أستَاذِي المُؤَرِّخُ الكَبِيرُ الدَّاعِيَة والبَحَّاثَةُ ومُؤرِّخُ العَصرِ الدكتور شَوقِي أبُو خَلِيل يَرحَمُهُ اللهُ
فِي الذِّكرَى الرَّابِعَةَ عَشرَةَ لِوَفَاتِه
بين يدي البحث
الحمد لله رب العالمين القائل: (لقد كان في قصصهم عِبرة لأولي الألباب). سورة يوسف - (111).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرحمة المُهداة والسراج المُنِير القائل فيما صَحَّ عنه: "يَحملُ هذا العِلم مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُه؛ يَنفُونَ عَنهُ تَحرِيفَ الغَالِينَ، وانتِحَالَ المُبطِلِينَ، وتَأويلَ الجَاهِلِينَ". (*)
ولله دَرُّ الفائل:
ومَن وَعَى التَّارِيخَ في صَدرِه أضَافَ أعمَارًا إلى عُمرِهِ
ورحم الله أمِير الشعراء أحمد شَوقِي القائل في (رِسَالة النَّاشِئة):
اِقرأِ التارِيخَ ؛ إذ فِيهِ العِبَر ضَاعَ قَومٌ لَيسَ يَدرُونَ الخَبَرْ
أمَّا بعد:
فهذا بحث وسيرة مُفَصَّلة لأستاذنا العلامة والمُؤرِّخ الكبير أبِي المُعتَزِّ د. شوقِي أبو خليل، طَيَّبَ الله ثَرَاهُ، أعددته واستمددته من مراجع كثيرة، وحاولت فيه كتابة أهَمِّ ما في سيرة حياته؛ كمَولِده، وبلدته "بيسان"، ووفاته، ودراسته وتعليمه وإجازاته، وحياته العمليَّة مُعَلِّمًا في الثانويات ومُوَجِّهًا، ومُديرا، ومُحاضِرًا ومُدَرِّسًا في عدد من الجامعات السورية وغيرها.
ثم تحدثت عن كل مؤلفاته الكثيرة والمُتَنَوِّعة للكبار والصغار والفِتيان، والمُتَخَصِّصِين، وغَيرهم.
--------------------------------------------------------------------- (*) روى هذا الحديث جماعة من الصحابة، وله طُرق كثيرة عنهم، وهو حديث حسَن لتعدُّد طُرقه قال العلامة إبراهيم بن الوزير: [وهو حديث مشهور صحَّحه ابن عبد البر]. كما رُوِي تصحيحه عن الإمام أحمد، وذكر العلامة ابن القَيِّم طرق الحديث في "مفتاح دار السعادة" ص 163-164، وجزم الحافظ العلائي بأن الـحديث حسَن. انظر الحِطَّة ص 71، كما في "طريق الإسلام"، وفي "موسوعة السنة النبوية" لعلي الشحُّود أنه حَسَنٌ لِغَيره.
ثم تحدثت عن أهم ما كُتب في الأستاذ شوقي وعنه؛ مِن بُحوث وكُتب.
ثم تكلمت عن مكانته ومنزلته العلمية وشخصيته ومميزاته مِن زملاء له، ومن كُتَّاب وعُلماء وباحِثِين وأدَبَاء آخَرِين.
ثم أوردت بعضا من كلماته وأقواله الرائعة والمُهِمَّة.
ثم عَقَّبت بذكر مقالة مُطَوَّلة له نفيسة ورائعة عَنوَنَ لها بقوله: (أخطاء تارِيخِيَّة آنَ تَصوِيبُها).
وأخِيرًا، ذكرت بعض المَقالات المُهِمَّة عنه لبعض الكُتَّاب والباحِثين.
هذا، وقد افتتحت بحثي هذا بقصيدة لي ومَرثِيَةٍ لي في أستاذي د. شوقي، قلتها فيه قبل بِضع سنوات، حِين كُنت مُدَرِّسًا في (كلية الإلهيات) من (جامعة 19/5/ صامسون).
ثم أتبعتها بمقالة لي عنه عنوانها "معرفتي بأستاذي المؤرخ الكبير د. شوقي أبو خليل رحمه الله".
ثم أتبعتها بشرح وافٍ لمرثيتي المذكورة آنِفًا سَمَّيتُه: (فَتحُ العَلِيِّ الجَلِيل بِشَرحِ مَرثِيَةِ شَوقِي أبُو خَلِيل).
أمَّا سبب نشري لهذا البحث والقصيدة فيعود إلى اثنين من الأسباب هما:
أ- مُرُور الذِّكرَى الرابعة عشرة لِوَفاته قبل أيام قليلة (24/8).
ب- بَدئي بِتدريس كتابه الفَذِّ (الإسلام في قفص الاتهام) -في مادَّة "الاستِشراق"- قبل نحو أسبوعين، لطلابي في "ألمانيا"، عقب انتهائي من تدريسهم كتاب (نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي) للدكتور عبد الرحمن علي الحجي رحمه الله.
واللهَ الكَرِيمَ أسأل، وبِنَبِيِّه العَظيم أتَوَسَّل، أن يجعل عملي هذا خالصا لِوَجهه الكريم، ومقبُولًا عِندَه قَبُولًا حَسَنًا، وأن يُثيبَني عليه بجنَّات النعيم، (يَومَ لا يَنفعُ مالٌ ولا بَنُون* إلا مَن أتى اللهَ بِقلبٍ سَلِيم*). الشُّعَرَاء (88- 89).
*وكتبه "المُعتَزُّ بِالله وَحدَه": سيد أحمد بن محمد السيد
صباح الخميس 25/صفر الخير/1446هـ
أستَاذِي المُؤَرِّخُ الكَبِيرُ والدَّاعِيَة والبَحَّاثَةُ مُؤرِّخُ العَصرِ
د. شَوقِي أبُو خَلِيل يَرحَمُهُ اللهُ
فِي الذِّكرَى الرَّابِعَةَ عَشرَةَ لِوَفَاتِه
تِلمِيذُه: سيد أحمد بن محمد السيد
-1يَا طَرفُ جُد فِي دَمعِكَ الهَطَّالِ بِرِثَاءِ شَوقِي شَيخِيَ المِفضَالِ
-2 أعنِي"أبَا المُعتَزِّ" جِهبِذَ عَصرِنا في رَدِّ شُبهاتِ العِدَى؛ بِنِضّالِ
-3و مُدَوِّخٌ لِـ "مُبَشِّرِينَ" ومَعهُمُو مُستَشرِقُونَ ، أئِمَّةُ الضُّلَّالِ
-4 أعنِي المُؤَرِّخَ بَا خَلِيلِ المُنتَقَى مِن صَفوةِ الكُتَّابِ ، مِن أعدَالِ
-5 شَوقِي هُوَ ابنُ مُحمَّدٍ لأبِي خَلِيـ ـلٍ يَنتَمِي في نِسبَةٍ لِرِجَالِ
-6و هُوَ الفِلِسطِينِيُّ مِن بَيسَانِهَا وهو الدِّمَشقِيْ غِبَّ شَدِّ رِحَالِ
**********
-7 حَامِي الهُدَى ورِجَالِهِ، تَاريخِهِ في كُتْبِهِ ، أقوالِهِ ، و فِعَالِ
-8 عَلَّامَةُ التَّارِيخِ ، بَحَّاثٌ بِهِ ذُو مَنهَجٍ مُتَمَيِّزٍ ، بَل عَالِي
-9 وهُوَ المُحَامِي عَن مَبَادِئ أمَّتِي الحُرُّ صَاحِبُ هِمَّةٍ ، و مَعَالِي
-10وهُوَ الغَيُورُ على حَضَارَةِ أمَّتِي
و تُراثِها ، و عُلُومِهَا ، و رِجَالِ
-11وهو المُحَاضِرُ والمُدَرِّسُ عُمرَهُ
بِمَدَارِسٍ ، و الجَامِعَاتِ عَوَالِي
-12وهو المُؤلِّفُ لِلكُنُوزِ أضَافَهَا - بكتابةِ التَّارِيخِ - لِلأجيَالِ
-13 الكَاتِبُ السَّيَّالُ ؛ في قَلَمٍ لَهُ بِسَلَاسَةِ الالفَاظِ ، كَالسَّلسَالِ
-14أسلُوبُهُ عَذبٌ ، كَذلِكَ مُشرِقٌ و مُشَوِّقٌ بِدُرُوسِهِ ، و مَقَالِ
-15 وهُوَ الجَهُورِي صَوتُهُ في دَرسِهِ
بإبَانَةٍ ، و فَصَاحَةٍ ، بِمَجَالِ
-16وهو البَدِيعُ الدَّرسِ، سَاعَةُ دَرسِهِ
تَمضِي سَرِيعًا ، دُونَ أيِّ مَلَالِ
-17 و هو الجَمِيلُ الخَطِّ فَنَّانٌ بِهِ سُبحَانَ وَهَّابٍ لِحُسنِ خِصَالِ!
**********
-18 قد كَانَ مَولِدُهُ بـ "بَيسَانِ"، وفِيـ
ـهَا قد نَشَا مَعَ جُملَةِ الأطفالِ
-19و بسِنِّ سَبعٍ بَاغَتَتهُ نَكبَةٌ مَعَ أسرَتِهْ ، كَانَت كَمَا الزِّلزَالِ
-20إذ قامَ لِلقَومِ -اللِّئَامِ- دُوَيلَةٌ غَصَبَت فِلسطِينًا ، و بِالأهوَالِ
-21بِتَآمُرٍ لِبَنِي الصَّلِيبِ مُصَاحِبٍ قامَ الصَّهَايِنُ باحتِلَالٍ حَالِيّ
-22 فبُعَيدَ ذا ركِبَت عِصَابَاتٌ لَهُم لِفَظائِعٍ -في أهلِنَا- و نَكَالِ
-23بِالقَتلِ، والتَّهجِيرِ، مَعْ حَرقٍ لِبَعـ
ـضِ قُرًى؛ لِبَثِّ الرُّعبِ بَينَ أهَالِي
-24 فأتَوا لِـ "بَيسَانٍ" قُرَاها هَدَّدُوا بَل أرغَمُوا نَاسًا على التَّرحَالِ
-25وأتَوا لَهُم بِالشَّاحِنَاتِ لِيَركَبُوا ورَمَوهُمُو بِحُدُودِ سُورْيَا الحَالِي
-26 مِن هَؤُلَاءِ النازِحِينَ -استَاذُنَا "شَوقِي" الغُلامُ بِأهلِهِ- فِي الحَالِ
-27جَاؤُوا إلى"شام" مَغَانِيَ"جِلَّقٍ" سَكَنُوا بِهَا ، مَعَ إخوَةٍ و أهَالِي
-28بِدِمَشقَ شَوقِي قد نَشَا مُتَرَعرِعًا
فِي ظِلِّ حُكمِ حُكُومَةِ استِقلَالِ
-29و بِهَا تَعَلَّمَ دَارِسًا مُتدَرِّجًا مِنَ الِابتِدَائِي، لِلرَّفِيعِ العَالِي
-30 مِن رَبعِ"جَامِعَةِ الشَّآمِ؛ ادَابِهَا" مِن قِسمِ "تَارِيخٍ" بِهَا ، بِمَجَالِ
-31 بِتَخَصُّصِ التَّارِيخِ نَالَ إجَازَةً مِنهَا ، وصَارَ مُدرِّسَ الأجيَالِ
-32و"العَالِمِيَّةْ"حَازَ مِن"باكُو" بِتَا رِيخٍ لِإسلَامٍ ، بِبَحثٍ عالِي
-33أضحَى يدرس غب نيل إجازة للثانوي ، تاريخَنَا المُتَوَالِي
-34مُتنقِّلًا بين "الحَسِيجِ"، وجِلَّقٍ سَنَتانِ مَعَ عَشرٍ أتَت ، بِكمَالِ
-35وغدا مُوَجِّهَ الاختِصاصِ بـ"تَربِيَةْ"
و لِمَادَّةِ "التاريخِ" ؛ من أعمالِ
-36وبجامعات الشام صار محاضرا
رَدحًا مِنَ السَّنَواتِ، و الأحوَالِ
-37في فرعِ "كُلِّيَةٍ لِدَعوَةِ لِيبِيَا" كانَ المُحَاضِرَ مُبهِرًا ، بمَجَالِ
-38 لـ"حضارة الإسلام"معها "سيرة"
و يَرُدُّ كَيدَ المُعتَدِي الصَّوَّالِ
-39شُبُهَاتُ"الِاستِشراقِ"مع "تَبشِيرِهِم"
بِالعِلمِ يَدمَغُها ، مَعَ استِئصَالِ
-40 وبظل"جَامِعَةِ الشَّآمِ" شَرِيعَةٍ كان المُحَاضرَ مُدهِشًا ، بِمَقالِ
-41في"مَعهَدِ الفَتحِ" الشَّهِيرِ مُحَاضِرًا
قد كانَ -فِيهِ- مُجَلِّيَ الإشكَالِ
-42وبـِ "دَار فِكرٍ" قد أدَارَ لِقِسمِهَا في النَّشرِ، عَقدَينِ مِن الأحوَالِ
***********
-43يا سَيِّدِي شَوقِي! وأُستَاذِي الأثِيـ
ـرَ لِمُهجَتِي ، يا كَوكَبِي المُتَلَالِي
-44 طُوبَى لَكُم! بِمفاخرٍ، و مَحَامِدٍ في خدمةِ الإسلام ؛ من أعمالِ
-45لِلَّهِ دَرُّكَ! كاتِبًا ، و مُؤَرِّخًا مُتَألِّقًا ؛ بِالقَولِ ، و الأفعالِ
-46قَضَّيتَ عُمرَكَ بَاحِثًا، ومُنَاضِلًا
عَن دِينِنا ، و نَبِيِّنا ، و مَعَالِي
-47فَفَضَحتَ لِلمُستَشرِقِينَ ؛ عُدَاتِنا بِالعِلم، والبَحثِ الدَّؤوبِ العَالِي
-48 عَرَّيتَهُم، وكَشَفتَ عن سَوءاتِهم ودَحَضتَ أقوَالًا لَهُم ، بِسِجَالِ
-49وأبنتَ وَجهَ الحَقِّ أبيَضَ ناصِعًا وصِحَابَهُ؛ مِن نِسوَةٍ، ورِجَالِ
-50 "شوقي"! أأستاذي المُجَدِّدَ دِينَنا
بِدِرَاسَة التَّاريخِ ، مَعْ إجمَالِ
-51و بيانكم لِتَفَوُّقٍ لِحَضارةِ الـ إسلَامِ، عَبرَ دُهُورِها، و تَوَالِي
-52و بيانِكم فَضلًا لِأعلَامِ الهُدَى عبرَ العُصُورِ، وكَرِّهَا المُتَوَالِي
-53 فضلًا لَهُم يُلفَى على مَدَنِيَّةٍ مادِّيَّةٍ لِأُرُبَّةٍ ، بِتَعَالِي
***********
-54لِلَّهِ دَرُّكَ! كاتبًا ، و مُؤَلِّفًا كُتُبًا نِفَاسًا -أشرَقَت- كَلَآلِي
-55زَادَت على التِّسعِينَ في تَعدَادِهَا
هِيَ كالنُّجُومِ النَّيِّرَاتِ عَوَالِي
-56 فتَلقَّفَتها أمَّتِي ؛ بِتَلَهُّفٍ و تَعَطُّشٍ كَالأرضِ غِبَّ امحَالِ
-57 لنفُوسِهِم كانَت شِفًا كَبَلاسِمٍ أو كالنَّمِيرِ العَذبِ ، و السَّلسَالِ
-58كـ "حَضَارَةٍ عَرَبِيَّةِ إسلاميَّةٍ" هُوَ تُحفَةٌ عِلمِيَّةٌ ، كزُلَالِ
-59"إسلَامُنَا في الاِتِّهَامِ مُقَفَّصًا" فيهِ الشِّفَا مِن شُبهَةٍ، وعُضَالِ
-60"آراءُ يَهدِمُهَا الهُدَى" فَمُبَرِّزٌ بِأدِلَّةٍ ، و سَوَاطِعِ الأمثَالِ
-61و"أطَالِسُ القرآن"، مَعْ"تارِيخِنا"،
مَعَ "سُنَّةٍ"، أو "سِيرَةِ الحِلحَالِ"
-62و"حِوَارُ دَومًا" كَنزُ حَقٍّ باهِرٌ "تَحرِيرُ مَرأتِنَا" نُضَارٌ غالِي
-63"مَن ضَيَّعَ القُرآنَ"بَحثٌ شَائِقٌ في حَبلِ رَبِّي -جَلَّ- مِن أحبَالِ!
-64و"غَرِيزَةُ التَّقدِيرِ" فِيه عَجَائبٌ مِن خَلقِ مَولانا الوَلِيّْ المُتَعَالِي
-65و"مَعَارِكٌ كُبرَى بِتاريخِ الهُدَى" بَحَثَت، و جَلَّت كُلَّ ذِي إشكَالِ
-66وَ"وَزَنتَ في المِيزان" بَعضَ مُفَكِّرِيـ
ـنَ ، و كَاتِبِينَ بِدِقَّةٍ ، و مِثَالِ
-67وكَذَاكَ "هَارُونُ الرَّشِيدُ" مُجَوَّدٌ جَلَّيتَ فِيهِ -الحَقَّ- لِلأجيَالِ
-68و"عَوَامِلُ النَّصرِ الهَزِيمَةِ"بِدعَةٌ في عَرضِه، وبِطَرحِهِ، ومَجَالِ
***********
-69فَارحَم لِشَوقِي رَبَّنَا! وتَوَلَّهُ بِمَرَاحِمٍ تَترَى ، و حُسنِ مَآلِ
-70يَا رَبِّ فِي الفِردَوسِ أعلِ مَقَامَهُ
مَعَ الَانبِيَا ، و صَحَابَةٍ ، و الآلِ
-71و كَذَا مُحِبُّوهُ ، و قُرَّا كُتْبِهِ اِجعَل جَزَاهُم جَنَّةً ، بِعَوَالِي
*********** 1339هـ - 2018م
*مِن دِيواني "في رِحَاب العُظمَاء"
الفصل الأول
مَعرِفَتِي بِأُستَاذِي المُؤَرِّخِ الكَبِير
د. شَوقِي أبُو خَلِيل رَحِمَهُ الله
معرفتي بأستاذي المؤرخ الكبير
د. شوقي أبو خليل رحمه الله
وكنت -أنا حِينَها- طالبًا في الإعدادية في ثانوية "دار الأرقم بن أبي الأرقم الشرعية"، في مدينة منبج، الواقعة شَرقِيَّ حَلَب بنحو 81 كِيلًا.
في تلك الآوِنة كنت أرى في مكتبة والدي بعضا من كتب أستاذنا د. شوقي أبو خليل، كان أبي -رحمه الله- قد اشتراها واقتناها، وأضافها إلى مكتبته العامرة والمُنوَّعة، بالكتب الدينية والأدبية والتاريخية، وحتى الفلسفية؟!
كان مِن كتب د. شوقي فيما أذكر -في مكتبة والدي- كتاب: (الإسلام في قفص الاتهام)، و(غريزة أم تقدير إلهي)، و(الإنسان بين العلم والدين)، و(الإسلام وحركات التحرر العربية)، وكتبا أخرى له، لم أعُد أذكرها.
فكنتُ -حينما آتي لزيارة أهلي في بعض العُطل والإجازات- أقرأ وأطالع بعضًا من تلك الكتب، وأذكر أني قرأت منها كتاب (غريزة أم تقدير إلهي) كاملا؛ فقد شدَّني إليه بأسلوبه المُشوِّق، وكونه يتحدث عن عجائب بعض الحيوانات، وغرائزها العجيبة التي رَكَزها الله فيها -سبحانه- أليس هو القائل: (والذي قَدَّر فهَدى*). سورة الأعلى (3).
ومما قرأت فيه -من كتبه واطلعت عليه- كتاباه الفَذَّان في بابهما (الإسلام في قفص الاتهام)، و(الإسلام وحَرَكات التحرُّر العربية).
ثم أصبحت أرى بعض كتبه في مكتبة مدرستنا في "دار الأرقم" بمنبج، وعند بعض الأصدقاء.
واشترى والدي مزيدا من كتبه ككتاب (من ضيع القرآن)، و(أطلس التاريخ العربي الإسلامي)، وغيرهما.
ودار الزمان دورته، وكرَّت السنون حتى وصلت سنة 1406هـ - 1986م وتَخرَّجت في مدرسة "دار الأرقم بن أبي الأرقم" في منبج، وحزت شهادة
الثانوية منها في ذلك الصيف من السنة المذكورة.
وسجلت مع بعض زملائي في "كلية الدعوة الإسلامية" فرع ليبيا بدمشق؛ إذ لم يكن مجال لقبولنا في "أزهر مصر" بسبب انقطاع العلاقات بين سورية ومصر؛ لِتوقيع أنور السادات "اتفاقية كامب ديفيد" المشؤومة، والتي قاطعه بسببها جُلُّ الحُكَّام العَرَب الشُّرَفاء ظاهرا في ذلك الزمان، رحمه الله؛ فقد أصبحنا نَحِنُّ إليه بسبب تَصَهيُنِ جُل حُكَّامِنا الآن، مع بالغ الأسى والأسف:
رُبَّ يَومٍ بَكَيتُ مِنهُ ، فَلَمَّا صِرتُ في غيره بَكَيتُ عليه
وفي ذلك الصيف تقدمت لامتحان "كلية الدعوة" في "مجمع أبي النور الإسلامي"- بحي ركن الدين من دمشق- في إدارة "معهد الأنصار"، مع بعض زملائي من "دار الأرقم" بمنبج، وآخَرِين من جُل المحافظات السورية؛ فكتب الله لي النجاح، وقُبلت طالبا في "كلية الدعوة الإسلامية" فرع دمشق، مع مَن قُبِلَ، وكان على رأس لجنة المُمتَحِنِين أستاذنا الجليل الدقيق الأستاذ غَسَّان جَبَّان الدمشقي حفظه الله تعالى.
ثم بدأ الدوام في الجامعة -"كلية الدعوة الإسلامية"- للعام الدراسي الأوَّل "السنة الأولى"، وصعدنا إلى الطابق العُلوِي الأخير في "مجمع أبي النور"، وولجنا إلى قاعتنا للسنة الأولى، وكانت مُحاذية لمكتب أمين سر الجامعة الأستاذ أسامة الحكيم الدمشقي، حفظه الله.
وبدأت نتعرف إلى أساتذتنا في الجامعة وكلية الدعوة؛ فعَرَفنا العلامة الشيخ محمد حمزة الطواشي النحوي مُدرِّس النحو، والشيخ عمر الصبَّاغ مدرس التفسير، والشيخ أسامة الخاني مُدرس القرآن الكريم، ومحمد ياسين الحافظ مدرس مادَّة الصرف، والأستاذ فاروق آقبيق مدرس الإنجليزية، ود. محمود البرشة مدرس الفقه، وعمر لطفي العالم مدرس الاستشراق، والأستاذ صُبحي الزين مدرس عِلم النفس ...، رحم الله من توفي، وحفظ الباقين.
وفي يوم من الأيام جاءت مُحاضرة السيرة النبوية العطرة؛ فإذا بأستاذ يدخل قاعتنا، فارِعِ الطول، أسمَرِ اللون حِنطِيِّه، هَشٍّ بشٍّ، جَهُورِيِّ الصَّوت، وإذا به يقول: "السلام عليكم ورحمة الله"، فقمنا له، -وكُنا يومئذ في الجامعة نقوم لأساتذتنا- لا ككثير من طلاب هذا الزمان يدخل عليهم مُدرِّسُوهم، فلا يَتَحَرَّكُون، بل بعضهم يبقى مَادًّا رِجليه؟!
فرددنا عليه السلام، وبدأ يُحدثنا عن أهمية السِّيرة النبوية ودراستها، وعن كتابنا المُقرَّر فيها وهو "خاتم النبيين" للعَلَّامة الشيخ محمد أبو زُهرة.
بعض المواقف والأحاديث والمَهارات سمعتها وعرفتها من د. شوقي:
ومما أذكره من مواقف مع د. شوقي، رحمه الله:
1- كان يدخل صَفَّنا "القاعة" ويُسلم علينا، ولا يَتكلَّم بكلمة واحدة حتى يصمت الجميع، وكان يغضب جِدًّا إذا تكلم أحد في محاضرته.
2- كان غَيُورًا جدا على الإسلام وسيدنا رسول الله ، وتاريخنا الإسلامي ورِجالاته من الخلفاء الراشدين، ومن تبعهم بإحسان؛ -فإذا سمع شُبهة أو طعنا في الإسلام وتعاليمه أو أحد رجاله- بدأ يرد على تلك الشبه مُفنِّدا إياها بالعِلم الصريح، والحُجَّة الواضحة، والبُرهان الساطِع، ودون مُهادنة أو مُواربة، بلسان فصيح مبين.
3- كان يقول عن كتاب ومعجم (المُنجِد) الشهير الصليبي الذي فيه أخطاء كثيرة عن الإسلام ونبينا عليه الصلاة والسلام- والذي ألفه الأب لويس معلوف اليسوعي؛ كان يقول عنه: "المُنجِد لا يُنجِد"؟!
4- كان يقول عن الكاتب النصراني حنَّا فاخوري الصليبي، وصاحب كتاب (تاريخ الأدب العربي): "حنا الفاخوري ألفا خُوري"؟؟!!
أي هو كَذَّابٌ أشِر يُعادل في كذبه ألفِي قِسِّيس؟؟!!
5- حَدَّثنا مرة عن كتاب (أباطيل وأسمار) للعلامة الأديب والمُحقق المصري المعروف د. محمود محمد شاكر رحمه الله، وكان مُعجبا به جدا، وكان مما قاله عن ذلك الكتاب: "إذا أردت كتابا تصحبه معك في الحل والسفر، ولا تمل منه؛ فعليك بكتاب (أباطيل وأسمار)"، وهو الذي رد فيه صاحبه -بأسلوب ساحر بارع، وساخر لاذع- على الكاتب لويس عوض وأضرابه من أذناب المستشرقين الذين نُكبت بهم أمتنا.
6- كما حدَّثنا مرَّة أخرى عن العلامة والفقيه المصري الشهير الشيخ محمد أبو زهرة -رحمه الله- بإعجاب شديد به، وقال ما معناه: "إنه من العلماء الكِبار المُدهشين، وأنه كان يتكلم لساعات عن الإسلام مِن فكره وعقله، وكأنه يقرأ من كتاب؛ لا يتلعثم، ولا يتوقَّف، ولا يكل أو يمل"؟!
7- وأخبرنا مَرَّةً عن بعض الناس من المُصلين الذين ينشغلون عن الخُشوع في الصلاة بسلوك بعض المصلين؛ من الذين يقولون لك: "لِمَ تَضَع أصَابِعَ رِجلَيكَ بشكل صحيح على الأرض في السجود"؛ فيقول: "هؤلاء كان عقلهم وقلبهم عند أصابع قَدَمَي ذلك المُصلِّي، وليس في الصلاة"؟!
8- كُنَّا نراه يحضر يوم الجمعة درس الشيخ أحمد كفتارو الذي يحضره الآلاف المؤلفة من الناس في كل طوابق "مجمع أبي النور" السِّتة نِساءً ورِجالًا؛ فكان يأتي مع بعض أساتذة الجامعة كالأستاذ مروان شيخ الأرض، ويجلسون في سُدَّة المسجد، في الطوابق العُليا.
موقف صادم له بسبب حديث الأعرابي الموضوع، وخضوعه للحق:
9- ومما أذكره ولا أنساه، يوم أن دخل علينا أستاذنا شوقي وقصَّ علينا حديثا تأثر به جدا؛ فقال ما معناه: "يا جماعة هُناك أحاديث إذا سمعتها لا بد أن تتأثر بِها، وقد يُبكِيك بعضُها؟!". وقصَّ علينا حديثَ الأعرابي -"الموضوع"- الطويل (*) الذي يقول نَصُّه:
"بينما النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف إذ سمع أعرابيًّا يقول: يا كريم،
---------------------------------------------------------------------
(*) أقول: وهذا الحديث -موضوع مكذوب على النبي ، كما بَيَّن علماء الحديث، وكما سأبيِّن، وقد سمعتُه مَرَّة بصوت المُنشد بديع الصوت محمد مرطو البابي رحمه الله- ولعل الأستاذ شوقي سمعه في جامع أبي النور؛ الذي كانت تدور فيه كثير من الأحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة أحيانًا، على لسان شيوخه المدرسين فيه، دون أن يعرفوا أنها موضوعة، كالشيخ أحمد كفتارو وغيره، وأكثر ما كان يورد هذه الأحاديث الشيخ رجب ديب رحمه الله، وغفر له.
ولِانتِشار هذه الأحاديث في جامع أبي النور، وبعد حادثة قَصِّ أستاذنا شوقي حديث الأعرابي الموضوع- بادَرَ زميلنا العلامة الشيخ أحمد عز الدين وِيس، -وهو من طلاب الشعبانية ومن آل البيت- بادر إلى إلقاء مُحاضرة نفيسة خارج وقت المُحاضرات الجامعية، حول خُطورة الأحاديث الموضوعة، وضرورة التثبُّت لمن يروي أيَّ حديث لرسول الله ، كيلا يقع في ارتكاب كبيرة، ويكون أحَدَ الكذَّابين على المصطفى عليه الصلاة والسلام.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلفه: يا كريم! فمضى الأعرابي إلى جهة الميزاب، وقال: يا كريم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلفه: يا كريم! فالتفت الأعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا صبيحَ الوجه، يا رشيقَ القد، أتهزأ بي؛ لكوني أعرابيًّا؟ واللهِ لولا صباحة وجهك، ورشاقة قدِّك، لشكوتك إلى حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم، فتبسَّم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أما تعرف نبيَّك يا أخا العرب؟ قال الأعرابي: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فما إيمانك به؟ قال: آمنت بنبوَّته ولم أره، وصدقت برسالته ولم ألقَه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي، اعلم أني نبيك في الدنيا، وشفيعك في الآخرة، فأقبل الأعرابي يقبِّل يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صل الله عليه وسلم: مهلًا يا أخَا العرب، لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها، فإن الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبرًا ولا متجبرًا، بل بعثني بالحق بشيرًا ونذيرًا.
فهبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: يا محمَّد، السلام يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: قل للأعرابي لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا، فغدًا نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقِطمير، فقال الأعرابي: أوَ يحاسبني ربي يا رسول الله؟ قال: نعم، يحاسبك إن شاء، فقال الأعرابي: وعزته وجلاله، إن حاسبني لأحاسِبنَّه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب؟! قال الأعرابي: إن حاسبني ربي على ذنبي، حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني على معصيتي، حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بُخلي، حاسبته على كرمه، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم حتى ابتلَّت لحيته، فهبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام، ويقول لك: يا محمد، قلِّل مِن بُكائك؛ فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم، وقلْ لأخيك الأعرابي: لا يُحاسبنا ولا نُحاسبه؛ فإنَّه رفيقك في الجنة". (*)
فبيَّن أحَدُ زملائنا -أظنه الشيخ أحمد عز الدين وِيس- بعد ذِكره مُباشرة، أو
--------------------------------------------------------------------- (*) الحديث موضوع لا أصل له، كما نص على ذلك كثير من العلماء؛ منهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني في موقع "شبكة فلسطين للحوار" يوم 12/6/2008م، وحكمت عليه -بالوضع أيضا- مواقع: "طريق الإسلام"، و"إسلام ويب"، و"الدُّرَر السَّنِيَّة".
بعد انتهاء أستاذنا من مُحاضرته- بيَّن له أن الحديث موضوع، فصُدم بعدَها واستحيا، لكِنَّه قبِلَ الحَقَّ، وخَضَعَ لِلدَّليل.
10- كُنتُ أراهُ أحيانًا يَتَرَدَّدُ إلى "المُلحَقِيَّة الثقافية السُّعُودِيَّة" بدمشق قرب "المركز الثقافي العربي"، لِيَرى الجَدِيدَ من الصادرات والمَطبوعات والصُّحُف السُّعوديَّة، وكان المُوظَّفُ دَيرِيًّا -مِن أهل دَير الزُّور- فكان يُرَّحِّب به، ويعطيه بعض المطبوعات والصحف الجديدة، في حِين كان يَنزَعِج مِن مجيئنا نحن الطُّلَّاب غَير المَعرُوفِين؛ فكان يَكفَهِرُّ وَجهُه، ويُعامِلنا بِفَظَاظة؟!
11- بعد سفري إلى الإمارات:
وفي سنة 1412هـ - 1992م سافرت إلى دولة الإمارات المتحدة لأعمل فيها إماما وخطيبا ومدرسا.
