الدكتور محمد رجب البيومي
مؤرخ النهضة الإسلامية
أبو الحسن الجمّال
علم من أعلام الأزهر المعاصرين الذين كانت لهم بصمه فى إثراء حياتنا الأدبية فهو شخصية ثرية معطاءة ، له الفضل فى رصد نهضتنا الأدبية والإسلامية المعاصرة بما أبدعه من مؤلفات ومقالات كانت ومازال لها صدى بين أوساط المثقفين والمؤرخين. إنه الدكتور محمد رجب البيومى الذى فقدناه يوم السبت الثانى من ربيع الأول 1432هـ الخامس من فبراير2011، رحل دون أن يشعر به أحد وسط انشغال الناس بالأحداث التى كانت تجتازها مصر فى ذلك الوقت، وفى هذا يتشابه مع رحيل الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي الذى رحل والناس مشغولة بمحاولة اغتيال الزعيم سعد زغلول فلم تحس برحيله، وقد رصد أمير الشعراء شوقي هذا الموقف حينما رثى المنفلوطي قائلاً:
اختَرتَ يَومَ الهَولِ يَومَ وَداعِ َنَعاكَ فى عَصفِ الرِياحِ الناعى
هَتَفَ النُعاةُ ضُحىً فَأَوصَدَ دونَهُم جُرحُ الرَئيسِ مَنافِذَ الأَسماعِ
مَن ماتَ فى فَزَعِ القِيامَةِ لَم يَجِد قَدَماً تُشَيِّعُ أَو حَفاوَةَ ساعى
ما ضَرَّ لَو صَبَرَت رِكابُكَ ساعَةً كَيفَ الوُقوفُ إِذا أَهابَ الداعى
خَلِّ الجَنائِزَ عَنكَ لا تَحفِل بِها لَيسَ الغُرورُ لِمَيِّتٍ بِمَتاعِ
جاء رحيله والشعب نهض من عقاله وغفلته التى لازمته أمداً طويلاً صبر فيها على الفساد الذى ران على أرض مصر وتغلغل فى جذورها، والعجيب أن ميلاده شهد عصر جديداً من الحرية فقد حصلت مصر على استقلالها وأنشئت دستورها الذى خلدها وجعلها تفوز بسنوات من الليبرالية الحقيقية التى ساهمت فى نشر الوعي، وتحقيق الرخاء فى كل المجالات برغم وجود قوات احتلال بغيض يعربد على أجزاء عزيزة من أرض الوطن.
وقد ولد فى عام 1923م فى قرية الكفر الجديد، التابعة لمركز المنزلة، بمحافظة الدقهلية، حفظ القرآن وهو دون الثامنة، وحتى ينتظر بلوغه لدخوله الأزهر ، حفظ متون النحو والصرف والبلاغة على يد والده القطب الصوفي، ثم التحق بمعهد الزقازيق الدينى يزامل هناك ثلة من الطلاب الذين صاروا أعلاماً فيما بعد أمثال: الشعراوى، ومحمد عبدالمنعم خفاجي، وحسن جاد، وأحمد هيكل، ومحمد فهمى عبداللطيف وغيرهم، وكان من الطلبة المتميزين المجتهدين الذين بزوا أقرانهم وذاع صيته بين الطلاب وكان أثيراً عند شيخ المعهد، ثم يلتحق بكلية اللغة العربية يتلقى العلم على أيدي الأعلام: محمد محي الدين عبدالحميد، وعبد الجليل عيسى، واحمد شفيع السيد، وإبراهيم الدجوى، ومحمد الخضر حسين، وغيرهم، وفى القاهرة تعرف إلى منابر العلم والثقافة حيث كانت القاهرة مقصد العلماء والطلاب من الشرق والغرب، وكانت تكثر بها المجلات العلمية والأدبية مثل: "الرسالة"، و"الثقافة"،و "الكتاب"، و"المقتطف"، و"الهلال"، و"البلاغ "، و"الأزهر"، و"منبر الإسلام"، وغيرها، فبدأ ينتظم فى الكتابة إلى هذه المجلات والصحف وكون صداقات مع أحمد حسن الزيات، وأحمد أمين، وزكى مبارك، وخليل مطران، والمازني وآل زيدان وغيرهم، وهذا ما حكاه فى كتابه المهم: (من أعلام العصر ، كيف عرفت هؤلاء) ، تخرج فى كلية اللغة العربية عام 1949م، ويحصل على دبلوم معهد التربية عام 1950م، ثم عُين بوزارة المعارف منذ عام 1950 فى دار المعلمات بالإسكندرية، والفيوم، وديروط، وهو من الباحثين العصاميين الذين لم يكتفوا بمرحلة من مراحل التعليم فحصل أثناء عمله معلماً على الماجستير عام 1967م، ثم على الدكتوراه عام 1969 عين بعدها مدرساً، فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً فى كلية اللغة العربية بالمنصورة، ثم أعُير إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً بجامعة الإمام محمد بن سعود وكوّن صداقة قوية مع صاحب مجلة "المنهل" الذى ظل يكتب بها حتى وفاته، وقد نشر هناك العديد من الدراسات القيمة، وفى هذه الفترة يفقد زوجته ورثاها فى ديوان "حصاد الدمع"، وعند عودته يعين عميداً لكلية العربية بالمنصورة لمدة عشرة أعوام.
