الحاج سليمان محمد أمين القابلي
كما يصفه أحد محبيه
حازم ناظم فاضل
ولد الحاج سليمان محمد القابلي ، في محافظة كركوك بالعراق 1926 ، وأكمل الدراسة الابتدائية والثانوية فيها ، والتحق بكلية الحقوق ببغداد ، إلا أن نشاطه الدعوي في بغداد حالت دون إكمال دراسته بسبب تعرضه الى مضايقات من قبل السلطات آنذاك ، وقد تم تعينه موظفاً في دائرة كاتب عدل كركوك الى أن أحيل على التقاعد. كان القابلي مثقل القلب والفكر بهموم المسلمين ، وكان يتحرق ألماً لما يحدث لعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها . وكان في غاية العمق في تفكيره وإدراكه للواقع الذي يعيش فيه ، كيف لا وقد لازم الشيخ أمجد الزهاوي رئيس رابطة علماء العراق والشيخ محمد محمود الصواف رئيس جمعية الأخوة الإسلامية.
قضى حياته كلها في النصح وتربية الشباب وتوجيههم ،وقد وجهه الشيخ الصواف بفتح مكتبة الأخوة الإسلامية في كركوك عام 1953 لنشر الكتب والكراسات الدعوية فبقي يديرها الى أن وافاه الأجل في 9 صفر 1416 هـ / 7 تموز 1995.
ونظراً لحماسه لحمل رسالة الدعوة والجهاد في سبيلها وقيامه بالتوجيه والنصح لعامة الناس والشباب خاصة فلم يجد الوقت الكافي للتأليف ، الا انه الف كتاباً في الاقتصاد الإسلامي:
(1) مبادئ الاقتصاد الإسلامي ، دار النذير ، بغداد .
وترجم مع المحامي نورالدين واعظ :
(2) أسرار الماسونية : ( عن التركية) تأليف : الجنرال جواد رفعت اتلخان ،بيروت، مكتبة المثقف، سنة 1376 .
يصفه أحد محبّيه في سطور ، فيقول :
(1)كان كثيراً ما يردد هذه الآية : {قل: كلٌ يعمل على شاكلته}،ولعله كان يستشهد بالآية على مفهوم الاعتراف برأي الآخرين وأساليبهم .
(2)وكان كثيراً ما أسمع يقول مع نفسه – ويسّمعنا بطريقة غير مباشرة ، هذا الدعاء باللغة التركمانية مناجياً ربه :«من ئيتيم سه ن ئيتمه »أي: لا تجازيني مثلما فعلت انا.
(3) كان حريصاً على تسوك فمه ، وكان يتحدث بنعمة الله على صحة وسلامة أسنانه الى هذا العمر وقد بلغ عتياً ببركة استعمال السواك.
(4)كان ذا ورع ظاهر معروف .
(5) كان شديد الاعتناء بصحته ونظافة مظهره .
(6) كان يحب النكات النظيفة البريئة ، ويضحك لها ويستمتع بها من كل قلبه .
(7) كان يتفقد باهتمام واضح أحوال إخوانه في حالة مرضهم وغيابهم وسفرهم .
(8) كان يحمل قلباً كبيراً حيال ما يبدر من إخوانه الصغار خاصة من بعض الاخطاء وسوء أدب غير متعمد .
(9) كان يتحرج في أخذ الأحاديث النبوية او سردها بلا سند أكيد وتحقيق دقيق .
(10) كان كثير السخاء في تقديم بعض الرسائل والكتب مجاناً للمحتاجين مادياً ومعنوياً .
(11) كان نزيهاً نادر النزاهة في صرف أموال الدعوة .
(12) لم أرَ طوال صحبتي له ومعرفتي به أنه أحرج باي شكل من الاشكال ، أخاً من إخوانه في موقف . كان شهماً حقاً .
(13) كان شديد الاعجاب بأستاذه العلاّمة الشيخ أمجد الزهاوي – رئيس رابطة علماء العراق في زمانه – وكان ينقل عنه فتاواه ومواقفه في قضايا مهمّة تذكرة لنا وتبصرة بأمور الدين والدنيا .
(14) كان صبوراً مع أهله في البيت وشديد الحب والرعاية لأولاده .
(15) ربما قاطع ذوي قرباه لبدعهم وتحزبهم وابتعادهم عن الدين ومخالفتهم الشرع رغم تواصله معهم ، ومحاولاته للتمسك بأهداب الدين وحقائقه ، ومشاركته في مشاكلهم وايجاد الحلول لها عقلاً وشرعاً .
(16)كان شفوقاً وشغوفاً بالحيوانات ، وخاصة بالقطط ، وله معها حكايات وحكايات طريفة .
(17) كان يحب أطفال إخوانه ويلاعبهم ويشجعهم ويقدّم لهم الحلويات .
(18)كان يحب السفرات المقصودة للتربية والدعوة والترفيه .
(19) كان شجاعاً لا يخاف أحداً من الناس ، وله في ذلك مواقف واحداث .
(20) كان يعيش ببساطة في مأكله وملبسه وأثاث بيته ، وكان قانعاً براتبه ومعاشه ، ولا يشكو ولا يتذمر .
(21) كان له إهتمام وهواية مشهورة عن جغرافية العالم الاسلامي وخرائطه .
