سطور عن سيد قطب رحمه الله

الشيخ حسن عبد الحميد

clip_image001_dc3a9.jpg

عاش حياته مناضلا في دنيا الأدب ناقدا 

كان ينتمي لمدرسة العقاد ويقابلها مدرسة الرافعي 

جمع صولاته النقدية في كتاب سماه النقد الأدبي 

أرسلته وزارة المعارف المصرية في بعثة دراسية لأمريكا ركب باخرة مع جمهور كيف ، وجاء قارئ مصري يترنم بآيات الذكر الحكيم وكان في الركاب خليط من عرب وعجم !!!

لاحظ سيد الجو الجاشع وإصغاء من لايعرف العربية ، فتأثر بهذا الجو العبق من التلاوة ، وتابع طريقه إلى أن وصل أمريكا .

كأديب كان يفتش عن النوادي الأدبية 

لاحظ يوما أن أعضاء النادي يرقصون بفرح بالغ سألهم بعفوية عن سبب سرورهم في الرقص ؟؟؟

قالوا الليلة قتل زعيم إسلامي في مصر اسمه حسن البنا ؟؟؟

وقرر فور عودته لمصر الاتصال بجماعة الإخوان والتعاون معها

كان ذاك النبأ نقطة غيرت مجرى تفكيره فكتب كتابا عن العدالة الاجتماعية في الإسلام أهداه إلى شباب الإسلام

وعاد إلى مصر ودخل ميدان الصراع والدفاع عن دينه بقلمه السيال 

انبرى له أديب كبير هو محمود محمد شاكر انتقد كتابه العدالة الاجتماعية ففيه غمز ولمز لحكام بني امية وسيدهم 

سيدنا معاوية رضي الله عنه 

فكان عنوان مقالات شاكر في الرسالة ( لا تسبوا أصحابي )  وهذا الكلام صدر من سيد الانام عليه الصلاة والسلام ،

 وتتمة الحديث ( فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصفيه ) رواه البخاري ومسلم عن ابي سعيد الخدري 

 حنى سيد العظيم رأسه للعاصفة وأعاد طبع كتابه العدالة مجردا من كل غمز لبني أمية وسيدهم الصحابي معاوية رضي الله عنه بطل معركة ذات الصواري البحرية ،، وله رضي الله عنه في كتب الحديث الصحيح ثناء من رسول الله عليه السلام جعلت عمر العظيم يوليه حكم بلاد الشام بعد أخيه 

ونزل سيد إلى ساحة العمل الادبي وقد صار شراعه في ميادين الأدب الإسلامي ، فأصدر كتاب ( الإسلام والرأسمالية ) وكتب في مواجهة انحراف الحضارة واخطائها ( الإسلام ومشكلات الحضارة )

وفي مواجهة العقائد والتصورات والمناهج الضالة كتب ( خصائص التصور الإسلامي ومقوماته ) و( هذا الدين ) و  ( المستقبل لهذا الدين ) وفي منطلقات العمل الحركي كتب ( معالم في الطريق )

كتب في الرسالة مقالا قويا عن 

( إسلام امريكاني ) أي إسلام تريده امريكا ؟؟؟

( الإسلام الذي يريده الأمريكان ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار ، وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان ، ولكنه الإسلام الذي يقاوم الشيوعية ، إنهم لايريدون للإسلام أن يحكم

إنهم يريدون إسلاما أمريكيا ،، يريدون الإسلام الذي يُستفى في نواقض الوضوء ، ولكنه لايستفى في أوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية ، 

إنها لمهزلة بل إنها المأساة )

وانضم الرجل وكان قد استمع  لمحاضرة لحسن البنا فعرف النبع الصافي للإسلام ، فانضم بقلمه وأدبه إلى راية البنا 

كتب في هذا الاتجاه خير مانشره على الدنيا ، واستلم مجلة الإخوان وأصدر نشرات قوية دفاعا عنهم 

وصار سيد ممثل الإتجاه الإسلامي في مصر ، وربحت مدرسة الرافعي مناضلا يملأ الساحة بقلمه ، 

نقح كتاب العدالة وأصدره من جديد ، وكان في الميزان الفكري فتحا جديدا ،، كان هذا الكتاب نواة للبنوك الإسلامية 

وشعرت الشيوعية المصرية بخطره في ميدان عملها لدى العمال والفلاحين ؟؟؟

 حمل سيد راية الكادحين ، وهاجم الإقطاع الممثل في الباشاوات وأصحاب النفوذ في القرى والنجوع ؟؟؟

واستشعرت روسيا خطره أكثر مما استشعرت امريكا ، فقد يسحب البساط من تحت أقدامها فقررت نصب العداء لهذا القلم الثوري ؟؟؟؟

كان لسيد أخ عظيم ( محمد قطب ) أثرى المكتبة الإسلامية بكتبه ( جاهلية القرن العشرين ) وهو أول كتاب في العالم العربي ينتقد الحضارة الغربية ويسقط مكانتها ، وألف الأخ محمد كتابه ( معركة التقاليد ) ثم كتاب ( التربية الاسلامية ) كتب قيمة ، عميقة الفكر.

