علي فهيم زيد الكيلاني

علي فهيم زيد الكيلاني

   الشاعر                    بقلم: حسني جرار

الشاعر علي فهيم زيد الكيلاني (أبو العلاء).. شاعر التزم الإسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً في الحياة.. وهو من طليعة الشعراء المعاصرين في الأردن، بما امتلك من شاعرية موهوبة, وفكر ملتزم. شعره كلمات تنبض بالحياة، له في النفس وقع وتأثير.. كان أميناً صادق الكلمة في شعره، استطاع من خلاله أن ينقل فكره وعقيدته بأمانة وجرأة وتجرد ووضوح.. وكان سلوكه تبعاً لما آمن به واعتقد.

حياته وأسرته:

ولد علي فهيم زيد الكيلاني في مدينة السلط عام 1931، وعاش في كنف والده الشيخ فهيم، الذي كان إماماً وخطيباً في أحد مساجد السلط، بعد أن كان معلماً ومدرساً في مدارسها إبان العهد العثماني.. وشب في أسرة ملتزمة بإسلامها، وتقدر العلم والعلماء..

وقد ظهر في عائلته شعراء، يشار إليهم بالبنان، أمثال: رشيد زيد الكيلاني، وحسني زيد الكيلاني، ومصطفى زيد الكيلاني، وسيفد الدين زيد الكيلاني، ومحمد طاهر زيد الكيلاني، والشيخ إبراهيم زيد الكيلاني. كما أن عائلته ضمت نخبة من العلماء (في الشريعة) الذين كان لهم أثر كبير في مجتمعهم المحلي، أمثال: الشيخ عبد الحليم زيد الكيلاني، ووالد الشاعر، والدكتور إبراهيم زيد الكيلاني وغيرهم.

عاش علي فهيم في بادية حياته في مدينة السلط، التي عشق فيها روابيها لجميلة، وكرومها النضرة، ونسيمها اللطيف.. ولعل كثرة الشعراء فيها، ممن ينتمون إليها، أو أقاموا فيها، خلال مراحل من حياتهم، قد أوجد حالة من التلاحم بين شاعرنا وبينهم، فقد أنجبت مدينة السلط عدداً من الشعراء، كما ضمت مدرستها (الأم) وهي أول مدرسة ثانوية في الأردن، شعراء كبار مثل مصطفى وهبة التل وإبراهيم المبيضين، وغيرهما.

وكانت حياة شاعرنا في أسرته الصغيرة حياة هادئة رضية، في وسط من الطبيعة الجميلة الخلابة، التي تنطق بالسحر والجمال، والحب المتبادل الذي يلف أطراف خيمتهم الأسرية، مما ارهف الحس لديهم، ورقق المشاعر، وأجرى الشاعرية على ألسنتهم.

كان شاعرنا وإخوانه من المهتمين بالشعر حفظاً ونظماً وهم ما يزالون على مقاعد الدراسة.. وكانوا يعقدون المناظرات الشعرية مع زملائهم، ويتغنون بمختارات من أجمل الشعر لأعظم الشعراء مما أثرى خيال وشاعرية شاعرنا علي فهيم.

درس شاعرنا في مدارس السلط، وأنهى الثانوية العامة عام 1950، وعمل موظفاً في دائرة الإحصاءات العام، في عام 1951 حتى عام 1966، وقد تم إيفاده في أثناء تلك الفترة، إلى مركز الإحصاء الدولي في بيروت لمدة ستة أشهر عام 1956، كما تم إيفاده عام 1961، إلى مطبعة شركة (ناشيونال كاش ريجستر) في بيروت لمدة شهرين للتدرب على أعمال الطباعة، وعمل إدارياً في مختبرات وزارة الصحة لمدة عام ما بين 1966 – 1967، وانتقل بعدها إلى وزارة السياحة عام 1967، وتسلم إدارة المطبعة التي أسست فيها.. ثم أصبح مديراً لقسم الإنتاج الفني في الوزارة، وعمل مستشاراً فنياً لدى مطبعة مديرية الأمن العام بشكل إضافي، ثم مديراً لمطبعة جريدة الرأي العام لمدة ثلاثة شهور عام 1979، وبعد خدمات طويلة في هذا المجال في السلك الحكومي، تفرغ للعمل في نفس المجال خارج الإطار الرسمي، وأحيل إلى التقاعد في وزارة السياحة عام 1981 ، ليؤسس مع زملائه مطبعة الأصدقاء التي استمرت حتى عام 1984، ثم تركها وأسس مع شريك آخر (مطابع الإيمان)(1).

ثقافته وفكره:

استند شاعرنا إلى ركيزة ثقافية شاملة وأصيلة، وهي التي أعطته هذا الزخم الشعري في الشكل والمعنى، وهذه الركيزة، هي ثقافته الدينية الأصيلة. فالنشأة البيتية، تعد محطة أولى في تكوين ثقافته.. فقد نشا في بيت يزينه العلم والتقوى والورع، ويجمله الأدب والفكر والمعرفة.. فلما التقيا معاً، (العلم والتقوى) ظهرت شخصيته الإنسانية المؤمنة، أقو شكيمة وفكراً ووجداناً.

وشاعرنا تربى على يد والده المعروف بالعلم والتقوى، وعاش بين إخوانه الذين نهلوا من المعين نفسه، كما أن البعد الثقافي للعائلة الكيلانية التي ينتمي إليها، قد زاد حصيلته المعرفية، وقد وظفها في خدمة انطلاقته الأدبية. ومنهل آخر للثقافة، نهل منه أبو العلاء، هو مدرسة السلط الثانوية.. فمنها خرجت مصابيح العلم والمعرفة.. كما أن المعلمين الذين تتلمذ على أيديهم هو وزملاؤه، كانوا مشاعل معرفة.

أما مطالعاته الثقافية.. فشاعرنا قارئ جيد، يقرأ في الأدب والشعر، وكما يقرأ في اللغة والفكر الإسلامي والتاريخ.. وقد قرأ وهو شاب قصصاً كثيرة، وروايات عدة، وقرأ للروائيين والشعراء والمفكرين.. كما أن انضمامه إلى رابطة الأدب الإسلامي كان له أثر واضح على ثقافته الملتزمة، فهو عضو نشط في تلك الرابطة، التي أسست للوقوف أمام الأدب الزائف والمنحرف.

