العالم الطبيب الداعية عمر محمد خياطة

AFSDG1094.jpg

(١٣٢٨ _ ١٩١٠ م)/ ( ١٤٠٩ _ ١٩٨٨م)

    هو الشيخ العالم الطبيب الداعية المحدث عمر محمد خياطة رحمه الله، شقيق الشيخ الحافظ محمد نجيب خياطة، ينتمي إلى أسرة مسلمة ملتزمة، عريقة في الحسب والنسب، عرفت بالتقوى والصلاح.

مولده، ونشأته:

     ولد الشيخ عمر محمد خياطة في حي الجلوم بحلب في اليوم الخامس من أيام عيد الأضحى عام 1328هـ الموافق شتاء سنة 1910م، من بيت عُرف بالفضل والتقوى، ومن أب اشتهر بالصلاح هو الحاج محمد خياطة، ومن أم انتهى نسبها إلى فاطمة البتول السيدة أمينة جودة، وكان والده حافظاً للقرآن الكريم محباً للعلم، موقّراً للعلماء، حريصاً على تعليم أولاده العلم الشرعي، فكان منهم شيخ قرّاء حلب الذي أدخل إلى مدينة حلب القراءة عن طريق "طيّبة النشر" الشيخ نجيب خياطة فَرَضي حلب وشيخ قرّائها.

الدراسة، والتكوين:

    حفظ الدكتور عمر خياطة القرآن، وهو ابن ثمان سنوات على يد الشيخ نور المصري، وبعد أن أنهى الدراسة الابتدائية انتسب إلى المدرسة الخسروية التي كانت يومها تُعرف بالكلية الشرعية، والتي يُنسب إليها جل العلماء الأفذاذ في مدينة حلب وما حولها، وبعد أن تخرّج منها دفعه ذكاؤه الحاد إلى نيل شهادة الفرع العلمي والانتساب إلى كلية الطب البشري في مدينة دمشق.

شيوخه، وعلمه:

    أخذ علم الحديث والسيرة على العلامة المحقق الشيخ محمد راغب الطباخ، وكان الشيخ راغب يوليه اهتماماً بالغاً وعناية لما وجد فيه من علائم النجابة والذكاء، وقد أجازه بثبته المسمّى "مختصر الأثبات الحلبية".

     وأخذ الفقه الحنفي على العلامة الشيخ أحمد الزرقا نجل الشيخ الكبير محمد الزرقا، حيث قرأ عليه حاشية ابن عابدين وغيرها من كتب الفقه الحنفي.

    وأخذ علم العربية عن الشيخ محمد الناشد، والأصول والتفسير على العلامة الشيخ أسعد العبه جي مفتي الشافعية بحلب، وعلم التوحيد والمنطق على الشيخ العلامة فيض الله الكردي، وقرأ الفرائض على الشيخ محمد عبد المعطي، والفلك على الشيخ ياسين موقت. 

    وأجازه أخوه شيخ القرّاء الشيخ نجيب خياطة بقراءة حفص عن عاصم.

    وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ أبي النصر خلف الحمصي، وكان الشيخ خلف مُحباً ومُجلاًّ له كثيراً.

     في سنة 1937 سافر الدكتور إلى دمشق لدراسة الطب، ونزل في غرفة بجامع التعديل، وكان خلال تواجده بدمشق لا يتأخر عن حضور دروس العلماء هناك، فقد حضر دروس العلامة المحدث بدر الدين الحسني، والشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ الزاهد علي الدقر، والشيخ العلامة عبد الوهاب دبس وزيت، الحافظ والعلامة سعيد البرهاني، والشيخ المفتي أبي اليسر عابدين وغيرهم.

الوظائف، والمسؤوليات:

     وبعد أن حصل على إجازة الطب بلقب دكتور باختصاص الأمراض الداخلية عاد إلى حلب، وافتتح بها عيادة لممارسة مهنة الطب وخدمة أهل بلده حيث كان أغلب الممارسون لهذه المهنة من غير الديانة الإسلامية.

      لاشك أن الشيخ حضر على كبار علماء الديار الشامية في عصره، واستفاد منهم في شتى مجالات العلوم، وبقي حتى آخر عمره طالباً للعلم والمعرفة، فما كنت تراه في عيادته أو في بيته إلا والكتب العلمية المختلفة بجانبه، يطالع فيها ويبحث في بطونها، ولا يتأخر عن درس علم يعقد في مدينة حلب أبداً.

