الشيخ الدكتور حسين قاسم النعيمي

رابطة علماء سوريا

رابطة علماء سوريا

ولد الدكتور حسين بن قاسم بن  محمد بن علي بن حسين النعيمي يوم الاثنين، غرة رجب عام 1359هـ الموافق للخامس من آب (أغسطس) عام 1940م، في بلدة السفيرة، الواقعة شمال شرقي مدينة حلب الشهباء.

الشيخ حسين النعيمي في شبابه

تلقى تعليمه الأولي في بلدة السفيرة، حيث سُكنى أسرته وكان متفوقاً في دراسته. ثم انتقل إلى مدينة حلب لمواصلة الدراسة، وهنالك التحق بالثانوية الشرعية (الخسروية)، إضافة إلى دارسته في الثانوية العامة - القسم الأدبي - وحصل على الشهادة البكالوريا من كلا الثانويتين بتفوق.

وكان حب الدين والحرص على العلم باد عليه منذ صغره، ولعل ذلك بتأثير والده الحاج قاسم رحمه الله، الذي كان - رغم أُمِّيَّتِه - عبداً صالحاً أميناً، ومتميزاُ في التزامه وتدينه بالنسبة لمحيطه الاجتماعي.

ومن هنا نلحظ ذلك الحرص من قبل الدكتور حسين على طلب العلم الشرعي في حداثة سنه. لذا اجتهد في الأخذ عن العلماء الذين حفلت بهم الثانوية الشرعية وعن غيرهم من العلماء أصحاب الحلقات في المساجد ، فتتلمذ على يد الشيخ عبد الفتاح أبوغدة رحمه الله، والشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله، والشيخ أبو الخير زين العابدين رحمه الله، والشيخ أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله، والشيخ أسعد العبهجي رحمه الله، والشيخ ناجي أبو صالح رحمه الله، والشيخ عبد الله حماد رحمه الله، وأخذ اللغة العربية عن الشيخ عبد الرحمن زين العابدين رحمه الله تعالى.

وتجدر الإشارة إلى أنه كان يقتصد في مصروفه اليومي، ويضيِّق على نفسه أحياناً لأجل اقتناء الكتب العلمية، فتكونت له مكتبة ثرية في وقت مبكر من عمره، وقبل بلوغه المرحلة الجامعية.

وكما كانت تلك المرحلة فاصلة في حياته العلمية، فقد كانت فاصلة في حياته الفكرية، حيث ارتبط بالنشاط الإسلامي والدعوة الجماعية، وأخذ يتردَّد إلى مجالسهم وندواتهم، بل ويشاركهم في بعض الأنشطة الاجتماعية والتربوية.

ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق، وكانت زاخرة بالعلماء كالشيخ الدكتور فوزي فيض الله حفظه الله تعالى، والدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، والشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله، وغيرهم من علماء دمشق، فتسنَّى له التلقي عنهم داخل الجامعة وخارجها.

وكان إبان دراسته الجامعية يزاول التعليم غير الرسمي، فدرّس في محافظة إدلب، وحلب ودمشق وغيرها.

وتوجه للعمل في المملكة العربية السعودية، وكان ذلك عام 1965م، فعمل مدرساً بالمعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في نجران والمدينة المنورة والطائف.

وكان في الوقت نفسه يتابع دراسته العليا في الأزهر الشريف بمشورة وتحفيز من صديقه المخلص الدكتور عبد الستار أبوغدة حفظه الله.

حصل على الدكتوراه في السنَّة النبوية وعلومها من كلية أصول الدين بالأزهر- القاهرة عام 1973م. وانتقل على إثرها للعمل في كلية الشريعة بالرياض التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم كلية أصول الدين، ثم المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة. وانتهى عمله في الجامعة عام 1406هـ.

الشيخ د. حسين النعيمي

وفي مطلع عام 1411هـ أصبح مديراً عاماً لهيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة بمكة المكرمة لعام واحد.

وفي عام 1412هـ انتقل إلى معهد إعداد الدعاة التابع لرابطة العالم الإسلامي، مع بقائه مستشاراً علمياً لهيئة الإعجاز العلمي.

