جابر قميحة لمن لا يعرفه
جابر قميحة لمن لا يعرفه
"الحلقة الأولى"
أ.د/ جابر قميحة |
أشرف إبراهيم حجاج - إعلامي – القاهرة |
الدكتور جابر قمحية :
رجل عرفه العالم :
" بعلمه ، بقلمه ، بكتاباته ، بلقاءاته ، بحواراته المرئية والمسموعه ، تحركاته العفوية ، كلماته المؤثرة لها رنين يدوم في الآذان ، تعليقاته الرائعة ، مداخلاته الشيقه " .
كل ما ذكرت عرفه الناس منه شخصيا ، فأحبوه لما يقدم من أعمال هي المضيئة في الظلام ، كل باحث في مجال عمل أستاذنا الدكتور جابر قميحة كان يحب الرجوع إليه واستشارته .
من هنا أقول وأنا شاهد على ذلك :
لم يطرق بابه أحد إلا وكان له ما طلب ، حتى لو كان هذا يجهده كثيرا فكنت أتعجب وأسأل :
أستاذي ، لما كل هذا وأنت مجهد وتعب جدا وآلام المرض لا تمهلك إلا القليل لترتاح ؟
كان بقوة وخشونة يرد عليّ :
يا ولدي أعلمت أن الله تعالى يكون راض عن عبده الذي يقوم بتخفيف الأعباء عن الناس ؟
قلت : بلى يا أستاذي ولكن ، ولبدنك عليك حق فكان .
يرد قائلا : ألم يكن لي أن أتدبر قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خير الناس أنفعهم للناس " . وأعمل من أجلها وهذا هو أقل من القليل فتكون لي راحة للنفس ونسيان للمرض .
يا بني : حينما يطلب مني شخص حاجة له ، لن يأتي لي نوم حتى ولو كان المرض يمنعني من هذا .
اطبع لي هذه الرساله الآن .
قلت : سمعا وطاعة ، وقمت بعمل ما قاله لي نصا وحرفا ، العجيب أن الرسالة هذه كانت أكثر من خمسمائة ورقة ..
قلت يا أستاذي ستستغرق منك وقت طويل للمراجعة فمهلا على نفسك ولا تجهدها .
قال ربك المستعان .
واستكملت اليوم معه ثم غادرت بيته على لقاء الأسبوع القادم .
وبعد يومين يتصل علي ويطلب مني الحضور لبيته فورا ، انزعجت لهذا فلم يكن لأستاذي أن يطلبني فجأة ، فقلقت عليه جدا وأسرعت الخطى للذهاب إليه .
وجدته متعب جدا وراح عقلي يفكر فسألته :
أستاذي لم تنم بالأمس ؟
قال : كنت أراجع الرسالة من وقت ما ذهبت أنت فلم أنام .
كان هذا الرد بمثابة حجر وقع فوق رأسي ، لتأكيد الأطباء له بالراحة ، تنهدت قليلا وقلت له :
هون عليك أستاذي فلما العجلة وصاحبة الرسالة الأن تنام وتعيش الحياة وأنت لا تنام ؟
قال في كلمات مختصرة :
كيف أنام وحاجة هذه السيده عندي أنهيتها اليوم فأرسلها لها وبعد سأنام مرتاح البال .
قلت عجبا لك سيدي ، جزاك الله خيرا عنها وعني .
( هذه القصة كانت في الأيام التي مضت تقريبا من شهرين فقط قبل مغادرتي للبلاد ، وكان أستاذنا مريض جدا ولا يحتمل كل هذا ) .
فكان ينظر إليّ ويقول :
" يا بني ما قصدت بهذا العمل إلا وجه الله تعالى ".
كان هذا واحد من مواقف كثيرة جدا جدا رأيتها بعيني سنتناول سردها في الأيام القادمه إن شاء الله تعالى .
لعلك اليوم أستاذي مرتاح البال ، كما كنت تؤدي عملك بأمانة .
رحمة الله عليك أستاذي.