الأمين العام للأمم المتحدة السابق داغ همر شولد
الأمين العام للأمم المتحدة السابق
داغ همر شولد
محمد فاروق الإمام
داغ همرشولد مولود في عام 1905م، وهو اقتصادي سويدي والأمين العام للأمم المتحدة بين عامي (1953 و1961م).
عمل كنائب وزير الخارجية السويدي وانُتخب كثاني أمين عام الأمم المتحدة بعد استقالة تريجفي لي الأمين العام الأول للأمم المتحدة عام 1953م ثم جدد له عام 1958م وبقى في منصبه حتى مقتله في 18 أيلول عام 1961م عندما لقي مصرعه في حادث تحطم طائرته في الكونغو اثر توجهه لروديسيا(زامبيا) لمفاوضة تشومبى حول مشكلة الكونغو و انفصال إقليم كاتنجا عن الكونغو (زائير سابقاً) ولتاريخه لم تُعرف الجهة وراء تحطم طائرته. كان همرشولد موظفاً في الحكومة السويدية، يشغل وظيفة كبيرة و لكنها لم تصل إلى مرتبة الوزير وكان أهم ما فيه أنه من عائلة ارستقراطية وعلى جانب كبير من الثراء، فقد كان أبوه رئيس وزراء السويد. وكان أجداده من المحاربين في جيوش السويد التي كانت تعيش في حروب مستمرة مع جيرانها قبل أن تتحول في تاريخها الحديث إلى دولة محايدة تدعو للسلام وتعيش فيه. ولم يكن أحد قد سمع باسمه خارج بلاده إلا أنه كان عضواً في اللجنة التي تبحث موضوع المرشحين لجائزة نوبل للسلام وعندما هبطت طائرته في مطار نيويورك ليتولى منصب الأمين العام بعد تريجفي كان أول سؤال وجهه له الصحفيون: كيف يُنطق اسمه؟ أراد أن يُبسط اسمه فقال انه مكون من كلمتين: هامر (المطرقة) وشيلد (الدرع) فهذا الاسم الذي أُطلق منذ عدة قرون على جده المحارب: المطرقة والدرع. لم تمض عدة سنوات حتى أصبح لهذا الرجل قوة هائلة على المسرح الدولي تضاهي قوة الدول الكبرى مع اختلاف الأدوار و صار من أحد ثلاثة أو أربعة رجال في العالم هم أقوى زعمائه و قادته حتى أنه عندما تأزمت الأمور في إحدى المراحل اقترح نيكيتا خوروشوف زعيم الاتحاد السوفيتى عقد مؤتمر قمة على أعلى مستوى اقتصر الاشتراك فيه على ستة رجال:رؤساء الدول الخمس الكبرى و سادسهم همرشولد.
كان أول امتحان فعلي لجدارته لمنصبه كأمين عام أثناء العدوان الثلاثي على مصر، فمع تأميم مصر قناة السويس واتفاق فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على القيام بخطة عسكرية للقضاء على خطر مصر على إسرائيل واستعادة بريطانيا وفرنسا للقناة السويس قرر همرشولد أن يدعو مجلس الأمن للانعقاد لكي يتخذ موقفاً فعالاً في وقف العدوان ورد القوات المعتدية وإعادة الهدوء للمنطقة. ألقى عند افتتاح المجلس كلمة وجيزة ولكنها كان لها أثر بالغ في المجلس وفي العالم حيث حدد مهمة الأمين العام حين قال ((إن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أهم بكثير من الأهداف السياسية لأي دولة وأن هذه المبادئ هي مرجعه الأول والأخير فيما يحق له أن يفعله وليس في إمكان الأمين العام القيام بعمله إلا إذا حافظت كل دولة من الدول الأعضاء على شرف تعهدها باحترام ميثاق الأمم المتحدة.... إن معنى ما قلته واضح للجميع دون أي حاجة إلى الإسهاب أو تفصيل أما إذا كان للدول الأعضاء وجهة نظر أخرى في واجبات الأمين العام فمن حق هذه الدول كما أن من حق الأمين العام أن يتصرفوا تصرفاً آخر)) وكانت الجملة الأخيرة تحمل تصميمه على الاستقالة ((إذا كان للدول الأعضاء وجهة نظر أخرى)) كإشارة منه إلى أن على الدول الأعضاء أن تُعلن الآن موقفها.
كانت الكونغو بعد مرور ستة أشهر على استقلالها غارقة في الفوضى والاضطرابات تتقاسمها ثلاثة سلطات: السلطة المركزية في ليوبولدفيل، وسلطة حكومية بزعامة جيزنغا المدعوم من باتريس لومومبا، وسلطة المناطق الشرقية المدعومة من الماركسيين و الاتحاد السوفيتى إزاء هذا الوضع المتأزم في الكونغو وجد الرئيس كازافوبو نفسه مضطرا لأن يقبل أن تضع الأمم المتحدة يدها على الكونغو (قرار مجلس الأمن في 21 شباط 1961م) وأن يشرف أمينها العام على إعادة تنظيم الجيش والمالية وإعادة الأمن والوحدة إلى الكونغو.
طار همرشولد إلى روديسيا (زامبيا حالياً) لمفاوضة تشومبى حول وقف إطلاق النار في الوقت الذي أعلن فيه الأخير رفضه لقرارات الأمم المتحدة وانفجرت طائرة همرشولد في الجو و لقي مصرعه في 18أيلول عام 1961م دون أن تسفر التحقيقات التي أُجريت بعد ذلك عن تحديد الجهة المسؤولة عن هذا الحادث.