وأثناء إقامتي ثمة لبضع عشرة سنة، كنت أتردَّد في كل عام تقريبا إلى "معرض الشارقة للكتاب"؛ فكنت أشتري بعض الكتب، ومنها ما كان لأستاذنا د. شوقي أبو خليل، رحمه الله، ومنها كما أذكر: (أطلس دول العالم الإسلامي)، و(أطلس التاريخ العربي الإسلامي)، و(الحوار دائما، وحوار مع مستشرق)، الذي اشتريته نحو سنة 1994م عند زواجي، وقرأته مع كتاب شيخنا العلامة د. محمد سعيد رمضان البوطي (هذا والدي).
ومن كتبه التي أدمنت عليها كتابه البديع (الإسلام وحركات التحرر العربية) الفذ الذي أماط اللثام عن حقيقة مهمة، ووضع الحق في نصابه، وبيَّن تلك الحقيقة التي أخفاها العلمانيون اللئام عُقُودًا عَنَّا، وهي أن العُلماء كانوا في طليعة المُجاهدين في سبيل الله، ومن أهم أسباب تحرر أوطاننا العربية والإسلامية؛ فتحدث عن بلاد الشام وتحريرها على يد العلماء، كمحدث الشام الشيخ بدر الدين الحسني "الأب الروحي للثورة السورية على الاستعمار الفرنسي"، وعن علماء ميسلون ودورهم فيها.
وكالشيخ الشهيد محمد عز الدين القسام الذي جاهد وقاتل ثلاثة مُستعمرين هم الفرنسيون والإنجليز والطليان، في سورية وفلسطين، وقُتل شهيدا على ثرى فلسطين الطاهر عام 1935م.
وفي العراق ذكر العلامة الشيخ محمود شكري الألوسي، وغيره في مكافحة ومُقَارَعة الإنجليز المُحتَلِّين الغُشم.
كما تكلم عن دور العلماء في دحر الاستعمار في الجزائر؛ فذكر المجاهد الكبير الأمير والعالم والشاعر عبد القادر الجزائري، والعلامة عبد الحميد بن باديس، والعلامة محمد البشير الإبراهيمي، و"جمعية علماء الجزائر".
وذكر من المغرب الشيخ محمد عبد الكريم الخطابي، وثورته بالريف.
كما ذكر شيخ المجاهدين والشهداء في ليبيا الشيخ عمر المختار.
وذكر مُجاهدة أهل مصر الشرفاء الفرنسيين، ثم الإنجليزَ اللئامَ، أمثالَ الشيخين محمد السادات، وعمر مكرم، وسُليمان الحلبي السوري، والشيخ سليمان الفيومي، والشيوخ البكريين، وثورة أحمد عرابي، والشيوخ العدوي وعليش، والزعيم الوطني مصطفى كامل ... .
كما ذكر من تونس الشيخين الجليلين محمد الخضر حسين، وعبد العزيز الثعالبي، ودورهما في دَحر المُحتَلِّ الفِرنسي البَغيض.
ومن السودان ذكر ثورة الشيخ محمد المهدي، ثم خليفته التعايشي وجنودهما، ضد الإنجليز الفُسُول.
ومن الصومال ذكر الشيخ محمد عبد الله حسن الملا، والحاج فرح عمر.
وقد أفدت من كتابه هذا -(الإسلام وحركات التحرر العربية)- كثيرا في نظمي لقصائدي في سير بعض أبطال الإسلام في العصر الحديث، والتي دوَّنتها في ديواني: (في رحاب العظماء).
12- شَكوَاهُ مِن ابتِلائه بِحُبِّ الكُتُب، ومِن مُعَانَاةِ زَوجِه بِسَبَبِها:
كان يقول لنا: "يا جَمَاعَة! هذِه الكُتُب سُوسَة -أي بلَاء دائم- فلَا بُدَّ مِن شِرائها، ولكِنَّ أمَّ المُعتَزِّ كلما جئت بكتب تُعاتِبُنِي قائِلَةً: أينَ سَتَضَعُهَا، ضاق البَيتُ؟!
وفاؤه لِزَوجه -"أمِّ المُعتَزِّ"-، وطُلَّابه، وشِدَّةُ تأثُّرِه وتأثيرِه في مُحاضراته:
13- ومِمَّا سَمِعتُه عنه مِن بعض تلامِيذه، -"وهو مِمَّا يَدُلُّ على مَدَى إخلاصه وصِدقِه وشِدَّة تأثُّرِه وتأثِيرِه"- وفاؤُه لِزَوجِه -(أمِّ المُعتَزِ)- وحُبُّه الشدِّيدُ لها، وتَغَزُّلُه بها وكأنها شابَّة ابنة عِشرِين؟! وشُكرُه وثناؤه عليها؛ فكان يذكر كَيف أنها كانت تُهَيِّئ له الجَوَّ لِلبَحث والكتابة فيه؛ فَتُعِدُّ له المِنضَدة والكُتُبَ التي يحتاجُها، والمناديل الوَرَقِيَّة -لأنهُ كان كثيرَ البُكاء والتأثُّر وهو يقرأ ويُطالِع ويَكتُب-، وتضع له الشايَ أو القهوة، والزُّهُورات ... .
14- ومِن ذلك موقفه مع بعض طلابه؛ فقد سَمِعت أن أحَدَ طُلابه في "كلية الشريعة"، في إحدى المُحاضرات أحضَرَ له -قُبَيل المُحاضرة- كَأسَ زُهورات، وبعض المَحارِم الوَرَقِيَّة؛ لِيَمسَح بِها دُمُوعَه؛ فقد كان في مُحاضَراتِه الجامعية يَبكِي ويُبكِي!
فَحِينَ رأى "الزُّهُورات" والمَنَادِيلَ عَجِبَ وسألَ مَن فَعَلَ هذا؟ فقال الطالِبُ: أنا أستاذي! فَفَرِحَ وشَكَرَهُ، وقال:
لَقَد ذَكَّرتَنِي -يا بُنَيَّ!- بِأمِّ المُعتَزِّ جزاها الله خيرا، وجَزاك الله خَيرًا؛ فهي تفعل مِثلَ ذلكَ لِي في مَكتَبِي بِالبَيت.
ثم قال لذلك الطالِب: لَكَ مُكَافأة عِندي وهَدِيَّة، اذهَب وخُذ مَجمُوعَةَ كُتُبي ومُؤلَّفاتي من "دار الفِكر"؟!
فرحم الله أستاذي الجليل شوقي أبا خليل؛ فقد كان مِن أفذاذ الرِّجَال والعُلماء، والدُّعاة العُظماء، لقد كان رَجُلًا بِأمَّة.
وجَزَاهُ الله خَيرَ الجَزاء، على ما قَدّمَه ونَشَرَه مِن عِلم، لِقومه وأمَّته، وتقبَّله في عِباده الصالحين، وأسكنَه فَسِيحَ جَنَّاتِه، آمِين.
الفصل الثاني
شَرحُ القَصِيدَةِ المَرثِيَةِ المُسَمَّى
"فَتحُ العَلِيِّ الجَلِيل
بِشَرحِ مَرثِيَةِ شَوقِي أبُو خَلِيل"
شرح القصيدة المُسَمَّى:
"فَتحُ العَلِيِّ الجَلِيل بِشَرحِ مَرثِيَةِ شَوقِي أبُو خَلِيل"
(1) الطرف: العَين. *جُد: أجرِ دَمعَكَ. يقال: جاد بدمعه أي: بكى. وأصله من الجُود بمعنى الكَرَم. *الدمع: ما يخرج من العين عند بُكائها، ج دُموع. *الهَطَّال: الكثير الغَزِير؛ يقال: هَطَل المطر والثلج أي: نزلا بِغزارة. *الرِّثاء: هو بُكاء الميت وتَعدادُ مَحَاسِنه. *شوقي: هو أستاذي د. شوقي أبو خليل علامة التاريخ والاستشراق المعروف. وسأترجم له ترجمة شافية وافية، بعد شرحي هذا للقصيدة بعون الله تعالى. *المِفضال: كَثير الفضل.
(2) أعني: أقصد. *أبو مُعتَزٍّ: هي كُنية أستاذي شوقي أبو خليل.
*الجِهبِذ والجِهبَاذ: النَّقَّاد الخَبِير بِغوامِض الأمور. وهو مُعَرَّب. *"المعجم الوسيط" 141. *عصرنا: زماننا الحديث هذا الذي نعيشه ونَحياه.
*رد الشبهات: دحضها وتفنيدها بالعلم والحجة والبُرهان.
*والشبهات ج شبهة، وهي ما يلتبس بالحق من الباطل. *العِدى: ج عادٍ أي: مُعتَدٍ. ويجمع على"عُدَاة" أيضا؛ قال العلامة النحوي أبو حيان الغرناطي الأندلسي ت 745هـ، لله دره:
عِدَايَ لَهم فضل عليَّ ، و مِنَّةٌ فلا أذهَبَ الرَّحمنُ عَنِّي الأعَادِيَا
هُمُو بَحَثُوا مِن زَلَّتِي فاجتنبتُها وهُم نافَسُوني فاكتَسَبتُ المَعَالِيَا
وفي رواية ديوانه: "عُداتِي" بدل "عِدَايَ"، وهما بِمعنًى. *"ديوان أبي حيان الأندلسي" ص 415، ورقم (242). *النِّضَال: القتال والكِفَاح.
(3) مُدَوِّخ المُبَشِّرين: أي مُحَيِّرُهُم في رَدِّه عليهم والتَّصَدِّي لهم ومُكافحتهم العلمية في كُتبه وبُحوثه. والمبشرون: ج مبشر، وهو المُنصِّر الذي يدعو غير النصارى إلى دينه؛ فهم يسمون أنفسهم "مُبشرين"، وهو يستعملون وسائل شتى لدعوتهم المسلمين إلى النصرانية كالطب ومعالجة المرضى، ومساعدة الفقراء والمحتاجين -بل يستغلون حاجتهم وضَعفَهُم أحيانًا- وحفر الآبار في إفريقيا وغيرها ليشرب منها أهل تلك البلاد، وإقامة المستشفيات المجانية أو شبهها ... . وهم مع المستعمرين وجها لعملة واحدة أعداء حاقدون صليبيون للإسلام وأهله.
*ومِن أشهر مَن كتب عنهم:
الدكتوران عمر فروخ ومصطفى الخالدي في كتابهما الرائع: "التبشير والاستعمار". وقد وُزِّع علينا أثناء دراستنا في "كلية الدعوة الإسلامية- دمشق"، في أواخر الثمانينات الميلادية.
*وممن كتب عنهم وفضحهم د. الأديب العلامة الغيور د. محمد محمد حسين رحمه الله في كتابه البديع "حصوننا مهددة من داخلها".
*المستشرقون: هم باحثون ودارسون غربيون أعاجم يدرسون الإسلام وعلومه والعربية وآدابها، والتاريخ الإسلامي، وغيرها من تراثنا ليطعنوا فيه غالبا، وليقدموا دراساتهم التي يسمونها "علمية ونزيهة" لدولهم المستعمرة لبلاد المسلمين؛ فالمستشرقون غالبا هم طلائع المستعمرين الفرنسيين والإنجليز والإيطاليين، وغيرهم.
وخير من كتب عن المستشرقين وأوسع من ترجم لهم: الأستاذ نجيب العقيقي اللبناني في كتابه الفذ "المستشرقون" في 3 مجلدات؛ فقد ترجم لآلاف من المستشرقين الفرنسيين والإنجليز والألمان والإيطاليين والهولنديين ...، رجالا ونساء، وذكر أهم بحوثهم وكتبهم ... .
*وقد ترجم لأهمِّهم وأشهرهم المؤرخ الكبير الأستاذ خير الدين الزركلي في كتابه العُجاب "الأعلام".
*وممن كتب عنهم: الأديب الكبير الأستاذ أحمد حسن الزيات المصري ت 1968م، في كتابه الشهير "تاريخ الأدب العربي".
*ومِمَّن كتب عنهم -أيضا- : د. عبد الرحمن بدوي.
وأشهر مَن رَدَّ على المستشرقين ردا عِلمِيًّا شاملا عاما: أستاذنا المرثي في هذه القصيدة د. شوقي أبو خليل في كتابيه الفذين في بابهما "الإسلام في قفص الاتهام"، و"آراء يهدمها الإسلام" خاصة، وفي جل كتبه الأخرى عامَّة، فقد شفى ووفى، وفند جل آرائهم ضِدَّ الإسلام وتاريخه ورجاله.
وقد ترجم كتابه "الإسلام في قفص الاتهام" إلى عدد من اللغات العالمية الحَيَّة، كما طُبع في دار الفكر وحدها (19) ط خلال خمسة عقود.
*ومِن خير مَن رَدَّ على المُستشرقين بِأسلوب بياني ساحر، وبحُجج علمية دامغة: العلامة الأصولي الشهيد د. محمد سعيد رمضان البوطي في كتبه عامة، ولا سِيَّمَا في كتبه: "فقه السيرة النبوية"، و"كبرى اليقينيات الكونية"، و"من روائع القرآن"، و"يغالطونك إذ يقولون".
*وممن رد عليهم: الدكتور عبد الحليم عويس، ود. راغب السرجاني، والعلامة الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني رحمه الله، وغيرهم.
*أئمة: ج إمام، وهو من يكون قدوة لغيره في الخير والشر؛ قال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يدعون إلى النار). *الضُّلَّال: ج ضَالٍّ. فالمستشرقون في عصرنا هو من أكبر الضالِّين والمُضِلِّين للمسلمين، لكن الله حافظ دينه قال تعالى: (يُريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمُّ نُورِه ولو كره الكافرون*)، وقال سبحانه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون*).
(4) المؤرخ: عالم التاريخ. *با خليل: أبو خليل، نسبة وشهرنا أستاذنا د. شوقي رحمه الله. *المنتقى: المختار، الخالص. *صفوة: خِيرة. *الكتاب: ج كاتب، مؤلف. *أعدال: ج عَدل، وهو الرجل المستقيم الصادق الثقة.
(5) ينتمي: يَنتَسِب. *النسبة: النسب، الشُّهرة، اسم الأسرة والعائلة.
(6) الفلسطيني: المنسوب إلى فلسطين البلد الحبيب إلى كل مسلم صادق، دُرَّتِنا المُغتصبة من الصهاينة اليهود الغَدَرَة الفَجَرَة القَتَلَة بمساعدة الصليبيين من الأمريكان والبريطانيين والفرنسيين والألمان والروس ... .
*بيسانها: بيسان بلدة معروفة في فلسطين سيأتي التعريف بها بعد الشرح، في ترجمة د. شوقي. *الدمشقي: المنسوب إلى دمشق، وأستاذنا د. شوقي بعد أن هاجر إلى دمشق "تَدَمشَقَ" أي: أصبح دِمَشقِيًّا.
*غِبَّ: بعدَ. *شد رحال: بعد هجرته ونزوحه إليها بسبب قُطعان ووُحوش اليهود المغتصبين لفلسطين. وشَدُّ الرِّحَال: كناية عن السَّفَر والارتحال. ومنه الحديث الشريف الصحيح:
"لا تُشَدُّ الرِّحَال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". متفق عليه عن أبي هريرة.
(7) حامِي الهُدى: المُدافِع عن دين الإسلام بقلمه ولسانه. *ورجاله: أعلام الإسلام وشخصياته البارزة من صحابة وتابعين، وعلماء، وقادة فاتحين، وحكام وملوك ... . *كتبه: ج كتاب، مُؤلفاته التي صَنَّفها. *أقوال: ج قول، كلماته ومُحاضراته. *فعال: ج فِعل، سُلوك وتَصَرُّفات.
(8) علامة التاريخ: غزير العِلم به. *بحاث: كثير البحث في كتب التاريخ. *ذو منهج مُتمَيِّز: صاحب طريقة معروفة متفردة. *عال: سامٍ وسامِق.
(9) المحامي: كالحامي، المُدافع. *مبادئ أمتي: عقائد أمتنا الإسلامية والعربية، وشريعتها وأخلاقها. *الحُرُّ: صاحب الفِكر الحُرِّ المسلم. *الهِمَّة: العَزم القَوِي. "الوسيط" 995. *معالي: ج مَعلَاة، الرِّفعة والشَّرَف. *"الوسيط" 625. وفي الحديث الشريف: "إن الله يُحب معالِي الأمور وأشرافها، ويكره سَفسَافها". أخرجه الطبراني في "الكبير" عن سيدنا الحسين بن علي عليهما السلام. وياء معالٍ أشبِعت لِضرورة الشعر.
(10) الغَيُور على ... : أي كثير الغَيرة. ويستوي فيه المُذكر والمؤنث. والمقصود: أن أستاذنا د. شوقي -رحمه الله- كان كثير الغَيرة على دين الإسلام وحضارته وعلومه ورجاله وتراثه الثقافي والعِلمي، ولا يسكت على إهانة شيء منها أو الإساءة إليها.
(11) المُحاضر والمدرس: المدرس في الجامعات والمدارس والمُنتديات والمؤتمرات الثقافية والعلمية. *عُمرَهُ: أي جُلَّهُ. *بمدارس: في المدارس الثانوية في دمشق والقامشلي وغيرهما. *الجامعات: في "كلية الدعوة الإسلامية - دمشق"، و"كلية الشريعة" بدمشق، و"جامعة الشام: المجمع العلمي العالي"، و"جامعة بلاد الشام: مجمع معهد الفتح الإسلامي" بدمشق، وغيرها. *عَوال: ج عال، مُرتفع، أي: الجامعات ذوات الدراسات العُليا.
(12) المؤلف: مُصَنِّف الكتب. *الكنوز: ج كنز، الشيء النفيس. والمقصود: كتب د. شوقي النفيسة التي ألَّفَها وخَلَّفَها.
*كتابة التاريخ: التأليف والتصنيف فيه. *الأجيال: ج جِيل، الأمَّة، والجنس من الناس؛ كالعَرَب والتُّرك والفُرس ...، والقَرن، وثُلث القرن يتعايش فيه الناس. *"الوسيط" 150. أي كاتب التاريخ لكل الناس، ومختلف أجيالهم.
(13) السَّيَّال: كثير السَّيَلَان، الجَرَيَان. وفلان ذو قلم سَيَّال: كثير الكِتابة والتأليف. *بسلاسة الألفاظ: مع عُذوبة وحلاوة كلماته. *السلسال: الماء العَذب السهل المُرور في الحَلق لِعُذوبته.
(14) أسلوبه: طريقة كتابته. *عذب: حُلوٌ ومُشَوِّق. *مُشرق: مُنير واضح. *مُشَوِّق: شائق، ومُرَغِّبٌ. *بدروسه: ج درس، محاضراته في الجامعات. فقد كان يتزاحم الناس على حضورها في "كلية الدعوة"، و"كلية الشريعة"، و"جامعة العلوم الإسلامية؛ المجمع العلمي العالي"، وانظر ما كتبه كل من العلامة د. محمد سعيد البوطي، والأستاذ هاني المبارك رحمهما الله تعالى- عن تزاحم الطلاب والحضور على محاضرات د. شوقي في هذا البحث تحت عنوان: (منزلته العلمية).
ومن أسباب إقبال الناس عليه كثرةُ صِدقه وإخلاصه، وحُسن عَرضه، وأسلوبه المُشَوِّق، حتى إنه كان يَبكِي ويُبكي، كما حكى بعضُ طُلَّابه. *يُنظر النَدوة الرائعة والمُهِمَّة عنه: "الدكتور. شوقي أبو خليل: حياته وآثاره" للأستاذ. شريف رجب لِمُدَّة ساعة و8 د.
*المَقال والمَقالة: ما كُتب في موضوع ما، في كتاب أو مجلة أو صحيفة.
(15) الجَهُورِي: مُرتفع الصوت، وهكذا كان أستاذنا صوته مرتفع كالحق، وهو يشبه شيخَينا د. يوسف القرضاوي، والشيخ محمد ديب حمزة الطواشي -رحمهما الله- في ارتفاع الصوت.
*في درسه: أثناء إلقاء درسه ومُحاضرته. *الإبانة: الإيضاح. *فصاحة: في النطق والكلام. *بمجال: في ميدان التدريس والتعليم.
(16) بديع الدرس: جَميلُهُ ورائِعُه. *ساعة درسه ... : أي أن حصة درسه ومُحاضرته لِجَمالها وتشويقها لا يشعر بها مَن يَحضرها بل تمرُّ بِسُرعة. *المَلال: المَلَل والضَّجَر والسآمَة.
(17) وهو الجميل الخط: كان الأستاذ شوقي أبو ذا خط جميل جدا، يجذب إليه كُلَّ طالب ومُتَابِع. *فَنَّان به: أي أنه كان كالفنان في جَودَة خطه وحُسنِه. *سبحان وهاب: سبحان الله الذي وهبه وأمثالَه تلك المواهب. *خصال: ج خَصلة، الناحية من الخير.
(18) مولده: مكان وِلَادته. *"بَيسان": بلدة الأستاذ شوقي ومَسقِط رأسِه، سيأتي التعريف بها بعد هذا الشرح في ترجمته، إن شاء الله تعالى.
*نَشَا: نشأ وتَرَعرَع. *جملة الأطفال: بَقِيَّتهم.
(19) بسن سبع: في عمر سبع سِنِين. *باغَتَتهُ: فَاجَأَتهُ. *نكبة: هي المصيبة الكبيرة، وهي احتلال اليهود الصهاينة لفلسطين. *كما الزِّلزَال: صَدمَةُ تلك النكبة ووَقعُها كان عظيمًا وقَوِيًّا كالزِّلزال.
(20) قام: تَشَكَّلَ وبُنِيَ. *القوم اللِّئام: اليَهُود المُغتصبين لِفِلِسطين.
*دُوَيلة: تصغير دولة تَحقِيرًا لَهُم ولِدَولتهم التي قامت على الظلم والقتل والجرائم. *غصبت فلسطينا: أخَذَتها بِالقُوَّة. *بالأهوال: بالإرهاب والقتل
والتهديد. ج هَول، الأمر الشَّدِيد، المُخِيف المُفزِع. *"الوسيط" 1000.
(21) بتآمُر: بِكَيد وتدبير جماعي غربي صليبي مِن دُوَل بريطانيا وفرنسا وروسية، وغيرها قام الكِيَانُ الصِّهيَونِي. *قام الصهاين ... : قام اليهود باغتصابهم الحاضِر لفلسطين سنة 1948م.
(22) بُعَيد ذا: بعد احتِلالهم لفلسطين بقليل. *رَكِبَت: ارتَكَبت، فعلت جِناياتِها وجَرَائمَها الكبرى. *عصابات: ج عِصابة، وهي عصابات اليهود التي قامت بقتل الفلسطينيين في مجازر كثيرة، وبالإرهاب والتهديد لسكان فلسطين العرب مُسلِمين ونَصارى لتهجيرهم وإجبارهم على الرَّحِيل. ومن أشهر تلك العصابات الإجرامية: "الهاجاناه"، و"أرغون"، و"شتيرن".
*فظائع: ج فظيع وفظيعة، الأمور الشنيعة والقبيحة جدا. *"معجم متن اللغة" للشيخ أحمد رضا 4/428. *أهلنا: إخواننا في فلسطين. *النَّكال: العُقُوبة الرَّادِعة لِلغَير، المُخِيفة له، والنازلة "المُصِيبة". *"الوسيط" 953.
(23) بالقتل: لِلفلِسطينيين. *التهجير: إكراه الفِلسطينيين على الهجرة من وطنهم الأصلي فلسطين. *حرق بعض القرى: بالنار إرهابا لمن ينجو من ذلك الحَرق ليهرب ويَفِرَّ، ولِمَن يُجاورهم من القرى لِيَفِرُّوا قبل وصول عصابات اليهود الصهاينة إليهم.
*بث الرعب: نشر الخوف بين الفلسطينيين. *أهالٍ: ج أهل، سُكَّان.
(24) أتوا: جاؤوا. *بيسان: بلدة د. شوقي أبو خليل. *القُرَى: ج قرية، وهي المِصر الجامِع، وكل مكان اتَّصَل به الأبنية واتُّخِذ قَرَارًا، وتَقَع على المُدُن وغيرها. "الوسيط" 732. *هَدَّدُوا: التهديد التخويف بِالسِّلَاح ونَحوِه. *أرغَمُوا: أجبَرُوا. *الناس: ج إنسان، السُّكَّان والأهَالِي.
*التَّرحال: الرَّحِيل والِانتِقال.
(25) الشاحنات: ج شاحِنَة: السيارة التي تحمل الأثقال. *لِيَركَبُوا: أي لِيَستَقِلُوا تلكَ الشاحنات. *رموهم: ألقَوا بِهم. *حُدُود: ج حَدٍّ، التُّخُم، وهو ما يكون بين الأرضَين، والدَّولَتَين. *سورية الحالي: أي قُطر سورية الآن.
(26) النازحون: ج نازِح، وهُم مَن أبعِدُوا عن دِيَارهم قَهرًا. يُقال: "نَزَحَ الشخصُ عن داره أو أرضه": إذا بَعُدَ، و"نَزَحَ الشَّخصَ عن دِيَاره": أبعَدهُ
عنها قَهرًا. *"المعجم العربي الأساسي" 1184.
*الغُلَام: الطِّفل الصَبِيُّ مِن حين يُولَد حَتَّى يَشِبَّ. *"الوسيط" 660. *بأهله: مع أسرته. *في الحال: أي نزحوا مُباشرة بعد تهديد اليهود الصَّهَاينة لهم.
(27) شام: الشام أشهر أسماء دمشق. "معالم دمشق التاريخية" لأحمد الإيبش ود. قتيبة الشهابي ص 365. *مغاني جلق: رُبُوع دِمَشق. والمغاني: ج مَغنى، المكان. وجِلَّق مِن أسماء دمشق المشهورة. *سكنوا بها: أقاموا فيها وقَطَنُوها. *إخوة: ج أخ.
(28) مُتَرَعرِعًا: مُتَحَرِكًا ناشِئًا شَابًّا مُستَوِيَ القَامَة، أو جاوَزَ عَشرَ سِنِين؛ من: "تَرَعرَعَ الصَّبِيُّ". "الوسيط". 353. *في ظل حكم ... : أي في كَنَف حُكومة الاستقلال السورية الوطنية التي جاءت بعد جلاء المُستعمر الفِرنسي البغيض سنة 1946م.
(29) بها: في دمشق. *تَعَلَّمَ: دَرَسَ. *دارِسًا: مُتَعَلِّمًا وطالِبًا. *مُتَدَرِّجًا: مُترَقِّيًا دَرَجَةً دَرَجَة من الابتدائي حتى الجامعة. *الرفيع والعالِي: المُرتَفِع.
(30) ربع جامعة الشام: "جامعة دمشق" الشهيرة العَرِيقة.
*آدابها: "كُلِّيَّة الآداب" فيها. *قسم تاريخ: فرع التاريخ.
*بِمَجَال: في هذا المَيدان العِلمِيّ.
(31) نال إجازة: حَصَلَ على شهادة علمية في اختِصَاص التاريخ.
*صار مُدَرِّس الأجيال: أصبح مدرسا لأجيال عدة خلال أربعة عُقود تَقرِيبًا.
(32) العَالِمِيَّة: شهادة العَالِمِيَّة، أو الأستَاذِيَّة "الدُّكتُورَاه".
*حاز: أخَذَ. *باكو: عاصمة أذربيجان، والمقصود: "جامعة باكو" في تلك العاصمة؛ فقد حصل أستاذنا منها على تلك الشهادة، وكانت رسالته عن الباحث والمستشرق الروسي الفلسطيني "بندلي الجوزي". *تاريخ الإسلام: التاريخ الإسلامي. *بحث عالي: هو رسالته للأستاذية المذكورة قبل قليل.
(33) أضحى: أصبح وصار. *يدرس: يُعَلِّم الطُّلَّاب. *غِبَّ: بَعدَ. *نيل إجازة: أخذه شهادة الإجازة العالية العالَمِيَّة في التاريخ "الليسانس". *للثانوي: لطلاب المرحلة الثانوية. *تاريخنا المُتَوَالي: أي كل سلاسل التاريخ ومراحله، القديم، والإسلامي، والأموي والعباسي ... .
(34) مُتَنَقِّلًا: مُرتَحِلًا. *الحسيج: الحسكة، كانت تُسَمَّى "الحَسِيجَة". *ينظر "عشائر الشام" لأحمد وصفي زكريا 626، 632، 646.
*سنتان مع عشر ... : أي اثنتا عشرة سنة كاملة قضاها د. شوقي مُدرسًا ما بين مدينتي الحسكة ودمشق.
(35) غدا: أصبح. *موجه الاختصاص: عُيِّن مُوَجِّهًا للتاريخ في "وزارة التربية والتعليم" السورية. *من أعمال: من جملة وظائفه وأعماله الحكومية.
(36) بجامعات الشام: في جامعات الشام المختلفة أصبح مُحاضرا ومُدرِّسًا. *ردحًا: زمنا طويلا؛ إذ بقي أستاذنا شوقي مدرسا فيها نحوَ رُبع قَرن. *الأحوال: ج حَول، هو السنة.
(37) في فرع كلية ... : أي في "كلية الدعوة الإسلامية - دمشق". *مُبهَرًا: مُعجِبًا جِدًّا بل مُدهشًا الحاضرين. *لِرِجَال: ج رَجُل، لطلاب كلية الدعوة الذكور؛ إذ كانت كلها للذكور.
(38) لحضارة الإسلام: كان أستاذنا د. شوقي يُدَرِّس في "كلية الدعوة" مادة "الحضارة العربية الإسلامية" وكتابه فيها المشهور وبالعنوان نفسه. *سيرة: كان يُدرسنا سنة 1987م مادَّة "السيرة النبوية" كتاب "خاتم النبيين" للعلامة الشيخ محمد أبو زُهرة المصري ت 1974م رحمه الله.
*يَرُدُّ: يُجيب ويُدافع. *كَيدَ: مُؤامَرَة وعُدوان. *المُعتَدِي: صاحب الاعتِداء على الإسلام وتاريخه وحضارته ورجاله. والمقصود هم مُحتَرفُو الغَزو الفِكري وأذنابهم؛ مِن مُستشرقين ومُبَشِّرِين "مُنَصِّرِين" ومُستَغرِبِين. *الصَّوَّال: المُعتدَي على غيره لِيَقهَرَه. "الوسيط" 529.
(39) شُبُهَات: ج شُبهة، هي ما أشبه الحَق ولُبِس به مِن الباطِل. الِاستِشراق: علم الاستشراق هو دراسة "علوم الشرق" الإسلامية والعربية لِمعرفتها والطَّعن والتشكِيك فيها، وغَزو أهلها استعمارِيًّا وثَقَافِيًّا.
*التبشير: هو التنصير، وعلم "التبشير": هو دراسة أساليب، ووسائل وأهداف، وخَفَايَا "المُبَشِّرِين؛ المُنَصِّرِين" للدَّعوة إلى النصرانية في بلاد العَرَب والمسلمين.
وقد أشرتُ إلى أهَم مَن كتب عن المُستشرقين والمُبَشِّرِين، في بداية شَرحي لهذه القصيدة المُطَوَّلَة؛ عند شرحي للبيت الثالث.
*بِالعِلم: يرد شُبهات المستشرقين والمبشرين بالحجج العلمية والبراهين العقلية الساطعة. *يدمغها: يَقهرُهَا ويَغلِبُها فيَمحُوها مَحوًا، وكيف لا، ومعه أقوى وأهم سلاح علمي وهو القرآن الكريم الذي يقول مُنزِله سُبحانه:
(وجاهدهم به جهادا كبيرا*). الفُرقان (52)، والقائل تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهِق ...*). الأنبياء (18). *"الموسوعة القرآنية الميسرة - التفسير الوجيز" لشيخنا العلامة د. وهبة الزُّحَيلي ص 324، و"الوسيط" 297. *استِئصال الشيء: إزالته من الجُذُور.
(40) بظل: في كنف ورَحب. *جامعة الشآم: "جامعة العلوم الإسلامية والعربية؛ المجمع العِلمِي العالي" بدمشق. *شريعة: قسم علوم الشريعة. *مُدهِشًا: مُعجِبًا جِدًّا. *بِمقال: بِمُحاضَرَاته ودروسه.
(41) في معهد الفتح: هو "جامعة بلاد الشام: مجمع الفتح الإسلامي" بدمشق الذي درس فيه الأستاذ شوقي من سنة 2000م حتى وفاته.
*مُجَلِي الإشكال: مُبيِّنه ومُوَضِّحه.
(42) بِدار فكر ... : عمل الأستاذ شوقي مُديرا لـ "قِسم النشر" في "دار الفِكر" بدمشق ما بين (1991- 2010م). *عَقدَين: عِشرين سنة.
(43) الأثير: الحبيب إلَيَّ جِدًا. *مهجتي: المُهجة: دَمُ القَلب، الرُّوح. "الوسيط" 889. *كوكبي المُتَلَالِي: نَجمي المُنير، وأصلها: المُتَلَألِئ.
(44) طُوبَى لكم: هنيئا لَكَ، سَعدًا لَكَ. *مفاخر: ج مَفخَر، ما يُفتخَر ويُعتَز به مِن علم نشرته، ومُؤلفات خَلفتها. *مَحَامِد: ج مَحمَدَة، ما يُحمَدُ المَرءُ به أو عليه. "الوَسِيط" 196. *خدمة الإسلام: خدمة دينه وعلومه ورجاله.
