د. محمد صيام

الدكتور محمد صيام

بقلم: حسني جرار

د. محمد صيام.. أديب وداعية، وخطيب مؤثر من خطباء الحركة الإسلامية، كان أحد خطباء المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1986 وحتى عام 1988، وهو أديب من جيل المحنة، اكتوى بنارها منذ صغره، وعاش مع المآسي والنكبات التي حلّت بوطنه، وآمن بحتمية الحل الإسلامي لقضايا أمته، واختار طريق الحق ليكون جندياً من جنوده، وشارك في مجالات عديدة من مجالات العمل الإسلامي.

حياته: وُلد محمد الشيخ محمود صيام في قرية (جورة عسقلان) بفلسطين سنة 1937. ونشأ في أسرة متدينة متمسكة بإسلامها، وتلقى دراسته الابتدائية في القرية حتى عام 1948. ولما حلت بفلسطين نكبتها الأولى واحتل العدو الصهيوني بلده، هاجر إلى قطاع غزة.. وفي منطقة غزة تلقى دراسته الإعدادية، وأتم الثانوية عام 1955. والتحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1959، حيث حصل على اللسانس في اللغة العربية وآدابها، وعمل مدرساً لمادة اللغة العربية بمدارس غزة. وفي عام 1960 توجه إلى الكويت وعمل في التدريس والإدارة المدرسية والتوجيه الفني لمادة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم بدولة الكويت.

وحصل على الماجستير في الأدب العربي من جامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1980، والدكتوراه في الأدب العربي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1982.

وفي عام 1983 عمل مدرساً بكلية الآداب في الجامعة الإسلامية بغزة، ثم شغل منصب مدير مكتب الجامعة لشؤون المتابعة، وعضوية مجلس الجامعة. ثم شغل منصب (القائم بأعمال رئيس الجامعة) منذ عام 1984.

وفي عام 1988 أبعد عن الوطن المحتل، بعد اتهام سلطات الاحتلال للجامعة الإسلامية –التي كان يرأسها- بتفجير الانتفاضة الفلسطينية المباركة في 8/12/1987.

ومنذ إبعاده عن وطنه أقام في السودان حتى منتصف التسعينيات، ثم توجه إلى دولة اليمن وأقام فيها.

شعره:

الدكتور صيام شاعر مؤمن صادق موهوب، امتاز بقصائده الطوال التي تعبر عن آلام أمته وآمالها، وقد استأثرت دعوة الإسلام بنصيب كبير من أشعاره فلا تكاد تمرّ مناسبة إسلامية إلا وله فيها شعر.. لقد نظم شعره في تاريخ الدعوة وأحداثها، وصور معاركها ومجد أبطالها، ورثى شهداءها. ولما كانت قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى فقد حظيت من شعره بنصيب وافر.

وقد ظهر في شعره كثير من أغراض الشعر.. ظهر فيه الوصف.. وصف المعارك والقتال والكرّ والفرّ، وظهر فيه الفخر بالإسلام وانتصاراته وسمو منهجه، وظهر فيه الهجاء لأعداء الله وأعداء دينه، وظهر فيه الرثاء وله فيه عدد من القصائد.. ولعل قراءة للأبيات التالية تبين لنا الأغراض التي طرقها، وتعرفنا على اتجاهاته وتطلعاته:

كـرّسـتُ أبياتي وأشعاري وإن كانت قليله
للذود عن شعبي الأبيّ وعن عقيدته الأصيله
ولـرفـع راية الاستقامة والتدّين iiوالفضيله
ولـكـشف  كلّ دسيسة للخائنين وكل iiحيله
ولفضح ما يستوردون من الشعارات iiالدخيله
ولـنزع  أقنعة التستر  وجوههم iiالعميله

وقد امتاز شعر محمد صيام بالجمع بين طول النفس وومضات الشعر الخاطفة ودفقات الشعور الملتهب الذي يعبر عن أحاسيسه ويصور بها وجدانه دون تكلف في الصنعة أو توعر في اللفظ أو تعقيد في المعنى، ولا غرابة في ذلك فهو إلى جانب الموهبة الشعرية عالم بقواعد لغة القرآن وأصولها وتاريخ الأدب العربي وفنونه..

وإن القارئ لشعره يحسّ إلى جانب قوة الصياغة وعذوبة الأداء، ودفء الكلمة وحرارة التعبير وهو يعرض قضية بلده وشعبه في فلسطين.

شعره الديني:

نظم محمد صيام قصائد تناولت ذكرى الإسراء والمعراج والهجرة النبوية وموقعة بدر ومؤتة لتشكل صفحات من تاريخ هذه الأمة المجيد بأسلوب الأداء الموزون والتعبير المؤثر والقوافي العذاب.. قصائد تصور لنا حادثة الإسراء والمعراج وما فيها من صور وعبر، وحادثة الهجرة وما انطوت عليه من معان عظيمة ودروس جليلة.. وقد أورد لنا قصائد صور غيها غزوة بدر وغزوة مؤتة تصويراً رائعاً أخاذاً.. فقال في قصيدة بعنوان "غزوة مؤتة"(1):

يا  زيد ناد إلى iiالجهاد
ونؤمَّنَ الأطراف iiممن
ونُجَلِّسُ الحق الصراح
ولـعـلـنـا iiنهديهمو
ونـغـيـثهم مما iiيعمّ




 
حـتى  نحطِّمَ كلَّ iiعاد
قـد  يغير على iiالبلاد
أمـام أنـظـار العباد
إن شـاء ربك iiللرشاد
الـعـالمين من iiالفساد

ونظم قصائد تذكر الإنسان بعظمة الخالق، وتحث على تدبر ظواهر الكون، كقصيدته التي بعنوان "غزو الفضاء" التي قالها بمناسبة هبوط الإنسان على سطح القمر، والتي تحث الإنسان على التدبر فيما خلق الله له وحوله، فقال فيها(2):