وفي عام 1414هـ كانت له حلقة تعليمية في هيوستن بولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية في المدرسة الإسلامية، وفي المركز الإسلامي. (لم يكن ذلك بشكل متواصل، بل في أوقات تواجده هناك).

ألقى العديد من المحاضرات العامة في المركز الإسلامي بهيوستن، والجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

وشارك في مؤتمر مكة المكرمة المنعقد عام 1991م على إثر الغزو العراقي للكويت، والمؤتمر الإعلامي الإسلامي الأول المنعقد بجاكرتا عام 1400هـ.

وقبل انتقاله للعمل في السعودية، كان يتولى الخطابة أحياناً في بلدته السفيرة، وفي بعض المناطق التي درَّس فيها.

ومن حيث الإنتاج العلمي فله:

* ابن ماجه في سننه (رسالة دكتوراه).

* تحقيق الجزء الثالث من كتاب سبل السلام للصنعاني (نشرته جامعة الإمام).

* تحقيق مقدمة الديباج للسيوطي.

* تحقيق سنن الدارقطني.

* الاستدراك على تاريخ فؤاد سزكين في التاريخ والأدب (نشر ضمن موسوعة الاستدراك على تاريخ فؤاد سركين من قبل المعهد الإسلامي العالمي).

ويلاحظ بأنه لم يتسنَّ له نشر رسالته ولا تحقيقاته عدا «سبل السلام»، لأنه كان منشغلاً بالجانب الدعويّ والنشاط الإنساني، فقد تمكَّن - بفضل الله تعالى عليه أولاً وبمساعدة عدد من إخوانه - من تأمين الكثير من المساكن لمن وفدوا إلى المدينة المنورة من الشاميين عند اشتداد المحنة عام 1980-1981م، إضافة إلى تأمين قدر جيد من الاحتياجات المالية للمحتاجين سواء أكانوا من النازحين خارج الوطن أو بقوا داخله، فمكانته العلمية وعلاقاته الاجتماعية جعلته محل ثقة الكثير من الشخصيات والعلماء والوجهاء في السعودية، فاجتمع لديه الكثير من التبرعات والزكوات، وكان بدوره يتولى إيصالها إليهم.

واللافت للنظر أن نشاطه الدعوي ازداد في مرحلة مرضه، وبخاصة في مدينة هيوستن، فوجَّه نشاطه إلى دعوة الأمريكيين بمختلف أصنافهم: الأطباء، والممرضين، والجيران، بل وبعض القساوسة، حتى وهو على فراش المرض.

أبرز صفاته الشخصية :

كان رحمه الله تعالى كريماً صبوراً مسارعاً إلى نجدة إخوانه، حريصاً على مصالحهم، مثابراً في عمله، ويمتاز بذاكرة جيدة مكنته من الإلمام بالكثير من الشعر العربي، والأحاديث الشريفة. وبالمناسبة فقد كان محباً للشعر، وينظمه في بعض الأحيان، وغالباً ما يكون ذلك في مناسبات الأفراح، والأحداث السياسية كموت جمال عبد الناصر، والدستور عام 1970م.

وفاتـه :

أصيب الدكتور حسين رحمه الله بمرض السرطان في القولون, واستمر معه هذا المرض في مد وجزر طوال ست سنوات، ثم تطور وانتقل إلى المعدة في الأشهر الثلاثة قبل وفاته. وكان مثالاً في الصبر والرضا بالقضاء.

ويوم السبت غرة رجب عام 1418هـ عصراً، الموافق للأول من تشرين الثاني عام 1997م وافته المنية عن عمر يناهز الـ 58 عاماً هجرياً. وصُلي عليه فجر اليوم التالي الأحد في المسجد الحرام، وشيع إلى مثواه الأخير، حيث دفن بمقبرة المعلاة (جنة المعلاة كما يسميها أهل مكة تفاؤلاً)، وصُلي عليه صلاة الغائب في عَمّان، وكوالالمبور، وهيوستن. تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه.