الراحل الكاتب الصحفي والأديب محمد هدى قاطرجي - رحمه الله

رجال في ذاكرتي : 

علماء- أدباء - دعاة 

عرفت الراحل محمد هدى قاطرجي ،في أواخر السيتينيات في جامعة حلب ، وكان يصغرني بسنوات ! فقد كنا في السنة الثالثة ، عندما انتسب إليها وقد جمعتنا أكثر من أمسية شعرية مشتركة على مدرج كلية الآداب. فكان شعره يمتاز بالرقة والرومانسية إلى حد بعيد ، وله إلقاء جميل لطيف !

ثم توطدت العلاقة بيننا ، حتى لا نكاد نفترق ، في الجامعة ، وفي مسجد زكي باشا في حي الاسماعيلية ، حيث توجد غرفة لوالده الشيخ أسعد نأوي إليها للدراسة في أيام الاختبارات !

كنا في ذلك الوقت مجموعة من الأصدقاء من الريف المجاور ،ومن مدينة حلب ، فغدا رحمه الله واحداً من المجموعة بلباقته ودماثة أخلاقه ، وفيها عصام قصبجي وفاروق الغباري ومحمد رشيد عويد رحمهم الله وعثمان مكانسي وبدر قصاص ، وأحياناً زهير سالم ، وأحمد فوزي الهيب وآخرون !كانت حياتنا معهم حياة أخوة نذهب وندرس ونسافر معاً ، يجمعنا طريق واحد ، ويوحدنا الهدف الواحد!

ثم رحل إلى الكويت للتدريس ، ولم ينقطع التواصل بيننا ! إذ عمل في الصحافة ، فكان له أسلوبه الجريء ، وتحليلاته الجيدة التي تصب في خدمة قضايا العرب والمسلمين ولاسيما عندما كان في هيئة تحرير مجلة المجتمع التي وجد في توجهاتها بغيته ، فكنت بناء على دعوة منه أحد المحررين في الزاوية الأدبية من عام ١٩٨٣ إلى ١٩٩٠ ! وعندما حدث اجتياح العراق للكويت كان في زيارة مكة المكرمة ، فبقي في المملكة العربية السعودية مكرما وانتدب للعمل في تحرير مجلة الرابطة التي تصدر عن رابطة العالم الإسلامي ، فكانت له فرصة جديدة للاطلاع على أحوال العالم الإسلامي والجهود التي تبذلها للتعريف بالإسلام والجاليات الإسلامية ، وأسعدني أني كتبت فيها أيضا لسنوات ، ثم جمعت جل مانشرته فيها وفي مجلة المجتمع ، فكان المادة الأساسية لكتب لي بعد ذاك ، حملت عنوان (في مواجهة الغزو الإعلامي )و ( القصة وأثرها في الطفل المسلم ) و ( نساء مؤمنات ) و ( القصص الإسلامي المعاصر : دراسة وتوثيق ) طبعت في مكتبة دار المجتمع بجدة و أما كتاب ( قضايا المسلمين في القصص الإسلامي المعاصر ) فقد طبع في سلسلة دعوة الحق برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة !

رحم الله الصديق والأخ العزيز أبا اسعد الذي يشهد له كل من عرفه بالوفاء والكرم وصلة الرحم ! وكان مثواه الأخير في مكة المكرمة عام ٢٠١٤ بعد مرض !؟ وسقى الله أياماً ماكان أجملها وأهنأها في حلب الشهباء ، في ظل صداقة خالصة لله ، وفي رعاية مربين وعلماء قلّ نظيرهم ، وأن يتغمد أخانا أبا أسعد وإخوانه برحمته ! ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غِلا ً للذين آمنوا ، ربنا إنك رؤوف رحيم .

وقد جرى على لساني بعض أبيات أذكره فيها و أصدقاءنا في جامعة حلب يومذاك ممن رحلوا :

يعزُّ عليّ …….أبا أسعدِ

 ففقدُ الصديق كفقد اليدِ

فأين الوفاءُ وأين اللقاءُ

بإخوتنا في ربا المسجد ؟ 

وأين عصامٌ وحسني الحبيب 

وفاروقُ نلقاه في الموعد ؟ 

وأين الأحبةُ ، في كل يوم 

لقاءٌ ووددٌّ وحبٌّ نَدي 

فإنْ عزَّ أن نلتقي في الدنا 

فإنا لنرجو اللقا في غد 

بجنات عدن مع المصطفى 

فياحبذا الحوض من مورد !

وسوم: العدد 1091