أيـهـا الـلاهثون عبر iiالفضاء
تـمـلـؤون الحياة طبلاً وزمراً
إنـهـا قـفـزة لا شـك لـكن
ألـهـذا  الـمجال ينطلق iiالعقل
أم نـسـيتم في غمرة الفوز iiرباً
وله الأمر في السموات والأرض
وهـو مـن سـهّل الحياة iiإليكم
جـعـل الأرض كالذلول iiفكانت
والـسـمـاء  التي ترون iiبناها








 
زمـراً  فـي حـقـيقة iiوادعاء
وتـدورون  فـي رحى iiالأهواء
أيـن  أنتم من علم رب iiالسماء؟
وتـبـقى  النفوس في iiالظلماء؟
أوجـد الـنـاس كلهم من iiهباء
بـرغـم الـعـلـوج iiوالسفهاء
كـي  تـعـبوا من هذه iiالنعماء
لـتـسـيـروا  فيها بغير iiعناء
فـاسـتـدارت كـالقبة الزرقاء

الوطن والكفاح من أجله في شعره:

نظم شاعرنا معظم أشعاره وخاصة قصائده الطوال لوطنه وشعبه في فلسطين نظم وذكر قومه بوعد بلفور وبمؤامرات الأعداء، ومأساة الأهل في الأرض التي باركها الله وبارك حولها.. وأكد في قصائده أن صلته بهذه الأرض صلة عقيدة ودين لا صلة تراب وطين، ولذا فلن يبرحها إلا مقهوراً.. فقال في قصيدة بعنوان "لا لن نهاجر كالطيور(3)

لا  لـن نهاجر iiكالطيور
ولـسوف نصمد فوق أر
نـبـني كما بنت iiالجدو
بـسـواعـد  لا iiتستكي
ولـسوف ندفع عن iiحما
بـالناب – إن عز iiالسلا





 
مـهما  تكدست iiالشرور
ض بلادنا مثل iiالصخور
د  لـنا على مر iiالدهور
ن  ولا تـمل ولا iiتخور
نـا كـل عـاد أو مغير
ح- وبالمخالب كالصقور

 ولما وقعت النكبة الثانية عام 1967، واحتل العدو القدس وما تبقى من فلسطين، محمد صيام قصيدة بعنوان "القدس تنهشها الذئاب" لجأ فيها إلى السخرية كوسيلة لاستنهاض الهمم وبعث الحمية في النفوس، فقال(4):

يـا  أمـتـي نامي iiهنية
نـامـي  فـما مرت iiبنا
كـلا  ولا كـانـت لـنا
نـامـي وسـوف iiيحلّها
*          *          ii*
ولـيـعبث الخصم iiاللئيم
والـقدس  تنهشها iiالذئاب
وتدوس مسرى المصطفى
نـامـي  فما أحلى iiالمنام
نـامـي فـإن iiالـنائمين









 
فـالـنوم  أفضل iiللقضيه
أبـداً كـهـاتـيك iiالبليه
يـومـاً زعـامات iiغبيه
صـخب  الوفود iiالعالميّه
*          *          ii*
بـكـل سـهـل أو iiثنيه
بـخـسـة  وبـلا رويّه
عُـصَبُ  التتار iiالبربريه
بـلا امـتعاض أو iiحميه
يـرون  أحـلامـاً شهيه

ويتناول في أشعاره فرقة العرب الذين تخلوا عن فلسطين وانصرفوا لإثارة الشحناء والبغضاء بينهم، وباتوا سخرية للعالم يعيشون القهر والذلّ والمهانة.. فيسخر منهم في عدد من قصائده.. ويبدع وهو يعارض المتنبي في ميميته التي يقول فيها:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم       وتأتي على قدر الكرام المكارم

فيقول شاعرنا ساخراً(5):

(على قدر أهل العزم تأتي العزائم)
وتـعـلـو مكانات الرجال بجدهم
وتـوطـأ بـلدان وَينْدُكُّ iiصرحُها
ومن لم يكن ضرغامُه يدفع iiالردى



 
وتـأتي على قدر الضعاف iiالهزائم
ولا  يـبـلـغ العلياء إلا iiالمزاحم
إذا لـم تذد عنها الخفاف iiالصوارم
ويـحمي  حماه، تفترسه iiالضراغم

ولما قامت الانتفاضة المباركة، عب شباب المساجد في وجه الطغيان، يدافعون عن الأقصى وعن أرض الإسراء، نظم شاعرنا قصيدة عام 1988 بعنوان: "أبطال الحجارة" قال فيها:

الجيل  قد أعطى iiقراره
والـنشء  بالإسلام iiحدّ
ورأيـت  أبطال iiالحجا
كـالجن تبرز في iiالمفا



 
والكون قد سمع انفجاره
د  خـطه ورأى مساره
رةِ  يـنبتون بكل حاره
وز  تـارة وتغيب تاره

ولما رأى أطفال فلسطين يدافعون عن الوطن ويقفون في وجه جيش الاحتلال، نظم قصيدة بعنوان "أطفال فلسطين يصنعون مجدها"، قال فيها:

أطـفـالنا  صناع iiمجد
أبـطال  جيل قد iiأريـ
مـن هـؤلاء iiاللاهثيـ
الـراكضين  لكسب iiودّ



 
كـتاب  ملحمة iiالتحدي
د لـه التخاذل iiوالتردي
ن وراء حل ليس يجدي
الـغرب  والشرق iiالألد

ولما قرر شعب فلسطين الاستمرار في الانتفاضة حتى يتحرر الوطن من المحتلين، نظم محمد صيام ملحمة للانتفاضة، قال فيها:

شـعـب  البطولة iiوالمآثر
مــاض بـإذن الله لـلـ
فـالـحـادثـات صـقلنه
والـخـطـب هـيجه iiفثا
والـقـدس  لا يـحيا حوا
*           *          ii*
يـا أيـهـا العرب iiالكرام
أفيترك  الشعب iiالفلسطينـ
أيـن  الـسيوف iiاليعربيـ
أتـحـوَّلـت تلك السيوف
أم أن "واعــربـاه" iiمـا










