المستشار سالم علي البهنساوي : رائد الوسطية والاعتدال

clip_image001_89038.png

( 1352- 1427ه)

(1932- 2006م )

المستشار، والكاتب، والمفكر الإسلامي المعروف .

عمل مدار 30 سنة في مجال القانون، واعتلى مناصب عدة، واسهم في ترشيد الصحوة الإسلامية  .

المولد والنشأة :

ولد المستشار أبو أسامة سالم علي إمام البهنساوي في قرية السعديين، وهي إحدى القرى المعروفة والشهيرة بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية في 30 مايو 1932م.

ونشأ في أجواء عائلة ملتزمة، ساعدته على الارتباط بالعمل الدعوي والنشاط الإسلامي، مما أكسبه الخبرة، وحب الناس، والنظر إلى الأمور بشمولية .

الدراسة ومراحل التعليم :

التحق بجامعة الملك فؤاد ( القاهرة حالياً ) عام 1948م ، وحصل على ليسانس حقوق عام 1955م .

أعماله :

عمل مديراً لإدارة التأمينات بمدينة المنصورة من 1955 وحتى 1959م .

ثم عمل مديرا للتأمينات الاجتماعية بمدينة شبين الكوم من 1959 وحتى 1964م

قدم إلى دولة الكويت عام 1973م ليعمل بالهيئة العامة لشؤون القصر وفق الشريعة الإسلامية، وكانت في بدايتها آنذاك، فاجتهد في تنظيمها وسن القوانين الخاصة بها وفق روح الشريعة الإسلامية، فاعتبر بحق الأب الروحي لقوانين الهيئة العامة لشؤون القصر بدولة الكويت، التي ظل بها حتى أحيل إلى التقاعد، لقد ساهم في صياغة قانون إنشائها رقم / 67 / لسنة 1983م ،  ولما بلغ سن المعاش عام 1992م ، تم اختياره مستشارا لوكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بدولة الكويت حتى وفاته ، عمل مستشاراً بوزارة العدل في الكويت .

قام خلال فترة عمله بصياغة الكثير من القوانين المدنية ذات الصبغة الاسلامية للهيئة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية كما شارك في صياغة دساتير بعض الدول الإسلامية وفي العديد من المؤتمرات الدولية .

جهاده ودخوله السجن :

التحق في بواكير شبابه بالتيار الإسلامي السائد في ذلك الوقت ( الإخوان المسلمون )، وعرف كرمز من رموز الحركة الطلابية في أواخر الاربعينات وأوائل الخمسينات، فاعتقل وهو طالب في الفترة الملكية بعد استشهاد الإمام البنا، واعتقل في سبتمبر عام 1954م إثر الإضرابات التي سادت الجامعات المصرية للاعتراض على تنحية الرئيس محمد نجيب ، ودخل السجن عام 1965م في عصر عبد الناصر ، مع كل من سبق اعتقاله ومورست عليه صنوف التعذيب ، وناله من العذاب والعنت الشيء الكثير، وتنقل في السجون والمعتقلات في أبو زعبل ، والسجن الحربي، وسجن ليمان طره ، عندما كان يحقق معه عن محاضرات ألقاها في الأعوام 1963، 1964، 1965م عن الإسلام والشيوعية بالمعهد العالي التجاري بالمنصورة ومؤسسة الثقافة العمالية بالدقهلية وظل في السجن ست سنوات حتى وفاة الطاغية عبد الناصر؛ ليخرج بعدها في مايو 1971م ، في عهد أنور السادات ، رغم مرارة السجن ، شارك في مواجهة التيار التكفيري ، والتقى هناك بقادة الإخوان ، وناقش قادة التكفير والهجرة ، وسجل ذلك في ( الحكم وقضية تكفير المسلم )، وحاربه بالحجة والبرهان، وشارك في صياغة ( دعاة لا قضاة) للمستشار حسن الهضيبي ، ويعد أبرز من واجه الغزو الفكري، والفكر التكفيري .

ومن مؤلفاته :

1-            الوجيز في العبادات – طبع عام 1957م .

2-            القوانين وعمال التراحيل – 1964م .

3-            الإسلام والتأمينات الاجتماعية – 1963م .