(45) لله درك: كم أنت أصِيلٌ؟! *كاتِبًا: لِمَقالات ومُحاضرات ومُؤَلِّفًا. *مُتألِّقًا: لَامِعًا ومَشهُورا. *بالقول والأفعال: بأقوالك وأفعالك وسُلُوكِك.
(46) قَضَّيت عمرك: أمضَيتَ جُلَّهُ. *باحِثًا: مُنَقِّبًا في الكتب والمَجَلَّات والصُّحُف والمكتبات. *مُناضِلًا: مُجاهِدًا ومُكافِحًا. *عن دِيننا: دين الإسلام، دين الحق والحنيفيَّة السَّمحَة. *نبينا: سيدنا وقائدنا إلى الأبد أمير الأنبياء وسيد المرسلين، ونور الكائنات محمد .
(47) فضحت: كَشَفتَ وعَرَّيتَ. *عُداتنا: أعداؤنا. *البحث: العِلمِيّ.
*الدَّؤوب: الدائم، المُستَمِر. *العَالِي: الرَّاقِي.
(48) عرَّيتهم: فضحتَهم. *للمُستشرقين: الحَاقِدين الحانِقين منهم، لا المُنصِفين الصادقين. *كشفت عن سَوءاتهم: بيَّنتَ عَوراتِهم العلمية، ووضَّحتَ زَغَلَهم وزَيفَهم ودَجَلَهُم في ادِّعَائهم "البَحثَ العِلمي" و"البحثَ المَوضوعي النَّزِيه" في كتاباتهم وبحوثهم ومؤلفاتهم. *دحضتَ أقوالا: دَفَعتَ ورَدَدتَ أقوالهم الكاذبة، وشبهاتهم الواهية. *بٍسِجال: في حربِك العِلمِيَّة معهم، ورَدِّكَ غَزوهم وافتِراءهم. والسَّجْل: الدَّلوُ الضَّخمة المَملوءة. وهي كلمة مذَكَّرة، ولا تقال للدَّلو الفارغة. "معجم متن اللغة" 3/109.
(49) أبَنتَ: وَضَّحتَ. *ناصِعًا: مُشرِقًا ومُضيِئًا. *صحابه: ج صاحب، أصحاب الحق. *نسوة ورجال: نساء ورجال الحق في حضارتنا وديننا.
(50) أستاذي المُجَدِّدَ دِينَنَا ... : أي يا مُجَدِّدَ دِينِ الإسلام في مجال التاريخ الإسلامي، وقد صَحَّ عن سَيِّدِي رسول الله قولُه:
"إن الله تعلى يَبعَثُ لِهَذه الأمَّة على رأس كُلِّ مِئة سَنَة مَن يُجَدِّدُ لَها دِينَها". رواه أبو داود والحاكم والبيهقي في المعرفة، وهو صحيح كما في "موسوعة السنة النبوية" للشيخ علي بن نايف الشحود 1020، برقم (5120).
وقد سمعت من شيخنا العلامة د. يوسف القرضاوي، رحمه الله، أن المُجَدِّدِين ليسوا شخصا واحدًا، بل قد يَتَعَدَّدُون، وقد يكون في كل عِلم ومَجال مُجَدِّد واحِد؛ فيكون عالم مجدد في التفسير، وآخَر في الحَديث، وآخَر في الفِقه، ومِثلهم في العقيدة والتوحيد ... .
*إجمال: اختِصار وتَحسِين، مِن (أجمَلَ). "الوسيط" 136.
(51) بيانكم: تَوضِيحُكم. *تَفَوُّق: غَلَبَة وسَبق وفَضل. *حضارة الإسلام: الحضارة العربية الإسلامية. عبر دُهورها: خلال القُرون التي سادَت فيها العالَم في دمشق، وبغداد، وقُرطُبة، والقاهرة، والقسطنطينية "إسطنبول"، وغيرها. ودهور: ج دَهر: الزَّمان الطَّوِيل. *تَوَالِي: تَتَابُع تِلك العُصور.
*ملاحظة: لقد شَهِدَ بِسَبق الحضارة العربية الإسلامية جُل العلماء المُسلمين، بل شهد بذلك حتى غير المُسلمِين مِن المُستشرقين المُنصفِين أمثال: د. غوستاف لوبون الفرنسي في كتابه الضخم الفَذ "حضارة العَرَب"، والأستاذة الألمانية د. "زيغرِيد هُونكِه" في كتابها البَديع "شمس الله تسطع على الغرب"، وجيبون، وآدم مِتز، ووِل ديورانت، و"ماكس فانتيجو" في كتابه "المُعجِزة العربية"، وغيرهم كثير.
(52) وبيانكم فضلا لأعلام الهدى ... : أي وذكركم وإيضاحكم فضل علماء المسلمين وتفوقهم في حضارة الإسلام في الطب والهندسة والفيزياء والفلك والجغرافيا وعلم النبات ... .
*وعلى سبيل المثال:
*في الطب فقد ذكر أستاذنا الأطباء العظام الإمام أبا بكر الرازي وكتابه العظيم "الحاوي"، وأبا علي ابن سينا وكتابه الفذ "القانون" الذي دُرِّس وأفيد منه سبعة قُرون في جامعات أوربَّة وغيرها، والطبيب الجرَّاح خلف الزهراوي صاحب "التصريف لمن عجر عن التأليف" وهو أستاذ علم الجراحة في أوربة حتى القرن 17م، وابن زهر الإشبيلي صاحب كتاب "التيسير في المداواة والتدبير"، و"ابن النفيس" مُكتشف الدورة الدموية الصُّغرى، و"عبد اللطيف البغدادي؛ ابن اللَّبَّاد".
*وفي الفيزياء ذكر أن: أهم بحوث العرب المسلمين فيها كانت في مَجَال الضَّوء والصَّوت، وأنهم لم يَفصِلُوها عن عِلم الحِيَل "المِيكَانِيك".
وذكر عِلم الضوء وهو المُسَمَّى عِندهم (عِلم البَصَرِيَّات أو عِلم المَنَاظِر)، وذَكَرَ رَائِدَهُ حتى القرن 17م ألا وهو أبو علي محمد بن الحسن "ابنُ الهَيثَم" صاحب كتاب "المَنَاظِر" ت نحو 430 هـ الذي ظَلَّ مَرجِعًا لِلعِلم في أورُبَّة حتى أواخر القرن 17م، وهو الذي درس فيه نظرية انكِسار الضوء وانعِكاسه في الماء والهواء.
وهو الذي قال عنه وِل ديورانت في "قِصَّة الحَضارة": "لولا ابنُ الهَيثَم لَمَا سَمِع الناس قَطُّ بِرُوجَر باكون ...، فهو لا يكاد يخطو خُطوة في البَصَرِيَّات دُون أن يُشير إلى ابن الهَيثم، أو ينقل عنه".
ورَدَّ ابنُ الهيثم نَظَرِيَّة إقلِيدِس وبِطلِيموس في أن الإبصار يعود إلى إشعاعات تخرُج مِن العَين إلى الشَّبَح المَرئيّ، وقال: "إن الأشباح تدخل العين منقُولَةً إليها مِن خِلال الرُّطُوبة الزُّجَاجِيَّة".
*وفي الرِّيَاضِيَّات: ذكر أبا عبد الله محمد بن موسى الخُوَارِزمي ت بعد 232هـ الذي يُنعَت بـ "الأستاذ" بعدما جعله الخليفة العباسي المأمون قَيِّمًا على خِزانة كُتبه، واختصر "المجسطي" لبطليموس وسماه "السِّند هِند"،
وألَّف كُتبه، ومنها: "الجَبر والمُقابَلَة"، و"الزِّيج"، و"عمل الإسطُرلاب"... .
كما ذَكَر أن "المُثَلَّثات الكُرَوِيَّة" عِلمٌ عَرَبِيٌّ وُجِدت عند علماء المسلمين وتَكَلَّمُوا بها كالطُّوسِي، والبَتَّانِي، والبَيرُونِيّ، وليس صحيحا أن "ريكيومانتونِس" هو أبو المُثَلَّثات؛ كما يقول الغَربِيُّون.
وذكر عُمَر الخَيَّام صاحب "مدرسة التحليل الجَبرِيّ"، وعمله مُعادلات أكثر من الدرجة الثانية، وأبا كامل بن أسلم، والكَاشِيّ الذي اهتَمَّ بِالكُسُور العَشرِيَّة.
كما ذكر "ثابت بن قرَّة"، و"الكُرجِي"، والخُوجَندِي، وأبا الوَفاء البُوزجاني".
*وفي الكيمياء والصيدلة ذكر: جابر بن حيان الكوفي، وأبا بكر الرازي، وأبا الريحان البيروني صاحب كتاب "الصيدلة"، وأحمد الغافقي صاحب "الجامع في الطب والأدوية المُفردة، و"عز الدين الجلدكي".
*وفي علم النبات ذكر كلا من: أبا حنيفة الدينَوَرِي صاحب كتاب "النبات"، و"رشيد الدين الصُّورِي" صاحب كتاب "الأدوية المُفردة"، و"التاج"، وهو الذي وصف 585 عَقَارًا "عِلاجًا"؛ منها: 466 من النبات، و75 من المعادِن، و44 من الحَيَوَان!
كما ذكر عَلَّامَة النَّبات الكبيرَ ابنَ البيطار عبد الله المَالَقِي صاحب "الأدوية المُفردة؛ مُفردات ابن البيطار" في مجلدين.
*وفي الجغرافيا ذكر: ابنَ حَوقَل المَوصِلي صاحب "المَسَالِك والمَمَالِك"، ومحمد بن أحمد المَقدسي صاحب "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، ومحمد الشريف الإدريسي صاحب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، والمؤرخ والجغرافي الإمام الثقة ياقوت الرُّومِي الحَمَوي صاحب الكتاب الفَذّ "مُعجم البلدان" الموسوعة الجغرافية الكبيرة العجيبة التي لم يؤلف مثلها إلى الآن؟! وابن فضلان، وابن جبير الأندلسي، وابن بطوطة، والحسن الوزان الغرناطي "ليون الإفريقي".
*وفي الفَلَك: ذكر الفَلَكِيَّ المُهَندِس محمد بن جابر البِتَّانِي ت 317هـ الذي اشتغل برصد الكواكب ما بين 264- 306هـ، وألَّف "زِّيج الصابِئ"، وتُرجِم إلى اللَّاتِينِيَّة في "نورنبرج" 1537م، وقالوا: إنه أصَحُّ مِن زِيج بطليموس!
كما ذكر إبراهيم الزُّرقالِي الذي ثبت أن ألفونسو اعتمد على بحوثه وجداوله الفلكية، كما ذكر عبد الرحمن الصوفي صاحب "خرائط النجوم" التي ذكر فيها أكثر من ألف نجم.
وأبو الوفاء البوزجاني الذي يُقرن اسمه بإحدى قواعد علم الفلك وهي "قاعدة الانحراف القَمَرِيّ الثالث، والذي سبق الدنماركي "تيخو براهِه" بعشرة قرون، وتيخو المَذكور عُزِي إليه ذلك الاكتِشاف خَطَأً.
و"ابن يونس المِصري" الذي أسَّسَ "مدرسة القاهرة الفلَكِيَّة".
وذكر أن: مُعظم أسماء الكواكب والنجوم في اللغات الأوربِّيَّة عَرَبِيَّة الأصل؛ مثل: آخر النهر، والخابور، والدبران، والفرَس، والطائر، والجَدي، والجَبَّار، والغُول، والرِّدف، والعيوق، وبطن الحوت، وبنات نعش، والفرقدان، والتِّنِّين، وقلب الأسَد، وقلب العَقرَب، والكَوكَب، والنسر الواقع ... .
*وفي الفلسفة ذكر كلا من: الكندي، والفارابي "المُعلِّم الثاني"، وأبا الوليد ابنَ رُشد الفقيه المالكي والفيلسوف، وابن حزم الأندلسي، وحجة الإسلام الغزالي، وابن باجَّه، وابن طفيل.
*عبر العصور: خلال مُرور العصور المختلفة. *كَرِّها: مُرُورها. *المُتَوَالِي: المُتَتَابِع والمُستَمِر.
(53) فضلا لهم: فضلا لعلماء العرب والمسلمين. *يُلفَى: يُوجَد. *مدنية: حضارة مادِّيَّة. *بِتَعَالي: بتفوق وسُمُوّ.
(54) كُتبًا نِفاسًا: ثَمِينة. ونِفاس ج نَفِيس. *أشرقت: أنَارَت وأضاءت سَمَاءَ العِلم والمَعرفة. *كلآلِي: مثل الجواهر. ج لُؤلُؤ.
(55) زادت على التسعين: أي أن كتبه زادت على تسعين كتابا ورسالة، أكثرها فوق (80) و(100) ص.
هذا مع 12 قصة للأطفال عن النبي والخلفاء الراشدين.
هذا عدا عن (20) كتابا للأطفال في سلسلة (أحب أن أكون)، وكل منها يقع في (32) ص.
كما كتب (120) قصة للأطفال في سلسلة "حكايات من تُراث الطفولة"، كل واحدة منها في (12) ص.
فيكون مجموع ما كتبه -رحمه الله- للكبار والصغار (230) كتابا ورسالة.
*تعدادها: في عددها. *هي كالنجوم: منيرة مثلها. *النيرات: المُشرِقات.
(56) تلقفتها: أخذتها وتَنَاوَلَتها. *أمتي: أبناء أمتنا العربية والإسلامية. *بتلهف: بتشوق ورغبة شديدة. *تعطش: ظمأ إلى العلم ومعرفة الحقيقة. *كالأرض غِبَّ امحَال: مثل الأرض التي لم تُمطَر منذ زمن بعد ثم جاءها ذلك الغيث الهاطل، والمطر النازل. وأمحال: ج مَحْل، وهو انقطاع المطر في حينه واحتِبَاسُه. "معجم متن اللغة" 5/254.
(57) لنفوسهم: ج نفس؛ أي لنفوس القُرَّاء والدَّارِسين والبَاحِثين. *شِفا: أي شفاء لعقولهم وقلوبهم من الجهل. *بلاسم: ج بَلسَم، الدَّوَاء والعِلاج الشافي.
*ملاحظة بفائدة:
يُستخرج البَلسَم من جِنس شَجَر في البلاد الحارَّة، مِن القرنيات الفراشية، يَسِيل مِن فروعها وسُوقها إذا جُرحت عُصارة راتِنجية بَلسَمِيَّة، تُستعمل في الطب. "الوَسِيط" 69.
*النَّمير العَذب: الماء الحُلو. *السَّلسال: الماء سهل المُرور في الحَلق.
(58) تُحفَة: رائع جِدًّا وطريف وملآن بِالفوائد العِلميَّة. *زُلَال: ماء حُلو.
(59) إسلامنا في الاتهام: هو كتابه الرائع الفَذّ "الإسلام في قفص الاتِّهام" الذي طُبع في دار الفِكر وحدها (19) مَرَّة، وتُرجِم إلى لغات عِدَّة منها الإنجليزية والفارسيَّة. *عُضال: المَرَض العُضال المَيئوس مِن شفائه.
(60) آراء يهدمها الهدى: هو كتابه "آراء يهدمها الإسلام" هو كالتَّتِمَّة لكتابه الفَذِّ "الإسلام في قفص الاتهام". *مُبَرِّز: سابق وغالِب. بأدلة: ج دليل، أي: بأدلة وبراهين علمية. *سواطع الأمثال: واضِحاتها. وسواطع ج ساطع: مُنير. والأمثال: ج مَثَل.
(61) أطالِس: ج أطلَس، هو: مَجمُوع المُصَوَّرَات الجُغرافِيَّة، أو المُخَطَّطات البَيَانِيَّة، وأطلقه القُدماء على شَمَالِيّ إفرِيقِيَّة. *"معجم النفائس" 40، و"الوَسِيط" 20. و"الأطالِس" التي ألَّفَها أستاذُنا د. شوقي أبو خليل هي ثَمَانِية أطالس، وهي مما فتح الله به عليه، وقد انتشرت انتشارا واسعا، وراجت سُوقها، وهذه أسماؤها: 1ـ أطلس القرآن (أماكن. أقوام. أعلام) (336) ص.
2- أطلس الحديث النبوي من الكتب الصحاح الستة (أماكن أقوام). ويقع في (440) ص. 3- أطلس السيرة النبوية. في (336) ص.
4- أطلس التاريخ العربي الإسلامي. (112) ص.
5- أطلس دول العالم الإسلامي جُغرافي، تاريخي، اقتصادي. (256) ص.
6- أطلس الفِرق والمذاهب الإسلامية. 7- أطلس انتشار الإسلام.
8- أطلس العلماء المُبدعين.
*سِيرة الحِلحال: سيرة سيدنا المصطفى ، والحِلحال والحُلَاحِل: السَّيِّدُ في عَشِيرَته، والشُّجَاع الرَّكِين في مَجلِسه، والضَّخم الكثير المُرُوءة، خاصٌّ بِالرِّجال، ولا فِعلَ لَه. *متن اللغة" 2/153.
(62) حِوَار دَومًا: هو كتابه البديع "الحِوَار دائما، وحِوار مَع مُستشرِق"؛ الذي بين فيه أهمية الحوار، وأنواعَه، وأصناف المُحاوَرِين، وتكلم في فصل منه عن "الحِوار دائما بين السُّنَّة والشِّيعة"، وكان قرأ كتابا مُؤثِّرًا -في الوحدة الإسلامية ووجوب التقارب بين السنة والشيعة- طُبع في "طِهران"، فقرَّر حَذفَ الفصل المذكور آنِفًا، وبينما هو يُعدُّ كتابه "الحوار دائما" للطباعة، إذا بِصَديق له يُعطيه كُتَيِّبَ أدعية لِلشِّيعة، يقرؤه مَن يُريد زيارة مَقامات الحُسين والعَبَّاس وزينب وفاطمة عليهم السلام.
وفي آخره (دُعاء صَنَمَي قُرَيش) أي: أبي بَكر وعُمَر؟!
فما كان من الأستاذ شوقي إلا أن أبقى ذلك الفصل (الحوار دائما بين السنة والشِّيعة) لتعصبهم الشديد المَقِيت ضد أهل السُّنَّة قديمًا وحَدِيثًا.
وكان مِن آخِر أمرِه أن قال فيهم: "إن الخَطَرَ الشِّيعِي الصَّفَوِي علينا -نحن العَرَبَ والمُسلِمِين السُّنَّة- أشَّدُّ مِن الخَطَر الصِّهيَوني اليَهُودِي"؟!
وهي النتيجة نفسُها التي تَوَصَّل إليها شيخُنا العلامة د. يوسف القَرَضَاوي-رحمه الله- بعد تَجرِبَة طويلة له من الحِوار معهم، ودعوى التقريب والوحدة الإسلامية الكاذبة بيننا وبينهم، وأن ذلك التقارب يَتِمُّ من طرَفنا فقط، لا مِن طرفهم، وأن "الشيعة" خالفوا ما اتفقوا عليه مع أهل السُّنَّة، وهو: عدم الدعوة إلى التَّشَيُّع بين أهل السُّنة، أو الدعوة إلى التَّسَنُّن بين الشيعة؛ فخالف الشيعة ذلك، وصاروا يدعون أهلَ السُّنَّة إلى التشيُّع في ماليزيا، والمغرب، والسودان، وتونس، وأندونيسيا ...، وأحدثوا فِتَنًا ثَمَّة؟!
بل ما زال جُلُّهم يَسبُّون أبا بكر وعمر وعثمان والصديقة المُبَرَّأة عائشة، ويتهمونها بالزِّنا، رضي الله عنهم جميعا، وأن قرآننا هذا مُحَرَّف وناقِص، وهو ثُلث المُصحف الحَقِيقي؟؟!! والصحيح والتامُّ هو مُصحَف فاطمة عليها السَّلَام؟! وأن الصحابة أكثرهم ارتَدُّوا إلا بِضعة منهم، ومنهم: سلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود.
*كنز حق: تُحفة لِمعرفة الحق. *باهر: مُعجِب ومُدهِش. *تحرير مرأتنا: اسمه: "تحرير المَرأة مِمَّن؟ وفِيمَ حُرِّيَّتها؟". *النُّضَار: الذَّهَب والفِضّة، لكنه غلب على الذهب. "معجم النفائس"2010.
(63) "من ضيَّع القُرآن؟": من كتب أستاذنا شوقي المشهورة والمُهمَّة.
*شائق: مُشَوِّق. *في حبل ربي: حبل الله تعالى: هو القرآن الكريم؛ قال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرَّقُوا).
وفي حديث الحارث الأعور الشهير في وصف القرآن الكريم: "...، وهو حبل الله المتين، ونوره المُبِين ...". رواه الحاكم في "مستدركه"، وصححه هو والمنذري في "الترغيب والترهيب". والحارث الأعور وَثَّقه وقَبِلَ حديثه
تسعة من علماء المحدثين؛ منهم: العجلي، وابن معين، وأبو داود والنسائي، والصنعاني، وعبد العزيز بن الصِّدِّيق. *ينظر المقالة النفيسة والرائعة "تصحيح حديث فضائل القرآن" للأستاذ محمد بن الأزرق، نشره في "هسبريس" يوم الجمعة 20/11/2015م.
*جَلَّ: عَظُمَ. *أحبال: ج حَبل، مَعروف، ويُجمع على: حِبال، وأحبُل، وحُبول. "الرائد" لجبران مسعود 294.
(64) غريزة التقدير: اسمه "غريزة أم تقدير إلهِيّ؟". *عجائب: ج عجيبة كل شيء غريب. وفي الكتاب المذكور يتحدث أستاذنا عن بعض عجائب الحيوانات من خلق الله تعالى، ويعترض على من يقولون: إن تصرفات تلك الحيوانات العجيبة هي غريزة طبيعية، ويقول لهم: بل هي من التقدير الإلهي العجيب تقدير العزيز العليم سُبحانه وتعالى!
*مولانا: إلهُنا وخالِقنا وسَيِّدُنا. *العَلِيّ والمُتَعَالِي: من أسماء الله الحُسنى.
(65) ومعارك كبرى ... : هي سلسلة "المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام" وهي قسمان، الأول وضم معارك: 1- الأرك. 2- بلاط الشهداء "بواتييه.
3- حصن بابليون وذات الصواري. 4- الزلاقة. 5- العُقاب.
6- عمورية. 7- فتح الأندلس: معركة وادي لكة. 8- فتح الديبل.
9- فتح سمرقند. 10- فتح صِقِلّية. 11- القادسية. 12- مصرع غرناطة.
13- نهاوند: فتح الفتوح. 14- وادي المخازن. 15- اليرموك.
*القسم الثاني: وفيه معارك: 1- تشالديران. 2- حِطِّين.
3- عين جالُوت. 4- فتح القُسطَنطِينِيَّة. 5- معركة أنقِرَة.
*بحثت: عِلمِيًّا وتارِيخِيًّا. *جَلَّت: أوضحَت. *كل ذي إشكال: كُلَّ مُشكِل.
(66) وزنت في الميزان: أي وضعتَ في ميزان النقد العِلمي.
*بعض مُفكرين: ج مُفكر، باحث مُتأمِّل. *كاتبين: ج كاتب. *بدقة: أي وزنت هؤلاء الكُتَّاب والمُفَكِّرين بالعَدل؛ فذكرتَ ما لهم وما عليهم بالحَقِّ.
*وممن تكلم عنهم أستاذنا شوقي من سلسلة (في الميزان):
فيليب حِتِّي، وكارل بروكلمان، وغوستاف لوبون.
ومنهم: جُرجي زيدان الكاتب والرِّوَائي المصري الخبيث، الذي شوَّه الإسلام في رواياته التاريخية، التي جعل مِحوَرَها الحُبَّ والغَرَام؟!
وهو العُنصُري الشُّعُوبِيُّ الذي يُبغض العَرَب -مع كونه مِنهم؟!-؛ فيقول عنهم -كما ذكر أستاذنا شوقي عنه- في إحدى رواياته: "والعَرَبِيُّ كالكَلب أعطِه كِسرَةَ خُبز، واكسِر رأسَه"؟؟!!
(67) وكذاك هارون الرشيد: وكتب عن الخليفة العباسي العظيم هارون الرشيد كتابًا مُهمًّا جِدًّا سَمَّاه "هارون الرشيد أمير الخُلفاء وأجَلُّ مُلوك الدنيا"، وهو الذي كان يحج عاما، ويغزو عاما، ويقوم كل ليلة بمئة ركعة. ففي هذا الكتاب أنصف الرشيد، ودافع عنه ضِدَّ مَن شَوَّه صُورته من المستشرقين الصليبيين وأذنابهم، والشعوبيين كأبي الفرج الأصفهاني، و"ألف ليلة وليلة"، وغيرهم. *مُجَوَّد: مُتقَن. *جلَّيت فيه الحق: بَيَّنتَه ووَضَّحتَه.
(68) عوامل النصر ... : اسمه "عَوَامِل النَّصر والهَزِيمة عبر تاريخنا الإسلامي". *بِدعة: رائع جدا، لم يؤلف مثله في موضوعه.
*في عرضه وبطرحه ومجال: في عرض وطرح موضوعه للناس.
(69) ارحم لشوقي ربنا: تَغَمَّده إلهنا بواسع رحمتك. *تَوَلَّه: أعِنهُ.
*مراحم: ج مرحمة، رحمة. *تترى: مُتَتَابِعَة. *حُسن مَآل: مَرجِع ومَصِير.
(70) الفردوس: أعلى درجة في الجنة، وفي الحديث الشريف: "إذا سألتم الله فاسألوه الفِردوسَ الأعلى". *أعلِ مَقَامَه: ارفَع مَنزِلَتَهُ.
*الأنبيا: الأنبياء، ج نَبِيٍّ. *صحابة: ج صحابي، أصحاب سيدنا رسول الله الأخيار رضي الله عنهم. *الآل: أهل بيت سيدنا رسول الله .
(71) كذا: مِثلُ هذا. *مُحِبُّوه: ج مُحِب، أحبابه. *قُرَّا: قُرَّاء ج قارِئ.
*جزاهم: مُكَافأتَهم. *بِعَوَالِي: في أعلى الجِنَان.
الفصل الثالث
نُبذَةٌ عَن حَيَاةِ
د. شَوقي أبُو خَلِيل
أستاذي المؤرخ الكبير والبحاثة
د. شوقي أبو خليل
*اسمه ونسبه:
هو أبو مُعتَزّ، د. شوقي بن محمد أبو خليل: البحَّاثة، والمؤرخ الإسلامي الموسوعي، والدَّاعِيَة، والكاتب والمؤلف الفلسطيني السوري المعروف.
*مولده:
ولد في مدينة (بيسان - فلسطين) يوم 25/5/1941م.
ولولادة الأستاذ شوقي في بيسان لا بد من شيء من التعريف بها.
بيسان
تُعد بلدة بيسان إحدى مدن لواء الجليل، حسب التقسيم الإداري لفلسطين، في عهد الانتداب.
وهي إحدى المدن الكنعانية القديمة، ولموقعها أهمية كبيرة، وهذا ما جعلها تتصل بغيرها من المناطق المجاورة، وخاصة في عهود اليونان والرومان. كما أن وقوعها إلى الجنوب الشرقي من سهل مرج ابن عامر الخصيب جعلها تتسلم كثيرًا من خيراته.
الموقع: تعد بيسان إحدى مدن غور الأردن، فهي تقع عند أقدام الحافة الغربية للغور في منطقة سهلية تسمى سهل بيسان. ويعتبر هذا السهل صلة الوصل بين غور الأردن شرقًا وسهل مرج ابن عامر غربًا. وتبعد بيسان ما يقرب من 12كم إلى الجنوب من بحيرة طبرية، ويصل ارتفاعها إلى -150م دون مستوى سطح البحر. وهي تشرف على ممر ووادي جالود وعلى الأجزاء الشمالية من وادي الأردن. وكانت ترتبط مع المدن والمناطق المجاورة بشبكة مهمة من طرق المواصلات، كما أنها ارتبطت مع سورية والأردن قبل الاحتلال بطرق معبدة كانت تعبر نهر الأردن عند جسور الشيخ حسين ودامية والمجامع. ويطلق عليها الصهاينة اليوم اسم بيت شان، وهو الاسم الذي عُرفت به في العهد الكنعاني.
النشأة والتاريخ: ترجع النشأة الأولى لمدينة بيسان إلى عصور ما قبل التاريخ، أي إلى ما يزيد على ستة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد شغلت المدينة مواقع عديدة يُستدل عليها من الخرائب والآثار التي تشتمل عليها التلال المحيطة بالمدينة. أما موقع المدينة في الوقت الحاضر فحديث نسبيا، يعود إلى أوائل القرن التاسع عشر.
وقد تعرضت المدينة في تاريخها إلى سيطرة أقوام عديدة عليها، فقد استولى عليها المصريون نحو 1479ق.م، وبقيت تحت سيطرتهم حتى عام 1198ق.م. كذلك أطلق عليها اليونانيون اسم مدينة السكيتين لأن أقوامًا من السكيت احتلتها واستوطنت بها نحو عام 600ق.م. وكانت بيسان في العصر الهلنستي من أهم المدن الفلسطينية، واستمرت هذه الأهمية في العهد الروماني، حين أصبحت مركزًا تجاريًّا مُهمًّا وطريقًا للقوافل. كذلك غدت في العهد البيزنطي (نحو عام 325م) مركزاً لأبرشية، كان لممثلها دور بارز في "مجمع نِيقِيَّة" الديني.
كانت بيسان من أوائل المدن التي فتحها المسلمون؛ فقد حوصرت في عام 634م من قبل عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، ثم فتحت صلحًا. وتضم المدينة قبر الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح، وقد ورد ذكرها في كتب العديد من الجغرافيين العرب مثل المقدسي والإدريسي والهروي وابن خرداذبة وياقوت الذي قال عنها: "بيسان مدينة بالأردن بالغور الشامي، ويقال هي لسان الأرض وهي بين حوران وفلسطين وبها عين الفلوس يقال إنها من الجنة وهي عين فيها مُلُوحة يَسِيرة".
تعرضت بيسان للاحتلال الصليبي بعد احتلال مدينة القدس، إلا أن العرب استرجعوها بعد معركة حطين عام 1187، ثم احتلها الصليبيون مرة ثانية في عام 1217، إلى أن أُخرجوا من الأراضي العربية نهائيًّا، وإثر معركة بين الأتراك والمماليك استولى الأتراك عليها بعد تغلبهم على القائد المملوكي جان برد الغزالي.
السكان: يبدو أن بيسان عادت إلى الانتعاش والاتساع في الربع الأول من القرن العشرين، ويعود السبب في ذلك إلى مد خط السكة الحديدية بين حيفا ودرعا الذي يمر إلى الشمال منها. وقد قُدِّر عدد بيوت البلدة في المدة بين (1914-1918) بنحو 600 بيت ضَمَّت ما يزيد على 1000 نسمة.
وقد ازدهرت المدينة ثانية في عهد الانتداب البريطاني، بسبب اختيارها مركزاً إدارياً لقضاء بيسان. وتجلى هذا الازدهار في ازدياد عدد السكان من 1914 نسمة في عام 1922 إلى 5180 نسمة في 1945. أما بعد الاحتلال فقد غزاها الصهاينة وأقاموا فيها، وبلغ عددهم 1200 في 1950 وارتفع إلى 13500 في 1968. ونصف سكان بيسان اليوم من اليهود القادمين من شمالي إفريقية، وإيران، وتركية، والدول الأوربية.
النمو العمراني شهدت بيسان تطورًا عمرانيًّا قبل الاحتلال نتيجة إنشاء بلدية فيها، فقد قام المجلس البلدي بتعبيد الشوارع وغرس أشجار الكينا على أطرافها وتجفيف المستنقعات. وكان يوم 12/5/ 1948 يوماً أسود في تاريخ المدينة، إذ استولى عليها الصهاينة وطردوا سكانها العرب. وظلت المدينة مهجورة طيلة عام كامل، تعرضت فيه لعمليات الهدم والتدمير، ثم أعيد بناؤها بعد تغيير معالمها الأثرية والتاريخية.
كانت الوظيفة الحربية السبب في وجود بيسان القديمة، إلا أن وظائفها تعددت فيما بعد، إذ أضيفت إليها الوظائف الإدارية والزراعية والتجارية والصناعية، ففي زمن الأتراك كانت بيسان مركزاً لناحية من نواحي جنين، ثم أصبحت مركزاً لقضاء من أقضية لواء نابلس في أوائل عهد الانتداب، ثم أُلحقت بعد مدة بلواء الجليل.
ونجمت الوظيفة الزراعية عن موقع المدينة في قلب سهل بيسان، حيث تتوفر المياه وتخصب التربة. وأهم المحاصيل التي كانت تزرع القمح والشعير والعدس والحمص والفول والذرة والسمسم، ويُضاف إليها أشجار الزيتون
والكَرمة والحمضيات والموز والخضراوات.