    وقد قام بتدريس مادة الحديث في المدرسة الشعبانية التي عرفت فيما بعد بدار التعليم الشرعي، وقد تخرج فيها كثير من العلماء طلبة العلم، وقد كان إلى جانب ذلك عضواً مؤسساً فيها.

     وكان إلى جانب علمه الشرعي والطبي مجيداً للغتين الفرنسية والإنكليزية، ومرجعاً في علم الفلك وحساب الأهلة لمديرية أوقاف حلب، يرجع إليه في تعيين أوقات الصلوات الخمس وفي إثبات هلال شهر رمضان، وقلّ ما كان يخطئ حسابه الفلكي.

     وقد كانت له كتابات في بعض المجلات العلمية، ومشاركات في مؤتمرات طبية كمؤتمر القاهرة عام 1960، ومؤتمر الخرطوم عام 1965.

عبادته، وأخلاقه:

      كان الشيخ عمر خياطة أحد أبناء الحركة الإسلامية الراشدة في حلب، وكان مضرب المثل في العبادة، لا يعرف كللاً ولا مللاً في أدائها فلا تراه إلا في ذكر أو تلاوة أو صلاة، كان لا ينام من الليل إلا قليلاً، وكان محافظاً على صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. 

   وقد حج أكثر من 20 حجة، وقد نقل عنه صحبه العَجَبَ العجاب في جَلَده على العبادة وصبره عليها حتى أن أحدهم قال لي: كنت أظن ما يحكى عن عبادة السلف أسطورة حتى رأيت عبادة ذاك الرجل ونسكه.

     كما كان متعقباً لأخلاق رسول الله خطوة خطوة، متواضعاً رغم علمه ومعرفته ومكانته يحترم الناس ويجلهم، بعيداً كل البعد عن التكبر والعجب حتى إنه كان كثيراً ما يحضر دروس تلامذته ومن هو دونه في العلم، ويجلس أمامه بأدب واحترام، وما كان قط يغتاب أحداً أو يذمه، وإن كان ظالماً له، بل يدعو له بالصلاح ويزجر من يدعو عليه، ولم يذكر عنه أنه خاصم أحداً أو عاداه أو اغتابه، بل كان سليم الصدر كل السلامة ويعتقد الخير في الكل.

     كان سمح الأخلاق، لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله، آلفاً مألوفاً، يحبه مَرْضَاهُ لحلو حديثه وطيب لسانه ورفقه بهم وكشفه الدقيق لمعرفة الداء، وقد كان سخياً جواداً بماله وراحته في سبيل الآخرين، ولأجل إعانة الفقراء والمحتاجين حتى إنه في أكثر الأحيان لا يأخذ أجراً من الفقراء ومن طلاب العلم مطلقاً، بل كان كثيراً ما يقدم للفقير الدواء من خزانته أو يعطيه ثمنه، وكان يُشاهد في حجه وهو يحمل حقيبة قد ملئت بأنواع الأدوية يطوف في الحرم وفي المناسك الأخرى يقدم الدواء للمرضى حسبة لله تعالى.

     وكان من خوفه من سؤال الله له عن مرضاه وما قدّم لهم من الأدوية يقوم بتجربة بعض الأدوية على نفسه أولاً ليتحرى مدى فعاليتها وعوارضها رغم أنه يعاني من ذلك ما يعانيه.

    لم يكن من عادته المراء والجدل العقيم خوفاً من إضاعة الوقت ووقوع الضغينة في القلوب.

     كان كثير الخوف من الله سبحانه وتعالى يتحرّى المال الحلال ليأكله يطعمه أولاده، وإذا وجد في المال شبهة أنفقه ولم يدخر منه شيئاً.

      وكان عازفاً كل العزوف عن ملاذ الدنيا ومباهجها. وكان آيةً في العدل بين زَوْجتَيه وأولاده في العطاء غير مفضل واحداً منهم على الآخر، وكان يحمل في جيبه دفتراً صغيراً يكتب فيه ما يعطي كل ولد من المال ليعطي بقية إخوته ذكوراً وإناثاً مثله مهما بلغ هذا العطاء من الصغر والقلة.

