرسي الابتكار الجامعي UNCHAIN) في جامعة (غراتس التقنية- النمسا) بالتعاون مع جامعة (دلف التقنية- هولندة) وجامعة (ميلان التقنية-إيطاليا).
2008 رئيس اللجنة الوطنية في مشروع TEMPUS (إعادة هيكلة برنامجي الماجستير والدكتوراة في مجال التكنولوجيا) مع جامعات (بيربينيان، مونبليية، تولوز - فرنسا) وجامعة (كارديف - بريطانيا) وجامعة (الميناو - ألمانيا).
2009 المسؤول عن اتفاق التعاون بين جامعة حلب وجامعة (روما لاسبينزا - ايطاليا) وإحداث وافتتاح ماجستير التأهيل والتخصص في علم الآثار.
2009 المسؤول عن اتفاق التعاون بين جامعة حلب والمدرسة العليا للعلوم الزراعية والتجمع الزراعي الفرنسي وافتتاح ماجستير مشترك في جودة وسلامة الأغذية (جامعة رين- فرنسا).
2010 المشاركة في اتفاقية التعاون مع جامعة (كلّس - تركيا) في الاختصاصات المتوفرة.
2010 التنسيق للمشاركة في مشروع Erasmus Mundus ( دراسة نظام الدكتوراة في المجالات التقنية والاقتصادية) مع جامعة (برنو التقنية - جمهورية التشيك).
الفعاليات والعضويات والمهام العلمية الأكاديمية والبحثية الجامعية:
2007 رئيس هيئة تحرير مجلة بحوث جامعة حلب.
2007 عضو اللجنة العلمية الاستشارية في الهيئة العليا للبحث العلمي.
2007 عضو مجلس إدارة الهيئة العليا للبحث العلمي.
2008 عضو اللجنة التنظيمية لجائزة الباسل للإنتاج الفكري والإبداع الفني بحلب.
2008 رئيس لجنة معادلة الشهادات العلمية بجامعة حلب.
2008 عضو لجنة إعداد ومناقشة الخطة الاستراتيجية لجامعة حلب.
2008 عضو اللجنة الفنية الدائمة للبحث العلمي والدراسات العليا (وزارة التعليم العالي).
2009 عضو مجلس إدارة صندوق دعم البحث العلمي والتطوير التقاني للتعليم العالي.
2009 رئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمي في جامعة حلب.
2010 عضو اللجنة الفنية للتأليف والترجمة والتعريب والنشر – مجلس التعليم العالي.
2012 عضو مجلس التعليم العالي في سورية.
2012 عضو مجلس أمناء جامعة الجنان - لبنان.
الخبرات التأهيلية والمشاركات العلمية التخصصية
1993 زميل زائر لقسم جراحة الفم والفكين (الجراحة التقويمية والزرع)- مشفى Presbyterian- جامعة بتسبرغ- أمريكا.
1993 زرع أسنان على نظام Steri Oss- أمريكا.
1993 زميل زائر لقسم جراحة الفم والفكين (تنظير المفصل الفكي والزرع)- مشفى Shadyside- بنسلفانيا- أمريكا.
1997 أمراض النسج حول السنية- كلية طب الأسنان- جامعة بوفالو- نيويورك- أمريكا.
1997 الصحة الفموية - on the lake Niagara- كندا.
1997 زرع الأسنان على نظام Paragon- كلية طب الأسنان- جامعة بوفالو- أمريكا.
1997 زرع الأسنان على نظام Branemark- كلية طب الأسنان- جامعة بوفالو- أمريكا.
1997 زرع الأسنان Dental Implantology- كلية طب الأسنان- جامعة بوفالو- نيويورك- أمريكا.
2000 زرع الأسنان على نظام Bicon - الجامعة العربية- بيروت- لبنان.
2000 مهمة أكاديمية علمية لتطوير المناهج لكلية طب الأسنان- كلية طب الأسنان- جامعة بوفالو- نيويورك- أمريكا.
2003 تطبيقات Erbium Yag- Key Laser 3 في طب الأسنان- ميونيخ- ألمانيا.
2003 تطبيقات Kavo Dental Education System- بيبيراخ- ألمانيا.
2003 تطبيقات CAD/CAM System Everest- أوولم- ألمانيا.
2003 تطبيقات HealOzon في المعالجات الطبية السنية- أوولم- ألمانيا.
2004 مهمة أكاديمية علمية لتطوير الدراسات العليا- كلية طب الأسنان- الجامعة اليسوعية- لبنان.
2005 زميل زائر لمشفى جراحة الفم والفكين- دوسلدورف- ألمانيا.
2006 الجودة والاعتمادية الجامعية- جامعة العلوم والتكنولوجية- إربد- الأردن.
2006 ورشة عمل دولية حول أسس تقييم أعضاء الهيئة التدريسية في كليات طب الأسنان- الرياض- السعودية.
2007 زرع الأسنان والطعوم العظمية- (بيرن و زوريخ)- سويسرا.
2011 زميل زائر - كلية طب الأسنان - جامعة ميريلاند- الولايات المتحدة الأمريكية.
مؤلفاته من الكتب الجامعية المنجزة (بالمشاركة)
(جراحة الفم)- منشورات جامعة دمشق.
(أمراض النسج الداعمة)- منشورات جامعة دمشق.
(أسس التخدير في طب الأسنان)- منشورات جامعة حلب.
(مبادئ قلع الأسنان)- منشورات جامعة حلب.
(التشريح وعلم الجنين للرأس والعنق)- منشورات جامعة حلب.
(علم الأشعة- المبادئ والتشخيص في طب الأسنان)- منشورات جامعة حلب.
(المواد السنية)- منشورات جامعة حلب.
(التخدير الناحي والقلع)- منشورات جامعة حلب.
(الجراحة الفكية الوجهية)- منشورات جامعة حلب.
(الجراحة الفموية وزراعة الأسنان)- منشورات جامعة حلب.
منشوراته من الأبحاث العلمية المنجزة المنشورة (منفرداً أو بالمشاركة)
( الأكياس في مدينة حلب ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 40 تاريخ 2/6/2001 من الصفحة 195 إلى 223.
( الاختلاطات الجراحية الناجمة عن الأعمال الطبية السنية الخاطئة ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 40 تاريخ 28/5/2001 من الصفحة 173 على 194.
( الجراحة اللثوية عند أبي القاسم الزهراوي ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 39 تاريخ 18/6/2000 من الصفحة 165 على 177.
( الجراحة الفكية عند الأطباء العرب ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 42 تاريخ 17/9/2002 من الصفحة 83 إلى 102.
( الإجراءات الوقائية تجاه الانتانات في ممارسة طب الأسنان ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 42 تاريخ 17/9/2002 من الصفحة 83 إلى 102.
( أمراض الجيب الفكي سنية المنشأ ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 51 تاريخ 7/5/2006 من الصفحة 95 إلى 114.
( الكسب العظمي الناتج عن تطبيق الطعوم العظمية وأغشية التجدد النسيجي الموجه بعد القلوع الجراحية ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 50 تاريخ 18/10/2005 من الصفحة 143إلى 184.
( تطبيق الطعوم العظمية وأغشية التجدد النسيجي الموجه في الآفات الذروية النافذة عبر العظم على القواطع ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 53 تاريخ 11/1/2006 من الصفحة 27 إلى 43.
( التغيرات السريرية في المخاطية الفموية لدى مرضى غسيل الكلية ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 51 تاريخ 21/5/2006 من الصفحة 135 إلى 158.
( دراسة مقارنة بين استخدام طعوم السيليكون الصلب وطعوم الهيدروكسي أباتيت المسامي الصلب في تجميل الذقن ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد60 تاريخ29/4/2008 من الصفحة 417 إلى 436.
(التحري عن التغيرات العظمية في الفك السفلي تحت الطعوم الصنعية الذقنية باستخدام التصوير الطبقي المحوسب ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد63 تاريخ 10/7/2008 من الصفحة 41 إلى 54.
(تقييم التبدلات الحسية في منطقة الشفة والذقن بعد الجراحة التصنيعية للذقن باستخدام الطعوم الصنعية الوجهية ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد63 تاريخ 21/7/2008 من الصفحة 195 إلى 210.
(تأثير إضافة الميبريدين إلى الليدوكائين بالترشيح الموضعي على التخدير والألم ), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 65 تاريخ 6/11/2008 من الصفحة 117 إلى 136, وفي مجلة EURO JOURNALS في لندن/المملكة المتحدة تاريخ 9/10/2008.
