في ذكرى رحيل الشيخ أحمد سحنون
(1907 ــ 2003)
أحد رواد الحركة الإسلامية الجزائرية المخضرمين
جمال زواري أحمد ـ الجزائر
تمر اليوم إحدى عشر سنة على رحيل الشيخ أحمد سحنون رحمه الله الذي توفي يوم 8 ديسمبر 2003 بعد عمر حافل بالتضحية والجهاد والإبداع، حيث كان من الرعيل الأول الذي أثمرته الحركة الإصلاحية الباديسية، فقد كان أحد أهم شعرائها وكتابها، وكانت ((البصائر)) خاصة في سلسلتها الثانية التي استأنفت صدورها بعد توقفها الاضطراري أثناء الحرب العالمية الثانية، حافلة بالكثير من مقالاته الأدبية والتربوية والفكرية إضافة إلى قصائده الشعرية المتنوعة، حيث يعتبر من أوائل الذين كتبوا عن الإمام حسن البنا ومناقبه من الجزائريين على صفحات جريدة((البصائر)) أيضا لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في بداية الخمسينات من القرن الماضي قبل استقلال الجزائر، ليواصل جهاده بعد اندلاع الثورة التحريرية ومشاركته في الكثير من أنشطتها.
وبعد الاستقلال يستأنف الشيخ سحنون نشاطه الإصلاحي في منطقة العاصمة ومساجدها ليكون أحد أبرز مراجع الحركة الإسلامية الجزائرية وآبائها الروحيين من بقايا جمعية العلماء مع الشيوخ عبد اللطيف سلطاني وعمر العرباوي ومصباح حويذق الذين واجهوا الكثير من الانحرافات التي ارتكبتها السلطة في الجزائر المستقلة خاصة في حق الإسلام والثوابت وعناصر الهوية، الأمر الذي جعله عرضة للاعتقال والسجن والمضايقة مع رفقائه المذكورين، ليتوجها بعيد الانفتاح السياسي سنة 1988 باختياره رئيسا لرابطة الدعوة الإسلامية التي جمعت أغلب مكونات التيار الإسلامي الجزائري لتكون مرجعيته الجامعة لكن حرب الزعامات والأهواء وحب السيطرة أقبر المشروع مبكرا، ولعل أحد أهم وأكبر الأنشطة للرابطة برئاسة الشيخ سحنون رحمه الله المسيرة النسوية المليونية التي خرجت ضد محاولات المساس بقانون الأسرة حينها المستمد من الشريعة الإسلامية ودفاعا عن هوية الجزائر بثوابتها وقيمها الأصيلة.
والشيخ أحمد سحنون مع الشيوخ عبد اللطيف سلطاني وعمر العرباوي ومصباح حويذق يمثلون جزءا مهما من تاريخ الحركة الإسلامية الجزائرية بعد الاستقلال والذي يجهل الكثير من تفاصيله أبناؤها وشبابها للأسف الشديد، لأن تاريخ الحركة الإسلامية في الجزائر كتاريخ الجزائر تماما ما زال لم يكتب بالشكل والحجم الذي يتيح الفرصة للجميع للإطلاع عليه وعلى أحداثه وحقائقه، وهي مسؤولية المهتمين والباحثين والمتخصصين من أبناء الحركة ليسدوا هذا الثغر المهم بعدما قصّر فيه قادتها خاصة ممن عايشوا الكثير من أحداثها ولكنهم لم يكتبوا شيئا من ذلك حتى مذكراتهم لاعتبارات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هنا.
رحم الله الشيخ سحنون وجزاه خير الجزاء عن كل ما قدمه لدينه ودعوته ووطنه وأمته لينطبق عليه ما ذكره هو نفسه وهو يرثي الإمام البشير الإبراهيمي رحمهم الله جميعا: لا تقل يا ناعي الأحرار ماتا لم يمت من علّم الناس الحياة.