4-            الحكم وقضية تكفير المسلم – 1977م ، وهذا الكتاب أحد مرجعيات كشف مناهج وأفكار التكفير مقارنة بالحكم الشرعي من خلال القرآن والسنة وإجماع لصحابة، ولهذا وصف الباحثون هذا الكتاب بأنه أوسع وأشمل ما صدر في كشف ودرء هذه الفتنة في عصرنا الحاضر ، كما تميز بعلاج تلك المشاكل بالإنصاف والدقة .

5-            السنة المفترى عليها – 1979م .

6-            قوانين الأسرة بين عجز النساء وضعف العلماء – 1980م .

7-            مكانة المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية – 1981م  .

8-            حقوق الطفل بين الشريعة والقانون .

9-            التيارات الفكرية وغسيل مخ العرب .

10-      أحكام الصلاة .

11-      أحكام الصوم والزكاة .

12-      الدعاة بين سبيل المؤمنين والكافرين .

13-      الغزو الفكري للتاريخ والسيرة – 1985م .

14-      أضواء على معالم في الطريق – 1985م، فصل فيه ما كتبه سيد قطب في كتابه معالم في الطريق وأبان جوانب الحق فيه، وفهم مراد الرجل السابق لعصره ، وألف في ذلك كتابه ، ثم ألقى الضوء على تفسيره في ظلال القرآن ذلك التفسير غير المسبوق في عصرنا الحاضر .

15-      سيد قطب بين العاطفة والموضوعية- 1988م ، ذبّ فيه عن سيد قطب – رحمه الله - .

16-      شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر – 1989م .

17-      تهافت العلمانية في الصحافة العربية – كتاب قيم فضح فيه التهافت العلماني الضال في صحافة الأمة التي تعتبر أداة التوجيه الكبيرة في الشعب، والتي يسيطر عليها للأسف الشديد الرؤوس الداعية إلى نبذ عقائد الأمة وتبديل هويتها، فكان بحق نداً قوياً، ومحاوراً مقتدراً عتيداً، .

18-      الإسلام لا العلمانية .

19-      التربية الإسلامية بين الطفولة والشباب .

20-      حسن البنا المفترى عليه .

21-      الخلافة والخلفاء الراشدون بين الشورى والديمقراطية .

22-      الشريعة المفترى عليها – 1994م .

23-      فكر سيد قطب في ميزان الشرع – 1999م ، يعد مرجعاً في تأصيل وضبط فكر سيد قطب – رحمه الله - .

24-      السنة بين الوحي والعقل – 2003م .

25-      حرية الرأي – 2003م .

26-      قواعد التعامل مع غير المسلمين – 2003م .

27-      كمال الشريعة وعجز القانون الوضعي – 2004م .

28-      التطرف والإرهاب في المنظور الإسلامي والدولي – 2004م .

29-      السلام الصهيوني والعجز العربي – 2004م .

30-      أدب الحوار والخلاف – 2005م .

31-      أركسة العلمانيين – 2006م .

32-      الإصلاح السياسي الخائر بين أهله – 2006م .

33-      غير المسلمين في المجتمع الإسلامي – وهذا الكتاب صدر باللغة العربية وترجم إلى الفرنسية والإنجليزية .

34-      الحقائق الغائبة بين الشيعة والسنة .

المقالات والأبحاث :

بالإضافة إلى مقالات إسلامية عديدة، نشرت في الصحف والمجلات مثل : مجلة المجتمع، والوعي الإسلامي، والدعوة، وجريدة الأنباء، ولواء الإسلام، وغيرها .

منها :

- الطلاق وقيوده الشرعية .

- رؤية لتباين الآراء حول فكر سيد قطب .

- العلاج الشيوعي للتطرف الديني ..مساوئ ومهالك .

- الأمة تختار الحاكم وتحاسبه وتعزله .

صفاته وأخلاقه :

تقول ابنته الآنسة منال سالم البهنساوي  : من صفاته – رحمه الله - حبه للإسلام ، وحرصه على أداء الصلاة في المسجد وخاصة صلاة الفجر وعلى قراءة ورد يومياً من القرآن وعلى زيارة المقابر والدعاء للموتى، والبشاشة والابتسامة مهما كانت الظروف، والتفاؤل حيث كان يكثر من ذكر : تفاءلوا بالخير تجدوه ، والبساطة والتواضع ، وحب العلم والقراءة والحرص على اقتناء الكتب، وحب الأطفال والجلوس معهم والاستماع إليهم ، والاهتمام والرعاية لأولاده وأهله، والنظام والترتيب ، والاهتمام بالآخرين ومساعدتهم .

