البطل أبو غزالة

إبراهيم خليل إبراهيم

البطل أبو غزالة

إبراهيم خليل إبراهيم

البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة تاريخه العسكرى يحتاج لمجلدات ولكن مانذكره هنا يعد لمحة وفاء فى زمن قل فيه الوفاء

تقول سجلات المواليد أن البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة من مواليد شهر فبراير عام 1930 بقرية زهور الأمراء بمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية ووالده كان موظفا بالبريد و أصول عائلته ترجع إلى قبائل أولاد علي صاحبة التقاليد العربية والمبادىء الأصيلة

حصل البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة على الثانوية العامة من مدرسة دمنهور عام 1946 وجاء ترتيبه الثالث عشر على مستوى مصر و التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها فى الأول من شهر فبراير عام 1949 وفى عام 1961 حصل على إجازة القادة للتشكيلات المدفعية من أكاديمية ستالين بالاتحاد السوفيتي وهو أيضا خريج أكاديمية الحرب بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة وحصل على درجة بكالوريوس التجارة وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة.

بدأ الضابط الشاب محمد عبد الحليم أبو غزالة رحلة كفاحه من المنزل الذى يحمل رقم ( 13 ) بشارع المهدي الكائن خلف مسجد الشيخ بخيت بحلمية الزيتون وظل بهذا المنزل حتى وصل لرتبة اللواء

تحدث أهالى الحى بفخر عن تواضع اللواء ومحبته لكل الناس .. كان يعطف على الفقراء و يلعب كرة القدم مع جنود معسكره.

في عام 1951 كان البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة برتبة النقيب بسلاح المدفعية المتمركزاً في سيناء وفي زيارة له إلى القاهرة تم تجنيده في تنظيم الضباط الأحرار

فى عام سافر إلى الإتحاد السوفيتى وظل حتى عام 1961 فقد كان فى معهد المدفعية والهندسة في مدينة پنزا Penza لمدة سنة ونصن السنة ثم أنتقل لموسكو موسكو و التحق بأكاديمية ستالين و حصل على إجازة القادة Kandidat Nauuk وتعني دكتوراه العلوم لتشكيلات المدفعية وعقب عودته من روسيا عمل في فرع التعليم بمدرسة المدفعية ثم تولى رئاسة هذا الفرع خلال حرب عام 1967.

في شهر ديسمبر عام 1968 كان البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة برتبة عقيد وقاد مدفعية أحد التشكيلات الضاربة على جبهة غرب القناة وقد ردد صحفيون أجانب ومصريون اسمه كثيراً كما ردده أيضا نخبة من أعضاء مجلس الشعب والوزراء الذين زاروا الجبهة وقتئذ . .. فقد كان يترك لدى مقابليه تأثيراً حسناً لحديثه الواعي وتحليله لأسباب الهزيمة ومسئولية القيادتين السياسية والعسكرية معاً .. ويعود الزوار وهم في دهشة من جرأة هذا الضابط وحديثه الخطير والهام

توقع البعض أن يتم القبض على البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة غزالة أو أحالته للتقاعد للتقاعد.

قال رفيق كفاحه اللواء منير شاش :

قام الفريق أول محمد فوزي بالاشتراك مع اللواء أحمد إسماعيل على ونائبه وقتها محمد عبد الغنى الجمسي بوضع اسم العقيد محمد عبد الحليم أبو غزالة في كشف المعاشات الذي سيصدر في شهر يناير عام 1969.

علم البطل العقيد محمد عبد الحليم أبو غزالة بما اُعد له فلم يتراجع وقال :

إنني حزين لأنني سأحرم من تنفيذ ما أريد تطبيقه بين ضباطي وجنودي ومن فرصة القتال ضد اسرائيل فوق سيناء وليس من الضفة الغربية فقط.

