أبو العلا ماضي
زعيم حزب الوسط الإسلامي المصري المحظور
أبو العلا ماضي زعيم حزب الوسط الإسلامي المصري المحظور |
حسين علي محمد حسنين كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر |
ولد أبو العلا فى 3 أبريل عام 1958 بمحافظة المنيا. بعد أن أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية ، ثم حصوله على شهادة الثانوية العامة من محافظة المنيا فى عام 1976 إلتحق أبو العلا ماضى بكلية الهندسة بجامعة القاهرة ، تلك الكلية التى تعد أحد كليات القمة فى مصر. فى ذلك الوقت كان نشاط كل من اليسار الماركسى والناصرى أكثر قوة وإنتشارا داخل الجامعات المصرية. وكانت جدران كلية الهندسة مليئة بمجلات الحائط التى تهاجم الرئيس السادات وزوجته جيهان بكل قسوة وحرية فى آن واحد . لم تجذب أبو العلا تلك النشاطات اليسارية نظرا لميوله الدينية البسيطة.
وفى الكلية تعرف أبو العلا على أحد الطلاب من محافظة سيناء ويدعى أحمد عبد العال كان على درجة من التدين إستطاع بها أن يحتوى أبو العلا ومن معه ، وأن يقنعهم بإطلاق اللحية والحرص على الوجود بالمسجد وحضور جلسات الجماعات والمشاركة فى النشاط الإسلامي بأشكاله المختلفة . وقبل نهاية العام الأول كان أبو العلا ماضى قد أطلق لحيته وأصبح عكس ما كان تماما . بعد نهاية إمتحان السنة الأولى شارك أبو العلا مع زميل له هو إبراهيم شحاته فى أول معسكر إسلامى وهو ما إعتبر نقطة التحول الأولى فى حياة أبو العلا حيث تعرف على رموز الدعاة والعلماء الذين زاروا المعسكر بمحافظة المنيا . يذكر أن ذلك المعسكر ضم عددا من الأفراد منهم: 1-محيى الدين عيسى. 2-كرم زهدي. 3-على عبد الحكيم . 4-حسن يوسف. 5-حسين سليمان. وكانت هذه المجموعة من جامعة المنيا عدا كرم زهدى الذى كان طالبا بمعهد تعاون زراعى بأسيوط لكنه كان من أبناء مدينة المنيا وكانت تربطه بمحيى الدين عيسى صداقة قديمة حيث كانا يشكلان فريقا قويا. وهكذا تكونت الجماعة الدينية داخل الجامعة. لكن بعد ذلك قرر شباب جامعة القاهرة خاصة طلبة كلية طب القاهرة تغيير إسمها إلى الجماعة الإسلامية تمشيا مع الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة التى سبقتهم فى ذلك الدرب، وكان أهم رموز طب القاهرة فى ذلك الوقت عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان. يذكر أنه فى عام 1975 قامت الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة بعمل مخيمات صيفية مفتوحة فى صيف ذلك العام حضرها عدد من طلاب الجامعات الأخرى مثل المنيا وأسيوط ، وأراد الطلبة المشاركون فى تلك المخيمات نقل تجربة جامعة القاهرة إلى جامعاتهم ، وكان من بين هؤلاء محيى الدين عيسى وكرم زهدى وأسامة حافظ وغيرهم. بعد أن أصبح أبو العلا ماضى عضوا مميزا فى جماعة المنيا إقترح عليه كرم زهدى السفر معه إلى القاهرة لزيارة عبد المنعم أبو الفتوح فى منزل والده بمصر القديمة . ويذكر أبو العلا فى هذا الصدد أنه تأثر كثيرا بشخصية عبد المنعم أبو الفتوح فى هذه المقابلة . فى هذه الزيارة ذهب كرم زهدى وأبو العلا للتعرف على أحد قيادات الإخوان المسلمين" مصطفى مشهور" بمقر مجلة الدعوة القديم بالسيدة زينب (يذكر أن مصطفى مشهور كان غير ملتح فى ذلك الوقت).