كان الدكتور البيومى غزير الإنتاج ما ترك صحيفة أو مجلة إلا وكتب فيها، وقد بدأت رحلته مع الكتابة عندما بعث بمقالة إلى مجلة "الأزهر" وكان يرأس تحريرها محمد فريد وجدي، وكان المقال عن غزوة بدر لخصه من كتب التاريخ والسيرة، على غرار ما كان يكتبه العلماء، فبعث إليه الأستاذ وجدي برسالة يوجهه فيها إلى أن كتابة المقال ليست سرداً للأحداث بقدر ما تكون سرد للوقائع والأحداث وتحليلاً لها واستخلاص العبر والنتائج واستخدام المنهج العلمي السليم ولا ضير التأثر بمناهج المؤرخين المحدثين، وقد توطدت صلته بوجدي حتى رحيله، وكان الأمين على تراثه فجمعه من بطون المجلات والصحف ونشره فى كتب بتحقيقه نشرت بعد ذلك منها: "مهمة الإسلام فى العالم"، و"السيرة النبوية فى ضوء العلم الحديث".
أرخّ الدكتور البيومى للنهضة الإسلامية المعاصرة بالكتابة عن أعلامها البارزين فى الشرق والغرب فى كتابه الكبير "النهضة الإسلامية فى سير أعلامها البارزين" فى ستة أجزاء، صدر عن مجمع البحوث الإسلامية يتناول سير حياتهم وتحليل آثارهم وأعمالهم، راصداً دورهم الحيوي فى إثراء حياتنا الأدبية والعلمية والإسلامية، ولم يقتصر فى تراجمه على دور الأزهريين، بل تعداه إلى المصلحين من خارجه ومن أعلام الدول العربية والإسلامية، فأرخّ لمحمد فريد وجدي، ومحمد أحمد الغمراوى، ورشيد رضا، والكواكبي، وأبو الحسن الندوى، والمودودى، ومحمد زاهد الكوثرى، ومصطفى صبري، وغيرهم ..
وفى بداية التسعينيات استعرت المعركة بين غلاة العلمانيين وأصحاب الاتجاه الإسلامي ، فأعادت طائفة منهم طبع الكتب القديمة التى أحدثت جدلاً كبيراً زمن طباعتها ، بل رجع أصحابها عن الأفكار التى نادوا بها مثل كتب: "فى الشعر الجاهلي" لطه حسين، و"الإسلام وأصول الحكم" لعلى عبدا لرازق،بالرغم من تراجع هؤلاء الكتّاب عن بعض أرائهم التى صاحبته بعض الاندفاع منهم فى وقتها، وكان من الأمانة العلمية أن يتم التنبيه على ذلك عند إعادة طباعتها وبيان المعارك التى دارت رحاها حتى يستقيم السياق وتظهر الحقيقة جلية وواضحة ، وكان أن دعاه الإمام الأكبر الراحل جاد الحق على جاد الحق للرد على هؤلاء فاختار هو كتابين من هذه الكتب للرد عليها هما: "الإسلام وأصول الحكم" لعلى عبد الرازق، و"مستقبل الثقافة فى مصر" لطه حسين فرد على هذه الكتب رداً علمياً رصيناً.