أما الوظيفة التجارية للمدينة فكانت بسبب وقوعها عند نقطة التقاء البيئة الجبلية في الغرب مع بيئة الغور في الشرق. وزاد من أهميتها تجارياً إنشاء محطة السكة الحديدية إلى الشمال منها ومرور الطرق الرئيسة العابرة فيها. وكانت سوق المدينة تعج بالحركة التجارية، حيث كانت تجري مبادلة المنتجات التي يجلبها سكان القرى المجاورة بالبضائع التي يحتاجون إليها.
اقتصرت الوظيفة الصناعية قبل الاحتلال على الصناعات التقليدية الخفيفة كمنتجات الألبان وطحن الحبوب وعصر الزيتون وصناعة الحصر وتجفيف الفواكه. وبنيت فيها بعد الاحتلال مصانع للنسيج واللدائن والمعادن وصقل الألماس والآلات الكهربائية.
*"الموسوعة العربية" للكاتب بسام حميدة، 5/738، بتصرف يسير.
-------------------------------------------------------------------
*وجاء في "الموسوعة الفلسطينية"على الشابكة عن بلدة "بيسان" ما يلي:
بيسان
بيسان مدينة عربية، من أقدم مدن فلسطين، وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني في 12/5/1948م.
أ- الموقع:
ساهم الموقع الجغرافي لبيسان مساهمة كبيرة في نشأتها الأولى لأنها نشأت فوق قواعد الحافة الغربية للغور، وفي سهل بيسان الذي يعد حلقة وصل بين وادي الأردن شرقًا وسهل مرج ابن عامر غربًا.
وتشرف المدينة على ممر ووادي جالود إحدى البوابات الطبيعية الشرقية لسهل مرج ابن عامر. وتشرف أيضًا على الأجزاء الشمالية من وادي الأردن. ولا غرابة إذا ارتبطت بيسان بشبكة هامة من طرق المواصلات. وقد جذب موقعها الأنظار فكانت محطة تتجمع فيها القوافل التي تسير بين الشام ومصر، وكانت معبرًا للغزوات الحربية بينهما أيضًا.
وكثيرًا ما تعرضت لهجمات البدو المستمرة من الشرق، وكانت تتصدى لهذه الهجمات من خلال موقعها بوصفها حارسًا على خط الدفاع الأول عن المناطق الزراعية الخصيبة في سهل ابن عامر والسهل الساحلي لفلسطين.
واستطاعت بيسان -بمرور الزمن- أن تغري كثيرًا من التجار، والغزاة بالاستقرار فيها.
وإذا كانت الطرق قد ساهمت في نشأة بيسان الأولى فإن المدينة أصبحت فيما بعد عاملًا رئيسًا في جذب الطريق إليها. وغدت متصلة بالأقاليم المجاورة بشبكة حيوية من الطرق الهامة. فالطريق المعبدة التي تسير بمحاذاة الغور الغربية تربط بيسان بطبرية على بعد 38 كم في الشمال. وتصلها بالقدس في الجنوب طريق أخرى تمر بأريحا طولها 127.
وتخرج من بيسان طريق معبدة ثالثة تسير في سهل مرج ابن عامر إلى العفولة* على بعد 27 كم وتمتد حتى حيفا على بعد 71كم. وتتفرع منها طريقان إحداهما تسير نحو الشمال إلى الناصرة (41كم)، والثانية تتجه نحو الجنوب إلى جنين (23كم)، وإلى نابلس (76كم). وتتصل بيسان بالأردن وسورية بطرق معبدة تتجه شرقاً لتقطع نهر الأردن عند جسر الشيخ حسين (7.5كم) وجسر دامية في الجنوب (51كم) وجسر المجامع شمالاً (17كم). وتقع بيسان عند الكيلومتر 59 من خط سكة حديد حيفا - درعا، وبهذا الخط الحديدي تتصل بيسان بسمخ على الشاطىء الجنوبي الشرقي لبحيرة طبرية* (27كم) ومن ثم تتصل بدرعا ودمشق.
طرأ تحول على التوجه الجغرافي لحركة المواصلات بين بيسان والمناطق المجاورة إثر حرب 1948م، إذ لم يعد موقع بيسان الجغرافي موقعًا مركزيًّا متوسطًا كما كان في السابق، بل أصبح موقعًا هامشيًّا تقريبًا بعد استيلاء اليهود عليها، وتعيين خُطوط الهدنة عام 1949م.
ب - الموضع:
يجمع الموضع الحالي لبيسان بين مواضع قديمة وأخرى حديثة.
أما المواضع القديمة فتتثمل في الخرائب القديمة التي تشتمل عليها بعض التلال المحيطة ببيسان.
ففي الجهة الشمالية -من بيسان- يوجد تل الحصن (-175م)، وتل المصطبة (-150م)، وفي الجهة الشمالية الغربية يحيط بالمدينة تل الجسر (-120م)، وتل بصول (-110م)، وتل الزهرة (-95م).
وتشتمل هذه الخرائب على بقايا الأبنية السكنية، والمقابر، وأماكن العامة، والمسارح، والميادين، والأسوار.
وأما الموضع الحديث للمدينة فإنه يقوم أيضًا على هضبة صغيرة (-150م) تمتد في الغور جنوبي نهر جالود.
وتجدر الإشارة إلى أن الموضعين القديم والحديث لبيسان يقومان على تلال من الأرض ترتفع عما حولها من الأراضي المنبسطة داخل غور بيسان، ويعود السبب في ذلك إلى الرغبة في تحاشي أخطار فيضان نهر جالود والابتعاد عن المستنقعات* من جهة، وإلى استغلال الأراضي المنبسطة في الزراعة من جهة أخرى. ولعل انتقال الموضع من الشمال إلى الجنوب استهدف في الأصل درء أخطار الفيضانات والأوبئة عن المدينة، والاستفادة من الأراضي الغورية المجاورة لنهر جالود، وقنواته في الزراعة.
نشأت بيسان فوق موضعها الحديث نسبيًّا في أوائل القرن التاسع عشر. واقتصرت أماكن مبانيها في بداية الأمر على سطح هضبة بيسان التي تمثل أحد المدرجات البحرية الأردنية القديمة. ثم امتد موضع بيسان نتيجة تطور نموها العمراني بعدئذ فضم أجزاء من أقدام الحافة الغربية للغور وأجزاء من أراضي الغور المنبسطة.
وتنحدر أرض بيسان بصفة عامة من الغرب إلى الشرق، ويجري نهر جالود أحد روافد نهر الأردن شمالي بيسان، ويمر بين تلي الحصن والمصطبة، كما أنه يغذي بعض برك الأسماك* بالمياه يفرغ له يمر من جنوب بيسان. وتكثر العيون المائية (رَ: عيون الماء) حول المدينة، وهي تساهم مع مياه نهر جالود وفروعه في ري الأراضي الزراعية المجاورة.
ج- المناخ:
يتأثر مناخ بيسان بموقع المدينة في الغور حيث تنخفض أكثر من 150م عن سطح البحر. ويتأثر أيضاً بمواجهة بيسان لفتحة سهل مرج ابن عامر الطبيعية فتصلها مؤثرات البحر المتوسط. يبلغ المتوسط السنوي لدرجة الحرارة في بيسان نحو 21، ويبلغ معدل الرطوبة نحو 58%. وتخفف نسبة الرطوبة القليلة من حدة ارتفاع درجة الحرارة، ولا سيما في فصل الصيف عندما يرتفع متوسط درجة الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية، ويتدنى معدل الرطوبة النسبية إلى ما يقرب 50%. أما في الشتاء فإن متوسط درجة الحرارة الصغرى يبلغ نحو 14 ْ، وقد تهبط أدنى درجة حرارة في شهر كانون الثاني إلى الصفر، مما يضر بالمحاصيل الزراعية.
بلغ متوسط كمية الأمطار السنوية الهاطلة على بيسان بين عامي 1901 و1940 نحو 305مم. وتكفي هذه الكمية من الأمطار لقيام الزراعة في إقليم بيسان لولا أنها غير منتظمة. ففي موسم 1927/ 1928 كانت كمية الأمطار 149.5مم، وارتفعت إلى 514.4 مم في موسم 1942/ 1943. وبسبب هذا التغير قلقًا مستمرًّا عند مزارعي المنطقة. لكن اعتماد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على الري يخفف من وطأة المشكلة.
وتتأثر مدينة بيسان باندفاع الرياح القادمة من الغرب نحوها، ويسبب هذا الاندفاع من المرتفعات نحو المدينة انضغاط الهواء، وارتفاع درجة حرارة الجو، وإثارة الزوابع والأتربة، خاصة بعد الظهر حين تكون الأنسام القادمة من البحر المتوسط قد وصلت إلى منطقة غور بيسان. وتتأثر المدينة أيضاً ببعض الموجات الحارة في فصل الربيع عندما تهب عليها رياح جنوبية شرقية محملة بالأتربة. أما الموجات الباردة فإنها تحدث أحياناً نتيجة هبوب رياح شمالية باردة.
د- النشأة والنمو:
يرجع شأن بيسان إلى عصور ما قبل التاريخ، أي إلى أكثر من ستة آلاف سنة قبل الميلاد.
وقد حملت في العهود الكنعانية اسم بيت شان، وقد يعني هذا الاسم بيت الآله شان أو بيت السكون، وقد أخذ اليهود من الكنعانيين التسمية. وبيسان ذات أهمية تجارية وعسكرية وزراعية لوقوعها على الطريق الذي يصلها بشرق الأردن وحوران ودمشق، ولوجودها في غور خصيب تتوفر فيه المياه، ويزرع فيه النخيل والقطن والحبوب وغيرها.
استولى المصريون على بيت شان حوالي عام 1479ق.م، بقيادة تحتمس الثالث، وبقيت في قبضتهم ردحًا طويلًا من الزمن، حتى أيام رعمسيس الثالث عام 1198 ق.م.
ولم يستطيع اليهود ضمها رغم محاولاتهم المتكررة. وعلى أسوارها صلب الفلسطينيون جسد شاول وأولاده بعد قتلهم عام 1004 ق.م. في معركة جلبوع التي حدثت بين الفلسطينيين واليهود.
أطلق اليونانيون على بيسان اسم مدينة السكيتيين SCHYTHOPOLIS لأن (السكيت) احتلوها حوالي عام 600 ق.م. واستوطنوها، وهم قبائل من الفرسان المحاربين الذين قدموا من الشمال واستعملهم الفرس الأخمينيون (سكيتوبولس) من أهم المدن الفلسطينية التي انتشرت فيها المدينة اليونانية. وفي العهد الروماني استمرت أهمية بيسان فكانت زعيمة للمدن العشر* (ديكابولس)، وأصبحت مركزاً تجارياً هاماً تمر القوافل التجارية منها في طريقها إلى الأردن. ولا تزال شواهد هذا الازدهار مائلة في بيسان حيث توجد بقايا مدرج روماني قائمة في تل الحصن. ولا تزال قناطر الجسر الروماني فوق سيل الجالود (نهر جالود).
وأصبحت بيسان في العهد البيزنطي عام 325م، مركزاً لأبرشية كان لممثلها في مجمع نيقية الديني دور بارز. ومن آثار هذا العهد التي لا تزال قائمة دير يتألف من ثلاث غرف.
وبيسان من أوائل المدن الهامة التي فتحها المسلمون.
ففي أواخر عام 13هـ/634م حاصر المدينة عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة* وفتحاها صلحاً. وفي رواية أن شرحبيل هو الذي فتحها وحده بعد أن حاصرها أياماً، ولما خرج بعض من فيها لقتال المسلمين قاتلهم وهزمهم ففتحت أبوابها لفرسان المسلمين. وكان لصلح بيسان طابع خاص، فبالإضافة إلى فرض الجزية على رؤوس أهلها والعين (المحصول) على الأرض كان المسلمون يشاطرون أهلها المنازل فيجتمع أهلها في نصف المدينة ويترك النصف الأخر للمسلمين، كذلك حدد موضع المسجد للمسلمين. ومثل ذلك كان من شروط صلح المسلمين في دمشق. وقد بقيت لبيسان شهرة خاصة في تاريخ المسلمين بسبب وجود قبر الصحابي الكبير أبي عبيدة بن الجراح قائد فتوح الشام فيها، وربما يكون فيها أيضاً قبر شرحبيل بن حسنة، وكلاهما توفي في طاعون عمواس المشهور في 18هـ/639م. تردد ذكر بيسان على لسان كثير من الجغرافيين العرب نظرًا لأهميتها فذكرها ابن خرداذبة في كتابه (المسالك والممالك) بقوله: "كورة من كور الأردن، وهي على الطريق المؤدية من دمشق إلى الرملة، تقع بين طبرية واللجون". وذكرها المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم) فقال: "بيسان على النهر كثيرة النخل، وأرزاز فلسطين والأردن منها، غزيرة المياه رحبة، إلا أن ماءها ثقيل".
ووصفها الوزير الفقيه أبو عبيد بن عبد العزيز البكري الأندلسي (المتوفى سنة 487هـ/1094م) بقوله:
"بيسان موضعان أحدهما بالشام تنسب إليها الخمر الطيبة، والثانية بالحجاز”. ويذكرها ياقوت في معجمه “بيسان مدينة بالأردن بالغور الشامي، ويقال هي لسان الأرض، وهي بين حوران وفلسطين، وبها عين الفلوس يقال إنها من الجنة، وهي عين فيها ملوحة يسيرة".
وتحدث عنها الإدريسي (المُتوفى عام 560هـ/1165م) بقوله: "أما بيسان فمدينة صغيرة جدًّا بها نخل كثير، وبنيت فيها السافان التي تعمل منه الحصر السافانية، ولا يوجد نباته إلا بها، وليس في سائر الشام شي منه".
أما الهروي (المتوفى سنة 616هـ/1220م) فيقول:
"مدينة بيسان قيل بها جامع ينسب إلى عمر بن الخطاب، وبها عين الفلوس قيل هي من جملة العيون الأربع".
عندما تعرضت بلاد المشرق العربي إلى الهجمة الصليبية خضعت بيسان للإفرنج، بعد احتلالهم مدينة القدس.
ولكن استطاع المسلمون استردادها، بعد معركة "حطين" عام 583هـ-1187م. وفي عام 612هـ/1217م أعاد الإفرنج احتلال بيسان مرة ثانية.
ومن الحوادث الهامة -التي ارتبطت بيسان بها في العهد المملوكي- أنه بعد موقعة "عين جالوت" تتَبَّع الجنود المنتصرة أثر التتار حتى تلاقوا بهم مرة أخرى في بيسان؛ فكانت موقعة دموية قتل فيها الكثير من التتار، وغنم المنتصرون غنائم وافرة.
ومنها أن معركة كبيرة حدثت بين المماليك بقيادة جان بردي الغزالي والجيش العثماني بقيادة سنان باشا انتهت بانكسار المماليك وسقوط بيسان ومنطقتها بأيدي العثمانيين.
وفي عام 1812م مر الرحالة بيركهارت بمدينة بيسان ووصفها بما يلي: "إن بيسان تقع على أرض مرتفعة من الجانب الغربي من الغور حيث تنحدر سلسلة الجبال المتاخمة للوادي إلى حد كبير وتكون أرضاً مرتفعة مكشوفة تماماً. كانت المدينة القديمة تروى من نهر يدعى الآن ماء بيسان، وهو يجري في فروع مختلفة باتجاه السهل. تمتد خرائب بيسان إلى مدى واسع والبلدة على طول ضفاف الجدول وفي الأودية التي تشكلها فروعه المتعددة. تضم قرية بيسان الحالية سبعين بيتاً أو ثمانين وسكانها في حالة بؤس شديد وذلك بسبب تعرضهم لأعمال السلب التي يقوم بها عرب الغور رغم أن السكان يدفعون لهم إتاوة فاحشة".
يبدو أن بيسان عادت إلى الانتعاش، والاتساع مرة أخرى، في الربع الأول من القرن العشرين، ويقول صاحب كتاب "ولاية بيروت" عن بيسان، في الفترة ما بين 1914 و1918:
"يقدر عدد بيوت بيسان بحوالي 600 بيت منها عشرون، أو خمسة وعشرون للمسيحيين، و15 لليهود فقط، والباقي للمسلمين".
هـ- التنقيبات الأثرية:
هناك بعض المواقع الأثرية بالقرب من بيسان منها تل الجسر، وخان الأحمر، وتل المصطبة، وتل الحصن وهو موقع بيسان القديمة، وقد كانت التنقيبات الأثرية في تل الحصن من أوائل التنقيبات الأثرية بفلسطين. تولت هذه التنقيبات جامعة بنسلفانيا. وقد بدأت في عام 1922 واستمرت حتى عام 1933، وكانت على فترتين، الفترة الأولى من 1922 – 1926 بإشراف فيشر ومشاركة ألن رو والفترة الثانية من 1927 – 1933 وكانت بإشراف فيتزجيرالد، وقد تركز جزء كبير من التنقيبات الأثرية في البداية على قمة التل، إذ تبين أنها تضم معابد منذ العصر البرونزي الوسيط، حتى العصر البيزنطي. وعثر في السويات السبع الأولى التي تم الكشف عنها في الفترة الأولى من التنقيبات على أربعة معابد كنعانية معاصرة لحكم أمينوفيس الثالث وسيتي الأول ورعمسيس الثاني والثالث، وعلى كنيسة بيزنطية.
أمكن من خلال مجمل التنقيبات الأثرية تمييز ثماني عشرة سوية عثر فيها على الكثير من اللقى الأثرية إلى جانب المنشآت المعمارية.
من هذه اللقى ختم بابلي أسطواني عليه كتابة مسمارية، ونصب من الحجر الأبيض يمثل الرب رشف، ونصب بازلتي يمثل صراعًا بين الأسد واللبوة، ونموذج لبيت طيني وتوابيت فخارية ومدافن من كل العصور، وعثر بين أنقاض الكنيسة على حلي ذهبية مختلفة منها سلسلة وصفائح وأساور، ومنها مبخرة من البرونز و10 قطع نقود.
وعليه يمكن القول: إنه من خلال التنقيبات الأثرية أمكن التعرف إلى أن بيسان سكنت منذ الألف الرابعة قبل الميلاد حتى العهد العربي.
و- بيسان الحديثة:
تطورت بيسان بعد أن مد عام 1905 خط سكة حديد -حيفا – درعا الذي يمر من شمال المدينة، وسار نمو السكان جنبا إلى جنب مع نمو العمران. فقد زاد عدد السكان نتيجة لاستقرار بعض البدو والتجار في المدينة. إلى جانب الزيادة الطبيعية للسكان الأصليين، وواصل في عام 1914 إلى أكثر من 1.000 نسمة.
أما العمران فنما بسبب اهتمام المسؤولين الأتراك قبيل الحرب العالمية الأولى بتنظيم سوق المدينة ومبانيها، وقدر مجموع بيوت بيسان خلال الحرب المذكورة بنحو 600 بيت. وجنح امتداد المباني للابتعاد قليلاً عن نهر جالود وفروعه والاقتراب من أراضي الغور.
بدأت المدينة تزدهر في عهد الانتداب البريطاني لأهمية موقعها وموضعها ولاختيارها مركزاً إداريا لقضاء بيسان. وتجلى ذلك في ازدياد سكان المدينة من 1.914 نسمة (منهم 41 يهوديا فقط) عام 1922 وإلى 3.101 نسمة (منهم 88 يهودياً) عام 1931، وإلى 5.180 نسمة (منهم 20 يهودياً فقط) عام 1945.
وتطورت المدينة عمرانيًّا نتيجة إنشاء بلدية فيها، وقام المجلس البلدي بتعبيد شوارع بيسان، وغرس فيها أشجار الكينا، وجفف الكثير من مستنقعاتها ليدرأ أخطار مرض الملاريا.
ومما يؤكد اهتمام المجلس البلدي بتطوير بيسان زيادة نفقات البلدية من 1.653 جنيها فلسطينيًّا عام 1927 إلى 8.076 جنيه فلسطيني عام 1944، وزيادة عدد رخص البناء الممنوحة للسكان من 43 رخصة بناء عام 1932 إلى 62 رخصة عام 1940م.
وأقيم في بيسان مستوصف بلغ عدد الذين ترددوا عليه للعلاج عام 1944م نحو 6.771 شخصًا منهم 1.218 مصابًا بالملاريا، و1.873 مصابًا بأمراض العيون. وتجدر الإشارة إلى أن المستنقعات الواسعة، والمناخ الحار السائد في بيسان، وهبوب العواصف الترابية على المدينة بعد الظهر -في كثير من أيام السنة- كانت الأسباب الرئيسة لانتشار مرض الملاريا، وأمراض العيون.
تطور التعليم في بيسان فبلغ عدد طلاب مدارس الحكومة في العام الدراسي 1942/ 1943م نحو 366 طالباً، وعدد الطالبات 243 طالبة.
كان يوم 12/5/1948م يومًا أسوَدَ في حياة بيسان عندما استولى اليهود على المدينة وطردوا سكانها العرب الآمنين من ديارهم.
وظلت بيسان مدينة مهجورة طول عام كامل قامت سلطات الاحتلال خلاله بتدميرها وهدم بيوتها، ثم أعادت بناء المدينة بعد أن غيرت معالمها الأثرية والتاريخية، ووطنت مئات العائلات اليهودية فيها. وقد زاد عدد السكان اليهود فيها من 1.200 عام 1950 يهودي إلى 10.050 عام 1961، وإلى 12.800 في عام 1966، وإلى 13.500 عام 1968، فيما بلغ 16.100 نسمة عام 2001.
أخذ كثير من السكان، منذ بداية السبعينات يهاجرون من المدينة؛ لسوء الأحوال الاقتصادية فيها.
ونصف سكان بيسان حاليًّا هم يهود مهاجرون من شمال إفريقيا، معظمهم من مصر والمغرب، ونحو 30% من السكان يهود قدموا من أقطار عربية وإسلامية؛ كإيران والعراق وتركيا.
أما باقي اليهود فقد قدموا من أوروبا، أو ولدوا في فلسطين.
أنشئت في مدينة بيسان عام 1963م مشاريع لجذب السائحين إليها، فأقيم متحف للآثار، وأعيد بناء المدرج الروماني القديم، وأنشئت برك لتربية الأسماك في الجهتين الغربية والشرقية من المدينة تستمد مياهها من أحد فروع نهر جالود المارة بجنوب المدينة.
وفي بيسان مُولِّد كهربائي، ومضخة مياه رئيسة، ومصانع للنسيج والمعادن
واللدائن (البلاستيك) وصقل الألماس والآلات الكهربائية. بالإضافة إلى مطار صغير على بعد 3كم شمالي بيسان.
ز- وظائف بيسان:
كانت الوظيفة الحربية سبب وجود بيسان القديمة التي قامت في موضع تل الحصن، ثم أضيفت إليها الوظيفتان التجارية والزراعية في العهدين الروماني والإسلامي. وفي عهد الانتداب البريطاني كانت بيسان تجمع بين الوظائف الإدارية والتعليمية والزراعية والتجارية والصناعية، وبقيت على هذه الحال في عهد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة.
1- الوظيفة الإدارية:
كانت بيسان مركزًا لناحية من نواحي قضاء جنين في زمن الأتراك.
ثم جعلت مركزًا لقضاء من أقضية لواء نابلس في أوائل العهد البريطاني، وبعد قليل ألحقت بلواء الجليل، وقد ضم قضاء بيسان في أواخر الانتداب البريطاني مدينة بيسان، وثلاثين قرية، وفيها مضارب القبائل.
وكان سكان القضاء الذين قدر عددهم بنحو 23.590 نسمة في عام 1945م يعتمدون على مدينة بيسان كمركز إداري يشتمل على مختلف الدوائر الحكومية المختصة.
2- الوظيفة التعليمية:
ضمت بيسان مدرستين للبنين والبنات، وفي عام 1945/ 1946م أخذت في مدرسة البنين صف ثانوي زراعي أول. وكان الطلبة يفِدون على هاتين المدرستين، من القرى المجاورة.
3- الوظيفة الزراعية:
كانت بيسان مدينة زراعية في الدرجة الأولى؛ لوقوعها في قلب سهل بيسان، حيث تتوافر المياه وتنبسط الأرض وتخصب التربة. وكانت أهم المحاصيل الزراعية في قضاء بيسان عام 1944 الحنطة (2.214 طناً)، والشعير (2.394 طناً)، والعدس (185 طناً)، والفول (65 طناً)، والحمص (68 طناً)، والذرة (314 طناً)، والسمسم (278 طناً)، والزيتون (120 طناً)، والبطيخ (223 طناً)، والعنب (928 طناً)، والخضر (7.532 طناً).
وفي عام 1945 كانت مساحة الأراضي الزراعية المغروسة حمضيات حول بيسان 1.617 دونمًا، وأراضي الموز 48 دونمًا.
4- الوظيفة التجارية:
شجع الموقع الجغرافي لبيسان، عند نقطة انقطاع بيئة غورية في الشرق وجبلية في الغرب على ممارسة التجارة.
وزاد في أهمية الوظيفة التجارية إنشاء محطة السكة الحديدية في الطرف الشمالي من بيسان، ومرور الطرق المعبدة الرئيسة من قلب المدينة وتجدر الإشارة إلى أن الطريق الطولية لوادي الأردن تتقاطع مع الطريق العرضية التي تربط وادي الأردن بالسهل الساحلي بشكل متعامد في قلب بيسان حيث تمتد السوق الرئيسة للمدينة.
وكانت سوق بيسان تعج بالحركة التجارية، ويجد فيها سكان القرى المجاورة جميع ما يطلبون، ويبيعون فيها ما يجلبونه معهم من منتجات زراعية وحيوانية. إن سهولة المواصلات، وارتباط بيسان بهذه القرى من جهة، وبالمناطق المجاورة في الجليل وسهل مرج ابن عامر وجنين من جهة ثانية، جعلا التجارة مزدهرة، وأعطيا بعداً اقتصادياً هاماً لبيسان.
5- الوظيفة الصناعية:
اقتصرت الصناعة في بيسان على الصناعات التقليدية الخفيفة كمنتجات الألبان، وطحن الحبوب، وعصر الزيتون، والتمر، والحصير، والشعير، والوبر، والصوف، وتجفيف الفواكه. ثم تطورت الصناعة حالياً إلى صناعات النسيج والمدائن (البلاستيك) والمعادن والآلات الكهربائية.
بيسان في فلسطين
بلدة بيسان سنة 1937م
*نُزُوحُه مع أسرته إلى دمشق:
*في يوم 12/5/ 1948م استولى اليهود على "بيسان"، وذلك في نكبة فلسطين؛ فكان يومًا أسوَدَ على بلدة "بيسان"؛ إذ نزح الطفل شوقي مع أسرته مُرغمين إلى سورية، وسكنوا مدينة "دمشق"، ونشأ شوقي بها.
إذ لم يكن سهلًا على والد أبو خليل أن ينزح من أرضه التي ولد فيها، وعاش عليها، لكن أرغم جنود فرقة "الهاجاناه" الصهيونية -وهي من عصابات القتل الشهيرة- أهالي بيسان على الرحيل في عربات، ورمَوهم على الحدود السورية، بعد شهر من قيام دويلة "إسرائيل"، وكان منهم الأستاذ شوقي أبو خليل وأسرته.
*دراسته وتعليمه:
*درس جميع المراحل في دمشق، وتدرج في تعليمه فيها حتى الجامعة.
*تخرج في "جامعة دمشق حائزا منها: "إجازة التاريخ" من "كلية الآداب - جامعة دمشق" عام 1965م.
*كما درس في "جامع أبي النور- ركن الدين" في دمشق، وتتلمذ وتربى على الشيخ أحمد كفتارو في حلقاته، وأخذ عنه.
*نال درجة "الأستاذية؛ الدكتوراه" في التاريخ من "أكاديمية العلوم- باكو" في أذربيجان سنة 1990م عن رسالته: (تاريخ الإسلام والمقاطعات الشرقية للخلافة الإسلامية في مؤلفات بندلي الجوزي).
*حياته العملية:
*عمل مُدرِّسًا ومُديرًا في الثانويات من مدينتي "القامشلي- الحسكة" في الجزيرة السورية، و"دمشق" ما بين (1966- 1978م).
*عمل مُديرا لـ "ثانوية الضمير" في ريف دمشق.
*كما عمل كذلك مديرًا ورئيسًا لـ "قسم الامتحانات" في "مديرية التربية" من مدينة دمشق" ما بين (1979- 1980م).
*عمل مُوجِّهًا اختصاصيًّا لمادة "التاريخ" ما بين (1980- 1987م).
*عُيِّن عضوًا للمناهج والكتب في "وزارة التربية" السورية ما بين سنتي (1988- 1991م).
*كان عضوا في "اتحاد الكُتَّاب العرب - دمشق" منذ عام 1990م.
*كان عضوا عاملا في "رابطة الأدب الإسلامي" العالمية منذ 1425هـ، وعضوا في "جمعية البحوث والدراسات" في "اتحاد كتاب العرب".
*عمل مُديرا لقسم النشر في "دار الفكر- دمشق" منذ إحالته إلى التقاعد من "وزارة التربية" عام 1991م حتى وفاته.
*عمله في التدريس وإدارته: بدأ عمله مدرسا لمادَّة "التاريخ" في ثانويات القامشلي في مدينتي الحسكة، ودمشق -كما أسلفنا- لنحو 13عاما؛ ما بين (1966- 1978م).
*عمل أستاذا مُدرسا ومُحاضِرًا لمادتي "السيرة النبوية"، و"الحضارة العربية الإسلامية"، في "كلية الدعوة الإسلامية الليبية- دمشق" ما بين سنتي (1985- 1988م).
*عمل أستاذا محاضرا في "كلية الشريعة - جامعة دمشق" زُهاء عشر سنوات، لمادَّة (التاريخ الإسلامي) ما بين سنتي (1988- 1997م).
*اختير أمينا عاما لـ "جامعة العلوم الإسلامية والعربية؛ المُجمع العلمي العالي" في دمشق، ورئيسا لقسم الدراسات العليا، وقسم العلوم الإنسانية، ما بين سنتي (1992- 1997م).
*عمل رئيسا لـ "شعبة التاريخ والحضارة" في "معهد جمعية الفتح الإسلامي"، كما عمل أستاذا لمادة "التاريخ" فيه بين (2000- 2004م).
*وختم حياته التعليمية أستاذا ومحاضرا في قسم التاريخ والحضارة في "مجمَّع الفتح الإسلامي" بدمشق.
*انتقاله إلى الدار الآخرة، ونَعيُه:
وأمَّ المُصلين مُفتي دمشق الدكتور عبد الفتاح البزم، بحضور معاون وزير الأوقاف الدكتور تيسير أبو خشريف، ونُخبة من أهل العلم، ومنهم الدكتور حُسام الدين فرفور، والدكتور محمد راتب النابلسي، والشيخ محمد نعيم عرقسوسي، والشيخ محمد الزعبي، والأستاذ محمد عدنان سالم مدير "دار الفكر"، وجُمهور كبير من المصليِّن والمشيِّعين.
*هذا، وقد أقيم له تأبين بعد الصلاة عليه، ابتدأ: بمقدمة عن حياة الراحل قدَّمها د. محمد وهبي سليمان، ثم تحدث الأستاذ محمد عدنان سالم مدير "دار الفكر"، والدكتور حسام الدين فرفور مدير معهد الفتح الإسلامي، والدكتور تيسير أبو خشريف، وخُتم بدعاء من مفتي دمشق الشيخ عبد الفتاح البزم.
وأقيمت التعازي في "جامع أبي أيوب الأنصاري" بعد صلاة التراويح.
*نعي "دار الفكر" له:
فقدت دار الفكر مدير النشر لديها المؤرخ البحاثة الداعية المربي الدكتور شوقي أبو خليل.
وقد اختاره المولى عز وجل إلى جواره مساء الثلاثاء 14 رمضان الرحمة والمغفرة 1431هـ الموافق 24 آب الحزين 2010م
وقد استقر في ليّن ترابه وافدًا على الرب الكريم، ظهر اليوم التالي في مقبرة بئر التوتة بجبل المهاجرين.
أسرة دار الفكر تَقْدُر الدكتور شوقي حق قدره، وتسأل الله له أن يجازيه لما قدّم من مواقف، مُشرِّفة في الدعوة وجهرٍ بالحق مما يُعدُّ جِهادًا، تشهد عليه كتبه التي نيّفت على السبعين غير الكتيبات.
نسأل العلي القدير أن يُعوض المسلمين خيرًا.
(الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ*). [البقرة 2/157].
د. شوقي أبو خليل في كُهولته
الفصل الرابع
آثَارُهُ ومُصَنَّفَاتُهُ
ومَا كُتِبَ عَنهُ
*آثاره ومصنفاته:
خَلَّفَ الأستاذ شوقي -رحمه الله- عددًا كبيرًا جِدًّا مِن المُؤلفات التاريخية والفِكرية، وبعضها كتبه للأطفال والفتيان والناشئين، وبعضها مُشترك مع آخَرين، وقد بلغت نحوَ (230) كتابا ورسالة، وإليكموها مرتبة هِجائيا، ومُشارا فيها إلى الطبعة الأولى، وكلها صدرت عن "دار الفكر":
1- آراء يهدمها الإسلام. (128) ص. دمشق- بيروت: دار الفكر 1974.