وإن المؤتمرات والندوات والأمسيات الشعرية التي ترعاها رابطة الأدب الإسلامي ويشارك بها، تشكل هي الأخرى انعكاساً لحضوره الفكري.. كما أن المؤتمرات والندوات التي يدعي إليها من خارج الأردن، لدليل على اعتراف تلك الهيئات والمنديات، بأهمية هذا الأدب الملتزم ومن يمثلونه.

ويعد اللجوء للمعارضات التي كان يقيمها شاعرنا، ضرباً، من الضروب الثقافية التي تزيده إطلاعا على أفكار وأساليب الشعراء الذين تناولهم بمعارضاته،. وقد تضمن ديوانه (بؤرة الروح) نماذج شعرية لهذا الفن، والتي عارض فيها عدداً من الشعراء، أمثال الشاعر عبد المنعم الرفاعي، والشاعر محمد مهدي الجواهري، والشاعر حيدر محمود..

فالأبواب الثقافية الواسعة، التي دخلها شاعرنا، من بيئة مكانية وزمانية، تمثلت في البيت والمدرسة والعمل، والندوات والمناقشات والمؤتمرات، وطرح الآراء في مسائل ذات حساسية بالغة في ميدان الشعر والأدب، لا يجرؤ أحد على الخوض بها إلا إذا كان يملك ميزاناً ثقافياً، ونقدياً يزن فيه الأمور بدقة متناهية(2).

شعره:

علي الكيلاني شاعر موهوب.. نظم الشعر منذ يفاعته، وتدرج فيه حتى أصبح شعراً جزلاً جميلاً، له وقع في النفس، بما يعتمل فيه من أفكار عميقة ومعاني سامية، وصور أخاذة، وعبر وحكم، نراها ونحن نطالع تلك الأشعار.. كما أصبح له قدرة على إلهاب المشاعر والأحاسيس بالكلمة الفاعلة، والصور الفنية الرائعة، والقدرة على الإبداع..

والحقيقة أنك وأنت تقرأ شعر أبي العلاء تجد نفسك أمام شاعر متمكن فيما ينظم، وفيما يكتب وما يقول.. شاعر له رسالة، وله انتماء واضح إلى أمته العربية الإسلامي.. زد على ذلك ما نرى في شعره من قدر واضح من الحس الإنساني، والمسؤولية النبيلة التي توجه وترشد، وتشد الناس إلى الهدى والرشاد.. فكان بحق من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأوجدوا أثراً طيباً في توجيه أبناء مجتمعهم المسلم.

وشاعرنا يؤمن بالنهج الملتزم، فالكلمة عنده رسالة يؤمن بقدسيتها، وجلال موقفها وتأثيرها.. يقول في مقدمة ديوانه "بؤرة الروح": "الكلمة كما أحسها كائن نابض فاعل متحرك (كأنما تدب فيها الحياة).. لها في النفس وقع وجرس وتأثير، تحرك الأحاسيس والمشاعر، فتثيرها وتهدهدها، ولها في العقل فاعلية تذكيه فتهديه سواء السبيل، إن كانت قبس هداية، وترديه إذا ألهبت غرائزه وميوله، ولها في المجتمع فعل النار في الهشيم، تحرق وتدمر، أو فعل الماء في الظامئ ترويه فتحييه.

والكلمة الفاعل مرآة تعكس صورة حقيقة الإنسان لا ظاهره، تكشف ما تنطوي عليه النفس من مكنوناتها، وما يختلج في القلب من أحاسيس، وما يعمل في العقل من فكر.. فمن كانت مرآة سريرته مصقولة صافية نقية تعكس انطباع مجتمعه، وبيئته في نفسه وعن نفسه، وقد جلتها صواقل فكره، وجلتها نواصع عقيدته، كانت كلمته صادقة إن استطاع أن ينقلها بأمانة وتجرد ووضوح.

والكلمة الصادقة موقف، من وعى قصدها التزم بها، كان سلوكه تبعاً لما آمن به واعتقد، ومن احترم كلمته احترم نفسه.

والكلمة الموقف مسؤولية، إذا نطق بها كان مسؤولاً عنها، وإذا سجلها كانت مسؤوليته أعظم وأكبر، لأنه وثق أفكاره وأحاسيسه وحقيقته، وهو مسؤول عما ستحدث هذه الكلمة في مجتمعه وبيئته من خير أو شر، وما إذا كانت تبني هذه الكلمة أو تهدم في جسم المجتمع وفي عقيدة الأمة وأخلاقها.

والكلمة الشعر، أبعد التعبير أثراً وأعظمه خطراً، لما لها من وقع على الأسماع، وسحر في النفوس، ودغدغة للسيمفونيات وأرفعها، وتشده إلى أعماقها، فيغوص وراء الدر أو المحار.

والشاعر المبدع هو الأقدر على إلهاب المشاعر والأحاسيس بالكلمة الفاعلة، لما له من رهافة الحس ونقاء السريرة وقدرة على الإبداع، وعلى بلورة انطباعاته، وما تختلج به نفسه، ويعمل في فكره في قالب فني أخاذ، يطوف بالسامع في عالم الجمال على أجنحة الخيال وينساب به في زورق الأحلام على صفحة بحيرة رقراقة من روعة التعبير، وسحر الموسيقى،  يخطر بالسامع في حدائق الصور الفنية الرائعة يقطف من المعاني أعطرها، وينتقي من الصور أزهاها لوناً وأوفاها مبنى فيقدم لنا باقة من أجمل الشعر وأحلى القريض.

من هنا كان تأثير الشاعر في مجتمعه أوقى وأخطر، ومن ثم فمسؤوليته أمام الله ولدى أمته أهم وأكبر"(3).