وكذلك أثبت أن على عبدا لرازق قد رجع عن أفكاره التى أوردها بكتابه فى حديث له مع الأستاذ أحمد أمين فى مجلة رسالة الإسلام ،فرجع البيومى إلى أعداد المجلة وكانت مهمة شاقة حقاً واجهته لم يتسرع ولم يقرظ أفكاراً لم يقراها كما يفعل غيره ممن لا تهمهم الأمانة العلمية قدر الانتصار للأيدلوجية والمذهب والهوى وأخيرا وجد ما يريد فى عددين متلاحقين هما العدد الثانى والعدد الثالث من السنة الثالثة إبريل سنة 1951، ويوليو 1951 لأن المجلة فصلية تصدر كل ثلاثة شهور ، فى العد الثانى ص 146 وجد مقالة للدكتور أحمد أمين تحت عنوان "الاجتهاد فى نظر الإسلام" يقول فى مطلعه: "كنت أتجادل فى الشهر الماضى فى الشهر الماضى مع معالي الأستاذ على عبدالرازق باشا ، وكنا نتعرض حال المسلمين وما وصلوا إليه من جمود، فقال: إن دواء ذلك أن نرجع إلى ما نشرته قديماً من أن رسالة الإسلام روحانية فقط ، ولنا الحق فيما عدا ذلك من مسائل ومشاكل ، فقلت : إن رأيي أن رسالة الإسلام أوسع من ذلك فهى روحانية ومادية معاً ، بدليل ما ورد فى القرآن من نظام البيع والشراء، والإجازة والمعاملات المالية، ومسائل الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونحو ذلك "، يكمل البيومى نقاشه ويعرج على المقال الثانى الذى أحدث المفاجأة فقال: " ثم صدر الثالث يحمل مقالاً تحت عنوان "الاجتهاد فى نظر الإسلام" ص 246 بقلم الأستاذ على عبدالرازق باشا قال بعد أن نقل عبارة الدكتور أحمد أمين : "وقفت أمام ناظرى كلمة رسالة الإسلام روحانية فقط، ولم تشأ أن تمر من غير أن تثير ذكرى قصة قديمة لهذه الكلمة معي، فقد زعم الطاعنون الذين جعلوا فى قلوبهم الحمية يومئذ، أنني فى ذلك البحث قد جعلت الشريعة الإسلامية شريعة روحانية محضة، ورتبوا على ذلك ما طوعت لهم أنفسهم أن يفعلوا، أما أنا فقد رددت عليهم وقلت لهم يومئذ صادقاً ومخلصاً : إنني لم أقل ذلك لا فى هذا الكتاب ولا فى غيره وأسوق هذا الحديث ليذكر الأستاذ الكاتب الكبير أن فكرة روحانية الإسلام لم تكن لى رأياً يوم نشرت البحث المشار إليه وأنى رفضت يومئذ رفضاً باتاً أن يكون ذلك رأيي " وهو أمر يدعو للعجب فهو فى هذا المقال يتراجع فيما دعا إليه صراحة فى كتابه "الإسلام وأصول الحكم" ، حينما قال فى ص 69 : "ولاية الرسول على قومه ولاية روحية منشئوها إيمان القلب وخضوعاً تاماً يتبعه خضوع الجسم، وولاية الحكم ولاية مادية تعتمد على إخضاع الجسم من أن يكون له بالقلوب اتصال، تلك ولاية هداية على الله وإرشاد إليه وهذه ولاية تدبير لصالح الحياة وعمار الأرض، تلك للدين وهذه للدنيا، تلك لله وهذه للناس، تلك زعامة دينية، وهذه زعامة سياسية، ويا بعدما بين السياسة والدين".
ويعلق البيومى على هذا: "هذا بعض ما جاء فى كتاب الإسلام وأصول الحكم وهو تأكيد لما ذكره الدكتور أحمد أمين عن الأستاذ، فما معنى هذا التعارض؟ يخيل إلى أن الأستاذ على عبدالرازق قد آثر التراجع بطريقة سياسية لا بطريقة علمية، وهو تراجع لا شك فيه"، وكذلك أورد رأى الزعيم سعد زغلول حول هذا الكتاب الذى ورد فى كتاب آثار الزعيم سعد زغلول لمحمد إبراهيم الجزيرى.