2- الأَرَك: بقيادة يعقوب المنصور المُوحِّدي. في (80) ص. وهو من سلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام). صدر سنة 1979.
3- الإسقاط في مناهج المُستشرقين والمُبشرين. في (240) ص.
4- الإسلام في قفص الاتهام (ترجم إلى الفارسية والانجليزية)، دمشق- بيروت، دار الفكر- 1970م، وبه بدأت شُهرته.
5- الإسلام نهر يبحث عن مَجرى. من سلسلة (هذا هو الإسلام)، في (144) ص، صدر سنة 1996م.
6- الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب. بالاشتراك مع أ. هاني المُبارك، هو من سلسلة (هذا هو الإسلام)، (109) ص، سنة (1997).
7- الإسلام وحركات التحرر العربية. في (208) ص، دمشق- بيروت: دار الفكر- 1977.
8- الإسلام وكفى.
9- أضواء على مواقف المستشرقين والمُبشِّرين. في (264) ص، وقد صدر سنة (1991).
10- أطلس انتشار الإسلام.
11- أطلس التاريخ العربي الإسلامي. (112) ص، دار الفكر- 1984.
12- أطلس الحديث النبوي من الكتب الصحاح الستة (أماكن أقوام). في (440) ص، سنة 2003م، بيروت دار الفكر المعاصر.
13- أطلس دول العالم الإسلامي: جغرافي، تاريخي، اقتصادي. في (256) ص، سنة 1999م.
14- أطلس السيرة النبوية. في (336) ص. سنة 2002م.
15- أطلس العلماء المُبدعين. (هو تحت الطبع).
16- أطلس الفِرق والمذاهب الإسلامية.
17ـ أطلس القرآن (أماكن. أقوام. أعلام). في (336)، سنة 2000م.
وهذه الأطالس من أهم أعماله العلمية النافعة، وقد راجت سوقها، وتُرجم بعضُها إلى أكثر من لغة.
18- الإنسان بين العلم والدين. في (271). سنة 1971.
19- أوائلنا. (بالاشتراك). وهو كتاب مدرسي لأطفال الروضة.
20- بدر الكبرى: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان. (216) ص. 1982.
21- بلاط الشهداء: "بواتييه" بقيادة عبد الرحمن الغافقي. في (78) ص. وهو من سلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام). صدر سنة 1979.
22- بندلي الجوزي: عصره، حياته، آثاره. من سلسلة (في الميزان)، في (304) ص، وأصله رسالة أستاذية "دكتوراه". سنة 1993م.
23- تحرير لا استعمار. في (106) ص. سنة 1991م.
24- تحرير المرأة ممن؟ وفيم حريتها؟ من سلسلة (هذا هو الإسلام). في (80) ص. سنة 1998م.
25- التسامح في الإسلام: المبدأ والتطبيق. من سلسلة (هذا هو الإسلام). في (141) ص. سنة 1990م.
26- تشالديران. (معركة). القسم الثاني من سِلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام).
27- جرجي زيدان في الميزان. من سلسلة (في الميزان). في (319) ص. سنة 1980م.
28- حروب الرَّدَّة: من قيادة النبي إلى إمرة أبي بكر. في (207) ص. صدر سنة 1984.
29- حصن بابليون وذات الصواري بقيادة عبد الله بن سعد بن أبي سرح. في (80) ص. من سلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام). 1979م.
30- الحضارة العربية الإسلامية، ومُوجز عن الحضارات السابقة. في (688) ص. صدر سنة 1994م، ودرسناه في "كلية الدعوة" في دمشق.
31- حِطِّين. (معركة). من القسم الثاني من سلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام).
32- حُنَيْن والطَّائف. في (152) ص. صدر سنة 1983.
33- الحوار دائما وحوار مع مستشرق. في (190) ص. سنة 1994م.
34- دمشق 93هـ الشمس في ضُحاها.
35- دور الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوربية. بالاشتراك مع أ. هاني المبارك. في (128) ص. سنة 1996م. وهو مترجم إلى الألبانية.
36- ذات الصواري -دمشق- بيروت: دار الفكر 1971.
37- روائع من بُطون الكُتب. (بالاشتراك).
38- الزاهدون في المناصب. من سلسلة (هذا هو الإسلام). في (176) ص. صدر سنة 2002م.
39- الزَّلاَّقة بقيادة يوسف بن تاشفين. في (92) ص. صدر سنة 1979.
40- صلح الحديبية: الفتح المبين. في (152) ص. صدر سنة 1983.
41- العِقَاب بقيادة أبي عبد الله محمد الناصر. في (80) ص. سنة 1979.
42- علماء الأندلس: إبداعاتهم المتميزة، وأثرهم في النهضة الأوربية.
43- عَمُّورية بقيادة المُعتصم بالله. في (88) ص. صدر سنة 1979.
44- عوامل النَّصر والهزيمة عبر تاريخنا الإسلامي. في (160) ص. صدر سنة 1986م.
45- عين جالوت. (معركة). من القسم (2) من سِلسِلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام).
46- غريزة أَمْ تقدير إلهي. في (144) ص. صدر سنة 1975.
*وله سلسلة (غزوات الرسول الأعظم )، وتقدمت (بدر)، والباقي:
47- غزوة أُحُد: عاقبة المُخالفة. في (144) ص. صدر سنة 1982.
48- غزوة تبوك: غزوة العُسرة. في (143) ص. صدر سنة 1982.
49- غزوة الخندق: غزوة الأحزاب. في (160) ص. صدر سنة 1982.
50- غزة خيبر: الفَتح القريب. في (132) ص. صدر سنة 1984.
51- غزوة مؤتة: غزوة جيش الأمراء. في (152) ص. سنة 1983.
52- غوستاف لوبون. وهو من سلسلة (في الميزان). في (192) ص. صدر سنة 1990م.
53- فتح الأندلس: معركة وادي لكة بقيادة طارق بن زياد. في (90) ص. صدر سنة 1976م.
54- فتح الديبل بقيادة محمد بن القاسم الثقفي. في (112) ص. 1992م.
55- فتح سمرقند بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي. في (112) ص. 1992.
56- فتح صِقِلَّيَّة بقيادة أسد بن الفرات. في (94) ص. سنة 1982م.
57- فتح القُسطَنطِينِيَّة. من القسم الثاني من سِلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام).
58- فتح مكة: الفتح الأعظم. في (168) ص. صدر سنة 1983.
59- في التاريخ الإسلامي. في (352) ص. صدر سنة 1991م. وقد كان مُقَرَّر السنة الثالثة لـ "كلية الشريعة - جامعة دمشق".
60- فيليب حتَّي ومَوضُوعِيَّته في كتابه (تاريخ العرب المُطَوَّل). من سلسلة (في الميزان). في (224) ص. صدر سنة 1985.
61- القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص. في (108) ص. سنة 1969م.
62- قراءة علمية للقراءات المُعاصرة. في (63) ص. هو في الرد على د. الضَّالِّ المُضِلّ محمد شحرور. صدر سنة 1990م.
63- كارل بروكلمان في الميزان. في (176) ص. سنة 1987م.
64- لوحات مضيئة في الحضارة العربية الإسلامية. وهو بالاشتراك مع أ. نزار أباظة.
65- محطات حضارية من كتاب (فتوح البلدان للبلاذري). في (296) ص. برقم (70). هو من سلسلة (المختار من التراث العربي). 1993م.
66- مُشكلات في طريق النهوض. (مقالات مع باحثين آخَرين). في (224) ص. صدر سنة 2001م.
67- مصرع غَرْناطة: أبو عبد الله الصغير، آخِر ملوك بني الأحمر. في (126) ص. صدر سنة 1982م.
68- معركة أنقِرَة. هو من القسم الثاني، وهو من سِلسلة (المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام).
69- مَنْ ضَيَّع القرآن؟ في (294) ص. صدر سنة 1975م.
70- مِن كتاب (مآثِر الإنافة في معالِم الخِلافة للقلقشندي). في (274) ص. هو من سلسلة (المختار من التراث العربي) برقم (36). 1985م.
71- موسوعة الأوائل والمُبدعين في الحضارة العربية الإسلامية. بالاشتراك مع د. نزار أباظة، و. أ. هاني المُبارَك. في (9) ج، و(1391) ص. صدر سنة 2003م.
72- نهاوند: فتح الفتوح، بقيادة النعمان بن مقرن المزني. في (78) ص. صدر سنة 1975م.
73- هارون الرَّشيد: أمير الخلفاء، وأجَلُّ مُلوك الدنيا. في (184) ص. صدر سنة 1977م.
74- هكذا يكتبون تاريخنا.
75- الهِجرة حَدَثٌ غيَّرَ مَجرى التاريخ. في (144) ص. سنة 1980م.
76- "الهُولوكوست" الأولى في التاريخ: مَحرَقة نَجران.
77- وادي المخازن: معركة الملوك الثلاثة. في (120) ص. سنة 1988.
78- اليرموك بقيادة خالد بن الوليد. في (94) ص. صدر سنة 1970م.
*وكتب كذلك د. شوقي -رحمه الله- قصصا للأطفال والفتيان في سلسلة عنوانها (أحب أن أعرف تاريخ أمتي) وصدرت في (12) عددا، كل عدد في (16) ص، وجعلت في قسمين عن "دار الفكر" أيضا، سنة 1993م، وضم القسم الأول أسماء:
1- مهد أجدادي. 2- حضارة أجدادي. 3- العرب قُبَيل الإسلام.
4- محمد بن عبد الله قبل البِعثة.
5- محمد رسول الله من البعثة إلى الهجرة.
6- محمد رسول الله في المدينة المنورة.
*وضم القِسم الثاني تراجم الخلفاء الراشدين، وصدر سنة 1998م، وشمل:
1- أبو بكر الصديق: (وأمرهم شورى بينهم).
2- أبو بكر الصديق: الطمأنينة والمُساواة.
4- عمر بن الخطاب: (لا إكراه في الدِّين).
5- عثمان بن عفان. 6- علي بن أبي طالب.
*كما كتب الأستاذ شوقي رحمه الله للأطفال سلسلة (أحب أن أكون) سنة 1989م، صدر منها (20) عددا، عن "دار الفكر، دمشق - بيروت"، كل عدد منها في (32) ص، وهي:
1- أعرف الحقيقة. 2- أعرف واجباتي. 3- أنا لا أسخر من أحد.
4- حُرمت اللَّبَن. 5- دُموع شَجَرة. 6- رحلة اطلاعية.
7- زائرون في بيتنا. 8- صيدلية منزلي. 9- الفُضُول المُؤذي.
10- في الغابة. 11- أمزح حَقًّا. 12- راحة أُمِّي.
13- العافية تاج. 14- قُبيل النوم. 15- الكلمة الطَّيِّبَة.
16- لِكُلٍّ أوَانُه. 17- لِلَّعِب آدابُه. 18- مَهنَةُ والِدي.
19- نَسِيَ الزَّمَن. 20- هِوَايَتِي المُفِيدَة.
*كما كتب سلسلة "حكايات من تراث الطفولة"، للأطفال، بالاشتراك مع د. نزار أباظة، وهي في (120) عددا، كل منها في (12) ص، صدر منها (84) عددا، وظل (36) منها تحت الطبع سنة (2004م)، وهي:
1- خُذ بِيَدِي. (جَزاءُ بَخِيل). 2- الأمِيرُ والرُّمَّان. (غَيَّرَ نِيَّتَهُ).
3- النملة والصَّيَّاد. (جَزاءُ المَعروف).
4- الأرنَبُ والسُلَحفَاة. (نِهايَةُ الغُرُور).
5- النملة والصَّرصَار. (المُجِدُّ والكَسُول).
6- الوَلَدَانِ والتُّفَّاحة. (غنيمة ضائعة).
7- بِداية النهاية. (تَركُوا التَّضامُنَ فَخَسِرُوا).
8- أجِيرُ الحَلَّاق. (ظَنَّ المِهنَةَ سَهلة).
9- جُحَا وَوَلَدُه وحِماره. (تَعِبَ لِكلام الناس).
10- التَّيسَانِ العَنِيدان. (تَصَارَعَا لِسَبب تافِه).
11- الثعلب والطبل. (غَرَّهُ الحَجمُ الكَبير).
12- ثَمَرَة التعاوُن. (أخفق في مُؤامَراتِه).
13- الطَّحَّان والفَيلَسُوف. (أجَابَه فأسكَتَه.
14- الحَلَّاقُ الثَّرثارُ. (رَسَمَ خَرِيطَةً غريبة).
15- العُصفُورة الذَّكِيَّة. (أعمَلَت ذِهنَها).
16- الهِرَّةُ والحِصَان. (غَرَّرَت بِه).
17- الدُّبُّ والثعلب. (سَخِرَ فَنالَ جَزاءَهُ).
18- الكَلب والذِّئب. (ما خِفتُكَ طَلِيقًا).
19- الإوَزَّة والبَيضُ الذَّهَبِيّ. (استَعجَلَ الخَيرَ فأضَاعَهُ).
20- البُلبُل والغُراب. (بَكَى مِن حكم جائر).
21- الحِمار والمِلح والإسفِنج. (أخطأ بالتفكير فَهَلَكَ).
22- الحَمامة والثعلب واللَّقلَق. (عَلَّمَ غَيرَهُ ونَسِيَ نَفسَه).
23- الخَصمان وبائع السَّمن. (تَصَرَّف بِحَماقة أكبَرَ).
24- الطِّفل والمَرأتَان. (أشفَقَت على ابنها).
25- الفِتيان والرِّمَاح. (استَفَادُوا مِن وَصِيَّة أبيهم).
26- مَا أقوَى حِمَارَنا! (تَنَبَّهَ قَبلَ فَوَاتِ الأوَان).
27- مَن عَلَّمّكَ هذا؟ (تَصَرَّفَ بِما يُناسِبُ المَوقِف.
28- النَّاسِكُ وابنُ عِرس. (استَعجَلَ في الحُكم فَنَدِمَ).
29- الناسِك وجَرَّةُ العَسَلِ. (أسرَفَ في الأحلام).
30- النملة المُجِدَّة والقائِد. (استَفَاد مِن إصرار النملة).
31- الأرنب واللَّبوَة. (نَجَت مِن الشَّرِّ).
32- الثعلب والصَّيَّاد. (نَجَحَ بِحِيلَته). 33- الثعلب والعِنَب. (غَيَّرَ الحَقِيقَة).
34- الثَّور والحِمار. (أسَاءَ لِنَفسه).
35- الحِمار والجَزَرَة. (نَجحَت الحِيلة). 36- الدُّبُّ والبُستان (نالَ جَزَاءَهُ).
37- الدِّيكُ والثعلب. (أجابَهُ بِفِطنته). 38- الذِّئب والحَمَل. (نَجَا بِفِطنته).
39- الغُرَاب والثعلب. (غَرَّهُ المَدِيحُ).
40- الفَقير ورائحة الشِّوَاء. (أعطاهُ الثَّمَن).
41- القِطَّان والقِرد. (طَمِعا فَضَيَّعَا).
42- المُغَفَّل والحَمِير العَشَرة. (أخطأ في الحِساب).
43- الأعرابي والدَّجَاج. (أجاد القِسمَةَ وسَخِر مِنهم).
44- الأعمى والفانُوس. (حَمَلَ فانُوسَه لِلمُبصِرين).
45- الأمِيرُ والأعوَر. (تَشَاءَمَ فَلُقِّنَ دَرسًا).
46- إني قليلُ الشَّهوَة لِلطعام. (رَجَاهُ أن يُغَيِّرَ طَرِيقَه).
47- الثلاثة والكَنز. (طَمِعُوا فَهَلَكُوا جَمِيعًا).
48- الجَمَل والحِمار. (اقتصَّ مِنه سَرِيعًا).
49- حُسنُ التَّصَرُّف. (عَلَّمَاهُ بِأدَب ولَبَاقَة).
50- الشَّرِيكان. (اختَلَفَت النِّيَّة فَخَسِرَا).
51- كَي لا يَضِيعَ المَعرُوف. (لا تُحَدِّثِ الناسَ بِمَا فَعَلتَ).
52- المُغَفَّل والنَّظَّارات. (ظَنَّ القِراءة تُمكِنُ بِالنظارات).
53- المَلِكُ والرَّجُل الصالِح. (وَقَعَ الوَزير في مَكر نَفسِه).
54- هذه بِتِلك. (عامَلَهُم بِمَا عامَلُوهُ). 55- أشعَبُ والأولاد. (صَدَّق نفسَه).
56- بائع الحَليب. (عَلَّمَه قِرد). 57- بُكاء الصَّيَّاد. (كَذَبَت دُمُوعُه).
58- الحِمار والجَوهَرة (تَحَرَّى الوَرَعَ). 59- حِنكَةُ تاجِر (اشتَرَى سُمعَتَه)
60- خَبِّئُوا هذا الدِّرهَمَ (راقَبَ رَبَّه) 61- الرُّمَّان الحامِض (أثمَرَت أمانَتُه)
62- زَرَعُوا فأكَلنا. (أثمَر لِتَوِّه). 63- العُصفور والغُراب. (خَسِر أصَالَتَه)
64- المُغَفَّل ووَصفَةُ الدَّوَاء. (أخطأ الفَهمَ).
65- الهِميَان الضائع (ربِحت أمانته) 66- الثعلب واللَّقلَق (واحِدَة بِواحِدة).
67- الرَّاعِي الكَذَّاب. (عاقِبَةُ الكَذِب).
68- الصَّبِيُّ وجَرَّة الجَوز. (فُقدان الحِيلَة).
69- الصياد الماهِر (التَّفكِير المَغلوط) 70- القِرد الحارِس (الِانتِبَاه المُفِيد).
71- القِرد والنَّجَّار. (التَّقلِيد الأعمى).
72- الوَلَد والكَلب والكُرَة. (فِكرَة ناجِحَة).
73- الشمس والرِّيح. (بِلُطفها انتصرت عليها).
74- النِّمِر والجُرَذ. (قد يحتاج الكبير إلى الصغير).
75- الذِّئب الغَدَّار. (نال جَزاءَ غَدرِه). 76- البُلبُل. (أطلَقَهُ فَغَرَّد).
77- الضِّرس المَنخُور. (خَلَعَ سِنَّهُ بِالحِيلة).
78- الفُرصَة النادرة. (تَمَكَّنُوا مِنه بِالحِيلة) 79- الأنَانِيَّة (آثَرَ نفسَه فَخَسِر)
80- القِطُّ والفِئران. (نَجَحُوا بِالتَّعَاوُن والحِيلَة).
81- جَزاء المعروف. (نَجَّاهُ تَبَاهَتُه).
82- الذهَب والخَشب. (ظَنَّ حياةَ الرَّفَاهِيَة أحلى).
83- الحَطَّاب والعَنِيد. ((حَذَّرَه فلم يَبتَعِد). 84- الكَنز. (أدرَكُوا فِيما بَعدُ).
85- الرُّؤيا. 86- الحياة الهنيئة. 87- عاقبة الحسد.
88- الفلَّاح والعصافير. 89- السَّمَكات الثلاث. 90- الخَرُوفان.
91- الوَزير المُخلِص. 92- القُرون. 93- قلب القِرد. 94- الحِيلَة.
95- القاضِي الذَّكِي. 96- التعاوُن. 97- دُرَّة في القَلَنسُوة. 98- الكُسَالَى.
99- المُكَارِي. 100- الدَّمِيم. 101- اللَّقلَق. 102- بين الصِّدق والكَذِب.
103- الإخبار الذَّكِي. 104- الحِصان. 105- الطِّفلَة الذَّكِيَّة.
106- الجَرَّة. 107- الخَصمان. 108- تاج المَلِك.
109- الحَكِيم والحِصان. 110- الأخَوَان. 111- حديقة العَدل.
112- البَطَّتان والسُلَحفاة. 113- النَّمِر المَريض. 114- المَلِك والحارِس.
115- أشعَب والعُرس. 116- جُحا والمَال.
117- سارِق الدَّجَاج. 118- الدُّبُّ والبُستانِيّ.
119- الوِلَادة والمَوت. 120- اللُّصُوص والتاجِر.
*مما كُتب عنه من كُتب وبُحوث:
*ومما كتب عنه:
1- كتاب "شوقي أبو خليل: بحوث ومقالات مُهداة إليه"، من سلسلة (علماء مُكَرَّمُون)، الصادر في (306) ص، عن "دار الفكر- دمشق"، سنة 1425هـ - 2004م، وهو لـ (21) عالما وباحثا وباحثة من كبار العلماء ومشاهيرهم، ومنهم: د. محمد سعيد البوطي، ود. مازن المبارك، وأخوه أ. هاني المبارك، ود. أيمن الشَّوَّا، وأ. محمود الأرناؤوط، ود. نزار أباظة، ود. طالب عمران، والشاعر مصطفى عكرمة، ... .
2- "د. شوقي أبو خليل حياته وآثاره". للأستاذ شريف رجب، ندوة مَرئِيَّة على الشابكة "البيت الحِمصِي"، في ساعة و 8 د، يوم 1/8/2022م.
3- رسالة "منهج شوقي أبو خليل في الدفاع عن القرآن الكريم، من خلال كتابه: "(الإسلام في قفص الاتهام)". أ. نعيمة بلفَرُّوم، وإشراف د. حدة سابق، قُدمت إلى "جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية- قسنطينة" في الجزائر، وذلك يوم 24/12/2022م. *ينظر: "مجلة المعيار"، مج (27)، عدد (5)، سنة 2023م.
4- "جهود المؤرخ شوقي أبو خليل في إثراء منهجية التدوين التاريخي الإسلامي ونقد الاستشراق". للأستاذ محمد عيساوي، نحو 25 ص. *ينظر: "مجلة العلوم القانونية والاجتماعية" العدد (6) الصفحات (705- 729).
الفصل الخامس
مَنزِلَـتُه بَينَ العُلمَاءِ والبَاحِثِين
والأُدَبَاء والشُّعَرَاء
*مَنزِلته بين العلماء والباحثين:
لقد شهد للدكتور شوقي أبو خليل، رحمه الله -بالبراعة في البحوث التاريخية، وفي الرد على المستشرقين والمُنصرين، وفي الدفاع عن ديننا الحنيف وتاريخنا ورجالاتنا- كِبارُ العلماء والباحثين في عصره.
ولذا فقد أقيم له حفل تكريم في دمشق سنة 2004م، بدعوة من "دار الفِكر" بدمشق، تكلم فيه العديد من الكتاب والعلماء والمفكرين والشعراء، وكان منهم مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري، حفظه الله.
وكان -من نُخبة مُكَرِّمِيه- واحد وعشرون عالِمًا وباحِثًا وباحثة له في ذلك الحفل، وهم الذين أثنوا عليه، وأشادُوا بجهوده العلمية في البحث التاريخي، وأهدوا له بعض بحوثهم تكريمًا له، وتقديرًا لجهوده العلمية، ومكانته السامية في البحث والتأليف والتجديد.
وسأكتفي بالاقتباس لبعض منهم، ومن غيرهم خارج ذلك الحفل، وأهم ما قالوه في حقه من الإشادة والمدح والتكريم.
1- منهم أستاذنا اللغوي النحوي العلامة د. مازن المبارك حفظه الله، الذي شارك في حفل تكريم د شوقي أبو خليل سنة 2004م، وكان مما قاله فيه تحت عنوان: (في تكريم الدكتور شوقي):
"الأخ الفاضل الدكتور شوقي أبو خليل حفظه الله..
وبعد؛ فقد عرفتك من كتبك قبل أن ألقاك، ثم لقيتك، ثم ازددت قربا منك فإذا أنت أنتَ، وإذا فِكرُكَ الذي قرأتُ وعقيدتك وآراؤك التي عرفت، كل ذلك مُطابق للسلوك الذي رأيت، لقد سُعِدتُ أنني أمامَ إنسان لا ازدواجية بين لسانه وسلوكه، ولا بين قلمه وأخلاقه، فاللسان والقلب والجوارح تلتزم طريقا واحدا لا تُغادره، والعقيدة المستقرة في القلب والظاهر على اللسان هي ما يُترجم عنها السلوك، ويُعبر عنها العمل.
وسعدت أنني رأيت فيك مسلما حرا، لا يَعنيك إلا أن تكون مسلما وكفى، ولا تعنيك الطاعة والعبودية إلا لله..
لقد أسعدني -يا أخي- إدراكُكَ أن كمال العبودية لله هو حقيقة الحرية للإنسان؛ لأنها وحدها العُبودية لله، هي التي تُحرِّرُ الإنسانَ، وتخرجه من عُبودية الإنسان، ولأنه كلما زادت عبودية المرء لخالقه ارتقاء وكمالا، زادت حريته بين الخَلق، وكانت حقيقة العبودية لله هي حقيقة التحرر مما سواه.
وإني أحَيِّي قلمك المسلم الحُر، الذي كتب للأطفال، وللناشئين، وللكبار قصصا، وتاريخا، وتراجم رجال، وصنع المُصَوَّرات لأعلام القرآن الكريم، والحديث النبوي، فلم تكن له شطحات، ولم تغلبه عاطفة، ولم يصدم علما، أو يُصادِر عقلًا..
وأحَيِّي قلمك الناقد الذي وضع في (الميزان) رجالا كشف حقيقتهم، وفضح المُطَبِّلين والمُزَمِّرين؛ مِن كُتَّاب وإعلاميين جَعلوا منهم -في غفلة أو سَذَاجة- أعلاما في القصة والتاريخ، ورُوَّادًا لِلنهضة العربية!!".
2- ومنهم شيخنا العلامة الفقيه والأصولي الشهيد د. محمد سعيد رمضان البوطي -رحمه الله- الذي قال عنه:
"الأخ الصديق الدكتور شوقي أبو خليل متخصص بالتاريخ الإسلامي، وأعتقد أنه أحسن صُنعًا إذ اختار هذا الاختصاص، وأولاه الكثير من اهتمامه الفكري، وجُهده العِلمي ...
كنت لا أعلم آنذاك -"يقصد أواسط الثمانينات الميلادية"- عن الدكتور شوقي أبو خليل إلا أنه يحمل اختصاصا علميا في التاريخ الإسلامي، وأنه ذو اهتمامات مشكورة بالإسلام، وأن له كتابات قَيِّمَة في التبصير بحقائقه، والدفاع عنها.
ولكني عندما رأيته -وقد استقدمَته "جامعة دمشق" محاضرا في مقرر التاريخ الإسلامي على طلاب كلية الشريعة- كيف يستقطب الطلاب، صباحَ كُل أحد وأربعاء من الأسبوع، وكيف تفيض القاعة الكُبرى بهم؛ فيتضاغطون في المَمَرِّ، وقد اشتَدَّ بهم الظمأ إلى أن ينصتوا إلى مَن أمكنه اللهُ مِن كشف الزَّيف، وإزالة غَبَش الجهالة، وتمزيق نسيج الافتراء، عن حقائق التاريخ الإسلامي ... .
... الذي أجزم به أن الله إن قَيَّضَ لِهذا الاختصاص مَن نال فيه درجة
علمية عالية، وجمع إليها الإخلاص للحق، والغَيرةَ على حقائق التاريخ، ألَّا تُشَوَّه، ولا يَتَسَرَّب إليها الدَّجَلُ والافتِراء، ينبغي ألَّا يألُوَ جُهدا في دراسة التاريخ الإسلامي مِن جَديد، وإبراز أحداثه، ومشاهده ناصعة عارِيَةً مِن الزَّغَل والزَّيف.
والدكتور شوقي أبو خليل -فيما أعتقد- واحِدٌ مِمَّن حالفَه التَّوفيقُ الإلهيُّ، في الجمع بين هاتين المَزِيَّتَين".
--------------------------------------------------------------------
3- ومنهم صديقه الصدوق الوفي المؤرخ المعروف أ. هاني المبارك، الذي شهد فيه شهادة الحق، وقال فيه كلمة صِدق، ووصفه بِدِقَّة فأنصفه، وهي مع طولها إلا أنها مهمة جدا، ومن صديق صدوق ثقة.
فقد قال فيه تحت عنوان (الدكتور شوقي أبو خليل كما عرفته):
"عرفت د. شوقي أبو خليل منذ أكثر من ربع قرن، وقد مرت معرفتي به بثلاث مراحل هي: مرحلة الزمالة، ومرحلة الصداقة، ومرحلة الأخوة.
في المرحلة الأولى: كنا زميلين ندرس مادة التاريخ في ثانويات دمشق، وكنت ألتقي به في نهاية كل عام درسي لقاءً يزيدني به معرفة، وذلك في أثناء تصحيح أوراق امتحان الشهادة الثانوية، وكان من عادة المسؤولين ع عملية التصحيح أنهم يعتمدون على عدد محدود من المدرسين المعروفين بتمكنهم من المادة العلمية، ومن الحريصين على التقيد بمواعيد الدوام، وحسن الأداء، وعدم إضاعة الوقت.
وكان الأستاذ شوقي أبو خليل في مقدمة هؤلاء الذين يُعتمد عليهم.
فقد كان خلال السنوات التي عمل بها مدرسا ومديرا مثالا للأمانة المهنية، ونموذجا رائعا في احترامه للوقت، والتزامه بمواعيد الدوام.
وكان الأستاذ شوقي في هذه الفترة مرجعا في الخلافات التي تحدث بين الزملاء فيما يتعلق بالمادة التاريخية، فقد كان خير من يعود إلى المصادر والمراجع للتأكد من صحة رواية بين المُختلفين.
وتطَوَّرت العلاقة بيني وبينه خلال سنوات العمل واللقاءات الكثيرة؛ فكانت المرحلة الثانية، وهي مرحلة الصداقة.
فقد وجدت فيه صديقا يُعتمد عليه في المُلِمَّات؛ فهو مؤمن إيمانا يعتمد على الحقائق لا على المظاهر، فقد جعل من رسول الله قُدوة له، يظهر ذلك فيما تخلق به من أخلاق؛ مِن تواضع وصبر، وحب لخدمة أصحابه وتمسكه بالحق وجهره به.
أما حواره مع الآخَرين فهو حوار يعتمد على قول الله عزوجل: (ادفع بالتي هي أحسن). "المؤمنون- 96".
ويُثبِت وِجهة نظره بأدلة عقلية وشواهد من التاريخ.
يندر أن يغضب إلا إذا امتُهن الحَقُّ ومُسَّت العَقيدة، أو إذا قاطعه أحد قبل أن ينتهي من توضيح فكرته، يُزينُ حِوارَهُ بِطُرَف مِن واقع الحياة، أو من تراثنا الأدبي والتاريخي.
ثم ازدادت الصِّلَاتُ بيني وبينه بعد أن أصبح مُوَجِّهًا لمادة التاريخ.
فكان في عمله الجديد مِثالًا للموجه الاختصاصي؛ في رقته، وأدبه، وتهذيبه، وذلك من خلال تعامله مع زملائه حين يحضر دروسهم، ويُقدِّم لهم نصائحه، وتوجيهاته، فهو يؤدي مهمته بأمانة، ويحفظ كرامة زملائه المدرسين، فكسب بذلك حبهم، وتقديرهم، كما كسب احترام المسؤولين في حقل التربية والتعليم.
ثم أصبح الأستاذ شوقي أبو خليل مديرا للامتحانات في دمشق، وهي وظيفة في غاية الأهمية؛ لما تطلب من القائم بها من أخلاق وطباع، في مقدمتها الأمانة والاستقامة، والصبر على العمل المستمر، لا تعرف فيها ساعات محددة للدوام، وكثيرًا ما يحتاج صاحبها للنوم في الدائرة والسهر الطويل، كما تتطلب منه الصَّدرَ الرَّحبَ لِمُراجعات وطلبات ما أنزل الله بها مِن سلطان، فكان الأستاذ شوقي -كما يُقال-: "أعطِ القَوسَ بارِيها".
فقد نجح في كسب حب الكبير والصغير، وعاش مع موظفي دائرته كأسرة واحدة؛ يأتي قبل الجميع، وينصرف آخرهم، وتراه بينهم يأكل ويشرب معهم مادام العمل يتطلب البقاءَ والسَّهَرَ، لتأدية تلك المهمة الخطيرة على أحسن وجه وأكمل صُورة.
ثم تطوَّرت العلاقة بيني وبين صديق العمر الدكتور شوقي إلى أُخُوَّة، وصارت لقاءاتنا دائمة، وأحيانا يكون اللقاءُ مع إخوة آخَرينَ من الزملاء المُدرِّسين تجمعنا سَهَراتٌ ونُزهات، مِحوَرُها الدكتور شوقي الذي يعرف كيف يشد المُستَمِعَ إليه بأحاديثه الجميلة وأسلوبه العذب، وطُرَفه اللطيفة، وقصصه المُستمدَّة مِن الماضي والحاضر؛ فهو خبير في نفوس الآخرين يعرف كيف ومتى يبدأ حديثه، ومتى وكيف ينتهي.