فى عام 1977-1978 نشط أبو العلا ماضى مع زملائه بالجامعة فى إستقبال الطلاب الجدد ودعوتهم إلى مساجد الكليات ومسجد المدينة الجامعية. وخلال تلك الفترة قام عبد المنعم أبو الفتوح بزيارة جامعة المنيا ليدعو أبو العلا ورفاقه للإشتراك فى إنتخابات إتحاد الطلاب بالكليات والجامعة . لكن كان رد جماعة المنيا الرفض فى البداية على أساس أن صورة إتحاد الطلاب سيئة من وجهة نظرهم ، لكنهم إقتنعوا فى النهاية بوجهة نظر عبد المنعم أبو الفتوح من أن الغاية تبرر الوسيلة. وبالفعل شارك أبو العلا عن كليته وفاز فى الإنتخاب ، ثم رشح نفسه عن الجامعة وفاز أيضا برئاسة إتحاد طلاب جامعة المنيا. وفى ذلك العام حصدت الحركة الإسلامية الطلابية أغلب مقاعد مجالس ثمانى جامعات حكومية. يذكر فى هذا الخصوص أنه لم يكن فى ذلك الوقت أى رابط تنظيمى حقيقى لهذه الجماعات الإسلامية على مستوى الجامعات، ولم يوجد لها مرجع فكرى واحد ، بل كانت المراجع متعددة منها ما هو سلفى أو إخوانى أو تبليغى أو أزهرى . تلك المراجع أثرت فى شباب الجماعات الإسلامية الطلابية. إلا أنه لوحظ أن بعض الجامعات كان يغلب عليها تيار بعينه عن الاخر ، فعلى سبيل المثال مثلا: كانت جامعة عين شمس يغلب عليها التيار السلفى وتيار الإخوان، وجامعة الأزهر كان يغلب عليها التيار الأزهرى المستقل عن تيارات الجامعات الأخرى وكان يقوده فى ذلك الوقت عبد الله سعد بكلية الطب.
أما جامعة القاهرة وتحديدا كلية طب قصر العينى فكان لها دور قيادى فى توجيه الحركات الإسلامية الطلابية كافة . وإقترحت جامعة القاهرة الدعوة لعمل مجلس لأمراء الجماعات الإسلامية بكل جامعة على حدة ، بحيث تقوم كل كلية داخل الجامعة بإختيار أمير لها من خلال المسجد التابع لهذه الكلية ، ثم يجتمع أمراء الكليات لإنتخاب أميرا منهم يمثل هذه الجامعة بحيث يتم ذلك داخل مسجد الجامعة. وهكذا بالنسبة لكل جامعة. وإقترح أن يتم إجتماع شهرى لأمراء الجامعات بمسجد كلية طب قصر العينى بجامعة القاهرة . وفى إجتماع طب قصر العينى يتم تنسيق المواقف بين الجامعات الثمانية ، وقد كان من أهم ثمرات ذلك التنسيق هو الإتفاق على ترشيح أبو العلا ماضى رئيسا لإتحاد طلاب الجمهورية . وعند البدء فى تنفيذ ذلك إعترضت الأجهزة الأمنية على ترشيح أبو العلا ماضى . وعليه تم الإلتفاف على ذلك بترشيح محمود طلعت جلال الطالب بطب القاهرة ليكون رئيسا لإتحاد طلاب الجمهورية وأبو العلا ماضى نائبا لرئيس الإتحاد.
العنف داخل الجماعات الطلابية: كانت داخل جماعة المنيا مجموعة صغيرة تميل إلى إستخدام العنف ولم يكن ذلك السلوك مستهجنا نظرا لكونها مجموعة صغيرة ، لكن مع الوقت تطور ذلك الفكر ليتبنى منهج تغيير نظام الحكم بالقوة ، وكان صاحب هذه الفكرة فى المنيا تحديدا هو كرم زهدى أبن المنيا. فى البداية حاول كرم زهدى إغراء محيى الدين عيسى بإنشاء تنظيم مستقل على مستوى الجنوب(صعيد مصر) يكون محيى الأمير وكرم مسئول الجناح العسكرى فيه . أما عن مصادر تمويل ذلك الجناح العسكرى فكان كرم زهدى يقترح عليهم السطو على محلات الذهب المملوكة للنصارى. فى تلك الفترة كان مصطفى مشهور يزور جماعة المنيا ويمكث معهم عدة أيام بالمدينة الجامعية بالمنيا فى محاولة لإقناعهم بالإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين وذلك بعد أن إنضم عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان إلى الإخوان ، ومن هنا أخذ أبو العلا ماضى فى التفكير بالإنضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين نظرا لتأثره بشخصية عبد المنعم أبو الفتوح. فى تلك الفترة صدر أمر بإعتقال أبو العلا ورفاقه لكنهم هربوا وكان ذلك فى عام 1980، وأثناء هروبهم كان أبو العلا وكرم زهدى يسيران فى الطريق ، ثم إستوقفهما شابا تعرف عليه كرم زهدى فى رحلة عمرة سابقة إسمه شعبان يسكن بحى بولاق الدكرور بالقاهرة ومعه شاب آخر يعمل مهندسا ويدعى محمد عبد السلام فرج(أعدم بعد ذلك فى قضية إغتيال السادات) ، وخلال حديثهم العارض أبدى فرج إعجايه بمجموعات الصعيد التى تسعى لتغيير المنكر وتأمر بالمعروف بالقوة ، لكن أبو العلا أخبره أن هذا الإسلوب غير مناسب ، فى حين تجاوب معه كرم زهدى ، وبدأ التعارف فيما بينهم منذ ذلك الوقت. لكن قبل أن ينضم أبو العلا رسميا إلى الإخوان ألقى القبض عليه على خلفية أحداث الصدام بين الرئيس السادات والجماعة الإسلامية . وفى سجن المنيا قرر أبو العلا بصفة نهائية الإنضمام إلى الإخوان المسلمين وكذلك صديقه محيى الدين عيسى وإتفقا على أن يظل هذا الأمر سرا بينهما . وعندما خرج أبو العلا من سجن المنيا إنضم رسميا إلى جماعة الإخوان المسلمين ، بل وعمل أبو العلا على ضم المزيد من الشباب إلى الإخوان.
فى عام 1980 زار عصام العريان المدينة الجامعية بالمنيا فى محاولة لضم المزيد من الطلاب إلى الإخوان ، لكن تحمسه المفرط فى هذا الخصوص إساء كثيرا إلى كل من أبو العلا ماضى ومحيى الدين خاصة عندما أعلن عصام العريان أمام طلاب المنيا أن أبو العلا ومحيى قد إنضما إلى الإخوان . هنا ثار كرم زهدى ثورة عارمة وبدأ الهجوم العلنى على الإخوان المسلمين وأخذ يحذر طلاب الجامعة من عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح بصفة خاصة وجماعة الإخوان المسلمين بصفة عامة . وعلى الفور شرع كرم زهدى فى تأسيس الجناح العسكرى المسلح لجماعة المنيا ، وإتصل بعبد السلام فرج الذى كان لديه مجموعة من الموالين له بحى بولاق الدكرور بالقاهرة وأخرى بمحافظة البحيرة موطن رأسه وهو ما مهد الطريق لعمل تنظيم مشترك. فى نفس الوقت تعرف كرم زهدى على بالشيخ عمر عبد الرحمن من خلال أبو العلا ماضى عندما دعا الأخير الشيخ عمر إلى المنيا فى نهاية عام 1980 ليلتقى بالجماعة فى مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا، لكن الشيخ عمر فى ذلك اللقاء هاجم الإخوان هجوما شرسا مما دفع أبو العلا إلى قطع علاقته به بينما كرم زهدى تمسكا بتلك العلاقة وبنى عليها .
مع نهاية عام 1980 وبداية عام 1981 تسربت معلومات عن قيام كرم زهدى بتدريبات عسكرية لجناحه فى بعض شقق أعضاء الجناح العسكرى بالمنيا . ولما علم أبو العلا ماضى بتلك التدريبات العسكرية دعا إلى إجتماع عاجل لرموز الجماعة الإسلامية بكل أطيافها بمدينة المنيا ودعا كذلك كرم زهدى لحضور الإجتماع . وفى هذا الإجتماع قام أبو العلا بمواجهة كرم زهدى بحقيقة تلك التسريبات الخاصة بالتدريب العسكرى ، لكن كرم غضب غضبا شديدا ونفى جملة وتفصيلا ما تردد من شائعات حول تلك التدريبات، بل وأعلن كرم أمام الجميع انكم بذلك تحرضون الأمن علينا . فى تلك الفترة وقع هجوم مسلح على محل ذهب مملوك لرجل مسيحى فى نجع حمادى وتم سرقة نحو ستة كيلوجرامات ذهب وقتل من بالمحل وهرب القائمين بالسطو المسلح بسيارة بدون لوحات . وبعد عدة أيام من وقوع الحادث كان أبو العلا ماضى ومحيى الدين عيسى يقفان أمام مستشفى المبرة بالمنيا عند ميكانيكى سيارات ، ومر كرم زهدى عليهما . وأثناء حديثهم سأل محيى الدين مباشرة كرم زهدى عن حادث نجع حمادى ، فأبدى كرم زهدى سعادته بالخبر كما لو كان يسمع عنه لأول مرة ، ثم خر على الأسفلت ساجدا حمدا لله .. وعاد محيى الدين يسأله ثانية : أليس لك علاقة بذلك الحادث؟ ، وأجابه كرم زهدى: إتقى الله ياشيخ محيى .. ليس لى علاقة بذلك ، وإنصرف كرم زهدى. وهنا نظر محيى الدين إلى أبو العلا مستفسرا؟: ما رأيك؟ ، فرد عليه أبو العلا: هو إللى فعلها. وقد تبين بعد ذلك من تحقيقات قضية الجهاد الكبرى بعد إغتيال الرئيس السادات وأحداث مدينة أسيوط أن كرم زهدى كان هو الفاعل.
