لا أترجم سيرة رجل فَذٍّ ، فإن شئت فقل هو مؤلف بارع ، أو باحث متمكن من قدراته الإبداعية ، أو أستاذ لفرائد الفوائد في شتى المعارف والعلوم . ارتأى جولته بالقلم ميدانا لعلوم الأولين والآخرين . ولم يبرح إيمانه بالله سبحانه وتعالى ، وبإسلامه القويم ، وعروبته الأصيلة بكل مافي هاتين من قيم ومآثر وأمجاد . ولعله يعمل على إحياء القيم الغالية التي هي إرث أمتنا السامق ، ثم تعميق العلاقة بين الجيل الحاضر ، وإرث الجيل الماضي ، وكأنه أيضا يسقي نبتات المعرفة في حقول المعاصرين المهتمين بالشأن العلمي والمعرفي الثقافي . وهذا في الحقيقة إعمار للنفوس بالتزكية ، والعقول بالعلم والمعرفة، كما يعمل على استعادة الوجه المشرق لحضارتنا الإسلامية المتألقة ، بل وسيادتها بين دول العالم المعاصر وشعوبه . فقيم أمتنا في العلوم والمعارف وتاريخها الزاخر بالابتكارات ... يؤهلها لهذه المهمة العالية .
أجل : لاأترجم سيرة وإنما هي أضواء جَذَبَتْنَا إليها مكتبتُهُ العامرة الغنية بجميع أنواع العلوم والمعارف الإنسانية ، وتعد مجلداتها وعناوينها بالآلاف ، في مساحة من الأرض جاوزت : ( 120) مترا مربعا في مدينة : ( خميس مشيط ) . وقد تم توزيع هذه المكتبة على أقسام مثل :
*القرآن الكريم وعلومه .
*الحديث الشريف وعلومه .
*الفقه وأصوله .
*التاريخ والتراجم .
* العقيدة .
*الأدب .
* السيرة النبوية والخلافة الراشدة .
إلى آخر تسلسل هذه الأقسام التي ماتركت علما إلا وأحرزت له المكان المناسب في رحاب هذه المكتبة الأثيرة . ولعل الأستاذ الفاضل : عيسى سليمان الفيفي أوفى الحديث مكانته عن هذه المكتبة وعن صاحبها في كتابه : ( حكاية قلم وتاريخ مكتبة ) ففي هذا الكتاب بيانٌ وافٍ عمَّا في هذه المكتبة ، وعمَّا كان لصاحبها من مكانة لدى المهتمين بهذا الجانب العلمي المميز . ولقد كتب في مقدمته للكتاب : ( العلم مفتاح الفلاح والنجاح ، والصعود إلى العلياء ، ومفتاح لكل خير ، وسدٌّ منيع في وجه الفتن ، وحصن حصين لمَن تحصَّن به ، والطريق الموصل إلى جنات النعيم ... ) .
فإلى الأخ الفاضل الباحث المؤلف : محمد بن أحمد معبر ... هذا الإهداء :
=
قد عشْتَ مجدَ الإرثِ في السعداءِ =مَن أسهموا ببيانِه اللألاءِ
وأعدْتَ تاريخَ الأوائلِ ناصعا= في زهوِ ما للسِّفرِ من أشذاءِ
قلمٌ وتاريخٌ ومكتبةٌ زهتْ=بالنُّورِ نورِ دِرايةِ العلماءِ
طوبى لسعيك ( يامحمدُ ) مُغدقًا=يزجي بنفْحِ الجهدِ في الآناءِ
أمضيتَها أحلى الليالي ماشكتْ=سأمًا فكنتَ الرَّمزَ في الإمضاءِ
طوبى فأبشرْ بالمكانةِ فالنَّدى=أحلاهُ جودُ المرءِ بالإنشاءِ
يأتي بكلِّ حقيقةٍ و وثيقةٍ=وبكلِّ ما يدعو إلى العلياءِ
فلك المحامد من جهاتٍ عدَّةٍ= راقت لهم نجواكَ في السُّعداءِ
ولك المودةُ من كرامٍ بينَ مَن=هم أهلُ حقلِ العلمِ والآراءِ
فاستعذبوا ماكان منك من الهدى=ومن العلوم فأتحفوا بثناءِ
لم تنطفئْ أنوارُ هديِ نبيِّنا=وكتابُه في الدَّارةِ الزهراءِ
أغنيتَمكتبةَ المباهجِ منه إذْ= يحدو به دوما فمُ البُشراءِ
وحديثُ سيِّدنا النَّبيِّ المصطفى=ومسيرة الأصحاب والخلفاءِ
(أمحمدُ ) استبشرْ بفضل إلهنا=لك يُرتَجَى من منزلِ السَّمحاءِ
ومن المثوبةِ والرضا مع عفوِه=من ربِّنا ذي البرِّ والآلاءِ
هذا طريقُك لن تُساءَ وإنَّما= فيه المآثرُ باليد البيضاءِ
فالفضلُ للعلماءِ في إرشادهم= للناسِ في جُمَعٍ وللفقهاءِ
إنا لَنسألُ ربَّنا أن لاتروا= إلا الحبورَ بسائرِ الآناءِ
أن يدركَ الأمناءَ في أيامهم= ويردَّ عنهمجملةَ الأسواءِ
ويُنيلُهم عزما يسابقُ سعيَهم= حتى تزولَ متاعبُ العسراءِ
مَن قدَّموا صفوَ الفؤادِ لحرصهم= أن يُسمِعوا الإنسانَ في الغبراءِ
ندعوك لا ندعو سِواك فأنتَ مَن= تُرجَى لها ياملجأ الحنفاءِ
يامعقدَ الآمالِ أنتَ رجاؤُنا= ومجيبُ مَن ناجاك في الظلماءِ
فأغثْ بعونك ياكريمُدعاتنا= فرسانَ شرعتِنا من العلماءِ
يا حَيُّ يا قَيّومُ هَبْهم رفعةً= في العالمين تكونُ للصُّلحاءِ
في العيش ما غرَّتهُمُ الدنيا ولا= لانوا لزينتها وللأهواءِ
إيمانُهم ياربِّ صغَّرَ شأنَها= ويقينُهم ما اختلَّ في الضَّراءِ
وهي المثاني بدَّدَتْ أوهامَ مَن= قادتْهُمُ السفهاءُ للإزراءِ
لِبَصيرَةٍ أضحتْ تُنيرُ طريقهم= مزدانةً بالسُّنَّةِ الغرَّاءِ
ولحِكْمَةً باتتْ تُجَنِّبُ أهلَها=من جملةِ العَثَرات والأرزاءِ
وإرادَةٍ جلَّى تُذَلِّلُ ما بدا= لَهُمُ من العَقبات والإيذاءِ
وعَزيمَةٍ تحدو تُقَرِّبُ ما نأى= ذاك البَعيد بغمرةِ الدَّأماءِ
فأنِلْهُمُ ياربِّ جنَّتَك التي= أعددتَها للقومِ يومَ لقاءِ
وامنحْهُمُ الرِضْوانَ منك تكرُّمًا= واجعَلْهُمُ ربِّي من السُّعداءِ
أنت الكريمُ وأنتَ مولانا فَجُدْ= بنجاتِنا يا أرْحَمَ الرُّحماءِ