الدكتور شوقي رَجُلُ عِلم وعَمَل، إنه من الأشخاص النادرين في حبه للعمل، لا يعرف المَلل من المُطالعة والكتابة، رأيته حين عاد مِن مُؤتمر عُقد في طِهران، فذكر لي أنه عُرض عليه مِن أحد كبار علماء أذربيجان أن يذهب إلى مدينة "باكو" لينال درجة الدكتوراه على أعماله العلمية ومؤلفاته الكثيرة والتي تكفي لتكون السَّنَدَ والمُعتمَد لِمَنحه درجة الدكتوراه، فأبى إلا أن يُقدِّمَ عملا علميا جديدًا، واختار موضوعا يتعلق بشخصية عربية من مدينة القدس، ولصاحبها دور في تأسيس "جامعة باكو"؛ فكانت لفتة جميلة، وعملا جديدا إضافة إلى أعماله الكثيرة التي سبقته.
وكانت أطروحة الدكتوراه كما علمت بعنوان: (تاريخ الإسلام والمُقاطعات الشرقية للخلافة الإسلامية في مؤلفات بندلي الجوزي).
وبتواضع جَمٍّ عاد شوقي أبو خليل حاملا درجة الدكتوراه، وهي الدرجة العِلمية التي فتحت أمامه أبواب التدريس في الجامعات؛ فأصبح مُحاضرًا في "كلية الشريعة" في "جامعة دمشق".
وإذا أردت أن تعرف شيئا عن دروس الدكتور شوقي، ومنزلته عند طلابه؛ فاسأل القاعاتِ التي كان يُدرِّس فيها؛ فقد كانت تَغَصُّ بالطلاب والطالبات، جُلوسًا ووقوفًا، ولا أقول ذلك الآن لأمدح أخي الدكتور شوقي، وإنما أقول ذلك لأدلل على أن صاحب الضمير، والمُخلص في عمله لوجه الله، لا بُدَّ أن يجد أثَرَ ذلك في من يعمل معهم، وسيجد منهم آذانا مُستَمِعة، وقلوبا واعية، ونُفوسًا مُقدِّرة. إن هذه السُّمعة الطَّيِّبة، والشُّهرة الواسعة، والتقدير من الجميع، ما زادت الدكتور شوقي إلا تواضعا، وإخلاصا في عمله، وصبرا على عمل شاق ومُنهِكٍ.
أما صبره فقد لمست صورة منه خلال مرض مُفاجئ أصابه فأقعده فترة في المشفى، وأكثرَ منها في الدار.
فقد كنتُ لا أرى في وجهه إلا بَسمةَ الرِّضَا بقضاء الله وقَدَرِه، دُونَ تَبَرُّمٍ ولا شَكوَى صابِرًا مُحتَسِبًا.
إنه مِثالُ المُؤمن المُتوَكِّل على ربه، والمُسَلِّم أمرَه لله تعالى.
وقد لمس ذلك كل من زاره مِن أصدقائه وإخوانه وطلابه، ونحمد الله على شفائه وعافيته، وأطال الله في عمره ليبقى محاضرا ناجحا مُدافِعًا عن التاريخ العربي الإسلامي وحضارته.
فهو يُذَكِّرُني بِمواقف رجال أفذاذ مِن أمثال الأستاذ محمد كرد علي في دفاعه المَجيد عن الحضارة العربية الإسلامية، وعن العرب والإسلام في كتابه (الإسلام والحضارة العربية)، والتصدي بقوة وبالأدلة القاطعة والبراهين العقلية والعلمية، والرد على الخصوم من الشعوبيين من أبناء الأمة العربية -مع الأسف الشديد- ومن أبناء الغرب المُتعصبين والحاقِدين.
وحول مثل هذه الموضوعات أصدر الدكتور شوقي -حفظه الله- عددا من الكتب ضمن سلسلة جعلها بعنوان (في الميزان) بدأها عام 1980م بكتاب (جرجي زيدان في الميزان)، وأتبعه بكتب عن (فيليب حِتِّي)، و(كارل بروكلمان)، و(غوستاف لوبون)، و(بندلي جوزي).
وكان في كتبه يذكر لِكُلٍّ مِن هؤلاء ما له، وما عليه.
وأذكر هنا فضلا للدكتور شوقي عَلَيَّ فقد شَجَّعني على الكتابة والنشر والمشاركة في النشاطات الثقافية؛ فقد طلب إليَّ -جزاه الله خيرا- أن أشارك في كتابه قصص للأطفال والفتيان.
واتفقنا أن يكتب هو سلسلة منها بعنوان (أحب أن أعرف تاريخ أمتي)، وأن أكتب أنا سلسلة أخرى بعنوان (أحب أن أعرف أعلامَ أمتي).
وقد صدرت هذه المجموعات القصصية التاريخية عن دار الفكر، وما تزال تصدر تِبَاعًا.
ثم اقترح الدكتور شوقي إلقاء محاضرات مشتركة في بعض المراكز الثقافية؛ فكا نُسافر مَعًا إلى تلك المراكز في المحافظات السورية، ونُلقي المُحاضرة مُناصَفَةً، حيث يختص كُلٌّ منا بجزء منها، وكان وقع ذلك على المستمعين أكثر راحة وفائدة.
ثم اقترح أيضًا أن تُطبع بعضُ تلك المحاضرات لِتَعَمَّ الفائدةُ؛ فعمل -جزاه الله خيرا- على طبع بعضها في كُتَيِّبات صغيرة، فكان منها: (دور الحضارة العربية الإسلامية في نهضة أوربَّة)، وكتاب: (الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب).
وأخيرا -وليس آخِرًا- اشتركنا وبرفقة الدكتور نزار أباظة بعمل كبير استمر عدة سنوات انتهى بإصدار (موسوعة الأوائل والمُبدعين في الحضارة العربية الإسلامية).
كل هذه الأعمال المشتركة وغيرها كشفت لي عن مزايا نادرة تتميز بها شخصية الدكتور شوقي؛ منها:
أنه حين يقتضي الأمر تقسيما للعمل المشترك، يحمل هو الجزءَ الأكبَرَ مِنه، دُونَ أيِّ تَبَرُّم أو مِنَّة، ويصبر على تقصير الآخَرين، ويتسامح أمام هفواتهم. كل ذلك يجري بهدوء ودون جدل أو نقاش، مادام الأمر يتم بين أخوة مُتعاونين في سبيل أهداف سامية نبيلة.
أنهي كلمتي هذه بشكر مؤسسة دار الفكر، وعلى رأسها الأخ الكريم الأستاذ محمد عدنان سالم ... .
وأهنئها على اختيارها المُوَفَّق للشخصيَّة المُكَرَّمَة لهذا العام حين اختارت الدكتور شوقي أبو خليل للعام 2004م.
فهو جدير بالتكريم والتقدير لِمَوَاهِبه وقُدراته وطِبَاعِه التي غرسها الله تعالى فيه، ولإنتاجه الكبير الذي كان منه بعض الكتب التي لم يُسبَق إلى موضوعاتها، ولم يَتَطَرَّق أحَدٌ قبله إلى التأليف بما يُشبِهُها، كان منها: (أطلس دُوَل العالَم الإسلامي)، و(أطلس القُرآن الكريم)، و(أطلس السيرة النبوية)، و(أطلس الحديث النبوي).
فجزاه الله خير الجزاء، على ما قَدَّم ويُقَدِّم؛ مِن كُتب تُفيد الدارِسين والباحثين في تاريخ العرب والإسلام، والدفاع عن هذا التاريخ ورجاله وحضارته، بأسلوب علمي وحواري، أصبح يُمَيِّز صاحبه، ويَدُلُّ عليه.
وفي ختام كلمتي أهنِّئُ الدكتور شوقي تهنئة قلبية، بهذا التكريم الذي ناله بجدارة واستِحقاق ... ".
4- ومنهم المؤرخ الشهير أ. محمد خير رمضان يوسف الذي قال فيه:
"أبدع في كتاباته التاريخية الإسلامية، وكشف عن مُغالطات أعداء الإسلام في الدين والتاريخ، وردَّ عليها ببراعة، وأسهم في صناعة الصحوة الإسلامية في هذا الجانب، مع أسلوب حسَن، وذوق أدبِي".
5- ومنهم المؤرخ د. نزار أباظة الذي قال عنه:
"بدأت شهرته مع صدور كتابه (الإسلام في قفص الاتهام)؛ الذي لقي فيه كثيرا من هجوم خصومه، ودعم مؤيديه، ثم أصدر كتبا حملت عناوين مشوقة اشتهرت مثل: (من ضيع القرآن؟) ... .
كان صريحا في حياته، جريئا، لا يعرف المواربة في تعامله مع الآخرين، يؤدي ما عليه، ويطلب ما له، واضحا في كلامه، صادقا في معاملته مع أصدقائه، لا يهادن خصومه، يتعامل مع الجميع بالحجة والبرهان".
*وقال عنه موقع "إسلام ويب": "الدكتور شوقي أبو خليل رائد من روّاد مدرسة التاريخ الإسلامي المعاصرين، سخر قلمه في خدمة أمته، ودينه، وتاريخه؛ وسطّر اسمه بحروف من ذهب، بما ترك من عطاء علمي غزير، ومؤلفاتٍ قيّمة محررة ومبتكرة.
ترك الدكتور شوقي أبو خليل إرثًا علميًّا عظيمًا، أسهم في نشر المعرفة التاريخية والتربوية والإصلاحية، ونافح عن دينه وتاريخ أمته بالفكر المتَّزن، والدقة العلمية، والعبارة المشرقة، كما كشف زيف مناهج بعض المستشرقين الذين استخدموا البعد الأكاديمي في التضليل المعرفي".
6- ومنهم الشاعر الدمشقي الكبير الأستاذ مصطفى عكرمة -حفظه الله-؛ الذي مدحه بقصيدة عصماء بعنوان (لم نَحجُبِ الكَأسَ) جاء تمهيدًا لها:
"بِمُناسبة تكريم الأخ الدكتور شوقي أبو خليل،
زاده الله بسطة في العِلم والجِسم، ونَفَعَ به"
أفرِغ بِكَأسِيَ بَعضَ السُّؤرِ تَحنَانَا عَلِّي -بِسُؤرِك- أن أرتَدَّ رَيَّانَا
و لا تَلُمني، ولا تعجب إذا فرغت فقد تخاطفها مَن كان ظمآنا
لم نَحجُبِ الكَأسَ عن وُرَّادها أبَدًا وكم سعينا على من ضلَّ، أو بانا
ما قيمةُ الكأس إن لم ترو مَن ظمئوا وهم يُعانون جول الكأس حِرمانا!
فاسكُب بكأسي، وخذ منها، ومُرَّ بها أمَا تَمَازَج -منذ البدء- كأسانا؟!
أمَا على الحُبِّ ، و الإيثار نَشأتُنا أما -لبذلهما- كانت نوايانا؟!
وفُرقة القوم -يا شوقي!- تُمَزِّقُني حتى لنحسبها -في القلب- نيرانا
فأنت أدرى بشعري، كيف أرسله لكي أضحي به مَن ظَلَّ وَسنَانا
وكيف صَوتُ الجِهادِ الحَقِّ فيه علا عسى تعود -بنا- ذكرى سرايانا
فاعذُر -فدَيتُكَ- إن لم تلقَ تهنئتي -كَمَا تَمَنَّيتُها- تنسابُ ألحانا
فلم أجد أمة -ذلت- كأمتنا على الزمان ، و لا بلوى كبلوانا
ونحن نحن أولو التوحيد واعَجَبًا! كأن توحيدنا قد صار بُهتانا؟!
الغرب شَيَّدَ -رغمَ الخُلف- وَحدَتَهُ ونحن نهدم -للتوحيد- أركانا؟!
واها لقومي نَسُوا نهجا به حكموا دهرًا، ولولاه لم نعرف لهم شَانَا
نسوه حتى غدوا -والهفتي- جَسَدًا يزداد -عن روحه- بعدا ونسيانا
من كل فج علينا الناس قد جمعت ولا نزال نعاني الذُّلَّ ، ألوانا؟!
أدنى الذي كان مَرجُوٌّ لِوَحدتنا لو أننا قد أعرنا -الحقَّ- آذانا
عَزَّ النصيرُ، و عزت كلُّ أمنية لمَّا غَزَت رُوحَنا أهواءُ دُنيانا
ماذا أحدث -يا شوقي!- وأنت بها أدرى فعُذرًا إذا ما اسطَعتُ كِتمانا
أمَا خُلقنا -أيا شوقي!- لِصَحوتها ألم نُعاهِد -عليها- اللهَ مَولانا؟!
ألم تكن -دعوة التوحيد- غايَتَنَا منذ التقت -يا أبا مُعتَزِّ!- رُوحانا؟!
وما رَضِينا سوى توحيدها هَدفًا و لا رضينا -لِغير الله - سُلطانا
أما وهبنا -لنصر الحقِّ- أنفُسَنا لَعَلَّنا لا نرى في الأرض طُغيانا
كُنَّا شبابًا، ولم نحفِز -لَها- ذِمَمًا ولا عن الحق ما في الأرض أغرانا
و هَا هُو الشَّيبُ تَكسُونا مَهَابَتُه لكننا لم نزل في السعي شُبَّاَنا
قلبي ، و قلبُكَ مِن أرزاءِ أمَّتِنا كادا يذوبانِ ، لولا لطفُ مَولانا
فكيف ننسى الذي عاناهُ أقصانا و الصخرُ ذابَ لِمَا عاناهُ أقصانا!
وكيف نصمُتُ عَمَّن شَوَّهُوا سَفَهًا معنى الجِهاد، و فيه اللهُ أعلانا؟!
و كيفَ ننسى جِهادًا فيه عِزَّتُنا ومُذ تَنَاسَاهُ -قومي- أمرُهم هَانَا
كُلُّ الَّذي شاءَهُ أعداءُ أمَّتِنا نرضاهُ طَوعًا ، و بِالآلافِ قتلانا
ولا يُحِسُّ -حَيَاءً- مَن بِنا غَدَرُوا ومَن رأى الذُّلَّ -لِلأعداءِ- مَنجانَا
ما ساءَنِي الغَاصِبُ المُحتَلُّ دَمَّرَنا وساءني أن أرى في الأهل أعوانا
إفناؤُنا -هُم- لِغازِينا تُبَرِّرُهُ و كَم يَزِيدُونَه عُذرًا ، و شُكرانا
فَضلًا مِن الله -يا شَوقِي!- وتَكرِمَةً أنَّا -على دَحرِه- نَزدادُ إيمانا
و مِنَّةً -مِنهُ- أبقانا لِأمَّتِنا وحَيثُ شاءت -أمَانِيها - سَتَلقانا
لا لَن نَذِلَّ ، و لن يُوهِي عَزَائمَنا ضَلَالُ مَن ذَلَّ ، أو مِن ذِلَّةٍ خَانا
عُمرُ الطُّغَاةِ لَيَالٍ ، لن تَطُولَ بِهم و نحنُ مَن سَيَعِيشُ العِزَّ أزمانا
و حَسبُنا عِزَّةً أن كُلَّمَا نَزَلت بِنا خُطُوبٌ عليها ازدادَ مَسعانا
و أنتَ مَن عَلَّمَ الأجيالَ أنَّ لَها فَجرًا جَعلتَ عليه العِلمَ بُرهانا
شِئتَ الحِوَارَ لَها نَهجًا يُحَرِّرُها مِنَ الخِلاف ، و يُعلي لِلهُدَى شَانَا
و عشتَ فِينا رَضِيًّا هانِئًا فَطِنًا لَمَّا اتَّخَذتَ رِضَا الرَّحمنِ مِيزانا
أطلقتَ فِكرَكَ في التَّوحِيدِ مُجتَهِدًا بِهِمَّةٍ زِدتَ فِيها -البَحثَ- إتقانا
فكَم مَحَوتَ بِها زَيفًا ، وكَم كَشَفت عن الحَقيقة رَانًا ، قَد تَغَشَّانا
أمَدَّكَ اللهُ بِالتَّقوى ؛ فَكُنتَ بِها كَمَا -عَهِدنا - على الأيَّامِ إنسانا
فيا أبَا الشَّوقِ! يا رَمزَ الوَفَاءِ! بِنا ما كانَ أصفاكَ؛ إيمانًا ، وإحسَانَا!
حَسبِي بِسُؤرِكَ يَنبُوعًا سَعَيتُ لَهُ لَمَّا رَأيتُكَ قد أُنهِلتَ قُرآنَا
لَكَ الجَزَاءُ -مِنَ الرَّحمنِ- أكرَمُهُ بِمَا هَدَيتَ ، و ما أُهدِيتَ عِرفانَا
يَبقَى بَيَانِي خَجُولًا كُلَّمَا ذَكَرُوا مَا كانَ مِنكَ، ومَا مِن قَولَتِي كانَا
و حَسبِيَ الحُبُّ أن ألقاهُ يَشفَعُ لِي لَدَيكَ يَا مَن بِكَ الرَّحمَنُ مَنَّانَا
**********
مُحِبُّكَ أبَدًا
مُصطَفَى عِكرِمَة
7- ومنهم العلامة اللغوي الأديب والشاعر د. وليد قصاب حفظه الله؛ الذي رثى د. شوقي أبو خليل بقصيدة مُؤَثِّرة، قال فيها:
(في رثاء المرحوم شوقي أبو خليل)
ما ماتَ أهلُ العلمِ ، و الآثارِ أسماؤُهُم تَحيا مَدَى الأعصَارِ
شوقي بحرفِ النور خلّد اسمَه و أضافه بجلالةٍ ، و وقارِ
ما مرّ ثم مضى كأنْ لم يأتِنا أو كان في الدنيا مِن الأغمارِ
حيثُ اتجهتَ ثمارُهُ مزروعةٌ ما غادر الدنيا بغيرِ ثمارِ
شوقي، حزينٌ إذ فقدتُكَ يا أخي والقلبُ مني في لظىً و أُوارِ
ويكادُ دمعي أن تفيضَ شؤونُه لكنه جَلَدٌ ، و بعضُ وقارِ
فَلَفَقْدُ مثلِكَ -يا أُخَيَّ!- رزيةٌ سَلَّمتُ أمري للعلي الباري
ما كان فقدُكَ مِن صَغير أمُورِنا أو مِن يَسيرِ حَوادثِ الأقدارِ
علماؤنا بُنيانُنا ، و لَمَوْتُ وا حِدِهم ، كَمِثلِ تَصَدُّعٍ بجدارِ
إنِّي حَلفتُ -وما أُراني حانِثًا- إني أظنُّك مِن ذرا الأخيارِ
إني عهدتُك للتواضعِ رَمزَهُ وحديثُكَ المُختارُ كَنْزُ نُضارِ
إني عهدتُك عالمًا مُتدفقًا ما بَحرُ عِلمِكَ مِثلُ أيِّ بِحَارِ
إني عهدتُك إذ تخوضُ مدافعًا -عن ديننا- كالصارم البتَّارِ
تاريُخنا العربيُّ صُنْتَ عَرِينَه ودفعتَ عَنه بعَزمِكَ المِسعارِ
أخرستَ أقلامَ الضلال، حَجَجْتَها نافحتَ عن أهلِ التّقَى الأطهارِ
أصحابُ سيِّدنا النبيِّ مُحمدٍ المُصْطَفَيْنَ الخُلَّصِ الأبرارِ
قد كان ما خطَّتْ يَمينُكَ حُجَّةً بَيضاءَ ناصعةً كضوءِ نَهارِ
خلَّفتَ أسفارًا فصارتْ مَرجِعًا و لدربِ أهلِ العلمِ ضوءُ مَنارِ
إني حزينُ ، دَمعَتِي في خَافِقي منها على جَفْنَيَّ بعضُ نِثَارِ
لكنني راضٍ بما قسم الإلهْ: ما هذهِ الدنيا بدارِ قرارِ
مُتصبِّرٌ، والصبرُ حصنُ الأتقيا ما فاز غيرُ المؤمنِ الصَّبَّارِ
شوقي "أبو المعتز" حَيٌّ خالدٌ آثارُهُ جلَّتْ على الآثارِ
***********
*موقع "زاهية بنت البحر، مريم محمد يمق" يوم 26/8/2010م.
الفصل السادس
مِن جَمِيلِ ومُهِمِّ
أقوَالِهِ ومَقَالَاتِه
*من جميل أقواله وكلماته:
أ- "أصبح -أكثر الناس- أمواتًا عن كتاب الله تعالى، وإن كانوا أحياء في معايشهم، وبُكمًا عنه، وإن كانوا يتلونه بألسنتهم، وصُمًّا عن سماعه، وإن كانوا يسمعونه بآذانهم، وعُميًا عن عجائبه، وعلومه، وإن كانوا ينظرون إليه في مصاحفهم، وأميين في أسراره، ومعانيه، وإن كانوا يشرحونه في تفاسيرهم".
ب- "ليس النَّصر في الانتساب إلى الإٍسلام، إنَّمَا النَّصر في تطبيق الإسلام".
ج- "لن تنهض الأُمَّة الإسلامية من هجعتها إلَّا عندما تتيقَّن أنَّ العلوم الَّتي دعا إليها الإسلام مفروضة على المسلمين كالصلاة والصوم".
د- "هل علمت أيُّها المسلم أنَّ مُخططات الاستعمار لهدم الإسلام، إضعاف سُلطان الإسلام في نفوس المسلمين؛ بالسُّخرية من علماء الدِّين، وتصويرهم بصورة الجُهلاء الجامدين تارةً، والمنافقين المستغلّين لنفوذهم ووظائفهم تارةً أخرى، وبث الشائعات حولهم؟!".
هـ- "إنَّ القرآن دعوة لإحياء النُّفوس الإنسانية، وتزكيتها، وحياتها، على أمثل طريقة تناسبها وتسعدها".
و- "إذا ما أحبَّت الأُمَّة الحياة، وكرهت الموت، هانت الكرامة، وكانت الهزيمة، وعلا أَسوارَها أعداؤُها".
ز- "روح المسلم في عرف الإسلام ليست ملكه، إنَّها أَمانة عنده، وهو في كل لحظة على استعداد لبذلها لمن اشتراها، وهذا ما يُفسِّر لنا الكثير من المواقف المُدهشة، والمواقف العظيمة التي سَجَّلها المسلمون في فتوحاتهم، والتي استقبلوا بها الموت بشوق وابتسامة".
ح- "كلُّ عالم، طبيب، مهندس، جيولوجي، بيولوجي.. يعمل لِقُوَّة هذه الأمة المحمدية، ولصمودها، بدافع فهم صحيح للإسلام، يرفعه الله درجات، تماما، كالعالم الذي يعلم فقه الوضوء، وأركان الصلاة، ومفسدات الصوم".
ط- "كلما ابتعدنا عن الإسلام، ابتعدنا عن النصر والمجد، وجاءت الهزائم؛ لتحل مكان الانتصارات، وكلما التصقنا به كان المجد والنصر معا، وكلما تفاعلنا معه أكثر، كان العز والجاه والسؤدد أكثر، ولقد قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبل: (ومهما نُرد العِزَّة بغيره يُذلَّنا الله)، ألا فاعتبروا يا أولي الأبصار".
ي- قال عن الشيعة الإمامية "الرَّافِضة": "إن الخَطَرَ الشِّيعِي الصَّفَوِي علينا -نحن العَرَبَ والمُسلِمِين السُّنَّة- أشَّدُّ مِن الخَطَر الصِّهيَوني اليَهُودِي"؟!
ك- "إذا أردت كتابا تصحبه معك في الحِل والسفَر، ولا تَمَلَّ منه؛ فعليكَ بكتاب (أباطيل وأسمار)". وهو للعلامة د. محمود محمد شاكر.
ل- قال عن العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله: "إنه من العُلماء الكِبار المُدهشين، وأنه كان يتكلَّم لساعات عن الإسلام مِن فكره وعقله، وكأنه يقرأ من كتاب؛ لا يتلعثم، ولا يَتَوقَّف، ولا يَكَلُّ أو يَمَلُّ"؟!
م- "حَنَّا الفاخُورِي ألفَا خُورِي"؟! يقصد صاحب "تاريخ الأدب العربي".
ن- "المُنجِد لا يُنجِد"؟ّ يقصد مُعجم "المُنجِد" للأب لويس معلوف اليَسُوعي.
س- "العَقَائد تُعرَض، ولا تُفرَض".
د. شوقي في شيخوخته
من مقالاته الرائعة (*)
أخطاءٌ تاريخية آنَ تَصويبُها
إن غاية التاريخ هي إدراك الماضي كما كان، لا كما نتوهم أنه كان، وكذلك ليس هو تصوير الماضي كما يجب أن يكون.
عبارة الغزو الفكري عبارة يرفضها كثيرون، مع أن الغزو حقيقة واقعة، يستهدف الجذور منا لا القشور، ويحاول القضاء على الجوهر لا العَرَض، ويُشوِّه الأصول لا الفروع، ويريد أن تسود الأمةَ المغزوة أخلاقُ الأمة الغازية، وعاداتها وتقاليدها.
"الغزو الفكري" تعبير دقيق لمعركة لا نسمع فيها صليل السيوف، ولا أزيز الرصاص، ولا أنين الجرحى، معركة صامتة، تريد أن تصرع الأمَّة فكريًّا، وتحرفها عن أصالتها.
وهاكُم في هذا الكتيب عددًا من الأخطاء التاريخية، التي يتداولها الناس دونما تمحيص أو دراسة أو برهان من علم، وآن تصويبها.
1ـ منهج البحث العلمي: التوثيق: التمييز بين المصدر، والرأي في مرجع.
إن أول قاعدة يتعلمها طلاب الدراسات العليا قبل الإمساك بالقلم لكتابة رسالة: "إن كنت ناقلًا فالدِّقَّة، وإن كنت مُدَّعيًا فالدليل".
ثم يتعلمون كيف يعودون إلى المصادر، لا المراجع التي نقلت من المصادر، فلا يُقبل عِلميًّا أن يَذكر مؤلف نَصًّا من "تاريخ الطبري"، ويجعل توثيقه نقلا عن حسن إبراهيم حسن في كتابه (تاريخ الإسلام)، فلا بد من العودة إلى المصدر.
أقول هذا، لكثرة المؤلفين اليوم، الذين يقدمون آراء مضللة، وإن سألتهم: أين توثيق هذا؟ يقولون: هذا ما ذكره جرجي زيدان، أو ما قاله أحمد لطفي السيد، أو سلامة موسى، أو لويس عوض.. يحتجون بقول لمعاصرين، لتوثيق أمر لا أصل له في تاريخنا، قديمه أو حديثه.
----------------------------------------------------------------
(*) عدا دِفاعِه عن الحَجَّاج السَّفَّاح.
وقعت يدي على كتاب طبع ببيروت الشرقية، وهالني ما رأيت، المؤلف يستشهد بآيات من القرآن الكريم، ويقول: أوردت الآية بتصرف، بدل الدقة والضبط، يقول: الآية بتصرف، ويكتب بعد حديث شريف للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، بدل تخريجه وذكر درجة صحته، يكتب في الحاشية: السيد محمد!!
بدأت بهذه النقطة، لنعرف ونُتقن اختيار الكتاب الذي نقرأ، أو نحتج به، أو الذي نضعه بين أيدي أبنائنا، وشباب الجِيل.
2ـ تقسيم العصور التاريخية:
تقسيم لا ينطبق على تاريخنا، ولا على تاريخ آسية وإفريقية.
درج المؤرخون الغربيون على تقسيم العصور التاريخية إلى ثلاثة أقسام:
1ـ العصور القديمة: وتبدأ منذ اختراع الكتابة 3200 ق.م، وحتى سقوط رومة سنة 476م على يد البرابرة.
2ـ العصور الوسطى المظلمة: وتبدأ من سقوط رومة، وتنتهي بسقوط القسطنطينية عام 1453م بيد محمد الفاتح.
3ـ العصور الحديثة: وتبدأ عام 1453م بسقوط القسطنطينية، وهي مستمرة حتى يومنا هذا.
إن تقسيم الأعصر التاريخية تقسيمًا جديدًا، ضرورة علمية، لينطبق على تاريخ الحضارة بشكل منطقي سليم، وليتعلق بتاريخ الإسلام خاصة، والتقسيم الجديد المقترح هو التالي، إن كانت هناك ضرورة للتقسيم:
1ـ تنتهي الأعصر القديمة بظهور الإسلام، والهجرة هي الحدث البارز في تاريخ الإسلام ومسيرته، بل في تاريخ البشرية جمعاء، والتي وافقت 20 تموز (يوليو) 622 ميلادية.
2ـ وتبدأ الأعصر الوسطى المنيرة الحضارية بالهجرة؛ لأنها أبرز من سقوط رومة في أيدي البرابرة سنة 476م، وأشد أثرًا في الحضارة الإنسانية.
سقوط رومة واقعة محلية، أو أوربية على الأكثر، بينما ظهور الإسلام وانتشاره كان ذا نتائج حضارية عامة، بعيدة الأثر في آسية وإفريقية وأوربة معًا، أثر وما زال يؤثر في العالم كله.
سقوط رومة قضاء على حضارة شائخة، كانت في طريقها إلى الزوال، ولقد كان بالإمكان أن تسقط بكل حدث آخر، يدلنا على ذلك أن ضعف الإمبراطورية الرومانية بدأ منذ أواسط القرن الأول للميلاد، فسقوط رومة كان متوقعًا، ولم يكن دخول الجرمان (البرابرة) إليها هو السبب في سقوطها، ولكن ضعفها المتوالي في أثناء أربعة قرون كاملة، هو الذي جرَّأ الجرمان على دخولها، وبعد سقوط رومة، غاصت أوربة في ظلام دامس، قرونا كثيرة، ثم أخذت تسترد أنفاسها؛ بما عرفته من علوم الحضارة العربية الإسلامية.
أما الإسلام دين التوحيد الخالص، الذي جاء في معجزاته الخالدة، القرآن الكريم (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) [البقرة: 2/256]. وجاء فيه (ولقد كرمنا بني آدم [الإسراء:17/70]، فهو حضارة إنسانية جديدة، لم يترك بفتوحاته آسية في وثنيتها، ولا أوربة في أساطيرها، ولا إفريقية في غفوتها وعزلتها، مثلما فعل سقوط رومة بأوربة، بل نقل هذه القارات الثلاث إلى حضارة إنسانية فتية، قوية متماسكة في العقيدة والسياسة والثقافة.
3ـ وتبدأ الأعصر الحديثة بفتح القسطنطينية 1453م.
3ـ السامية واللاسامية:
السامية تسمية توارثية، أول من استخدمها المستشرق الألماني النمساوي شلوتسير Schlotzer عام 1781م، ثم تبعه أيخهورن عام 1807م.
في سفر التكوين 9/18و19: "وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث، وحام هو أبو كنعان، هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح، ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض".
كلام حوله كلام، هل الطوفان محلي؟ أم عالمي لكل الأرض؟
نوح لقومه، ما بين الرافدين، وهذا ثابت تاريخيا في طبقات الأرض، وترسباتها.
ثم تطورت هذه التسمية إلى اللاسامية التي وظفت سياسيًّا واجتماعيًّا، ويُحاكم عليها كل من يُفند بحجج دامغة مسيرة اليهود وسلوكهم ونفسيتهم، مع حقدهم على (الغُوييم)، الذين هم غير اليهود، الذين لا يستحقون الحياة، لأنهم مُجَرَّد أنعام تتحرك لِخدمة اليهود (*).
4ـ المُسلمون سُعاة بَريد:
نقلوا العلوم اليونانية إلى العربية، ثم أخذها الغربيون عنهم، فهي بضاعتهم ردت إليهم.
الحضارة بساط نسجته، وتنسجه أيد كثيرة، كلها تهبه طاقاتها، وكلها تستحق الثناء والتقدير، واليونان لم ينشئوا الحضارة إنشاء، لأن ما ورثوه منها أكثر مما ابتدعوه.
فطاليس (546 ق.م) زار مصر مرات عديدة، وتعلم فيها الهندسة وفيثاغورس (ـ497ق.م)، أخذ نظرية من بلاد الرافدين ونسبها إليه، ولوحة (تل حرمل) تثبت ذلك، والطب اليوناني أخذه اليونان من الشرق، وشعار الأفعى رمزًا للشفاء، اعتقد بأنه من أسقلابيوس اليوناني، مع أنه في متحف اللوفر منحوتة من مدينة لكش العراقية، تعود إلى عام 2000ق.م، فيها دورق عليه صورة الأفعَيَيْنِ، تلتوي إحداهما على الأخرى.
وأخذ اليونان الأبجدية الفينيقية بين عامي 850ـ750ق.م، لذلك يقول وُل دْيورانت في قصة الحضارة: بابل علمت اليونان مبادئ الحساب، وعلم الطبيعة والفلسفة.
إن المعجزة اليونانية المزعومة ـ كما يقول جورج سارتن في كتابه تاريخ العلم ـ: لها أب وأم شرعيان، أما أبوها فهو تراث مصر القديمة، وأما أمها فهي ذخيرة بلاد ما بين النهرين، والشرق القديم مهد الحضارات، والمعلم الأول للبشرية.
