المحدث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط

المحدث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط

درة من السلف

ودعت بلاد الشام بل العالم الاسلامي عالما اصيلا ونجما لا معا في سماء المعرفة والتحقيق العلمي أنه فضيلة المحدث الجليل عبد القادر أزناؤوط عن عمربلغ السادسة والسبعين

 تكمن أهمية هذا العالم النبيل ليس في كبير شهاداته  فهو قد درس الى الصف الخامس الابتدائي وأخذ شهادة ابتدائية كانوا يسمونها (سرتفيكا) باللغة الفرنسية آنذاك وليس في كبير مؤلفاته فهو محقق وناخل للتراث فحسب وليس له مجلدات من تأليفه

الخاص فكل ماكتبه رسائل وتوجيهات عابرة ولكن قي ما حاول أن يرسخه عبر رحلته الطويلة  فعلى الرغم من انتسابه الى مدرسة الحديث والتعليل والدليل والفقه المقارن الا أنه  ترفع تماما عن تلك الحروب الطاحنة التي دارات بين مدارس الحديث والفقه قديما وحديثا وصولا الى ماجرى  بين الشيخين الكبيرين البوطي _حفظه الله _والألباني _رحمه الله _ 

 ان النقطة الرئيسة في ذهبية هذا الشيخ رحمه الله هي اهتمامه بقضية الاسلام ومعالجة الادبار الملحوظ عن الدين وتبسيط المفاهيم ورفض أي محدث دخيل على الاصول وكانت له نكهة متميزة رحمه الله واعلى مقامه في هذه النقطة تحديدا ومن جميل مآثره وفائق تفكيره أن  كان صديقا للجميع(اقصد المدارس الفقهية ) يعرف قدر الناس ويعرف الاخرون قدره يجتمع مع الصوفية المعتدلة فلايطالبهم بأكثر من الالتزام بالسنة وترك البدعة ويلتقي بدعاة المذهبية فيوجههم الى ضرورة التمسك بالدليل ولو خالف متن الفقه ويذكر المسلمين بوجوب الحرص على اقتفاء سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  أكرمني الله بالتلمذة عليه لعامين  في معهد المحدث بدر الدين الحسني بدمشق  فغرفت من معين علمه تحرره من الشخصانية وتقيده بالنص وتلمسه لمنهج السلف دون قسوة أو مجافاة ولذلك كان يريد منا أن نتميز في التشييد المعرفي الديني وكان يختار لنا من الكتب مايتميز ينقاء المضمون وصفاء المغزى    ( كرياض الصالحين للإمام النووي وكان يصفه بانه  كتاب في الأخلاق عظيم جداً،وكتاب جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب الحنبلي،  و بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني، وعمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي، واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان )

 كان هينا لينا بعيدا عن التكلف سهل العشرة يذكرك خلقه  وجميل روحه بقمم السلف لم يسعى إلى منصب فهو يؤثر التبليغ والتفهيم عن الاشتغال بالمناصب الرسمية في عاميته ايحاء الى عدم تشدقه يكره التنطع ويبغضه ومع تشوقه وتحبيبنا بحياة السلف الأ أنه كان يرتقي بمفهوم الامنكاء الى السلف عن اي مهنى صبياني يثير القلاقل  ومع هذا فهو لم بسلم  من  حملة معاداة واستنزاف في مشاعره على يدي متعصبة المذاهب الذين كانوا كثيري الوشاية والايقاع به

 في شخصيته تواضع ماتعودنا أن نراه من  شيوخنا في دمشق يرفض أن يقبل أحد طلابه يده ويرى المسلم عزيز لا يحني راسه لغير الله

 يكره الثرثرة والجدل واثارة الفرقة وكان كثير التحسرعلى أوضاع المسلمين وانشغالهم بالترهات واثارة المشاكل  وكان كثير الترديد للحوقلة (لا حول ولاقوة الابالله العلي العظيم)في لفت نظر أن الوضع العام يستحث العزائم للثبات والنهوض والاستمساك بهدب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

 وفي خطبه المتميزة في مسجد المحمدي بمدينة دمشق وقبل عزله كان يبتعد عن الوعظ الذي يقوم على الأقاصيص والاكاذيب والتهويل والترعيب