(دراسة مقارنة بين فصل الدعامات الوجنية الفكية مع أو بدون شطر الدرز الحنكي الأوسط في توسيع الفك العلوي), منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 64 تاريخ 2/11/2008 من الصفحة 337إلى 348, وفي مجلة المجلس العربي للاختصاصات الطبية بدمشق تاريخ 18/2/2008.
(دراسة تغيرات الحاجز الأنفي الأوسط لدى مرضى توسيع الفك العلوي الهيكلي الجراحي باستخدام تقنية فصل الدعامات الوجنية الفكية مع شطر الدرز الحنكي الأوسط)، منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 65 تاريخ 23/11/2008 من الصفحة 149 إلى 160.
(دراسة التغيرات المشاهدة خلال فترة التثبيت لدى مرضى توسيع الفك العلوي الهيكلي الجراحي باستخدام تقنيتي فصل الدعامات الوجنية الفكية مع أو بدون شطر الدرز الحنكي الأوسط)، منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 65 تاريخ 30/12/2008 من الصفحة 225 إلى 244.
(دراسة سريرية وشعاعية للنسج الداعمة حول الغرسات في الفكين)، منشوراً في مجلة بحوث جامعة حلب /سلسلة العلوم الطبية/ العدد 73 تاريخ 13/9/2010.
طيور مهاجرة – د. عابد يكن.. بروفيسور جراحة الفم وطب الأسنان:
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر في 1-أبريل 2021م:
حلقة جديدة من برنامج “طيور مهاجرة”، وحوار هام حول تجربة أحد أبرز الشخصيات العربية الأمريكية الناجحة، وهو الطبيب الأمريكي من أصل سوري، الدكتور عابد أمين يكن، بروفيسور جراحة الفم والفكين بكلية طب الأسنان في جامعة ديترويت ميرسي.
حلب الشهباء:
بدأت الحلقة بمقدمة مختصرة عن منطقة حلب السورية، التي تعدّ العاصمة الاقتصادية لسوريا، والتي ينحدر منها ضيف الحلقة، الدكتور عابد يكن، حيث تناولت المقدمة تاريخ حلب وأصل تسميتها وأهم ما يميزها.
وبدأ الدكتور يكن حديثه حول اكتشاف بعض الآثار في حلب مؤخرًا، والتي يعود تاريخها إلى 13 ألف عام قبل الميلاد، وليس 7 آلاف سنة فقط، مؤكدًا على أن حلب كانت أيضًا عاصمة للثقافة والحضارة الإسلامية في فترة من الفترات.
ثمّ تناول الدكتور يكن بعض ذكرياته في حلب التي وُلِدَ ونشأ فيها، وتحدث عن تدرجه في مراحل التعليم المختلفة في حلب.
يرى الدكتور يكن أن التعليم في حلب كان هو الأفضل من بين باقي الأراضي السورية، وتحدث عن تفوق جامعة حلب وتميزها العلمي، وكشف أنه كان من بين خريجي الدفعة الثالثة من كلية طب الأسنان بجامعة حلب، فيما تابع دراسته للماجستير في دمشق، قبل أن يعود مجددًا إلى حلب ليعمل بجامعتها حتى أصبح عميدًا لكلية طب الأسنان بجامعة حلب، إلى أن جاء العام 2012، حيث اضطر إلى ترك سوريا والسفر خارجها.
تميز وتفوق علمي:
لخريجي الجامعات السورية باع كبير في التفوق العلمي في مختلف بقاع الدنيا، في هذا الصدد، قال الدكتور يكن إن “جامعة حلب ـ على سبيل المثال ـ كانت مقصدًا للعلم والعلماء والباحثين من مختلف التخصصات، ولها سمعة وصيت علمي واسع على مستوى العالم، كما أن بها معهد التراث العربي الذي لا يوجد مثله في العالم العربي”، منوهًا عن التأثر النسبي الذي لحق بها بسبب ظروف الحرب.
وأكد الدكتور يكن عن مكانة خريجي الجامعات السورية في العالم، عندما يهاجرون ويعملون في مختلف دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي يمتاز فيها الأطباء السوريين بأفضل وأهم المناصب، بسبب ما يحملونه من علوم حصلوا عليها من الجامعات السورية، والتي طوروها في أمريكا.
شجون وذكريات:
عن أبرز الذكريات في سوريا والتي لا تزال تثير شجون الدكتور يكن؛ قال “تحمل حلب أجمل الذكريات بالنسبة لي، فكل ركن في حلب لي فيه ذكريات، وذكرياتي مع الحجر والبشر لا تنتهي”، وتحدث عن قربه من جميع الأصدقاء والزملاء والمرضى، والساعات الطويلة التي كان يعمل خلالها بحب وشغف.
وتحدث الدكتور يكن عن بعض ذكرياته، ومنها صلاة الجمعة في حلب، ولقاءاته مع أصدقاء الدراسة والعمل والجيران، حيث تمنى أن تعود تلك الأيام الجميلة في سوريا، التي للأسف تركها مضطرًا بسبب ظروف الحرب.
علاقته بالولايات المتحدة:
عن زياراته للولايات المتحدة قبل قدومه إليها والاستقرار فيها؛ قال الدكتور يكن: “بدأت علاقاتي الأكاديمية مع الولايات المتحدة منذ عام 1993م، فمنذ أن سجّلت لمرحلة الدكتوراة في جامعة دمشق، كان لي مشرف مشارك على البحث من جامعة ويست فيرجينيا، فقدمت إلى مدينة بيتسبرج.
وكنت طبيبًا زائرًا في كلية طب الأسنان بجامعة بيتسبرج، وعدد من مستشفيات المدينة لمدة 6 أشهر، وفي تلك الفترة اطلعت على مستجدات مجال جراحة الفم والأسنان”.
منذ عام 1995م، عاد الدكتور يكن إلى الولايات المتحدة كل صيف أو صيفين، حيث تطورت مهاراته في مجال زراعة الأسنان والطعوم العظمية وأمراض اللثة، ثم عاد يكن مجددًا كأستاذ زائر إلى نيويورك وماريلاند وكنتاكي.
وحكى الدكتور يكن عن رغبته في البقاء في الولايات المتحدة في عام 1993م، لكن رغبة والده في أن يعود إلى سوريا كانت أقوى من طموحه في البقاء بالولايات المتحدة، لكنه عاد مجددًا إليها في عام 2012م مضطرًا بسبب ظروف الحرب في سوريا.
وأوضح الدكتور يكن على مستوى التطور الذي وصلت إليه المجالات العلمية في الولايات المتحدة، وتحدث عن الأسباب التي تدفع البعض لترك سوريا والتوجه إلى الغرب بحثًا عن فرص أفضل في التعليم والدراسة والعمل.
وفي نفس الوقت هناك رغبة لدى كثيرين في العودة مجددًا إلى سوريا لإفادتها بعلمه وعمله، ولكن الظروف الموجودة هناك هى ما يمنعه من فعل ذلك.
العمل في ديترويت ميرسي
عن اختيار الدكتور يكن لجامعة ديترويت ميرسي؛ قال: “عندما غادرت سوريا، توجهت أولًا إلى لبنان، حيث مارست عملي الجامعي في جامعة خاصة هناك، وخلال تلك الفترة شعرت أن الاستمرار في لبنان ليس آمنًا، وما أبقاني هناك خلال تلك الفترة هو أملي في أن تستقر الأمور في سوريا وأعود إليها.
وفي تلك الأثناء كنت قد سافرت إلى الولايات المتحدة مرتين، وفي إحداهما طُلِبَ مني أن أعمل بجامعة ديترويت ميرسي، وترددت في البداية، ولكن بعد الاستخارة.. وافقت وقدمت إلى ميشيجان في عام 2016″.
عن الخدمات المتميزة التي تقدمها جامعة ديترويت ميرسي، لا سيّما كلية طب الأسنان، قال د. يكن إن الكلية توفر تسهيلات كثيرة لعلاج مرضى الأسنان، خاصةً وأن علاج الأسنان من الأمور المكلّفة جدًا في الولايات المتحدة، كما تقدم الكلية تعليمًا متميزًا لطلابها في هذا المجال.
نصيحة أخيرة:
في الختام؛ قدّم الدكتور يكن نصيحته لكل صاحب طموح، حيث أكد على ضرورة بذل الجهد والإخلاص والعمل الجاد من أجل الوصول إلى ما يتمناه، فيمكن لطالب الطب أن يتخرج وأن يصبح طبيبًا، لكنه قد يكون طبيبًا فاشلًا، لذا لابد من العمل ومواصلة الدراسة والاطلاع، فالعلم يُؤتَى ولا يأتي)[1].