------------------------------------------------------------------
(*) اتُّهِمت سُورية بمعاداة السامية لكلمة السيد الرئيس أمام البابا.
مركز الشيخ زايد للتنسيق والمتابعة (دبي)، التابع لـ "جامعة الدول العربية"، أغلق يوم الأربعاء 27/8/2003م، بضغط من أمريكة لاتهامها بمعاداة السامية. ومديرة مكتبة الكونغرس عُزلت، لطرحها فتح ملف أفران الغاز (الهولوكوست) من وجهة النظر الأخرى.
إن الحضارة العربية الإسلامية ـ دون شك ـ أخذت من الحضارات التي سبقتها، ولكنها نقدت، وصوَّبت، ثم أضافت وأبدعت.
وأقدم خمسة أمثلة فقط: 1ـ عباس بن فرناس (ت274هـ): أول رائد للطيران في العالم، وأول من أبدع قبة سماوية، وأول من أبدع قلم حبر.
2ـ ابن حائك الهمداني (ت 334هـ): أول من تكلم في الجاذبية الأرضية، وشبه الأرض بالمغناطيس مركزه الأرض، فسبق نيوتن بثمانية قرون (ت 1727م).
3ـ علي بن عبد الرحمن (ابن يونس): (ت 399هـ) مبتكر رقاص الساعة (البندول)، قبل غاليليو بستة قرون.
4ـ الحسن بن الهيثم (ت430هـ): مبتكر المنهج التجريبي في العلوم، وبايكون تلميذ لابن الهيثم، لأنه سبقه بقرون، وبحوث ابن الهيثم في الضوء والرؤية والهندسة خير شاهد.
5ـ بديع الزمان الجزري (نحو 600هـ): اخترع المضخة ذات الاسطوانات الست، والتي هي ـ في جوهرهاـ فكرة المحركات الانفجارية.
ولا أنسى هنا ابن النفيس (ت 687هـ) مكتشف دوران الدم الرئوي (الدورة الدموية الصغرى)، قبل وليم هارفي بقرون، وزين الدين الآمدي (ت 714هـ) أول من اخترع الحروف البارزة، قبل برايل بقرون، الآمدي (ت 1315م)، وبرايل (ت 1852م).
لقد أخذ المسلمون من الحضارات السابقة، ولكن لم ينقلوها كما هي، إنهم أعادوا التفكير والنظر تماما في العلوم اليونانية، فما ورثه المسلمون إلى أوربة يختلف كثيراً عما ورثوه من سابقيهم.
ويكفيهم في علم الاجتماع والتاريخ والفلسفة ابن خلدون، وابن رشد.
5ـ الحجاج بن يوسف الثقفي:
لست مُحاميًا، ولكني مؤرخ أورِد نبذة عن الحجاج، لنعلم ما للرجل وما عليه، سأقدم نبذة عن إصلاحات أمير قائد، قام بإصلاحات داخلية، وبنى قاعدة متينة لفتح جبهة شرقية هو قائدها الأعلى، امتدت من المحيط الهندي إلى بحر خوارزم ويكفيه وضوح الرؤية في هذه الجبهة، ألا وهو فتح الصين، فلقد كتب إلى قتيبة بن مسلم الباهلي، قائد محور الشمال الشرقي، وإلى محمد بن القاسم الثقفي، قائد محور الجنوب الشرقي: "أيكما سبق إلى الصين فهو عامل عليها وعلى صاحبها"، (تاريخ اليعقوبي 2/289).
نشا الحجاج شابًّا لبيبًا فصيحًا بليغًا، حافظًا للقرآن الكريم، (البداية والنهاية 9/119)، كان يقرأ القرآن كل ليلة، وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحجاج ومن الحسن البصري، وكان الحسن أفصح منه، (مختصر ابن عساكر 6/202، البداية والنهاية 9/119).
وقال عقبة بن عمرو:
ما رأيت عقول الناس إلا قريباً بعضها من بعض، إلا الحجاج وإياس بن معاوية ـ قاضي البصرة، وأحد أعاجيب الدهر في الفطنة والذكاء ـ فإن عقليهما كانا يرجحان على عقول الناس (مختصر ابن عساكر 6/202).
من إصلاحاته: قنوات الري التي تخرج من نهري دجلة والفرات، أعاد فتحها، وشق أقنية جديدة، واهتم بإصلاح السدود، وبإحياء الأرض الموات، واهتم بتجفيف المستنقعات (البطائح، الأهوار)، وحظر على الفلاحين ذبح البقر والجواميس التي استقدمها من الهند، لكي تبقى في خدمة فلاحة الأرض، وليكون روثها سماداً طبيعيا للأرض.
وأصلح النقد وزنًا ونوعًا، وجعل للموازين نظامًا لا تلاعب فيه، وكذلك المكاييل والمقاييس.
وضع الحجاج علامات الإعجام في الخط العربي، للتمييز بين الحروف المتشابهة في الرسم، كالباء والتاء والثاء، والجيم والحاء والخاء.. كما عني بنقل صور الحركات الضم والفتح والكسر، لمعالجة اللحن الذي انتشر بين القراء، وفي أيامه نقطت المصاحف.
واتخذ الحجاج (المناظر) بينه وبين قزوين، وهذه المناظر تعد أنموذجاً من نماذج البريد السريع آنذاك.
وحرص الحجاج على الجهاد، ففتوح ما وراء النهر والسند رقمت في صحيفته، وكان فيه سماحة بإعطاء المال لأهل القرآن الكريم، وتجنب المحارم من حيث الشراب والنساء والأموال، وحينما توفي لم يترك إلا ثلاث مئة درهم.
لقد شَنَّع على الحجاج أعداؤه وبالغوا، يذكر المسعودي (مروج الذهب 3/175): وأحصي من قتله صبرًا سوى من قُتل في عساكره وحربه، فوُجد مئة وعشرين ألفًا، ومات وفي حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، منهن ستة عشر ألفًا مجردة.. إلخ.
كان الحجاج يغضب غضب الملوك، مفتاح سيرته أنه كان أمويًّا، يميل إلى بني أمية ميلًا كاملًا، أوقف حياته على نصرتهم وتوطيد أركان ملكهم، لا تأخذه في نصرتهم لومة لائم.
وهناك من يركز على حادثتين اثنتين:
ـ ضربه الكعبة المشرفة بالمنجنيق. ـ وقتله التابعي الجليل سعيد بن جبير.
أما ضربه للكعبة المشرفة بالمنجنيق، فهو خطأ فادح حسب عليه دون شك، لقد سيَّر عبد الملك بن مروان الحجاج، وقد كتب لأهل مكة المكرمة بالأمان، إن دخلوا في طاعته، (الطبري 6/174).
فلما قدم الحجاج، تحرم عبد الله بن الزبير بالكعبة، فأمر الحجاج بوضع المنجنيق على جبل أبي قيس، وقال: ارموا الزيادة التي ابتدعها هذا المتكلف، فرموا موضع الحطيم، فلما قتل ابن الزبير، وملك الحجاج، رد الحائط كما كان قديمًا.
فالرمي على الزيادة التي زادها ابن الزبير في الكعبة المشرفة، وأعاد الحجاج ترميمها فورًا، وحذف منها الزيادة التي زادها ابن الزبير.
ومع خطأ الحجاج بالرمي وإدانته، هل عتبنا على عبد الله بن الزبير الذي احتمى بالكعبة المشرفة، وجعل الحرم ميدان قتاله ضد الأمويين، الأقوى منه واقعًا بعلمه، مما عرض الكعبة المشرفة للخطر؟!
أما التابعي الجليل سعيد بن جبير، فقد رأى الحجاج أن عقوبة ما فعله القتل بعد انضمامه لثورة عبد الرحمن بن الأشعث، وتصرفه ببيت المال، ونقض بيعته لعبد الملك ابن مروان، والوليد بن عبد الملك.
جاء في البداية والنهاية 9/69:
وفي هذه السنة (94 هـ) قتل الحجاج بن يوسف سعيد بن جبير، وكان سبب ذلك أن الحجاج كان قد جعله على نفقات الجند، حين بعثه مع عبد الرحمن بن الأشعث إلى قتال رُتْبِيل ملك الترك، فلما خلع ابن الأشعث الحجاجَ والخليفةَ معه، خلعه معه سعيد بن جبير.
بدأ تَمرُّد ابن الأشعث سنة 81هـ، حينما صالح رتبيل، وعاد من سجستان لقتال الحجاج، وفي سنة 82هـ كان بدء واقعة دير الجماجم ـ بظاهر الكوفة ـ والجمجمة: القدح من الخشب ـ التي دامت حتى سنة 83هـ، حيث انهزم ابن الأشعث ومن معه، ولجأ سعيد بن جبير إلى مكة، إلى أن وليها خالد بن عبد الله القسري، فأرسل ابن جبير إلى الحجاج، الذي قال لعن خالد القسري، أما كنت أعرف مكانه؟! بلى والله، والبيت الذي فيه بمكة، ثم أقبل على ابن جبير وقال:
يا سعيد، ما أخرجك عليَّ؟ فقال: أصلح الله الأمير، أنا امرؤ من المسلمين، يخطئ مرة ويصيب أخرى، فطابت نفس الحجاج، وانطلق وجهه، وقال:
يا سعيد، ألم أشركك في أمانتي؟ ألم أستعملك؟ أما أعطيتك مئة ألف، أما فعلت، أما فعلت؟ كل ذلك وابن جبير يقول: نعم. حتى ظن من عنده أنه سيخلي سبيله، حتى قال الحجاج له: فما حملك على الخروج عليَّ، وخلعت أمير المؤمنين؟
فقال سعيد بن جبير: إن ابن الأشعث أخذ مني البيعة على ذلك، وعزم علي، فغضب عند ذلك الحجاج غضباً شديداً وانتفخ، حتى سقط طرف ردائه عن منكبه، وقال له: ويحك، ألم أقدم مكة فقتلت ابن الزبير، وأخذت بيعة أهلها، وأخذت بيعتك لأمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: بلى، قال ثم قدمت الكوفة واليًا على العراق، فجددت لأمير المؤمنين البيعة، فأخذت بيعتك له ثانية؟ قال: بلى، قال الحجاج: فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين، وتفي بواحدة للحائك بن الحائك ـ يعني ابن الأشعث ـ؟
يا حَرَسِيُّ، اضرب عنقه.
أين هذا الموقف من موقف الشعبي ـ عامر بن شراحيل ـ الحكيم؟!
فالشعبي يعتذر ويعترف بخطئه، ويقول للحجاج وجهًا لوجه: "قد والله تمردنا عليك، وخرجنا وجهدنا كل الجهد فما ألونا ـ فما قصرنا ـ فما كنا بالأقوياء الفجرة، ولا بالأتقياء البررة، ولقد نصرك الله علينا، وأظفرك بنا، فإن سطوت فبذنوبنا، وما جرت إليك أيدينا، وإن عفوت عنا فبحلمك، وبعد فلك الحُجَّة علينا". (البداية والنهاية 9/49)، فقال الحجاج: أنت والله يا شعبي أحب إلينا ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا، ثم يقول ما فعلت، ولا شهدت، قد أمنت عندنا يا شعبي.
وللحسن البصري مع الحجاج مناظرات، ومع ذلك لم يكن ممن يرى الخروج عليه، وكان ينهى أصحاب ابن الأشعث عن ذلك.
وقيل: لم يلبث الحجاج بعد مقتل سعيد بن جبير إلا أربعين يومًا.
لا صحة لهذا القول، فقد كان مقتل سعيد بن جبير في شعبان 94هـ، ومات الحجاج في 25 رمضان 95هـ، بعد ثلاثة عشر شهرًا.
فسيرة الحجاج رُويت بنوع من زيادة عليه، وتهويل وتشهير، فإن الشيعة كانوا يبغضونه جِدًّا لأنه أموي الهوى، فحرفوا عليه الكلم، وزادوا فيما يحكونه عنه بشاعات وشناعات.
طلب الوليد بن عبد الملك من الحجاج أن يكتب إليه سيرته، فكتب إليه:
"إني أيقظت رأيي، وأنمت هواي، وأدنيت السيد المطاع في قومه، ووليت الحرب الحازم في أمره، وقلدت الخراج الموفر لأمانته، وقسمت لكل خصم من نفسي قسماً أعطيته حظا من نظري، ولطيف عنايتي، وصرفت السيف إلى النَّطف ـ صاحب العيب ـ المسيء، والثواب إلى المحسن البريء، فخاف المريب صولةَ العقاب، وتمسك المحسن بحظه من الثواب"، (عيون الأخبار 1/10).
6ـ الرشيد، قِمَّة الحضارة العربية الإسلامية، المُفترى عليه:
الخليفة الذي يغزو عامًا، ويحج عامًا شُوهت سيرته عن قصد وعمد، بعد وفاته بزمن، واستمر التشويه حتى عصرنا الحاضر، فهل حقاً كانت سيرة الرشيد خمورًا ونساءً وغناءً وترفًا ودعة؟
أقول ـ بعد أن كتبت كتابًا عن الرشيد أمير الخلفاء وأجل ملوك الدنيا ـ من رسم شخصية الرشيد؟ لقد رسمها أبو يوسف القاضي، صاحب كتاب الخراج، ومحمد بن الحسن الشيباني، صاحب كتاب السير الكبير، وعبد الله بن المبارك العالم القدوة، والفضيل بن عياض العالم الزاهد الناصح، ومالك بن أنس، إمام دار الهجرة، والإمام الشافعي، ثالث الأئمة العظام، بهؤلاء وأمثالهم اكتملت للرشيد شخصيته الإسلامية.
لقد شَوَّه سِيرةَ الرشيد:
1ـ ألف ليلة وليلة، المترجمة عن أصل فارسي اسمه (الهزار أفسان)، أي ألف خُرافة، ونقلت إلى العربية في القرن الثالث الهجري، وأُقحِم فيها اسم الرشيد كذبًا وخيالًا وافتراء.
2ـ الأصفهاني في كتابه "الأغاني"، والأصفهاني في علم الرجال (الجرح والتعديل)، أكذب الناس كما يقول الخطيب البغدادي.
3ـ نكبة البرامكة وهلاكهم سنة 187هـ، الذين أرادوا شعوبية كسروية.
نظر الرشيد في ألف رسالة في ليلة واحدة، لم يخرج فيها عن مُوجب الفقه والدين واللغة العربية، قال ابن طباطبا:
"وكانت دولة الرشيد من أحسن الدول، وأكثرها وقارًا، ورونقًا وخيرًا..".
كان الرشيد فاضلًا، راوية للأخبار والآثار والأشعار، صحيح الذوق والتمييز، مهيبًا عند الخاصة والعامة.
شُوهت سيرة الرشيد؛ لأنه واسطة العقد في الحضارة العربية الإسلامية، إن الطعن المباشر، والعلني بتاريخنا طريقة جرَّبها أعداؤنا فلم تُجد نفعًا، فرِدَّة الفِعل عندنا قوية لرد الطعن أو التشويه، فلجؤوا إلى الطعن برجالاتها، وأعلامها.
7ـ صلاح الدين الأيوبي ونائبه في مصر قراقوش:
قدم كاتب لبناني اسمُه حسن الأمين عام 1995م كتابًا عنوانه: صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين، خُلاصته:
1ـ صلاح الدين عميل للصليبيين. 2ـ صلاح الدين شارب خمر.
3ـ وحطين معركة ثانوية، بسيطة، (مُناوشة محدودة) بينه وبين الصليبيين.
رَدَّ المرحوم الدكتور شاكر مصطفى مزاعم المؤلف، وفنَّد مقولاتِه، ومما قاله: التاريخ لا تكتبه الأحقاد، البطل العظيم صلاح الدين نَسر كبير، لا يضيره أن تُنسَل بعض الريشات من جناحيه.
واقترحت على أخ لي زميل، دعوة مؤلف الكتاب لحوار علني، فقال لي: يكفيه ما قدَّمه الدكتور شاكر مصطفى.
فمُؤلف الكتاب الذي أساء لصلاح الدين ليس مؤرخًا أكاديميًّا يعرف أصول التأليف، ومنهج البحث العلمي في الكتابة، إنه لا يميز بين المصدر المعتمد، والمرجع الذي يحمل رأيًا حديثًا لكاتب، لقد كتب ابن شداد ـ المعاصر لصلاح الدين ـ سيرة صلاح الدين، وكتب أبو شامة المقدسي كتاب الروضتين، وهذه هي مصادرنا لمعرفة صلاح الدين.
وهنا تذكرت شاعرنا المرحوم عمر أبو ريشة، القائل بوصف موقف الجنرال غورو، حينما وقف أمام قبر صلاح الدين، وقال له حرفيًّا بعد أن
ضرب برجله ضريحه:
"يا صلاح الدين أنت قلت لنا في إبان حروبك الصليبية: إنكم خرجتم من الشرق ولن تعودوا إليه، وها إننا قد عدنا، فانهض لترانا ها هنا، لقد ظفرنا باحتلال سورية".
قال عمر أبو ريشة مُصوِّرًا هذا الموقِفَ الأليمَ اللئيمَ:
رُبّ غاز أذلَّ جاءَ صلاحَ الدْ ـدينِ في هدآة ِ الخلودِ المُهَابِ
هاتفًا في رَميمهِ الطُّهرُ إنّا ها هُنا يا صَلاحُ! يا لّلعَابِ
إنّ لِلمجد دَمعةً حِين يَلقى جُثة َ الليثِ عُرضَةً لِلكِلابِ
فسيرة صلاح الدين لا يكتبها حاقد عليه؛ لأنه أنهى الدولة العُبيدية الفاطمية سنة 567هـ/1171م!!
وقراقوش بن عبد الله الأسدي، نائب صلاح الدين في الديار المصرية، كان هُماماً مولعاً بالعمران، مجاهداً، تُنسبُ إليه خطأً أحكام عجيبة، وابن خلكان يذكر أنها موضوعة، حاقد لم يماره قراقوش، ولم يستثنه من أمور أرادها، اسمه أبو المكارم أسعد بن مهذب، الملقب بالخطير بن ممّاتي، قبطي من الصعيد، ألف كتاباً هجاه فيه، ونسب إليه زوراً وبهتاناً أحكاماً عجيبة من خياله، سماه: (الفافوش في أحكام قراقوش)، منها:
حكم قراقوش على رجل بالإعدام، فلم ينفِّذ به الموكَّلُ الحكمَ، فسأله قراقوش: لِمَ لَمْ تنفذ الحكم، وتشنق الرجل؟ فقال مُجيبًا:
يا سيدي، المشنقة قصيرة، إنه أطول منها، فقال قراقوش: اشنق اثنين قصيري القامة بدلًا منه.
واشتكى لقراقوش رجل له دين على مدين لم يوفه له، فأرسل في إثر المدين، فلم يجدوه، وقال لهم واحد من جيرانه: إن المدين يبحث عن الدائن المشتكي فلا يجده.
فأمر قراقوش بحبس الدائن حتى إشعار آخر، حتى إذا طلبه المدين وجده.
لقد أساء ابن مَمَّاتي لقراقوش وللحقيقة، فصار الناس حتى يومنا هذا يقولون: هذا حكم قراقوش، لكل حُكم غريب غير عادل، مع كل أسف، وقراقوش منها براء.
8ـ الدولة العثمانية دولة إسلامية مُفترى عليها:
هي شيء، والاتحاديون الطورانيون (يهود الدونما) شيء آخر.
قامت الدولة العثمانية عام 1298م، ولم تفكر بالعالم العربي أو الإسلامي، وجعلت همها في أوربة، ولكن جريمة كبرى ارتكبتها الدولة الصفوية، حينما قبلت التحالف مع أوربة، ورحبت به، بل وسعت إليه، لفتح جبهة في أقصى الجنوب الشرقي للدولة العثمانية، التي تقاتل في أقصى الشمال الغربي، وهذه الجريمة يذكرها المرحوم الدكتور علي شريعتي بألم وحزن شديدين، ويتساءل: كيف تحالفت الدولة الصفوية مع الدول الغربية ضد دولة مسلمة، لم تفكر بحرب مع أي مسلم مهما كان مذهبه؟!
ولكن تحقق النصر للعثمانيين ضد الصفويين سنة 1514م في معركة تشالديران، والدولة المملوكية في الشام ومصر، وقفت موقف ريبة من العثمانيين، ومالت إلى الصفويين، وهي التي لم تستطع رد خطر الأساطيل البرتغالية التي وصلت جدة وسواكن والسويس، فكان سبب دخول العثمانيين لبلادنا عام 1516م دعوة أجدادنا لهم لحماية البلاد ضد الخطر البرتغالي، وفعلاً تتبع العثمانيون الأساطيل البرتغالية حتى سواحل الهند، وهناك كانت معركة دِيُو البحرية.
والذي أريد قوله:
الدولة العثمانية شيء، والاتحاديون الدولة الطورانية شيء آخر، والدونمة أسسها سبتاي زيفي سنة 1648م، وهي حركة يهودية.
لقد انتهت الدولة العثمانية بعزل السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909م، وخطط اليهود الماسونيون لأبواقهم لتشويه تاريخ الدولة العثمانية من جهة، والتهليل للاتحاديين من جهة أخرى، وركزوا على تشويه سيرة السلطان عبد الحميد، ورسالته لشيخه محمود أبو الشامات المحفوظة بزاوية أبي الشامات بدمشق خير دليل، نشرتها مجلة العربي في عددها 169، الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 1972م، في مقالة للمرحوم سعيد الأفغاني، فمزقت المقالة وحذفت من العدد.
لقد تصدى السلطان عبد الحميد الثاني لمؤامرات اليهود بحزم، ودفع عرشه ثمناً لموقفه المشرف من قضية فلسطين بصورة خاصة، وقضايا أمته الإسلامية بصورة عامة، لقد طرد هرتزل والحاخام موسى ليفي، على الرغم من الإغراءات المالية التي قدمت إليه، فعزل وألفت الأكاذيب والافتراءات، حتى وصف بالسلطان الأحمر.
ومما عجل عزله، إعطاء اليابان امتياز التنقيب عن البترول العراقي، وتجاهل الطلب البريطاني.
9ـ أسطورة أفران الغاز (الهولوكوست):
هنري روك، فرنسي، قدم أطروحته لنيل الدكتوراه عام 1981م، أشرف عليها البروفيسور جاك روجو، أستاذ الآداب في جامعة السوربون، بعد أن اطلع بإذن رسمي من وزير الدفاع على المحفوظات والوثائق اللازمة المحفوظة في إدارة القضاء العسكري بباريس، وأنجز هنري روك أطروحته في نيسان (أبريل) 1984م، ووجد البروفيسور جاك روجو صعوبة كبيرة في تشكيل هيئة تحكيم، واضطر لنقل ملف الأطروحة، وفق أكثر الشروط نظامية إلى جامعة نانت، وحل البروفيسور جان كلود ريفيير محل جاك روجو، وجرى الدفاع عن الأطروحة وفق القوانين المتبعة، وكانت ردة الفعل الوحيدة على الأطروحة لروبير بوليه في مقال نشره في صحيفة (لوفيغارو) في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1985م بعنوان: خطوة أخرى نحو الحقيقة، وفي 30 نيسان (أبريل) 1986م، نشرت الصحيفة ويشت فرانس مقالا فيه: لم يثبت وجود غرف نازية للإعدام بالغاز.
تحرَّكت الصحافة اليهودية تحركًا كبيرًا لتقول:
إن أطروحة هنري روك باطلة، وشككوا في قانونيتها، إلا أنهم ولعجزهم عن دحضها تمسكوا بالعيوب الشكلية من نقل مناقشتها من جامعة إلى أخرى، وتغير المشرف، فتم إلغاء الأطروحة، ووجد هنري روك نفسه محرومًا من الدكتوراه، لقد سحبت منه الدكتوراه وعلى الرغم من احتجاجات قانونية صحيحة قدمها هنري روك، فشلت جهوده قبالة الجهود الصهيونية المركزة، فالتاريخ الذي روَّجه هؤلاء الصهاينة، بكل ما فيه من أساطير، هو التاريخ المناسب لابتزاز العالم الغربي.
وهناك تقرير فني عن غرف الغاز، قدمه المهندس الأمريكي فْرِدْ لوشتر، الخبير والمستشار في مجال صنع منشآت الإعدام في السجون الأمريكية، ذكر فيه: درجت وسائل الإعلام اليهودية على الترويج لما تسميه الهولوكوست، أي عملية الإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود في فترة الحرب العالمية الثانية على يد النازيين، وخاصة عن طريق المحارق في بولونية، وتلك عملية ابتزاز رخيص، الهولوكوست (المحرقة) ليست مستندة إلى أي نص تاريخي ثابت.
وفي ألمانيا في 28/تشرين الأول - أكتوبر/ عام 1993م، استضاف التلفزيون الألماني المهندس الأمريكي فرد لوشتر، لحوار معه بصفته خبيرًا ومستشارًا في مجال صنع منشآت الإعدام لدى إدارة السجون الأمريكية، ولكن جرى إيقاف السيد لوشتر في استديوهات التلفاز، قبل بدء تسجيل البرنامج بنصف ساعة، وتم نقله بعد ذلك فورًا إلى سجن مدينة مانهايم، وأطلق سراحه في 2 كانون الأول (ديسمبر) 1993م، بعد أن قضى مدة تزيد عن شهر رهن الاعتقال، مع أن جنسية لوشتر أمريكية، ولم يتدخل السفير الأمريكي في ألمانية.
وهذا يذكرنا بقانون فرنسي، صادر عن مجلس الشيوخ، الذي كان برئاسة يهودي، يمنع الشك في أفران الغاز، ويحظر مناقشة الموضوع على كل فرنسي، وإلا يتهم باللاسامية، ويسجن، لو كان الأمر صحيحًا، لِمَ لا نفكر فيه ونناقشه؟! وهذا ما جرى مع روجيه غارودي، حينما قدم كتابه: الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية.
ويطالب اليهود اليوم بخمسة عشر طناً من الذهب، من أسنان من أحرقوا!!
10ـ هيكل سليمان والمسجد الأقصى:
في أواخر عام 1967م، بدأ الحفر بتمويل من الجامعة العبرية، برئاسة البروفيسور بنيامين فراد، ومساعده مئير دوف، بطول 80ـ400م، جوانب جدران الحرم الشريف بعمق 10ـ20م، تحت الأقصى، فلم تعثر ـ حصرًاـ إلا على آثار إسلامية أموية ورومانية، ولم يعثر حتى اليوم على أي أثر من آثار الهيكل المزعوم.
الباحثة الأمريكية (غريس هالسل) اجتمعت عام 1983م، مع عالم الآثار الأمريكي (غورون فرانس)، الذي أمضى عامين في أعمال الحفر، وسألته عما عثروا عليه؟ فقال: لا توجد دلائل على أن الهيكل كان هناك، أو أنه لم يكن هناك، وسألت غريس (إيغي يوناه): أين مكان الهيكل على وجه التحديد قبل 2000 سنة؟ فكان جوابه: إني لا أعرف، ولا أحد يعرف،
الهدف تدمير المسجد، لقطع مشاعر المسلمين بمقدساتهم.
فقالت غريس هالسل: وهذا المجسم المزعوم؟!
فأجابها: إنه تصورٌ يهودي افتراضي.
وبالمناسبة، أمُّ النبيِّ سليمان الذي يدعون أنه باني الهيكل، غير يهودية، إنها حثِّيَّة، واليهودية لا تثبت حتى اليوم إلا من جهة الأم فقط، فلو كان سليمان موجودًا اليوم لما تمكَّن من الحصول على الجنسية الإسرائيلية، لأن أمَّه ليست يهودية، حتى لو قدم طلبًا رسميًّا إلى حكومة أولمرت؛ لأن الحكومة الإسرائيلية لا تعده يهوديًّا حسب التعاليم التلمودية المعمول بها، على الرغم من ادعائهم أنه باني الهيكل، الذي لم يعثروا -تحت الأقصى الشريف- على حجر واحد منه.
ولو عثروا على أثر بسيط يدل على وجود الهيكل تحت الأقصى، لأقاموا الدنيا ولم يُقعدوها.
أخطاء تاريخية، أرجو أن نتجاوزها بوعي، وتمحيص، وعلمية، كي لا يقال عنا: إننا الأمة الوحيدة على هذه الأرض، التي تقرأ تاريخها الذي كتبه لها أعداؤها.
"إن غاية التاريخ هي إدراك الماضي كما كان، لا كما نتوهَّم أنه كان، وكذلك ليس هو تصوير الماضي كما يجب أن يكون، أو كما نريده أن يكون". والحمد لله رب العالمين أولاً وآخِرًا.
*موقع "معهد الفتح الإسلامي".
الفصل السابع
مَقَالَاتٌ مُهِمَّةٌ عَنهُ
الدكتور شوقي أبو خليل
أ. عبد الكريم السمك
يُعتبر الدكتور شوقي محمد أبو خليل واحدًا من رُوَّاد مدرسة التاريخ الإسلامي في تاريخنا المعاصر، وحق لأبناء هذه المدرسة في تاريخنا الذي نعيشه أن نُحاجج فيه الرواد الأوائل من أبناء هذه المدرسة من واضعي لبنة هذا البناء الشامخ الذي نفاخر فيه جميع تواريخ الحضارات الإنسانية بما حفظته لنا ذاكرته من خيرية هذه الأمة العربية قاعدة الإسلام وأهله، فكانت وفاته رحمه الله في 14 رمضان 1431هـ - 24 آب "أغسطس" 2010م) في مدينة دمشق.
الدكتور أبو خليل المولد والموطن والنشأة: الدكتور أبو خليل رحمه الله واحد من أبناء فلسطين الحبيبة، فقد أصابه ما أصاب أهلها من هجرة ونزوح بعد الاحتلال والاغتصاب اليهودي الغادر. ولد الدكتور شوقي أبو خليل في شهر مايو 1941م في بلدة بيسان، وبيسان هذا إنما هو سهل يمثل فضاء حاضنًا لتسعة وعشرين قرية فلسطينية، وقد افتتحت مدينة بيسان قاعدة هذا الإقليم سنة 13هـ على يد القائدين العظيمين شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص، رضي الله عنهما، وضم هذا السهل العظيم رفاة آلاف من الصحابة وجنود المسلمين أيام طاعون عمواس سنة (18هـ)، وكان منهم الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح وفاتح مدينة بيسان شرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما.
ولم يكن سهلًا على والد أبو خليل أن ينزح من أرضه الذي ولد وعاش عليها، فقد أرغم جنود الهاجانا -فرق القتل- أهالي بيسان على الرحيل في عربات،
ورموهم على الحدود السورية بعد شهر من قيام دولة "إسرائيل" وكان منهم الدكتور أبو خليل وأسرته رحمه الله تعالى.
في دمشق كانت النشأة الثانية لأبو خليل، فالتحق في مدارسها، وبعد انتهائه من المرحلة الثانوية التحق بجامعة دمشق -كلية الآداب- قسم التاريخ، وجاءت دراسته للتاريخ من حبه له، على أنه وعاء الأمم حاضن سيرتها وأمجادها، وإن أي أمة لا تاريخ لها لا وجود لها بين الأمم، فمن هذا الباب جاء حبه للتاريخ، وخاصة منه الأموي بعد أن ذهب الكثير من الشعوبيين إلى النيل منه، وتشويه صورته.
وإيمانًا منه بهذه الرسالة العظيمة؛ فقد تابع دراساته العليا وحصل على الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من "أكاديمية العلوم" في "جامعة أذربيجان" سنة 1990م.
الإدارات والجهات التي عمل بها: التحق بعد تخرجه من الجامعة في وزارة التربية والتعليم السورية، فعمل مدرسًا في ثانوياتها، ثم رئيسًا لقسم الامتحانات في مديرية تربية دمشق، ثم موجهًا تعليميًا في مادة علم التاريخ في ثانويات دمشق، انتقل بعدها ليكون عضوًا في مديرية المناهج والكتب، وكان أستاذًا لمادة الحضارة الإسلامية والاستشراق بكلية الدعوة الليبية، وعمل محاضرًا في كلية الشريعة في جامعة دمشق، كما عمل أمينًا عامًا لجامعة العلوم الإسلامية والعربية، ومديرًا للنشر في دار الفكر بدمشق من سنة 1991م حتى وفاته في 14 رمضان 1431هـ- 24 أغسطس 2010م، كما تولى رئاسة قسم شعبة التاريخ والحضارة في معهد الفتح الإسلامي، وأستاذًا للتاريخ فيه.
الكتابة والتأليف في حياة أبو خليل: أثرى الدكتور أبو خليل مكتبة التاريخ الإسلامي في عظيم عطاءاته، وخاصة ما هو معني في حروب المسلمين وانتصاراتهم، قصده في ذلك توجيه شباب هذه الأمة إلى الماضي الذي عاشه أسلافهم في فهم رسالة الإسلام وحمله إلى شعوب العالم من غير العرب.
وقد بين فيما كتبه بأن الحملة هم من أبناء هذه البلاد المباركة الجزيرة العربية، فقبل أن يكونوا قادة فتح كانوا دعاة هداية ودعوة إلى دين الله.