 
بـالرغم  من تلك iiالمجازر
ـهدف المقدس وهو صابر
وجـعـلـنه كالسيف iiباتر
رَ  ولـيس يلين لأي iiقاهر
لـيها ضعيف النفس iiخائر
*           *          ii*
أمـا  لـهـذا الـليل آخر
ـي  فـي الـميدان iiحائر
ـات  الـصقيلات iiالبواتر
إلـى  الـتـدابر والتناحر
عـادت تؤثر في iiالضمائر

ولما قامت إسرائيل بإبعاد نخبة كبيرة من قادة الانتفاضة إلى مرج الزهور في لبنان، نظم شاعرنا قصيدة وأهداها إلى الكرام المبعدين في مرج الزهور، قال فيها(6):

إبعادكم رغم الشقاء رفع الرؤوس إلى السماء
والـمـجرمون الظالمون كيانهم بالخزي iiباء
وبنو  العروبة لم يعد فيهم إلى العُرْبِ iiانتماء
زعـمـاؤهم  كالمومياء وبئس تلك iiالمومياء
ركـعـوا لأمريكا فعاثت في البلاد كما تشاء

شعره الإنساني والاجتماعي:

للشعر الإنساني والاجتماعي حضور كبير في شعر محمد صيام بحيث نلمس حديثه عفوياً يتناول فيه أهله وأصدقاءه والناس من حوله، يتحدث إليهم حديث الحب الحاني والصديق الوفي.. فنراه ينظم مقطوعة شعرية يهديها لوالده، يؤكد له فيها وفاءه واعترافه بجميله، فيقول(7):

أنت الذي أحسنت تربيتي وكنت لي الدليل

ورعيتني ومضيت ترشدني إلى أهدى سبيل

ولذا فلا شَبَهٌ لحبك في الفؤاد ولا مثيل

من بعد حب الله –جل الله- أو حب الرسول

فالله –يا أبتاه-أسأل بالرضا لك والقبول

وإليك أهدي هذه الكلمات رداً للجميل

ويخاطب الشباب بقوله(8):

أنـا  –ما علمت- iiمعلمُ
قـلمي  وقرطاسي iiيرو
ولـقد  وجدت الشعر ذا
فـنـظـمته كالسلسبيل
فـي كل ناحية من iiالـ




 
قـضَّيْتُ  أيامي iiالعذاب
دان الـبراعم iiللصواب
أثر عجيب على الشباب
لـهـم  وكالتبر iiالمذاب
أدب  العفيف وكل iiباب

ويفقد الشاعر ابنته الطفلة صفية، فيحس بعمق الألم فيرثيها بقوله(9):

جرح  المصيبة iiغائر
لـلـه درك يا صفيـ
فمضيت والأثواب طا


 
وأسى  الفجيعة iiغامر
ـة  غـيـبتك مقابر
هـرةُ وجسمك iiطاهر

وتلتهب أشجان شاعرنا محمد صيام على فقد علم من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر الشيخ أبي الأعلى المودودي، فيقول(10):

غـير  أن المصاب في أي iiفرد
فـهـو  في مركز الصدارة iiمنا
عـالـم عـامـل بـغير iiتوان


 
ليس مثل المصاب في المودودي
ولـه فـي الـقلوب أي iiرصيد
واثـب  مـخـلص بغير iiحدود

ولما استشهد القائد البطل "يحيى عياش"، نظم قصيدة بعنوان "عشاق الشهادة، قال فيها(11):

(يـحيى)  وحادث الاغتيال وكيف دبر الاغتيال
والـغـدر  والـعملاء والمكر الشديد iiوالاحتيال
وتـآمـر  الـمـتـآمـرين وما يقال ولا iiيقال
والـقمع  والإرهاب والسجن الطويل iiوالاعتقال
هذا الذي يجري –لعمرك- تحت سلطة الاحتيال

آثاره الأدبية:

1 – ديوان "دعائم الحق" – صدر عن مكتبة الفلاح بالكويت، 1981.

2 – ديوان "ميلاد أمة" – صدر عن دار الفرقان بعمان، 1987.

3 – ديوان "سقوط الرفاق" – صدر عن مركز الراية العربية بالكويت، 1990.

4 – ملحمة البراعم (في عشر حلقات) – صدرت الطبعة الأولى في الكويت 1990.

5 – ديوان الانتفاضة – صدر في الكويت عام 1990.

المصادر والمراجع

1 - ديوان "ميلاد أمة".

2 – يوسف العظم مقدمة ديوان "ميلاد أمة".

3 - ديوان "دعائم الحق".

4 – شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، ج2.

5 – مجلة فلسطين المسلمة – العدد الرابع، 1992، والعدد الثاني، 1996.

6 – مجلة المجتمع الكويتية – العدد الثاني، 1970، والعدد 73، 1975.

*   *   *

مختارات من شعره:

(1) إلى الأمهات المسلمات

لما كانت الأم هي الأساس في تربية الجيل الصالح، فقد نظم الشاعر محمد صيام هذه القصيدة ووجهها إلى الأمهات المسلمات، ليتخذن الإسلام منهاجاً في تربية جيل المستقبل، لعل الله سبحانه يفتح لأمتنا بهذه الجيل فتحاً جديداً.