- الأستاذ المحامي د. سائد أمين يكن:
وهو من مواليد مدينة حلب في سورية.
نشأ، وترعرع في أسرة مسلمة ملتزمة يرعاها الراحل الشهيد الداعية أمين يكن، وأسرة يكن من الأسر المشهورة ذات النفوذ في حلب. تعود في أصولها إلى تركيا.
الدراسة، والتكوين:
درس في ثانوية المأمون في حلب، كما درس في ثانوية الكندي.
حصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الجنان في طرابلس لبنان.
وكانت الرسالة قد أجيزت بتقدير ممتاز، وهي تحت عنوان: جريمة العالمين في الدولة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.
له شعر في رثاء أمه رحمها الله تعالى رحمة واسعة، وأسكنها فسيح جناته...يقول فيها:
نزلَ الأَسى فوقَ الأَسى بِديَارِي... وامتـدَّ كالطُّوفــانِ؛ كالإعصـار
وفقدتُ أُمي نائيـــاً، و مهجَّــــراً... في لجَّـةِ الإِحبَـاطِ ؛ وَالأكدارِ
وبكيتُ مَجــرُوحَ الفُــؤَآدِ؛ مُنَاجيـاً... أُمِّي ، بِـــدَمــعٍ نَازِفٍ مــدرَارِ
وَأَضَعتُ بوصلَةَ النجَــــاةِ بِفقدِهَا... و فقـدتُ يَنبُــوعاً منَ الإِيثَــار
وصرختُ وَآ أُمَّـــاهُ.. وارتـدَّ صدىً... للدَّمـعِ ؛ والآهَــاتِ ؛ والتَّذكارِ
فلرُوحهَـا منِّي التحيَّــةُ.. كلَّمــا... جـادت غُيُــومُ الحُبِّ بالأَمطَـارِ
(رحمك الله يا أمي رحمة تطمئن بها نفسك وتقر بها عينك)[2]
أصداء الرحيل:
وفي يوم الخميس الواقع في التاسع من رمضان 1420هـ، المصادف 16 كانون الأول 1999م، اغتيل الشيخ أمين يكن في عملية مدبرة على يد عصابة مسلّحة، نَصَبَتْ له كميناً قُبيل الإفطار ببضع دقائق. وقد شيّعه أهالي حلب بجنازة مهيبة، ودفن في مرقد عائلة آل يكن في جامع العثمانية و ُقد مجلس العزاء في جامع الغزالي بحلب، وفي مزرعته ترحين، كما عقدت مجالس العزاء وصلاة الغائب في الأردن والعراق وفلسطين والكويت ومصر والسعودية وتركيا.. وأقام له الداعية فتحي يكن مجلس عزاء في طرابلس حضره كبار الشخصيات في لبنان والعالم العربي. لازال يكتنف ظروف اغتياله الكثير من الغموض.
وهذا بعض ما قيل وكتب عن الشيخ الشهيد أمين يكن بعد استشهاده:
فقد كتب الدكتور محمد علي الهاشمي تحت عنوان (في ذمة الله.. أبو عابد)
فجعت الحركة الإسلامية في سورية بفقد أحد قادتها البارزين أمين يكن "أبو عابد" في عملية اغتيال غادرة، قام بها مجهولون من خصومه وأعدائه المجرمين.. ولقد كان لهذا الاغتيال الآثم رنة أسى ولوعة، أحسّها كل من عرف أمين يكن عن قرب، وما كان يتحلى به يرحمه الله من خصال الرجولة والمروءة والشجاعة، والنجدة، وفعل الخير.
نشأ أمين يكن في أحضان عائلة كبيرة من عوائل حلب، المعروفة بالوجاهة والغنى والنفوذ، وكان مسلكه ومسيرته في الحياة على النقيض من شباب تلك العائلات الكبيرة، ففي الوقت الذي انصرف فيه معظم أولئك الشباب إلى اللهو والمجون وانتهاب اللذات؛
كان الشاب أمين يكن يغشى المساجد، ومجالس الذكر، والعبادة، والتوجيه، فنشأ متديناً ملتزماً بآداب الإسلام وأخلاقه، مع أنه كان أحد طلاب الكلية الأمريكية في حلب التي عرف معظم طلابها بالتحلل من أخلاقيات الدين، وقد أهّله اتجاهه هذا نحو التدين إلى أن يكون من أبناء الحركة الإسلامية الذين كانوا ذلك الحين ملء السمع والبصر في مدينة حلب.
وبلغ مرتبة القيادة في هذه الحركة بعد أن اشتد عوده ونضجت شخصيته، وعمل فيها بجد وإخلاص وتفانٍ، بعيداً عن العنف والفوضى والتسيب والارتجال، في ظروف اتسمت بصعوبات جمة، صبر فيها على لأواء المحن، ودخل السجن وعذب فيه تعذيباً شديداً... ثم لوحق، وغادر البلاد، ثم اعتزل العمل التنظيمي في الإخوان وعاد إلى حلب سنة 1976م، وانصرف إلى عمله في قريته.
ولكنه لم ينس دعوته وإخوانه، ولا سيما في فترات الكرب والضيق والأزمات الشداد، فقد قام بوساطات عدة بين النظام الحاكم في سورية والإخوان، كان آخرها سنة 1997، ووقف نفسه ووقته لحل مشكلات إخوانه وأسرهم وأولادهم.
والتوسط لهم لتسهيل أمورهم، وقد علمت أنه كان قبل اغتياله بيوم واحد يطالب المسؤولين بحل مشكلة الإخوان، وعودتهم إلى بلادهم، في إطار مصالحة وطنية، تغسل الصدور، وتعيد الألفة إلى النفوس، والوحدة إلى الصفوف.
وقدّر له إخوانه هذا الدور الكبير الذي يقوم به في الوساطات المستمرة، وإسعاف العائلات المضيّق عليها، ومسارعته إلى تقديم العون اللازم لها، ولذلك وقع نبأ اغتياله على نفوسهم وقع الصاعقة، فبكته العيون والقلوب، وافتتحت الدور لاستقبال المعزين فيه في شتى الأقطار، وشهدت حلب في تشييع جنازته واستقبال المعزين فيه من إقبال الجماهير، ما لم تشهده إلا في جنازات الزعماء الكبار المجاهدين.
رحمك الله يا أبا عابد، كنت رجلاً حين عزّ الرجال، وبطلاً حين قلّ الأبطال، وأباً رحيماً لكل ولد يطلب منك العون، وأخاً معيناً لكل زوجة ابتعدت عن بيتها، وزوجها، وأولادها، تمدّ لهؤلاء جميعاً يد النجدة والغوث والعون، في وقت يتهيب كثيرون من مدّها للمحتاجين الملهوفين.
لكأن الله أحبّ أن يكافئك على أعمال الخير التي قدمتها للمحاويج والمعذّبين، فكتب لك أن تختم حياتك بالشهادة، وكنت تطلب من الله أن يرزقك الشهادة، وها أنت ذا تنعم في جوار ربك، إن شاء الله مع الصدّيقين والشهداء.
إن العين لتدمع، وإن القلب ليخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنّا على فراقك يا أبا عابد لمحزونون، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وكتب الأستاذ الداعية زهير سالم وتحت عنوان (الشهباء تودع واحداً من خيرة أبنائها):
سلام عليك أبا عابد.. سلام عليك أيها المجاهد الصامت.. سلام عليك يا من لذت بالصمت، وعملت بصمت، وحببت الى غيرك الصمت.. سلام عليك.. من إخوة درب، مازالوا ينتظرون، يسألون الله الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد، تملأ أعينهم الدمعة، وتفجع قلوبهم اللوعة، ولا يقولون إلا ما يرضى ربهم: إنا لله و إنا إليه راجعون، و إنا على فراقك يا أبا عابد لمحزونون.
سلام على الحكمة التي اختزنتها في قلبك وفكرك، فكانت تضبط حركتك إيقاعاً منظماً، يبعد الوهن، ويسدّ المنافذ على الشيطان.
سلام على الحلم والأناة اللذين بهما أعليت في الشهباء البنيان، ما أنبتَتَّ يوماً ولا أحببت المنبتين، ولا تسرعت ولا أحببت المتسرعين، ولا تلهفت على أمر من أمور الدنيا، ولا تعجلت شأنا من شؤونها، سلام عليك أخي أمين يكن شاباً يافعاً تفاصل برفق من أجل دعوتك أقرب الناس إليك، وتحتمل في سبيل ذلك ما تعجز عنه همم الرجل المجربين.