وكانت باكورة أعماله كما أشار لذلك الأستاذ محمد عدنان سالم أحد مؤسسي
دار الفكر ومديرها قبل أبو خليل، بأن أبو خليل جاء سنة 1968م، ومعه كتاب "المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام"، يلتمس نشره، فتوجس خيفة من رفضه لنشر الكتاب، لكن المدير سالم أفاده بأن الدار لها معايير في نشر أي كتاب بغض النظر عن المدرسة التي ينتسب لها الكاتب أو فكره، فشاء الله له أن يكون هذا الكتاب أولى بواكير عمله في الكتابة. وتوالى بعد ذلك عطاءه في التاريخ الإسلامي، حتى بلغ ما كتبه في حدود أربعين كتابًا، وكلها من مطبوعات دار الفكر.
وغدا شوقي أبو خليل في ذاكرة قرائه، فهو لا يذكر إلا ويذكر معه دار الفكر ناشرة أعماله ومؤلفاته.
كما كتب -رحمه الله- كتبًا صغيرة لعالم الطفل والأطفال، بقصد ربطهم تربويًا، وسلوكيًا بماضي أسلافهم؛ من فضلاء هذه الأمة، وقادتها، وعظمائها وعلمائها.
وأبو خليل ابن فلسطين وبيسان، وعلى واقع ما يعيشه الفلسطينيون اليوم من قتل وسجن على يد اليهود من تاريخ النكبة الأولى وإلى اليوم، فقد كتب كتابًا عظيمًا فقال فيه اليهود في التاريخ والحضارة الإنسانية لم يكونوا إلا قتلة مجرمين، وذلك في كتابه الذي عنونه بـ"الهولوكست الأولى في التاريخ -محرقة نجران"، فنجران حاضنتها هذه البلاد الكريمة، واستند فيه على توثيق نصه من المصادر الحبشية والقبطية واليمنية القديمة والبيزنطية، وتوَّج هذه المصادر بكتاب الله الذي تتلى فيه صورة حرق المؤمنين إلى قيام الساعة في سورة البروج.
وفي مجال عالم الفكر فقد كتب رحمه الله في العديد من الصور والفضاءات الفكرية والتي ترتكز على ثوابت الفكر الإسلامي في ظل ما عاشته الأمة من بعض من أبنائها، الذين سبحوا في تيارات فكرية حاربها الإسلام كالقومية والشيوعية والاشتراكية والوجودية وغيرها من الأفكار التي حاربها الإسلام في سمو رسالته وعظيم مكانتها.
ناهض جرجي زيدان فيما كتبه عن التاريخ الإسلامي قاصدًا تشويه صورته بعد تأثره بمدارس المستشرقين، كما ناهض المستشرقين في دراساتهم التاريخية، وهذا كله يدخل في ميزان النقد للنصوص التاريخية التي قصد فيها تشويه صورة التاريخ الإسلامي في رسالته ورجالاته.
وأرفف المكتبات التاريخية تشهد بفضله رحمه الله في خلال أطالسه الخمسة التي كتبها وخدمها بالصور والخرائط الإرشادية للطلبة والباحثين، فكان نموذجًا في الكتابة درج عليه رحمه الله وقلده فيه من جاء بعده ومنها أطلس القرآن. وأطلس الدول الإسلامية، وأطلس التاريخ الإسلامي، وأطلس السنة النبوية، وأطلس السيرة النبوية.
ومن الشخصيات العلمية التي تأثر بها رحمه الله، كان عباس محمود العقاد، وكتابه "التفكير فريضة إسلامية"، والمرحوم محمود محمد شاكر، وكتابه "أباطيل وأسمار".
*ومن ذكرياته:
أنه امتلك أول كتاب بليرة سورية وربع كتاب "فتوح الشام" للواقدي. واليوم خلف مكتبة خاصة به، ضاق فيها البيت عليه، فيها من عظيم الكتب التاريخية المعنية في التاريخ الإسلامي، والتي اهتدى بهديها فيما كتبه، ونشره.
ثناء العلماء عليه: شهادة الحق من شهادة الخلق، فقد ذهب العديد من الكتاب والمؤرخين في العمل على تكريم شوقي أبو خليل في حياته رحمه الله، ففي سنة 2004م تم إقامة حفل تكريم له في دمشق، وفيه تبادل الحاضرون الكلمات وقصائد الشعر العربي في بيان قدره وفضله والثناء عليه، بما تركه من موروث علمي عظيم يشهد له بعظيم قدره، وسمو منزلته العلمية، وكان منهم الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس، وغيرهم من العلماء والمفكرين، وقد جمعت الكلمات في كتاب مرموق نشرته دار الفكر تحت عنوان: (علماء مكرمون: شوقي أبو خليل، بحوث ومقالات مهداة إليه).
ومع وفاته رحمه الله فإن الذي ذهب منهم في تكريمه لم يجد بدًا من رثائه والثناء عليه فكتب عنه العديد من الكتابات والمقالات وقصائد الرثاء، ومنها قصيدة الدكتور وليد قصاب؛ الذي آلمه فقد واحد من أحبابه وإخوانه الذي لمس فيه العلم والأدب والخلق والفضل، فجاءت قصيدته "الوداع" في باب الرثاء له رحمه الله فيقول:
ما مات أهلُ العلم ، و الآثارِ أسماؤهم تحيا مدى الأعصارِ
شوقي بحرف النور خُلِّدَ اِسمُه و أضافه ؛ بجلالةٍ ، و وقارِ
ما مر ثم مضى كأن لم يأتنا أو كان في الدنيا من الأغمارِ
حيث اتجهت ثماره ، وفروعه ما غادر الدنيا بغير ثمارِ
فرحم الله الدكتور شوقي أبو خليل على ما قدمه لأمته في خدمة تاريخها سائلين الله له المغفرة آملين من الله أن يعوض الأمة بفقده، من يتابع مسيرته ورسالته وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الكتب التي تم نشرها للمرحوم شوقي أبو خليل: طيلة أربعة عقود من العطاء عند أبو خليل، وخاصة فيما هو معني بالتاريخ الإسلامي في قديمه وحديثه، فقد كانت ذات منهجية جديدة، ولم يسجل عليه أحد أن دلس أو سرق من أحد، ومما امتازت به كتاباته مناهضته للشعوبية وأصحاب الفرق، فهو في كل ما كتبه رحمه الله أموي النزعة، وقد ناهض في الكثير مما كتبه مسألة النيل من الإسلام وأهله في تشويه صورة تاريخ هذه الأمة، والكتابة عنده جاءت على المحاور التالية:
1- التاريخ الإسلامي: ومنها القادسية - اليرموك - نهاوند - ذات الصواري - فتح الأندلس - الإسلام وحركات التحرير العربية - بلاد الشهداء - الزلاقة - فتح صقلية - بدر الكبرى - غزوة خيبر - غزوة أحد - غزوة الخندق - غزوة تبوك - صلح الحديبية - الأرك - غزوة مؤتة - فتح مكة - حنين والطائف - حروب الردة - عمورية - وادي المخازن - العقاب.
2- كتب في النقد التاريخي:
فيليب حتى في الميزان - في الرد على مفتريات المستشرقين - آراء يهدمها الإسلام - تحرير المرأة ممن وفيم حريتها - كارل بروكلمان في الميزان.
3- الفكر الإسلامي:
الإسلام في قفص الاتهام، غريزة أم تقدير إلهي، من ضيغ القرآن، عوامل النصر والهزيمة، أحب أن أكون، الإنسان بين العلم والدين، أحب أن أعرف أمتي، الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب، الحضارة العربية الإسلامية.
4- كتب للأطفال: ومنها أراد رحمه الله ربط الأطفال بماضي سلفهم الكريم من خلال تقديمهم لأطفال الأمة في هذه الأيام فبلغت مؤلفاته من الكتب الصغيرة ما يزيد على المائة كتاب.
*"الألوكة" يوم 3/3/1435هـ - 4/1/2014م.
الدكتور شوقي أبو خليل مشروعه ونهجه
الدكتور شادي مصطفى أرَكي
مشروع الدكتور شوقي أبو خليل رحمه الله والهدف من مؤلفاته
مشروع الدكتور شوقي أبو خليل هو نشر المعرفة والفهم الصحيح للإسلام والثقافة العربية الإسلامية.
ويسعى لتحقيق هذا المشروع من خلال:
*تأليف الكتب:
*أطلس القرآن الكريم: لتسهيل فهم وتدبر القرآن الكريم.
*أطلس التاريخ الإسلامي: لتوضيح الأحداث التاريخية في الإسلام.
*سلسلة “هذا هو الإسلام”: لتقديم شروحات مبسطة عن مختلف جوانب الإسلام.
*الإسلام في قفص الاتهام: لدحض الأفكار المغلوطة عن الإسلام.
*القادسية: لتحليل معركة القادسية ودورها في نشر الإسلام.
*المحاضرات والندوات:
*يلقي محاضرات وندوات في مختلف أنحاء العالم لتقديم رؤيته للإسلام والثقافة العربية الإسلامية.
*المقالات:
*يكتب مقالات في الصحف والمجلات العربية والعالمية؛ لنشر الوعي والفهم الصحيح للإسلام.
ويهدف شوقي أبو خليل من خلال مؤلفاته إلى:
*تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام:
*يُواجه الدكتور شوقي أبو خليل في مؤلفاته الأفكار المغلوطة عن الإسلام، ويُبيّن حقيقته السمحة.
*نشر المعرفة والفهم الصحيح للإسلام:
*يسعى الدكتور شوقي أبو خليل إلى تقديم صورة مُشرقة عن الإسلام، وإظهار مساهماته في الحضارة الإنسانية.
*تعزيز الحوار بين الثقافات:
*يُؤمن الدكتور شوقي أبو خليل بأهمية الحوار بين الثقافات، ويُساهم في مؤلفاته في تعزيز التفاهم بين المسلمين وغير المسلمين.
*إثراء المكتبة العربية الإسلامية:
*تُعدّ مؤلفات الدكتور شوقي أبو خليل إضافة قيّمة للمكتبة العربية الإسلامية، وتُساهم في نشر المعرفة والثقافة.
وَلَقَدْ لَقِيَتْ مؤلفاتُهُ استقبالاً طيباً من النقاد والقراء، ونالتْ تقديرًا كبيرًا من العلماء والمفكرين في مختلف أنحاء العالم.
منهج شوقي أبو خليل في البحث والتأليف:
*الموضوعية: سعى أبو خليل إلى الموضوعية في أبحاثه، بعيدًا عن التحيز أو الانحياز لأي فكرٍ أو مذهبٍ معين.
*الشمولية: اهتم أبو خليل بتناول الموضوعات بشكلٍ شاملٍ ودقيق، مستعينًا بمصادر متنوعةٍ من مختلف الثقافات والحضارات.
*المنهجية العلمية: اعتمد أبو خليل على المنهجية العلمية في أبحاثه، متبعًا خطواتٍ منظمةً ودقيقةً لتحليل المعلومات واستخلاص النتائج.
*النقد البناء: تميز أبو خليل بنقده البناء للأفكار والنظريات، مع الحرص على احترام آراء الآخرين.
*الأسلوب السهل: تميز أسلوب أبو خليل بالسهولة والسلاسة، مما جعل كتبه ومؤلفاته في متناول القارئ العادي.
من أهم خصائص منهج شوقي أبو خليل:
*الاهتمام بالتاريخ الإسلامي: خصص أبو خليل العديد من مؤلفاته لدراسة التاريخ الإسلامي، مُركزًا على الفتوحات الإسلامية والحضارة الإسلامية.
*دراسة الأديان المقارنة: اهتم أبو خليل بدراسة الأديان المقارنة، مُقارنًا بين الإسلام والمسيحية واليهودية.
*النقد الاجتماعي: تناول أبو خليل في بعض مؤلفاته قضايا اجتماعيةٍ معاصرةٍ، مُقدِّمًا نقدًا موضوعيًا لها.
أمثلة على تطبيقات منهج شوقي أبو خليل:
*كتاب "الإسلام في قفص الاتهام":
يُعد هذا الكتاب من أشهر مؤلفات أبو خليل، حيث يُقدم فيه نقدًا موضوعيًا لبعض الأفكار والممارسات الإسلامية. (*)
*كتاب "أطلس التاريخ العربي الإسلامي": يُقدم هذا الكتاب عرضًا شاملًا لتاريخ الحضارة الإسلامية، مُستعينًا بالخرائط والصور.
*كتاب "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم": يُناقش هذا الكتاب بعض الآيات القرآنية التي تُشير إلى ظواهر علميةٍ حديثة.
تأثير منهج شوقي أبو خليل:
*ساهم منهج أبو خليل في إثراء الدراسات الإسلامية، وفتح المجال أمام نقاشاتٍ علميةٍ هادفة.
*نالت مؤلفات أبو خليل رواجًا واسعًا، وساهمت في نشر الوعي الثقافي والمعرفي.
*ألهم منهج أبو خليل العَديدَ من الباحثين والدارسين، وأصبح نموذجًا يُحتذى به، في البحث والتأليف.
*ملاحظة:
توفي الدكتور شوقي أبو خليل عام 2010، تاركًا وراءه إرثًا علميًا غنِيًّا.
------------------------------------------------------------------
(*) هذا خطأ بَيِّن؛ فموضوع الكتاب هو الرد على المستشرقين، وتفنيد آرائهم وشُبهاتهم حول الإسلام وكتابه ونبيه ورجاله.
شوقي أبو خليل .. في ذِمَّة الله
قضى العمر جوّابَّا في آفاق المعرفةـ ورحّالةً في دروب التاريخ..
أ. أوس داود يعقوب
ودعت دمشق مساء يوم الثلاثاء/24 آب - أغسطس/2010م الموافق ١٤/ رمضان/1431هجرية، المؤرخ والبحاثة والأديب الفلسطيني الأستاذ الدكتور شوقي أبو خليل عن عمر يناهز الواحد والسبعين، بعد أن ترك إرثاً علميًّا عظيمًا، مُثريًا المكتبة الإسلامية بمؤلفاتٍ قيّمةـ نافح فيها عن دينه وتاريخ أمته بالفكر المتَّزن، والدقة العلمية، والعِبارة المشرقة.
وقد ركز الراحل -في سنوات عطائه- جُهدَه في البحث التاريخي للمحطات العظيمة في تاريخ العرب، والمسلمين، أضاء فيها جوانب العبرة، والعظة، في محاولة توجيهية منه في استخدام المعرفة التاريخية في التنمية الثقافية، والإصلاح الاجتماعي، كما نافح عن بنية التاريخ الإسلامي في مواجهة مناهج بعض المستشرقين اليهود، والصهاينة؛ الذين استخدموا البعد الأكاديمي في التضليل المعرفي، كما أسهم في نشر المعرفة التربوية، والإصلاحية.
وُلِد الدكتور شوقي أبو خليل في مدينة بيسان، في فلسطين عام 1941م، وتلقى تعليمه في مدارس دمشق وثانوياتها، وفي عام 1965م تحصّل على الإجازة في التّـاريخ من كلّـيّـة الآداب بجامعة دمشق، ثم الدكتوراه في التّـاريخ من أكاديميّـة العلوم بآذربيجان عام 1990م.
عمل أستاذًا لمادة "الحضارة الإسلاميّـة والاستشراق"، بـ "كلّـيّـة الدّعوة الإسلامية"- (فرع دمشق)، في "مجمع الشيخ أحمد كفتارو"، ما بين (1986-1988م)
ومحاضرًا في "كلّـيّـة الشّـريعة"، بـ "جامعة دمشق"، سنوات (1988-1997م).
ونصّب أمينًا عامًّا لـ "جامعة العلوم الإسلامية والعربيّـة"- دمشق (1992-1997م)
ومُـديرًا للتحرير في دار الفكر منذ عام 1991م وحتى تاريخ وفاتهـ وهي الدار التي أصدر منها معظم كتبه الأخيرة.
وهو أيضًا رئيس شعبة التّـاريخ والحضارة في "معهد جمعيّـة الفتح الإسلامي"، وأستاذ التّـاريخ فيه منذ عام 2000م وحتّـى تاريخ وفاته.
وكان ـ رحمه الله ـ عضوًا في "جمعية البحوث والدراسات"، في "اتحاد الكتاب العرب".
من آثاره القلمية والعلمية
استطاع قلم الدكتور شوقي أن يصل عبر ما يناهز الستين مؤلفًا فكريًّا وعلميًّا وتاريخًا إلى المُعادل الموضوعي لطرح أقوى الأفكار، وأعمق المعاني، بمنطق مقنع، وأسلوب ممتع..
وقد كانت قبلته التي يتجه إليها -في البحث العلمي- هي الحقيقة، والموضوعية، والعدل.
ومن أهم أثاره القلمية نذكر: "أطلس السيرة النبوية"، و"أطلس الحديث الشريف"، و"أطلس التاريخ العربي الإسلامي"، و"أطلس القرآن الكريم". وقد تعرض الدكتور أبو خليل ـ في هذا المجال _ لنقدٍ من بعض الباحثين نظرًا لاستناده في أطلس القرآن على (المرويات الإسرائيلية) في كتب التفسيرـ وطالبوه بتحقيق هذه المقولات وتفنيدها، وعدم استخدامها باعتبارها حقائق، وترجمتها إلى خرائط يستند عليها الباحثون بعده، مع شهادتهم له بالابتكار والتميز في بابه.
وفي كتابه الجامع "الحضارة العربية الإسلامية" تجلت ثقافة الدكتور شوقي الواسعةـ وإضاءاته الكاشفة للمعمار الكبير الجميل لحضارتنا العربية الإسلامية العريقةـ وهو ـ حسب تعبير المؤلف ـ "كتاب فريد في بابه، أضعه باطمئنان إلى جانب كتاب "شمس الله تسطع على الغرب" للباحثة الألمانية زيغريد هونكه".
وعن كتابه -"الحوار دائمًا وحوار مع مستشرق"- يقول الدكتور عبد المعطي الدالاتي: "يتربع أسلوب د. شوقي على عرشه، وفيه يتجلى دماثة الخلق، وبراعة الفكرـ وعمق الوعي، فيه ترى المؤلف الواثق بما يمتلك من أفكار؛ فهو لا يخاف من الحق -إذا كان مع الآخرـ لأن الحق مطلبه.
لقد كان هذا الكتاب مِفصلا لكلماته التي صمم أن يقولها للأجيال، وقد تألق في تفعيل النقد الذاتي الداخلي، ليكشف عوار الأفكار المهترئة، والبدع والخرافات والضلالات؛ التي طالما رفعنا عليها لافتة القداسة.
كما تألق الدكتور أبو خليل في حواره مع الآخر الغربي، تاركًا في جعبة وجدانه أسئلة كبيرة تنتظر الجوابـ ومهما تأخر الجواب فالدكتور شوقي ليس على عجلة من أمره ويمكنه الانتظار!".
وهو كما يذكر الدكتور الدالاتي ذو إنتاج علمي "يجمع حرارة الإيمان، وروعة الفكر، وجمال الأدب في كأسٍ واحدة لذّة للشاربين..
وأسلوبه عذب رقراق ينحدر كالغدير المتسلسل متسلِّلًا إلى مسارب الروح وأعماق الفكر؛ ليزرع فيهما القناعة والرضا..".
ومن الإثراءات التي أضافها الدكتور شوقي أبو خليل ـ رحمه الله ـ إلى الفكر الإسلامي:
1- ابتكار فكرة الأطلس القرآني، وأطلس السيرة النبوية، والحديث الشريف، وإثراء أطلس التاريخ العربي الإسلامي.
2- الدفاع عن الحضارة العربية الإسلامية مع الكشف عن خصائصها ومنطلقاتهاـ وآثارها في الحياة والتاريخ الإنساني.
3- التجديد الفكري ومحاربة التعصب الأعمى للأشخاص..
4- تصحيح المفاهيم المغلوطة، ومُحاربة الخرافات والأفكار المنحرفة الخطيرة، كالاتحاد، والحلول، ووحدة الوجود.
5- الوزن بميزان الاعتدال للشخصيات المثيرة في التاريخـ سواء الهدّامة (جرجي زيدان (سلسلة في الميزان) دار الفكر، 1982م)، أو إنصاف الشخصيات التي حيف عليها في تاريخنا العريق مثل القائد العباسي هارون الرشيد (دار الفكر- دمشق، طبعة2 ـ 1991م).
6- الانتقال -في معترك الأفكار- من مرحلة الدفاع والتبرير، إلى الهجوم الواثق المطمئن، وإلى كشف عوار الآخر.
وها هو يتساءل:" أما آن لنا - نحن المسلمين- أن نترك موقف الدفاع الذي نَقِفه لرد شبهات الاستشراق وافتراءاته، ونقف موقف الطارح في ساح البحث عيوبهم، ومخازيهم؟!".
7- ويبقى الميدان الأثير لرحالة التاريخ هو التاريخ الإسلامي، حيث هاجر في آفاقه وفي دروبه، وعاش في ظلاله؛ فقدم لنا قراءة جديدة للتاريخ الإسلامي عامة، وللسيرة النبوية خاصة، باعتبارها الفترة المعصومة من تاريخنا، وأعظم هجرة له كانت مع الهجرة..
جدير بالذكر أن دار الفكر (سورية) أصدرت كُتيبًا (*) عن الدّكتور شوقي أبو خليل في حفل تّكريمي خاص، بمناسبة احتفاليّـةِ يوم الكتاب في (23/نيسان/أبريل 2004م/ صَفَر1425هـ).
رحم الله الدكتور شوقي أبو خليل؛ الذي قضى العمر فارسًا من فُرسان الفكر، وجَوّابًا في آفاق المعرفة، ورحّالةً في دروب التاريخ.
*موقع "ديوان العرب" يوم 31/8/2010م، مع ملاحظة أني حذفت من المقالة أسماء كتب د. شوقي أبو خليل اختصارًا.
-----------------------------------------------------------------
(*) بل هو كتاب لا كُتَيِّب، صدر في (306) ص من القطع الكبير.
المراجع
أولا- الكتب:
1- "إتمام الأعلام". د. نزار أباظة، ط3، دار الفكر، دمشق- سورية، 1440هـ - 2019م.
2- "الإسلام في قفص الاتهام". د. شوقي أبو خليل، ترجمة مقتضبة له على أول غلافه، ط 19، دار الفكر- دمشق، 1437هـ- 2016م.
3- "الإسلام وحركات التحرر العربية". د. شوقي أبو خليل، ط1، دار الرشيد - دمشق، 1396هـ - 1976م.
4- "تتمة الأعلام". لمحمد خير يوسف، ط 3 موسعة، الجمهورية اليمنية - عدن، 1436هـ - 2015م.
5- "التفسير الوَجِيز". لأستاذنا العلامة الفقيه د. وهبة الزحيلي، رحمه الله، ضمن "الموسوعة القرآنية المُيَسَّرة".
6- "تكملة معجم المؤلفين". أ. محمد خير رمضان يوسف، ط2 موسعة، إصدار "منتدى العلماء"، توزيع "شركة إيلاف"، إسطنبول - تركية، 1439هـ - 2018م.
7- "الحضارة العربية الإسلامية، ومُوجز عن الحضارات السابقة". د. شوقي أبو خليل، ط2؟ دار الفكر المعاصر - بيروت، دار الفكر - دمشق، 1417هـ - 1996م.
8- "الحِوَار دائمًا وحِوار مع مُستَشرِق". د. شوقي أبو خليل، ط3، دار الفكر المعاصر- بيروت، دار الفكر- دمشق، 1416هـ - 1996م.
9- "ديوان أبي حَيَّان الأندَلُسِي". لمحمد بن يوسف بن علي الغرناطي ت 745هـ، تح د. أحمد مطلوب، ود. خديجة الحديثي، ط1، مطبعة العاني - بغداد، 1388هـ - 1969م.
10- "ديوان أحمد شوقي". للشاعر أحمد شوقي ت 1932م، توثيق وتبويب وشرح وتعقيب د. أحمد محمد الحُوفي، ط1؟ نهضة مصر- القاهرة، 1399هـ- 1979م.
11- "ذيل الأعلام". للأستاذ أحمد العَلَاونة، ط1، دار المنارة - جدة، 1432هـ- 2011م.
12- "الرائد: معجم لغوي عصري". أ. جُبران مَسعود. ط7، دار العلم للملايين - بيروت، 1992م.
13- "شوقي أبو خليل: بحوث ومقالات مُهداة إليه". سلسلة "عُلماء مُكَرَّمُون"، كتبها (21) عالما وباحثا وباحثة؛ منهم د. محمد سعيد بن مُلَّا رمضان البوطي ود. مازن المبارك، ود. أيمن الشوا، وأ. هاني المُبارَك، و. أ مصطفى عكرمة، وغيرهم، ط1، دار الفكر- دمشق، 1425هـ - 2004م، وقد أفَدتُ منه كَثِيرًا.
14- "عشائر الشام". للمهندس أحمد وصفي زكريا ت 1964م، ط 2، دار الفكر- دمشق، 1403هـ - 1983م.
15- "معالم دمشق التاريخية". ا. أحمد الإيبش و: د. قتيبة الشهابي، ط1؟ (وزارة الثقافة السورية) - دمشق، 1996م.
16- "المُعجم الجُغرافي للقُطر العربي السوري". مَركز الدراسات العَسكَرِيَّة - دمشق، ط1، 1992م.
17- "المُعجم العربي الأساسي". لنخبة من كبار اللغويين العرب، ط1؟ "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" - تونس، 1424هـ - 2003م.
18- "معجم متن اللغة". للعلامة اللغوي ش أحمد رضا ت 1953م، ط1، دار مكتبة الحياة - بيروت، 1378هـ - 1959م.
19- "معجم المؤلفين السوريين". للأستاذ عبد القادر عياش، ط1، دار الفكر - دمشق، 1405هـ - 1985م.
20- "معجم النفائس". لنخبة باحثين ولغويين بإشراف د. أحمد أبو حَاقَة، ط1، دار النفائس - بيروت، 1428هـ - 2007م.
21- "المعجم الوسيط". لنخبة لغويين وباحثين مصريين، ط2، (مجمع اللغة العربية - القاهرة)، 1392هـ - 1972م.
22- "موسوعة السنة النبوية". للشيخ علي بن نايف الشحود، ط1، 1405هـ - 1995م، دون دار نشر.
23- "الموسوعة العربية"، لنخبة باحثين سوريين، على الشابكة.
24- "الموسوعة الفلسطينية". على الشابكة.
25- "الموسوعة القرآنية الميسرة". لنخبة مؤلفين، ط10، دار الفكر دمشق، 1432هـ - 2011م.
26- "معلوماتي الشخصية".
*ثانيا- مواقع الشابكة:
27- "إسلام ويب": (حدث في مثل هذا الأسبوع، وفاة المؤرخ الدكتور شوقي أبو خليل 14/رمضان/1431هـ - 2010م). نشر في يوم 11/4/2022م.
28- "الألوكة"، مقالة (الدكتور شوقي أبو خليل). أ. عبد الكريم السمك، يوم 3/3/1435هـ - 4/1/2014م.
29- "البيت الحِمصي"، ندوة مرئية بعنوان: "د. شوقي أبو خليل حياته وآثاره". للأستاذ شريف رجب، ندوة مَرئِيَّة على الشابكة، في ساعة و 8 د، نُشرت يوم 1/8/2022م.
30- "جامعة أجيال وتكنولوجيا- كلية الآداب، قسم التاريخ". رسالة علمية بعنوان (الدكتور شوقي أبو خليل مشروعه ونهجه). للدكتور شادي مصطفى أرَكي، يوم 28/5/2024م.
31- "الدُّرَرُ السَّنِيَّة"، بيان الحُكم على حديث الأعرابي الطويل، وأنه موضوع لا أصل له.
32- "ديوان العرب"، مقالة: (شوقي أبو خليل.. في ذمة الله، قضى العمر جوّابَّا في آفاق المعرفة، ورحّالةً في دروب التاريخ). أ. أوس داود يعقوب، نُشرت يوم 31/8/2010م.
33- "رابطة العلماء السوريين" ترجمة وافية له بعنوان: (نبذة في ترجمة الدكتور شوقي أبو خليل)، وقد كتب الترجمة ش مجد مكي، ونشرت يوم 25/6/1434هـ - 5/5/2013م.
34- "زاهية بنت البحر، مريم محمد يمق"، وفيه قصيدة د. وليد قصاب بعنوان (في رثاء شوقي أبو خليل)، نشرت يوم 26/8/2010م.
35- "شبكة فلسطين للحوار" بيان الشيخ حاتم العوني المُفصَّل الشافي لحديث الأعرابي الطويل: أنه موضوع لا أصل له، يوم 12/6/2008م.
36- "طريق الإسلام":
أ- بيان الحُكم على حديث الأعرابي الطويل، أنه موضوع، ولا أصل له.
ب- حديث "يحمل هذا العِلم مِن كُلِّ خَلَف ..."، بيان مُخرجيه ورُتبته.
37- "معهد الفتح الإسلامي" مقالة مُطَوَّلة ونفيسة لـ: د. شوقي أبو خليل بعنوان: (أخطاءٌ تَارِيخِيَّة آنَ تَصويبُها).
38- "الموسوعة الحرة: ويكيبيديا": ترجمة الأستاذ شوقي أبو خليل.
39- مجلة "المِعيار" مج (27)، عدد (5)، سنة 2023م، رسالة "منهج شوقي أبو خليل في الدفاع عن القرآن الكريم، من خلال كتابه: "(الإسلام في قفص الاتهام)". أ. نعيمة بلفَرُّوم، وإشراف د. حدة سابق، قُدمت إلى (جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية- قسنطينة)، في الجزائر، وذلك يوم 24/12/2022م.
40- "هسبريس" مقالة نفيسة بعنوان: (تصحيح حديث فضائل القرآن). للأستاذ محمد بن الأزرق، نشره يوم الجمعة 20/11/2015م.
المُحتَوى
الموضوعات ص
*بينَ يَدَي البَحث --------------------------------------------- 2- 3
*مرثية أستَاذِي المُؤَرِّخُ الكَبِيرُ والدَّاعِيَة والبَحَّاثَةُ مُؤرِّخُ العَصرِ
د. شَوقِي أبُو خَلِيل يَرحَمُهُ اللهُ --------------------------------- 4- 8
* الفصل الأول: مَعرِفَتِي بِأُستَاذِي المُؤَرِّخِ الكَبِير
د. شَوقِي أبُو خَلِيل رَحِمَهُ الله ------------------------------ 9- 17
* معرفتي بأستاذي المؤرخ الكبير د. شوقي أبو خليل رحمه الله- 10- 17
* الفصل الثاني: شَرحُ القَصِيدَةِ المَرثِيَةِ المُسَمَّى:
"فَتحُ العَلِيِّ الجَلِيل بِشَرحِ مَرثِيَةِ شَوقِي أبُو خَلِيل" -------------- 18- 36
* الفصل الثالث: نُبذَةٌ عَن حَيَاةِ د. شَوقي أبُو خَلِيل ------------- 37- 57
*اسمه ونسبه -------------------------------------------------- 38
*بَيسان مَسقِط رأسِه ----------------------------------------- 38- 51
*مَصَوَّر تظهر فيه بيسان مع فلسطين --------------------------- 52
*مصوَّر فلسطين وفيه مدينة بيسان ------------------------------ 53
*بلدة بيسان سنة 1937م --------------------------------------- 54
*دراسته وتعليمه ----------------------------------------------- 55
*عمله في التدريس وإدارته ---------------------------------- 55- 56
*وَفَاته ونَعيُه ----------------------------------------------- 56- 57
* الفصل الرابع: آثَارُهُ ومُصَنَّفَاتُهُ ومَا كُتِبَ عَنهُ ---------------- 58- 69
*آثاره ومصنفاته -------------------------------------------- 59- 68
*مما كُتب عنه من كُتب وبُحوث -------------------------------- 69
*الفصل الخامس: مَنزِلَـتُه بَينَ العُلمَاءِ والبَاحِثِين
والأُدَبَاء والشُّعَرَاء ----------------------------------------- 70- 85
*كلمة د. مازن المبارك فيه ---------------------------------- 71- 72
*قصيدة في تكريمه لصديقه الشاعر مصطفى عكرمة --------- 81- 83
* الفصل السادس: مِن جَمِيلِ ومُهِمِّ أقوَالِهِ ومَقَالَاتِه --------------- 86-
* من جميل أقواله وكلماته ----------------------------------- 87- 88
* من مقالاته الرائعة: أخطاءٌ تاريخية آنَ تَصويبُها ------------ 89- 104
* مقالة: الدكتور شوقي أبو خليل أ. عبد الكريم السمك ------ 105- 109
الدكتور شادي مصطفى أرَكي --------------------------- 110- 112
*مقالة: شوقي أبو خليل .. في ذِمَّة الله: قضى العمر جوّابَّا
في آفاق المعرفةـ ورحّالةً في دروب التاريخ..
أ. أوس داود يعقوب ------------------------------------- 113- 116
*المراجع ----------------------------------------------- 117- 120
*المُحتوى ---------------------------------------------- 121- 122
وسوم: العدد 1093