إلى الأمهات المسلمات*

ربّـي ولـيـدك وفـق الدين iiربيه
يـا  أخـت أنـت رعاك الله iiعدتنا
فـلـقـنـي  طفلك الإسلام فهو iiله
وأبـعـديـه  عـن الشيطان iiيفتنه
وجـنـبيه  ألاعيب الأولى انحرفوا
وسَـلِّـحـيه بما في الدين من iiأدب
وعـلـمـيـه  التقى إن التقى iiسند
ونـشّـئيه  على هديِ الكتاب iiومن
وزوديـه بـأخـلاق مـحـصـنة
أخـلاق  أجـداده الغر الذين مضوا
مـن  كـل ضرغامة ذكراه iiعاطرة
ولّـى  وغـاب عـن الدنيا iiبطلعته
كـمـثـل سعد وكسرى يستهين iiبه
فـيـزأر  البطل المغوار وهو على
وعـداً مـن الله خص المؤمنين iiبه
فـمـا لـكـسرى غداة القادسية iiلا
ومـا لـحـظ مـليك الفرس iiفارقه
ومـا لأجـنـاده خـارت iiعزائمهم
ومـن لـرسـتـم والفرسان iiتخذله
أكـل ذلـك مـن سـعد ومن معه؟
وابن الوليد وما في الأرض من iiنغم
يـمضي  ونشر الهدى دين يدين iiبه
يـطوي الصحارى بفتيان ذوي iiجلد
فـمـن يجير هرقل الروم من محن
وأيـن  مـنه عصابات قضت زمناً
لـقـد  طوتها رماح الصيد مشرعة
نفسي فدا بطل اليرموك ما ذكر iiالـ
وألـف مـرحـى لمن كانوا برفقته
ولست أنسى صلاح الدين وهو على
جـئـنـا إلـيـك فصبراً إن iiأمتنا
جـئـنـا  إليك نرد الغاصبين iiوما
وشـعـبنا في سبيل الله قد iiغضبت
والـشـرق ثار فلا عرب ولا iiعجم
فـازَّيَّـنَـتْ أرضنا من بعد iiغمتها
هـذي نـمـاذج قد جاد الزمان iiبها
والـيـوم يـنـتهز الأعداء iiغيبتها
وصوَّبَ  الغرب نحو الشرق iiأسهمه
كـالـلـص يقتحم الأسوار ثم ترى
وفـاتـه  أن لـلأيـام iiدورتـهـا
أيـحسب  الغرب أن الشرق iiيتركه
أم أن حـسـن جوار الغرب iiيجعله
والـمسلمون،  أليس الغرب يذكرهم
هـم  الـذيـن على أيديهمو iiكثرت
وذكـرهـم  طبق الآفاق مذ iiوجدوا
والغرب  يعرف من حطين iiصولتهم
*               *               ii*
فـمـا لـهـذا الزمان اختص iiأمتنا
ومـا  لـهـا ما رأت من قبله زمناً
أمـن  قـلـيل عتاد، أم ترى سبب
مـاذا يـفيد عتاد الأرض بين iiيدي
وكـل  فـرد مـن الأفـراد واأسفا
والـنـاس أخلاقهم أمست مزعزعة
أمـا  الـفساد الذي قد بات iiمنتشراً
فـسـوف  يـلـتهم الدنيا iiبأجمعها
*               *               ii*
يـا  أيـهـا الناس فلتنجوا iiبأنفسكم
عـودوا إلـى الله يـنقذكم iiبرحمته
ولـتـستقوا  من كتاب الله iiمنهجكم
ولـتـدركـوا هـذه الدنيا iiبدعوتكم
فـقـد  تـردت وهـديُ الله ينقذها



























































 
فـالـديـن  من سفه الإلحاد iiيحميه
لـخـلـق جـيل قوي غير iiمشبوه
كـالـمـنهل العذب ما ينفك iiيرويه
بـجـنـده  الكثر في الدنيا iiويغويه
إن  انـحـراف الفتى لا شك يرديه
ومـن مـحـجـته البيضاء iiفاسقيه
يـقـيـه  من كل أمر سوف iiيؤذيه
آيـاتـه الـغـر يـا أخـتاه iiغذيه
مـن الـضـلالـة والإفساد iiتنجيه
كـالأنـجم الزهر في ليل من iiالتيه
مـا كان غير رضا الرحمن يرضيه
لـكـن  أعـمـالـه الغراء iiتحييه
وجـيـش  رسـتـم طوفان iiيلاقيه
أقـوى الـيـقـين بأن النصر آتيه
وكـل وعـد عـلى الرحمن iiيوفيه
يـلـقـى مـن القوم إنساناً iiيواسيه
وكـان  قـبـل بـلا جـهد iiيواتيه
ومـا  لإيـوانـه مـا عـاد iiيؤويه
والـطـعـن  كالغيث يأتيهم iiويأتيه
يـا رحـمـة الله غـشيهم iiوغشيه
كـمـثـل قـعقعة الأرماح iiيشجيه
ونـصـرة الـحق من أغلى iiأمانيه
مـن غـيـر هاد بذاك القفر iiيهديه
سـتَـدْلَـهِـمُّ عـلـيه ثم iiتطويه؟
بـالنفس  والمال حين البأس iiتفديه؟
لـنـصـرة  الـحق ما تنفك iiتعليه
ـجـهـاد  في الله في أبهى iiمعانيه
والله  يـجـزيـهـمو عنا iiويجزيه
مـشـارف المسجد الأقصى iiيناجيه
رأت لـعـمرك رأياً سوف iiتمضيه
قـد  هـدَّمـوا منك بالأرواح iiنبنيه
مـنـه الـحواضر واهتزت iiبواديه
بـل  مـسلم واضح من غير تمويه
وهـلـل المسجد الأقصى ومن iiفيه
فـلالأت كـالـثـريـا في iiدياجيه
عـن  شـرقـنا ليعيثوا في iiنواحيه
وراقـه  مـنـظـر الأرماح تفريه
أن الـنـجـاة بـالاستمرار iiتغريه
وقـد  تـفـاجـئـه من غير تنبيه
يـمـتـص  خيراته والفقر iiيشقيه؟
مـن  حـبه الشرق بالآفات يرميه؟
أم أن أحـقـاده الـعـمياء iiتنسيه؟
فـيـه  الجراحات وازدادت iiمآسيه
والـدهـر لا زال بالإعجاب iiيرويه
وإن تـبـجـح فـالـتاريخ iiيخزيه
*               *               ii*
بـالـحـادثـات  وغطتها iiبلاويه؟
نـكـراءَ  أيـامُـه سـوداً iiلياليه؟
غـيـر  الـعتاد نعاني من iiتفشيه؟
شـعـب تـنـكر مختاراً iiلماضيه؟
عـلـيـه  دور ولـكـن لا iiيؤديه
والـعـالـم اليوم في خطب iiسيُفْنيه
فـي هـذه الأرض والشيطان ينميه
وسـوف  يـغـرقها في قعر iiواديه
*               *               ii*
ولا  تـكـونوا كمن ضلت iiمساعيه
مـن  الـشـقـاء الذي بتنا iiنعانيه
فـلـيس  في الأرض منهاج iiيدانيه
حـتـى  تـطبوا لها جرحاً iiتقاسيه
وجـرحـهـا غـائر والدين iiيشفيه