وفاته:

    بينما كان الشيخ الطبيب يلقي درساً في حديث رسول الله بعد صلاة العصر من يوم الخميس السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 1409هـ الموافق للسابع والعشرين من تشرين الأول سنة 1988م، في الجامع القريب من عيادته إذا به يقطع الدرس فجأة ليكرر الاسم المفرد (الله الله)، ثم يسلّم الروح إلى بارئها.

    شُيع جثمانه الطاهر في اليوم الثاني قبيل صلاة الجمعة بموكب مهيب حضره جلُّ علماء حلب، وعلى رأسهم مدير أوقاف حلب الذي ألقى كلمة أمام الجثمان ذكر فيها مآثر الفقيد وحياته العلمية، في الجامع الكبير حيث صُلي هناك على الفقيد، ثم غادر الموكب الجامع إلى مقبرة السفيرة، حيث وارى الجثمان مثواه الأخير.

    رحم الله الفقيد فقد كان علماً من أعلام عصرنا جمع في علمه بين المعقول والمنقول وبين علم الأديان وعلم الأبدان.

أصداء الرحيل:

الشيخ الطبيب الداعية عمر محمد خياطة: الشهير بـ (الآلا). 

   عالم، فقيه، محدّث، داعية، وطبيب ماهر، وفلكي متميز، وعابد ورع زاهد. 

    ولد في حي (الجلوم)، سنة: ثمان وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة تحب العلم وتجل العلماء.

      ولد في حي (الجلوم)، سنة: ثمان وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة تحب العلم وتجل العلماء، وعني به والده عنايته بإخوته، واهتم بتعليمه، فبعث به منذ نعومة أظفاره إلى كتاب الشيخ نور المصري، ليتعلم قراءة القرآن الكريم ومبادئ الكتابة والحساب والعلوم الشرعية، وما إن بلغ الثامنة من عمره حتى حفظ القرآن الكريم على شيخه هذا، وألم بكثير من مبادئ العلوم الشرعية والعربية، ثم راح يتردد على المدرسة (القرناصية) والمدرسة (الإسماعيلية)، ويأخذ عن شيوخها علوم الفقه والنحو وغيرها.

    ثم انتسب إلى المدرسة (الخسروية)، وأخذ يعب من علومها الغزيرة على شيوخها الكبار، فأخذ علم القراءة والتجويد على شيخ قراء حلب في عصره المقرئ الشيخ أحمد حامد الأبوتيجي المدني، حيث حضر عليه القرآن حضوراً كاملاً، وقرأ علم التفسير على شيخه الشيخ أحمد بن محمد الشمّاع، وأخذ علم الحديث ومصطلحه والسيرة والتاريخ على شيخه الشيخ محمد راغب الطباخ، حيث قرأ عليه كتاب نور اليقين في السيرة وإتمام الوفاء في سيرة الخلفاء، كما قرأ عليه مختصر البخاري والأربعين النووية وفن المصطلح وغيرها من كتب الحديث ومصطلحه، وكانت له مكانة خاصة عند شيخه الطباخ، الذي أحبه واعتنى بتعليمه، ثم أجازه إجازة عامة في الحديث الشريف وبكل ما تجوز له روايته، وأثبت إجازته له في نهاية كتابه المسمى: (مختصر الأثبات الحلبية)، ثم أهداه الكتاب.

     وأخذ الشيخ الفقه الحنفي على شيخه الفقيه أحمد الزرقا، حيث قرأ عليه (حاشية ابن عابدين) في الفقه الحنفي، كما قرأ جانبا من هذا الفقه على شيخه الشيخ إبراهيم السلقيني، وتلقى علم أصول الفقه على شيخه العلامة الشيخ محمد أسعد العبجي، وشيخه الشيخ أحمد الكردي، وأخذ علم الفرائض وحساب المواريث على شيخه فرائضي حلب الشيخ عبد الله المعطي، وتلقى علم التربية والأخلاق على شيخه الربي المرشد الشيخ عيسى بن حسن البيانوني، وأخذ علوم التوحيد والمنطق على شيخه الشيخ فيض الله الكردي الأيوبي.