(22) كان غالباً يستعمل صيغة المجهول في بيان مواقف مشرفة من الاعمال (إخفاءً لنفسه الذي هو صاحب الموقف ذلك) ، كأن يقول : يقول أحدهم من المسلمين ،(وهو يقصد نفسه من غير أن ينسب ذلك العمل الى شخصه أدباً وتواضعاً وخوفاً من الرياء وقطعاً لحب الظهور ) .. والله أعلم .
(23) كان شديد الثقة بإخوانه ، ولم يكن يسيء الظن بهم .
(24) كانت حياته العملية مثالاً مجسماً للزهد من متع الدنيا .
(25) كان بحق إنساناً عملياً أكثر منه داعية متكلماً أو خطيباً او واعظاً .
(26) كان يعتبر نفسه تلميذاً للإمام ابي حامد الغزالي – من غير تصريح قولي – ويستشهد بأقواله وقصصه في كل مقام مناسب .
(27) كان غيوراً على إخوانه ، لا يقف مكتوف الأيدي لمن يعتدي عليهم أو يُهينهم أو يغتابهم .
(28) كان كثير التفكر والتأمل ، وله ملاحظات دقيقة وأراء سياسية مشهودة له في قضايا قطرية واسلامية وعالمية .
(29) كان لسلوكه المستقيم المعتدل الرزين اللطيف يقدره ويحترمه حتى اعداء الاسلام ومبغضو الإخوان رغم مواقفه الصلبة الصارمة في بعض الاوقات وفي بعض القضايا .
(30) كان حريصاً جداً على إظهار شخصية ( مكتبة الأخوة الإسلامية ) في كركوك كفارس من فرسان الجهاد ، وكان يعتقد مؤمناً أنه يرابط في ثغر من ثغور الاسلام اليوم.
(31)كان حرصه شديداً على نصح إخوانه بطريقة غير مباشرة أو ينفرد بهم من غير تشهير ولا تفضيح ولا تخجيل كلما بدر منهم من خطأ او جهل او مخالفة .
(32) كانت له أوقات مخصصة لتلاوة القرآن يومياً .
(33) كان شديد الاهتمام والعناية لتصحيح الأغلاط المطبعية للمصاحف الجديدة . واذا صادف كتاباً اسلامياً فيه عبارة او كلمة مخالفة للدين والشريعة أزالها او علّقَ عليها، وإذا كثرت الآراء او الافكار المعارضة للإسلام مزّقها وأحرقها في محرقة خاصة له في المحل ، وإذا رأى ورقة مكتوبة عليها آية او حديث او اسم من اسماء الله او اسم النبي r مرميّة على الأرض رفعها وجمعها ثم أحرقها ودفن رمادها في تراب طاهر .
(34)كان يحب المشاهد الخلاّبة للطبيعة ، يبتهج لها ، ويحمد الله عليها تهليلاً وتسبيحاً .
(35) كان يسأل ابسط المسائل الفقهية من بعض العلماء للتأكيد والتذكير ، وكأنه أميّ.
(36) كان يهتم بجدّ بمناسبات ذكريات الأيام الاسلامية المباركة، كالمولد النبوي والهجرة ويعلنها بأسلوبه
الخاص بعرض اللافتات وتوزيع الحلوى .
(37)لم يكن يحب الجدال والمناقشات مثلنا ، بل يحب الحوار الهادىء وتبادل الآراء ؛بقلب متفتح ولسان مهذب .
(38) كان أحياناً يروي لنا عن أبيه (محمد أمين) كاتب عدل كركوك آنذاك ، هذه العبارة بلغة قومه : (قوميّت فنادر) ، أي : التعصب القومي خطر على الايمان ، محذراً ومنبهاً .
(39) لم تكن تحس منه حقداً ولا حسداً ولا سبّاً ولا لعنةً ولا تشنجاً ولا غضباً واستنكاراً مشهراً مع اخوانه.
(40)كان يتحرش ببعض إخوانه بالكلام والتعليق والمواقف ؛ وله مقلبات مشهورة معهم ، كل ذلك يفعله حباً وتكريماً وتلطيفاً للجوّ وذهاباً للهموم .
(41)كان اذا ذُكر احدهم اسم النبي r او أورد حديثاً نبوياً عنه تأدب في الجلوس حالاً كأن كان واضعاً رجله على رجل .
(42) لم أره يوماً يقهقه ضاحكاً كالناس عامة بل كان ضحكه ابتسامة .
(43) كان واعياً كل الوعي في تطبيق كثير من السُنن النبوية ما استطاع .
(44)كان فطناً شديد الحساسية في معرفة أساليب أعداء الاسلام ، فلقد طالما ينبه إخوانه على عدم نقل نكات الملحدين او نشرها بين الناس والتي فيها إستهزاء وسخرية بالدين وأهله بطريقة خبيثة ماكرة يتقبلها الناس المغفلين أمثالنا وينشرونها هنا وهناك .
(45)هذا .. وأخيراً وليس آخراً كنت أحسبه – على ضوء كل ما عرفت عنه حتى يوم وفاته المفاجىء- ولياً من أولياء الله في أيامنا ، ولعل بعضهم يوافقوني في هذا الرأي.