ميادينه الشعرية:

نظم الكيلاني شعره في أغراض متعددة، وميادين كثيرة، وقدم لنا باقة من أجمل الشعر وأحلى القريض.. وكان لشعره مساهمة فاعلة، وقبس هداية في توجيه أبناء الجيل، لما فيه من نفحات إيمانية، ومشاعر إنسانية، وشجون وطنية، ونقد اجتماعي وسياسي، ورثاء وتعزية،، ووصف وحكمة وإثارة وجدان، ونفثات شعرية متنوعة..

* فمن نفحاته الإيمانية: قدم لنا رؤى إيمانية بقوالب شعرية غاية في الخطاب الروحي والإيماني.. فهو شاعر يعمر الإيمان في قلبه، ويحرك مشاعره، ويهذب وجدانه.. وكان اسم ديوانه الشعري الأول (بؤرة الروح).. فالروح تنساب على لسانه في معظم قصائده، وخاصة في قصائده الثلاث الأول في الديوان: بؤرة الروح وهجرة الروح، ونشوة الروح.. فنراه يقول في قصيدة (بؤرة الروح)(4):

بـؤرة فيها اختزال كامل
فـانـتشار  أبدي iiمطلق

 
لزوايا الضوء أنى يصدر
فـي فضاء الله لا iiينكسر

ونرى قصيدته التي سمي الديوان باسمها (بؤرة الروح) تعد سجلاً حافلاً بالأفكار والمعاني الإيمانية، فيقول فيها:

واحة  الإيمان أمن iiورضى
دوحـة  التقوى تقينا iiسقراً

 
لـيس  فيها نصب أو iiكدر
سوف يصلاها غوي موغر
هـذه آياته لا iiتنقضي
كـلها تصرخ الله iiهنا

 
هـذه  آلاؤه iiتـستنفر
أيها الكافر من ذا تنكر

فقالوا لكل حبيب حمى    يراه جديراً بأن يفتدى

فقلت حماي أنا خالقي     وكل حمى دونه مفتدى

فقالت  وأين مكاني؟ iiفقلت
أحـبـك لكن بلادي iiأحب
وملء فؤادي حب iiالرسول
أحـب  بـنيَّ بكل iiجناني
أحب  الأنام وحتى iiعدوي




 
لأنـت  السكينة أنت iiالندا
فـكـم بهواها لساني iiشدا
حـبـانا الهداية iiوالسؤددا
وأني  لهم مثل قطر iiالندى
وأرجو لهم من إلهي الهدى
أعيش مماتي قبل موتي iiوإنني
تساقط نفسي فوق جسمي iiتهدُّه
تقوض أركاني فعقلي وناظري


 
أحس دبيب الموت فيَّ iiوأسمع
فينشل  بنياني، ونفسي iiتصدع
وقـلبي  جميعاً لا تعي iiفتطلّع
إلـهي أنا ما اخترت أهلي iiوحاكمي
فـمـا غرسوا فيَّ الفضائل iiوالتقى
رمـانـي  زماني فابتلاني iiبصحبة
فـرحـمـاك يا مولاي جئتك iiتائباً



 
ومـجتمعي،  ربيت فيهم وما iiرعوا
ألا  إنَّ تـقوى الله في النفس iiتردع
من الأهل والخلان ضاعوا وضيعوا
ومـنـكـسراً  أعنو إليك iiوأضرع

الله  أكـبـر إن الـحـق iiمنتصر
روح التحدي استبدي فالعدى فجروا
هـذي  الصناديد من أبنائنا استبقوا
 وقال فيها:

تـجـمـعوا أرضنا الميعاد iiتنتظر
يـا  مـن تقيؤكم أرضي iiوترجمكم
جـنـود ربـك لا يحصى لها عدد
مـا زال يـرعبكم فينا الأشلُّ iiعلى
فـثـورة الحق لن تخبو iiسنسعرها









 
مـا  رابطت عنده واستنفرت iiزمر
لا  يـمحق البغي إلا المارد iiالوغر
إلـى الـشهادة وهي الفوز iiوالظفر

سـيـصدق  الوعد فيكم إنها iiالنذر
أيـن  المفر إذا ما استنطق iiالشجر
مـن بعض أجناده الأطفال والحجر
كـرسـيـه  فارس في سجنه iiنمر
وإن  إيـمـانـنـا لا بـد iiينتصر
بـمـن  سـيلوذ المستجير iiتعاونت
تـقـوقـع كـل فـي مظنة iiموطن
الـم  نـك جـسـماً واحداً iiمتماسكاً
وكـنـا إذا عـضـو تـألم أو iiشكا
أخي في خضم الروع ضاعت سفيننا
هـنـا الـم الأشـبـاح تيه iiوظلمة
إلـى  أيـن نـمضي فالحياة iiعقيدة






 
عـلـيـه  مع الأعداء رحم iiوقاطع
ومـا هـذه الأوطـان إلا iiقـواقـع
وهـا  هـي ذي أعـضاؤنا iiتتنازع
تـداعـت له الأعضاء فهي iiمواجع
وحـاد بـهـا عن جادة الحق iiخادع
ومـن حـولـنـا غل وجن iiرواتع
ومـن فقد المصباح في الليل iiضائع
يا رب هب لي صبراً
قـد  عـاوته iiشجون
وداهـمـته  iiخطوب
الـيـوم أمـي iiماتت
وغـيـض كل iiحنان
ضاعت  عليَّ الأماني
ومـهجتي في iiاكتئاب
تـلـبدت في iiسمائي
فـجاد  بالغيث iiدمعي








 
فـأنت  بالقلب iiأدرى
تمور في النفس iiمورا
فكيف  يسطيع iiصبرا
فـأصبح  الكون iiقبرا
لسوف أظمى iiوأعرى
فـضقت قلبا iiوصدرا
أرى الـجـنائن iiقفرا
غـيـوم نفسي iiتترى
يـنهل  طوراً iiفطورا
ومـا  زلت المعلم iiوالمربي
وقفت  تصيح فينا أن iiأفيقوا
إذا لـم تسلكوا سبل iiالمعالي
فـلم  أر قبل موتك قط iiميتاً
حـيـاتك  عشتها حراً iiأبياً
فـإنك (مصطفى) حياً وميتاً