وصفه المستشار عبد الله العقيل فقال : (( لم أكن أعرفه إلا بعد مجيئه إلى الكويت أوائل السبعينات ، ولكنها كانت معرفة قريبة متصلة لها طابع الاستمرار والديمومة ، حيث كان من المسؤولين الذين نستفيد من آرائهم ووجهات نظرهم ، كما كان له حضوره الفاعل والمؤثر في ندوة الجمعة الأسبوعية ، حيث يتحدث ويشارك في الموضوعات ، فضلاً عن محاضراته ودروسه وكلماته في المؤتمرات والمواسم الثقافية وفي جمعية الإصلاح الاجتماعي على الأخص، كما كان له قلم سيال يفيض بالخير الكثير، ويتصدى لكل أعداء الإسلام في الداخل والخارج ، حيث يتناول مقولاتهم وافتراءاتهم على الإسلام وشريعة الإسلام ، ويفند أقوالهم، ويبطل حججهم ، ويقدم الإسلام بصورته الوضيئة المشرقة المستقاة من الكتاب والسنة وما أجمع عليه السلف .

كما كان له دور كبير ومؤثر في إبطال ادعاءات حملة الفكر التكفيري للمسلمين، والرد على مقولاتهم، ومجادلتهم بالحجة والبيان، وبخاصة أنه كان من المعارضين لهذا الفكر داخل السجون ، وكانت له مع أصحابه وحملته دور فاعل ومؤثر أبطل فيه مقولتهم وبين موقف الإسلام الحق وقوله الفصل في هذه المسألة.

وقد رزقه الله فقهاً وحجة وبياناً وقلماً سيالاً متدفقاً لا يتوقف ، فكانت مقالاته في الصحف والمجلات ومؤلفاته الكثيرة ودروسه ومحاضراته وندواته ذات أثر كبير في هداية الكثير من الشباب المتحمس لذين خدعوا ببعض المفاهيم المنحرفة والأقوال المتطرفة .

ولقد سعدت به في المشاركة في كثير من المؤتمرات داخل الكويت وخارجها، فكان نعم الداعية الذي يحسن عرض الإسلام ، ويفنّد دعاوى الخصوم، ويبطل حججهم ومقولاتهم .   

وفاته :

توفي فجر الجمعة 3 صفر 1427 ه / الموافق 3 مارس 2006م عن عمر يناهز الـ 74 عاماً، بعيد أدائه صلاة الفجر جماعة برفقة وكيل وزارة الأوقاف عادل الفلاح في غرفة من غرف أحد فنادق العاصمة الأذرية ( باكو ) أثناء مشاركته في مؤتمر عن الوسطية بأذربيجان نظمته وزارة الأوقاف في الكويت.

وحمل جثمانه الطاهر ليحتضنه ثرى الكويت، البلد الذي أحبه لدرجة أن ثراه الطيب أبى إلا أن يحتضن جسده الفواح بعبق الإسلام خلال رحلة مديدة تزيد على الـ 74 عاماً .

قالوا عنه :

يقول عنه يوسف الحجي رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية :

( الحديث عن المرحوم المستشار سالم البهنساوي حديث ذو شجون، فلقد عايشت هذا الرجل فوجدت فيه مدرسة الوسطية هو وغيره من أعلام الأمة الذين افتقدناهم ...أولئك كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ولا ينقطع عطاؤها وثمارها هو من الرجال الذين اختصهم الله لدعوته الإسلامية المباركة وخدمة دينه وعباده ، فنذروا أنفسهم لله في همة عالية، هدفهم دائماً حماية حدود الله والدفاع عن حرماته ).

