رجالات سورية الزعيم الوطني محمد نور أصفري
ولد محمد نور أصفري في ادلب سنة 1876، وكانت له مساهمات كبيرة في الحياة السياسية في سورية. من خلال أسفاره إلى الآستانة ( استانبول ) عاصمة الخلافة العثمانية اطلع على الوضع السياسي ووجد أن مجلس المبعوثان مُسيطر عليه من جمعية الاتحاد والترقي الماسونية فرفض الخوض فيه.
انتخب عضوا في المجلس العمومي عن ادلب 1908، كما انتخب رئيسا لبلدية ادلب 1910.
بايع نوري الأصفري مع وجهاء ادلب الأمير فيصل ملكاً على سورية عام 1920 في دار الإفتاء بادلب. أنقذ ادلب من الدمار, ووجهاءها من التنكيل والإعدام في عام 1920- 1921 من قبل الفرنسيين على خلفية سرقة سوق الذهب في ادلب. حيث اتهمت السلطات الفرنسية المحتلة الثوار بسرقة سوق الذهب في البلدة ، وحاصروا البلدة بقوة عسكرية قوامها 3000 جندي وضابط من الجيش الفرنسي، واعتقلوا وجهاء البلدة وسجنوهم في حفرة على تلة الرماد الشرقية في ادلب وهددوا بإعدامهم وتدمير البلدة إذا لم يُسَلموا الثوار. وأطلقت قذائف مدفعية على البلدة للتهديد، فتهدمت بعض البيوت واستشهد اثنان. وفرض الفرنسيون 8000 ليرة ذهبية تعويضاً لسرقة سوق الذهب ورد المسروقات وإطعام الحملة.
خاض نوري الأصفري (كونه عضو المجلس العمومي ورئيسا لبلدية ادلب) مفاوضات قاسية مع الفرنسيين توصل فيها إلى تخفيض المبلغ إلى 4000 ليرة ذهبية وتحرير الوجهاء. ودفع من ماله 2000 ليرة ذهبية كما أطعم الحملة وتعهد بضمان دفع باقي المبلغ المفروض. وبذلك مَنَعَ صداما طائفيا في ادلب عام 1921. دفع إليه الفرنسيون بقوة بعد حادثة سرقة سوق الذهب.
رفض تطبيق الميرة (مصادرة كامل المحاصيل الزراعية) التي فرضتها السلطات الفرنسية عبر تقدير الناتج الزراعي وخفضها إلى النصف مما أبقي لدى المزارعين نصف محاصيلهم.
انتخب عام 1926 في أول مجلس نيابي سوري نائباً عن ادلب وعند انعقاد المجلس طالب بوحدة البلاد السورية التي انفصلت عن السلطنة العثمانية بحضور المفوض السامي الفرنسي مما دفع المفوض لإصدار قرار بحل المجلس فوراً.
انتخب في عام 1928 عضوا في المجلس التأسيسي لوضع أول دستور للبلاد ثم انتخب عضوا في لجنة صياغة الدستور- نوري الاصفري - ابراهيم هنانو - فوزي الغزي – فائز الخوري.
رغم الضغوط التي مارسها المندوب السامي الفرنسي لحذف بعض مواد الدستور رفضت اللجنة ذلك وأصر أعضاؤها على بقائها , فاقترح المندوب السامي إضافة المادة 116 والتي تُفَرِغ الدستور من مضمونه فتم الرفض أيضا وقرر المجلس متابعة الجلسة لاعتماد الدستور كما أقرته اللجنة والذي يتألف من 115 مادة مما دفع المندوب السامي لوقف جلسة المجلس. وردا على ذلك أصرت اللجنة على متابعة الجلسة وتمت الموافقة على الدستور.