    وكان للشيخ اهتمام زائد بعلم الفلك، فدرسه على شيخه الشيخ يسن المؤقت وشيخه الشيخ صبحي طبنجات، وتلقى علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها وآدابها على شيوخها في حلب أمثال الشيخ محمد الناشد (الزمخشري الصغير)، والشيخ محمد أسعد العبجي، والشيخ أحمد الكردي.

    واستمر الشيخ يطلب العلم في المدرسة (الخسروية) بهمة عالية حتى أتم سنيها الست، وتخرج فيها مع الدفعة السادسة، سنة:1350هـ، حاصلأ على الدرجة الأولى مع رفاقه الذين تخرجوا في هذه السنة ( ).

     ولم يقتصر حب الشيخ على العلوم الشرعية والعربية التي نبغ فيها بل تجاوز ذلك إلى العلوم الكونية، كالرياضيات والفيزياء وعلم الأحياء والفلك الذي بلغ فيه شأوًا لم يدركه أحد من أقرانه، حيث غدا مرجعاً في حساب الأهلة في مدينة حلب، يرجع إليه في التماس هلال رمضان، فشهادته في ذلك هي الشهادة الفاصلة في هذا الموضوع.

    ودفعه حبه للعلم والاستزادة منه إلى إتقان اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية والتحضير للشهادة الثانوية بفرعها العلمي، والنجاح فيها بتفوق مكنه من الانتساب إلى كلية الطب البشري في جامعة دمشق، عام: 1937م فسافر إلى دمشق، وأقام في غرفة بجامع (التعديل) في حي القنوات، مما أتاح له الحضور على كبار علماء دمشق في عصره، أمثال: المحدث الشيخ بدر الدين الحسيني، والعلامة الشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ علي الدقر والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت، والشيخ محمد سعيد البرهاني، وغيرهم من علماء دمشق.

    هذا مع مواظبته على دروسه في كلية الطب في جامعة دمشق إلى أن تخرج فيها، وحصل على شهادة الدكتوراه في الطب باختصاص الأمراض الداخلية.

     عاد الشيخ بعدها إلى موطنه حلب، وافتتح عيادة لممارسة مهنة الطب في وقت كانت المدينة بأمس حاجة إلى طبيب مسلم، إذ إن معظم الأطباء في ذلك الوقت كانوا من غير المسلمين.

     وكان الشيخ يدعو إلى الله من خلال ممارسته لهذه المهنة، فكان يحاول أن يصل المريض بربه، ويقوي إيمانه بالله من خلال حديثه العذب ورفقه بمريضه، وبسط فسحة الأمل أمامه، فيشعر مريضه براحة نفسية ولايخرج من عيادته إلا وهو معافى أو مشرف على الشفاء، أما مرضاه الفقراء فكان يشخص لهم المرض، ويقدم لهم الدواء، وربما قدم لهم المساعدة المادية، وهم خارجون من عيادته.

     وكان يحرص أشد الحرص على اختيار الدواء الناجع المفيد، وكثيراً ما كان يجرب الدواء على نفسه قبل تقديمه لمرضاه، مخافة أن يصيبهم الضرر فيسأله الله عنهم، وكثيراً ما كان يلحقه بعض الألم والأذى فيتحمله محتسباً ذلك عند الله.

   وكان يحج بيت الله الحرام كل عام تقريباً، وهدفه من ذلك بعد قضاء المناسك خدمة ضيوف الرحمن، وتقديم المساعدة الصحية لهم في وقت كانت الخدمات الصحية في الحج قليلة، فكنت لا تراه إلا وهو حامل حقيبته الطبية المليئة بالأدوية، ينتقل بها في الشوارع، وبين خيام الحجيج في (منى) و(عرفات) ومنازلهم في مكة، والمدينة المنورة.

     فإذا رجع من حجه، عاد إلى دأبه في الدعوة إلى الله من خلال عمله في عيادته، ونشر العلم بين المسلمين وطلاب العلم بصورة خاصة، فقد كانت له دروس في الحديث النبوي الشريف في المدرسة (الشعبانية)، التي تشرف عليها (جمعية التعليم الشرعية)، وكان عضواً مؤسساً فيها، ثم أصبح نائباً لرئيسها، كما كانت له دروس عامة في الوعظ والإرشاد في عدد من مساجد المدينة.