عرض وزير الحربية الفريق أول محمد فوزي نشرة المعاشات والترقيات على الرئيس جمال عبد الناصر وعندما وجد الرئيس اسم البطل العقيد محمد أبو غزالة ضمن الاسماء الموجودة فى النشرة قام بشطب اسمه من قائمة المحالين للمعاش وقال للفريق أول محمد فوزي :

أنا أعرف ماذ يقول العقيد محمد عبد الحليم أبو غزالة عني وعن عبد الحكيم عامر بل وعنك أيضاً ولكنه يبقى من الرجال القلائل الصادقين .. لا نفرط فيه ولا في مثله من الضباط. .. ولاتدع الغضب منهم يخفي عنك صورتهم الحقيقية.

فى عام 1972 تخريج البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة فى أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة

فى حرب اكتوبر 1973 تولى البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة قيادة مدفعية الجيش الثاني وقد لعبت المدفعية المصرية أخطر الادوار كما قال صانع القرار الحطير لحرب اكتوبر 1973 الرئيس محمد أنور السادت ففى الساعة الثانية وخمس دقائق بعد ظهر يوم السادس من اكتوبر 1973 العاشر من رمضان 1393 هـــ اصدر قائد المدفعية أمره بالضرب فانطلقت آلاف المدافع تهدر وتصب حممها على النقد الحصينة لخط بارليف واماكن تمركز احتياطات العدو بدقة وكثافة وقوة لم يسبق لها مثيل وتم إسكات اكثر من 90 % من بطاريات مدفعية العدو وعبرت القوات المصرية قناة السويس .. وواصلت المدفعية آداء مهامها بكفاءة عالية طوال سير المعارك .

بعد أنتهاء المعارك تم تعيين البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة رئيساً لأركان المدفعية.

فى عام 1978 اختير البطل محمد عبدالحليم أبو غزالة ملحقاً عسكرياً في الولايات المتحدة الأمريكية وأثناء عمله في أمريكا حصل على دبلوم الشرف من كلية الحرب الأمريكية _ كارلايل _ وذلك عام 1979 وبذلك يعد أول شخص غير أمريكي يحصل على هذا الدبلوم.

في السابع والعشرين من شهر يونيو عام 1979 اختير مديراً للمخابرات الحربية ولذا عاد للقاهرة بعد قضاء سته اشهر فى عمله ملحقاً عسكرياً بواشنطن بالولايات المتحدة الامريكية

في الخامس عشر من شهر مايو عام 1980 تولى البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة رئاسة أركان حرب القوات المسلحة وتمت ترقيته إلى رتية إلى رتبة الفريق.

فى الأول من شهر اكتوبر عام 1981 وافق المؤتمر الثاني للحزب الوطني على تعيينه عضواً بالمكتب السياسي بالحزب وبعد أيام قليلة عين وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي في الوزارة المصرية التي تشكلت برئاسة حسني مبارك.

في شهر أبريل عام 1982 صدر قرار ترقية الفريق محمد عبد الحليم أبو غزالة إلى رتبة المشير حيث أصدر قرار الترقية الرئيس محمد حسني مبارك.

في الأول من شهر سبتمبر صدر قرار تعيينه نائباً لرئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي .

أشرف البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة على التصنيع الحربي فقد أنشأ أبو غزالة مصانع وزارة الدفاع ومنها مصنع 200 الخاص بتجميع الدبابة أبرامز أ1، ومصنع 99 المتقدم هذا بالإضافة للمصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع وازدهر الانتاج الحربي لمصر في عهده لتتعدى صادرات مصر العسكرية بليون دولار عام 1984.

في شهر سبتمبر عام 1985 تم تعيين البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة نائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للدفاع في وزارة علي لطفي .

في شهر نوفمبر عام 1986 عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للدفاع أيضا في وزارة عاطف صدقي .

في شهر أكتوبر استمر البطل المشير محمد عبد الحليم أبو أبو غزالة في نفس المنصب في وزارة الدكتور عاطف صدقي والتى أستمرت فترة ثانية

في شهر أبريل عام 1989 ترك البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزارة الدفاع وتم تعيينه مساعداً لرئيس جمهورية مصر العربية .. محمد حسنى مبارك .