غزت ربة الشعر البيومى ضغيرا وكان يكتبه وهو طالب فى كلية اللغة العربية التى اشتهر فيها بين أقرانه وكان أستاتذته يبهرون به وبنشاطه وقد فتحت له الصحف والمجلات صفحاته فى مواضع متميزة ويقسم الباحث البارع "أشرف عيد العنتبلى" فى بحثه المتميز عن البيومى مراحل شعره ويرى أنه يتميز شعره بمرحلتين عمريتين :
الأولى: مرحلة الشباب :
تدفقت موهبته الشعر في مرحلة مبكرة من حياته ، فنظم الشعر وهو طالب بكية اللغة العربية بالقاهرة ، ولم يكمل العشرين من عمره ، ونشرها بمجلة الإخوان المسلمين في الأربعينات التي نجد بصمات تأثره بفكر الإخوان المسلمين الإصلاحي واضحا في أشعاره في تلك المرحلة في الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي احتلت مساحة كبيرا من اهتمام الإخوان ، وكذلك في محاربة الفساد السائد في المجتمع ، وإبراز مجد المسلمين والاهتمام بالمناسبات الإسلامية ، ومن ذلك على سبيل المثال :
ويسير محمد رجب البيومى في أشعاره في مرحلة الشباب في معارضة نوابغ الشعر العربي كابن زيدون والمتنبي ، وغيرهما في قصائده .وقد ترك الشباب بصماته على أشعاره التي نجد فيها ـ بجانب التصوير الشعري ـ الحماسة في تدفق المعاني وقوتها حتى تشعر أن انطباع المرحلة العمرية ترك أثره في التفكير واختيار الألفاظ والصور والموضوعات ، وهى كما سبق الإشارة إلى تأثره بفكر الإخوان المسلمين الذي ظهر أثره واضحا في أشعاره في تلك الفترة .
فقد سار الشاعر محمد رجب البيومي على خطا ابن زيدون يحن إلى جارة الحي فلسطين الحبيبة، متذكرًا الأمجاد الخوالي من أجداد عظام :
ما زلتِ والهة ثكلى تنوحينــا يا جارة الحـي ما يبكيك يبكينـا
علت نواحيك آهــات مروعـة مثل التي أصبحت تعلو نواحينا
وناح طيرك مرتاعًا فقلت لــه لقــد تعلمت من أطيـار وادينــا
ولاح لي غيثك الهطال منسكبا فقلت هـذي دمـوع من مآقينــا
وفي ذكرى غزوة بدر (17رمضان) يقول الشاعر محمد رجب البيومي من قصيدة بعنوان: "عبرة بدر" مهديًا إياها إلى الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي،ومنها يصور بعض أحداث المعركة حيث جبريل عليه السلام يحرس كتائب الله والخيل تصهل، والعيس تقفز:
دع التشدق يا مجنون بالخطب فالحكم للسيف ليس الحكم للأدب
إن الحسام إذا أعيتك ضائقــة يلقي مواعظه في منطق عجب
كم في براهينه من آية كشفت عن العقول ظلام الشك والريب
الثانية : مرحلة النضج الشعري :
وتأتى هذه المرحلة بعد بلوغه سن الأربعين ، ويبدو فيها واضحا النضج الفكري والعلمي في الألفاظ والتصوير واختيار الموضوعات التي تأتى نتيجة للأحداث التي يمر بها في حياته ، فأثناء الإعارة للسعودية فقد زوجته التي احتلت مكانة مرموقة في حياته مما كان له أثر بعيد الغور في أعماق نفسه ؛ فتفجرت طاقته الشعرية معبرا عما في نفسه من مشاعر نحوها كان من ثمرتها ديوانه : ( حصاد الدمع )، وحين قدَّم لنا ديوان (حصاد الدمع) تطرق في الحديث إلى ذكرياته مع زوجته وكيف عرفها وكيف اختارها من بين تلميذاته في الثانوية الأزهرية من أحد مراكز صعيد مصر ثم ذكر رحلتها معه في الزواج وبعض طبائعها وأخلاقها ثم دخل في سرد الذكريات المؤلمة ورحلتها مع المرض في المملكة العربية السعودية ثم كيف رجع بدونها. وإليك بعضاً من هذه الأبيات المؤثرة الباعثة على الشجن من قصيدة (أكباد أطفالي) :
لم يا حمام هصرت غصن شبابها وله زهور غضه وثمارُ؟
أو صرت تهوى الحسن تلك قضية نهض الدليل بها فلا إنكارُ
نلاحظ هنا أنَّ خواطر الشاعر بارزة جلية ولكن في ثوب شعري قشيب إلا أنها رسالة تصل إلى قارئها نراها واضحة جلية متلازمة في ديوان الشعر الذي لفحه الوجد بناره و أضناه الفراق وسقاه البين لوعة وحنينا، والتي تبرهن على حزن الشاعر..