      وكانت له مشاركات في بعض المؤتمرات الطبية والعلمية كمؤتمر القاهرة الطبي، المنعقد عام:1960م، ومؤتمر الخرطوم، عام1965م بالإضافة إلى أبحاثه وكتاباته، التي كان ينشرها في بعض المجلات العلمية والطبية.

     ومع علو قدر الشيخ الطبيب ورفعة منزلته العلمية، فقد كان لا يترفع عن حضور حلقات العلم والاستماع إلى الدروس العلمية حتى من تلامذته وإخوانه، يجلس مع المستمعين بكل أدب واحترام.

      كما كان يحضر مجالس الذكر التي يعقدها شيوخ الطريقة (النقشبندية) التي أخذها عن شيخه الشيخ محمد أبي النصر الحمصي، والتي كان يقيمها الشيخ عبد الله سلطان في جامع (الإسماعيلية). دون أن ينقطع عن غيرها من المجالس.

    كريم الأخلاق، سمح، كريم، متواضع، آلف مألوف، ودود، سليم الصدر، لا يحمل حقداً، ولا يغضب إلا إذا انتهكت حرمة من حرمات الله.

     كثير العبادة، والذكر وتلاوة القرآن الكريم، لا ينقطع عن صوم يومي الاثنين والخميس، شديد الخوف من الله، يتحرى الحلال، ويبتعد عن الشبهات، ومن مظاهر خوفه من الله عدله العجيب بين زوجتيه وأولاده.

    جميل الوجه، أبيض اللون، منور الشيبة، يتلألأ النور في جبينه وتبدو علامات التقى والصلاح في محياه، يرتدي زيّ العلماء، ويزين رأسه بعمامة بيضاء، لفت بإتقان فوق (طربوش) أحمر.

     وكانت وفاته تدل على حسن خاتمته، ففي يوم الخميس الواقع في السابع عشر من شهر ربيع الأول، سنة: تسع وأربعمئة وألف للهجرة الموافق للسابع والعشرين من شهر تشرين الأول، عام: ثمانية وثمانين وتسعمئة وألف للميلاد، توجه الشيخ إلى المسجد عند صلاة العصر، وبعد الصلاة جلس على كرسيه ليلقي درسه في الحديث النبوي الشريف، وراح يتحدث عن الإيمان وأثره في تربية النفوس، وتغيرها من حال إلى حال وكيف يجعل من العبد الحبشي، أو من العلج الفارسي أقرب المقربين إلى الله ورسوله، فكان مما قاله: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم، ضم سلمان الفارسي إلى صدره، وقال: " سلمان منّا آل البيت "، يا الله ما هذا الحب إنه الحب الإلهي... وأجهش الشيخ بالبكاء، ثم رفع رأسه وصاح الله..الله..الله...ثم مال عنقه، واتكأ على حافة الكرسي، وضج المسجد بأصوات الطلاب والمصلين لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر... افتحوا النوافذ ليتنفس الشيخ، وبادر بعضهم إلى شيخه فوجده في أنفاسه الأخيرة وفي الطريق إلى المشفى كان الشيخ قد فارق الحياة، وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها.

    وشيع جثمانه الطاهر صباح يوم الجمعة التالي في موكب مهيب حضره جل علماء حلب وأطبائها، وجمع غفير من إخوان الشيخ وتلامذته ومرضاه والناس عامة، وكان يوماً حزيناً في مدينة حلب، وصلي عليه في الجامع الأموي الكبير، وأبّنه عدد من علماء حلب، مزجت كلماتهم بدموع المشيعين، مذكرة بمناقب الشيخ الفقيه ومآثره، ثم غادر الموكب الجامع الأموي الكبير إلى مقبرة (السفيري) حيث وري التراب في مثواه الأخير.

- رحمه الله - المدرسة الإسماعيلية ـ

المصادر، والمراجع:

1- ترجمة بقلم الشيخ مجاهد شعبان صهر الشيخ - رحمهما الله -.

2- سجلات المدرسة الخسروية - الثانوية الشرعية-.

3_ مذكرات محمد عدنان كاتبي وذكرياته عن الشيخ.

4_ صفحة الأستاذ: محمد عدنان كاتبي على الفيسبوك.

5_ معلومات من السيدة سحر عمر خياطة، وشقيقتها مروة.

6_رابطة العلماء السوريين .

7_ الموسوعة التاريخية لأعلام حلب.

8_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1094