 
نـحـن لـديك طلاب عفاة
فـقد  باعت رعيتها iiالرعاة
فـخـير من حياتكم الممات
يـتـوق لـمثل ميتته التقاة
ومـوتـك فيه عز بل iiحياة
ونفسك مثل روحك مصطفاة
مـنـاظر قد برزن إلى iiالفلاة
تـشـاهـدها  عيون ذاهلات
فـألـوان  الطبيعة iiكالعذارى
تطل الشمس من خدر الروابي
كـفـاتـنـة أطلت من iiخباء
مـتى هبط المساء ترى جلالا
يـريـك عجائب الألوان iiأفق
كـأن  الشمس ذابت في جفان







 
وكـن  مـن الجمال iiمكونات
وتـلمسها العواطف iiشاعرات
مـفـاتـنـها تعرت سافرات
فـتحيي  الراقدين من iiالسبات
فـأيـقظت  القلوب iiالغافلات
يـهـبُّ إليك من جنب iiالفلاة
لأعـظـم  لوحة في iiالكائنات
حـوت ألـوان طيف iiذائبات

ومن قصائده في الوصف والوجد، قصيدة بعنوان "حسان"، قال فيها(12):

أهـوى الحسان iiأحبهنه
أنـي  اتجهت iiفطيفهنه
الـفـاتـنات iiالرائعات
إنـي  لـتفتنني العيون
لا تـعجبن إذا صرعت
فـتـاكة ترمي iiالقلوب





 
منذ الصباح وفي الدجنه
وإذا  حـلمت بهن iiهنه
أحـبـهـن أحـبـهنه
ويـسـتـبيني لحظهنه
بـنـظرة  من iiطرفهنه
بـأَسْـهُمٍ من iiسحرهنه

آراء الأدباء والنقاد في شعره:

الشاعر علي فهيم الكيلاني أديب إسلامي.. له نشاط أدبي في رابطة الأدب الإسلامي في عمان وله حضور في ندوات الشعر وأمسياته.. شعره يمتع النفس، ويهز الوجدان.. تعرض شعره للنقد والدراسة، وأشاد به كثيرون.. لا بأس أن نأخذ مقتطفات من أقوالهم:

* الأول: للأديب الناقد الأستاذ إبراهيم العجلوني، الذي قدم لديوان (بؤرة الروح)، فقال:

إن أول ما يملأ النفس – في شعر أبي العلاء – هو هذا الإحساس القوي بانتماء الشاعر الحميم إلى أمته العربية الإسلامية، وإلى قيمها ومروءاتها وكمالاتها فحيثما ذهبنا في شعره وجدنا دلائل وإشارات إلى النسب الثقافي العريق الذي ينتهي إليه وجدان شاعرنا، وإلى الأريكة الحضارية الممتدة الظلال، من لدن نزول الوحي على رسولنا الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه، إلى هذه اللحظة من الزمان..

وإذا كان هذا الانتماء ذاهباً في عمق التاريخ والحضارة، فإن ثمة التزاماً متراحب الأذرع، بهموم المسلمين، من أقصى ديارهم إلى أقصاها.. يحتشد مرة، ويألم مرات، ويصخب تارة، ويئن تارات. والشاعر حريص، في كل ذلك، على أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وعلى أن يظل مشتعل الهمة بالأمل والبشرى، إيماناً منه بنصرة الله تعالى..

ثم إن لقارئ هذا الشعر أن يتذوق ألواناً شتى من الشعر الجزل الجميل، في الغزل والوصف، والحكمة، والنقد الاجتماعي والسياسي، والرثاء، والإخوانيات وسائر الأغراض التي يملك الشاعر المتمكن التعبير عنها.. على أننا واجدون، بعد، شعراً يسامق الأفق، جمالاً وجلالاً، وضروباً معجبات من فرائد الخيال.

* الثانية: للأديب الأستاذ علي مصطفى الدلاهمة، الذي يقول:

هنا في هذه البؤرة أنت تقف في سوق عكاظ العصر الحديث لتسمع ما لذ وطاب من فاكهة الشعر وجناه فإن كنت شغوفاً بحب الحسان والغانيات وجدت ضالتك، وإن كنت تشتاق إلى الأشعار الثورية والحماسية فتعال، وإن كان بك ميل إلى الدعابة وإلى السخرية الناقدة فستجد الكثير، وستجد أيضاً الكثير والجزيل من النصح ومن الوصف ومن الإخلاص والوفاء، وأما الخيط الشعري الذي ينتظم ذلك كله فهو هذه الروح المعذبة التي لا تشفق على المظلومين فحسب بل وعلى الظالمين، فقصيدة "رسالة من محكوم بالإعدام" وقصيدة " المحبة" وغيرهما أكبر دليل على ذلك.

* الثالثة: للأديب الشاعر الأستاذ ماجد المجالي، فيقول:

هذه هي روح أبي العلاء (الشفافة) التي اختارت الشعر منبراً لأنه الأقرب إليها في استخفافه بالقيود والحدود ونزوعه الدائم إلى السمو فوق كل مثقل ومعيق، إنها روح سامية اختارت المنبر السامي للتعبير عن ذاتها فكان هذا –الشعر- بروحانياته سمواً على سمو، نقاء وعلاء بكلمات تبعث الروح في متذوقيها وتسمو به سماء بعد سماء وصولاً إلى حقيقة الحقائق حيث البرزخ الأبدي للأرواح المؤمنة بعودتها إلى مصدرها خالق كل شيء وهو العلي العظيم.

* الرابعة: للأديب الأستاذ أحمد جبر، الذي يقول:

كل من يتصفح ديوان (بورة الروح) يحس بأن قصائده نغم ينساب من لحن أغن، وأنه يرشف رحيقاً في شهد مذاب، وأنه ليس من صنع أحلام الشباب فقط، بمعنى أن ليس تهويماً في الخيال، بقدر ما هو فيض من الروح الأمينة على رسالتها في الحياة، الصادقة مع أمتها: ديناً، وتاريخاً، وتراثاً خالداً، ومستقبلاً ترتسم عليه ملامح عزتها وخلودها.. لذلك لم تدون فيه قصيدة واحدة جنحت إلى التمرد على القيم، أو الخروج على مبادئنا العربية الأصيلة، أو انحرفت عن مسار أمة الإسلام، أو العروبة الصادقة، الملتزمة بشرع الله.

