الرئيس السوري الفريق محمد أمين الحافظ
الرئيس السوري الفريق محمد أمين الحافظ
محمد أمين الحافظ |
محمد فاروق الإمام |
الرئيس السوري السابق الفريق محمد أمين الحافظ، مولود بمدينة حلب عام 1921م، ووافته المنية بحلب في 17 كانون الأول عام 2009م. وكان رئيساً لسورية بين تموز 1963م وشباط 1966م. شغل منصب وزير الداخلية بعد تسلم حزب البعث الحكم في آذار عام 1963م وذلك قبل أن يتسلم رئاسة الجمهورية. شهد عهده توجهاً اشتراكياً للاقتصاد. أطيح به بانقلاب قاده اللواء صلاح جديد واللواء حافظ الأسد، وألقي القبض عليه قبل أن يفرج عنه بعد هزيمة حزيران عام 1967م، عاش بعدها في المنفى في العراق، عاد إلى سورية في تشرين الثاني عام 2003م، وذلك بعد الغزو الأمريكي للعراق، وسقوط بغداد.
تم اختياره ليكون عضواً في مجلس القيادة العسكرية الأعلى للجيش والقوات المسلحة الذي تشكل في أواخر عام 1956م من 24 ضابط من قادة الجيش السوري، بالإضافة للعقيد عبد المحسن أبو النور الملحق العسكري المصري - حكموا سورية في الظل وفرضوا أجندتهم على الحياة السياسية السورية. وكان أمين الحافظ واحداً من بين 14 ضابط سوري سافروا إلى مصر ضمن وفد عسكري لإجراء مفاوضات الوحدة مع الرئيس جمال عبد الناصر، دون علم الحكومة السورية المنتخبة أو رئيس الجمهورية شكري القوتلي الذي كان يمثل الشرعية في البلاد. وانتهت هذه المفاوضات بإعلان الوحدة وقيام الجمهورية العربية المتحدة في شباط عام 1958م، وقد وجدت الحكومة الشرعية نفسها أمام واقع لا تستطيع رفضه أو عدم القبول به، فأعلنت عن موافقتها على كل ما قام به هؤلاء الضباط.
وخلال فترة الوحدة بقي الحافظ في القوات المسلحة خلافاً لمعظم ضباط مجلس القيادة العسكرية الأعلى للجيش والقوات المسلحة الذين سرحهم المشير عبد الحكيم عامر بحجة أنهم تدخلوا بالسياسة عندما سافروا إلى القاهرة وفاوضوا من أجل الوحدة فتم نقل الحافظ إلى الإقليم الجنوبي ليشرف على إحدى القطاعات العسكرية هناك.
وفي صبيحة الثامن من آذار عام 1963م استيقظ السوريون على أنغام الموسيقى العسكرية ووقع بيانات انقلاب عسكري قاده مجموعة من الضباط البعثيين ونفر من الناصريين والمستقلين تحت عباءة إعادة الوحدة، فعين أمين الحافظ عضواً في مجلس قيادة الانقلاب الذي انتخب الفريق لؤي الأتاسي رئيساً له وشغل الحافظ منصب وزير الداخلية في أول حكومة للانقلاب، ومن ثم عين حافظ الأسد ناطقا رسميا للوزارة.