*   *   *

مختارات من شعره (2)

وعد بلفور

منذ حلت النكبة بفلسطين، لم ير المسلمون خيراً، فقد تتابعت عليهم النكبات وحلّت في ديارهم المصائب.. وما حل بفلسطين ليس نكبة مفردة بل نكبات متداخلة يفضي بعضها إلى بعض..

وينظر المسلمون إلى الوعد المشؤوم الذي أطلقه وزير خارجية إنجلترا "بلفور" نظرة كلها سخط وغضب وثورة على الوعد وصاحبه، ويعتبرون هذا الوعد النقطة السوداء الكبرى في جبين القضية، فكلما مرّت ذكراه في الثاني من نوفمبر من كل عام عبر المسلمون بكل الوسائل المتاحة عن عواطفهم تجاهه وتجاه الدولة التي صدر منها.

على أن في قضية فلسطين ألف وعد لا تقل بشاعة وإجراماً عن وعد بلفور، إلا أن المسلمين يعبرون عن سخطهم على هذه الوعود كلها بإنزال غضبهم على الوعد اللئيم..

وفي ذكرى مرور ثمانية وخمسين عاماً على هذا الوعد، أنشأ الشاعر قصيدته هذه معبراً عن كل ما يجيش به صدره نحو القضية بكل مشكلاتها.. وناقلاً رغبة الرأي العام الإسلامي في الاستنجاد بصلاح الدين، رمز القيادة الجهادية والبطولة الإسلامية، لكي يتولى تحرير القدس وفك حصارها، بعد أن عاين المسلمون خلال تجارب العقود الماضية قصور القيادات الحالية وعجزها عن تخليص مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم من براثن يهود.

وعد بلفور**

-1-
مـن خـيمتي تلك التي صمدت على مر iiالسنين
كـالـمـارد الـجبار في وجه الحوادث أجمعين
وبَـنِـيَّ فـيـهـا كـل يـوم يزأرون iiمرددين
سـنعود  يا وطني ولو –إن شاء ربك-بعد iiحين
مـنـهـا  سـأكـتب قصتي بصراحة iiللعالمين
فـأنـا ابـن شعب لن يكل من الجهاد ولن iiيلين
ولـسـوف  يشعلها لظى حتى يعود إلى iiالعرين
-2-
أمـا الـيـهـود فـليس في وطني مكان iiلليهود
ولـيـعـطـهـم بلفور من إنجلترا بدل iiالوعود
وبـذكـرِ  بـلـفـورٍ أقول لكل ذي كرم iiوجود
أنـا مـا رأيـت كمثل بلفور صفيقاً في iiالوجود
يعطي اللصوص على هواه من الوعود بلا iiحدود
وبـرغـم ذاك فـمـا الـبلية عند بلفور الحقود
بـل عـنـد مـن يتجاهلون بأنها أرض الجدود
-3-
أنـا كـان لي في أرض أجدادي منازل لا iiتزال
شـمـاً  شـوامـخ لم ينل منها العدا أدنى iiمنال
في القدس في يافا وغزة في الجنوب وفي الشمال
كـنـا بـهـا نـحـيا حياة دونها ما في iiالخيال
حـريـة  ورضـاً وعـيـشاً ناعماً وهدوء بال
ثـم  اسـتـدار لـنا الزمان وأمعنت فينا iiالليال
نـفـيـاً وتـشـريـداً وطعناً بالأسنة والنصال
-4-
وتـكـاتفت  من كل أنحاء الوجود قوى iiالتحدي
تـنـوي  الـشرور بشعبنا الغالي بإصرار iiوجد
فـمـضت  وهذا الشعب غير مصدق أو iiمستعد
تـجـتـثـه مـن أرضه بضراوة الخصم iiالألد
وانـهـالـت  الأمـداد تـدعـمهن مداً بعد iiمد
خَـلْـقُ  وأعـتـدة وأمـوال بـلا حصر iiوعد
وبـنـو الـعـروبة –يا تعالى الله-في أخذ ورد
-5-
هـذا  يـقـول لـهـم: تعالوا نتفق بصفاء iiنيه
ألا يـظـل لـخـصـمـنا من بيننا أحد iiمطيه
ويـقـول  ثـان: كيف لا والأمة الكبرى iiالأبية
ولـتـكـمـو  أمر البلاد فكيف تعطون iiالدنيه؟
ويـقـول آخـر: وجهوا هذي الجموع iiاليعربيه
لـتـخـوضـهـا  حرباً مقدسة بلا أدنى iiرويه
فـيـقـول (رابـعـهم): حذار فإن أمريكا iiقويه
-6-
يـا  لـلـمـهـازل هل لأمريكا مفاتيح iiالحياة؟
أم أنـهـا مـلكت نواصي الناس في كل iiاتجاه؟
أم  أنـهـا لـم تـدر أنـا لا تـلـيـن لنا قناة
نـرث الـبـطولة عن جدود حطموا كل iiالطغاة
ومـضـوا لإصـلاح الحياة يرودهم هدي iiالإله
سـقـيـاً  لـعـهـد أولئك الغر الميامين iiالأباه
كـم  أدبـوا دولاً؟ وكم –في الله-قد داسوا، جباه
-7-
والـيـوم تـخلفهم زعانف مالها في الأمر iiحيلة
رتـب وتـيـجـان وسـلـطان وأخبار iiطويلة
وتـخـيـفهم يا للفضائح والأسى عُصَبُ iiدخيله
يـا أمـة الـعـرب ارجـعي لله واتبعي iiسبيله
وتـرفـعـي  يـا أمتي عن الانتماءات iiالهزيلة
واسـتـمسكي  –نفسي فداك-بدعوة الله الأصيلة
يـنـقـذك مـن هـذا البلى بوسيلة وبلا وسيلة
-8-
يـا  مـسـلـمـون إلى الجهاد بقوة يا مسلمون
فـالـمسجد الأقصى المبارك يستغيث iiأتسمعون؟
والـنـاس كـل الـناس في أوطاننا يتصايحون
قـم  يـا صـلاح الدين إن بني العروبة نائمون
قـم فـالـصـلـيبيون عادوا كالأفاعي ينهشون
فـاخـلـع  نـيـوبهم التي بسمومها iiيتحركون
أمـا  الـصـهـايـنة الغزاة فما لهم إلا iiالمنون
-9-
يـا  أيـهـا الـشعب الفلسطيني لا تلق iiالسلاح
وتـصـد لـلـدخلاء كالضرغام في كل iiالبطاح
عـصب  الكلاب استأسدت في أرضنا ولها نباح
يـعـلـو  فـيـزعج أهلنا وبلادنا في كل iiساح
أسـكـتـه  يا شعب البطولة بالخناجر iiوالرماح
إن  الـغـزاة بـتـضحياتك لن يرف لهم iiجناح
ودويـلـة  الـدخلاء سوف تظل مثخنة iiالجراح

مختارات من شعره (3)

الحل الوحيد هو الجهاد

الجهاد هو السمة المميزة لأمة الإسلام في تاريخها الطويل، وهو طريقها المرسوم إلى الهداية والتمكين في الأرض.. ولذلك جعل الإسلام فريضة الجهاد في ذروة فرائضه، وأعد للمجاهدين أعظم الأجر، حثاً للمسلمين على الجهاد وترغيباً فيه وتشويقاً إليه، وجعل الجهاد بالنفس والمال طريقاً لرحمة الله تعالى ومغفرته والخلود في جنته، وسبباً في مضاعفة أجر المجاهد، ووسيلة للنصر على الأعداء والتمكين في الأرض وإعلاء لكلمته الله.

وأمة الإسلام أمة جهاد ورباط.. تعزّ بالجهاد وتقوى بالرباط، وهي إن ركنت إلى الدنيا ذلت وهانت وتناوشها الأعداء من كل جانب.. وهذا ما حل بها في هذا الزمان..فقد ركن المسلمون إلى الدنيا فأصابهم الوهن، وذلوا بين الأمم، وانتهكت حرماتهم، وديست مقدساتهم، وحلت بهم أكبر كارثة يوم وقعت أرض الإسراء والمعراج بيد الصليبيين واليهود.

وأمام هذه الأحداث الجسام هبّ الشعراء الإسلاميون ينبهون الأمة إلى الأخطار المحدقة بها، ويدعون إلى وحدة الصف والكلمة، وينادون بالثورة على الطغيان وتحطيم القيود، لتحرير مسرى النبي عليه السلام.. فنظموا قصائد وأناشيد دعوا فيها شباب الأمة الإسلامية إلى إيقاظ جموع النيام الذين غرقوا في سبات عميق، ورضوا بالذل والعبودية سبيلاً للحياة، وبينوا لهم أن الطريق إلى غسل العار واستعادة الوطن السليب لا يكون بالنوم ولا بالخنوع، إنما يكون بالسير على منهج القرآن وتربية الشباب على الجهاد.. وكان أول من لبى النداء أبناء فلسطين الذين تربوا في مساجدها العامرة..

وقامت الانتفاضة، وهب شباب المساجد في وجه الطغيان، يدافعون عن الأقصى وعن أرض الإسراء.. ومرت الأيام ومضت سنتان وهم يقفون وحدهم في الميدان.. ولا مغيث ولا معين.

وجاءت هذه القصيدة "صيحة مسلم" أطلقها شاعرنا الدكتور محمد صيام، بمناسبة مرور سنتين على الانتفاضة الشعبية المباركة، ودعا فيها العرب والمسلمين إلى الجهاد لنجدة الأقصى الأسير.. صيحة أطلقها لتوقظ النيام وتهز الغافلين لعله يجد فيهم بقية من رجولة أو نخوة تستثار.

وقد ألقيت هذه القصيدة في الأمسية الشعرية التي أقامتها بهذه المناسبة رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بقطر مساء يوم الأحد 19 من جمادى الأولى 1410هـ - الموافق 17/12/1989م.

الحل الوحيد هو الجهاد

سـنـتان والأقصى ينادي القومَ حيّ على iiالجهاد
كـي  تنقذوا مسرى النبي من الأذاة iiوالاضطهاد
وتـطـهروا  الوطن المقدس من مواخير iiالفساد
أم  أن أولـى الـقـبـلتين استُثيت من iiالاعتقاد
يـا  قـوم (سبحان الذي أسرى) ترن بكل iiنادي
وتـزود الـمـتـشـوقين إلى الجهاد بخير iiزاد
وتهيب بالعرب الأشاوس في الحواضر iiوالبوادي
أن  يـنفروا كالسيل يجرف ما يواجه من iiأعادي
*                      *                     ii*
سـنـتـان والـحـل النهائيُّ الوحيد هو الجهاد
وبـقـاء إسـرائـيـل رهـن بالتخاذل والرقاد
وخـرافـة الجيش الذي لا يقهر انتشرت، iiوساد
فـي الـكـون، أن جيوش إسرائيل أبطال iiشداد
والـيـوم  فـتـيـان انتفاضتنا المغاوير iiالجياد
جـعـلـوهـمو بالعزم والتصميم سخرية iiالعباد
ويـجـن  ضـبـاط الـعـدو بكل أنحاء البلاد
فـيـزمـجـرون  ويـنعقون وينعبون بكل واد
*                      *                     ii*
سـنـتـان  والآذان قد صُمَّتْ وأغلقت iiالنواظر
عما يلاقي الأهل في الوطن السليب من iiالمجازر
وبـنـو العروبة، بعد أن كانوا النصير لكل ثائر
صـاروا  حـمـاماً للسلام وضد أي فتى iiمغامر
يـا لـيـت شعري والتضامن والتآخي iiوالتنازر
والـوحـدة الـعـربية الكبرى ومهزلة iiالتناصر
وجـيـوشـنـا وسلاحنا وسيوفنا الصمّ iiالبواتر
مـا بـالها سكتت كمثل سكوت أصحاب iiالمقابر
*                      *                     ii*
سـنـتـان والـمحتل يبطش بالكهول iiوبالنساء
ويـقَـتِّـلُ الأطـفال والشيب الضعاف الأبرياء
ويـهـود  تـبـني في مرابعنا وترفع في البناء
والـشـعب ماض رغم ما صبوا عليه من البلاء
فـجـنـودهـم يتطاولون على رسالات iiالسماء
ويعربدون – ولا الوحوش- غرامهم سفك iiالدماء
ورمـوزهـم يـتـسافهون على النبي بلا iiحياء
والـمـسـلـمـون مصائب تترى وأفئدة iiهواء
*                      *                     ii*
سـنـتـان  والـمـليار قطعان يحركها iiالرعاء
والألـف مـلـيـون إذا اتحدوا يسدون iiالفضاء
والـديـن  يـدعـو للتجرد والعزيمة iiوالمضاء
لـنـحرر الأقصى، من الأسر المدمر.. iiوالشقاء
يـا  ألـف مـلـيونٍ.. أعدوا ما استطعتم iiللقاء
وثـقـوا  بـأن الـمـستعد هو القوي بلا iiمراء
ولـه الـحـيـاة –ولا حياة هنا- لغير iiالأقوياء
والـمـوت لـلـضعفاء فالضعفاء ليس لهم iiبقاء
*                      *                     ii*
سـنـتـان مـن أعمارنا والأهل في تلك iiالديار
يـتـنـقلون –كما ترون- من انتصار iiلانتصار
صـرعوا  العدو، وأذهلوه، وعودوه على iiالفرار
وهـو الـذي فـرت أمـام جـيوشه دول iiكبار
ولـهـم  على القمع اصطبار لا يدانيه iiاصطبار
ويـواجـهـون الـقمع بالعزم الشديد iiوالانفجار
فـي الـلـيل لا يثنيهمو منع التجول iiوالحصار
والـويـل  كل الويل –للمحتل- إن طلع iiالنهار
*                      *                     ii*
سـنـتـان يا شعبي، وأنت كأنك الشم iiالرواسي
يـهـتز  عُبّاد الزعامة في الصراع وأنت iiراس
لـلـه درك كـم تـكابد في الصمود وكم iiتقاسي
والـعـالـم  العربي يغرق في التثاؤب والنعاس
وأراك تـحـتـقـر الـسياسيين عُبّاد iiالكراسي
الـلاهـثـيـن  وراء أوهام من الحل iiالسياسي
ولـو استمعت لهم دخلت من انتكاس في iiانتكاس
وظـلـلـت  تـلعق ما يسببه التخاذل من iiمآس
*                      *                     ii*
سـنـتـان يـا لـله من سنتين، مل iiالمرجفون
ومـضـوا  وهـم يـتـآمرون كأنهم iiسيُخَلَّدون
قـالـوا..  ومـاذا بـانـتفاضتكم لنا ستقدمون؟
قـلـنـا: أأنـتـم في فلسطين الحبيبة iiزاهدون
أم  أنـكـم تـحـيـون كالأموات لا iiتتحركون
مـا  الانـتـفاضة غير إنذار، فهل iiتستيقظون؟
مـن  بـعـد أن نـسـيتكم الدنيا وكدتم iiتدفنون
فـالـعـالـم  اليوم الضعاف به احتقاراً iiينبذون
*                      *                     ii*
سـنـتان  والشعب الفلسطينيُّ في عنت iiوضيق
وجـهـاده الـدامـي يـنادي بالزعامة أن iiتفيق
فـلـقـد  تنكبت الطريق، أجل! تنكبت iiالطريق
وهـوت  بـمـهزلة السلام اليوم في واد iiسحيق
أعـمـاهـمـو وهج السلام وغرهم منه iiالبريق
واسـتـاقـهـم  تـياره كالموج يعبث iiبالغريق
ونـسـوا  بـأن الـخـصم كذاب أناني iiصفيق
ومــراوغ فـذ، وخـداع، ونـازي iiعـريـق
*                      *                     ii*
سـنـتـان  والفتيات في الأرض السليبة iiكُلُّهُنَّهْ
جِـنٌ  عـلـى الـمحتل وهو يَجنُّ من iiأفعالهنه
فـهـنـا مـظـاهرة تهز الأرض من تدبيرهنه
وهـنـا هـجـوم يـنـقذ السجناء من iiابنائهنه
وهـنـاك  أحـجـار تـعد لكي يقمن iiبدورهنه
إن  الـنـسـاء الـحب غايتهنَّ، وهو iiغرامُهُنَّه
أمـا  نـسـاء بـلادنـا فـتـغيرت iiأطباعهنه
وغـدون  كـالـشـبان، الاستشهاد أكبر iiهمهنه
*                      *                     ii*
سـنـتـان والـمـحتل يرعبه صمود iiالثائرين
وتـقـض مـضـجعه حجارة أهلنا iiالمستبسلين
في  "القدس" أو في "نابلس" إن في شمالٍ أو يمين
فـي  الـشـاطئ الدامي وكل مخيمات اللاجئين
وذكـرت  مـا عشنا هناك "بخانيوسٍ" من iiسنين
وذكـرت "غـزة" والأحبة في الخليل وفي iiجنين
وكـتـائـب الفتيان، وهي تطارد الخصم اللعين
فـاشـتـد  شـوقي للجهاد وكان يقتلني iiالحنين
*                      *                     ii*
سـنـتـان  أُبـعـد فيهما من شعبنا خلق iiكثير
وتـعـطـل الـتـجـار والعمال مذ دق iiالنفير
والـجـامـعات  أو المدارس والمعاهد لا iiتسير
أمـا  الـشـبـاب فهم شهيد أو جريح أو iiكسير
لـكـنَّ أهـلـيـنـا هـنالك، أقسموا ألا يحور
مـهـمـا ادلهم الليل، أو لم يبق في الآفاق iiنور
ولـيـصبرُنَّ على الردى مهما تراكمت iiالشرور
حـتـى يـحـطَّـمَ كيدُهم أو أن تضمهم القبور
*                      *                     ii*
سـنـتـان  و"الأقصى" يذوق حُماتُه صاباً iiومرّا
ويـواجـهـون  بـرغم قلتهم جنودَ البغي iiطرّا
ويـجـاهـدون  ليرجع "الأقصى" بإذن الله iiحرّا
فـيـهـود تـضـمر منذ جاءتْهُ إساءاتٍ iiوشرّا
ومـخـطـطـات المجرمين لهدمه لم تبق iiسرّا
والخصم ماض في بناء الهيكل –المزعوم- جهرا
والـعـالـم  العربي يشجب ذاك، شجباً iiمستمرا
ويـزلـزل الـدنـيـا بـتصريحاته وهلمّ iiجرّا
*                      *                     ii*
سـنـتـان والـزعـمـاء في دوامة iiيتخبطون
وانـفـض عـنـهم كلّ من كانوا عليه iiيعوّلون
فـالشعب  لا يرضى بما يرضون من ذل iiوهون
ولـذا  يـكـاد الـيوم، من قلق، يمسهم iiالجنون
رفـعـوا  أيـاديـهـم لأمريكا وهم iiمستسلمون
لـكـنـهـا  قـلبت لهم ظهر المجن ولا iiيعون
واصـطـادهم  شرك الحوار، وهم عليه iiيعلقون
آمـال أمـتـنـا، فـأمريكا هي الصدر iiالحنون
*                      *                     ii*
سـنـتـان  والـعبث السياسي المبرمج iiيعترينا
حـتـى يـكـاد عن الكفاح بريقه يعمي iiالعيونا
فـهـناك  أشبال العرين صدورهم تحمي العرينا
وهـنـا  شـعـارات، وأعـلام شمالاَ أو iiيمينا
وهـناك  فتيان أحالوا الأرض فوق الخصم iiطينا
وهـنـا  زعـامـات أحـالـتنا قطيعاَ iiمستكينا
وهـنـاك  إرهـاب يُـشَيِبُ هَوْلُه حتى iiالجنينا
وهـنـا  الضغوط المستمرة كي نلين، ولن iiنلينا

