في ذكرى الشاعر محمد منلا غزيل
الحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الذين اصطفى...
..رغم مرور الأيام لا يزال في الذاكرة شيء من خيال محمد منلا غزيل ذلك الأديب الشاعر رحمه الله تعالى..
كان رجلا خفيف الظل، سريع البديهة، واسع الثقافة، ذرب اللسان، فصيح البيان ، ينساب الشعر من شفتيه كانسياب المياه من الينبوع، وتسمعه فتود أن لا يسكت أبدا..
كنت أستمع إليه متحدثا في حفلات المولد والمناسبات الدينية في مساجد حلب ... أول مرة رأيته في مسجد بلال فشدني بحسن خطابه.. فتابعت كلماته ومقالاته ... وفي الغربة كنت أسأل عنه بعض أصدقائي من مدينة منبج.. وهي مدينة البحتري الرائعة ذائعة الصيت والجمال... فكانوا يطمنوني عليه...
كان غزيل يوجه نصائحه في خطبه للجمهور وللقادة والسياسيين، وتحدث مرة عن السنة النبوية الشريفة منوها بفضلها، وختمها بقوله (وليسمع معمر). حيث كان الرئيس الراحل القذافي فيما يروى عنه أنه ينكر السنة النبوية الشريفة والله أعلم.
رأيته مرة بالباص صدفة وهو. يتصفح مجلة دينية ويتحدث إلى جليسه بصوت عال في أمور الدين والدعوة غير مبال فيما لوكان هنالك من سيكيد له.
توثقت الصداقة بينه وبين شقيقي الأكبر سليم عبد القادر بسبب اهتمام أخي بالشعر والنشيد رحمهما الله تعالى... وكانا يكتبان في مجلة حضارة الإسلام الدمشقية وغيرها.
ومن طرائف ما روى لي عنه أخي سليم أن الأستاذ غزيل كتب مقالا في جريدة رسمية فكوفئ بعشرين ليرة ففرح بها واشترى حذاء جديدا .. ودخل إلى أحد المساجد ليصلي، فلما انتهى وجد أن حذاءه قد سرق! فطارت فرحته به، ولم يتهن بالمكافأة من تلك الجريدة...
ومن المعلوم أن أكثر الكتاب والشعراء لا يتقاضون أي مقابل مادي جراء ما ينشرونه، فهم من الطبقة الكادحة المتعففة.
كانت آخر مرة رأيته فيها خارج مسجد عمر بن عبد العزيز في مناسبة دينية، وكان مغضبا جدا وحوله عدد من الناس يتحدث إليهم، وسبب غضبه لأنه منع من إلقاء كلمة في تلك المناسبة من قبل المنظمين حيث كان بعض المتحدثين يغارون منه لكثرة جمهوره وحب الشباب له .. ولذلك يضعون العراقيل أمامه لمنعه من الحديث...
مر الزمان وذكرى غزيل باقية .. قارئ نهم ومثقف من الطراز الأول .. يحبه الناس مهما كانت مشاربهم ... وأذكر أنه أهدى بعض قصائده للعماد مصطفى طلاس وأشار إلى هذا في أحد دواوينه
هذه لمحة سريعة عن ذلك الأديب الألمعي محمد منلا غزيل الذي نذر نفسه للحق وما زال صدى شعره يرن في أذني:
بعقيدتي بالحق بالإيمان يعصف في دمي
بالنور بالإعصار جيَّاشاً بوهج الأنجم
بالروح تزخر بالهدى بهدى النبي الأعظم
بسنا القلوب الظامئات إلى اللقاء الملهم
سيزول ليل الظالمين وليل بغي مجرم
سيزول بالنور الظلام ظلام عهدٍ معتم
وسيشرق الفجر المبين ويرتوي القلب الظمي
***
أنا مؤمن بالنصر للإسلام للنهج السوي الأقوم
أنا مؤمن بالنصر للإيمان للوعي الأبي المسلم
سنعيدها غراء إسلامية يا أمتي
أنا مؤمن بالعاصف الهدار يجتاح الحنايا
أنا مؤمن بالحق يصرع باطلاً ظلم الرعايا
سنعيدها غراء إسلامية يا إخوتي
رحم الله شعراء الدعوة، وبارك في أرض الشام المباركة أرض النخبة والتميز والشعر والأدب والثقافة.
وسوم: العدد 1068