وقد نظم قصائده بلغة ناضجة سليمة، وبيان وخيال محلق، وأسلوب ساحر، وإطار فاتن، وأنغام عذبة.. أما معانيها، فاكتست بأبهى الحلل، حيث رقت ديباجة، وجادت بلطائف نيرة من الفكر، وحملت أسمى المقاصد وأرفع الغايات، وحفلت بالجديد الجميل، الذي يشير إلى نفع أكيد، وينم عن فائدة جليلة.

* الخامسة: للأديب الدكتور محمد جمعة الوحش، الذي يقول في لقاء إذاعي مع الشاعر أبي العلاء في برنامج (أدبنا الجديد) بتاريخ 1/11/1993:

أقدم لكم شاعراً أردنياً لا أتحرج وأنا أعرف به من القول أنني فوجئت بمستوى إبداعه الشعري وحجمه، كما فوجئت بأنه من الجيل الذي أسس لحركة الشعر العربي الحديث في الأردن منذ الخمسينيات.

ضيفنا –هو- الأخ الكريم الشاعر علي زيد الكيلاني، صاحب ديوان شعري ضخم لم ينشر بعد، عنوانه (بؤرة الروح)... وبعد أن طلب منه أن ينشر ديوانه، لأن الديوان يستحق النشر، وأن يكون بين أيدي القراء لأنه نمط متميز في الواقع.. وجّه إليه مجموعة عبارات فيها وصف دقيق للشاعر أبي العلاء وشعره، قال فيها:

- أستاذ علي.. فاجأتني الحقيقة بقصائدك المطولات وهي كثيرة حتى أن بعضها ربما يصل إلى نحو مائتي بيت من وزن واحد وقافية واحدة، هذا النفس الطويل في الشعر كدنا نفقده إلى حد كبير.

- ألاحظ أيضاً لغتك الشعرية جزالتها وقوة سبكها كما يقول القدامى بل إني ألاحظ أنك أقرب إلى الفحول القدامى في أسلوبك الشعري أكثر من قربك من المعاصرين.

- معظم قصائدك يمكن أن توصف بأنها قصائد موضوعات جادة، وهناك ميل واضح عندكم إلى التأمل ولا سيما في القصائد التي تعبر عن الجانب الروحي وأحياناً عن الجانب الفكري.

- في الواقع يبدو أن الأخ الأستاذ علي قد تأثر بإبراهيم طوقان ربما كثيراً وبصورة خاصة في قصيدته (بيض الحمائم حسبهنه أني أردد سجعهنه).

- هناك ملامح من شعر المهجر أيضاً في شعرك ولا سيما في البعد الإنساني والإحساس بالانتماء إلى الأسرة أو العائلة.

- وأشعار كثيرة جداً فيما يتعلق بالزوجة والأولاد وبالعائلة، ومن قصائد جميلة جداً(13).

أعماله الأدبية:

1 – "بؤرة الروح".. ديوان شعر كبير يزيد على الثلاث مئة صفحة، ينتظم في صفحاته (56 قصيدة) –طبع عام 1996 بدعم من وزارة الثقافة الأردنية.

2 – له قصائد كثيرة يمكن أن تشكل ديواناً آخر، لم تنشر بعد.

3 – "حوارية الحياة.. استقراء الوجدان والفكر"، وهي حوارية أدبية فكرية مازالت مخطوطة.

المراجع:

1 – ديوان (بؤرة الروح) – مطابع الإيمان، عمان 1996.

2 – حسن علي المبيضين: الشاعر علي زيد الكيلاني –حياته وشعره، جامعة جوبا –السودان، 2001.

3 – قصائد غير منشورة.

4 – معلومات من الشاعر مكتوبة في عام 2003.

مختارات من شعره:

هجرة الروح

الشاعر علي الكيلاني أديب يعمر الإيمان قلبه، ويحرك مشاعره، ويهذب وجدانه.. نظم هذه القصيدة عام 1995، وهي إحدى ثلاث قصائد كلها نفحات إيمانية، وهي: بؤرة الروح، وهجرة الروح، ونشوة الروح.

وهذه القصيدة "هجرة الروح" تعدّ سجلاً حافلاً بالحكم والتوجيه، وبالأفكار والمعاني الإيمانية.. فهو يحدد فيها الهدف والغاية التي من أجلها أوجد الله تعالى الإنسان على هذه الأرض، وبين الوظيفة التي كلفه الله بها، وهي عمارة الأرض وعبادة الله تعالى.. وهو يدعو الناس فيها ويدعو نفسه إلى الثبات على الإيمان، والسعي دائماً لنيل رضى الرحمان.

هجرة الروح(1)