د. محمد صيام.. أديب وداعية، وخطيب مؤثر من خطباء الحركة الإسلامية، كان أحد خطباء المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1986 وحتى عام 1988، وهو أديب من جيل المحنة، اكتوى بنارها منذ صغره، وعاش مع المآسي والنكبات التي حلّت بوطنه، وآمن بحتمية الحل الإسلامي لقضايا أمته، واختار طريق الحق ليكون جندياً من جنوده، وشارك في مجالات عديدة من مجالات العمل الإسلامي.

حياته: وُلد محمد الشيخ محمود صيام في قرية (جورة عسقلان) بفلسطين سنة 1937. ونشأ في أسرة متدينة متمسكة بإسلامها، وتلقى دراسته الابتدائية في القرية حتى عام 1948. ولما حلت بفلسطين نكبتها الأولى واحتل العدو الصهيوني بلده، هاجر إلى قطاع غزة.. وفي منطقة غزة تلقى دراسته الإعدادية، وأتم الثانوية عام 1955. والتحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1959، حيث حصل على اللسانس في اللغة العربية وآدابها، وعمل مدرساً لمادة اللغة العربية بمدارس غزة. وفي عام 1960 توجه إلى الكويت وعمل في التدريس والإدارة المدرسية والتوجيه الفني لمادة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم بدولة الكويت.

وحصل على الماجستير في الأدب العربي من جامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1980، والدكتوراه في الأدب العربي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1982.

وفي عام 1983 عمل مدرساً بكلية الآداب في الجامعة الإسلامية بغزة، ثم شغل منصب مدير مكتب الجامعة لشؤون المتابعة، وعضوية مجلس الجامعة. ثم شغل منصب (القائم بأعمال رئيس الجامعة) منذ عام 1984.

وفي عام 1988 أبعد عن الوطن المحتل، بعد اتهام سلطات الاحتلال للجامعة الإسلامية –التي كان يرأسها- بتفجير الانتفاضة الفلسطينية المباركة في 8/12/1987.

ومنذ إبعاده عن وطنه أقام في السودان حتى منتصف التسعينيات، ثم توجه إلى دولة اليمن وأقام فيها.

          

الهوامش:

(1) ديوان "ميلاد أمة"، ص 43.

(2) ديوان "ميلاد أمة"، ص 21.

(3) ديوان "ميلاد أمة"، ص 51.

(4) شعراء الدعوة الإسلامية ج2، ص 70.

(5) شعراء الدعوة الإسلامية ج2، ص 70.

(6) فلسطين المسلمة – العدد الرابع، 1992، ص57.

(7) ديوان "ميلاد أمة"، ص 5.

(8) ديوان "ميلاد أمة"، ص 27.

(9) ديوان "ميلاد أمة"، ص 16.

(10) ديوان "ميلاد أمة"، ص 17.

(11) فلسطين المسلمة – العدد الثاني، 1996، ص65.

* المجتمع الكويتية – العدد الثاني، السنة الأولى 1390هـ 1970 م. وديوان "دعائم الحق"، ص 159-166.

** ديوان "ميلاد أمة" ، ص 82 -86. ومجلة المجتمع الكويتية – العدد 73 من السنة السادسة، 1975