قام الناصريون بقيادة العقيد جاسم علوان بحركة 18 تموز عام 1963م بهدف الإطاحة بالبعثيين الذين غدروا بحلفائهم الناصريين ونفذوا انقلابهم من وراء ظهرهم، فأخفقوا في تحقيق ذلك لمعرفة البعثيين بخطة جاسم علوان قبل تنفيذها، اعتماداً على عميلهم المدسوس داخل جماعة حركة تموز الرائد محمد نبهان. بعد القضاء على حركة جاسم علوان تسلم أمين الحافظ رئاسة الدولة وقيادة الجيش، وراح يصدر لوائح التسريحات التعسفية والمنتقاة ضد الضباط غير البعثيين في الجيش، وطالت تلك القوائم عدداً كبيراً من ضباط الصف أيضاً، حتى أفرغ الجيش السوري من أفضل الكفاءات العسكرية المحترفة. وشن حملة مقننة ومبرمجة ومدروسة ضد الناصريين الذين كانوا رفاقه في الوحدة والانقلاب, فسفكت دماء ضباط واعتقل آخرون وأقيمت محكمة استثنائية برئاسة المقدم صلاح الضللي حكمت على علوان ورفاقه بالإعدام, فقام وزير الدفاع الناصري الفريق محمد الصوفي بتقديم استقالته احتجاجاً على بطش الحافظ بالناصريين، وبقي علوان في زنزانته إلى أن تدخل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصراصر لتخفيف الحكم عنه ونفيه إلى القاهرة.
بعد أن ساهم الحافظ في إفشال حركة الناصريين عزل لؤي الأتاسي وصار رئيساً للجمهورية وللمجلس الوطني لقيادة الثورة ثم تسلم جميع المناصب التي تشمل قيادة الجيش والأمين القطري لحزب البعث ولكنه خسر كثيراً من رفاقه, فرفض الفريق محمد الصوفي التعامل معه كما رفض العقيد ياسين فرجاني محافظ حماة الأسبق وأحد رموز الاتحاد الاشتراكي في سورية والذي تربطه بالحافظ صداقة شخصية جميع المناصب التي عرضها عليه أمين الحافظ ما لم يعيد دولة الوحدة, وتوترت أيضاً في عهده العلاقات بين سورية ومصر نتيجة لاستمرار اعتقاله للعقيد جاسم علوان. شهد عهده توجهاً اشتراكياً للاقتصاد. وفي عهده وقعت أحداث حماة الدامية عندما أقدم على ضرب جامع السلطان في مدينة حماة الذي كان يعتصم به عدد من رجال الدين ووجهاء المدينة استنكاراً لممارسات ميليشيات حزب البعث ورجال أمن النظام بحق المواطنين.
أطاح بأمين الحافظ انقلاب في 23 شباط عام 1966م، قاده رفاقه البعثيون (القطريون) يتقدمهم اللواء صلاح جديد واللواء حافظ الأسد والعقيد عبد الكريم الجندي والعقيد سليم حاطوم، وألقي القبض عليه قبل أن يطلق سراحه بعد هزيمة حزيران عام 1967م فانتقل إلى لبنان. وعندما تمكن حزب البعث في العراق بقيادة أحمد حسن البكر من الإطاحة بنظام حكم عبد الرحمن عارف في 17 تموز عام 1968م، انتقل الحافظ إلى العراق، ثم صار قريباً جداً من الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
حاول الحافظ الدخول إلى سورية عبر نقطة القائم الحدودية بعد سقوط بغداد، لكن السلطات السورية لم تسمح له, ثم ما لبثت السلطات السورية أن بادرت بالاتصال به لاستضافته بعيداً عن الإعلام. عاد إلى سورية في تشرين الثاني عام 2003م بموجب قرار عفو خاص من الرئيس بشار الأسد، الذي أمر باستقباله كرئيس أسبق للجمهورية. ليقيم في مسقط رأسه حلب.
وبالرغم من تهافت وسائل الإعلام عليه، إلا أنه فضل عدم إجراء أي حديث صحافي، تناغما بما قطع على نفسه من عهد، وكان يقول: «التزاماً مني بوعد قطعته إلى المسؤولين السوريين بأن لا أتحدث إلى الإعلام ولا أوجه أي رسالة». وأكتفى بالقول: «ممنون الشوارب, كان الإخوان في السلطة كرماء معي، ولابد أن أرد المعروف» .
أعلن يوم الخميس الموافق 17كانون الأول عام 2009م عن وفاة الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ عن عمر يناهز الــ 88 بعد صراع مع المرض.