وقد جعل ديوان (حصاد الدمع) كاملا في رثاء زوجه ، وذكر فضائلها ومآثرها وأثرها الكبير على حياته،مما يدل على عظم وفائه، ومن هذا الديوان قوله :
فقدتُ التي كانت تزود ســـريرتي فما دونها سترٌ على النفس يُسدل
ترى غصصاً في غور نفسي دفينة فتعلمها علم اليقـــــين وأجهــــــل
كما يدل علي وفاء الشاعر الدكتور محمد رجب البيومي الذي جاري فيه كبار الشعراء الذين رثوا زوجاتهم مثل جرير وأبى تمام والشريف الرضي ومحمد بن عبد الملك و الطُغْرائي وابن نباته والبارودي إلا أنه يعتبر ثالث ديوان كامل في رثاء الزوجات بعد عزيز أباظة وعبد الرحمن صدقي..
والدكتور رجب البيومى رائد من رواد القصص التاريخي فهو امتداد لمدرسة جرجي زيدان، ومحمد فريد أبو حديد، وعلى الجارم، ونجيب محفوظ، وعبد الحميد جودة السحار، وعلى أحمد باكثير، وطه حسين، والرافعي، والمنفلوطي، وألف فى هذا مئات القصص التى تدل على سعة إطلاعه الواسع على نوافذ التاريخ الإسلامي ، فهو العليم بأدق أسراره فى لغة بيانية عذبة صافية ، لو سلط عليها الضوء من جانب الباحثين لساهمت فى رقى اللغة العربية، وقد كتب المسرحية الشعرية مثل : "ملك غسان"، و "انتصار"، و"فوق الأبوة"، بالإضافة إلى كونه شاعراً مطبوعاً يكتبه منذ أن كان طالباً وله دواوين شعرية : "من نبع القرآن"، "حصاد الدمع"، و"صدى الأيام"، و"حنين الليالي"، ومن مؤلفاته: "البيان القرآني"، و"خطوات التفسير البياني"، و"أحمد حسن الزيات"، و"البيان النبوي"، و"علماء فى وجه الطغيان"، و"الأدب الأندلسي بين التأثير والتأثر"، و"قضايا إسلامية"، و"فى ظلال السيرة "، و"ميزان الإسلام"، "من القصص الإسلامي"، و"محمد فريد وجدى"، وغيرها ..
ومنذ عام 1420هـ يتولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر أقدم مجلة إسلامية فى الوطن العربي ، فعمل على نهضتها والارتفاع بشأنها، ونشر الأبحاث العلمية لكبار الفقهاء والباحثين، كما عمل على نشر تراث الأعلام الراحلين فى الملاحق التى تصدر عنها مثل:الشيخ شلتوت وعبد الحليم محمود وعبد الرحمن تاج وعباس محمود العقاد والشيخ الندوى ومصطفى عبد الرازق، ومحمد فريد وجدي وكان يقدم لهذه المختارات بدراسات وافية عن هؤلاء الأعلام واستمر فى هذا العمل حتى آخر حياته وقد كانت افتتاحيات مجلة الأزهر تشهد على أن البيومى كان مدرسة أدبية متميزة ، فقلمه يمتاز بسمات فنية عديدة نذكر منها جودة وعرض المادة العلمية وعمق الفكرة وجدة الموضوعات والإبداع والتميز فى تناول المشكلات وحلولها .
ناقش و أشرف على مئات الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه ، وتتلمذ على يديه عشرات الآلاف من الطلاب في مصر والبلاد العربية ، وترك تراثا علميا في مختلف المجلات والدوريات العلمية في حاجة لجمعه ودراسته في أعمال كاملة حتى يستفيد منها طلاب الدراسات الأدبية والنقدية والدراسات الإسلامية ، وذلك إضافة إلى كتبه في دور النشر واشترك في مؤتمرات علمية في عواصم مختلفة بالدول العربية.
وقد لاقى الدكتور العديد من صور التكريم فحصل على العديد من الجوائز من مجمع اللغة العربية ولعل هو الباحث الوحيد الذى حصل على جائزة مجمع اللغة العربية أربعة مرات عن أبحاث قدمها وفازت بالمركز الأول، كما حصل على جوائز أخرى من وزارة التربية والتعليم ومن الأزهر ومن السعودية وغيرها .