وانبرت أخوات سيد ( أمينة وحميدة ) يملأون ميدان الأدب بنشاطهم ، وكتب سيد كتابه ( الأطياف الأربعة ) وهو تراجم له ولاخوته وكلهم أدباء 

 فأوعزت روسيا لعميلها العبد الخاسر 

عبد الناصر أن يوقف سيد عند حده فاعتقله وعذبه وسجنه ، وصمد سيد صمود الأبطال ، ثم هدأت العاصفة ، وكانت أخته أمينة تزروه في السجن فاتفقا على إكمال كتابة الظلال ( في ظلال القرآن ) كتب سيد ملازم منه في السجن هربتها أخته أمينة ،، وتتابع قلم سيد على إكمال الظلال حتى ٦ مجلدات 

 إستطاع بأسلوبه العذب أن ينقل الناس إلى جو القرآن من جديد ، بحيث يتذوقونه غضا طريا كما أنزل ،

 أدرك ما وراء المعاني والحروف ، وكشف للناس أسرارا لم يسبق إليها ،وطبع بعد استشهاده أكثر من خمسين طبعة ، وهو كتاب ضخم في ست مجلدات ، والمالوف عن أي كتاب عادي أن يطبع ثلاث طبعات أو اربع أو خمس مرات ، أمر غريب جدا لفت نظر أصحاب دور النشر فطبعوه طبعات مزيفة ومسروقة ؟؟

وكتاب الظلال ليس انجيلا مقدسا ، بل كتاب عظيم في دنيا الأدب ، كان فيه سيد صاحب مدرسة جديدة في التفسير ألا وهي مدرسة التفسير الحركي مما جعل عالم أزهري يجثو على ركبتيه في السحر داعيا ربه يارب يامن علمت سيد هذا الفهم علمني مما علمته 

عقيدة سيد عقيدة السلف الصالح ،، وفكره فكر خال من الشوائب ، تركز حول موضوع التوحيد الخالص ، وبيان المعنى الحقيقي ل ( لا إله إلا الله )، وركز على مسألة الحاكمية ، والولاء ليكون خالصا لله

برز سيد أديبا وتحول بشكل جزري إلى العطاء الفكري الإسلامي

وكان لمحاضراته في بلاد الشام حين حضوره ( المؤتمر الإسلامي للقدس 1953م ) 

أكبر الأثر في نفوس الجماهير خاصة شباب الجامعات الذين هللوا وكبروا لهذا التوجه الإسلامي عند الأديب الكبير

وحوكم سيد بتهمة اغتيال العبد الخاسر   في محاكمة هزلية تولاها مهازيل برئاسة فؤاد الدجوي  ،، وحكم على سيد بالشنق ، مع أن القانون العالمي لايشنق من بلغ ٦٥ عاما 

وبلغ الأمر الملك الشهيد فيصل بذلك ، بعث وفدا من حكومته يفاوض العبد الخاسر بالإفراج عن سيد والسماح له بالسفر إلى مكة المكرمة ليقضي فيها بقية عمره ، وتعهد فيصل لمصر بأن كل ميزانية مصر على حسابه

وجاءت الأوامر من موسكو بالإسراع في شنقه ؟؟؟

واستجاب العبد الخاسر الذي بات يلعنه التاريخ ، الذي أعلن من موسكو عام ١٩٦٥ عن اكتشاف مؤمراة بقيادة سيد لاغتياله وقلب نظام الحكم ؟؟؟

وفعلها في ليلة ظلماء ، وجاء المفتي ليقول لسيد تشهد وأرفع اصبعك بها ،، قال سيد من أجل هذه الاصبع المرفوعة ذهبت هذه الرقبة !!!

تشهد ياسيد قالها المفتي ، أجاب سيد : حتى أنت جئت تكمل المسرحية ، نحن نعدم لأجل لا إله إلا الله وأنت تأكل الخبز بلا إله إلا الله ؟؟؟

 وهل جئت هنا إلا من أجلها

( إن السبابة التي ترفع لهامات السماء موحدة بالله عز وجل لتأبى أن تكتب برقية تأييد لطاغية ، ولنظام مخالف لمنهج الله الذي شرعه لعباده ) 

ونفذ الحكم الجائر فجر الاثنين ١٣/ جمادى الأولى / ١٣٨٦ 

 ٨/٢٩/ ١٩٦٦م ولما علم به الزعيم المغربي علال الفاسي خرج من مصر سريعا قائلا إن غضب ربنا سينزل على مصر وشعبها ؟؟؟

فخطب بعد هزيمة حزيران قائلا ( ماكان الله لينصر حربا يقودها قاتل سيد قطب )

فقد  دخل بطل العلمانية العبد الخاسر حرب حزيران وهزم جيشه في ساعات ، ومات اكثره عطشا وتاه في صحراء سيناء ؟؟؟

 المشير انتحر ؟؟؟

 واليد الباطشة لناصر الشيوعية الحمراء حمزة البسيوني ضربه تركتور فمزقت اسلاك الحديد جسده ، 

صدقت ربنا عندما قلت :

( ان بطش ربك لشديد) 

وجاء أمراء السعودية لاستلام سيد كما اتفق ؟؟؟ 

لكن سيد كان قد رحل إلى ربه ليكون إن شاء الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر 

مات سيد وسقى تربة الدعوة بدمه ، وغذاها بفكره ، مات لكن آثاره لم تمت وستبقى خالدة على مر التاريخ

مات صاحب القلم البليغ ، 

والادب الرفيع ، مات صاحب الظلال والمعالم والمستقبل لهذا الدين ، أسكنه المولى فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

( إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع ، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح ، وكتبت لها الحياة )

( إن هذا القرآن لا يعطي سره إلا للذين يخوضون به المعركة ويجاهدون به جهادا كبيرا )

أخي أنت حر وراء السدود  

                 أخي أنت حر بتلك القيود

إذا كنت بالله مستعصما  

                    فماذا يضيرك كيد العبيد

أخي ستبيد جيوش الظلام 

             ويشرق في الكون فجر جديد

أخي هل تراك سئمت الكفاح  

                وألقيت عن كاهليك السلاح

فمن للضحايا يواسي الجراح 

                  ويرفع رايتها من جديد

والله أكبر فوق كيد المعتدي 

 والله أكبر والعزة للإسلام ، والمستقبل لهذا الدين .

وفرجك ياقدير.

وسوم: العدد 658