بالعودة إلى المهندس الشاب محمد عبد السلام فرج الذى تعرف عليه كرم زهدى وأبو العلا ماضى وتعاطف مع فكره العسكرى كرم زهدى ورفضه أبو العلا. تبين فيما بعد أنه كان راعى عملية إغتيال الرئيس السادات . وقد رشح فرج لهذه العملية خالد الإسلامبولى الضابط بالجيش الذى تأثر بفكر الشيخ طه السماوى الذى كان يكفر الحكومة ويحرم العمل فيها وفى الجيش . وكما ذكرت سابقا ، قام فرج بترشيح خالد الإسلامبولى ورفاقه لتنفيذ عملية الإغتيال فى أرض العرض العسكرى بعد إمداده بالسلاح. فى نفس الوقت كانت خطة فرج وكرم زهدى (وهى ما علمه أبو العلا من عبود الزمر حينما إلتقى به فى سجن ليمان طره فيما بعد ) أن كرم زهدى ورفاقه كان مخططا لهم إقتحام مديرية أمن أسيوط وتجمعات الشرطة فى أماكن مختلفة والإستيلاء على مديرية أمن أسيوط وعلى السلاح الموجود بها ، ثم الإنتقال إلى محافظة تالية وهى المنيا والسيطرة عليها أيضا، وهكذا حتى يتم السيطرة على القصر الجمهورى بعابدين. وقد جمعت كل تلك الأحداث فى قضية إغتيال السادات ، وبلغ عدد المتهمين في قضية إغتيال السادات فقط نحو 24 متهما ، أما قضية الجهاد الكبرى التى ضمت إغتيال السادات وقضايا أمن دولة عليا أخرى مرتبطة بها فقد بلغ إجمالى المتهمين بها 302 متهم.
أعاد أبو العلا ماضى ترتيب أوراقه ، وفى بدايات عام 1995 إتخذ موقفا وسطا داخل جماعة الإخوان المسلمين إلا أن ذلك لم يعجب الكثيرين من قيادات الأخوان، ومن ثم واجه متاعب كثيرة، ومع ذلك إستمر فى تأسيس جماعة وسطية تشكل نواة لحزبه الجديد الذى أطلق عليه حزب الوسط المصرى وأصبح وكيلا له، وقد شارك في تأسيسه مجموعة من الشـباب الإسـلامي وأقـباط مسيحيين ونـساء. وقد تـقدم بطـلب الحصول على ترخيص لحزبه فى عام 1996م ، ولكن رفض طلبه . ثم تقد م ثانية فى عام 1998 ورفض طلبه أيضا ، وتقدم مرة ثالثة للحصول على نفس الترخيص فى عام 2004 ورفض طلبه أيضا . ومع ذلك قرر تقديم طلبه للمرة الرابعة فى عام 2009.
ويذكر أن أبو العلا ماضى الحاصل على بكالوريوس الهندسة قسم تصميم وإنتاج عام 1984 من جامعة القاهرة ، قد حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة أيضا عام 2008.
وقد شغل أبو العلا عدد من المناصب منها : 1- منصب مدير عام المركز الدولي للدراسات منذ عام 1995م(وهو مركز معني بدراسة حالة الحركات الإسلامية والإسلام السياسي) . 2- عضو مجلس إدارة جمعية مصر للثقافة والحوار (جمعية ثقافية يشارك فيها مجموعة من المفكرين الإسلاميين والوطنيين مسلمين ومسيحيين تعني بالحوار الإسلامي المسيحي وحوار الحضارات وثقافة الحوار) أسست عام2000 . 4- عضو الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي منذ عام 1999م (فريق أنشأه مجلس كنائس الشرق الأوسط). 5- عضو بالمؤتمر القومي الإسلامي منذ عام 1997م . 5- أحد مؤسسي حركة كفاية (الحركة المصرية من أجل التغيير)منذ عام 2003م.
6- عضو في فريق الحوار العربي الأوروبي الأمريكي منذ عام 2004م. 7- عضو في الحوار المصري – الألماني الذي تنظمه من مصر الهيئة الأنجيلية القبطية منذ عام 2003م.
وقد رشح نفسه في الانتخابات البرلمانية المصرية دورة عام1995م في منطقة حلوان بالقاهرة ولكنه لم يفز ..