أنا لا أضربُ في الأرض سُدىً
تـغـتذيني غرسة الحب iiهُدىً
أنـا  سـر الـكون مبثوثٌ iiبه
أنـا  عـقـلٌ أنـا روحٌ iiهائم
أنـا مـن قبل وجودي iiمُرتَهَن
مـن بـرانـي نُطفة ثم ارتقى
مـا  حباني العقل كي أشقى به
فـأرى  آيـاتِـهِ الكبرى iiعلى
وأُنـاجـيـه  بـقـلبٍ iiخاشع
يـتجافى النوم عن جَفني iiوعن
أنـا فـي الـمشكاةِ خيط iiلامعٌ
الرؤى  تنسابُ من روحي iiإلى
فـأنـا فـي الكون نبضٌ دافقٌ
أنـا لا أمـلِـكُ حـتى فكرتي
خـلـفَ إيـماني الأماني iiكلّها
لـم تُـجـبْ أمَّارةَ النفس iiولا
يـمـلأ الـحـقُّ كـياني iiكلّهُ
أيـهـا  المفتونُ صافتْهُ iiالحياه
وإذا الـدنـيـا أشاحتْ iiوجهَها
مــا تـراهُ قُـدرةً خـارقـةً
نـحـن لا نـعـلمُ إلا iiظاهراً
مَـلـكـوتٌ أيـن منهُ iiنَزوتي
فـأنـا الـمخلوقُ أعنو iiللردى
مـا  يَـضـيرُ الله غَيّ وهدىً
ضـلَّ مـن يأـي على iiشاكلةٍ
أنـا لا أعـبـدُ إلا iiخـالـقي
مـا  انـحنتْ إلا لربي iiهامتي
مـا  امتطت ظهري نفسي iiأبداً
روحـهُـم تـغرقُ في iiطينتِهم
قـد وعـى قـلبي خبايا iiنفسه
طـاقـةُ الروح إذا ما iiخلَصَتْ
أنـا لا أفـلـحُ أرضـاً iiطيبة
إنـمـا  أفـلـحُ طـيناً iiلازباً
فـعـلاجُ الـنفس حبٌّ iiوهدىً
أنـا  فيضُ الحب مفتاحُ iiالهدى
أنـا آفـاقُ يـقـيـنٍ رحـبة
وأنـا القاربُ في بحرِ iiالضياعْ
فـأنـا الأمـثـلُ حَبي iiغايتي
وأعـزُّ  الـنـاس طُـراً iiإنها
أنا  أرقى من مَشَى فوقَ iiالثرى
لـيس لي أرضٌ فتعلوها iiالسّما
فـأنـا الـمـسلمُ حسبي iiقُدوةً
وكِـتـابُ  الله لا يـرقى iiإلى
هـجـرةُ  الـروحِ إلى iiبارئها
فـأقِـل  عـثرةَ قلبي إن iiيكنْ
أنـا  عـبـدُ السيد الأكرم iiمن
حـسب  نفسي أنها ما iiهَجرتْ
لـو تـخلّى الناسُ عن iiإيمانهم















































 
فـأنـا الـبلسمُ بل نسغُ iiالحياه
يـرشِـفُ الشعرُ رحيقي iiبلماه
أنـا مـعـناهُ ومن يدري iiمَداه
حـيث  لاحَ النورُ يمَّمتُ iiهُداه
تَـتَـولانـي تـصاريفُ iiالإله
بـيَ إنـسـانـاً سـويّاً iiبنُهاه
بـل  حـبـانـيهِ لأحيا iiبرؤاه
صـفـحةِ  الكون فأرقى iiوأراه
شـقَّـه الـوجدُ ففاضَتْ iiمُقلتاه
مضجّعي الأوثر إذ همّي iiرضاه
فـي  شُعاع النور روحٌ iiمُجتباه
مـهـجتي حُباً وشعراً iiوصلاه
بـعضُ  إنسانيتي نبضُ iiالشفاه
إنـهـا مُـلكُ يقيني في iiالحياه
أبـداً  تـأتـمُّ أو حـذوَ iiخُطاه
داعـيَ الشيطان أو أمر iiالطّغاه
لا  سـرابُ العمر أو حُلمُ رُؤاه
أنـتَ  مـن أفضالهِ مالٌ iiوجاه
عـنكَ يوماً ذلَّ من تدعو iiسواه
لك  في الأرض فعَنهُ بل iiصداه
مـن  حياةِ وعْدُ جَدواها iiاشتباه
كـل أحلامي تلاشتْ في iiفضاه
أبـداً  والـمُـطلقُ الحقّ iiالإله
كـلُ  إنـسـانٍ عـليه ما iiأتاه
كـلُّ  مـن فارقَ شرع اللهِ iiتاه
ولـه  الـحُكمُ ولا أخشى سِواه
مـا  تَهاوتْ دونَ باريها iiالجباه
لـم  يُرقْ وجهي في الفاقةِ iiماه
وأنـا جـسـمٌ وروحي iiمُبتغاه
وسـلاهـا فـتسامى في iiهواه
من وحول النفس يخشاها iiالعُتاه
تـطـرحُ  الخيرَ حلالٌ iiمُجتباه
أسـنَـتْ واستنقعتْ فيهِ iiالحياه
وعـلاجُ  الأرض عَزقٌ iiومياه
بـابُـهُ يُـفضي إلى كل iiاتجاه
شـمسُها  الإيمانُ لا يخبو iiسناه
يـصـلُ  التائهُ بي شطَّ iiالنجاه
وهـمُ  كـلُّ امرءٍ حسبَ iiهواه
عـزّةُ  الـمـؤمن لا عِزّةُ iiجاه
مـنـهجُ  الدنيا ونبراسُ الحياه
إنـمـا  أرضـي سماءٌ مُرتقاه
سـيـدُ  الخلقِ ومصباحُ iiالهُداه
قـولـه  قـولٌ ولا يعلو iiعُلاه
أبـداً  فـي كلّ سعي أو صلاه
زلَّ  عـن هجرتهِ أو قُلْ iiعساه
وسـعَـتْ  رحمتُهُ كلَّ iiالعُصاه
ذِكـرَهُ يـومـاً وتسعى لرضاه
مـا تـزعـزعتُ أنا قيدَ iiنواه

(2) إيقاع الحجارة

كانت الانتفاضة المباركة في فلسطين بشير فجر جديد، وصحوة جيل فريد، عانق الأخطار، وهدم حاجز الخوف، ورفع الراية رغم القهر، وفجّر الأرض ناراً على الباغين، وتحدى أسلحة العدوان، بالإيمان الثابت، واليد المتوضئة، والحجر المبارك الذي لا يملك غيره..