يقول د. عادل عبد الله الفلاح وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية : ( لقد فقدنا عالماً فاضلاً، ومفكراً واثقاً، وحكماً بارزاً، أبى إلا أن يبذل ما آتاه الله من عافية وقوة في نشر وسطية ديننا الحنيف، بعيداً عن الإفراط والتفريط ملك الإسلام حياته، وعاش له ونذر حياته كلها لخدمته ، وسخر قلمه وفكره في الدفاع عنه ، وبيان مقاصده، وجلاء أهدافه، وشرح مبادئه، والذود عن حماه، والدفاع عنه ضد خصومه أو جهال المنتسبين إليه)) .

ويقول د. توفيق الواعي : ( لم يكن المستشار سالم البهنساوي رجلاً عادياً ، وإنما كان إنساناً ذا طبع ملائكي النزعة، إذا خالطته خالطت رجلاً صافياً كماء المزن، رفيقاً كأوراق الزهر، تلمس فيه الحنان والرقة والحب، وتحس فيه الإخلاص والأبوة والود ، وإذا نافسته وجدت علماً غزيراً وأدباً جماً، وأفقاً واسعاً، ونظراً ثاقباً، ومعرفة غامرة، يحيط بزمانه ، ويلم بواقعه .

يمتلك زمام نفسه ، ويدري وقع خطوه، ويعرف كيف يسير وسط الأشواك في أيام نحسات ، يتعدى المزالق ، ويختار الدروب، ويوجه من دون إحراج ، ويعلم بمنطق القدوة، ويربي بأساليب الحب، ويدعوه ببصيرة وحنكة، ويرد بصبر وأناة وفقه وحكمة ) .

ويقول عنه إبراهيم حسب الله مدير عام الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية :

( رحل المستشار سالم البهنساوي – رحمه الله – والأمة أحوج ما تكون إلى جهوده، فلقد ترك فراغاً لا يسد في مجالات عديدة كان هو فارسها وحكيمها .

عرفته ساعياً على الدوام في حل مشكلات الناس ليلاً نهاراً، مهما كلفه ذلك من جهد ووقت ومال في كثير من الأحيان ، عرفته يساهم في عمل الخير، متطوعاً بخبرته وعلمه، فلقد كان مستشاراً قانونياً متطوعاً للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعرفته أأيضاً سداً منيعاً أمام الدعوات الهدامة وموجات التغريب ....وعرفته ملتزماً في دينه وأمانته، وقد أفنى زهرة شبابه في خدمة الإسلام وقضايا المسلمين) .

ويقول عنه الدكتور السيد محمد نوح – رحمه الله – وأستاذ الحديث وعلومه في جامعة الكويت :

( عشت معه وعايشته سنين طويلة في لقاءات علمية ومحاورات في أسفار ورحلات، في تقديم مشورات ، ورؤى مستقبلية في إصلاح ذات البين، في آداب اجتماعية وصلات أرحام، في دفاع عن مظلومين ، وقضاء خصومات في نصح وإرشاد، ودعوة إلى الله، ومن خلال هذا العيش وتلك المعايشة وجدتني أمام شخصية فريدة فذّة، وهبها الله عز وجل خصائص ومزايا عملت على تنميتها وترسيخها حتى صارت جزءاً لا يتجزأ من كيانها )) .

ويقول عنه يوسف عبد الرحمن مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة ، ورئيس تحرير مجلة العالمية :

( المستشار سالم البهنساوي كان عن عبارة عن مكتبة ضخمة من الفكر والفقه والقانون إضافة إلى إنسانيته المتواضعة التي حصدت محبة الناس من كل أصقاع الأرض .

المصادر :

1-مجلة الوعي الإسلامي – العدد 523 ربيع الأول 1430ه .

2-الموسوعة التاريخية الحرة .

3- المكتبة الشاملة .

4- موسوعة الاخوان المسلمين .

5-احتفالية لتكريم ذكرى المستشار سالم البهنساوي  في الكويت-  بقلم وصفي عاشور أبو زيد – إخوان أون لاين .

6-سلام الله عليك سيدي العالم الجليل سالم البهنساوي – د. حمزة زويع .

7-سالم البهنساوي الفارس الذي ترجل – د . توفيق الواعي – نفس الموقع .

8-سالم البهنساوي ..مناهض التكفير والتغريب – امل خيري – موقع ببليو إسلام نت 

وسوم: العدد 632