 سمى بنفسه عن مفردات التشهير لكل الناس وكان وقافا لا يرمي أحدا بجهالة فكان يثني على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وكذلك على الشيخ الألباني ويذكر الشيخ محمد الغزالي باحترام ويحب الشيخ ابن باز يثني على ابن عثيمين ويعرف قدر الشيخ القرضاوي مع مخالفته لآراءبعض هؤلاءالأعلام رحمهم الله أجمعين 

منهجه في الفتوى

 ·النص الشرعي أولا :

ولذلك كان يفتي رحمه الله بما هو الصق بالدليل الشرعي كتابا اوسنة و يقوم بربط الفتوى بالدليل  فذلك اكثر طمأنينة وثوابا للمستفتي

·التحرر من التعصب المذهبي :

وقد كان رحمه الله متنقلا بين المذاهب ولا يجد غضاضة في تقليد المذهب الأكثرأخذا بالدليل ولذلك كانت رؤيته الفقهية متعددة نتيجة دراسته للفقه على طريقة الفقه المقارن وهي طريقة لم يحسنها كثيرون من شيوخ سوريا لتمسكهم بمذهب بعينه

·الأخذ بالأيسر

وكان رحمه الله يلتزم بالورع ويفتي غيره بالأيسر نتيجة تبرم الناس من الالتزام بضوابط الدين فقد كان يرى أن اليسر ورفع المشقة أقصر الطرق لتعويد الناس عل الرجوع الى الدين

·الموازنة والترجيح :

وقد سمعته عدة مرات وهو ينتقد نقلة المتون الذين يحسنون التسمك باللفظة اللفقهية ولايستطيعون نقدها أو الترجيح بين ادلتها ولذلك كان هو من الذين يسعون الى تعليمنا في الدراسة المقارنة بين الأدة والترجيح 

·المراجعة والتمحيص والتثبت :

والشيخ رحمه الله هو  الوحيد من الذين تربيت وتعلمت عليهم من الشيوخ الكبار الذي كان يقول لي  عندما أسأله لا أعرف سأراجع المسألة وارد اليك الجواب  ان هذه العقلية التي تبتعد عن استحضار لكل سؤال جواب وتراجع المسألة في مظانها العلمية لهي الجديرة بالاحترام عوضا عن تلك العقلية الخوارقية التي نجد لديها لكل سؤال جواب وهي بهذا تفتقر الى العلمية

من مواقفه العلمية  أنه انتقد رؤى فقهية تريد ادانة المسلمين وتكفيرهم وكذلك من مسائل الخلاف الني نشبت بين الصحابة رضوان الله عليهم كان يقول _رحمه الله _ (لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين، فقد يصدر الخطأ عنهم، وجُمهور العلماء من السلف والخلف على أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحق بالخلافة، وأن معاوية نازعه، ولكن هذه أمورٌ جرت في ذلك الوقت، فلا ينبغي أن نشغل الناس بها، ولذلك كان كثير من العلماء إذا ذُكر مثل هذه الأمور يقولون: "تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعملون"، فنترضى عنهم جميعا، ونكل أمرهم إلى الله تبارك وتعالى، ولا يجوز الطعن في معاوية ولا سبه، ولا الكلام فيه، وإنما نقول: أخطأ، وأمره إلى الله عز وجل. )ثم يضع قديا احترايا على من يهوى التكفير فيؤكد على أن( الكلام في الصحابة رضوان الله عليهم فكثير من الناس – كالروافض وغيرهم- تكلموا في بعض الصحابة، ولكن لا نستطيع أن نكفرهم وأن نخرجهم من الملة، إلا إذا أنكروا نصا قطعيا من القرآن والسنة وما قاله جمهور العلماء المسلمين. )

رحم الله الشيخ رحمة واسعة وعوض الله المسلمين برجل يعيش نقاء السلف ويثبت شهوده الحضاري ويرتقي بمفاهيم التدين نخو انسانية جادة تعتلي الخقيقة وتجاهد بالمعرفة وتبني  وترتقي وباسمي وباسم رابطة أدباء الشام نعزي عائلته وأنفسنا والعالم الاسلامي برحيل المحدث النبيل عبد القادر ارناؤوط الذي قدم للامة الاسلامية كنوز وذخائر  كتب الحديث والسيرة والفقه بثوب مخقق يحترم عقول الناس غفر الله له وطيب ثراه