وكان لأشبال فلسطين الذين تربوا في المساجد، دور كبير، فقد انطلقوا في ساحات الأقصى، وساحة الحرم الإبراهيمي، وفي كل أرجاء فلسطين يهللون ويكبرون، وبالحجارة المباركة يقذفون، فيرتعد اليهود ويفرون.. وعلى إيقاع هذه الحجارة المباركة نظم شاعرنا أبو العلاء في عام 1988 قصيدة مجاهدة، تحية لهؤلاء الأشبال.. بعنوان:

إيقاع الحجارة(15)

قـد شـفـى قـلـبي وأحيا iiأملي
أبـدعـتْ إيـقـاعـهـا iiأطفالنا
هـي عـزفٌ رائـعٌ iiمـنـفـردٌ
ذلـك الإيـقـاع قـد iiعـبّـأنـا
إنـمـا أطـفـالـنـا iiأكـبـادُنا
عـشـقـتْ هذي الفراشاتُ iiالسّنا
أنـتـمُ الأبـطـالُ يـا iiأطـفالنا
أنـتـمُ  الـقـادةُ يـا iiأبـنـاءَنا
هـا  هـي الأمـة تـأتـمُّ iiبـكم
إنــمـا آبـاؤكـم iiأبـنـاؤكـم
لـقّـنـوهم  درسَ تطهير iiالحمى
إنـكـم  أطـهـرُ من قطرِ الندى
عـلِّـمـوا آبـاءكـم معنى iiالفِدا
أنـتـمُ الـفـجـرُ الـذي iiنرقبهُ
حـلـقَ الـنـسـرُ فـهبّتْ خلفهُ
ذو الـجـناحين الذي انقضّ iiعلى
شـقَّ  جُـنـحَ الليلِ يوري iiثورةً
نـشّـرَ الـنـسـرُ بـميلادِ iiالفِدا
أيـهـا الـرائـد يـا نسر iiالعُلى
أنـت  روحُ الـشـعبِ قد iiأحييتَهُ
فـهـوَ مُـذ أسـلمتَهُ النفسَ iiفِدىً
عـارمٌ بـالـعـزّ يـجتاحُ المدى
يـا دمـاءً زاكـيـاتٍ iiعـبـقتْ
يــا  فِــداء فــرحَ الله iiبـه
نـحـنُ  أقـسـمنا على العهدِ iiله
يـا  شـهـيـداً عـلّمَ الدنيا iiالفدا
يـرقـصُ الـمـجدُ على iiأشلائه
والـدمُ  الـمـطـولُ مـن iiأبنائه
حَـرَمُ الأقـصـى حـرامٌ iiأرضُهُ
مـن يـحجُّ البيتَ يرمي بالحصى
بـدّدوا الـغـيـهَـبَ لما iiرجموا
حـجـرُ  الـطـفـل كريمٌ iiمثلما
لامـسـتَـهُ كـفُّ طـفـلٍ iiثائر
إنـهـا  مـعـجـزةُ الطفل iiالذي
صـارَ  رمـزُ المجد طفلاً iiشامخاً
تـوِّجـيـهِ  أمـتـي غـارَ الفِدا
بـيـدٍ  غـيـر مـشوبٍ iiطهرُها
وتُـضـحـي  الطفلَ قرباناً iiعلى
فــإذا صـرحُ الأمـانـي iiبـدّد
يـا عُـتـاةَ الأرض مـا iiيُرعبكم
سـرتِ الـرعـدةُ فـي iiأوصالكم
بـيـد أن الـرُّعـب في iiأعماقكم
كـم أقـضّـت نـأمـة iiمضجعهُ
شـمـلـتـكـم  لـعـنةُ الله iiلكم
أوّلُ الـبـركـان إطلاقُ iiالحصى












































 
هـبّـة الأهـل وإيـقاعُ iiالحجاره
ردّدوهـا غـارةٌ فـي إثـر غاره
إنـهـا أروعُ مـن لـحن iiالقثارَه
واسـتثارَ  الشعبَ كي يطلبَ iiثاره
مَـكـمـنُ الإحساسِ فينا iiوالإثاره
فـارتـمت  في وهجه تُلهبُ iiنارَه
مَـضربَ الأمثال في الدنيا جسارَه
لا يـضـيرُ المجدَ من يُعلي مناره
فـصِـغـارُ الـقوم قد أمّوا كبارَه
في تلقي الدرس عن معنى الطهاره
عـبّـئوا الجندي كي يحمي iiذِمارَه
قـد بـذذتـم بُرعمَ الزَّهرِ iiنضاره
عـلّـموا أعداءكم معنى iiالحضارَه
هل  تُرى نشهدُ في الأقصى iiنهارَه
هـذه  الأفـراخُ تـرتـادُ iiمسارَه
ثـكـن  الأعـداءِ يصليهم iiسُعاره
شـبَّـهـا  أطـفالنا في كل iiحاره
بـعـد عجز الصبر ميلادَ iiالبشاره
قـائـد  الـثـورة نـهجاً iiوإماره
دَمـك الـطـاهـرُ قد أحيا iiقِفاره
وسـرتَ  فـي دَمـهِ منك iiشراره
يـقـحـمُ الهولَ ولا يخشى iiأوارَه
بـشـذا الـجـنـةِ طيباً iiوطهاره
وجـهـاداً صـحّـح النَّسرُ مدارَه
أن  لـلأمـة والـحـق iiالصدارَه
أنـت  لـلأجـيـال قدسٌ ومناره
والـثـرى يـزهو فقد ضمَّ iiنثارَه
يُـفـعِمُ  الأرضَ أريجاً iiوغضاره
فـلـقـد  حـرَّمَ ربُّ البيت iiدارَه
وهـنـا  يُلقي على الأعدا iiجمارَه
شُـهُب المسترق الأرضَ iiالحجارهْ
حـجـرُ الـيـاقوتِ دُرّ iiونضاره
أجّـجـتـهُ  عـنـفواناً iiوحراره
عـبّـأ الـصخرُ شعوراً iiبالمراره
حـامـلاً  فـي يدهِ اليُمنى حجاره
إنـه أشـرفُ مـن يـلبسُ iiغارَه
لا ولا تـنـدسُّ من خلفِ iiالستاره
مـذبـح الـسادةِ في وَكْرِ iiالإداره
يُـجـهضُ الحملَ وتُغتالُ iiالبشارَه
إنـه  طـفـلٌ صغيرٌ ii(وصرارَه)
هـلـعـاً مـنه فمن يحكي iiوقارَه
أن نـومَ الـظـالم الباغي iiغِراره
وديـارُ  الـظلم تَهوي من iiشرارَه
صَـبَّـهـا  الله عـليكم iiبالحجاره
ويـحَ  من يبني على الفوهة iiدارَه

(3) غياهب

في هذا الزمان.. انتشر الفساد، وازداد الانحراف، وعمّت الفوضى، وحوربت الاستقامة، وقادتنا خفافيش الظلام..