سلام عليك داعيةً نشطاً تتابع بنفسك كل صغير وكبير من أمور إخوانك، وأمور دعوتك..
سلام عليك جبلاً شامخاً تصمد بإباء في أعماق الزنازين وتحت سياط الجلادين تحمي ببعض لحمك أسرار دعوتك تفدي بروحك إخوانك..
فما يحصل منك الطغاة رغم قسوتهم كثيراً أو قليلاً.
سلام عليك وهمّ المفجوعين من أبناء دعوتك يسهر ليلك، ويضني نهارك، ويملأ عينك بدموع تجدها إن شاء الله في ميزان حسناتك.
سلام عليك داعيةً وسطاً تقول التي هي أحسن، وتدعو للتي هي أحسن وتدفع بالتي هي أحسن.
وبعدُ يا أبا عابد كيف كانت عاجل بشراك؟ وهل استطاعت الشهباء أن توفيك يوم وداعك بعض حقك؟ الشهباء التي خرجت بشيبها وشبابها وبكل أطفالها لوداعك، لأنك كنت بالنسبة إليها الرمز، وكانت الجماعة التي تمثل بالنسبة إليها الأمل.
ألم يقل إمام المحن الأول في تاريخ هذه الأمة، الإمام أحمد، قولوا لأصحاب البدع: بيننا وبينكم الجنائز؟ ألم يقل أحد سلاطين الدنيا وقد أطل على جنازة العز بن عبد السلام رحمه الله: الآن استقر لي ملك مصر، لو نازعني هذا الرجل الملك لنزعه مني؟ ترى ماذا قالت جنازتك في حلب الشهباء يا أبا عابد؟
أما لإخوانك ولمحبيك، فقد قالت الكثير، مما لا يدخل في إطار لغة، ولا يحيط به كلام بليغ. أما للآخرين فماذا عساها تقول؟ هل قالت ما قالته جنازة العز بن عبد السلام لحاكم مصر؟ ولكن ربما يكون الفرق أن أبا عابد لم يكن فرداً، وإنما كان رمزاً، كان جماعةً شارك في بنائها وإعلاء شأنها.
هل قالت لهم جنازة أبي عابد ما مكانة هذه الجماعة عند أبناء الشهباء، وما حجم الحب لهذه الدعوة؟
وما عمق الولاء لهذا الدين؟ هل دعتهم جنازتك إلى مراجعة حساباتهم؟ هل وضعت على رأس أولوياتهم أن يعيدوا تثبيت أقدامهم على أرض الوطن، وأن يتشابكوا مع أبنائه لأن الثبات على الأرض أقوى ألف مرة من التعلق بحبال الوهم سواء كانت أمريكية أو صهيونية.
هل وعظتهم جنازتك وكفى بالموت واعظا وأنت تشيع بالقلوب والدموع، فتساءلوا بماذا غداً سيعيشون؟
رحلت يا أبا عابد وفي صدرك أمل، وفي حلقك غصة، وفي نفسك إرادة.. إرادة إشاعة الحب والخير والمعروف في ربوع وطنك، وخرجت جماهير الشهباء أجمع لتبارك أملك، وتدعم إرادتك، وتدعم من خلالك إلى إشاعة الحب والخير والمعروف بين الناس.
فسلام عليك أبا عابد في الآخرين والأولين، وسلام عليك إلى يوم الدين.
وكتب الشيخ الداعية د. محمد فاروق البطل تحت عنوان (من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن):
مضى الرجل إلى ربه، وأضرع إليه سبحانه أن يتقبَّله في عداد الشهداء، أشهد وقد كَتَبَ الله لي أن أعاصر كل قادة الجماعة، وكل مراقبيها العامين حتى اليوم من عام 2010، وأن أتعاون معهم، وأن أكون قريباً منهم، بدءاً من شيخنا السباعي رضوان الله عليه، أشهد أن الأخ أبا عابد كان قائداً مميَّزاً.
قاد العمل في سورية بكفاءة عالية، وعقلية منظمة مبدعة، وبتفرغ كامل، وبمتابعة مستمرة، بعد أن هجر دنياه... تابعَ وبكفاءة عالية قيادة الجماعة في أخطر المراحل وفي مواجهة أخطر التحديات. استمر على ولائه للجماعة والتزامه بمنهجها، منذ أن دخل مدرسة الإخوان أوائل الخمسينات، وحتى رحل عن هذه الدنيا الغرور شهيداً بإذن الله تعالى.
وكتب الشيخ الداعية فتحي يكن كلمة رثاء في مجلس عزاء الشهيد أمين يكن في لبنان:
(من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا).. إن العين لتدمع وأن القلب ليخشع وإنا على فراقك يا أبا عابد لمحزونون.. أيها الإخوة الكرام.. أيها الأحبة.. أيها القادمون من لبنان وخارج لبنان.. يا أحباب أبي عابد.. إن جَمْعنا اليوم هو جَمْع المحبة والوفاء لأخينا الشيخ الشهيد أمين يكن..
إن الوفاء لرجل مجاهد مثلك يا أبا عابد لا تفيه العبارات، ولا تكافئه الكلمات وعزاؤنا فيك يا أخي أنك لقيت ربك شهيداً صائماً ثابتاً على دربه متمسكاً بحبل رضاه.. ولا يسعنا إلا أن نقول ما يرضي ربنا.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
نحن لا نرثيك يا أبا عابد إنما نرثي أنفسنا، فقد قمت بواجبك خير قيام، وأدّيت ما يرضي ربك خير الأداء ولقيتَ ربك على أحسن ما يكون اللقاء بين الله وعباده.. لقيته بعد حياة ملؤها الخير والعطاء للإسلام ودعوته.. حياة ملؤها الخير والعطاء للمصابين والمحتاجين.. لقد أوقفت نفسك لخدمة رسالة ألزمتَ بها نفسك.. رسالة الأتقياء الأنقياء المجاهدين الذين لا يخافون في الله لومة لائم..
لقد تمنيتَ الشهادة في سبيل الله.. ودارت بك الأيام.. عشت قسوة السجون فلم تلن لك عزيمة.. وذقت مرارة الملاحقة والغربة فلم تتراجع قيد شعرة عن مسيرتك في خدمة رسالة الإسلام.. وهل يمكن لرب العزة أن ينساك.. لا وعزته وجلاله.. لقد رزقك الشهادة على يد زمرة من الكفرة الفاسقين.. وأبى الله إلا أن يلقاك شهيداً وأنت مظلوم صائم في ليلة الجمعة في العشر الأوائل من رمضان.. عشر الرحمة..
ومن منا لا يتمنّى لنفسه هذه الخاتمة.. هنيئاً لك لقاء ربك يا أبا عابد وأنت على هذه الحال التي يعجز المرء عن إحصاء فضائلها.. لقد فقدك أهلك وأصحابك ومحبوك في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إليك.. فقدوا رجلاً في وقتٍ عزّ فيه الرجال.. جريئاً في الحق.. صلباً في مواجهة الظلم.. تكللك رجاحة العقل وسعة الصدر والصبر على الشدائد..
نقول لصحب أبي عابد وأحبابه أن سيروا على ما سار عليه، سيروا على درب الصبر على الدعوة المباركة بما يحيط بها من مصاعب دون أن يبالي بمحنة أو ابتلاء. أسأل الله تعالى أن يسدّد خطانا ويجعل لنا من سيرة أبي عابد أسوة حسنة وأن يحسن ختامنا كما أحسن ختامه وأن يسكنه فسيح جناته ويلحقه بالأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.. والسلام عليك يا أخي الحبيب القريب الحسيب النسيب أبا عابد ورحمة الله وبركاته.. وندعو الله متضرعين أن يجمعنا وإياكم في ظلّ عرشه تبارك وتعالى إنه على كل شيء قدير.
وكتب الأستاذ زهير سالم مقالة أخرى تحت عنوان (الشيخ أمين يكن.. الداعية الذي اغتيل مراراً):
مرّت بنا منذ أيام الذكرى الخامسة لرحيل الداعية المجاهد (أمين يكن) رحمه الله تعالى، وتزامنت تلك الذكرى مع إعلان جماعة الإخوان المسلمين لمشروعها السياسي لسورية المستقبل، وكم كان يهنؤنا أن يكون (أبو عابد) رحمه الله تعالى بين ظهرانينا يستقبل بواكير ثمر طالما سقى غرسه ورعاه.