للتاريخ نذكر أن البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة خلال توليه وزارة الدفاع قدم العديد من المساعدات لأفراد الجيش المصرى واهتم بمظهر ومكانة وأهمية الجندى وعمل على تطوير المدفعية

فى عام 1989 أقاله الرئيس المصري محمد حسني مبارك من منصب وزير الدفاع و خلفه في وزارة الدفاع الفريق أول صبري أبو طالب كمرحلة إنتقالية حتى تم تعيين المشير محمد حسين طنطاوي

بالإضافة إلى الخبرة العسكرية للبطل محمد عبد الحليم أبو غزالة فهو يعد موسوعة علمية وقدم للمكتبة العسكرية المصرية والعربية والعالمية مجموعة من المؤلفات نذكر منها :

فن الحرب .. وصدر فى أربعة أجزاء

وانطلقت المدافع عند الظهر .. وعندما صدر هذا الكتاب كان البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة برتية لواء اركان حرب وقد صدرت الطبعة الثانيه منه فى عام 1975 عن مؤسسة دار الشعب المصرية

القاموس العلمي في المصطلحات العسكرية

كما قدم دراسة رائعة حول حرب الصحراء و حرب الخليج الثانية وعلاقتها بالأمن القومي

كما قام البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بترجمة مجموعة من الكتب نذكر منها :

كتاب حول أستخدام الطرق الرياضية في الحرب الحديثة.

كتاب بعد العاصفة

كتاب الحرب وضد الحرب الذى يتحدث عن أسرار وعوامل البقاء في القرن الواحد والعشرين .

كما كتب أيضا مقدمة موجزة لكتاب نصر بلا حرب الذي ألفه الرئيس الأمريكي السابق نيكسون

خلال رحلة كفاح وعمل البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة حصل على مجموعة من الأوسمة والنياشين

ففى عام 1952 حصل على سام التحرير وفى عام 1955 نوط الجلاء وفى عام 1956 نوط الإستقلال وفى عام 1957 نوط النصر وفى عام 1958 وسام ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة وفى عام 1971 نوط التدريب من الطبقة الأولى وفى عام 1974 وسام نجمة الشرف العسكرية ووسام الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى وفى عام 1979 نوط الخدمة والمهارة وفى عام 1989 حصل على قلادة النيل

كان البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة يجيد الإنجليزية والفرنسية والروسية.

ومساء يوم السبت السادس من شهر سبتمبر 2008 الموافق 6 رمضان 1429 هـ أعلنت عقارب الساعة رحيل المشير محمد عبد الحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصري الأسبق فى مستشفى الجلاء العسكرى بجمهورية مصر العربية عن عمر يناهز 78 عاما بعد صراع طويل مع المرض.فقد تدهورت حالته الصحية وأصيب بسرطان الحنجرة ودخل مستشفى الجلاء العسكرى للعلاج فى شهر أغسطس 2008

 قال الفريق محمد سعيد الماحى  عن المشير أبو غزالة:

امتدت معرفتى بالمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة سنين طويلة فقد عرفته شابا متحمسا وطنيا .. كان من منجزى ثورة 23 يوليو عام 1952 ونهل من مناهل العلم والمعرفة وخبر فنون المدفعية بمدارسها المختلفة وبرز فيها وتمرس فى مناصبها صغيرها وكبيرها فكان القائد الصغير الطموح وكان المعلم الفذ صاحب المدرسة وتوج ذلك كله بشجاعته واقدامه خلال معارك السادس من اكتوبر 1973 واثبت فيها أصالة الجندى المصرى .

قال الكاتب الصحفي جلال دويدار:

لقد كان المشير علما من أعلام العسكرية المصرية .. وطنيا متحمسا وقوميا مؤمنا بقضايا أمته العربية .. لم يكن عسكريا عاديا ولكنه كان هاويا ودارسا ومفكرا لم يمنعه اضطلاعه بمسئولياته الوظيفية عن الاهتمام إلي أقصي حد بقضايا التنمية في وطنه... تجسد ذلك في تبنيه لهذا الفكر في اجتماعات مجلس الوزراء عندما كان وزيرا للدفاع فقد كان يؤمن بضرورة مساهمة القوات المسلحة بما هو متاح لها من انضباط وإمكانات في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية... إن السجل العسكري للراحل الكبير المشير أبوغزالة يشهد له بأنه كان شخصية مميزة في هذا المجال منذ تخرجه في الكلية الحربية عام 1948 إلي ان تولي قيادة المدفعية في الجيش الثاني الميداني خلال حرب 1973.

قال اللواء حسن طه حسن خليفة .. الخبير العسكري والاستراتيجي :

إن المشير أبوغزالة يمكن وصفه في ثلاث كلمات ( راجل ابن بلد ) وأضاف اللواءحسن طه .. تعرفت علي المشير أبوغزالة عندما كان عقيداً في مدفعية الجيش الثاني في أواخر الستينيات و ظل ذلك الرجل البسيط المتواضع ولم تتغير أي صفة من صفات شخصيته حتى بعد أن أصبح مشيراً بل على العكس كان أكثر تواضعاً... أن أبوغزالة كان معروفاً بين أفراد القوات المسلحة بأنه خدوم، وكان يتعامل معهم من منظور أنه أب لهم وليس القائد العام... وأوضح أن البطل محمد عبد الحليم أبو غزالة كان أكبر بكثير من أن يطمع في مناصب عليا فالرجل الذي يتبسط مع الناس ويحدثهم عن جهوده لتوفير سبل حياتهم لا يفكر إلا في مصلحة أبنائه بالقوات المسلحة وهذا ما جعل شعبيته في تزايد مستمر

و قال اللواء زكريا حسين المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا :

إن المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة عمل علي الارتقاء بمستو ى ضابط القوات المسلحة الذي كان لايمتلك غير راتبه الشهري فهو أول وزير مصري أقر مكافأة نهاية الخدمة ورفعها لتكون 40 شهرا فضلا عن صفقات السيارات التي أمد بها ضباط القوات المسلحة ... أن الحب والشعبية اللذين تمتع بهما أبوغزالة، وصل تأثيرهما عربيا وعالميا فكانت علاقته جيدة بالبنتاجون والولايات المتحدة الأمريكية منذ تولي منصب الملحق العسكري المصري بواشنطن، مرورا بتوليه منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، إلي أن أصبح وزيرا للدفاع في 1982، بسبب دوره البارز في حرب 1973 إلي جانب جهوده في عمليات السلام، الأمر الذي ساعده في جلب صفقات أسلحة بأفضل الأسعار والعروض.

وقال اللواء الدكتور محمود خلف مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط :

المشير محمد عبد الحليم أبوغزالة كان يتعامل بإنسانية مع جميع العاملين معه بدءاً من الجنود وحتي كبار الضباط و كان شديد الاهتمام بأدق مشاكل العاملين معه لدرجة أنه كان يشدد على الضباط بأن يتفحصوا أمر أي عسكري تظهر علي وجهه ملامح الضيق والحزن لمعرفة أسباب مشكلته ومساعدته في حلها... وأيضا كان البطل المشير أبو غزالة أستاذاً في إزالة حالة التوتر لدي الجميع وذلك لما كان يتمتع به من روح الفكاهة وقدرة فائقة علي حل أصعب المشاكل بأقل الإمكانيات... وأضاف اللواء الدكتور محمود خلف :

برز بعده الإنساني في تعامله مع الجنود عندما كان أول من طالب بإنشاء وحدات إسكان مهني من خلال جمعيات تعاونية تتولي إنشاء وحدات رخيصة الثمن للبسطاء كما أنه أول من طالب بتجديد معسكرات القوات المسلحة بعد حرب أكتوبر.

رحمة الله على روح البطل المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة الذى عشق مصر فعاش فى كل القلوب المخلصة.