المناضل المغربي عبد الخالق الطريس
المناضل المغربي
عبد الخالق الطريس
محمد فاروق الإمام
ولد عبد الخالق الطريس في تطوان في 16 جمادى الأولى 1328هـ/26 أيار 1910م، وتوفي بطنجة في 21 ربيع الأول 1390هـ/26 أيار 1970م. كاتب، صحفي ووطني من الحركة الوطنية في المغرب، شغل منصب وزير العدل.
ينحدر من أصول أندلسية، من أسرة كان ربها سياسياً من دائرة المخزن. عمل نائباً للسلطان بطنجة ورئيساً للوفد المغربي إلى مؤتمر الجزيرة الخضراء. درس التعليم الابتدائي والثانوي والتحق سنة 1925م بصفوف المدرسة الأهلية، ثم انتقل إلى فاس لمتابعة دراسته بالقرويين، وبعدها سافر إلى القاهرة، حيث التحق بالجامعة المصرية، ثم انتقل إلى فرنسا من أجل الدراسة في السوربون، وشارك في تأسيس جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين بفرنسا.
في سنة 1930م ألقى عبد الخالق الطريس خطاباً بمدينة تطوان أمام شكيب أرسلان، بعد عودته سنة 1931م إلى تطوان. أسس جمعية الطالب المغربية سنة 1932م. قام بإصدار أول جريدة وطنية في المغرب باللغة العربية, وهي جريدة الحياة الأسبوعية في آذار سنة 1934، ثم جريدة الحياة اليومية وبعدها جريدة الأمة، ساهم في تأسيس المعهد الحر كأول ثانوية عصرية.
بعد انقلاب فرانكو اتخذ رجال الحركة الوطنية الموقف الحيادي في اجتماع طارئ عقدوه في منزل عبد الخالق الطريس بعد أن دخلوها متنكرين في زي النساء نظراً للحراسة العسكرية المفروضة على المنزل, وفي هذا الاجتماع تقرر اتخاذ موقف الحياد المطلق من الحرب القائمة بين العسكريين وحكومة الجمهورية في اسبانيا, وتقرر أيضاً التزام الصمت في قضية مشاركة المغاربة في هذه الحرب، وكل المجاهدين الذين قاوموا الغزو الأسباني منذ سنة 1909 حتى 1927م اعتقلهم فرانكو, شارك عبد الخالق الطريس في تأسيس الكتلة الوطنية بالشمال وانتخب رئيسا لها سنة 1936م، أسس حزب الإصلاح الوطني في 18 كانون الأول سنة 1936م. كان سفيراً للحركة الوطنية بالمشرق العربي، دافع عن فلسطين في وقت مبكر، حضر المؤتمر البرلماني العربي سنة 1938م. اعتقل وحوكم في إحدى المحاكم العسكرية الفرنسية بمدينة مكناس حيث حكمت عليه المحكمة بالإعدام غيابيا سنة 1944م. استقبله محمد الخامس سنة 1947م في طنجة باسم حزب الإصلاح ومنعته السلطات الأسبانية من الدخول إلى تطوان، كان قد ألقى في نفس السنة خطاباً حماسياً قوياً أمام الملك محمد الخامس أثناء زيارته لمدينة طنجة.
نفي من طرف السلطات الأسبانية من تطوان وطنجة سنة 1947 إلى سنة 1952م، شارك في تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة، كما شارك في التخطيط لاستقبال محمد بن عبد الكريم الخطابي بمصر، شارك في تنظيم المظاهرات الصاخبة في سنة 1953 بعد نفي محمد الخامس والأسرة الملكية، تولى مهام مديرية الأحباس بالشمال سنة 1954م وتكلف من طرف محمد الخامس بتسلم السلطة من إدارة الحماية الأسبانية بعد الاستقلال. عين سفيراً قيماً على شؤون المنطقة الشمالية في 31 تموز سنة 1956م ثم سفيراً للمغرب بعد الاستقلال بمدريد، ثم سفيراً بالقاهرة مرتين، وعين سنة 1960م وزيراً للعدل، وفي سنة 1963م انتخب عضوا في البرلمان المغربي. دمج عبد الخالق الطريس حزبه الإصلاح في حزب الاستقلال، وأصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال.
بعد التعاطف بين "الحركة الوطنية" بشمال المغرب واليسار الإسباني، أنقلب زعيم هذه الحركة عبد الخالق الطريس لنصرة فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية، ابتداء من سنة 1936م بعد أن سمح له بتأسيس حزب "الإصلاح الوطني" كنقطة بداية مسلسل دعم فرانكو "القائد المظفر العظيم"، لاسيما مع انطلاق تسرب وانتشار أفكار القومية العربية مع زيارة شكيب أرسلان الذي كان يساند بدوره الألمان، وقد أثنى على عبد الخالق الطريس لموقفه من الإسبان.
"الائتلاف المقدس" الذي نسج بين المسيحيين والمسلمين ضد العدو الماركسي، وهي الصورة التي تم الترويج لها على أساس أن المغربي المسلم مساند لأخيه الإسباني المسيحي، من قبل أمثال أسين بلاثيوس و"فيكتور رويث ألبينيس". هي الصورة التي كانت تنطوي عليها خطابات "التقارب والتآخي الإسباني المغربي" مثل الذي ألقاه المراقب العسكري القائد "غارسيا فيغيراس"، كما كانت تتردد هذه الخطابات في المناسبات الرسمية والإذاعات والصحافة وعلى لسان المسؤولين الأسبان. كما كان يتم مغازلة الشعور الديني لدى المسلمين عبر العمل على بناء المساجد (مسجد تطوان، مليلية...) كأهم معالم السياسة الدعائية التي قادها الفرانكاويين.
حظي بنيل الوسام الملكي من العاهل المغربي محمد السادس يوم 9 نيسان عام 2005م ووسام المكافأة الوطنية من درجة قائد.