لقد مثل الشيخ أمين يكن منذ ريعان شبابه إلى أن اختاره الله إلى جواره شهيداً، نحسبه ولا نزكي على الله أحد، انموذج الداعية المتفتح القوي بلا ضعف، والصلب بلا قسوة، والحكيم مع الجرأة والثبات والصمود.
كانت تجربته الأولى في أقبية المخابرات شاقة، وكان يمكن للشواهد التي بين أيدي المحققين أن تهد البنيان التنظيمي لجماعة الإخوان كافة، ولكن المرحوم اعتصم بالله فعصمه بالصبر على صنوف الأذى والعذاب الذي لحق به، مما لا يصبر على مثله إلا الأقلون، ثبت أبو عابد وصبر فحمى اخوانه وجماعته وفداهم بما لاقى من عذاب.
وأعقب ذلك بعد الافراج عنه عمليات مطاردة متلاحقة أدت إلى انسحاب الأخ أمين من الساحة السورية ليعيش بعيداً لبعض الوقت، ثم لتتاح له من جديد فرصة العودة المشروطة بمجانبة العمل التنظيمي داخل بلده. كانت تلك عملية الاغتيال الأولى التي نفذت ضد الشهيد (أبو عابد).. والتي كانت لها انعكاساتها السلبية فيما بعد على الوطن بأسره.
ذلك أن المفتونين بفتون القوة والسلطة لم تبلغ بهم رؤيتهم أن يتصوروا ثمرات إقصاء القيادات المجربة المستبصرة الحكيمة!! فقد كان إقصاء الشيخ أمين رحمه الله تعالى الوصلة المتممة لحلقة إقصاء قيادات الجماعة والذي بدأت منذ الستينات بإقصاء الأستاذ عصام العطار حفظه الله ، وبعده الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، وكل الطبقة التي كانت تقود العمل الإسلامي على الصعيدين الشعبي والتنظيمي، الفكري والسياسي والاجتماعي.
ثم كانت عملية الاغتيال الثانية التي نفذت على شخص الداعية أمين يكن في مطلع الثمانينات، ابان تفجر الأحداث الدامية على الساحة الوطنية، عندما استطاع من خلال جهد مخلص ودؤوب أن يضع ركائز مصالحة حقيقية، كان يمكن أن توفر على الوطن بكل فئاته الكثير من الآلام والمعاناة، كما كان من الممكن أن تؤسس لمستقبل وطني أكثر إشراقاً.
ففي الوقت الذي أثمرت فيه تلك الجهود إطلاق سراح المئات من المعتقلين كمدخل إلى تاريخ سياسي واجتماعي جديد حاول الشهيد أن يؤسس له؛ سارعت يد الطيش التي كانت تعيث فساداً على الساحة السورية بتوجيه طلقة قاتلة لجهود الشيخ أمين، ومصادرة كل جهوده الخيرة لمصلحة مشروع تدميري كان يهدف إلى الانفراد بالوطن وسحق كل خير فيه.
وئد مشروع المصالحة وانطوى الواقع الوطني على جرح نازف، وانكفأ الشيخ رحمه الله تعالى إلى عزلته يبكي أبناء وطنه بحرقة وانفعال.
سألته بعد أعوام طالت عن بعض ما كان.. فاغرورقت عيناه، بل أجهش بالبكاء. وقال: حسبك، سل عما شئت إلا عن هذا. كانت الرحمة في قلبه للمصاب الكبير فوق طاقته وقدرته.
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، فرحم الله أبا عابد وأحسن مثوبته. وكان الاغتيال الثالث، يوم تحمل همَّ مبادرة وطنية في التسعينات، كلف بها من أعلى المستويات، بل من الشخص الأول في سورية مباشرة، عُهد إليه وهو الرجل المجرب في المهام الصعبة، أن يتوفر على وضع أساس لمصالحة وطنية تعيد الوئام إلى الصف الوطني، تردم الهوة، وتجسر الفجوة.
وسارع الشيخ أمين يكن رحمه الله تعالى بنفسية القائد والأب في وقت معاً يحمل عبء المهمة على صعوبتها.
فحل وارتحل، والتقى مع كل صاحب شأن ورأي، وشرَّح ووضح، وأشار ونصح حتى ظن أنه أحكم الأساس، عاجلته يد الغرور للمرة الثالثة بوأد مسعاه، وقيل له كما فعل معه من قبل، انتهت المهمة، فلا تتعب نفسك بعد الآن!!
قتلٌ حقيقي أن يقتل الأمل في نفس الإنسان، الأمل في ماذا؟! ليس في دنيا يصيبها، وإنما في إحياء نفوس ذابت في الزنازين قهراً، وأخرى ملأها اليأس انتظاراً للوالد أو الولد أو الزوج. كانت تلك عملية اغتيال ثالثة تلقاها الداعية المجاهد بدمعة صامتة: غفرانك ربي لقد حاولت.
وكان الاغتيال الرابع للشيخ أمين تلك الفعلة الأثيمة المنكرة التي نفذتها يد تلفعت بالجريمة، وغلفت بواعثها بضباب كثيف لا يمنع من طرح السؤال: هل دفع الشيخ أمين حياته ثمن ماضيه الدعوي الإسلامي؟! وثمن حرقته الوطنية وحرصه على أن تعود الوحدة الوطنية في سورية إلى أفقها الوضاء؟! أو ثمن جهده الدائب الذي لم ينقطع في خدمة دينه ومجتمعه؟!
تساؤلات كثيرة لاتزال حائرة دون جواب!! قُتل الشيخ أمين، رحمه الله تعالى، نال المجرمون من جسده، وحلقت روحه الطاهرة إلى بارئها.. ولكن النقمة على الداعية المجاهد لم تنقطع بموته، رغم أن الموت، كما يقال عنه، دافن الأحقاد؛ فماتزال محاولات أهل الريب والحقد تجهد للنيل من مكانة الشيخ رحمه الله تعالى ومن ماضيه وجهاده.
اغتيال خامس تنقص أصحابه العفة وكرامة الرجال، وإنما هم في ذلك: كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل وهل كان أبو عابد إلا بحراً يضيع في لجته كل ما يلقى فيه؟! رحم الله الشيخ أمين وأجزل ثوابه وتقبله عنده في الصالحين.
وكم كنا نتمنى يا أبا عابد أن تكون بين ظهرانينا لتستقبل المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. هذا المشروع الذي مددته، وأنت في رحاب ربك ببعض مدادك يوم غرست ويوم سقيت.
وقال الأستاذ عدنان سعد الدين في معرض شهادته على العصر في قناة الجزيرة:
" كان أمين يكن رجلٌ فحلٌ من فحول جماعة الإخوان، كان صادقاً وشجاعاً وصريحاً..."
المجاهد العابد الشيخ الداعية أمين يكن
وكتب الأستاذ حسن عبد الحميد رحمه الله يقول:
من أعلام جماعة الإخوان في سورية، وقادتها البارزين، نائب المراقب العام
تلميذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، التقطه من ثانوية أميريكية بحلب، وكان يرى فيه أنموذجاً للداعية العامل رغم حداثة سنه.
انتسب لدعوة الإخوان وسنه ١٦ ربيعاً، هذا الأمر أثار حفيظة والده وسخط عليه وحرمه من مباهج الثروة ؟؟
أولى إليه قائد الحركة الاسلامية الشيخ العلامة أبو غدة النيابة عنه فقاد الجماعة وبدأ يضع الأسس الراسخة لتنظيم قوي يعتمد على الشباب.
في عشر سنوات استطاع اليكن هندسة التنظيم ؟؟
فبنى تنظيماً قوياً في ظروف شديدة القسوة، خيم فيها الاستبداد على القطر من أدناه إلى أقصاه ؟؟
كان نائباً للمراقب العام من ٦٣ إلى ٧٣ .. فترة ظهر فيها عمق التخطيط والوعي المبصر الذي يتمتع به هذا القائد فإذا كان الشيخ مصطفى السباعي قد أسس الجماعة مع الرعيل الأول في الأربعينيات، فإن ما قام به اليكن مع إخوته منذ ٦٣ هو إعادة التأسيس بالمعنى الدقيق، لأن الجماعة حلت نفسها زمن الوحدة، وقامت المرحلة السرية وقادها اليكن على أسس شرعية وعلمية تنظيمية.
كان مسؤولاً عن مركز حلب وعمره ٢٥ فكان فارساً، بهي الطلعة قوي الحجة، ملتزما بالإسلام خلقا وسلوكا ودعوة وحركة، إنه المهندس الحقيقي لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا.