انتخب نائباً عن ادلب عام 1932 وانتخب رئيساً للجنة الطعون - رفض تصديق انتخاب النواب المطعون بهم , والتي زورها الفرنسيون بالرغم من موافقة الكتلة الوطنية على تمريرها بما سمي حينها بالاتفاق النزيه الذي عقده جميل مردم بك مع الفرنسيين حصلت الكتلة بموجبه على وزارتين.
غادر القاعة رافضاً أن يكون شاهد زور.
كان من أول الموقعين على وثيقة رفض المعاهدة التي قدمتها فرنسا 1932 لوزارة حقي العظم والتي وافقت عليها ورفضها مجلس النواب. رفض منح الثقة لحكومة حقي العظم، وطلب سحب بيانها مردم بك باسم الاتفاق النزيه.
انتخب عضواً في لجنة متابعة أعمال المجلس النيابي رداً على قرار المفوض السامي دي مارتيل بوقف أعمال المجلس النيابي , والتي تألفت من السادة صبحي بركات رئيس المجلس والسادة هاشم الأتاسي وجميل مردم بك وفائز الخوري ونيقولا جانجي ونوري الأصفري وعفيف الصلح ونسيب الكيلاني. قامت اللجنة بمتابعة تصرفات المفوض السامي وجهت له انذارات واحتجاجات ودفعت البلاد الى التظاهر ضد الفرنسيين.
انتخب نائباً عن ادلب عام 1936 وانتخب في لجان الدفاع والاقتصاد والطعون.
عارض في البداية المعاهدة التي وقعتها حكومة الكتلة الوطنية برئاسة جميل مردم بك مع فرنسا. لأنها لا تحفظ كل الحقوق السورية. والتي وصفها فارس الخوري بأنها معجزة القرن العشرين وسعد الله الجابري "لم يبق على فرنسا إلا أن تعطينا مارسيليا" وقال عنها البيان الوزاري بأنها صك الحرية, الدكتور عبد الرحمن الشهبندر قال بأنها محبطة للآمال الوطنية وبذلك التقى مع نوري الأصفري. ودفع موقفه نواب الشمال ( باعتباره ممثلاً لكتلة نواب الشمال ) الى التلكؤ في الموافقة عليها. هاجم جميل مردم بك نواب الشمال ونعتهم ...... رد عليه نوري الاصفري من على منبر المجلس بما أطار صوابه.
رفضت حكومة بلوم ( الصهيوني ) التصديق على المعاهدة . سقطت المعاهدة بعد كل ما قدمه مردم بك منفردأ من تنازلات وسقطت حكومة الكتلة برئاسة مردم بك ايضاً.
عندما قصف سلاح الطيران الفرنسي المدن والبلدات السورية رداً على المقاومة التي شنها السوريون على القوات الفرنسية، استهدف قصر نوري ألأصفري أثناء الغارة على ادلب ولكن شاء الله أن تسقط القنبلة على بعد 100 متر وأصابت الشظايا النسر الحجري على مدخل القصر وخلفت حفرة في ارض المدخل. ما زالت شاهداً حتى يومنا هذا.
خلال عمله السياسي رفض تقلد اي منصب سياسي إلا نيابة الشعب.
التجارة كانت العامل الاول في أعماله وشملت كل المنتجات الزراعية والسلع المختلفة, غطت مساحات واسعة من الخلافة العثمانية وأوروبا وأمريكا. تجارة القطن كانت الأهم مع امريكا. زراعة الزيتون وعصره شملت مساحات واسعة في ادلب.
في عام 1920أجرى اتصالات لاستيراد محالج قطن من أمريكا.
في عام 1921 استورد محرك من ألمانيا ( مارجروس دويتس ) يعمل على الغاز وتم تركيبه في مطحنة الطحين في سرمين.
في عام 1934استورد أول مكبس زيتون هيدروليكي من فرنسا ( لوبان دروج ) مع محرك ينقل الحركة بالبخار( قاطرة قطار) وتم تركيبه في ادلب ولا زال البناء حتى الآن.
توفي الأصفري في ادلب عام 1946.
وسوم: العدد 646