في هذا الزمان.. تنكبنا طريق الحق، وسرنا في درب الضلال، وأمسينا في ظلمات، وطال انتظار الفجر، وأصبح الناس في غم وحيرة ينتظرون الفرج من العليّ القدير..

في هذا الجو المظلم، نظم شاعرنا الكيلاني قصيدة عام 1992، بعنوان "غياهب" تحدّث فيها عن الظلمات التي تحجب شمس الحق، وتطمس عين الحقيقة.. وفي هذه القصيدة نجد شعراً راقياً، وأسلوباً متميزاً، فيه من الجمال والجلال، والخيال الفريد، مما يذكرنا بفحول الشعراء ومدارسهم الشعرية.

غياهب(16)

طـال  احـتجابُكِ فالظلامُ iiمُحاقُ
الـلـيـلُ يهدي المُدلجين iiبنجمهِ
لـكـن هـذا الـليلَ سُحمٌ iiبَرْقُهُ
أرخـى سـتـائـره على iiآفاقِنا
فـالـعتمة  الدّهياءُ تجتاحُ iiالمدى
تـغـتـالُ  كلَّ سنا وكل iiمحجّةٍ
ظلماتُ  هذا الليل موحشة iiالرؤى
فـكـأنـمـا  آفـاقُنا قد iiأطبقتْ
ولـرُبَّ قـبرٍ كان أرحبَ iiمنزلٍ
يا  ربّ ما لونُ الضياء وما iiالسّنا
طـال انـتـظارُ عيوننا iiوقلوبنا
صدّت جيوشُ الليل أطيافَ المُنى
هـذا الـدّجى المركومُ همٌ موجعٌ
كيف الصعودُ إلى الذّرى iiوطريقُهُ
وعـيونُنا عَشيت وغاضَ iiبريقُها
واسـتـفحلت فينا دياجيرُ iiالعَمى
ولـقـد دُفِـنّا في نِطاق iiجُسومِنا
مـا حيلةُ الأقدام تحترفُ iiالسَّرى
لـمـا  تنكبنا الطريقَ إلى iiالعُلى
رُحـنـا  نُحدّق في الدُّجنة iiحُدَباً
كـلّـتْ  بصائرُنا فأوهننا iiالعَمى
لـما  سَدرنا في الضلالةِ والدّجى
فـي الطُّخْيةِ العمياءَ لا قلبٌ iiيعي
راحـتْ خـفافيشُ الظلام iiتقودُنا























 
حـتـى مـتـى يتأخّرُ الإشراقُ
وبـسـحـرهِ  ولـشـمسهِ آفاقُ
ونـجـومُـهُ  مـتـجهّمٌ صُعّاقُ
هـل  يستفيقُ الفجرُ وهي iiطِباقُ
وتطالُ  عينَ الشمس وهي iiعتاقُ
أعـداؤهـا  الأنـسامُ iiوالأحداقُ
مـخـنـوقةُ الأنفاس ليس تُطاقُ
مـن فـوقـنا فاستحكم iiالإغلاقُ
فـالـموتُ أرحمُ والسجون رفاقُ
إنـي إلـى عـهدِ الضّيا iiمُشتاقُ
كـيـمـا  تُـكحّلُ بالسنا iiالآماقُ
أنّـى  لـبـارقـةِ المُنى iiإشراقُ
حـتـام  يـجـثمُ فوقنا iiالعِملاقُ
وعـرُ الـمسالكِ والدُّجى iiأطباقُ
واغـرورقـت بدموعها iiالأحداقُ
حـتـى كـأنّ نـفـوسَنا iiأنفاقُ
أنـى  تململُ في الثرى iiالأشواقُ
حـيـن النفوسُ تشدّها iiالأطواقُ
راحـت  تُباري خَطونا iiالأعماقُ
كـي تـسـتبين سبيلها iiالأرماقُ
وتـعـوّدت أن تـنحني الأعناقُ
أنّـى خـطـونـا دمُّـنا iiيُهراقُ
بـل  حـيـرةٌ وتـخبّطٌ iiوفُواقُ
فـي  كـلّ قـلـبٍ مقودٌ ووثاقُ

          

الهوامش:

(1) معلومات من الشاعر مكتوبة في أوائل عام 2003م.

(2) حسن علي المبيضين: الشاعر علي الكيلاني – حياته وشعره، ص24-26.

(3)  ديوان (بؤرة الروح)، ص 7-9.

(4) ديوان (بؤرة الروح)، ص 43.

(5) ديوان (بؤرة الروح)، ص 31.

(6) ديوان (بؤرة الروح)، ص 72-73.

(7) ديوان (بؤرة الروح)، ص 148-150.

(8) ديوان (بؤرة الروح)، ص 109.

(9) ديوان (بؤرة الروح)، ص 253-257.

(10) ديوان (بؤرة الروح)، ص 205.

(11) ديوان (بؤرة الروح)، ص 194.

(12) ديوان (بؤرة الروح)، ص 181.

(13) مقدمات (بؤرة الروح)، ص 10-21.

(14) ديوان (بؤرة الروح)، ص 47-52.

(15) ديوان (بؤرة الروح)، ص 125-130.

"النسر: هو البطل الشهيد (خالد أكبر) الذي قام وحده بعملية فدائية جريئة بل بطولية نادرة، حيث انقض في جنح الظلام بطائرة شراعية على ثكنة عسكرية للعدو وفاجأهم واستولى على أسلحتهم وقتل وجرح عدداً كبيراً منهم قبل أن يستشهد رحمه الله، وكانت هذه الحادثة حسب اعتقادي السبب المباشر في إشعال ثورة الانتفاضة العارمة التي قامت بعدها مباشرة.

(16) ديوان (بؤرة الروح) ص 287 – 189.