تولى مسؤولية قيادة الجماعة بصفته نائب المراقب العام، فالأستاذ عصام العطار المراقب العام حفظه الله حيل بينه وبين العودة لسوريا..
لم يسمح له بالعودة بعد خروجه لأداء فريضة الحج، فوقع الحمل الضخم على عاتق هذا الشاب الوديع، الفارس الشجاع، فقاد العمل بكفاءة نادرة وعقلية مبدعة في أخطر المراحل، حين تولى البعث الحكم في آذار ٦٣ وحكموا البلاد بالحديد والنار، فانتشر الإلحاد، وأسست المليشيات المسلحة.
سلمني أسرة من المهندسين، كان يناديني بشيخي، عشت معه آلام الدعوة وأحلامها، نمنا معاً، سهرنا معاً، طلب مني والده أن أرافقه وأدرس معه واستأجر لنا دارا للدراسة فكان نعم الأخ، كان يطيب له المقام والسهر عندي فيدخل داري بعد تعب يوم شديد مناديا بأعلى صوته أم حمدي: أين المخبص؟
حضر إليّ ساهراً في بيت والدي رحمه الله في مدينة الباب، وأدركنا النوم، وكان في الغرفة منقل فحم للتدفئة، في منتصف الليل خرجت من الغرفة، شاهدتني والدتي رحمها المولى وأنا أترنح، قالت: مالك يا حسن ما يكون مشعل الفحم ؟؟ عدت مسرعاً إلى الغرفة، وأخرجت الفحم قبل أن تخرج روح الأمين ؟؟
طلب مني أن يشتري لي داراً بالتقسيط في حلب في حي الفرقان، قال: وافق وأنا أدفع الأقساط فرفضت، وياليتني وافقت ؟؟
اعتقل سنة ٦٩ ولاقى من التعذيب ما لاقاه، فصبر واحتسب، حتى يئس المحققون منه من أن يحصلوا على معلومة، عرف البعث خطره فتعرض لمحاولات اغتيال عديدة، جاءت خمسين سيارة أمن لاعتقاله، لكنه فر من أيديهم وقفز من بلكونة بيته وولى هاربا، وأطلقوا عليه النار، وفرَّ بسيارته ونزف دمه من سياج حديدي وعالجه الطبيب الجراح مصطفى عبود، وهو جراح استشهد في أقبية المخابرات تحت سياط التعذيب تقبله الله.
واختبأ في بيت أبي رشيد ستواق شهراً، وأرسل اليّ لملاقاته فحضرت وأنا خائف، رشاش فوق رأسه، وأعطاني تعليمات وهو أصغر مني سنا وأقل علما، ومع ذلك سمعت وأطعت، وهربناه إلى لبنان من تلكلخ يرافقه حراسة مشددة بقيادة أبي ماهر شيخ ويس رحمه الله، واستمر في موقعه حتى ٧٥.
وتدخلت الأسرة لإجراء تسوية لعودته لسوريا شريطة أن يعتزل العمل السياسي، فعاد سنة ٧٦ وسط احتفاء شعبي، ووفى بوعده، لكنه ظلت عينه على البناء الذي أشرف عليه، وقلبه يخفق بحب إخوانه.
وقامت الاغتيالات نتيجة إرهاب السلطة واستفزازاتها للمشاعر الدينية، وأعلنت الحرب على الجماعة، وصدر قانون العار ٤٩ بإعدام من ينتمي إليها، كان اليكن رحمه الله يرقب هذه الأحداث بعين دامعة، ويرسل الرسائل الشفوية لمن عرف من إخوانه ليخلي الساحة ويغادر البلاد، فقد كان يقرأ بعين بصيرة نتائج الاحداث
وعمل الأمين جاهداً لإيقاف المذبحة وانقاذ ما يمكن إنقاذه أوائل الثمانينيات، وحاور الرئيس الهالك أربع ساعات متواصلة ، سلاحه الإيمان بالله، والثقة بالنفس، وقوة الحجة والشخصية، وتم التوصل إلى قرار بين الرجلين لحل الأزمة بالمفاوضات، وأجريت المفاوضات بين عبد الله الطنطاوي وفاروق بطل وبين علي دوبا وحكمت الشهابي.
وتم الإفراج عن الطنطاوي والبطل وأكثر من ٤٠٠ معتقل في توجه لحل الأزمة، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك يا أبا عابد، لكن ثمة رجال نافذون في الحكم كانوا ينظرون بريبة إلى جهود اليكن، ويرفضون ما يقوم به، إذ كانوا يرون أن الفرصة قد حانت لاستئصال التيار الإسلامي من سورية فنفذت سياسة الأرض المحروقة وارتكبت المجازر في حلب وحماة وإدلب من رجال رفعت وسراياه والوحدات الخاصة.
عام ٩٧ عاد اليكن للقيام بمبادرة جديدة للم الشمل، وحمل تكليف رسمي من القصر الجمهوري للقيام بمحاولة إجراء مصالحة وطنية، ونجح في ذلك، لكن انقلب على المبادرة بعض رجال النظام وطويت الصفحة ؟؟
ونال المجرمون من جسده الطاهر، وهم لا يدرون من هو الأمين اليكن؟؟
ربيت جيلاً من الفولاذ معدنه يزيده العسف إسلاما وإيمانا
ترميك بالأفك أقلام وألسنة تغلي صدورهم حقدا وكفرانا
قد أوسعوك أكاذيبا ملفقة وأنت أوسعتهم صفحا وغفرانا
ومن تكن برسول الله أسوته كانت خلائقه روحا وريحانا
اليكن رجل عاش بقلبه وروحه وعقله للإسلام ودعوته، مهندس جماعة الإخوان في سوريا، كانت له شخصيته الادارية والتنظيمية والدعوية ، وله شخصية شعبية لها حضورها القوي في وسط رجال العشائر.
وكانت جنازته يوما مشهوداً من أيام حلب، ورحم الإمام أحمد حين قال: ( بيننا وبينهم الجنائز ).
وماتزال محاولات أهل الحقد والريب تجهد للنيل من مكانة هذا القائد، تقبله الله سقط شهيدا إن شاء الله، وأسكنه فسيح جناته في مقعد صدق عند مليك مقتدر
يا شهيدا رفع الله به جبهة الحق على طول المدى
سوف تبقى في الحنايا علماً حادياً للركب رمزاً للفدى
ما نسينا أنت قد علمتنا بسمة المؤمن في وجه الردى
سلام عليك أبا عابد من أخوة درب يسألون الله الثبات على الأمر.
سلام عليك يا صاحب الفكر الثاقب، يا صاحب المروءة والشجاعة والنجدة.
سلام عليك كنت تغشى المساجد ومجالس الذكر في وقت لجأ الشباب إلى اللهو والمجون.
سلام عليك كنت رجلا حين عز الرجال، وكنت بطلا حين قلّ الأبطال.
سلام عليك كنت أخا معينا للمحاويج والمعذبين، ولا أنسى ما حييت حين أحضرت إليك الاخ الداعية مصطفى البطحيش، وقد أكل المرض الخبيث لسانه، فبكيت بدموع حرى حين أراك لسانه رحمه ورحمك الله.
سلام على الحكمة التي اختزنتها، وعلى الحلم والأناة.
سلام عليك جبلا شامخا تصمد تحت سياط التعذيب.
سلام عليك كنت أخا لا تفيك العبارات، ولا تكافئك الكلمات، عزاؤنا أنك لقيت ربك شهيدا صائما ثابتا على الدرب، بعد حياة ملؤها الخير والعطاء للإسلام ودعوته، بعد حياة ملؤها الخير والعطاء للمصابين والمحتاجين.
سلام عليك أوقفت نفسك لخدمة رسالة ألزمت بها نفسك، رسالة الأبطال الذين لا يخافون في الله لومة لائم.
سلام عليك رحلت وفي صدرك أمل، وفي حلقك غصة.
سلام عليك في الأولين والآخرين.
سلام عليك في الخالدين.
والله أكبر والعاقبة للمتقين.
الشيخ المجاهد أمين يكن:
وكتب الشيخ حسن عبد الحميد مقالة أخرى نشرها في رابطة أدباء الشام تحت عنوان (رجال عرفتهم):
أمين عبد الرحمن يكن: أمين للرجولة والوفاء، رسول للمحبة والإخاء
الشهم النبيل، الآغا ابن الآغا.
سليل آل يكن، ( ويكن معناها ابن أخت السلطان )، حفيد باني جامع العثمانية ومدفون فيها، جده الوزير عثمان باشا والي دمشق ثم حلب ثم مصر، حفيده الشهيد السعيد أمين يكن تقبله الله.
نشأ وترعرع في كنف عائلة ثرية ورغم ذلك التزم السلوك الإسلامي وانتسب للحركة الإسلامية، وهو في السادسة عشرة من عمره، كلفه التحاقه بالجماعة إلى سخط والده وحرمانه من مباهج الثروة.
والده عبد الرحمن رحمه الله كان إذا مشى في شوارع الباب رنت الأرض تحت قدميه وقام له الوجهاء وقعدوا مرحبين.
تميز بالجدية والحزم والذكاء، فأعاد بناء التنظيم وهندسته، كان رجلاً ومفكراً ونشيطاً، جعله العلامة المحدث الفقيه عبد الفتاح أبو غدة نائبا عنه في العمل الإسلامي العام، ونال ثقته وإعجابه.
عام ٥٨ شارك الأمين في عهد الوحدة بانتخابات الاتحاد القومي وعمره ٢١ سنة ونجح فيها مزاحما الكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية، ساعده في هذا النجاح الانتماء الإسلامي.
قاد الدعوة في أخطر مراحلها، وقعت على عاتقه قيادة الجماعة في سورية من ١٩٦٣ حتى ١٩٧٥، فوضع الأسس المتينة والراسخة، واستطاع مع إخوانه أن يبني تنظيما قويا في ظروف شديدة القسوة يخيم عليها الاستبداد على البلاد من أقصاها إلى أقصاها.
كان صاحب حجة ورأي، قوي الشخصية، يملك مقومات القيادة، عاش بقلبه وروحه للإسلام ودعوته، علاقتي به تحتاج إلى كتاب مستقل، عشنا معا وسكنا معاً، كلفني مع الشيخ عبد الله علوان بقيادة النشاط المساجدي في حلب وريفها، وطلب منا زيارة الأردن حيث قابلنا عمر بهاء الأميري رحمه الله.
تعرض اليكن للملاحقة والاعتقال والسجن والتعذيب والاغتراب، فصبر صبر الرجال حتى يئس المحققون من أن يحصلوا على شيء فخرج من السجن ليعود إلى موقعه في قيادة الجماعة بهمة عالية.
حكم عليه بالإعدام، وأطلق عليه الرصاص مرات ومرات، اختبأ في دار أبي رشيد أشهراً، كان يطلبني وأتلقى تعليماته، وهو الأصغر مني سنا، ويناديني بشيخي، وكان الرشاش فوق رأسه، إلى أن غادر بلده حلب، وهربناه إلى لبنان عن طريق تل كلخ ورافقه مجموعة من الشباب المسلح بقيادة محمد الشيخ ويس رحمه الله.
ثم أقر الابتعاد عن الساحة السياسية والسعي للعودة إلى الوطن، وعاد أواخر ١٩٧٦ سراً إلى سوريا، ووضع تحت الإقامة الجبرية، وظلت عينه على البناء الذي أشرف على بنائه.
لعب دورا هاما في محاولات التهدئة في السبعينيات والتسعينيات فنجم عن ذلك إطلاق سراح عدد كبير جداً من المعتقلين السياسيين.
حين استدعاه الرئيس الهالك تحاور معه لمدة ست ساعات متواصلة وكان على بابه الرؤساء، لكن ثمة رجال نافذون في النظام كانوا ينظرون بعين الريبة لجهود اليكن، وأن الفرصة قد حانت لاستئصال التيار الإسلامي في سوريا، وقد تم ذلك.
وأثناء اللقاء مع هذا الشبل الإسلامي صهر أحفاد سلاطين آل عثمان بيّت له الموساد انتقاما لأنه لمع أكثر من اللازم!
أخونا أبو عابد أراد إخراج فلاحيه من أرضه بعد أن بنى بيتا له وعرض عليهم أن يبني لهم خارج اراضيه فرفضوا، وكانوا عامة بسطاء، فكرهم في أنفسهم وتفاهتهم على لسانهم، جهل وعصبية وحقد وتفاهة!
جعلتهم يترصدون به للانتقام، وهناك من رجال الموساد من يشجعهم فقتلوه في رمضان وهو صائم رحمه الله.
وهكذا فعل الجهل والتعصب القبلي والحقد المصلحي فأهدر دم الرجل العظيم أبو عابد، وتعصب للقتلة أقاربهم وأحقادهم يريدون أملاك الشهيد فاستنجد أولاده بأهل الخير والشهامة ووعدوا بإحالة الأمر إلى القضاء، وصودرت الأملاك، والشرع مع المظلوم حتى ينتصر، وعلى الظالم حتى ينكسر.
ولو سألني القضاة ما رأيك لقلت والله يشهد أن أبا عابد مظلوم، وقاتلوه ظلمة، ومناصروهم ظلمة، وأخذ دوره ومحلاته وأراضيه ظلم في ظلم، ولعنة الله على الظالمين!
أيها الناس: نبينا عليه السلام قال ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) رواه مسلم.
الظلم حرمه الله سبحانه وتعالى على نفسه، وحرمه على الناس فقال تعالى: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا ) رواه مسلم
ومنه غصب الأرض، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه السلام قال ( فمن ظلم قيد شبر من أرض طوقه من سبع أرضين ) متفق عليه
أيها الظالم اعلم أن دعوة المظلوم مستجابة لا ترد، قال عليه السلام ( اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب ) حديث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا تظلمن إذا ماكنت مقتدرا
فالظلم أخره يأتيك بالندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
آمل من المحامي القدير خالد الخطيب، والمستشار عبد الرحمن علاف أن يدافع عن المظلومين وهو من أعرف الناس به.
يا أقارب الشهيد، يا أولاد الشهيد عرفت فيكم الشهامة والعدل ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ٧ سورة محمد.
وإلى السادة القضاة أقدم هدية من كتاب الله تقول ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) ٥٨ النساء
فكل خطباء الجمعة في العالم الاسلامي ينهون خطبتهم بقوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والاحسان ) ٩٠ النحل.
وأنا والله لست خصما لأحد ولكني أقول كلمة حق مرة.
يا قضاة الشرع كونوا مع المظلوم وهو الحاج أمين رحمه الله، حياكم الله يا قضاة العدل، حيا الله من يقف مع المظلوم حتى ينتصر وعلى الظالم حتى ينكسر.
سلام عليك أبا عابد:
سلام على الحكمة التي اختزنتها في قلبك وعقلك.
سلام عليك جبلا شامخا يصمد في أعماق الزنازين.
رحمك الله كنت رجلاً حين عزّ الرجال، وبطلاً حين قلّ الابطال.
سلام عليك أيها المجاهد في الخالدين.
والله أكبر ولله الحمد.
رثاء الشهيد أمين يكن:
لقد تقاعس شعراء الدعوة في سورية في رثاء الأستاذ الراحل الكريم، ولم نقرأ سوى ما كتبه الشاعر الحلبي الأستاذ (محمد سمّاني) في قصيدة رثاء يقول فيها:
التقى الشاعر بالشهيد أبي عابد قبل استشهاده، فأثّر فيه تأثيراً كبيراً، وملك عليه إحساسه ومشاعره بذكائه الجمّ، وفطنته الفريدة وعلمه الغزير فكانت هذه القصيدة المطَّرزة بكنيته وأسمه ولقبه:
أمينٌ للرجولةِ والـوفاء رســـولٌ للمحّبــةِ والإخاءِ
بنفسي موقـفٌ فردٌ يتيم غنيٌّ بالنبَّـالةِ والذّكاء
وَعَتْ أضلاعُـــه علماً غزيراً كأزهارِ الرّيـاضِ بلا مراءِ
عيـونُــهُ راصـدٌ فــذٌ خبير بأجواءِ الظّــواهرِ والخفَاءِ
أبٌ بــرٌّ، ذكيُّ السمْعِ جدّا ويطفئُ صمتُه نـارَ الدَّهاءِ
بــهِ أَرَجٌ منِ الأطيابِ تــزكو ثماراً للشهامــةِ والإباءِ
دَهَتْه عصابةٌ غدْراً مساء فـويلٌ للجُنـاةِ من السماءِ
أيعــرفُ قاتلــوه بأنَّ سهما أصابَ فحاذِروا قلْبَ الوفاءِ
مَشَتْ في الناسِ سيرتُه فغصّت قلــوبٌ بالنحيبِ وبالبُكاءِ
يهــونُ الخطْبُ إنْ طالت لعمري يدُ الحقِّ رقـــابَ الأدنيـاءِ
نصونُ تُراثَــه بالعينِ لمـّا تــؤدِّبُ أمتي نسْلَ الإمـاءِ
يعيشُ الــدّهْرَ ما عاشَ الوفـاء يكلّلُ بالســنا هامَ الفِداءِ
كشذْوِ العطرِ ما قامت ورود وشهْــدِ النحلِ تريـاقِ الـدّواءِ
نَــأَيْتَ بجسمكَ الأرضيِّ عنّا وروحُـكَ في العُــلاَ رحْب الثَّواءِ
وبعد:
هذه نبذة مختصرة عن حياة الشيخ الشهيد أمين يكن، فإني أدعو ورثة الأستاذ الداعية أمين عبد الرحمن يكن إلى المحافظة على تراث الشيخ والمساهمة في نشر سيرة حياته، كما أدعو أصحاب القرار أن يطلقوا اسم الشهيد على المدارس أو الحدائق، أو الشوارع تخليداً لذكراه، كما أدعو أن تقام الندوات والأمسيات لتعدد مناقبه ليكون قدوة للأجيال، في الوسطية والاعتدال ونبذ العنف كما أرجو من الشعراء، وأدعوهم إلى تجديد العهد والقيام بالواجب في بيان مآثره وسجاياه وصفاته وأخلاقه.
والشيخ أمين من الشخصيات القليلة التي تعرفت عليها عن كثب لا عن كتب ويعدّ بحق أكرم من حاتم الطائي، وأشجع من أبرز الفرسان، كيف لا وهو يعشق الفروسية، ولديه مزرعة للخيولة الأصيلة، امتاز الراحل بكونه طيب القلب، لطيف المعشر، يألف، ويؤلف، ويدخل القلوب بدون استئذان، وكان شجاعاً جريئاً لا يخشى في الله لومة لائم.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أؤلئك رفيقاً.
المصـادر:
(*) مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
(1) زهير سالم مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية رجال من الشرق أمين يكن.
(2) تحية شكر للأخ الحبيب أبي الطيب زهير سالم تحية وفاء للقائد الشهيد أبي عابد أمين يكن (1 من 4)
(3) من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن ـ رحمه الله تعالى ـ الحلقة (2 ـ 4).
(4) من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن ـ رحمه الله تعالى ـ (3 ـ 4).
(5) من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن ـ رحمه الله تعالى ـ (4 ـ 4).
(6) هل يمكن شطب الإسلاميين من المعادلة! .... ولمصلحة من؟.
(7) نقلاً عن الأستاذ المحامي محمد علي زين العابدين حلب في 10/2/2003 (من أصدقاء الأستاذ أمين يكن).
(8) عدنان سعد الدين الإخوان المسلمين في سورية (1977-1983) مذكرات وذكريات
(9) الإخوان المسلمون في سورية .... رؤية من الداخل ( 1 من 2 )
(10) أوراق من دفاتر المخابرات ماذا قال لنا اللواء ناجي جميل؟ وماذا كان ردُّنا عليه؟ في آذار عام 1980
(11) الطاهر إبراهيم إذا كان هناك من ينتظر!.. فليس لدى النظام السوري شيء يعطيه.
(12) المستقبل السياسي للإخوان المسلمين في سوريا.
(13) الإخوان المسلمون في سورية نظرة عن قرب.
(14) سعيد حوّى، هذه تجربتي وهذه شهادتي.
(15) فاروق طيفور، مجلة الوطن العربي
(16) نقلاً عن الدكتور إبراهيم محمد السلقيني حلب في 6/3/2008، (من علماء حلب القريبين من الأستاذ أمين يكن).
(17) زهير سالم الشهباء تودع واحداً من خيرة أبنائها. مجلة المجتمع العدد 1383 تاريخ 4/1/2000.
(18) فتحي يكن، طرابلس، لبنان، كلمة رثاء للشهيد أمين يكن في مجلس العزاء في لبنان تاريخ 1/1/2000.
(19) محمد علي الهاشمي، في ذمة الله.. أبو عابد. مجلة المجتمع العدد 1382 تاريخ 28/12/1999.
(20) الشيخ أمين يكن الداعية الذي اغتيل مراراً.
(21) محمد سماني، قصيدة "مرثية الشهيد أمين يكن".
(22) نقلاً عن الصيدلي أحمد بنقسلي حلب في 28/4/2002 (المسؤول عن الأسرة الإخوانية عند انتساب الأستاذ أمين يكن للجماعة).
(23) نقلاً عن الأستاذ فاتح حبابا، حلب في 18/4/2002 (من رجالات الإخوان المسلمين القدامى القريبين من الأستاذ أمين يكن).
(24) نقلاً عن الأستاذ فيصل مولوي بيروت في 6/6/2004 (أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان).
(25) نقلاً عن الأستاذ عدنان بدر سعيد، الرياض في 18/2/2001 (من رجالات الإخوان المسلمين القدامى القريبين من الأستاذ أمين يكن).
(26) عامر رشيد مبيض، مئة أوائل في حلب.
(27) عدنان سعد الدين.. عصر الإخوان المسلمين في سوريا ج2 -- عدنان سعد الدين.. عصر الإخوان المسلمين في سوريا ج6
(28) نقلاً عن الشيخ مجاهد شعبان حلب في 2/3/2000 (من علماء حلب القريبين من الاستاذ أمين يكن).
(29) موقع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
(30) نقلاً عن الشيخ حسن عبد الحميد خضر الباب في 11/1/2000 (من رجالات الإخوان المسلمين القريبين من الأستاذ أمين يكن).
(31) موقع رابطة العلماء السوريين.
(32) موقع رابطة أدباء الشام: وسوم: العدد 718
الفهرس
١- مقدمة
2- المولد، والنشأة:
٣ – الدراسة، والتكوين:
4- سماته الشخصية:
5 - انتسابه إلى جماعة الإخوان المسلمين
6- موقفه من الوحدة مع مصر
7- نجاحه في انتخابات الاتحاد القومي
8- تسلّمه أمانة سر مجلس الشورى ثم رئاسة مركز حلب للجماعة
9- تسلّم الأستاذ أمين يكن زمام قيادة الجماعة من 1963-1975
10- دوره في الانتقال من العمل المعوّم إلى المنظّم في أقسى المراحل السريّة
11- إعادة تشكيل الإدارات بالاعتماد على الشباب
12- الخلاف وانقسام الجماعة
13- اعتقاله عام 1969
١4 - ملاحقته ونجاته سنة 1973
١5- مغادرته سورية وحياته في المهجر
١6- عودته إلى سورية
١7- رفضه تورط الجماعة في العنف والعمل المسلح
١8- أحداث الثمانينات في سورية
١9- قيامه بالوساطة بين الحكومة السورية والجماعة في بداية الثمانينات
20- إجهاض مبادرة الوساطة والمصالحة
٢1 - لمحات من ما بعد الأحداث
٢2- مبادرته الشخصية لردم الهوة ورأب الصدع عام 1997
٢3- اغتياله رحمه الله على يد عصابةٍ مجرمة.
24- حياته الأسرية:
٢5- أصداء الرحيل: بعض ما قيل وكتب عن الشيخ الشهيد أمين يكن بعد استشهاده:
٢6.١ الدكتور محمد علي الهاشمي تحت عنوان (في ذمة الله.. أبو عابد)
٢6.٢ الأستاذ زهير سالم وتحت عنوان (الشهباء تودع واحداً من خيرة أبنائها)
٢6.٣ الأستاذ محمد فاروق البطل كتب (من ذكرياتي مع الأخ القائد الشهيد أمين يكن)
٢6.٤ الداعية فتحي يكن كلمة رثاء في مجلس عزاء الشهيد أمين يكن في لبنان
٢6.٥ الأستاذ زهير سالم تحت عنوان (الشيخ أمين يكن.. الداعية الذي اغتيل مراراً)
٢6.٦ الأستاذ عدنان سعد الدين قال في معرض شهادته على العصر.
٢7- المصـادر.
28- الفهرس.
[1] - مصادر:
كلمة رئيس جامعة حلب.
الموقع الرسمي لجامعة حلب
السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عابد أمين يكن - رئيس جامعة حلب.
- موقع كلية طب الأسنان - جامعة حلب.
- موقع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
[2] - مصادر الترجمة:
صفحة د.سائد أمين يكن على الفيسبوك.
وسوم: العدد 990